حوار بين الأزهر وداعش (5)

سامح عسكر في الأحد ٢٧ - مارس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

سؤال داعش التي وجهته للشيخ عبدالعال سلاح ذو حدين، إما أن يقر بتدخل الدولة لو أخل القانون بالشريعة الإسلامية كما يفهمها الأزهر، وقتها سيفلت من مقصلة داعش، لكن وقتها لن يفلت من مقصلة النظام الحداثي الذي يحكم الدولة المصرية ويمنع التمييز بين شهادة المسلم والمسيحي في القضاء ، أو يعطي حق المسئولية لدين ومذهب دون آخر، وإما أن يقر بعدم تدخل الدولة وقتها تبطل حجته بصحة فتوى الأزهر القاضية بكفر الديمقراطية لكن جوازها من حيث لا تتعارض مع الشريعة.

جال بخاطر الشيخ عبدالعال تجارب عديدة في المناظرات ورأى أن أسلم خيار للرد على السؤال المحرج هو أن يفصل بين الدولة ككيان ثابت ومقدس وإسلامي..وبين طبيعة السلطة والنظام العالمي..وبناءً عليه قال:

"الدولة لو تدخلت أو لم تتدخل هذا خيار السلطة وقد تكون ظالمة، أي لا ندعمها في الأزهر، لكن حتى الآن لم يصدر من الرئيس السيسي أي قرار يخالف الشريعة الإسلامية، ولو صدر سواء منه أو من البرلمان سنتصدى لهم بكل قوة"..

الشيخ أبو علي الشامي: ماذا في أيديكم من قوة كي تواجهون بها الرئيس وتتحدوا بها البرلمان؟

الشيخ عبدالعال: قوة الدين والحق الإلهي والشعب المسلم الذي لن يرضى أن تنتهك شريعته على أرضه..

الشيخ أبو علي الشامي: وماذا لو خذلكم هذا الشعب أو لم يؤيدكم الله بنصره..هل سنقول أن مصر ضاعت في براثن الإلحاد والكفر؟

الشيخ عبدالعال: لن يخذلنا الشعب ولن يخذلنا الله لأننا على الحق

الشيخ أبو علي الشامي: بل خذلكم الله لأنكم لستم صادقين، هؤلاء الزنادقة المرتدين كإسلام بحيري وعبده ماهر وميزو وابراهيم عيسى وغيرهم..بكام حلقة تلفزيونية أجبروكم على مراجعة بعض مناهج التعليم، واضطررتم لموقف الدفاع بدلا من الهجوم، وشاع تيار في مصر على الأزهر حتى وصل بعض الأحيان لأن يكون رأي عام..هل تظننا أننا نجهل مصر ولا ما يدور فيها؟..كلا..بل نعلم أيضا كم راتبك وكم المكافأة التي تنتظرك في حال نجاحك معنا..

الشيخ عبدالعال: هذه إهانة لا أقبلها..أنا هنا في بيتكم بدلا من إكرامنا أهنتمونا..لسنا من يباعوا ويشتروا بالمال..وأقسم أنني هنا دون أي مقابل...

الشيخ أبو علي الشامي: ليس موضوعنا رغم أن ما بأيدينا صورة التكليف من المشيخة لكم.. وبها وعد بالمقابل

الشيخ عبدالعال تصبب عرقا وشعر بضعف موقفه معنويا، فقد علم صحة ادعاء الشامي، وأنه بالفعل على وعد بمكافأة كبيرة هو وسائر الوفد الأزهري في حال نجاحه، والمكافأة ليست فقط تخص الأوقاف..بل مؤسسة الرئاسة على علم بالمهمة ولديها حافز مادي قوي لأعضاء الوفد..لكن هذا لم ينل من عزيمة الشيخ وصمم على إكمال المهمة وبسرعة بديهة قال:

"حتى لو كلامك صحيح هذا أمر يخصني..فلعن الله للراشي والمرتشي والرائش لن يضرك ، بل سيضرك إن خرجنا هنا من غير اتفاق وتسببت بإزهاق الأرواح من جنودك"

الشيخ أبو علي الشامي: هذا تهديد غير مقبول..نعلم جيدا ما نقوم به والثمن الذي سندفعه..وعلى استعداد بتقديم أرواحنا ثمنا لمرضاة الله..ولن نتنازل عن شبر واحد من الدولة الإسلامية التي بنيت بالتضحيات ودماء الشهداء.

