ومن نعمره ننكسه فى الخلق

د. عبد الرزاق علي في السبت ١٨ - يونيو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

 

ومن نعمره ننكسه فى الخلق.

 ا.د عبدالرزاق منصور على

 

من أعجب المفارقات في حياة الإنسان أن الصغير يتمنى أن يترعرع ويكبُر بسرعة ,  والكبيرَ يتمنى أن يرجع به قطارُ الزمن حتى يعود صغيراً , و على كلّ الأحوال فالإنسان في رحلته العُمرية يمر بثلاثة أطوار جمعها الله تعالى في قوله :{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ } الروم :54

 وتستمر رحلة الحياة بالإنسان : سرورٌ وحزن , وفرح وترح , وسقم وعافية , وأمل ويأس , وصفاء وكدر...ويمضي فيها , وتنقضي أيامُهُ ولياليه فلا يعلم ما ينطوى عليه المستقبل, وما يدري ما تخبئ له الأقدار

يمتطي الأيام , وتسير به السنون , وهو يُعالج الحياة وتعالجه تضربه تاره ويتمكن منها تارة اخرى, يمخر لُجج بحارها , ويغوص في مستنقعها , تطربه بلابلُها وعنادلُها حيناً , وتُشجيه حمائمُها أحياناً أخرى , ويمر الشبابُ خُلسةً , ويتمطّى الهرمُ بجبروته فوق سنيِّ العُمْر , فيصحو المرء من سُبات دهره...  وإذ به قد وصل إلى مرحلة تسمى أرذلَ العمر , فيتذكر قوله تعالى :

((وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا)) . الحج : 5

 ولا يمكننا تجاهل  فِكْرَه هذه الآيةُ :

وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ يس الايه  (68)}

تؤكد هذه الايه على ان من طال عمره زادت قوى الهدم فى جسده على قوى البناء, وبدا الضمور يظهر على اعضاء واجهزة هذا الجسد حتى يعمه كله فينقلب راسا على عقب ليعود الى سيرته الاولى حينما كان طفلا رضيعا.وقد صور  الشاعر لبيد نفسه حينما تجاوز السبعين من عمره فقال

كانى وقد جاورت سبعين حجة                            خلعت بها عنى عذار لجامى          

على الراحتين.مرة وعلى العصا                            انوء ثلاثا بعدهن قيامى                  

رمتنى بنات الدهر من حيث لاارى                          فكيف بمن يرمى وليس برامى         

تعريف الشيخوخه: لقد توافقت تقريرات معظم دول العالم المتقدمة على اعتبارالعمر الزمني من 65 سنه فصاعدا هو تعريف الشخص المسن "أو كبار السن".  ولكن العديد من المفاهيم الغربيه، لم تتكيف جيدا مع الوضع في أفريقيا ولكنها وافقت معيار الأمم المتحدة الذى يؤكد على 60+ سنه للإشارة إلى عدد السكان الأكبر سنا

وعلى الصعيد العالمي فالسكان يشيخون بسرعة. فبين عامي 2015 و 2050، ستزدوج نسبة سكان العالم "الأكثر من 60 عاما "، من 12٪ إلى 22٪.

اعتباريا الصحة العقلية والعاطفية هي من الأهمية بمكان وخاصة  في سن الشيخوخة تزداد خطورتها اكثر من أي وقت آخر من العمر.

الاضطرابات العصبية والنفسية بين كبار السن تمثل 6.6٪ من العجز الكلي (سنوات العمر) لهذه الفئة العمرية. حوالي 15٪ من البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 60 وأكثر يعاني من اضطراب عقلي.

فكبار السن لديهم معدلات أعلى من الأمراض المزمنة والإعاقات الجسدية والأمراض العقلية وغيرها. الاحتياجات الصحية والمشاكل المتعلقة بالصحة من كبار السن لا يمكن أن ينظر إليه بمعزل عن هذا. وسلسلة واسعة من المحددات مثل الاهتمامات الاجتماعية (أي الأبناء يخرجون من منزل والديهم بحثا عن العمل، مما يجعلهم معزولين دون أي دعم عاطفى ومادي)؛ سوء المعاملة تجاه المسنين؛ قلة المعرفة والوعي حول عوامل الخطر. الاحتياجات الغذائية, المخاوف النفسية والعاطفية (بمعنى العزلة، والإجهاد العقلي، والصعوبة في الحفاظ على  العمل)؛ القيود المالية (أي تخفيض واضح في الدخل عند التقاعد، لدرجة أنها قد تتداخل مع الاحتياجات  الاساسيه فى الحياة مثل المأكل والملبس والمأوى)؛

نظام الرعاية الصحية متدنى  فمعظم البلدان تفتقر إلى نظام التأمين الصحي الفعال لكبار السن إلى جانب صعوبة الوصول وأوجه القصور في نظام الرعاية الصحية الحكومية.

ما يسمى بتدهورات الشيخوخة الرئيسية التي تظهر في كبار السن. وتشمل الجمود لصعوبة الحركه وعدم الاستقرار، وسلس البول وضعف الفكر / الذاكرة تماما مثل الطفل الرضيع.

ضعف البصر وفقدان السمع هي المشاكل المزمنة شيوعا بين كبار السن. مشاكل في السمع يمكن أن يؤدي إلى العزلة الاجتماعية والاكتئاب، والاعتماد على الغير باعتباره لم يعد قادرا على التحدث مع أشخاص آخرين، يصبح الحصول على المعلومات عبر الهاتف، أو الدخول في معاملات بسيطة من الصعوبه بمكان، مثل التحدث مع شخص في أحد البنوك أو متجر. مشاكل الرؤية تؤدي إلى السقوط من التعثر على الأجسام غير المرئية،( اى عدم التواصل كالطفل )

ومع تغير الجسم، وأشياء أخرى يحدث ما يلي:

- تباطؤ وقت رد الفعل، وهو أمر مهم خصوصا عند الحكم على ما إذا كان الشخص يمكن أن يقود سيارته بأمان او انه بكامل السيطره على عجلة القياده.

