كتابي الجديد
كتابي الجديد

مهدي مالك في السبت ١٧ - أكتوبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 

            الامازيغية و الاسلام من اجل اسقاط ايديولوجية الظهير البربري  نهائيا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المهدي مالك

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس                                               

مقدمة                                                              

من هم الامازيغيين  و ما هو اصلهم؟                                  

دور الامازيغيين الكبير في ترسيخ الاسلام                    

بعض مظاهر الحياة الاجتماعية و الدينية لدى الامازيغيين

اسهامات بعض الفنون الامازيغية  في ترسيخ قيمنا الاسلامية  و فن الروايس نموذجا

التاويل الحقيقي لظهير 16 ماي 1930                           

شرعية العرف الامازيغي                                            الحركة الوطنية و مشروعها الايديولوجي لابادة الامازيغيين دينيا و ثقافيا  

نتائج ايديولوجية الظهير البربري على الوعي الوطني بعد الاستقلال.

نتائج ايديولوجية الظهير البربري على الوعي الديني بعد الاستقلال

أي دور للسلفية الدينية الرسمية في جعل الامازيغية تتناسب مع مصطلح الالحاد

الجذور الواقعية لتاسيس الحركة الثقافية الامازيغية سنة 1967

المنطلقات الفكرية و الايديولوجية للحركة الثقافية الامازيغية

الثقافة الامازيغية و الثقافة الاسلامية اية علاقة

مشروع تمزيغ الفكر الاسلامي و غاياته المثلى

تحليل تعامل نخبتنا الدينية مع الامازيغية كهوية و كقضية

الاسلام السياسي و القضية الامازيغية وفق وجهة نظري الايديولوجية

ايديولوجية الظهير البربري و العلمانية الاصيلة أي تحليل واقعي؟

هل يمكن اسلمة الامازيغية وفق المنهج السلفي ؟

 الامازيغية مشروع لتحديث الاسلام ببلادنا

من اجل تعاقد ايديولوجي بين الامازيغية و الاسلام بعد دستور 2011

ضرورة انشاء رؤية امازيغية اسلامية بغية اسقاط ايديولوجية الظهير البربري نهائيا

اعادة تاهيل حقلنا الديني اليوم اصبح ضرورة جوهرية بعد دستور 2011 على كل المستويات

الكلمة الختامية                                             

 

 

                                                                             

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة الكتاب                                            

بسم الله الرحمان الرحيم                                        

يشرفني ان ابدا كتابة كتابي هذا الامازيغية و الاسلام من اجل اسقاط ايديولوجية الظهير البربري نهائيا في أعظم الشهور عند الله تعالى الا و هو شهر رمضان المتميز بفضائله الروحية على الانسان المسلم الذي يترك طعامه و شرابه و شهوته الجنسية من طلوع الفجر الى اذان صلاة المغرب قصد الحصول على فضيلة التقوى و المغفرة من الذنوب .

انني استشعر اهمية هذا الكتاب كمشروع بدات التفكير فيه منذ سنة 2010 حيث كنت اعي تام الوعي انذاك ان الظهير البربري هو اولا قبل كل شيء ايديولوجية خطيرة ساهمت في خلق عداء مفتعل بين الامازيغية و الاسلام منذ سنة 1930 على مستوى السلطة و نخبتها الفاسية الى الان بشكل  متفاوت لكن على مستوى المجتمع لا يوجد أي عداء بين الامازيغية كثابت اصيل في شمال افريقيا منذ الازل و الاسلام كدين اغلبية الشعب المغربي منذ ما اسميه بالغزو الاموي للمغرب  و ليس فتحا اسلاميا ابدا لان بني امية دولة عرقية لا علاقة لها بمنهج الرسول الاكرم صلى الله عليه و سلم عندما اسس دولته الاسلامية على اسس التعدد بمفهومه  الواسع بينما ان الدولة الاموية اسست على تقديس الجنس العربي و تحقير الاجناس الاخرى   كالامازيغيين مثلا...

طبعا ان اغلبية امازيغي المغرب هم مسلمون لكن منذ الاستقلال وجدوا أنفسهم  في دولة لا تعترف اصلا بوجودهم و بوجود ثقافتهم الاصيلة التي ساهمت بشكل عظيم  في انتشار الاسلام في اكبر رقعة جغرافية حدودها وصلت الى تخوم فرنسا الحالية شمالا و الى الصحراء الافريقية الكبرى جنوبا..

  و في ترسيخ هذا الدين العالمي في القلوب قبل العقول من خلال بناء الحضارة الامازيغية الاسلامية المستقلة عن المشرق بشكل كبير مما جعل اجدادنا يجتهدون في امور كثيرة مثل العلمانية الاصيلة التي ساحاول شرحها في كتابي هذا بمعنى ان الامازيغيين لم  يؤمنوا قط بعقلية السلف الصالح نهائيا.

و امام هذه الحقائق التاريخية او جزء صغير للغاية منها قررت الحركة الوطنية دون أي اعتبار لهذه الحقائق نفي كل ما يتعلق بالبعد الامازيغي من خلال اختراعها لاكذوبة الظهير البربري تحضيرا لما بعد الاستقلال من تولي المناصب العليا في البلاد و نهب خيراتها الرمزية مثل الدين و الوطنية و خيراتها الاقتصادية الخ...  

لكن هل ما فعلته الحركة الوطنية يدخل في اطار الدفاع عن استمرارية الاسلام في المغرب بعد الاستقلال فعلا ام يدخل في اطار مشروعها الهادف الى تحويل المغرب من بلد امازيغي الانتماء و الهوية الى بلد عربي الانتماء و الهوية لكن بالقوانين التي تركها الاستعمار الفرنسي لتسيير الدولة الى اليوم بمعنى ان المغرب لم يطبق الشريعة الاسلامية إطلاقا منذ 1956 الى الان انما طبق قوانين وضعية فرنسية لان الحركة الوطنية  عندما خرجت للتظاهر في مدن الرباط سلا فاس ضد ظهير 16 ماي 1930 حيث كانت اسبابها المعلنة هي ان العرف الامازيغي يتعارض مع الاسلام بشكل كلي و بالتالي فانه قانون جاهلي ما انزل الله من سلطان.

 غير ان اسبابها الخفية تفيد ان الحركة الوطنية تخاف من بروز الامازيغيين كقوى سياسية و ايديولوجية تهدد مصالحها مع الاستعمار نفسه و مع السلطة بعد سنة 1956 لا اقل و لا اكثر..

ان ايديولوجية الظهير البربري  استطاعت ان تستمر الى حد هذه الساعة بفضل مجموعة من الاسباب  التي يجب عليها ان تموت الان بعد اصدار  العديد من الكتب مثل الظهير البريري اكبر اكذوبة سياسية في المغرب المعاصر للاستاذ محمد منيب سنة 2002 أي بعد خطاب اجدير التاريخي و تاسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية حيث صرح احد رجالات الحركة الوطنية لجريدة الاحداث المغربية سنة 2000 و هو المرحوم ابو بوبكر القادري ما يفيد ان الظهير البربري  مجرد خرافة لا اساس لها  من الصحة.

