النبى ــ فى حياته ـ هل كان يزور قبره ؟ سؤال لمن يؤمن بأن زيارة قبر النبى من شريعة الاسلام

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٣٠ - سبتمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

النبى  ــ فى حياته ـ هل كان يزور قبره ؟  سؤال لمن يؤمن بأن زيارة قبر النبى من شريعة الاسلام

 أولا : النبى  ــ فى حياته ـ هل كان يزور قبره ؟  

1 ـ هو سؤال محورى ، ليس فى موضوع الحج فقط ، وليس فى موضوع الشريعة فقط ، ولكن هو سؤال محورى حول ما هو الاسلام ( الدين الالهى ) وماهى الأديان الأرضية التى يملكها البشر ويملكون التشريع فيها بأهوائهم ، وينسبون هذا لله جل وعلا ورسله كذبا وإفتراءا .

2 ـ هو سؤال محورى حول الاسلام الذى اضحى مهجورا منبوذا يؤمن به أقلية الأقلية فى مواجهة أكثرية البشر الذين يحترفون الاضلال عن سبيل الله جل وعلا ( الأنعام 116 ) . بلايين المحمديين ـ من أكثر من عشرة قرون ــ لا يعتبرون الحج الى البيت الحرام كاملا بدون زيارة القبر المنسوب للنيى . ويثورون غضبا إذا قيل لهم إن هذه الزيارة لذلك القبر خروج عن الاسلام وأن هذا القبر ليس سوى رجس من عمل الشيطان .  هذه الأكثرية الساحقة تتيه بكثرتها وتتخذ من كثرتها الكاثرة حُجة على الأقلية المؤمنة ، وهم ينسون أن الأكثرية البشرية فى القرآن الكريمة متهمة بالكفر والضلال وعدم التعقل وعدم التبصر . وهم ينسون أن المؤمنين الأقلية هم اصحاب الجنة يوم القيامة من السابقين وأصحاب اليمين ( الواقعة 10 : 40 )، وينسون أنه مهما بلغت كثرتهم فإن جهنم ستسعهم وستطلب المزيد (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) ق ).  

ثانيا : النبى  ــ فى حياته ـ هل كان يزور قبره ؟  

1 ـ هو السؤال المحورى الوحيد الذى يفصل بين الحق والباطل بحيث لا يستطيع من يخالفنا فى الدين أن يجادل فيه . يستحيل أن يقول (نعم . كان النبى فى حياته يزور قبره ) . من الممكن أن يجادل فى أسئلة أخرى . فقد نسبوا للنبى محمد عليه السلام بعد موته تشريعات بقتل المرتد والزنديق ورجم الزانى والخارج عن الجماعة وأنه مأمور بأن يقاتل الناس حتى .. ونسبوا القول بعقائد تخالف الاسلام مثل تفضيله على الأنبياء وعلمه بالغيب وشفاعته يوم الدين وأنه لو إعتقد أحدهم فى حجر لنفعه ، والمعجزات والكرامات .. هجص من التشريعات والعقائد الرجسية تملأ الكتب المقدسة مثل ( الكافى ) للكلينى الشيعى و( صحيح البخارى ) السنى ،و(إحياء علوم الدين ) للغزالى الصوفى . قد يتبجح أحدهم فيقول : وما المانع أن يقول النبى هذا الكلام فى حياته . ولكنه مهما بلغت بجاحته ووقاحته فيستحيل أن يقول أن النبى فى حياته كان يزور قبره . إذن ، لا مفر من أن يقول أن النبى محمدا لم يكن له قبر فى حياته ، وبالتالى فيستحيل أن يزور قبرا له وهو حىّ يرزق .

2 ـ هذا يقود الى سؤال آخر .. طالما أن النبى لم يكن له قبر فى حياته وطالما أنه لم يزر قبره فى حياته فلماذا تعتبرون زيارة القبر المنسوب للنبى جزءا من الدين ، وجزءا من فريضة الحج لا يتم الحج بدونه ؟ إنكم بالفعل تعتبرون هذا جزءا من الدين ، وعبادة تحرصون عليها أكبر من حرصكم على تأدية مناسك الحج الى بيت الله الحرام .

