رسالة 2 إلي الحبيب

شريف هادي في الأربعاء ٢٨ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

أخي الحبيب ومعلمي الكبير وأستاذي الجليل الشيخ الدكتور أحمد منصور
قرأت رسالتك الثامنة فشكرتك ، والحقيقة أن جميع كلمات الشكر في قواميس اللغات تقف عاجزة عن وصف المعنى الدقيق للشكر ، ولكن نحمد الله أن ماحدث بيننا حيث إشرأبت براعم بذرة العداء من ثنايا تربة إبداع الكلام لسويعات قليلة حتى يصدق فينا قوله تعالى" اذ كنتم اعداء فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها كذلك يبين الله لكم اياته لعلكم تهتدون" فصار لزاما علينا في علاقتنا معا أن نلتزم بأوامر ثلاثة أمرنا بها رب العالمين في قوله تعالى" واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم" فإلتزامنا بالاعتصام يولد المحبة وإلتزامنا بعدم الفرقة يولد الألفة والسكينة وإلتزامنا بذكر النعمة يولد النصر والزيادة ،فالحمد لله نحمده حمد الشاكرين أن جعل لكلانا المنحة في المحنة.
أخي أحمد ، ما كتبته في رسالتك الثامنة يؤكد على حقيقة واحدة وهي أنكم تستحقون الريادة والصدارة ، فأنتم وبحق مدرسة كاملة لها الاتباع والمريدين يتبعونكم ليست تبعية تقديس فهو لرب العالمين وحده ولكنها تبعية إجلال وأعتراف بحق المعلم ومريدين بإرادة ولكنها ليست إرادة شرك ولكنها إرادة طلب علم ، أودع الله بعض أسرارة كمائن عقلكم الزاخر فلم تبخلوا به على من طلبه ، وقد بذرتم على موقعكم بذور الحب فطرحت ثمار المودة فهنئت بها وهنئوا ، فحق فيك وفيهم قوله تعالى "ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين".
أقول أخي الحبيب أن إستحقاقكم للصدارة والريادة لرجاحة عقلكم ورزانة تفكيركم ، فلما كتبت مقالتي الصادمة أنفعلتم وبحق ، فالكل يعلم أنكم محاربون مرصودون من أعداء الحق ،ثم تتابع الأخطاء من عنوان مقالة يفتقر لقواعد الذوق فضلا عن إفتقاره لقواعد البلاغة ، ثم مشاركات الأخوة والمداخلات التي يستشف منها وللوهلة الأولى تنصيب المخطأ فارسا وإتخاذه بطلا ، إنتهاءاً بمقالتي الصادمة ، وذلك كله في تتابع سريع يورث الشك في التدبير والاتفاق ‘ فجائت رسالتكم السابعة تبيانا لتفكير عميق ، وغضب مستحق شديد ولكن دون السقوط في مستنفع الإغلاق الذي سقطت أنا فيه بمقالتي الصادمة التي أحاول نسيان حروفها قبل كلماتها مستغفرا رب العالمين على مجرد التفكير فيها فضلا عن كتابتها ونشرها ، أقول إنكم رغم شعوركم بالإهانة الذي صرحتم به وإحساسكم بالصدمة إلا أنكم لم تنزلقوا للرخيص من القول فحق فيكم قوله تعالى" والذين هم عن اللغو معرضون".
فكانت رسالتي الأولى لكم لوضع الأمور في نصيابها وشرح ما لم يتصل بعلمكم وأتخذت في شرحي طريق الصدق والذي هو كالخط المستقيم أقصر الطرق بين نقطتين فخرجت الكلمات من قلبي المكلوم لتصل مباشرة لقلبكم المضيء بنور حب كتاب الله وخدمته ورغم أنني لم أصرح بالسبب الرئيسي في حالة الإغلاق التي أصابتني إلا أنكم قدرتموها وتصورتوها فرق قلبكم وشعرتم بتسرعكم –المبرر قطعا- فجائت كلمات رسالتكم الثامنة أفضل من كل كلمات الرثاء التي لم أسمعها في غربتي عندما وصلني الخبر المشئوم الذي يخص ست الحبايب التي كنا نحتفل بعيدها منذ أيام قلائل والذي تسبب فيه أحد جنود هامان بالقبض على ممرضتها فتركت وحيدة بلا رعاية تحتاجها فخرجت روحها تشكو لبارئيها جريمة قتلها وظلت جثتها أيام بلا ستر شاهد على الغدر ، حتى تركت الفتاة المسكينة فأكتشفت الجريمة وقاموا بدفنها دون عقاب قاتلها الحقيقي والمشتكى لرب العالمين عند الملتقى ، وصلني الخبر المشئوم فوقع على كالسهم المسموم ، أرتعدت فرائضي وشل تفكيري ، فأستحضر عقلي قاموس البذيء من القول ، وتأكد من حجم ما أصابي بلدي من داء فظننت أن العلاج في مر الدواء ، فرحت أتجرع الكلمات المسمومة وأسقيها ، فكنت كالطبيب الذي أعطى السم للمريض فقتله وكان يظن أنه يطيب ، وليعلم الجميع أن حبي لأمي الكبيرة نابع من حبي لأمي الصغيرة ،فلولا أنها أرضعتنيه ما كنت أدعيه ولا أبتغيه ، فكيف يكون نصيبها القتل؟ لعن الله الظلم والهطل ، فلما كتبت رسالتي الأولى لم أكتب عن هذه الفاجعة رغم كل الكلمات الرادعه حتى لايظن أحد طلبي الشفقة وابتغائي الرحمة ،فأنا لست ممن يفعلون ذلك فيبقى وجه الله والكل هالك ، ورغم ذلك رأيت في ثنايا كلامكم عظيم تقديركم وتفهمكم لأسباب إتخاذي تلك المسالك ،فأستقر قلبي وخرجت عن صمتي ، ثم رجعتم عن غضبكم روجعي عن إغلاقي فأستحق في وفيكم قوله تعالى" والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون".
أدعوا الله أن يجعلني وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأن يفتح قلبي وقلبك ولا يقفله وأعاهدك على التعلم والفائده والصدق في النصيحه والنصر في النازلة والمنازلة وعند الله الملتقى والعاقبة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوك / شريف هادي

اجمالي القراءات 13617