الشك

شادي طلعت في الجمعة ٠٨ - يوليو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

الشك عند المرأة طبيعة، تدل على نشاط الحب ويقظته، إنه لدى المرأة حالة، حقاً تعطي نتائج خاطئة نادراً ما تصدق، إلا أنه في النهاية يكون حالة تعني الحياة لحب المرأة، وحتى وإن صدق حدسها، فهو لا يعني تعكير صفو ماء الحب، بل قد يُزيدُ الشك الحب في قلبها، بينما إن سقط الرجل في بحر الحب، فهو غريق لا يملك طوق النجاة، وكلما حاول الخروج فستلاطمه الأمواج لتأتي به يميناً ويسار، وترفعه في أوقات وتنزله في أخرى، فلا هو قادر على تغيير قلبه وما هوى، ولا هو قادر على نسيان حبه، فيضعف أمام إمرأة خلقت لتكون قوتها في ضعفها، وإن ضعف الرجل فإنه يتنازل عن أشياء كثيرة، فيكون عفواً عن أخطاء محبوبته مهما تعاظمت، وينسى قامتهُ أمامها، ويقبل منها ما لا يمكن أن يقبله من غيرها، لكن بحر الغرام الذي يسقط فيه عميق، فيه نشوى الفرح، وفيه أمواج متلاطمة، بيد أن الرجل لا يرى للبحر سيئآت، فنشواه حتى وإن قلت أو ندرت، تطمس أي مساوئ، فلا يبحث عن طوق للنجاة، إلا أن ذلك لا يعني أنه سيظل غريقاً، فهناك عامل خارجي إن أتى خرج الرجل من بحر غرامه خروجاً لا إرادياً، إنه "الشك" فهو الأمر الوحيد الذي يأتي ليغيير من حاله.
 
إن الرجل إن أحب أو عشق إمرأة، فإنه لا يرى أمامه سواها، فصوتها يكون لحناً، ولمستها دواء للجروح، ونظرتها جنة، بينما إن كره نفس المرأة فإنها تتحول إلى النقيض، لتصبح كالشيطانة في نظره بكل ما تحتويه الكلمة، حيث أن المشاعر كالماء تتحرك دائماً، قابلة للسكون وللحركة وللتبخر أو التجمد، والتبخر لا يعني الفناء، لأنها تعود إلى حالتها السائلة، لتتحرك مرة أخرى، حتى وإن تبدل الحب إلى الكره.
 
عندما يغار الرجل تتبدل مشاعره، فبعد أن كان مخلصاً لحبه، يفرغ قلبهُ الحب لتحل نار الغيرة  القاتلة محله، لقد راعت القوانين السماوية والإنسية مشاعر الرجل إذا ما قتل زوجته أثناء أو بعد الخيانة، إدراكاً لحالة ووضع الرجل بعد إكتشاف الخيانة، لكن بعيداً عن تلك القوانين فإن الشك إذا ما دب في قلب الرجل تجاه من هواها، فذاك إذن للمشاعر بأن تبدأ في حركة التغيير اللا إرادي، فالأجواء تصبح عاصفة، وجميع الفصول تروح وتأتي، وكل النتائج تكون متوقعة، فالمشاعر كما ذكرنا كالماء، والشك حتى وإن كان نقطة في بحر ذاك الماء، إلا أنه قادر على تعكير صفاءها.
 
قد لا تدرك المرأة ما يؤدي إليه الشك تجاهها، أو أنها تدرك وتلقي به في قلب الرجل عن عمد، لتعرف قيمتها أو قدرها عنده، لكنها لا تعلم أنها تزرع النبتة المسمومة، أو أنها بدأت بدق أول مسمار لنعش حبها، ليكون في خبر كان، ورد فعل الرجل تجاه الشك، يختلف من إنسان إلى آخر، فمن الرجال من يتخذ قرار بالإصرار على النجاة من بحر غرامه، ويظل يصارع الأمواج إلى أن ينجو، ومن الرجال من يتبدل الحب في قلبه ليصبح كرهاً، لكن في كل الأحوال تتغير المشاعر، ولا تبقى على حالها.
 
لا تدرك النساء أن الشك أمر جلل، ولن يدركن ذلك، فلكل جنس عقل يدرك الأمر بشكل مختلف، لكن إذا ما بدأ الشك عند الرجل، حينها تتعكر مياه مشاعره، حتى وإن ظلت على حالها في السكون، وتكون أمواج الحب المتلاطمة أقل ضراوة مما كانت عليه، لو تعكر الماء الصافي فهيهات أن يعود حالته الأولى.
 
وعلى الله قصد السبيل
 
شادي طلعت
اجمالي القراءات 8828