الشيخ عبدالعال: وصلنا لنقطة اللاعودة..وءأسف على عدم إكمالي الحوار، وسنتشاور داخل الوفد لترشيح عضو آخر لمحاورتكم

اجتماع دائري لأعضاء الوفد الأزهري وشبه إجماع على ترشيح الشيخ د عطية، وهو مساعد وزير الأوقاف على درجة دكتوراه في الشريعة، ولديه مؤلفات عديدة في العقائد والتاريخ والاستشراق، ومن تخصصه يظهر أن لديه ميول انفتاحية وقدرة أكبر على الحوار وربما المناورة لو لزم الأمر..

د عطية: الأخوة الكرام..بفضل الله تشرفنا باختيار الأزهر لنا لمحاورتكم..نأمل من الله أن يتم نعمته علينا ولو كره الكافرون..

الشيخ أبو علي الشامي: جميل أن تبدأ حديثك بهذا الدعاء الجميل والمفضل لدي..وأرى أن ثمة اتفاق بيننا يقضي على ما جناه سلفكم ، فقد كنا نود أن يكون الشيخ عبدالعال أكثر أفقا ودراية بالعلم الشرعي بل وبتاريخ الأزهر لكن يبدو أن اختياره لم يكن صائبا من جانبكم 

د عطية: الشيخ عبدالعال رجل فاضل وعلّامة كبير لكنه فضل الانسحاب كي لا نخسر أخوتنا في الدولة الإسلامية ونصبح أعداء حقيقيين، ونحن جميعا نود أن ينتهي هذا الحوار باتفاق ولو على مجموعة مبادئ عامة وورقة مشتركة تمكننا من حقن الدماء، فكلها دماء عزيزة غالية نراها أثمن شئ في الوجود..

الشيخ أبو علي الشامي: ثمة فارق كبير بيننا وبينكم عرضته لسلفك عبدالعال، ولا يكفي أن يكون مذهبنا واحد ومرجعيتنا واحدة أن نُكمِل، فحتى لو اتفقنا في أمور السياسة ماذا ستفعل في العقائد؟..أنتم جهمية معطلة في الأزهر ..وجبرية تؤمنون بالكسب

د عطية: أمور العقائد يُحسن أن تكون موضوع ثانوي..فما يهمنا المصالح الآن، وبالنسبة للعقيدة فالحوار والمناظرات هي الحل ولسنا مستعدين لهذه المناقشات الآن، ما يهمنا أن نحقن الدماء وقد تلقينا وعدا من حكومتي العراق وسوريا بقبول مبدأ العفو عنكم مقابل تسليم الرقة دون حرب..وهذا الدافع بالنسبة لنا غير مهم ، فلسنا سياسيين بل جئنا هنا لاختيار مرجعية عظمى نحتكم إليها دون خلاف، وفي نظري أن هذه المرجعية موجودة ويمكنها العمل والبناء شريطة أن نخلص ضمائرنا وديننا لله.

الشيخ أبو علي الشامي: كلامك حلو لا مقارنة بينه وبين سلفك، وأحب أن أبدأ حديثي معك بقوله تعالى.. "يا أيها الذين آمنوا استجيبوا الله وللرسول إذا دعاكم لما يحيكم. واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه، وأنه إليه تحشرون. واتقوا فتنة لا تصيبنّ الذي ظلموا منكم خاصة، واعلموا أن الله شديد العقاب. واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض، تخافون أن يتخطفكم الناس. فآواكم وأيدكم بنصره، ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون"...(الأنفال: 24-26)
فنحن أخوة الدولة الإسلامية استجبنا لله وللرسول لما يحيينا، وأن فتنة الكفر التي ملأت الأرض حتى ضاع الإيمان بسببها لا علاج لها سوى تقوى الله والجهاد في سبيله والعمل بالتنزيل الحكيم، فنحن نريد أمة نابضة حية تحقق العدل والرخاء لجميع الشعوب، وأن تكون العزة لله وللإسلام والمسلمين

د عطية: نواياكم صافية وجهادكم صادق لا أقلل منه البتة، ولكن لي سؤالين: ماذا لو واجهتكم مشاكل اقتصادية هل ستأخذوا القرض من الكفار؟..والسؤال الثاني: تقولون أن الشريعة يلزمها العدل بالضرورة، فهل يوجد من طبق ذلك الآن ونجح أن يكون عادلا؟

ومع إجابة الشيخ أبو علي الشامي في الجزء السادس

اجمالي القراءات 6436