موالاة المستضعفين فى الأرض فى الجزيرة العربية ضد الأسرة السعودية

آحمد صبحي منصور في الأحد ١٣ - نوفمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة :

أوجعنى هذه الرسالة من أخ صديق ، يقول : ( قرأت مقالكم (ترامب رئيسا لامريكا ) ، وفهمت منه انكم لاتتمنون الخير للسعودية (مع عدم رضاي عن هذا الاسم للدولة) وهي ليست آل سعود فقط والوهابية . وفي حال حدوث مكروه لاسمح الله فآخر من يتضرر هم آل سعود والمقربون منهم لان قصورهم تنتظرهم في شتى بقاع الارض ، ومن سيتضرر هم عامة الشعب من المستضعفين والمكرهين على امرهم ولايستطيعون ضربا في الارض ولايملكون سبيلا كحالي انا كاتب هذه الرسالة .. انا ارى ان الحل الامثل في السعودية هو الاصلاح الداخلي وليس الخارجي خصوصا ان الشعب متدين وممكن اصلاحهم بالقران الكريم وتوضيح حقائقه ..  اتمنى لكم ولكل المؤمنين المسالمين السلامة والخير . ) واقول :

أولا :    

موالاتى للمستضعفين فى الأرض فريضة إسلامية . لا أملك إلا قلمى فى تأكيد أنحيازى لهم ووقوفى ضد الظالمين المستكبرين . ومن القرآن الكريم نفهم الآتى عن المستضعفين فى الأرض :

معنى الاستضعاف فى الأرض :

 الألف والسين والتاء فى بداية الفعل تعنى طلب شىء ، تقول فى الشجاعة فى القتال :  ( أستقتل ) أى طلب القتل ،( إستمات ) أى طلب الموت ، وتقول : ( إستنصر ) أى طلب النُّصرة . وعليه فان ( إستضعف ) تعنى ان القوى إستخدم وسائل تجعل الآخر ضعيفا خاضعا له ، وأن هذا الآخر طلب ( بالاستكانة والرضى والخنوع ) أن يكون ضعيفا . لو أن الآخر طلب أو أهاب بنفسه أن يكون قويا عزيزا ، لو أنه وطّن نفسه على طلب الموت ( إستمات / إستقتل ) ليعيش عزيزا ما كان ( مُستضعفا )

وسائل الاستضعاف :

1 ـ فرعون إستضعف طائفة من أهل مصر ، أى إتخذ وسائل إرهابية أخضعتهم من الذبح والتعذيب ، هذا أرعب وأرهب الأكثرية ، فخضع له الجميع  . يقول جل وعلا عن فرعون موسى : ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) 4 ) القصص).

2 ـ إستخدم فرعون الدين الأرضى أيضا فزعم انه رب المصريين الأعلى ( فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى)( 23 : 24 ) النازعات ) وأنه لا إله لهم سواه : (قَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ) 38 ) القصص )، وبالقهر والتعذيب وبإستغلال الدين أعلن فرعون أنه يملك ارض مصر  ( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ  ) (51 ) الزخرف ) بالدين ( الأرضى ) وبالقمع والقهر إستضعف وإستعبد فرعون مصر وأهلها. وهكذا يفعل الفراعنة دائما .  وهكذا فعلت وتفعل الأسرة السعودية .

3 ـ بالاضافة الى التعذيب والارهاب أضافت الأسرة السعودية دينها الوهابى وبه تحكم وتستبد وتسلب وتنهب وتستحل المحرمات وتستضعف شعب الجزيرة العربية من البدو والحضر. هذا الدين الوهابى فرضته على الحياة الدينية والتعليم والثقافة بحيث أصبح معظم الشعب المستضعف يدين لها بالولاء ، ويرضى إهانة هائلة هى أن يكون ( سعوديا )  تابعا لهذه الأسرة ( السعودية ).  كون الفرد الخاضع للأسرة السعودية يسمى نفسه سعوديا هو أفظع دليل على الاستضعاف . لو كان هذا الفرد ينتمى الى قبيلة ( شمّر ) وتغلبت قبيلة ( شمر ) على الجزيرة العربية وجعلت كل شعب الجزيرة ( شمريين ) لكان عارا على الآخرين من غير الشمريين ، مع أن قبيلة (شمر ) من كبرى القبائل ـ حسبما أعلم ـ وليست مجرد أسرة مجهولة النسب مثل الأسرة السعودية . الذى مكّن للأسرة السعودية أن تحكم وأن تستبد وأن تسلب وأن تسترق غيرها من القبائل والحضر والبدو هو الدين الوهابى الذى جعلوه إسلاما .

