منسك بني إسرائيل من بعد موسى هو "قرية السجدة" أي "قرية الحطة" "أورشليم"
لماذا لم يحج أنبياء بني إسرائيل (موسى وعيسى ) وقومهما إلى الكعبة ببكة؟

الشيخ احمد درامى في السبت ٠٨ - أكتوبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

لماذا لم يحج أنبياء بني إسرائيل (موسى وعيسى وغيرهما) إلى الكعبة ببكة؟

رأيي في الموضوع.

يبدو أنه من اﻵيات المنسوخة (المنقولة) من الصحف اﻷولى (صحف إبراهيم) إلى القرآن الآية التالية: (ولكل أمة جعلنا منسكاليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام. فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين)فكان سببا لدعوة نبي الله إبراهيم حين دعا قائلا:(ربنا واجعلنا مسلمين لك. ومن ذريتنا أمة مسلمة لك.وأرنا مناسكنا...)

وقال تعالى:(وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت، (المنسك المطلوب)، أن لا تشرك بي شيئا! وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود.)

والكعبة كانت منسك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وبنيه، إلى مجيء موسى عليه سلام.

فلما جاوز موسى ببني إسرائيل البحر، طلبوا منه منسكا، لما راوا أقواما يعكفون على أصنام لهم. فقالوا: (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة!)(وجاوزنا ببني إسرائيل البحر؛ فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم؛ قالوا يا موسى اجعل لنا إلـها كما لهم آلهة. قال إنكم قوم تجهلون!.)  فقيل لهم ادخلوا هذه القرية فإن لكم ما سألتم. (وإذ قلنا ادخلوا هـذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا{أي عيد طعام للجميع، لا حجز فيه}،وادخلوا الباب سجداوقولوا حطة، نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين) "المحسنون" هم الذين جهزوا الطعام للجميع. بعد السجود (الصلاة) والقول ما قيل لهم.

إذ موسى والذين آمنوا د معه خلوا القرية، واحتفلوا فيها النجاةَ، بالأكل والشرب والسجود كما أمروا، وقالوا ما قيل لهم؛ أي "حطة".

ثم علموا أن الاحتفال والصلاة ، بتاريخ ذلك اليوم ، داخل تلك القرية ، هو منسكهم. حيث اشتمل اﻷمر اﻹلهي: زمنا ومكانا، وكيفا.  اما الذين ظلموا من قوم موسى فإنهم سجدوا، لكن الشيطان زين لهم قولا غير الذي قيل لهم، فزين لهم أنه أحسن أقوم قيلا. فأطاعوه وبدلوا. فأنزل عليهم ، وحدهم ، رجس من السماء. على صورة وباء.

ومع موسى عليه سلام، أصبح لبني إسرائيل منسكا خاصا بهم؛ وهو "قرية السجدة":(لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه. فلا ينازعنك في الأمر! ...)[الحج:67]. أي أهل الكتاب.ولم يحج موسى وعيسى وقومهما إلى الكعبة. بل أمسوا يحجون إلى المنسك الذي جعل لهم (ابتداء من موسى) في قرية السجدة. (أورشليم)

وقال كذلك: (ولكل أمة جعلنا منسكاليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام. فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين)[الحج: 34]

  فقرية السجدةهذه، أو قرية حطة هي موضع السجود عند قوم موسى ع.س. أي هي المسجد المشار إليه في قوله تعالى: (وليدخلوا المسجد(أي "مسجد الحطة" الذي عبارة عن "قرية السجدة")، كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا)[الإسراء: 7]. المراد بالمسجد هنا هو "قرية السجدة"التي أمر الله سبحانه وتعالى موسى وقومه أن يدخلوها سجدا. وتلك القرية المعروفة ب"أورشليم" هي "المسجد" أي محل و مقام سجود موسى ومن معه. فهو منسك بني إسرائيل (أي قبلتهم ومعبدهم)، ابتداء من موسى عليه سلام. وقبل مجيء موسى ع.س، كان يحج إبراهيم وبنيه إلى الكعبة ببكة.

فالمراد بدخول المسجد في "آية التتبير"، هو دخول القرية؛ وليس الدخول في بناء. إذ لم يكن المسجد بناء بعد. وﻷن الجيش لا يسع الدخول في بناء. هذا من جهة. ومن جهة ثانية، لا يوجد داخل بناء(أو مسجد) ما يعلوا حتى يتبر تتبيرا. وعليه، فالمعنى هو تتبير ما يعلوا في" قرية السجدة" تتبيرا. أي وليدخلوا "القرية المقدسة" المسماة بالمسجد (لكونها مكان سجدة الحطة) كما دخلوه أول مرة، وليتبروا ما علوا فيها من البناء تتبيرا.

غير أن بني إسرائيل حددوا، فيما بعد، موضع سجود موسى ومن معه "بالضبط"، واتخذوه مسجدا، اي محل السجود الوحيد في القرية، وأحاطوه بحيطان، فأصبح المسجد (أو الهيكل). بدلا من القرية لكها. وذلك "مسجد الحطة"  في محل سجود موسى ومن معه بقرية السجدة، هو" المسجد الأقصى" الأصيل الذي أمسى يحج إليه بنو إسرائيل، بدﻻ من الكعبة، ابتداء من موسى ع.س.