و توالت هذه الاصدارات لعل اخرها حسب علمي المتواضع هو كتاب الظهير البربري حقيقة ام خرافة للاستاذ محمد بودهان المدير الاسبق لجريدة تاويزا المناضلة حيث ارسل لي نسخة منه مشكورا مما يعني ان النخبة  الامازيغية تدرك خطورة بقاء هذه الاكذوبة الحقيرة تتداول في حقلنا الديني و في  مقرراتنا الدراسية الان بعد ترسيم الامازيغية في دستور 2011 ...

و لعل من اهم الاسباب التي دفعتني شخصيا الى كتابة هذا الكتاب هو هجوم السلفيين على الامازيغية و حركتها المدنية منذ يناير 2013  من خلال تحريم الاحتفال بالسنة الامازيغية من طرف الشيخ حسن الكتاني و تصريحات الاستاذ احمد الريسوني من قطر يتهم فيها الحركة الامازيغية بالعداء للاسلام ثم الضجة العظمى التي خلقها السلفيين تجاه تصريحات الاستاذ عصيد حول رسائل النبي الى ملوك عصره حيث ان السلفيين لهم عقدة مع زمانهم الآني و لهم حلم يستحيل تحقيقه الا و هو الرجوع الى ما يسمى بالخلافة الاسلامية  في عالمنا الاسلامي  بينما الامم المسيحية تقدمت تقدما كبيرا في مختلف ميادين الحياة مثل العلم و الديمقراطية و حقوق الانسان  الخ بينما نحن المسلمون نسعى الى المزيد من التخلف و التكفير من لا يؤمن بالمنهج السلفي ..

ثانيا انني اهدف من خلال هذا الكتاب الى الاظهار ان الامازيغية تتوفر على الشرعية الدينية بحكم ان اغلبية  امازيغي المغرب هم  مسلمون و الثقافة الامازيغية في مضامينها هي ثقافة اسلامية لكن في طابعها العلماني المغربي من طبيعة الحال غير ان منذ استقلال المغرب قامت السلطة بمحو اية علاقة بين الامازيغية و الاسلام بغية خدمة لايديولوجية الظهير البربري و خدمة لمشروع الحركة الوطنية القاضي بربطنا دينيا و ايديولوجيا الى الابد بالمشرق العربي و بالتالي تحويلنا اجبارا الى عرب باستغلال الدين الاسلامي الذي امن به الكثير من الشعوب العجمية مثلنا كالشعب التركي و الشعب الايراني الخ من هذه الشعوب المسلمة دون الحاجة الى التعريب او الى القراءة السلفية للاسلام...

في ختام هذه المقدمة المتواضعة  ارجوا من الله تعالى ان يساعدني على كتابة كتابي هذا على اكمل الوجه لان الله سيحاسبني في يوم القيامة على ذنوبي و مواقفي لانني مسلم معتز بامازيغيته التي لم تكن يوما ضد الرسالة المحمدية الخاتمة..

يوليوز 2014

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

     

 

 

 

 

 

 

من هم الامازيغيين و ما هو اصلهم؟                       

يشرفني ان أفتح هذا الكتاب بسؤال صغير لكنه عميق في حمولته الفكرية و الايديولوجية  منذ قرون طويلة عموما  و منذ حصول المغرب على استقلاله  خصوصا  حيث ان هذا السؤال يدخل في مجال الشرعية بما يحمله هذا المصطلح من معاني و دلالات متعددة دينية كانت ام سياسية ام اقتصادية.

ان عامة الشعب المغربي منذ الاستقلال لا يطرحون مثل هذه الاسئلة بحكم ان السلطة وقتها كانت تعمل وفق مخطط خبيث يرمي الى غسل عقل هذا الشعب و ضميره من أي انتماء الى هذه الارض كحضارة و كتاريخ و كاصالة  قصد تحويله الى شعب اخر يقدس المشرق العربي اكثر من وقت مضى و الى شعب تابع لهذا المشرق المبارك في كل تفاصيل هذا الإتباع الأعمى  .

ان هذا السؤال تم طرحه من طرف النخبة الامازيغية الثقافية في سياق غير سياقنا الحالي حيث طرح في زمان الاكاذيب الحقيرة و في زمان استغلال الدين الاسلامي من طرف السلطة من اجل نفي سؤال من هم الامازيغيين و ما هو اصلهم حيث كان المرحوم الحسن الثاني قد صرح للصحافة الفرنسية ابان انطلاق الربيع الامازيغي في الجزائر سنة 1980 بان ليس هناك اية حركة امازيغية في البلاد لان اصل الامازيغيين يرجع الى اليمن بكل بساطة بمعنى انهم عرب مثل المشرق العربي يوحدهم الدين الاسلامي و العروبة كانتماء عرقي صرف و كايديولوجية سياسية كانت في احلى ايامها انذاك حيث نجحت ان تتصالح مع اسرائل بعد زيارة الرئيس المصري الراحل انوار السادات اليها  قصد السلام بين العرب و الصهاينة  كما يقولون ...

ان سؤال من هم الامازيغيين و ما  هو اصلهم لقد رد عليه الاستاذ محمد شفيق الذي بدا نضاله الامازيغي قبل ظهور الحركة الثقافية الامازيغية سنة 1967 حيث كتب مقالات منذ سنة 1963 و كتب كتابه المشهور لمحة في 33 قرن من تاريخ الامازيغيين سنة 1988 حيث يقول فيه لقد كتب الكثير في هذا الباب و ملخص ما كتب ان المؤرخين العرب كانوا يجزمون في العصر الوسيط ان البربر او الامازيغيين هم من اصل يماني أي من العرب العاربة الذين لم يكن لهم قط عهد بالعجمة أي الاعاجم حسب فهمي المتواضع .

و هناك طرح اخر اورده محمد شفيق في كتابه يفيد ان اصلهم اوربي .

و يقول الاستاذ اخذت هذه المسالة العلمية تفرض على الباحثين كل تحفظ لازم و  لاسيما تجاه المصادر المكتوبة ما لم تدعمها معطيات اخرى اكثر ضمانا للموضوعية و قد عمل بجد من خلال 40 سنة الاخيرة على استغلال الامكانينات  الاركيولوجية و الانثروبولوجية و اللسنية في البحث عن اصل الامازيغيين و النتائج الاولى التي أفضت اليها هذه البحوث ان سكان افريقيا الشمالية الحاليين في جملتهم لهم صلة وثيقة بالانسان الذي استقر بهذه الديار منذ ما قبل التاريخ أي منذ ما قدر ب 9.000 سنة .

و هذا ما قاله الاستاذ محمد شفيق في كتابه القيم  حيث اضاف ان عدد لا باس به من اسماء الاماكن التي توجد في الطريق الواصلة بين المغرب الكبير و بين اليمن عبر القارة الافريقية لها صيغ امازيغية واضحة و لبعضها مدلولات في هذه اللغة و منها في صعيد مصر او بوادي مصر مثل ابنو و اسيوط و اخميم و توشكا الخ.

لكن لا يوجد في اليمن نفسها حسب ما هو مرسوم في الخرائط العادية اسماء اماكن من هذا القبيل الا اسم جزيرة انتوفاش و يرجع تسلسل الاسماء السالفة ذكرها الى عهد هجرة قديمة تركت اثارها في الاصقاع التي عبرتها ام يرجع الى قرابة بين اللغة الامازيغية و بين اللغة المصرية القديمة.