الدين الالهى الحق هو سبيل المواجهة للإستضعاف :

1 ـ يقول جل وعلا فى قاعدة عامة :(  وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ   ) (الانعام   ) 123 : 124 ). ( القرية فى المصطلح القرآنى تعنى الدولة والمجتمع ـ راجع باب القاموس القرآنى فى موقع أهل القرآن ).  المجرم العادى يدخل السجن مذموما مدحورا ، أما أكابر المجرمين فهم المستبد وأعوانه ، وهم الذين يدخلون القصور وصفحات التاريخ الذى يحلو له أن ينام تحت أقدام أكابر المجرمين . أكابر المجرمين يستخدمون وسائل المكر لاستضعاف الناس وركوبهم ، وفى النهاية تدور عليهم الدوائر بسقوطهم على يد مجرم آخر من أمثالهم أو بعذاب الآخرة ، فلا يحيق المكر السىء إلا بأهله . وأكابر المجرمين يحاربون الحق الالهى ويستكثرون الحق على دُعاة الحق ، ويرون أنفسهم أولى بالدعوة من الأنبياء وأتباع الأنبياء . تنطبق هاتان الآيتان على الأسرة السعودية وسائر الأسر والعائلات المالكة المستبدة . هل يسمح المستبد الذى يزعم الاسلام بدعوة الاسلام للعدل والحرية الدينية والحرية السياسية وحقوق الانسان ؟

2 ـ إن أبغض ما يبغضه المستبدون هو العدل الذى يساوى بينهم وبين الناس . المتقون هم الذين لا يريدون علوا فى الأرض ولا فسادا أملا فى الفوز بالجنة فى الآخرة طبقا لقول رب العزة جل وعلا : ( تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ )83 )القصص )، أما المستبد فهو يسير على ( دأب فرعون ) الذى (علا فى الأرض ) و (كان من المفسدين ) : ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) 4 ) القصص). هم جميعا على دأب فرعون لا فارق بين آل سعود ولا آل رومانوف .!

3 ـ لقد أرسل الله جل وعلا الرسل وأنزل الرسالات السماوية لكى يقوم بتأسيس العدل والقسط ، أى الناس جميعا ذكورا وإناثا شبابا وكهولا وشيوخا ، يقومون جميعا بتأسيس العدل ، وإن لم يتحقق لهم هذا بالسلام والجهاد السلمى فإن الله جل وعلا الذى ( أنزل ) الرسالات السماوية قد ( أنزل ) أيضا الحديد للقتال المسلح ، وبه تكون نُصرة الله جل وعلا الذى يعلم من ينصره بالغيب وهو جل وعلا القوى العزيز ، يقول جل وعلا : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ  ) 25 ) الحديد ). هل يجرؤ داعية مسلم فى مملكة آل سعود أن يجهر بهذه الآية الكريمة وما تعنيه ؟ !.

4 ـ المشكلة الحقيقية الأولى أن تطبيق قوله جل وعلا (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) يعنى نشر الوعى الاسلامى بين كل الناس لكى يقفوا معا ضد الظلم ولإحقاق القسط الذى لا يعلو فيه رأس على رأس ، بحيث يحكم الناس أنفسهم بأنفسهم وفق الشورى الاسلامية والتى تعنى الديمقراطية المباشرة فى عصرنا . نشر الوعى الاسلامى بالنضال فى سبيل الحرية ينتج عنه تغيير ما فى الأنفس من مشاعر الاستضعاف ( الصبر السلبى والخنوع والخضوع والرضى بالذل وثقافة العبيد ) الى الشعور بالعزة والكرامة ، لأن العزة هى لرب العزة جل وعلا ولرسوله والمؤمنين (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ   ) 8 ) المنافقون ) . إرادة تغيير ما بالنفس الى هذا المستوى الايمانى منوط بالبشر ، إذا تغيرت أنفسهم الى مشاعر العزة جاء تأييد وتاكيد هذا من رب العزة ، يقول ربى جل وعلا :  ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ  ) 11 ) الرعد )

5 ـ المشكلة الحقيقية الأخرى أن المستبد لا يتنازل طوعا عن سلطانه ، ووهو يبادر بالبطش بدعاة الحق المسالمين ، ويطارد أفكار الحرية بالقتل والسجن والتعذيب. وهو الذى يحدث الآن فى بلاد الاستبداد . هم يرتعبون من كلمة الحق ، ولا سبيل لاصلاحهم ، وقد يرفعون شعارا إصلاحيا لمجرد الخداع فقط ليسحبوا البساط من تحت أقدام المصلحين ثم يضعونهم فى السجن . ولدينا مقال بالانجليزية عن إستحالة إصلاح السعودية منشور فى 27 فبراير عام 2010 ، ردا على مناورة الملك السعودى عبد الله بالاصلاح وقتها .

6 ــ برفضهم الدعوة للقسط لا يبقى إلا الحديد،وما أدراك ما الحديد .!

مقاومة الاستضعاف فى الاسلام

1 ـ فى الماضى كان التدخل الالهى بإهلاك المستكبرين ، بدءا من قوم نوح الى قوم فرعون . بعد إهلاك فرعون جاء عصر جديد ، هو أن يقوم المؤمنون بالكفاح بأنفسهم ، وتعين هذا على بنى اسرائيل وهم مع موسى فتقاعسوا فعوقبوا بالتيه أربعين عاما ( المائدة 20 : 26 ) . وفى الجيل التالى قاتلوا ردا على إخراجهم من ديارهم  وابنائهم ( البقرة 246 : 251).