- رقة الجلد، والتي يمكن أن تؤدي إلى الجروح التي تلتئم ببطء شديد يزيد فى الاطفال والمسنين.

- ضعف الجهاز المناعي، والتي يمكن أن تجعل من مكافحة امراض الفيروسات والبكتيريا صعوبة بالغه وهذا الضعف فى الجهاز المناعى للمسنين يوازى الضعف الناجم عن بدائية تكوين الجهاز المناعى مرورا  بمراحل تطوره كما فى الاطفال.

- نقص حاسة الذوق أو الشم، وخاصة للمدخنين، والتي يمكن أن تؤدي إلى ضعف الشهية والجفاف.

عوامل الخطر لمشاكل الصحة العقلية بين كبار السن

-العوامل الاجتماعية والنفسية والبيولوجية المتعددة التى تحدد مستوى الصحة النفسية للشخص في أي لحظة من الزمن. فضلا عن ضغوطات الحياة والتى تعتبر صيغه مشتركة بين جميع الناس، ويفقد العديد من كبار السن قدرتهم على العيش بصورة مستقلة بسبب محدودية الحركة، والألم المزمن،

 -هشاشة العظام فى الكبار يوازيها لين العظام عند الاطفال.

-المشاكل النفسية أو الجسدية تتطلب شكلا من أشكال الرعاية الطويلة الأجل. وبالإضافة إلى ذلك، هم أكثر احتمالا للتعرض لأحداث مثل انخفاض في الوضع الاجتماعي والاقتصادي مع التقاعد، أو عجز كبار السن. كل هذه العوامل يمكن أن يؤدي إلى العزلة وفقدان الاستقلال والوحدة والضيق النفسي لدى كبار السن.

الصحة النفسية لها تأثير على الصحة البدنية والعكس بالعكس. على سبيل المثال، كبار السن يعانون من ظروف صحية جسدية مثل أمراض القلب لديهم معدلات أعلى من الاكتئاب وكبار السن الذين يعانون من أمراض القلب يمكن أن يؤثرالاكتئاب والخوف سلبا على المرض البدني.

هذا وقد لوحظ التشابه الشديد بين الاطفال وكبار السن فى نوعية الاصابه بالامراض البكتيريه فعلى سبيل المثال وجد ان بكتيريا "إي كولاي" والمُكَوّرات الرئويّة (ستريبتوكوكوس نيومونيا) والبكتربا  اللاهوائيه من اكثر البكتيريا شيوعا فى الاطفال وكبار السن.

بكتيريا "إي كولاي" هى من انواع البكتيريا عصوية الشكل "سالبة الجرام"، وبعض  سلالات هذه البكتيريا - O157:H7&O157:H7 التي تعيش بشكل طبيعي في امعاء الانسان والحيوان قد تسبب ضررا شديدا على جسم الإنسان وخطورة هذه السلالات البكتيرية تكمن في كونها تفرز سموماً داخل الأمعاء، تؤدي إلى إسهال دموي وفشل كلوي واضطرابات عصبية، ومن ثم وفاة المريض، ومن المؤسف أن هذه البكتيريا لا تتجاوب بشكل جيد مع المضادات الحيوية ما يجعل أمر القضاء عليها ومعالجة المريض المصاب بها أكثر صعوبة.

وتعتبر بكتيريا الرئة من أبرز أسباب الوفيات عند الأطفال وكبار السن في الشرق الأوسط  المُكَوّرات الرئويّة» » او“Streptococcus pneumonia”

كبار السن والاطفال هم اكثر المراحل العمريه عرضة لإساءة المعاملة - بما في ذلك الاساءه الجسديه والجنسيه والنفسيه والعاطفيه والماليه والاعتداء المادي والهجر والإهمال؛ والانتقاص من الكرامة والاحترام. التقاريرالحالية تشير إلى أن 1 من كل 10 من كبار السن يتعرضون لسوء معاملة المسنين. إساءة معاملة كبار السن يمكن أن يؤدي ليس فقط إلى إصابات جسدية، ولكن أيضا إلى خطورة الآثار النفسية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق طويل الأمد. وماينطبق على كبار السن فى سوء المعامله ينطبق ايضا على الاطفال.

وهناك الكثير من المسنين يتعايشون ويتأقلمون  مع واحد على الأقل من الحالات المزمنه التالية، وكثير منهم يتعاملون اويستضيفون اثنين أو أكثر منهم:

- أمراض القلب (ارتفاع ضغط الدم وأمراض الأوعية الدموية، وفشل القلب الاحتقاني، وارتفاع ضغط الدم ومرض الشريان التاجي)

-الخرف ومرض الزهايمر، هذيان، والاكتئاب و مرض الشلل الرعاش

- -سلس البول اوالأمعاء، هشاشة العظام، ومرض السكري. السقوط المتكرر، الذي يمكن أن يؤدى إلى كسور مشاكل في التنفس

- مشاكل العين (إعتام عدسة العين، والمياه الزرقاء وضمورالشبكيه)

– السرطان وفقدان الوزن.

فى النهايه اقول لك عزيزى القارئ عندما تقرا هذه الايه الكريمه ضع امامك صوره لاحد نجمات وجميلات السينما وهى فى عز شبابها وحيويتها ثم ضع صورة نفس النجمه السينيمائيه 

بعد ان طعنت فى السن وذبلت حينئذ تدبر الايه الكريمه.

اجمالي القراءات 10025