3 ـ وهذا يقود الى سؤال آخر .. إذا كان هذا جزءا من الدين لم يفعله النبى ولم يفعله معه الصحابة (أى لم يزوروا قبره معه وهو حىُّ ) فالمعنى أن النبى محمدا عليه السلام لم يبلّغ الرسالة كاملة ، وأنه  عصى أمر ربه جل وعلا حين أمره بتبليغ الرسالة وقال له : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)المائدة ). أى إنكم تتهمون النبى محمدا عليه السلام بعصيان ربه جل وعلا وعدم تبليغ رسالته وتركه جزءا من الدين دون تبليغ .

ثالثا : النبى  ــ فى حياته ـ هل كان يزور قبره ؟  

1 ـ هو السؤال المحورى الذى به يتحدد المؤمن أو الكافر بقول رب العزة جل وعلا : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً ) (3) المائدة ).

2 ـ المؤمن بالله جل وعلا وبرسوله يوقن إن الاسلام إكتمل دينا وتشريعا بإنتهاء القرآن الكريم نزولا . وعليه فإن إى تشريع دينى بعد إكتمال الاسلام ليس من الرحمن بل من الشيطان . القرآن الكريم ليس تأليف مخلوق من البشر . المخلوق من البشر حين يؤلف كتابا يضع عليه إسمه مثل البخارى والشافعى ومالك وابن حنبل والكلينى والغزالى وابن تيمية وابن عبد الوهاب ..الخ . صحيح أنه يملؤها بأكاذيب ينسبها بهتانا لله جل وعلا ولرسوله ، ولكن يظل كتابه منسوبا اليه . يعنى هو المؤلف ، وطالما يتكلم فى الدين فهو صاحب هذا الدين . وطالما هو بشر مخلوق من تراب الأرض فإن الدين الذى يكتبه هو ( دين أرضى ) . وطالما هو بشر مثلنا لا يملك لنا موتا ولا حياة ولا نشورا فإن المحمديين الذين يعبدون مخلوقات بشرية ينطبق عليهم قول رب العزة جل وعلا : (وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا ) الفرقان 3  ). يقينا فإن البخارى أو الكلينى أو الغزالى أو حتى النبى محمدا لن يحاسبنا يوم القيامة ، بل سيأتى كل منهم يوم الحساب يدافع عنه لينجو من عذاب يوم عظيم .

3 ـ القرآن الكريم ليس له مؤلف من البشر ، لأنه من  لدن رب العزة جل وعلا ، هو الذى أنزله وهو الذى تولى حفظه وقراءته وتلاوته وبيانه . الله جل وعلا هو الذى سيحاسبنا جميعا وهو مالك يوم الدين ، وهو صاحب هذا الدين .

4 ـ والمؤمن بهذا يوقن بأن رب العزة صادق حين قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً ) (3) المائدة ). وحين تُتلى عليه هذه الآية أو حين يقرؤها يقول بإخلاص : ( صدق الله العظيم.! ). وبالتالى إذا جاءته موعظة بأن زيارة قبر النبى إبتداع ليس فى الاسلام ، وأنه أُكذوبة حدثت بعد موت النبى محمد وبعد إكتمال الاسلام ـ هنا يكفر بهذا الابتداع ويتبرأ منه .

5 ـ الكافر بالله جل وعلا وبرسوله يختلف موقفه هنا من ناحية القول . يكون من آل (بسّ ). و ( بسّ ) فى اللهجة المصرية تعنى ( ولكن ). يعنى سيقول : ( فعلا النبى فى حياته لم يزر قبره ، ولم يكن له قبر وهو حىُّ ) ثم يكمل ( بس .. ) أو ( لكن  ) ... ويلجأ الى معاذير وحجج واهية ، مؤداها فى النهاية أنه لا يقول بقلبه :( صدق الله العظيم ) بل التكذيب بما أنزل الله جل وعلا والايمان بالمفتريات ، أى أن يكون مجرما وظالما ممن قال فيهم رب العزة : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) الانعام 21  ) (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ) يونس 17 ) .