 إن إبراهيم عليه سلام وبنيه كانوا، من قبل مجيء موسى، يحجون إلى البيت الحرام؛ ثم جُعل لموسى من معه (بعد ما اجتازوا البحر) منسكا خاصا بهم: "قرية السجدة" (قرية ألأكل والشرب والسجود) التي بورك حولها. قال تعالى: (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة؛ نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين)[البقرة: 58]

 وذلك القرية أو المسجد هو "المسجد الأقصىالعتيق" الذي أُسري إليه النبي محمد. وهو "الحرم المكاني والزمني"الثاني (إذا استعرنا العبارة من د. احمد صبحي)في ملة إبراهيم. ومنسك بني إسرائيل. قال تعالى:(لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه. فلا ينزعنك في الأمر!…)

لم يعد المسجد الأقصى موجودا أيام أُسرى بالنبي ص، وإنما أسري إلى "قرية السجدة"، أي "قرية حطة" المشارة إليها في آية: (وقلنا أدخلوا هذه القرية، وكلوا منها حيث شئتم رغدا؛ وادخلوا الباب سجدا، وقولوا حطة، نغفر لكم خطاياكم...) وهي القرية التي تحتضن مكان سجود موسى ومن كان معه. وهي المسجد (اسم مكان) كما نقول: مسكن أو مبيت. وكذلك نقول مسجد، (أي المكان الذي سُجِدَ فيه). وهي القرية المعروفة ب "أورشليم".

ثم حُدد فيما بعد موضع سجود موسى وقومه "بالضبط" وبُني؛ فأمسى المسجد بناء؛ بعد ما كان قرية.

والمسجد الأقصى، في مصطلح القرآن، هو تلك القرية التي أُمر موسى وقومه أن يدخلوها ويسجدوا فيها شكرا لله س.ت، ويَطّعمون ويُطعمون، ليُغفر لهم خطاياهم.

والمسجد قد هُدم مرتين، مرة على يد البابليين بقيادة نبوخذنصر عام 586 قبل الميلاد. ثم أعيد بنائه؛ وهُدم مرة ثانية على يد الرومان، عام 70 ميلادية.

أما "المسجد الأقصى" الموجود حاليا في مدينة القدس (أورشليم) بفلسطين، ما هو إلا المُصلى الذي بناه عمر بن الخطاب (عند فتح المدينة في عام 236 ميلادية)، في مقربة من مكان البناء القديم. ثم أعاد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بناء ذلك "المسجد العُمَري"، عام 685، وزاد فيه قبة الصخرة. وهو "المسجد العمري المرواني" المسمى حاليابمسجد القدس. ولا علاقة له بالمسجد الأقصى القرآني، الذي يُعنى به "قرية السجدة" أو "قرية حِطةٌ" المعروفة الآن ب (أورشليم)، والتي كانت مسجد (أي مكان سجود) موسى وقومه. وهي المسجد أو القرية الذي أُسري إليه النبي ص. 

 

إضافة:

كان عندنا قديما في إفريقيا، مواسم تقام بعد الحصاد وجمع المحاصيل الزراعية. و"أميل إلى الاعتقاد" ان أصلها كان دينيا لقوله تعالى: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير.)وقوله: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا؛ أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. فمنهم من هدى الله، ومنهم من حقت عليه الضلالة)أي أنه كان منسكا (أي موسم شكر عند القوم) ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من المحاصيل الزراعية الوافرة. فكان موسم الأكل والشرب والرقص والتسامح وعدم الاعتراض. فكان، بموجب عدم الاعتراض ذاك، إذا رأى رجل أخته أو زوجته مع رجل آخر فإنه يلزم عدم الاعتراض والتسامح. وهو كذلك يمشي مع من يشاء من النساء أو بنات اﻵخرين. فكان موسم الأكل والشرب والرقص والشيوع الجنسي الجماعي. بدعوى التسامح وعدم الاحتجاج. (Do not argue)   

وذلك يذكرني بقوله تعالى: (فلا الرفث ولا الفسوق ولا الجدال في الحج). فكأنهم حذفوا "فلا الرفث ولا الفسوق"، وأبقوا "ولا الجدال". ففسروه ب(لا احتجاج ولا تخاصم).

وأخيرا:

"أميل إلى الاعتقاد" أن جميع "سبل الغي"من ديانات الوثنيين، كانت في البداية "سبل رشد". فشوّهها لهم الشيطان فأصبحت من السبل الجائرة. مصداقا لقوله تعالى: (وعلى الله قصد السبيل. (دائما في البداية)ومنها جائر. (أي ضال فما بعد)ولو شاء لهداكم أجمعين.)[النحل: 9]؛وقوله تعالى: (تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم؛ (أي فشوّه لهم شريعتهم)فهو وليهم اليوم؛ ولهم عذاب أليم)[النحل: 63]. وينطبق ذلك على أصحاب الأديان الأرضية تماما!. أسفا! لم يعد هناك نبي يأتي ليبين شيئا ﻷحد! والحمد لله! هناك كتاب الله (القرآن) يبقى معنا إلى قيام الساعة، هدى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

وأومن أن الله سبحانه وتعالى كان قد جعل لكل أمة منسكا. ثم مع الزمن، بدلها الشيطان إلى مهرجانات بهلوانية، مثل "العاب الأولومبية"وغيرها من المواسم التي تقام وتحتفل عند جميع الشعوب.

وحتى " كارناوال" في براسيليا، يبدو أنه كان، في البداية، عيدا دينيا لشكر الله بعد الحصاد، كما كان الحال عند كثير من شعوب العالم. مصداقا لقوله تعالى: (ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام.)أو من المحاصيل الزراعية.[الحج: 24] فشوهها لهم الشيطان، كعادته، فأصبحوا يرقصون فيها عراة، كما كان العرب يطوفون بالبيت حفاة عراة، هم كذلك!فبعْدا لشياطين الإنس والجن. كما بعُد إبليس.

والله أعلم.

 

 

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 20781