الحرية للبهائيين
كلنا بهائيون

عبدالوهاب سنان النواري في الإثنين ١٥ - أغسطس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

المقدمة:

1- الأمن القومي اليمني يعتقل 60 شابا (ذكور وإناث وأطفال بين 10 إلى 15 سنة نصفهم بهائيين) دون مراعاة حرمة النساء والأطفال . سيق الشباب والأطفال إلى سجن الأمن القومي كما لو أنهم عصابة خطيرة القي القبض عليها متلبسة بجريمة إرهابية تهدد أمن الدولة. قبل اقتحام الأمن القومي لمؤسسة (يمن جود) بصنعاء صباح الأربعاء الماضي - العاشر من أغسطس - واعتقال كل الشباب والبنات والأطفال والمدربين الذين كانوا فيها - ومعظمهم جاءوا من مختلف محافظات الجمهورية، كان الشباب  يختتمون أعمال البرنامج الثقافي للملتقى الشبابي الذي تنظمه مؤسسة نداء للتعايش منذ تسعة أيام في جو يغمره الحب والإخلاص لليمن، برنامج مفعم بالحماس والعزم والإيثار لخدمه السلام والتعايش والبناء وإعادة الألفة بين أبناء الوطن .. لم تكن فعليات الملتقى خلال التسعة أيام الفائتة سياسية أو دينية او تحريضية ضد أي طرف سياسي او ترويجية لخدمة جماعة معينة؛ إنما كانت ثقافية أخلاقية نقية من أي شائبة تتعارض والمصلحة العامة لليمن؛ غايتها ترسيخ قيم المواطنة الصالحة القائمة على روح العمل الطوعي وتعزيز وحدة المشاعر الإنسانية بين كل الناس واستجلاء الجواهر الإبداعية الكامنة في وجدان الشباب لخدمة المجتمع. كان الشباب يناقشون مبادراتهم الطوعية في قاعة يمن جود للتنمية بأمان وانسجام حتى هجم عليهم ملثمون مسلحون يرتدون بدلات عسكرية غير موحدة كما لو أنهم اقتحموا وكرا صعبا لعصابة إرهابية خطيرة كانت تخطط لانقلاب عسكري.

2- كلنا بهائيون حتی يعترف بهم، وترفع مظلوميتهم، ويحصلوا علی حقوقهم.

 

أولا:

إذا أرت أن ينتشر الفكر، فما عليك إلا أن تضطهده. هذه هي خلاصة التجربة الإنسانية في تعاملها مع أي فكر جديد.

لسنا نكيل أو نصرف التهم لهذا الطرف أو ذاك من باب المماحكة السياسية، ولكننا نكتب من باب استشعار مسؤوليتنا الدينية والفكرية والإنسانية، لذا نوضح النقاط التالية:

1- نحن ومن منطلق مبادئ مسيرتنا القرآنية المقدسة، نؤكد علی حرية الفكر والمعتقد، طقوس وشعائر ودعوة وتبشير ورده.

2- نعلن تضامننا الكامل مع إخواننا البهائيين، ووقوفنا بكل ما أوتينا من قوة إلی جانبهم، وإلی جانب كل أقلية فكرية سلمية مضطهده، ليس في اليمن وحسب، بل وفي أي مكان في العالم.

3- نواسي إخواننا البهائيون ونشد علی أياديهم، ونأمل أن لا يحسبوا ما يحدث شرا لهم، بل هو خير لهم، ولا أظنهم يجهلون هذا.

4- نرجو ممن ذاق مر وويلات الإضطهاد والظلم، أن لا يفرغ أحقاده ويشفي غليله من شرذمة مسالمة لم ترتكب في حقه أي إساءة، وأن يعفوا ويصفح عن ظالمه إذا ما أصبح في مرحلة التمكين، فإن أبا إلا أن ينتقم فمن الظالم الحقيقي يا لئيم.

5- نرجو أن تبق هذه الطائفة نظيفة نقية، بعيدة عن التبعية السياسية، والإدارة المخابراتية.

6- نرجو من الظالم المستبد أن ينظر إلينا بعين حقده وبغية، وأن يعجل اضطهادنا.

 

ثانيا:

باسل ومغوار أنت يا أبا جهل، كيف لا وأنت تقاتل رجالا بلا سلاح.

كانت هذه كلمات حمزة بن عبدالمطلب (عليه السلام) وهو يدافع عن قلة مؤمنة تعاني الإضطهاد والظلم.

يوما ما كنا مجاهدين في مسيرة كنا نحسبها قرآنية (أنصار الله) ، وكنا نحسب قائدها (أبا جبريل) يسير في درب حمزة.

يوما ما انطلق المجاهدون في مسيرة كبيرة مطالبة بحل جهاز الأمن القومي باعتباره أداة قمع وإضطهاد مرتبطة ارتباطا مباشرا بأمريكا وإسرائيل، وحدثت مجزرة مروعة، أطلق عليها الإعلام (مجزرة الأمن القومي) .

