مقال إفتراضى : النبى محمد عليه السلام فى الحبس الاحتياطى فى مصر

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٠٣ - أكتوبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

مقال إفتراضى : النبى محمد عليه السلام فى الحبس الاحتياطى فى مصر

مقدمة :

1 ـ   الشيطان يسعى فى مصر ينشر الفساد سائرا على قدمين هما ( الأزهر ) و ( ضريح الحُسين ) . أقامتهما الدولة الفاطمية ، وهى التى أقامت مدينة (القاهرة ) وجعلتها عاصمة لمصر . ومع أن معنى ( القاهرة ) أى المنتصرة التى تقهر خصومها إلا إن تاريخ القاهرة يشهد أنها أكثر عاصمة تعرضت للقهر والغزو والإذلال . هذا بسبب وجود قاعدتى للشيطان فيها : الأزهر وضريح الحسين .

2 ـ فى مقالنا الذى نتخيل فيه أن النبى محمدا عليه السلام ظهر فى القاهرة متجولا فيها ـ كان لا بد أن يصدمه وجود قاعدتى أو قدمى الشيطان ( الأزهر وضريح الحسين ) ، ولأنه عليه السلام مأمور أن يصدع بالحق (أى أن يقول كلمة الحق عالية مدوية تتصدع بها الجدران ) فقد أعلنها صراحة أن كل قبر مقدس إنما هو رجس من عمل الشيطان وأن الاسلام لا يعرف مناهج الأزهر وما يُعرف بالسنة والتصوف والتشيع . كانت آراؤه صدمة للمؤسسة الدينية الأزهرية وللجماعات السلفية الوهابية وللطرق الصوفية بل والطوائف الشيعية. وكان واضحا أن الجميع تآلبوا عليه .

أولا : سجن النبى محمد والآثار المترتبة على ذلك

1 ـ  بأوامر من شيخ الأزهر والسفارة السعودية بالقاهرة قامت السلطات المصرية بإعتقال النبى محمد وحبسه إحتياطيا بتهمة إنكار السُّنة وإزدراء الدين والدعوة الى الخروج على (ثوابت الأمة ) والإجماع و المعلوم من الدين بالضرورة. واضافوا تهما أخرى معتادة هى الحض على كراهية النظام وتهديد الوحدة الوطنية وإشاعة الفتن وتكدير صفو المجتمع  والسّلم العام ، وإشاعة ( جوّ تشاؤمى ) يعرقل الاستثمار ، وتشويه سُمعة مصر فى الداخل والخارج وتلقى تمويلات أجنبية .

2 ـ إمتلأت شوارع القاهرة والمدن الكبرى والمدن الصغرى فى مصر وفى قُراها بمظاهرات تأييد لاعتقال من أسموه ب ( مدعى النبوة  عدو الله ورسوله )، وتطالب بقتله بحدّ الردة. وامتدت المظاهرات الى السعودية وايران وباكستان واليمن والسودان وأفغانستان وتركيا والخليج والصومال وليبيا وتونس والجزائر والمغرب ، وفى مجتمعات المسلمين فى اوربا والأمريكيتين .

 3  ـ وهبّت طائفة قليلة تدافع عن النبى ، تؤكد أنه يقول بالقرآن ،وأنه لا يجحد القرآن إلا الكافر به ، وأن خصوم النبى إختلفوا فى كل شىء وتقاتلوا وتصارعوا ولكنهم إتّحدوا فى مواجهته لأنه قال الحق القرآنى الذى لا يؤمنون به مع زعمهم أنهم مسلمون ، أى إنه فضحهم جميعا سواء كانوا سنيين أو شيعة أو صوفية لذا خرجوا جميعا فى مظاهرات تطالب بقتله .

4 ـ أثار هذا جمعيات حقوق الانسان فى الغرب وفى المنظمات الدولية ، خصوصا مع تسريبات تؤكد تعرض النبى محمد فى سجنه الإنفرادى الى تعذيب وصعق بالكهرباء بما يهدد حياته . صدرت البيانات الساخطة من دول الغرب ومنظمات حقوق الانسان ، وأعقبتها تهديدات بعقوبات إقتصادية عاجلة ووقف المساعدات والمنح ، بل تلميح بإحالة رئيس الدولة الى المحكمة الجنائية الدولية ، خصوصا وأن سجل النظام المصرى فى عهده مثقل باتهامات مثبتة ومؤكدة من عشرات المنظمات الدولية الحقوقية بالاختفاء القسرى والتعذيب والقتل الجماعى والمذابح .  وهذه الاتهامات تجعل من السهل ملاحقة الرئيس المصرى واعمدة حكمه، وهذا يتوقف على الارادة السياسية للدول الكبرى . الرئيس المصرى مرعوب دائما من إحتمال محاكمته دوليا ويؤرقه أن تنقلب عليه أمريكا فيحدث له ما حدث للرئيس صدام حسين أو للزعيم الليبى معمر القذافى .  لذا سارع بإصدار قرار باطلاق سراح النبى محمد من ( الحبس الاحتياطى ).