 2 ـ وجاءت أوامر القتال فى التوراة والانجيل والقرآن ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) 111 ) التوبة ) ، وكان القتال ضد الاستضعاف والاستكبار ملمحا هاما فى القصص القرآنى عن خاتم النبيين وجاءت عنه إشارة فى قصص عيسى ، يكفينا هنا قوله جل وعلا فى سورة (الصف 10 : 14 ) ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ .)  .

3 ـ ولكن فرض القتال يكون عند إكتمال الاستعداد له .  وفيه إشارة أنه ـ من أجل هؤلاء المستضعفين . يقول جل وعلا : ( وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ) 75 النساء ). فى الاية الكريمة تعريف معنى الاستضعاف فى الأرض ، وهو وجود ظالمين فى هذه القرية  .

4 ـ بدون القدرة على القتال يكون فرض الهجرة للقادرين عليها . والمستضعفون القادرون على الهجرة ولا يهاجرون يكون مصيره الخلود فى النار ، يقول جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ) وليست الهجرة سهلة هينة بل فيها مصاعب يحتاج المهاجر الى تذليلها وإرغامها ، وهو إن مات مهاجرا فقد نال رحمة ربه جل وعلا ، يقول جل وعلا فى الآية التالية : ( وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) 97 : 100 النساء ). وفى النهاية فإن للمهاجر فى سبيل الله عزوجل حسنة فى الدنيا وأكبر منها فى الآخرة طالما صبر وتوكل على الحى الذى لا يموت سبحانه جل وعلا ، يقول ربى جل وعلا :(  وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) 41 : 42 ) النحل ).

لماذا الهجرة .. لماذا القتال ؟

1 ـ لأن عاقبة الاستضعاف هو الهلاك فى الدنيا للمستبد وغيره من المستكبرين والمستضعفين ، ثم الخلود لهم فى النار

2 ـ فى الماضى كان إهلاك القرى الظالمة ، فالمترفون الذين يحتكرون السلطة والثروة ويرفضون الدعوة الى العدل لا بد أن ينتهى بهم الأمر الى الانفجار من الداخل أو بغزو من الخارج أو بهما معا . المستبد إذا طال حكمه قام بتجفيف الوطن من عناصر الخير وأفضل البشر والكفاءات يقتلهم او يرغمهم على الهجرة والهرب من بطشه فلا يبقى حوله إلا الرعاع الذين يحكمون ويتشاجرون بعده فتشب الحرب الأهلية وتتدخل القوى الاقليمية والدولية . هذا هو ما يجرى الآن فى دول المستبد الشرقى ، والأسرة السعودية ليست يمنجاة من هذا المصير . والحديث عن سقوطها وتداعياته يجرى علنا .

3 ـ فى قوانين الاهلاك نسجد إيمانا ونحن نقرأ هذه الايات الكريمة فى عاقبة الاستضعاف فى الدنيا : ( وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ ) 208 : 209 ) الشعراء ) ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا )16 ) الاسراء )، ( فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ )45 )الحج ).

4 ـ الأفظع هو خلود المستضعفين مع سادتهم المستكبرين فى النار يوم القيامة . المستضعفون الذين قاوموا بالهجرة وبالقتال ينجون من هذا المصير . عن عاقبة الاستضعاف فى الآخرة يقول جل وعلا عن حوار المستضعفين مع سادتهم المستكبرين وهم معا فى النار : ( وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ  وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالا وَأَوْلادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ )  31 : 35 ) سبأ  ). (  وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ  ) 47 : 48 ) غافر ) . ولا يجد المستضعفون وهم فى النار إلا الدعوة على سادتهم ولعنهم ، يقول جل وعلا : (  يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا  ) 66 : 68 ) الاحزاب )

 أخيرا :

1 ـ مساكين أولئك المستضعفون الراضون بالذل أسرى ثقافة العبيد ، سلب منهم المستبد خير الدنيا ثم هم سيكونون معه فى نار خالدة .

2 ـ إن الانسان يعيش قصيرا من الوقت فى هذه الحياة الدنيا ، ومصيره أن يموت . العمر قصير ومحدد والموت قادم لا ريب فيه . بينما أرض الله واسعة . الأرض كروية ـ اى لا نهائية . تخيل نملة تسير على بطيخة ، هل تصل الى نهايتها . هكذا الأرض بالنسبة للإنسان فى عمره القصير . ومن الحمق ومن الضلال أن تضيع عمرك القصير خانعا لمستبد . إن لم تستطع الوقوف ضده هاجر وارحل حرا كريما . ستعانى مشاق الهجرة ولكن لن ينساك الرحمن برحمته . هاجر الى أى دولة بعيدا عن هذا المستبد . ليس شرطا أن تهاجر الى أوربا وأمريكا ، هناك بلاد كثيرة تنعم بالحرية من نيوزلندة فى الجنوب الى ايسلنده فى الشمال .

أحسن الحديث

1 ـ  تأمل قوله جل وعلا :( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ  ( 56 : 57 ) العنكبوت  ).

2 ــ ودائما : صدق الله العظيم 

اجمالي القراءات 9345