الشفاعة هي من صلاة الملائكة على المؤمنين
الشفاعة هي من صلاة الملائكة على المؤمنين

أسامة قفيشة في الإثنين ٢٩ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

الشفاعة هي من صلاة الملائكة على المؤمنين

ان الشفاعة لله سبحانه وحده (قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) 44 الزمر .

و هو سبحانه وحده الولي و الشفيع ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ) 4 السجدة .

و يبين لنا سبحانه و تعالى ان البشر لا يملكون ان يتشفعوا لاحد عند الله و ينذرنا من الاعتقاد و الركون الى ذلك , و قد امر سبحانه و تعالى عالم الغيب محمدا عليه السلام ان ينذرنا من الاعتقاد الخاطئ بشفاعته فقال ( وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) 51 الانعام , و قال ( وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ) 18 غافر .

زين الشيطان لأوليائه ذلك الامر و اتبعوه و آمنوا به , فقال سبحانه و تعالى عنهم ( أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ ) 43 الزمر , فالايمان بوجود شفيع بشري و اشراكه مع الله في موضوع الشفاعة هو شرك فقال جل و علا ( وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) 18 يونس .

هؤلاء لا شفاعة لهم عند الله فقال سبحانه ( وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ ) 13 الروم , و قال عن الذين كفروا ( فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ) 48 المدثر .

ان المشركين و الكافرين قد خسروا انفسهم بما ضلوا و بما زعموا فقال سبحانه (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) 53 الأعراف , و قال ( وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ) 94 الانعام .

و يدعو الله جل و علا المؤمنين بالانفاق مما رزقهم في الدنيا و ذلك كون هذا الانفاق يكفر الذنوب و المعاصي فقال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) 254 البقرة , و يوضح بان أي نفس بشرية يوم القيامة لا يقبل منها و لا ينفعها الشفاعة و لا العدول و الرجوع الى الدنيا من اجل التعديل فقال جل و علا ( وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ) 48 البقرة , و قال (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ) 123 البقرة .

اما بالنسبة للانبياء و الرسل الذين ظن الناس انهم شفعاء لهم من دون الله عز و جل فلا يملكون تلك الشفاعة و انما هم شهداء بالحق على الناس فقال سبحانه (وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) 86 الزخرف .

و تأتي الشفاعة في الدنيا بمعنى الشهاده فمن يشهد للحق يكون له نصيب و اجر على ذلك , اما من يشهد سوءا و اثما يضاعف له العقاب فقال سبحانه (مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا ) 85 النساء , كفل يعني ضعف بكسر الضاد .

علمنا سابقا ان صلاة الملائكة على المؤمنين هي الدعاء و طلب العفو لهم من الله الخالق الواحد الأحد (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) 43 الاحزاب , و يفعلون ذلك بأمر الله جل و علا .

و الملائكة ايضا يستغفرون لمن في الارض بلا استثناء طالبين المغفره و الرحمه لمن في الارض فقال سبحانه ( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) 5 الشورى .

كذلك الامر بالنسبة للشفاعة , فقد عهد الله و اختص و أذن لبعض ملائكته بالشفاعة لمن رضي لهم و قبلهم في شفاعته فقال جل و علا (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) 28 الانبياء , ( لَّا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَٰنِ عَهْدًا )87 مريم ,  و قال ( يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا ) 109 طه .

فالملائكة ليس لها من الامر شيء , بل تشفع للمؤمنين بامر و اذن من الله و من بعد اذنه فقال عز و جل ( اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) 255 البقرة , و قال ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ) 3 يونس .

ذلك الجمع الغفير الذي يؤمن بشفاعة بشر او رسول و ركن و اطمأن لذلك , سيصعق يوم القيامه حين يعلم علم اليقين بفساد ذاك الايمان , حين يقول جل و علا لهم و يخبرهم بان لا شفاعة لبشر او رسول و انما الامر كله للولي و الشفيع , حينها سوف يتسألون و يصعقون فسبحانه حيث قال ( وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) 23 سبأ .

نستنتج مما سبق ان الشفاعة هي التي يدخل بها المؤمنون الجنه , و من لا يشفع له الله جل و علا فلا يدخل الجنه , فالمؤمنون يشفع لهم الله سبحانه و تعالى فهو وليهم و شفيعهم .

و أما ما دون ذلك لمن أصر على الشرك و الايمان بغير ما انزل الله , فأولئك من قال عنهم الخبير عالم الغيب جل و علا ( وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَّا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ) 70 الانعام .

سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا

سبحانك اني كنت من الظالمين 

اجمالي القراءات 8726