مرة أخری
اﻹعجاز القرآني

عبدالوهاب سنان النواري في السبت ١٠ - سبتمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

القرآن الكريم ليس كتابا متخصصا في العلم أو التاريخ أو التشريع, ولكنه أساسا كتاب للهداية, ومن خلال دعوته للهداية, يأتي القصص القرآني, لا يهتم بتفصيلات الحدث, من الزمان والمكان وأسماء الأشخاص، ولكن يركز على العبرة طلبا للهداية, ومن خلال الهداية, تأتي بعض الاشارات العلمية, لتؤكد سبق القرآن الكريم لعصره ولكل عصر، واستحالة أن يكون من تأليف بشر، ثم تتحدث هذه الاشارات العلمية القرآنية, عن عظمة آلاء الخالق جل وعلا, واستحالة أن يكون معه مثيل أو نظير أو شريك.

ومع الأسف فقد ساد بين السابقين, أن القرآن معجز في فصاحته فقط, فتحول الاهتمام إلى ناحية اللغة والبيان الأدبي فقط, وتحول القرآن إلى نصّ أدبى عند البعض, بينما لم يحظ الاعجاز التشريعي في القرآن بأي اهتمام, بل على العكس, نظروا إليه من خلال ما صنعوه من أحاديث واجتهادات شخصية، وحاولوا التوفيق بينه وبين تلك الأحاديث, لصالح أحاديثهم ورؤاهم، وعالجوا التناقض بين القرآن الكريم وتلك الرؤى البشرية, التي اكتسبت صفة شرع الله, بتجاهل آيات القرآن أو القول بإلغاء أحكامها، أو بتأويل المعنى القرآني وتحريفه, ولولا أن القرآن الكريم محفوظ بقدرته جل وعلا, لتم الغاء معظم آياته - ليس بالمعنى فقط ولكن باللفظ والنصّ أيضاً - ولأنه محفوظ من لدن الله تعالى, فقد ظلت نصوصه حجة على كل ما فعلوه بالقرآن, مما يسمى بالتفسير والتأويل والحديث والسنة والنسخ وغيرها من الأباطيل.

القرآن الكريم لا تنتهي إعجازاته, وفي عصرنا يكتشف العالم جوانب كثيرة من اعجازه العلمي، وفي العصور القادمة سيكتشف العالم المزيد والمزيد, حيث سيظل القرآن الكريم معجزا لكل عصر إلى قيام الساعة, واليوم يهلل المسلمون عندما تتوافق حقيقة علمية مكتشفة حديثا مع القرآن الكريم, والغريب أنهم لا يسألون أنفسهم السؤال المؤلم: إذا كانت هذه الإشارات العلمية موجودة في القرآن الكريم, منذ خمسة عشر قرنا, فلماذا غفل عنها علماء وأئمة السلف (سنة وشيعة وصوفية) ؟ لماذا ظلت مجهولة في القرآن الكريم, الذي اعتادوا قراءته وحفظه في الصدور ؟

الإجابة لأنهم انشغلوا عن القرآن الكريم, بكل ما يخالف القرآن الكريم من النسخ الأعوج, والحديث الملفق, والسنة المزعومة, مرورا بالتأويل الأخرق, والفقه الهابط, إلى خرافات التفسير, وأساطير أسباب النزول؛ انشغلوا بما ابتدعوه لأنهم اختلفوا فيه, فازدادوا انشغالا عن القرآن الكريم, ولا يزالون في اختلافاتهم الهائلة في توافه الأمور.

 

مرة أخری:

سبق وتحدثنا عن الإعجاز القرآني، وقلنا أن القرآن الكريم أساسا كتاب هداية، ومعنی قوله تعالی: ما فرطنا في الكتاب من شيء. أي ما فرطنا من شيء في مجال الهداية.

فالقرآن الكريم وضح كل ملامح الشرك ورد عليها، ووضح نفسيات المنافقين والمعاندين والمشركين ووضح كيفية التعامل معها، ووضح نفسيات المؤمنين الصادقين وأثنی عليها ..الخ.

والقرآن الكريم تبيان لكل شيء في مجاله، أي في مجال الهداية. فهو تبيان لما يحتاج إلی تبيان، فكل شيء يحتاج إلی بيان جاء في القرآن بيانه وتبيانه، وما ليس محتاج إلی بيان، فلا داعي لتبيانه في كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير، وهذا هو منهج القرآن الحكيم في البيان، وهذا وجه من أوجه الإعجاز القرآني.

القرآن الكريم ليس كتابا في الطب أو الفيزيا أو الرياضيات أو غيرها، هو كتاب هداية لا غير، وقد وردت بعض الإشارات العلمية من باب الإعجاز، وحتی يعلم الناس أن هذا القرآن لا يمكن أن يكون من تأليف بشر.

وبالنسبة لتراثنا العلمي والقانوني والتاريخي، فقد حرص الكثير من علماء العلوم الطبيعية إلی نسبة مكتشفاتهم إلی خاتم النبيين كي لا يتهمهم أحد بالسحر، وهي تهمة عقوبتها الإعدام.

أما الفقهاء والمحدثون فقد حرصوا علی نسبة آراءهم ومكتباتهم ومؤلفاتهم إلی خاتم النبيين، ليحصنوها من النقد والتمحيص، وليضمنوا إنتشارها.

وأولا وأخيرا: القرآن الكريم كتاب هداية لا غير، وخاتم النبيين مبلغ لهذا الكتاب لا غير، ومن يحب هذا النبي الكريم فعليه أن يبرئه من كل الأكاذيب المنسوبة إليه

اجمالي القراءات 6083