ان كل هذه الحقائق العلمية تتنافى مع طرح  قديم يتمثل  في  ان اصل الامازيغيين راجع الى اليمن حيث ان هذا الطرح الايديولوجي استعمل كثيرا  في عهد الراحل الحسن الثاني .

 اذن ان اصل الامازيغيين الحقيقي وفق الدراسات الحديثة هو منطقة شمال افريقيا منذ الازل بمعنى انهم السكان الاصليين لهذه الرقعة الجغرافية و اما بالنسبة لتسميتهم بالبربر فان هذا خطا عظيم وقع فيه المؤرخين العرب و الأوربيين بسبب احتقارهم للامازيغيين عبر مراحل حاسمة من تاريخهم الانساني مثل الغزو الاموي و الاحتلال الفرنسي و الاسباني للمغرب بعد توقيع المخزن العتيق على  عقد الحماية بتاريخ 30 مارس 1912 .

ان الامازيغيين هم شعب أسهم قبل الاسلام بقرون عديدة في تقدم الانسانية من خلال اختراع حروف تيفيناغ كاقدم كتابة في تاريخ الانسانية جمعاء حسب قول  اصحاب الاختصاص و اعتنقوا الديانات التوحيدية من قبيل اليهودية و المسيحية بمعنى انهم لم يقدسوا الاصنام الحجرية  قط كما هو الحال بالنسبة لجزيرة العرب و انما كانوا يقدسون الطبيعة و الارض بما تحمله هذه الاخيرة من رموز و دلالات .

ان الامم في ذلك الوقت تقاس بقوتها  السياسية و الاقتصادية و كذا العسكرية  خارج  الشرائع الإلهية او منظومة حقوق الانسان فان الامازيغيين عبر تاريخهم الطويل كانوا في موقع الدفاع عن شرعية الوجود بارض شمال افريقيا ضد أي تدخل اجنبي مهما كان نوعه او غايته المعلنة او الخفية من طبيعة الحال حيث يذكر التاريخ انتصار الامازيغيين العظيم على فراعنة مصر و بالتالي حكم هذا البلد الافريقي لاجيال متعددة و منذ ذلك الحين انطلق الامازيغيين في الاحتفال بايض يناير أي بداية السنة الامازيغية بمعنى ان الاحتفال بالسنة الامازيغية ليس له أية صلة بدين معين إطلاقا بل له صلة بتاريخ الامازيغيين القديم كحضارة قوية بملوكهم و شخصياتهم العظيمة في شتى المعارف و الصنائع ...

غير ان ايديولوجية الدولة  المغربية بعد الاستقلال قطعت اية  صلة بتاريخ المغرب القديم قبل الاسلام بينما أدمجت تاريخ الجزيرة العربية قبل الاسلام  في مقرراتنا الدراسية و في اعلامنا العمومي من خلال الخطاب السلفي الذي اعتمدت عليه السلطة لابادة الامازيغيين كبشر و كهوية اصيلة.......

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

دور الامازيغيين العظيم في ترسيخ الاسلام      

مدخل                                                       

كان من المفروض عندما استقل المغرب عن فرنسا ان يتجه النظام نحو الاعتراف بامازيغية المغرب لاسباب تتعلق بدور الامازيغيين العظيم في ترسيخ الدين الخاتم منذ 14 قرنا حيث كان من المفروض اذا سلمنا بصحة الظهير البربري ان يعتبر النظام ان اجدادنا الكرام لهم الفضل الكبير في انتشار الدين الاسلامي في اكبر وقعة من الارض و ان يعتبر هويتهم لا تتعارض مع الاسلام في كليته باعتبارها تتوفر على بعد ديني ضخم سواء في اللغة و الثقافة و الفنون و الاعراف القانونية الخ من هذه الخصوصيات الظاهرة للعيان..

اذا فرضنا ان الاستعمار الفرنسي قد اصدر الظهير البربري بالفعل لتنصير الامازيغيين و زرع التفرقة بين المغاربة فان من المفروض على دولة الاستقلال ان تعمل في اتجاه تكريم المقاومة الامازيغية الوطنية التي حاربت الاستعماران الفرنسي و الاسباني من خلال العديد من الاشياء كالاحتفال بمعركة انوال كعيد وطني على سبيل المثال او الاعتزاز بامجاد المقاومة الامازيغية في مقرراتنا الدراسية او في وسائل الاعلام الوطني و تخليد اسماء رجال و نساء هذه المقاومة الداخلة في اطار الدفاع عن بيضة الاسلام و عن حوزة الوطن .

و كان من المفروض على دولة الاستقلال ان تفرق بين ما يسمى بالظهير البربري ان كان موجود اصلا و الامازيغيين من خلال جعل لغتهم وسيلة لنشر الخطاب الديني عبر المسجد و التلفزيون المغربي قصد محاربة تنصير الامازيغيين كما يدعي اصحاب اللطيف .

غير ان هذا لم يحدث إطلاقا طيلة عقود من الزمان لان النظام اتجه نحو الانكار التام لوجود شعب اسمه الشعب الامازيغي و بعده الديني الضخم تحقيقا لسياسة العروبة و الاسلام ..

متى اسلم الامازيغيين؟                                 

ان السؤال المطروح الان بالنسبة لي هو متى اسلم الشعب الامازيغي بالضبط امام تعدد الروايات التاريخية حيث تقول احدى هذه الروايات ان وفد من قبيلة ركراكة او اركراكن سافر من المغرب الى المدينة المنورة قصد لقاء رسولنا الاكرم حيث أكد الاستاذ الحسين جهادي اباعمران صحة هذه الرواية باعتباره استاذ التاريخ و مترجم كتاب الله تعالى الى الامازيغية و صاحب كتاب رائع حول الدولة  البرغواطية.

 و هناك رواية اخرى وجدتها في كتاب مفاخر البربر لكاتب مجهول الاسم في العصر المريني حيث تقول هذه الرواية لما استعمل الخليفة عمر بن الخطاب عمرو بن عاص على مصر قدم عليه ستة نفر من المغرب مخلقي الرؤوس و اللحى حيث قال لهم عمرو بن عاص ما أقدمكم و قالوا قدمنا رغبة في الاسلام و حبا له فكتب عمرو بن عاص الى امير المؤمنين برغبتهم السفر اليه و فلما قدموا على عمر بن الخطاب قال لهم ما اسمكم الذين تعرفون به بين الامم و قالوا بني مازيغ و تقول هذه الرواية ان عمر بن الخطاب هو اول من سمى الامازيغيين بالبربر حيث قالت العرب ان البربر مصطلح يعني التوحش .

و قال عمر بن الخطاب للامازيغيين حسب هذه الرواية ما علامتكم التي تعرفون بها في بلادكم فقالوا نكرم الخيل و نصون النساء الخ ...  .

و في نفس الكتاب مفاخر البربر يعرض لمجموعة من الاحاديث المنسوبة الى الرسول الاكرم ص في فضل الامازيغيين حيث انني لست فقيها لكي اعرف ما فرق بين الحديث الصحيح و الحديث الضعيف الخ..