ثانيا : النبى محمد يرفض إطلاق سراحه تمسكا بإطلاق سراح المحبوسين إحتياطيا

1 ـ رفض النبى محمد الخروج من السجن والحبس الاحتياطى إلا بعد إطلاق سراح كل سجناء الحبس الاحتياطى فى كل السجون المصرية وفى كل السجون السرية الخاصة بأمن الدولة . وعددهم بمئات الألوف .

2 ـ ونقلوا عن بعض أتباعه تفسيرا لموقفه .

2 / 1 : قالوا إن الاسلام مؤسّس على العدل والقسط والحرية الدينية والسياسية ، وأن الاسلام ضد الظلم والبغى والقهر والاستبداد والفساد وحُكم المترفين المفسدين . ووجود هذا الحبس الاحتياطى أبرز مظهر للخروج عن الاسلام .

2 / 2 : وقالوا إن رب العزة جل وعلا لم يأمر بإعتقال المحارب فى جيش يعتدى على الدولة الاسلامية ، إذا توقف هذا المحارب وإستجار بالمسلمين ، وإنه مهما قتل من المسلمين فى المعركة فإن الله جل وعلا أوجب إجارته وحمايته وإسماعه كلام الله فى القرآن ليكون هذا القرآن حُجة عليه يوم الحساب ، ثم توصيله لمأمنه آمنا سالما ، قال جل وعلا : (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ ) التوبة 6  ) . فكيف بنظام حكم مفروض أن يوفر للمواطنين الأمن والعدل والحرية والعيش والكرامة الانسانية ، وبدلا من ذلك يضع الأبرياء المسالمين  فى السجن بزعم الحبس الاحتياطى ، لمجرد إختلافهم معه ؟ .

2 / 3 : وقالوا إن المحارب فى جيش يعتدى على الدولة الاسلامية يتم حقن دمه فى أرض المعركة إذا نطق بكلمة السلام أو قال ( السلام عليكم ) . يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا  ) النساء  94). فكيف بنظام حكم مفروض أن يوفر للمواطنين الأمن والعدل والحرية والعيش والكرامة الانسانية ، وبدلا من ذلك يضع الأبرياء والمختلفين سياسيا معه فى السجن بزعم الحبس الاحتياطى ، او بمجرد تحريات ملفقة أو بتهم زائفة ؟ .

2 / 4 : وقالوا فى تفسير موقف النبى فى رفض الخروج إلا بخروج كل المظاليم من الحبس الإحتياطى إن الله جل وعلا يحرّم ويجرّم أى إضرار بالكاتب والشاهد فى أى قضية لأن الكاتب والشاهد محايد ولكل منهما حصانة . فإذا تعرض أحدهما الى ضرر فهذا يعنى وجود فساد فى بنية المجتمع وفى نظام الحكم ، قال جل وعلا : ( وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ) البقرة 282 )  . وهنا الأمر أبشع وأفظع حيث يوضع الأبرياء فى سجن لمجرد الاختلاف السياسى أو بتهم زائفة أو ملفقة .

2 / 5 : وقالوا إن النظام مجرم قد أدمن تلفيق التهم الى الأبرياء ، وأن الله جل وعلا حرّم وجرّم تلفيق  التهمة للبرىء ، يقول جل وعلا : ( وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) النساء 112 ) . هذا عن الشخص الواحد ، فكيف بنظام حكم يعمل فيه ملايين .

2 / 6 ـ وقالوا إن النظام العسكرى إرتكب العديد من المذابح العلنية فى القاهرة وغيرها تحت سمع وبصر العالم ، وأنه منع من التحقيق الجدّى فيها ، وأنه أصدر أحكاما قضائية غير مسبوقة بإعدام المئات من خصومه فى محاكمات هزلية ، ثم إنه تحت التعذيب فى السجون يموت كثيرون ، وهذا كله قتل متعمد ، يقول جل وعلا عن قتل مؤمن واحد : (  وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) النساء 93 ) . وهذا حُكم على مئات الألوف من المجرمين القتلة الذين يقتلون الأبرياء فى السجون وفى الشوارع والمظاهرات وحتى فى المراكب والسفن والقطارات ووسائل المواصلات .

3 ـ  خبر رفض النبى محمد الخروج من السجن إلا بعد إطلاق سراح كل المحبوسين إحتياطيا والمساجين ظلما وصل هذا الى الاعلام العالمى فتعاطف معه ومع المساجين المصريين مئات الجمعيات الحقوقية ، وإهتزت أجهزة الاعلام الغربية بهذا ، وقامت حملة عالمية تطالب بالافراج عن كل المعتقلين المصريين فى الحبس الاحتياطى ، والذين يُلقى بهم فى السجن بتهم ملفقة ، ويعيشون تحت التعذيب شهورا وسنوات بلا محاكمة ، وذكرت صحف الغرب أن الداخلية المصرية  إعتادت أنه إذا اصدرت النيابة قرارا بالافراج عن بعضهم إعترض وزير الداخلية ، أو أعاد إعتقالهم بعدها وأرجعهم الى سجن اسوأ واضل سبيلا .