6 ـ الكافر بالله جل وعلا وبرسوله قد يختلف موقفه هنا من ناحية الفعل . قد يرد بالموافقة القولية عجزا عن الاجابة أو خجلا ، ولكنه إذا سافر الى الحج فسيغلبه شيطانه ويجعله يزور القبر الرجسى المنسوب ظلما للنبى محمد عليه السلام . بهذا هو يثبت على نفسه الحُجّة يوم الدين بأنه من المنافقين الذين قد إستحوذ عليه الشيطان فأصبح من حزبه . يقول جل وعلا عنهم ( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) 18 : 19 المجادلة  )>

رابعا : النبى  ــ فى حياته ـ هل كان يزور قبره ؟  

1 ـ هذا هو السؤال المحورى الكاشف الفاضح لأديان المحمديين الأرضية . أو ما يعتبرون أنفسهم (أمة محمد ) . مع إختلافاتهم ونزاعاتهم وحروبهم فهم جميعا يعبدون إلاها وهميا صنعوه بأهوائهم وأسموه ( محمدا ) ، لا صلة له على الاطلاق بخاتم المرسلين محمد عليه السلام . هذا الاله الذى أسموه محمدا جعلوه محور دينهم ، بل جعلوه اكبر من الله جل وعلا ، فإذا ذكرت إسم الله جل وعلا فلن تسمع أحدا منهم يقول (سبحان الله جل وعلا ) ولكن إذا قلت ( قال النبى ..) جأروا بالصلاة عليه . جعلوا إلاههم المزعوم هذا متحكما فى يوم الدين ، ثم حكموا بحبسه فى زنزانة ( قبر ) تحت الأرض ، تحت أقدام من يأتى ليتوسل به ، وحكموا ان يظل سجين هذه الزنزانة الى قيام الساعة ، وجعلوه متفرغا لمراجعة أعمالهم والاستغفار لها ، ثم إذا سلّم عليه أحد المحمديين أو قال الصلاة عليه هبّ وترك عمله ليردّ عليه السلام . ثم يعود يراجع اوراق / أعمال المحمديين فردا فردا ويستغفر لمن يجده مذنبا منهم . يقوم وحده بخدمة البلايين من (أمة محمد ) ليل نهار بلا كلل ولا تعب . هنا ( إله ) مصنوع بطريقة مضحكة وصنعة رديئة . ومع ذلك يؤمن بهذه الصنعة الرديئة المحمديون وينبذون من أجلها الاسلام والقرآن والعقل .

2 ـ ولو فاجأت أحدهم بالحقيقة الدامغة  : ( أن هذا القبر المزور المنسوب ظلما للنبى محمد ليس إلا رجسا من عمل الشيطان ويجب إجتنابه وليس الحج اليه والتبرك به ، ومن يفعل ذلك فهو عدو لرسول الله ولرب العزة جل وعلا ) ــ لو قلت له هذا لالتقط أقرب سلاح وهاجمك به . ليس مهما أن معك العقل والقرآن والبرهان .. إنه لن يرى ولن يتعقل لأنه فى الحقيقة قد إحتنكه الشيطان وسيطر عليه وأراه الحق باطلا والباطل حقا ، وزين له الشيطان أنه بقتلك سيقابل الحور العين وقد فتحن له سيقانهن .

3 ـ إذا كنت شجاعا بدرجة كافية جرّب أن تقول لأحد المحمديين : (  هذا القبر المزور المنسوب ظلما للنبى محمد ليس إلا رجسا من عمل الشيطان ويجب إجتنابه وليس الحج اليه والتبرك به ، ومن يفعل ذلك فهو عدو لرسول الله ولرب العزة جل وعلا.  ) . ولكن ارسل لى قبلها عنوان ( قبرك ) لأرسل ـ مقدما ـ  اليه باقة زهور .!