  و انما  مجرد باحث متواضع يبحث عن الحقيقة التاريخية بين هذه الروايات حيث قال الرسول الاكرم ان الله سيعز الاسلام بقوم ياتون من المغرب و اشار بيده الشريفة نحو المغرب الخ من هذه الاحاديث المنسوبة لنبي الرحمة ..

اذن اننا امام هذه الروايات التاريخية لا  نعرف مدى صحتها او زيفها لكن الثابت هو ان الامازيغيين امنوا  بالرسالة الاسلامية قولا و فعلا اكثر من ولاة بني امية الذين جاؤوا الى المغرب بهدف استغلال خيراتها و نهبها من خلال فرض الجزية على الامازيغيين المسلمين و سبي نساءهم و ارسالهن الى عاصمة الخلافة الاموية دمشق قصد بيعهن كجواري كنظام جاهلي بصريح العبارة  حيث استمر هذا النظام بعد الاسلام في المشرق او في الاندلس تحت الحكم الاموي..

و يقول الاستاذ محمد شفيق في كتابه لمحة عن 33 قرن من تاريخ الامازيغيين  حول هذه المسالة بعدما يكون المرء قد اطلع على ردود الفعل التي كانت تصدر قبل الاسلام عن الامازيغيين كلما تعرضوا لهجوم  في عقر دارهم يكون قد ادرك الاسباب التي من اجلها لم تفتح افريقية الشمالية كاملة للدين الاسلامي حيث من الطبيعي ان ينظر الامازيغيين الى الفاتحين كما سماهم الاستاذ شفيق في كتابه الصادر سنة 1988 بنظرة الضعيف امام الغازي .

و ثم قال ان العرب كانوا يطرقون الابواب حاملين معهم الاسلحة حسب ما فهمت من  كلام الاستاذ شفيق بمعنى انهم مستعدين للقتال و ليس لنشر الاسلام بشكل حضاري دون أي اعتداء فلا غرابة و الحال تلك ان ينهض الاهالي لرد ما يرونه هجوما استعماريا من النوع الذي كان لهم عهد سابق .

و استمر الوضع على هذا الحال قرنا كاملا أي من عهد الغزوات الاولى و من هذا المنظور ينبغي ان يفهم دور كسيلة في مقاومته لعقبة بن نافع و داهيا التي لقبها العرب بالكاهنة في تصديها لجيوش حسان بن النعمان  الخ  من القيادات الامازيغية التي لم تقاوم الاسلام  و انما قاومت  غزو بني امية .

الدول الامازيغية في العهد  الاسلامي                       

 

لقد فكر اجدادنا الامازيغيين تفكيرا عميقا في خيار الاستقلال السياسي و الايديولوجي عن المشرق بحكم بطش دولة بني امية  حيث ان هذا الاستقلال لن يتم الا عبر تاسيس دولهم الامازيغية حيث حسب الاستاذ شفيق فاول دولة او امارة اسسها الامازيغيين هي مملكة كسيلة في القيروان سنة 684 للميلاد مما يعني ان كسيلة كان مسلم و لم يكن غير ذلك  ..

 ثم دولة الخوارج المغاربة  حيث اسست سنة  741 للميلاد حيث لا اعرف الشيء الكثير عنها سوى ما ذكره الاستاذ شفيق في كتابه حيث ان الشيعة كانوا في المغرب من خلال مجموعة من المظاهر المذهبية و الذهنية قد يطول شرحها في هذا المقام غير ان الامازيغيين هم يعتبرون من السنة ظاهريا لكنهم في العمق يعتبرون من الشيعة ..

 ثم تاتي الدولة البرغواطية التي اسست سنة 745 حيث حدودها من بلاد تامسنا أي السهول  الاطلسية الممتدة من سلا الى اسفي حسب قول الاستاذ شفيق  لكن الاستاذ الحسين جهادي اباعمران يرى ان حدودها من سبتة  الى ايت باعمران و يرى ان هذه الدولة قامت بترجمة القران الكريم الى الامازيغية في القرن الثاني للهجرة بينما اتهمت من طرف المؤرخين العرب بالشرك و الالحاد الخ من هذه الخرافات لان الدولة البرغواطية استمرت على مدى اربعة قرون و كانت دولة امازيغية متطورة في ذلك الزمان حسب قول الاستاذ جهادي.

 ان الامازيغيين اسسوا دولا امازيغية عظيمة تنطلق من منطلق الاسلام كمرجعية اخلاقية فقط حيث ان الدولة المرابطية التي اسست سنة  1042 للميلاد على يد عبد الله بن ياسين حيث ان هذه الدولة قدمت خدمات عظيمة للاسلام في الاندلس لان هذه الارض وقتها كان يحكمها ملوك الطوائف من العرب و من الامازيغيين مثل بني زيري في غرناطة و بني الافطس في  طليطلة الخ.

ان امارة المعتمد من عباد في اشبيلية كانت غارقة في بحور الشهوات من الخمر و الجواري الى حد عظيم مما سمح للمسيحيين ان يشكلون تهديدا للاسلام في الاندلس فاستدعى المعتمد بن عباد  امير المسلمين يوسف تاشفين للعبور الى الاندلس قصد الجهاد حسب مقاييس ذلك العصر فانتصر المسلمين على المسيحيين في معركة زلاقة الشهيرة في تاريخ الاسلام   .

و  بعد هذا الانتصار عاد المرابطون الى بلادهم و عاد المعتمد بن عباد الى سابق عهده و بدا يعي ان  عبور المرابطين الى الاندلس مرة اخرى سيعني زوال ملكه و ملك ملوك الطوائف الى الابد فقام يتحالف مع المسيحيين ضد المرابطين و لما وصلت هذه الاخبار الى يوسف بن تاشفين قام باستفتاء علماء المشرق و المغرب في امر القضاء على ملوك الطوائف و حكم الاندلس و أجابوا بالقبول فعبر الى الاندلس  من اجل خلعهم جميعا فارسل المتعمد بن عباد الى منطقة اغمات قصد النفي كقاعدة من قواعد العرف الامازيغي المتعمد لدى الدولة المرابطية بمعنى لم يتعرض لحد القتل كما تنص عليه الشريعة الاسلامية تجاه من يخرج عن طاعة والي امر المسلمين .

و هكذا فان الدولة المرابطية الامازيغية قدمت خدمات جليلة لا تنسى للاسلام اكثر من الدولة الاموية و الدولة الادريسية التي تعتبر اول دولة اسلامية بالمغرب حسب راي المخزن العتيق.

ان الحديث عن الدولة الموحدية هو حديث صعب للغاية بحكم اختلاف المصادر التاريخية حول عدة قضايا اساسية لكن الثابت ان الدولة الموحدية التي اسست سنة 1147 للميلاد من طرف المهدي بن تومرت حيث هي دولة كبيرة من الناحية الجغرافية  حيث حكمت دول المغرب الكبير كله و الاندلس و اسست مدينة الرباط و قامت على تمزيغ الشان الديني حيث يشترط على ائمة المساجد في  مدينة فاس معرفة الامازيغية و العربية معا و فاس تعتبر اكبر المدن المغربية مما سيعني ان هذه السياسية عمت كل اقاليم الدولة الموحدية الشاسعة و كذا رفع الاذان بالامازيغية .

