هل الحائض والنفساء تصومان؟ نعم. و لا.
التساهل والتفريط في حكم الحائض والنفساء في رمضان

الشيخ احمد درامى في الجمعة ١١ - نوفمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

التساهل والتفريط في حكم الحائض والنفساء في رمضان

هل الحائض والنفساء تصومان؟ نعم. و لا.

 

لا يجوز لأي مسلم بالغ عاقل أن يفطر يوما في رمضان إلا لأحد الأعذار الثلاثة التالية:

1-     المرض وما يلحق به، (الحيض، والنفاس، والحمل)

2-     والسفر،

3-      والعجز،

1-     المريض: فربنا يخاطب عقلاء مسؤولين: (أولي الألباب)! فالمريض أعلم بحاله؛ إذا كان مرضا خفيفا (كوجع ضرس أو وجع رأس)، يستطيع معه الصيام، صام. وإلا أفطر.

      "فالحالات المرضية" التي تسمح في بعض الأحيان، (وليست دائما) بإلحاق أصحابها إلى المرضى. هي الأتية: الحيض، والنفاس، والحمل.

الحائض والنفساء تصومان. اللهم ّ إلا إذا أمكن إلحاقهما إلى المرضى. وذلك باعتبار الوجع والألم اللذَيْن يرافقان (أحينا) نزف دم الحيض والنفساء مرضا. وآنذاك تعد الحائض أو النفساء نفسها من المرضى، فتفطر بقرارهما، أو بأمر الطبيب. فيدخلان في دائرة: (فمن كان مريضا أو على سفر....)

وسبب إفطارها آنذاك ليس الحيض أو النفاس في حد ذاتهما، لكن "الحالة المرضية" التي تشكلت من الحيض أو النفاس. فهما تحكمان في الأمر؛ لأنهما أعلما بأنفسهما. فلا تؤمران بالصوم أو الإفطار. فالتقوى أو النفاق هو الحاكم في الموقف الذي تتخذان.

 

2-الحائض: فإذا تشكلت من الحيض "حالة مرضية"، وينزف من الحائض دم كثير مع وجع، فآنذاك يجوز لها أن تفطر. لأن كثرة نزيف دم لا تتماشى مع الصوم. لأن المرأة، في هذه الحالة، تحتاج إلى غذاء غني بالبروتينات لتعويض ما نزف منها من الدم. وذلك هو العلة في جواز إفطارها في رمضان.

أما إذا كان حيضا عاديا بلا مرض ولا نزف دم زائد، فحينذاك تصوم الحائض. ولا يجوز لها أن تفطر بدعوى الحيض. لأن مجرد خروج نجاسة من الجسد لا يبطل الصوم، وإن كان دم الحيض! إلا إذا صاحبتها "حالة مرضية" تجيز الإفطار.

أما إذا كانت البنت الحائض لا تمنعها حيضها من أن " تتحكم " وتذهب إلى الملعب للرياضة مثلا، فإنها، في هذه الحالة، تصوم مع حيضها. فلا يجوز لها أن تعتبر نفسها مريضة. الشيء الوحيد الذي يجيز لها الإفطار في الحيض.

3- النفساء: فالنفاس أشد ألما وأكثر تنزيفا للدم. لذا فالمرأة، في هذه الحالة، كذلك، بحاجة ماسة إلى غذاء غني بالبروتينات لتعويض نقصها من المواد الحيوية، وتمتين جسدها من الضعف. فهي، في تلك الفترة، تعتبر مريضة في نظر الشرع. فلذلك تلحق إلى المرضى كما كان حال الحائض التي ينزف منها زائد من الدم مع الألم. فتفطر ريثما تتحسن حالها ويتقوى حسمها.

وإن لم يشكل الحيض أو النفاس أي حالة مرضية، فلا يجوز للحائض أو النفساء أن تفطر في رمضان بعلة نزف الدم منها. لأن الطهارة ليست من شروط صحة الصيام.