خامسا : النبى  ــ فى حياته ـ هل كان يزور قبره ؟  

1 ـ هذا هو السؤال المحورى الذى يضع فاصلا بين ما هو إسلام ، ومن هم ( المسلمون ) .

2 ـ الاسلام دينا ـ إكتمل بالقرآن الكريم ، وهو أوامر ونواهى ، من يقوم بطاعتها يدخل الجنة ومن يعصاها يدخل النار. ولأنه أوامر ونواهى من لدن الخالق جل وعلا فإنه لا يوجد بشر يمثّل هذا الاسلام حتى النبى محمد عليه السلام . فهو عليه السلام كان يعلن إتباعه للقرآن الكريم وخوفه من عذاب يوم عظيم ، وكان يأتيه اللوم والتأنيب والعتاب ، وسيأتى يوم القيامة ليجادل عن نفسه وسيعلن براءته من قومه الذين إتخذوا القرآن مهجورا . لو كان النبى محمد تجسيدا للقرآن أو ممثلا له لأصبح إلاها معصوما لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولكن عصمته فى تبليغ الوحى القرآنى وقد أبلغه ومات . وبموته إكتمل الاسلام .  

3 ـ صلة هذا بموضوعنا أنه مع اكتمال الاسلام بالقرآن فإن ما يأتى بعده لا شأن للاسلام به ، إنما ينتمى للمسلمين . المسلمون بشر لهم تاريخهم البشرى وتراثهم البشرى وأديانهم البشرية ، منهم من سيكون من السابقين ومنهم من سيكون من أصحاب اليمين والأغلبية ستكون من المغضوب عليهم الضالين ، نفس التقسيم الثلاثى لأهل الكتاب وللبشر يوم القيامة .

4 ـ  هناك نوعين من أعداء الاسلام . عدو ظاهرى ينتمى الى أديان أرضية تخالف أديان المحمديين الأرضية . ثم عدو أخطر ينتسب ظاهرا الى الاسلام بينما هو بعقيدته وشريعته يناقض الاسلام ، وتحت شعار الاسلام يشوّه الاسلام ، إذ يسعى فى الأرض بالفساد والارهاب كما يفعل الوهابيون اليوم . هنا يكون الانصاف للإسلام وأتباعا للحق وللموضوعية أن نضع فاصلا بين الاسلام و( المسلمين ) ، وأن نتمسك بقوله جل وعلا: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً )(3)المائدة ). ولكن هذا الانصاف مرفوض . وليس عجيبا أن يتفق الغرب المسيحى والوهابيون على مصطلح ( الحركة الاسلامية ) ( الاسلام الراديكالى ) ( الجهاد الاسلامى ) . الغرب يؤمن أن الوهابية هى الاسلام ، والوهابيون يؤكدون أنهم الاسلاميون الحقيقيون . وحين نقول نحن إن الاسلام لا صلة له بأفعال المسلمين سواء كانت خيرا أو شرا فلا يسمع لنا أحد ، وإذا قلنا إن الاسلام يرفض الاستبداد والفساد والارهاب والظلم نظر الغرب الينا بإستهزاء ، وأصدر الوهابيون ضدنا فتاوى التكفير والقتل .

5 ـ الوهابيون شأنهم شأن بقية المحمديين يؤمنون بالاله المصنوع الذى أسموه ( محمدا ) ويؤمنون بما أسموه (سُنّة محمد ) و (السيرة النبوية ) و ( الأحاديث النبوية ) وبالحج الى الوثن الرجسى إيّاه . ومع الاختلافات فيما بينهم  ــ والتى تصل الى الاقتتال ـ إلا إنهم جميعا يتحدون ضدنا ويتمسكون بعبادة الاههم المصنوع ، ويحجون الى الوثن الرجسى إياه ويتهموننا بالخروج عن الاسلام وإزدراء الأديان .  

اجمالي القراءات 8603