و بعد سقوطها في المغرب اسس بعض رجالها الدولة الحفصية في تونس الحالية سنة 1234 للميلاد ..

اما الدولة المرينية فاسست سنة 1269 حيث ان عاصمتها هي فاس و حكمت المغرب و الجزائر الحالية و جنوب الصحراء الافريقية و الاندلس لمدة .

و دون نسيان الدولة السعدية التي حاربت الغزو البرتغالي في معركة وادي المخازن .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بعض مظاهر الحياة الاجتماعية و الدينية لدى الامازيغيين

مدخل                                                        

ان الامازيغيين هم شعب متدين بالفطرة و بالعقلانية منعته طوال هذه القرون من الوقوع في فخ  التطرف بمعناه المعروف حاليا في عدة دول عالمنا الاسلامي غير ان الامازيغيين طيلة هذه العقود من الاستقلال فقدوا الكثير من خصوصياتهم الاجتماعية و الدينية طبعا في نطاق الدائرة الاسلامية الكبرى باجتهاداتها المذهبية و الفقهية بحكم ان الاسلام ليس ذو التفسير الوحيد كما يذهب اليه اصحاب الدعوة السلفية بل ان الاسلام منذ 14 قرنا ذو تفسيرات متعددة تراعي احوال الامم الاسلامية و اعرافها و تقاليدها التي لا تتعارض مع مقاصد الاسلام من طبيعة الحال..

يشرفني عظيم الشرف ان اسافر  معكم الى منطقة جزولة داخل سوس  عبر كتاب الواح جزولة و التشريع الاسلامي للمرحوم امحمد العثماني الذي يعتبر مرجعا مفيدا لاي باحث عن حقائق تاريخنا الاجتماعي حيث كتبه في اواسط السبعينات بمعنى انه سبق عصره بعقود كثيرة حيث يقول المرحوم نظرا لاهمية هذا الباب نقتصر فيه على ما يلقي الضوء على الحياة الاجتماعية هناك فمنطقة جزولة قد حافظت على المبادئ الاسلامية و تشبثت بها روحا الخ.

 فسوف نقتصر على بعض المسائل التي يمكن للانسان ان يدرك يقينا حيث قام برحلة الى هذه الاصقاع ليرى ما لا يصدقه خياله  فنحن نبتعد و نتحاشى قلب الحقائق  ..

تكوين الاسرة                                                  

ان الانسان الاول حسب راي المرحوم شعر بالحاجة الى الجنس الاخر و الى تكوين الاسرة بإلهام فطري حيث سارت الاغلبية الساحقة من المجتمعات الانسانية على النظام الابوي .

و يعرف المرحوم الاسرة بصفتها وحدة الحياة الاجتماعية و امة صغيرة هي اصل الفضائل و المناقب المحمودة في الفرد .

ان الاسس التي يعتمد عليها في تكوين الاسرة هي الخطبة و الالتزام بالحقوق حيث تقع الخطبة ببساطة نادرة و ذلك ان ولي الزوج يتلقي بولي البنت في أي مكان كالبيت او المسجد او السوق فيطلب منه كريمته لوليه حيث ان الاسرة لا ترغب ان يتزوج ابنها او بنتها الا بالانسان الذي يتميز بالاخلاق يقوم بواجباته الدينية الخ تطبيقا لحديث الرسول الاكرم  صلى الله عليه و سلم تنكح المراة لاربع و هي النسب و الجمال و المال و الدين فاظفر بذات الدين تربت يداك... الخ من هذه المبادئ الاسلامية التي تدعو الى مكارم الاخلاق  ..

   و من هذا المنطلق نفهم مدى حرص هذا المجتمع على اختيار الانسان الصالح لركوب سفينة الزواج و الابحار بها طول العمر بافراحها و احزانها لكن الزواج حسب اعتقادي المتواضع هو سترة بالنسبة للرجال و النساء على حد السواء من وقوع في مسائل خطيرة للغاية حيث ان الله يغفر لمن يشاء و بيده العفو من هذه الذنوب  حيث ان الانسان ليس معصوما من الخطأ.

ان الزواج هو مؤسسة مقدسة بالنسبة للامازيغيين كمجتمع محافظ بمعناه الايجابي و السلبي على حد السواء.

دور المراة الجزولية في الحياة العائلية و الاجتماعية  

يقول المرحوم في اواسط السبعينات  باعتباره فقيه الدين التقليدي لكنه كان ذو نزعة تقدمية بالمقارنة مع عصره حيث قال بالحرف ان المراة الجزولية أي الامازيغية في لغة هذا العصر تعتبر عماد الاسرة و العمل ببعده الانتاجي و هي اكثر حرية من الاوروبية حيث تفوقها بالاخلاق و الصيانة حسب راي المرحوم .

و ينحصر  دورها داخل حياتها العائلية في السهر على شؤون بيتها الداخلية من قبيل تربية ابناءها  الخ حيث اذا كان الزوج غائبا لسفر او لوفاة فان الاشراف الفعلي على سائر شؤون البيت الخارجية يعود اليها من قبيل حرث الحقول و تربية الماشية و جمع المنتوجات الفلاحية و ثمار الاشجار الخ..

يقول المرحوم يعترف الزوج لزوجته بالسعاية و الكيد أي نظام عرفي اصيل يرمي الى اعطاء المراة حقوقها المادية بسبب سهرها الدائم على الاعمال الفلاحية أي تقاسم الثروة بين الزوجان.

اما دورها في الحياة الاجتماعية للقبيلة  فهي تقوم بدورها في كل ما يلزم الجماعة من اذا شرط امام المسجد او استاذ المدرسة العتيقة من مؤونة تشتمل على الطعام و المال و بالاضافة لمساهمتها في الاعمال الخيرية و لم يقتصر دور المراة الجزولية على ما ذكره المرحوم بل قال ان ربات البيوت يقدمهن الضيافة لمعارف أزواجهن و عائلاتهن طبعا في ظل الاحترام التام للمبادئ الاسلامية اولا و اخيرا ..

ان المراة الجزولة ولجت الى ميادين التعليم حيث لا نتجاهل بان نساء كثيرات في مختلف العصور يقمن بارشاد الناس عامة و النساء خاصة السنة المثلى و يأمرن بالمعروف و ينهين عن المنكر ..

اذن من المستفاد من  كلام  المرحوم هو ان المراة في تاريخنا الاجتماعي كانت فاعلة في كل مناحي الحياة العامة دون قيود سلفية تعتبرها عروة يجب ان تبقى في البيت لكي لا تثير شهوات الرجال  فان المراة في ثقافتنا الاصيلة هي رمز الوقار و الاحترام غير ان فقهاء عصرنا الحالي سواء ان كانوا تابعين للسلطة او تابعين لحركات الاسلام السياسي لا يعترفون بهذه الحقائق التاريخية لاسباب ساشرحها لاحقا ضمن هذا الكتاب.