فخروج النجاسة من البدن لا يبطل الصوم. ألا ترى أنك تصوم وتدخل بيت الماء وتقضي حاجتك فتخرج منك النجاسة فلا يؤثر ذلك في صومك؟ وحتى خروج المني لا يبطل الصوم إلا إذا كان هناك إفراط في خروجها، أو تعمد في إخراجها. فالذي يبطل الصوم هو التلذذ يقظة من خروجه. أما إذا نمت حالما، وأنت صائم، فخرج منك مني فلا يبطل صومك به؟ وذلك لعدم التعمد.

أما دم النفاس، فإنه قد تستمر في نزفه إلى شهر. لكن إذا تحسّنت حال النفساء بعد أسبوع أو أسبوعين، فإنها تستأنف الصوم وإن ظلت ترى قطرات دم من حين لآخر. لأن السبب الذي أفطرت من أجله (الحالة المرضية) قد انتفى.

 

4-الحامل: نفس الحكم للحامل أي إذا تشكلت من حملها "حالة مرضية" بحيث أن صيامها يهدد صحتها أو صحة جنينها، فإنها آنذاك تفطر؛ وإلا صامت! فمجرد الحمل لا يجيز الإفطار في رمضان. إلا إذا صاحبتها حالة مرضية مهددة.

5-المسافر:ربنا سبحانه وتعالى يخاطب أصحاب العقول. فالمسافر في رمضان، إذا كان تحفه سفره مشقة وظروف وعر، جاز له أن يفطر. أما إذا كان بدون مشقة، في طائرة مثلا، بحيث يستطيع معه الصوم بلا أي تعب، يصوم.فربنا يخاطب العقلاء المسئولين.

6-العاجز عن الصيام: أما المسنّ العاجز عن الصوم لهرم، فهو لا شيء عليه. لا الصوم ولا الإطعام. لأن الله سبحانه وتعالى " لا يكلف نفسا إلا وسعها". فالتكاليف الإسلامية كلها على شرط القدرة.

 « To impossible, no one is bound. »فالعاجز لا ذنب عليه. علما أن الله سبحانه وتعالى لا يمكن خدعته. وما يخادع الله إلا المنافقون، سكان الدرك الأسفل من النار. والعياذ بالله!

لا تتحايلُن مع نصوص الكتاب. ولا تتخذُنآيات الله هزوا؛ إن الله عالم بذات الصدور! وإنه بعباده لخبير بصير.

فالرجال هم المكلفون بإرشاد أهاليهم إلى الهدى والدين الحق. مباشرة ساعة اهتدائهم إليه. (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا...)

هذا ما حكم به النبي ص لأزواجه في الحيض والنفاس. أي يريد الله بكم اليسر ولا يريد أن يشق عليكن أو على الناس. ولكن السلف، كعادتهم، قد عمموا، بالتساهل والتفريط، جواز الإفطار في رمضان على جميع أحوال الحيض والنفاس بلا اكتراث. نماما، كما عمموا، بالتساهل والتفريط، صلاة الخوف على جميع المسافرين. سواء كان في الخوف أو في الأمن! ثم اتهموا النبي ص بإيتائهم إذنا لذلك. على أنه، ص. أطلاق، من عند نفسه، ما قيده الله س.ت. لأن ربنا قيد قصر الصلاة في السفر بالخوف من فتنة الكفار. وقال: (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا...)  ثم أضاف في النهاية قائلا: (فإذا أمنتم فأقيموا الصلاة....) أي أتموها.

لقد أنزل الله س.ت. إلينا آيات بينات. وما يكفر بها (أي ببيانها) إلا الفاسقون.

 

(وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب {اليهود والنصارى والذين آمنوا)لتبيننه للناس ولا تكتمونه! فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا؛ فبئس ما يشترون!) [المائدة: 187]

(فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف؛ وأمره إلى الله. ومن عاد؛فأولـئك أصحاب النار هم فيها خالدون.)[البقرة: 275]

صدق الله العظيم

اجمالي القراءات 9854