القرآن الكريم ( عٍلم إلاهى ) مُتاح تدبره للعلماء المؤمنين

آحمد صبحي منصور في الخميس ١١ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

القرآن الكريم ( عٍلم إلاهى ) مُتاح تدبره للعلماء المؤمنين   

  أولا : القرآن الكريم علم الاهى :

1 ـ القرآن الكريم هو ( علم الاهى )، وبهذا جاء وصف القرآن بالعلم فى مواضع كثيرة ، يقول جل وعلا عن المعاندين من أهل الكتاب  ( وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (120) (  وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنْ الظَّالِمِينَ (145)   البقرة ) (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61 ) آل عمران  ) ( وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ (37) الرعد ).  العلم هو القرآن فى قوله جل وعلا فى الآيات السابقة : (  بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ /  مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ / بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ ) . و كان القرآن الكريم يتنزل مقروءا على لسان الرسول ، وقد نزل من قبل كتابا مطبوعا فى قلبه ، فكان عليه السلام حين تتنزل الآية على لسانه يتذكرها فى قلبه فيسبق بها اللسان ، فقال له ربه جل وعلا :( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (114) طه ). القرآن هو العلم المذكور فى : (  وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ) . هذه أمثلة لوصف القرآن الكريم بالعلم . ولأنه من لدن رب العزة العليم الحكيم فالقرآن الكريم (علم الاهى ) .

2 ـ هذا القرآن ( العلم الالهى ) يستلزم تدبره هداية علمية وهداية إيمانية

ثانيا :  الهداية الايمانية فى التدبر القرآنى :

1 ـ هى الايمان بالقرآن الكريم وحده حديثا .فمن يؤمن بحديث آخر ـ كالبخارى مثلا ــ لا يمكن أن يهتدى ولا يمكن أن يصلح للتدبر القرآنى ، بل يظل فى قلبه هوى ، ويستعمل ذكاءه ومهارته فى تحريف معانى القرآن الكريم لتوافق الحديث الضال الذى يؤمن به فى قلبه . وقد يتلاعب بالمتشابه والمحكم من الآيات . هذا ، بينما يؤمن الراسخون فى العلم القرآنى بالكتاب كله ويتتبعون التدبر القرآنى ، بتجميع كل الآيات الخاصة بالموضوع المراد بحثه وبحثها معا طلبا للمعرفة والهداية ، وفى هذا يقول جل وعلا يقارن بين الفريقين : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (7) آل عمران ).

2 ــ تفصيلات القرآن الكريم نزلت ( على علم ) وليست ثرثرة ، فالقرآن الكريم قول فصل وما هو بالهزل . وقد تحوى هذه التفصيلات المحكم والمتشابه ، والمؤمنون بالقرآن الكريم وحده هم وحدهم الذين يستطيعون تدبر هذه التفصيلات ، يقول جل وعلا : ( وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) الاعراف ).

3 ـ وقد يكون هناك مؤمن بالقرآن وحده ، لكن ليس مؤهلا للتدبر القرآنى ولا عيب فى هذا . هنا نتذكر أن الله جل وعلا جعل القرآن الكريم ميسّرا للذكر لمن يريد الهداية : ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (22) القمر ) ، وجعله أيضا مجالا للتعمق للمؤهل علميا للتدبر القرآنى . وهذا وجه من أوجه الاعجاز فى القرآن الكريم ، أن يجمع بين البساطة وبين العُمق . وإعجاز  التيسير فى القرآن يجعله مفهوما فى عصرنا كما كان مفهوما لدى العرب فى القرن السابع الميلادى ـ مع إختلاف الثقافة بيننا وبينهم .

ثالثا : الهداية العلمية فى التدبر القرآنى

 1 ـ  الهداية العلمية ليست علما لدنيا الاهيا للبشر ، لأن العلم اللدنى يأتى للأنبياء فقط ،  يقول جل وعلا عن خاتم المرسلين : ( وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (113) النساء ) وعن يوسف (  وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22) يوسف ) وعن لوط (وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74) الانبياء ) وعن داود وسليمان (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) الانبياء ) وعن موسى (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14) القصص ).