4 ـ إحتجت وزارة الخارجية المصرية على المطالبة بإطلاق سراح المحبوسين فى الحبس الاحتياطى ، وقالت إنها قامت ببناء سجون إضافية وتوسيع السجون القائمة ، وهذا يهدد بإخلاء معظم السجون المصرية وتسريح حوالى نصف مليون من العاملين في وزارة الداخلية ، وإحالتهم الى المعاش يزيد من الأعباء الاقتصادية .

5 ـ  وإحتجت وزارة الخارجية المصرية بشدة لأن هذه المطالب تعتبر تدخلا سافرا فى الشأن المصرى الداخلى وتهديدا لمبدأ سيادة الدولة المصرية ، وأن الدولة المصرية لا تتدخل فى الشئون الداخلية فى الدول الأخرى فيجب على الدول الأخرى ألا تتدخل فى شئونها .

 6 ـ وإحتجت الرئاسة المصرية بأن معايير حقوق الانسان فى الغرب لا تسرى على مصر ولا تلائم المصريين ، لأن الانسان المصرى مختلف عن الانسان الغربى وأقل شأنا منه ، فإذا كانت للإنسان الغرب حقوق ويتمتع بالاحترام فإن الانسان المصرى لم يصل بعدُ الى هذا المستوى ، وهو لا يستحقّه . بل إن الانسان المصرى لا يزال فى مرحلة وسطى بين الانسان العادى والحيوان المركوب الذى لا بد من قرعه بالعصا حتى يظل مركوبا . وقالت مصادر قريبة من الرئاسة المصرية إنها من خلال خبرة فى حكم المصريين وتعذيبهم من عام 1952 ترى أن الأفضل فى معاملة المصريين هو الاستعباد والاستبعاد والاذلال والتعذيب. ولهذا فإن الحبس الاحتياطى المقصود والعشوائى ودون تهمة حقيقية هو ضرورة لإخضاع المصريين . وبدونه تتحول مصر الى فوضى مثل سوريا وليبيا واليمن والصومال.

7 ـ لم تكتف الحكومة المصرية بالرفض والتنديد الذى صدر من أجهزتها السيادية ( الرئاسة والخارجية والداخلية ) بل أصدرت قرارا بنقل النبى محمد الى سجن سرّى تابع لسجون (أمن الدولة ) مع تشديد الحراسة عليه ، ثم إعتقلت مؤيديه وأنصاره الذين دافعوا عنه ، وادخلتهم ضمن المحبوسين إحتياطيا ، وتعرضوا لتعذيب هائل .

8 ـ هللت  جموع المصريين للإجراءات الانتقامية للحكومة المصرية ، وهاجموا أتباع النبى محمد وأتهموهم بالعمالة بالغرب وبالاستقواء بالعدو الأجنبى . وإنضم اليهم دول الخليج والسعودية وإعتبروها دليلا على إستقلال القرار المصرى وعدم تبعيته للتوجيهات الغربية والأمريكية ، وانه بداية للتحرر الوطنى من أمريكا والغرب . وتعالت الأصوات فى الخليج بمنح مصر مساعدات بالبلايين حتى تصمد فى وجه الغرب وأمريكا وربيبتها إسرائيل . وبدأت حملة للتبرع لمصر ، وتم فتح حسابات لهذا كانت تصبّ مباشرة فى جيوب ــ لا قاع لها ــ لدى أولى الأمر فى مصر .

9 ـ  ثم أطلقت مصر بالتعاون مع السعودية ودول الخليج وغيرها حملة إعلامية صحفية تهاجم من اسموه ( مدعى النبوة ، منكر السنة ، مزدرى الدين ، عميل أمريكا . ) وظهر شيوخ الوهابية وشيوخ الأزهر على شاشات القنوات الفضائية يدعون الى قتله لأنه مرتد وزنديق . وما لبث أن لحق بهم الشيعة بسبب أن النبى محمدا أنكر تقديس ضريح الحسين فى مصر وتقديس القبر المنسوب اليه . فقالوا لو جاء الى العراق فسينكر ما نفعله فى كربلاء وفى النجف ، ولو جاء الى ايران فسيرفض ما ننفعله فى (ٌقُم ) . إتفق الجميع على ضرورة قتله بتهمة الردة. وقالت إيران إنها اصدرت فتوى بقتل سلمان رشدى ، وأن هذا الذى يدعى النبوة أخطر من سلمان رشدى . وبسبب النبى محمد بدأت بوادر تقليل العداء بين الرياض وطهران ، وبدأ حديث خافت عن ضرورة طىّ صفحة الصراع السُّنّى الشيعى ، وحل الخلافات السياسية بين السُّنّة والشيعة ، وتكاتف كل (أُمّة محمد ) ضد (أمة المسيح ) وضد مدعى النبوة الذى تدافع عنه أمريكا بحجة حقوق الانسان وحرية الأديان .   

10 ، بهذا ظهر وضع جديد أصبح حتما على الغرب التعامل معه .. ماذا فعل الغرب ؟ 

اجمالي القراءات 8076