تقييمي لزيارة سلمان لمصر

سامح عسكر في الجمعة ٠٨ - أبريل - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

في هذه الأثناء يزور الملك سلمان السعودي مصر لمدة خمسة أيام في زيارة هي الأكبر لمسئول خليجي ، وفي اليوم الثاني للزيارة وبعد الاطلاع على مئات المواقع والصفحات المصرية والسعودية والأجنبية الأخرى لاحظت ما يلي:

أولا: الزيارة لها اهتمام سياسي وشعبي وإعلامي سعودي، بينما الاهتمام في مصر اقتصر على السياسي والإعلامي، أما الشعبي فغالبيته كما توقعت..إما معارض أو غير مهتم..

كذلك فالاهتمام السعودي أكثره من جانب مذهبي يدعو لبناء تحالف سني ضد الشيعة، وقومي تحالف عربي ضد الفرس، بينما في مصر أكثره للاستقادة المالية والحديث عن المذاهب والقوميات محدود..

ثانيا: المصريون المؤيدون للزيارة أكثرهم من وجهة نظر اقتصادية، ويأملون أن تصبح الأمور أفضل، والأقلية تؤيد من وجهة نظر مذهبية وقومية...وأكثرية هذه الفئة من العوام او من يسمون اصطلاحا في مصر.."بحزب الكنبة"..وهي فئة سهل التأثير عليها بالإعلام..

ثالثا: لا يوجد اهتمام للزيارة لدى الشعوب الأخرى خارج مصر والسعودية، خصوصا المواقع الأوربية والروسية والإيرانية إلا بعض الصفحات الروسية والإيرانية ذكرت الزيارة كخبر في معرض النشرة.

رابعا: يوجد رأي عام (شعبي) في السعودية يخاف من دعم السيسي بالمال في عز أزمتهم الاقتصادية وتسريح العمال وارتفاع الأسعار، رغم أن هذا الرأي العام في نفس الوقت مؤيد للزيارة ومتحمس لها من جانب استغلال مصر دولة وشعب في دعم السعودية وتحالفاتها العسكرية المرتقبة..

خامسا: الملك سلمان استمعت لأكثر من فيديو له وهو رجل ثقيل اللسان وقليل العقل بشكل كبير، ولا يتصرف بسلوك ولا بحديث إلا بتوجيه من الطاقم المرافق له والذي يبدو أن به بعض الأطباء، لكن لديه ابتسامة عريضة تخفي كل ذلك..والمصريون بالعموم لا يتعاطفون مع مثل هذه القيادات المريضة، لذلك توقعي أن كثير من الجهات المصرية التي التقت سلمان ستغير رأيها في النظام السعودي بعد انتهاء الزيارة ولو بالتدريج.

سادسا: السعودية وعدت بأشياء كثيرة فوق طاقتها الآن كدولة مثل بناء جسر ودعم مشتقات نفطية وبناء مشروعات علمية كجامعة الملك سلمان في سيناء ، والتي يبدو أنها ستكون مخصصة لنشر الثقافة السعودية بين المصريين، وهذه الوعود في تقديري كاذبة شكلا وموضوعا..وهي كمشروع العاصمة الإدارية التي وعدت به الإمارات منذ عامين ولم يُبنى فيه طوبة واحدة إلى الآن، لذلك فالزيارة والوعود إجمالا استهلاكية وتوطئة لأهداف أخرى غير معلنة.

سابعا: اتفقوا على ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، في حين لم يُعلن ما تم ترسيمه للعلن، وبالأمس أشاع الإخوان أن السيسي وسلمان سيرسمون الحدود بتخلي مصر عن بعض الجزر في البحر الأحمر، ولو كانت هذه إشاعة فما الحقيقة ؟

ثامنا: الزيارة كان معد لها منذ زمن طويل..وفي تقديري كان لإعلان تحالفات عسكرية أخرى بين مصر والسعودية والتدخل في مناطق أخرى غير اليمن، لكن فشل عاصفة الحزم وانهيار حلم دخول صنعاء دفع السعوديون لتأجيل الزيارة، لأن زيارة سلمان لمصر وهو منتصر كان سيكون لها طعم آخر..ولعل الهدنة والمفاوضات مع الحوثيين الآن بالتزامن مع الزيارة تؤكد هذه الرؤية، فهم يريدون تصدير انطباع عن المعركة بالنجاح في مصر ولو بطريق السلام.

تاسعا: الإعلام المصري يساري في معظمه ، وهو منقسم ما بين الانصياع للسعودية وعدم الانفتاح على خصومها، وما بين مطالب بعلاقات متوازنة مصرية مع الجميع..والزيارة للأسف أعطت زخم للفريق الأول المطالب بالانصياع التام للسعودية، ومعظمهم من المرتزقة وبائعي الوهم ورجال المخابرات من كتاب ومثقفين وإعلاميين، أما الفريق الآخر فهو ينتظر نهاية الزيارة وتقييم نتائجها على مصر خصوصا مردودها الاقتصادي.

عاشرا: الزيارة بها تضحيم غير عادي كما قلت من الجانب السعودي بالذات، فالإعلام هناك مهتم وكأن سلمان يفتح مصر أو في زيارة تاريخية لأمريكا..والسبب في تقديري هو رغبة سعودية لاستثمار موقع مصر المتميز وثروتها البشرية الهائلة وإعلامها الواسع وحضارتها المؤثرة في دعم سياسات آل سعود..

خصوصا بعد قرب إعلان نهاية الأزمة السورية بانتصار بشار الأسد الذي أول ما سيفكر هو في الانتقام من السعودية التي دعمت الإرهابيين ضده، وبالتالي يبحث سلمان عن مساند له ضد سوريا، وسيعمل السعوديون وأجهزتهم الإعلامية والدينية منذ الآن على فك الارتباط بين مصر وسوريا وإخراج مصر من حالة الحياد إلى تبني وجهة النظر السعودية التي ترى سوريا ذراع إيران والشيعة في المنطقة، وهي رؤية ستنتقل لمصر آجلا أو عاجلا..
 

اجمالي القراءات 6751