2 ـ بعد الأنبياء ، فالهداية العلمية مُتاحة لكل من أرد واستعد لها بالايمان بالقرآن الكريم وحده حديثا وبالتبحر العلمى فى القرآن الكريم نفسه. موضوعات القرآن الكريم متعددة؛ تاريخية وعلمية ووعظية ؛ من قصص للأولين والمعاصرين لنزول القرآن ، ومن آيات فيها إشارات علمية ، وخطاب لأهل الكتاب. من يتدبر القرآن الكريم عليه أن يتعرف على مقارنات الأديان. ولأن القرآن كتاب فى الهداية أساسا وهو مستمر الى قيام الساعة فلا بد من التبحر فى تراث المحمديين وغيرهم لفهم حديث القرآن عنهم ، خصوصا فى موضوعات  الايمان والكفر . وفى كل هذا لا بد من تبحر فى اللسان العربى وتطوره ومختلف مصطلحاته عبر القرون وإختلافه عن اللسان القرآنى العربى ،أى لا بد من فهم القرآن بالقرآن ، وليس بمصطلحات التراث أو بمعاجم ( اللغة العربية ) التى تتغير ، لأن كلا منها يرصد حركة وتطور ( اللغة العربية ) فى عصره ، ولم تكن هناك معاجم وقت نزول القرآن الكريم . أيضا من الجهل الشنيع إخضاع القرآن الكريم لقواعد ( اللغة العربية ) وما أسموه بالنحو ، لأن علم ( النحو ) نشأ فى العصر العباسى ، وأخذ هذا المصطلح ( النحو )، كان قاصرا عن فهم القرآن الكريم ، وهو لا يزال قاصرا حتى الآن ، ولنا كتاب قادم بعون الله جل وعلا فى هذا الموضوع .

رابعا : القرآن الكريم بين العلماء المؤمنين والمكذبين الجاهلين

1 ـ وهناك عشرات الآيات القرآنية التى تؤكد أن تدبر التفصيلات القرآنية هى مُتاحة للذين يعلمون ، يقول جل وعلا :( قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) الانعام)( كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)الاعراف ) (وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) التوبة )(يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) يونس ) وهم الذين يفقهون:( قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98)الانعام )، وأن بيانه مُتاح للقوم الذين يعلمون، يقول جل وعلا: (وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) الانعام ).  وجاء هذا باسلوب التأكيد الثقيل  (وَلِنُبَيِّنَهُ) ليرد جل وعلا مقدما على الكافرين بالقرآن الكريم والذين يتهمون بأنه يحتاج ال مفترياتهم المسماة بالسُّنّة كى تفسر وتبين القرآن . وتكرر التأكيد بوصف القرآن الكريم بأنه : ( بصائر ) يعرفه من له بصيرة عقلية ، يقول جل وعلا :( قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) الانعام )وعن كونه بصائر فقط للمؤمنين يقول جل وعلا : ( قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) الاعراف)( هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20)  الجاثية ). وبالتالى فإنه يستحيل على من يؤمن بأحاديث البخارى وغيره أن يتدبر القرآن الكريم لأنه لا يؤمن بالقرآن الكريم .

2 ـ بل إن رب العزة يجعل من إعجاز القرآن الكريم أن يعلمه علماء بنى اسرائيل : ( أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) الشعراء ) (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (109) الاسراء ) (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43) الرعد )

3 ــ ويجعل رب العزة العلماء المؤمنين فى مرتبة عليا ، يقول جل وعلا : (  يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) المجادلة )، ويقول جل وعلا أنهم يجمعون بين التقوى والعلم : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)  فاطر ).

4 ـ هذا فى الوقت الذى يصف رب العزة الكافرين بالقرآن المكذبين به بالجهل ، يقول عنهم جل وعلا : (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39) يونس )  وعن المجادلين فى رب العزة بجهلهم دون إيمان بالقرآن الكريم يقول جل وعلا :(وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) الحج ) (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8)الحج ) ، أى حيث يوجد (ناس ) فمن ( الناس ) من يجادل فى رب العزة بجهل .