بعض مظاهر الحياة الدينية لدى الامازيغيين              

منذ ان ادركت الاشياء وجدت نفسي في وسط مسلم امازيغي حتى النخاع تطبعه قيم المحافظة بمعناها الايجابي و السلبي على حد السواء  كما شرحته في كتاب صوت المعاق الخاص بسيرتي الذاتية حيث ان الشائع ان الامازيغيين هم قوم يحتكمون الى اعراف جاهلية و لهم اسلام سطحي يقدس اولياء الله الصالحين و يقدس الخرافة و الشعوذة الخ بينما ان الواقع يقول بوجود هذه الظواهر السيئة في سائر المجتمعات الانسانية عموما و المجتمعات الاسلامية خصوصا في مختلف العصور حيث ان الخرافة هي اشكال متعددة الوظائف و الغايات وصلت مداها عندما تتحول الى الايديولوجية السياسية ذات البعد السلفي مثل ايديولوجية الظهير البربري التي نحن بصدد دراستها اليوم في كتابنا هذا....

ان من المفروض ان نحلل كلام المرحوم امحمد العثماني في هذا السياق حيث يقول ان المظاهر الدينية هي كثيرة في جزولة حيث لا يستطيع الباحث ان يحيط بها و لا يحصيها في عجالة كهذه حيث عاش المرحوم في سياق يمنع فيه أي حديث عن الامازيغية كلغة و كثقافة و كبعد ديني بشكل عللاني في وسائل الاعلام او في اللقاءات الثقافية بسبب سيادة ايديولوجية الظهير البربري بشكل رهيب في مختلف مناحي الحياة العامة..

و يقول المرحوم كان معروف ان اهل سوس عامة كانوا احسن مثال لروح التدين و مراعاة الاخلاق و التمسك بالفضيلة لما لهم من كثرة المدارس العتيقة و المساجد و الزوايا و بيوت العلم الخ من فضائل التدين الامازيغي الطبيعي كما اسميه  اليوم..

ففيما يتعلق بالمساجد فانه ما من منزل في جزولة الا و يشتمل على مسجد خاص باهالي ذلك المنزل تنفيذا لاوامر النبي ص الذي امر ببناء المساجد في الدور و ما من مدشر من مداشرها الا و فيها مسجد تقوم الجماعة بشؤونه و جميع مطالبه حيث اعتبر المرحوم الجماعة بمثابة النادي بالنسبة لاهل القرية حيث من يتخلف عن الحضور يعتبر لا خير فيه .

ان الرجال يؤدون صلواتهم الخمس في مجسد القرية بينما نسائهم يمارسن هذه العبادة فوق سطوح منازلهن بواسطة المسمع على سطح المسجد ..

و للفقيه مكانة عظيمة داخل هذا المجتمع حيث يقوم بإمامة الناس في صلواتهم المفروضة و يعلم ابناءهم القران الكريم و مبادئ دينهم الاسلامي بلغتهم الامازيغية .

ان اهل جزولة  قد أقبلت على المساجد و علماءها حيث اخبرنا المرحوم ان لا تساهل تجاه من يترك الصلاة في المسجد لان هذا السلوك كانت ترفضه التقاليد الامازيغية منذ العهد المرابطي حيث ان عبد الله بن ياسين الجزولي الذي كان يعاقب ترك الصلاة و المتخلف عن صلاة الجماعة و في العهد الموحدي حسب كلام المرحوم كان تارك الصلاة يقتل بكل بساطة .....

 

و فيما يتعلق بالمدارس العتيقة فان الاهتمام بها كان عظيما لدى اهل سوس باعتبارها منارات العلم الشرعي و فنون اللغة العربية بصفتها لغة النصوص الدينية من كتاب الله و سنة رسوله الاكرم الخ .

و طبعا هناك عادات اصيلة تحتفل بمن حفظ القران الكريم كاملا حيث كان يشرف الاسرة ان ترى ابنها اصبح من حاملي كتاب الله في صدره و نفس الشيء بالنسبة   للبنت الحافظة ....

و ذكر المرحوم العديد من المظاهر الدينية بصفة عامة حيث توقف عند فن الروايس الذي سنعود اليه لاحقا ضمن هذا الكتاب بالتفصيل حيث قال ما الحركات و الرقص و الموسيقى و الايقاع الا سببا للاجتماع و تشويق الاستماع حيث يمكن للانسان البسيط ان يدرك هذا المعطى و يؤمن به اذا استمع على سبيل المثال الى اسطوانات الحاج بلعيد مثل قصيدة الحج المشتملة على مناسك الحج و فرائضه و وصف الاماكن المقدسة و المراحل اليها الخ باسلوب شيق و مثل قصيدة النساء في ذم السفور و التبرج و ذم تعاطي الفحشاء و المنكر حيث لم يسبق لي الاستماع الى هذه القصيدة نهائيا و ربما ضاعت منذ السبعينات و ذكر قصيدة واش احبوض أي البطن المنحوس للمرحوم الرايس بوبكر ازعري في ذم الطمع و نتائجه الحتمية على صاحبه.......

ان خلاصة هذا الحديث كله هو ان الشعب الامازيغي برمته في شمال افريقيا كان شعب عرف الاسلام حق المعرفة و مارسه بالعقلانية منعته ان يسير في متاهات المذاهب المتشددة التي تحرم المصالح المرسلة و التقاليد التي تراها غير اسلامية بالمرة انطلاقا من منهجها السلفي و الرافض اصلا لمصطلح التعدد المذهبي و الثقافي داخل دائرتنا الاسلامية الكبرى....

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اسهامات الفنون الامازيغية في ترسيخ قيمنا الاسلامية و فن الروايس نموذجا                                           

مدخل الى فهم الفن الامازيغي و تقاليده                            

يعتقد البعض ان الفن الامازيغي لا اصل له في جذور التاريخ على الاطلاق حيث ان اصحاب هذا الاعتقاد الكاذب يجهلون او يتجاهلون كل ما هو امازيغي منذ الاستقلال لاسباب تتعلق بالدولة الوطنية ذات النزوع الواضح  نحو تقديس المشرق بشكل شمولي و تحقير الاصيل بشكل شمولي من خلال ربطه بالاستعمار او بالجاهلية .

و من هذا المنطلق تعاملت دولة  الاستقلال مع الهوية و الثقافة الامازيغيتان كاننا لسنا مغاربة جنسية او مسلمون ديانة على الاطلاق حيث ان المناضلين الاوائل في الحركة الامازيغية ببعدها الثقافي وجدوا صعوبة كبيرة في ايجاد المصطلحات المناسبة مع ذلك الزمان .

ان الفن الامازيغي بعد الاسلام هو ظاهر للعيان من خلال المعمار الاسلامي الامازيغي المنتشر في شمال افريقيا و في الاندلس و كذلك جنوب الصحراء الافريقية حيث ان العامة ظلت تسمع في  وسائل الاعلام الوطنية  الى حدود يومنا هذا مصطلحات من قبيل الحضارة العربية الاسلامية او المعمار الاندلسي حتى اعتقدت العامة ان الفن الامازيغي ليس له اية اسهامات في ترسيخ قيمنا الاسلامية نهائيا بحكم عقود من التظليل و التغييب التام لبعد الامازيغيين الديني..

