.
عودة الى مقالات من كتابنا (القرآن بين المعقول واللامعقول ) - طوفان نوح والنياندرتال - ج 10

نبيل هلال في الخميس ٢١ - أبريل - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

   ويستبعد البعضُ عالميةَ طوفان نوح , وحجتهم في ذلك أن الله أرسل نوحا(ص) إلى قومه خاصة ,لكن ما من دليل على ذلك , فالآية الكريمة تقول: (وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً [1])نوح26.  

لكننا نرى أن المراد من الطوفان أيضا- إلى جانب إبادة قوم نوح المعاندين- هو التخلص ممن بقي من فصيل "النياندرتال"[2], وهم "البشر" من الجنس السابق لجنس "الإنسان" الذي نحن عليه الآن , فنحن- بني الإنسان- ننحدر من آدم بعد تعديله بالنفخة الإلهية – والبشر (النياندرتال) كانوا أسبق في الخلق (زمنيا) من آدم ونسله من بني الإنسان ,والقرآن يذكر ذلك بجلاء , اسمع :  {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً}الإنسان1.ومن عجائب القرآن الكريم أنه يميز بين معنى لفظي (البشر) و(الإنسان), فيذكر (الإنسان) في مواضع التكريم والإشادة , ويذكر غير ذلك للفظ (البشر).

وكان "النياندرتال"(البشرُ) معاصرين لنسل آدم المعدَّل جينيا بالنفخة , وهذه المعاصَرة دامت بحسب رأي علماء الإنسان آمادا طويلة , دام خلالها صراع  مرير على مصادر الصيد والطعام انتهت لصالح "الإنسان" الأكثر ذكاء, وباد معظم "البشر" "النياندرتال".

وجاء في العهد القديم شيء عن ذلك نورده هنا برواية ليمان :" فقال الله لنوح :نهاية كل بشر قد أتت أمامي ,لأن الأرض امتلأت ظلما منهم , فها أنا مهلكهم مع الأرض , اصنع لنفسك خشبا من جفر , فها أنا آت بطوفان الماء على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء ,كل ما في الأرض يموت , ولكن أقيم عهدي معك فتدخل الفلك أنت وبنوك وامرأتك ونساء بنيك معك , ومن كل حي من كل ذي جسد اثنين من كل تدخل إلى الفلك لاستبقائها معك , ففعل نوح حسب كل ما أمره به الله , هكذا فعل. "التكوين: 22-13 :6.

ولما خلت الأرض من الكثير من سكانها بفعل الطوفان وإبادة فصيل "البشر" (جنس النياندرتال) ,  لعل الله تعالى شاء رحمة منه "بالإنسان" , أن يمد في أعمار الناس فتبلغ آمادا تفوق (أو تماثل) ما كان قبل ذلك , وهذا ما أفهمه من الآية الكريمة وهي تتحدث عن قوم عاد :{أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}الأعراف69 , ولا أذهب إلى ما ذهب إليه الذاهبون من أن المقصود بالزيادة في الخلق هي ضخامة الأجسام  فقط , فزعموا أن الطويل فيهم كان طوله مئة ذراع وقصيرهم ستين ذراعا , وهذه بلا شك أحجام غير معقولة وإن كان هناك من يزعم اكتشاف هياكل عظمية لجثامين طول الواحد منها يبلغ نحو سبعة أمتار. ونحن لا نرى الآن أحدا من نسل عاد- أصحاب البسطة في الخلق- لأنهم بادوا تماما كما أخبرنا الله بذلك  ...اسمع:{وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ{6} سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ{7} فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ{8}.نعم ليس لهم من باقية , والوصف القرآني لجثامين صرعى قوم عاد بأنهم (كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ)تساير معنى زيادة أطوالهم . من كتابنا (القرآن بين المعقول واللامعقول) - نبيل هلال هلال



[1]
- وجاء في معنى الآية في التفسير الميسر :" وقال نوح -عليه السلام- بعد يأسه : ربِّ لا تترك من الكافرين بك أحدًا حيًّا على الأرض يدور ويتحرك.

[2]- "النياندرتال" هم الفصيل دون- الإنساني السابق على النوع الإنساني , وهو حسب التعبير القرآني المسموْن ب(البشر), ويرى العلماء أنه قد باد السواد الأعظم من هذا الفصيل منذ نحو 35 ألف سنة ,الأمر الذي يجب النظر إليه بتحفظ

اجمالي القراءات 12098