5 ــ  وتأتى  صفة ( الجهل ) مرادفة للشرك والكفر فى خطاب الأنبياء لأقوامهم . نوح  قال لقومه :( وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (29) هود )،  وقالها (هود )لقومه عاد ( وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (23) الاحقاف ) ، وقالها لوط  ( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) النمل ) وقالها موسى لبنى اسرائيل : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) الاعراف )، وقالها جل وعلا عن قريش : ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) الانعام ). وقالها لهم خاتم المرسلين : ( قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) الزمر )، وأمره جل وعلا بالاعراض عن الجاهلين ( وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ (199) الاعراف )أى الاعراض عن  المشركين : (  وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ (106) الانعام )( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ (94)  الحجر). وهو نفس الأمر للمؤمنين بالاعراض عن الجاهلين : ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً (63) الفرقان ) ( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55) القصص ).

6 ــ ويعقد رب العزة مقارنة بين العلماء المؤمنين والساعين بجهلهم فى آيات الله معاجزين، يقول جل وعلا : ( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ (49) العنكبوت ) (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) سبأ ).

خامسا : العلماء المؤمنون وإكتشاف آيات القرآن الكريم وإعجازاته  

1 ـ والعلماء المؤمنون هم الذين يتوصلون الى الإعجاز القرآنى بكل نواحيه ، وقد تأتى آيات فيه إشارات علمية مع الإشارة الى العلماء المؤمنين ، يقول جل وعلا (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ ) ، هنا إشارة علمية لأنواع الجبال وألوانها ، وهى :جبال رسوبية طبقية : (جدد بيض )، وجبال قاعدية متبلورة وهي   (وحمر مختلف ألوانها(وجبال بركانية نارية بازلتية قديمة  (غرابيب سود)، وبعدها يأتى ختم الآية بقوله جل وعلا : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) فاطر) .

2 ــ ومن ذلك قوله جل وعلا فى تشبيه من يقدس قبور الأولياء معتقدا فيهم النفع ببيت انثى العنكبوت التى تمهد الفراش للذكر ثم تفترسه بعد تلقيحه لها : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) العنكبوت ) ثم يقول جل وعلا بعدها : ( وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ (43) العنكبوت )، فلا يعقل ولا يتدبر هذا سوى العالمون ( جمع عالم ) .

3 ــ وإذا أردت أن تتعرف على ( الجاهليين ) فإقرأ ما يسمونه بالتفسير ، وكيف قالوا فى هذه الآيات العلمية القرآنية .

أخيرا

1 ــ لقد شهد تاريخ المسلمين بداية الحضارة ثم إزدهارها وتألقها ثم إنحدارها وإندثارها ، والقاسم المشترك فى كل تلك المراحل هو إتخاذ القرآن مهجورا . وفى عصرنا الراهن حين يتم إكتشاف حقيقة علمية ويوجد لها إشارة فى القرآن تجد أئمة المحمديين يهللون لذلك ، دون أن يسأل أحدهم نفسه : أين كان الأئمة المقدسون من تلك الآيات القرآنية ؟ ولماذا لم يكونوا البادئين بتدبر القرآن وإكتشاف أعجازاته العلمية ؟ ولو فعلوا لوفروا على البشرية قرونا من التخلف والجهل . فعل أئمة المحمديين العكس تماما : إتخذوا القرآن مهجورا ، وتعاملوا معه بالجحود والانكار ، يتلاعبون به بمزاعم النسخ وإخضاعه لأهوائهم ومفترياتهم فيما يعرف بالأحاديث النبوية والفقه وعلوم القرآن .

2 ـ وبأهل القرآن بدأت صحوة قرآنية ، وبدأت نصوص القرآن تنطق وتنجلى أنوارها ، بعد أن غطّتها وحجبتها أكاذيب ومفتريات أديان المحمديين . حدث هذا خلال ربع قرن تقريبا ، ونحن نجاهد ضد موج عات بأذرع عارية .. فماذا لو كانت لدينا واحد على مليون من إمكانات الوهابيين أعداء القرآن الكريم ؟  

اجمالي القراءات 8202