و  لعل الشعر الامازيغي من اعظم الدلائل على قولي هذا حيث لقد كتب الدكتور عمر امرير كتابه سيدي حمو طالب الصادر سنة 1986 تحدث فيه عن تاريخ الشعر الامازيغي حيث يقول انذاك يسمى الشعر في الامازيغية بامارك و جمعه هو ايموريك و اضافة الى كلمة امارك و اصطلاحها على الشعر فانها في اللغة تعني الشوق و قد تطلق على معاني اخرى كالحب و الهم و الموسيقى و هناك ادلة اخرى تؤكد ان الشعر في الامازيغية يصطلح عليه بامارك و منها كون تلك الكلمة اكثر استعمالا عند الحديث عن الشعر في المصادر المكتوبة و الشفوية .

و عن نشاة الشعر الامازيغي و ازدهاره يقول الاستاذ امرير مرت قرون على وجود الشعر الامازيغي الا اننا لا نجد مرجعا يفيدنا حول نشاة الشعر الامازيغي و تطوره و الكتب التي الفت عنه ككتاب باسي الذي لم يتناول الموضوع من جانب النشاة و التطور و هذا ما دفعنا الى رصد ما  يمكن ان يدل على ازدهار هذا الشعر في بعض المراحل التاريخية و من خلال اشارات مبثوثة في مصادر مختلفة من ذلك  ما يقال عن ازدهاره و العناية به قبل دخول المغاربة في الاسلام حيث ثبت انهم كانوا ينظمون الملاحم في عهد الرومان و يسجلون فيها بطولاتهم الخ.

و يظهر ان ازدهار هذا الشعر كان مستمرا حتى بعد مجيء الاسلام اذ عثر المختار السوسي على ملحمة تصف فتح افريقية الخ .

و حتى بعد قرون من انتشار الدين الاسلامي في المغرب هناك ما يشير الى ان الشعر الامازيغي كان له دور و تاثير على النفوس و  ذكر ابن خلدون ما يفهم منه انه كان لهذا الشعر في عصره مقام الصدارة حتى في الحروب .

ان كلام الاستاذ امرير يفيد ان الامازيغيين طيلة تاريخهم حافظوا على فنونهم الاصيلة حتى بعد دخولهم في الاسلام .......

و يقول الاستاذ امرير بشان سيدي حمو طالب باعتباره شاعر و فقيه في نفس الوقت هو حمو بن عبد الله المذكور في المصادر بالصيغ التالية سيدي حمو او سيدي حمو الطالب او سيدي حمو الطالب باب ن امارك او سيدي حمو كوتفتنوت او سيدي حمو كوتغكالت و من هذه الصيغ ما يدل على شاعريته و منها ما يشير الى ثقافته و فيها ما يحدد المناطق التي ينتمي اليها  و ولد سيدي حمو في تاغ كوالت و هي مدشر في قبيلة اركروز التي هي مجموعة من مداشر تعتبر جزءا من القبيلة الكبيرة تفتنوت و المتواجدة في المنطقة المعروفة في سوس براس الواد و هناك اختلاف كبير بين المؤرخين حول ولادة سيدي حمو الطالب و تاريخ ميلاده و تاريخ وفاته كالقول انه عاش في القرنين الخامس عشر و السادس عشر الميلاديين و هو قول مرود لان مصطلح سيدي لم  يدخل الى سوس الا في القرن السادس عشر الميلادي و هكذا يبقى اعتبار هذا الشاعر من رجالات القرنين السابع عشر و الثامن عشر حسب راي جونصون و المختار السوسي لان جونصون اقرب منا زمانيا الى عصر سيدي حمو  و بالتالي الى نوع  من الوثائق التي لم تعد في متناولنا نحن اليوم كالشعر التاريخي و الامثال الخ

و اما المختار السوسي يظهر انه يعرف جيدا قيمة هذا الشاعر فذكره مرارا و  خاصة في سوس العالمة حيث اعتبره من علماء القرن الثاني عشر للهجرة و هكذا فان  الفترة الزمنية التي يحددها  هذا الاخير توافق الربع الاخير من القرن السابع عشر الى بداية الربع الاخير من القرن الثامن عشر للميلاد.

و يقول الاستاذ امرير عن ثقافته كان مصطلح الطالب يطلق في القرن الثاني عشر للهجرة على العالم في القطر السوسي و لكي يستحق سيدي حمو او غيره هذا اللقب فلا بد منه من المرور بمراحل اهمها الالتحاق بالمسجد الى الختمة الاولى

و بعد ذلك يتعين اثقان حفظ القران الكريم مع انفتاح على بعض العلوم الشرعية و التفهم و القراءة فاذا وفق الشخص في اجتياز هذه المراحل يسمى بالطالب .

و من المفروض ان يكون سيدي حمو قد التحق بالمسجد  بعد الخامسة من عمره اذ كانت العادة عند السوسيين ان ياخذوا ابنهم الى المسجد او تميزكيدا .

اذن ان سيدي حمو الطالب كان من علماء عصره و شاعرا ترك تراثا كبيرا من اشعار في مختلف  المواضيع و القضايا المعيشة حينئذ  حيث يقول الناس ايرحمك اسيدي حمو اينا ايكلين...

 و كان متصوفا جليلا حيث ان كلمة سيدي تعبر عن  مدى احترام الناس و تقديرهم له..

 و شخصيا لا اؤمن بكرامات اولياء الله الصالحين و بركاتهم لانني انسان مسلم لا يؤمن بهذه الخرافات و بهذه الاساطير الا انني اعتبر ان التصوف يدخل في نطاق هويتنا الاسلامية المغربية و له جوانب روحية تساعد الانسان على الاستقرار النفسي ..  .

بعض القضايا في شعر سيدي حمو الطالب

انني  قد فجاءني  كثيرا اهتمام سيدي حمو الطالب في شعره بالمراة على الاعتبار انه يعتبر رجل التصوف و الدين لان الفقيه في تصوراتنا الحالية هو صاحب سلطة دينية متطرفة للغاية يحرم أي لهو داخل اطار احترام الاذاب العامة من طبيعة الحال حيث ان الفقيه في تصوراتنا الحالية  لا يهتم بالشعر و بالاحرى بالشعر المتناول لقضية المراة كموضوع له حساسيته الاجتماعية بحكم اننا نعتبر مجتمع محافظ بمعناه الايجابي و السلبي على حد السواء او هناك احتمال اخر له شرعيته  الا و هو اننا استقبلنا افكارا متطرفة ليست اصيلة في بيئتنا المغربية بل هي دخيلة الينا .

و يقول الاستاذ امرير ان الشعر الامازيغي المنسوب الى سيدي حمو الطالب يؤكد ان المراة الامازيغية شانها شان نساء الامم الاخرى فهي هدف الرجل  منذ المرحلة الاولى التي يبحث عن من سيحب  .

خجولا احيانا و شجاعا احيانا اخرى و قد تضيع منه فرص البوح بحبه كلما يدخل في منافسات مع غيره حول فتاة واحدة و ما يرافق ذلك من معانات و عذاب الخ.

ان كلام الاستاذ امرير يعني مجموعة من المعاني الدالة مثل ان اجدادنا كانوا يتنافسون حول الفوز بقلب المراة قصد الزواج من خلال تنظيم لقاءات شعرية بين الشبان و الفتيات تحت انظار اهلهم بطبيعة الحال حيث تعبر هذه العادة عن مدى التطور الاجتماعي الذي عرفه الاجداد تحت ظل الاسلام الشعبي ان صح التعبير و   تحت ظل العلمانية الاصيلة كما ساشرحها لاحقا.