وفي 21/ سبتمبر، ثارت الجماهير أو انقلبت، سمها ما شأت، وكنا نأمل أن يتم حل جهاز القمع القومي، ولكن خابت الآمال كالعادة.

اليوم وبعد الاتفاق بين فصيلي أحداث 21/ سبتمبر، تحل علينا البركات، وتتنزل الرحمات، اليوم يقبع إخواننا البهائيون في غياهب سجون جهاز الأمن القومي.

باسل ومغوار أنت يا أبا جبريل (عبدالملك الحوثي) ، كيف لا وأنت تعتقل رجالا ونساء بلا سلاح.

 

ثالثا:

حملتنا التي نشنها ضد أعداء الله، وأعداء الإنسانية، وأعداء الإسلام، تحت شعار (كلنا بهائيون) هي حملة للدفاع عن الإسلام السمح الحنيف، قبل أن تكون للدفاع عن إخواننا في الإنسانية والوطن، وأعزاءنا البهائيون.

فإلقاء القبض عن أقلية مسالمة خيرة لا ذنب لها إلا أنها أقلية مختلفة تعيش وسط أكثرية متوحشة جاهلة بدينها، لهو أكبر ظلم للإسلام، لأنه يتم باسم الإسلام.

ودين الإسلام الذي ندافع عنه، هو ديننا القرآني، هو ديننا الإسلامي الذي يمثله القرآن لا غير، هو الإسلام القرآني العظيم الذي لا يعترف بالروايات الشيطانية المسماة زورا وبهتانا (سنة النبي) والتي تأمر باستباحة دم وعرض ومال المخالف.

إنه ذلك الإسلام القرآني العظيم الذي قال لخاتم النبيين في سورة هود: ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين (118) .

كيف سولت لكم أنفسكم أن تفتروا علی خاتم النبيين كل تلك الروايات الحقيرة، وهو الذي قال له رب العزة في سورة يونس: ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتی يكونوا مؤمنين (99) .

نبيا ونبي الإنسانية هو ذلك الذي بلغنا عن ربه جل وعلا، ذلك العتاب الرهيب المتكرر لشخصه الكريم في مئات الآيات الكريمة، وفي ذلك يقول سبحانه: وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعكم علی الهدی فلا تكونن من الجاهلين (الأنعام 35) .

نبيا هو الرحمة المهداه، هو صاحب القلب الرحيم، الذي جعله رب العزة لينا برحمته جل وعلا، هو الذي قال له رب العزة: ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل (الأنعام 107) .

وكل من يخالف هذه التوجيهات، ويجعل من نفسه فارسا للمعبد، وكاهنا للدين، يقيم محاكم تفتيش فيستجوب هذا، ويسجن ذاك، ويقتل أولئك، فقد رفع نفسه فوق مستوی خاتم النبيين، بل ويؤله نفسه، ويجعل منها شريكا لله جل وعلا.

ربنا هو الرحمن الرحيم، والإختلاف سنة من سننه الإلهية، وهي إختبار لنا، ودعوة لنتسابق في الخيرات، وفي ذلك يقول سبحانه: ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات (البقرة 148) .

ويقول الحق تبارك وتعالی في هذا المعنی أيضا: لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلی الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون (المائدة 48) .

والآيات أكثر من أن تستقص في هذا الصدد، كلها آيات تدعو إلی الحب والإحسان والتعايش وقبول الآخر، بل وتدعو إلی الغفران والصبر والإعراض والصفح عن الخصوم.

كلها آيات تؤكد علی حرية العقيدة والفكر، الهدی والضلال، وأن الإنسان حر فيما يختار، وأن الحساب والمسائلة في هذا الجانب ليست إلا لرب العالمين، في ذلك اليوم الذي اسماه يوم الدين.

وكنا في غنى عن كل هذا العناء والتعب لو أنهم تدبروا آيات القرآن وعملوا بها، ولكنهم للأسف جعلوا القرآن أغنية كئيبة، وسمفونية حزينة، وأسطوانة مشروخة، يسمعونها لجني الحسنات وجوائز المسابقات.

الإسلام بريء مما يفعله من يحسبون أنفسهم مسلمون، الإسلام يتألم لآلام البهائيين، ويحزن لحزنهم، الإسلام خزين علی حاله، وعلی حال كل مظلوم علی وجه الأرض.

 

أخيراً:

نكتب هذا الدفع في عجالة، وبعد انقطاع طويل عن الكتابة، نظرا لما نمر به من ظروف الحرب الصعبة، ونرجو من الحق تبارك وتعالی أن يكون مع البهائيين، وأن يرحمهم، ويعينهم، ويفك أسرهم، إنه علی كل شيء قدير.

اجمالي القراءات 7746