و يقول الاستاذ امرير حول شعر سيدي حمو الطالب الديني يظهر ان الانسان الامازيغي كان يحرص كل الحرص على التزود باخبار ما ينتظره بعد الموت و يبدو ان سيدي حمو الطالب كان يدرك مدى تلهف الناس على التقاط تلك الاخبار و لذلك قام بتمزيغ أي ترجم  الى الامازيغية ما يجعل الانسان الامازيغي يتصور العالم الاخير أي الاخرة  .

و للاجابة على تلك الاسئلة و غيرها و لكي يستعد المؤمن لكل شيء في الحياة الاخرة فان هذا القسم من شعر سيدي حمو بدا الاجابة بذكر مرحلة القبر و الدفن فيه و تتبع باقي المراحل الى انعم الله بنعمته على عباده المؤمنين الخ حيث ان هذه القصيدة دليل على ان سيدي حمو كان عالما بالعربية و قادرا على الترجمة منها الى الامازيغية ...

و كما له اشعار في التوسل باولياء الله الصالحين بالاعتبار  ان هناك ثقافة  توقيرهم سائدة من طرف العامة في المغرب عموما و سوس خصوصا بفعل انتشار التصوف و الأضرحة الخ من مظاهر البيئة الدينية للامازيغيين بالرغم من بعض الشوائب و الممارسات الداخلة في خانة الشعوذة و الخرافات كاي مجتمع مؤمن بالديانات السماوية عامة و الاسلام خاصة.

فن احواش و وظائفه الاحتفالية و التربوية              

ان مجرد الحديث عن فن احواش  يعتبر حديث عن تراث غني بالرموز و التقاليد الاصيلة تتميز بها منطقة الجنوب المغربي الشاسعة منذ قرون ما قبل الاسلام و ما بعده حيث ان الجاهل يعتقد ان احواش هو مجرد رقصات و كفى بينما الحقيقة ان احواش يمثل العديد من تقاليدنا المجتمعية من جميع النواحي المختلفة مثل اللقاء بين الرجال و النساء  قصد الحوار الشعري أي انعيبار  او بين الفتيان و الفتيات قصد التعرف امام عيون عائلاتهم بكل وقار و احترام حيث يتبادلون الشعر المتعلق بالحياة الزوجية الخ  بمعنى ان الاختلاط بين الجنسان ليس حراما  في هذا السياق الاجتماعي و الفني لان الامازيغيين لم يعتبروا المراة ابدا سلعة تباع و تشترى في اسواق النخاسة قبل اسلامهم و بعد اسلامهم كما هو الحال بالنسبة للعرب في المشرق و في الاندلس تحت حكم الدولة الاموية العرقية .

ان مجلس فن احواش كان بمثابة برلمان ذلك المجتمع حيث فيه يفتح باب النقاش العمومي بين شعراء اسايس و شاعراته حول مختلف قضايا الحياة العامة دينية كانت ام اخلاقية او سياسية حيث ان امرير ن ؤسايس أي شاعر الميدان يعتبر صحفي يكتب بفمه الى الذين لا يعرفون قراءة الكتب و الجرائد كما يقول الاستاذ محمد مستاوي دائما في برامجه الاذاعية.

و يقول الاستاذ احمد عصيد في مقدمة كتابه ايماريرن بصفته باحث في هذا الميدان ان امريرن هو جمع امرير و معناه المنشد للاشعار او المغني..

و يقول الاستاذ يعتبر امرير مثقف الجماعة و ضميرها الحي حيث يعكس في اشعاره قيمها النبيلة و قضاياها الحيوية و كما يلعب دورا اعلاميا قويا باشاعته للاخبار... 

فن الروايس و الدين الاسلامي                         

يشرفني ان اتحدث عن هذا المحور بكثير من التفصيل باعتباري باحث متواضع في فن الروايس منذ سنة 2006  من خلال مقالات كتبتها و نشرتها في الانترنت داخل المغرب و خارجه و نشرتها في احدى الجرائد المحلية بمدينة اكادير حيث بدات الاستماع اليه منذ طفولتي عبر الاذاعة الامازيغية المركزية سنة 1996 و اذاعة اكادير الجهوية سنة 1993 و كما وجدت في بيتنا العديد من الاشرطة السمعية و البصرية للكثير من الروايس و الرايسات خصوصا الرايسة المناضلة فاطمة تاباعمرانت و الرايس الكبير احمد اوطالب المزوضي .

عندما وصلت الى شبابي الواعي بدات اكتشف مدى خدمة فن الروايس للدين الاسلامي و بدات اكتشف مدى تهميش  السلطة للفنون الامازيغية و اسهاماتها الضخمة في ترسيخ قيمنا الاسلامية حيث لا بد من تحديث اصل هذا الفن لان فن الروايس ليس اقل شانا من الطرب الاندلسي الذي دخل الينا منذ سقوط اخر معاقل المسلمين بالاندلس عام 1492 بينما فن الروايس فهو عريق في بلادنا لقرون غابرة حسب ما قاله الاستاذ الصافي علي مؤمن في احدى المحاضرات سنة 1991 اثر تكريم الرايس الحاج احمد امنتاك من طرف الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي حيث قال ان الموسيقى الغنائية السوسية عريقة في  التاريخ حيث لا يعرف بالضبط تاريخ بداية وجودها و الارجح ان تكون من ابتداع اجداد سكان المنطقة الاصليين و هم حسب راي الاستاذ من الامازيغيين و من افارقة جنوب الصحراء.

أي ان فن الروايس هو الابن الشرعي لهذه الارض منذ قرون طويلة بينما ان الطرب الاندلسي ليس اصيلا على الاطلاق بل دخل الى المغرب اثر سقوط الاندلس و هجرة اهلها الى مدن فاس  و سلا و الرباط الخ  حاملين معهم تراثهم المحترم دون اذنى شك لان الفن بشكل عام هو وعاء نضع فيه قيمنا مهما كانت ابعادها الانسانية و الدينية و كذا الاجتماعية ....

و قد ساهم ندرة المصادر و الابحاث في جهل الكثير من المغاربة بان فن الروايس له اسهامات  قيمة و جوهرية في ترسيخ الدين الاسلامي كفرائض و كامداح نبوية و نشر ثقافة  المقاومة ابان الفترة الاستعمارية الخ من هذه المجالات الكثيرة و المتعددة حيث من الصعب ان اتحدث عن هذا الموضوع الطويل لكنني ساحاول الاختصار بقدر الامكان.

ان الباحث في الثقافة الامازيغية او الانسان العادي سيدركان و سيؤمنان على ان فن الروايس قد اعطى احسن النماذج للقصيدة الدينية المغربية من حيث المواضيع و الايقاع الموسيقي الاصيل  و التدقيق في الطرح .

منذ عهد سيدي حمو طالب و عهد الحاج بلعيد و ربما قبلهما  كان الدين الاسلامي حاضرا في قصائد الروايس بحكم عدة عوامل اولا ان المجتمع الامازيغي اغلبيته الساحقة تدين بالاسلام .

ثانيا ان اغلب الروايس تخرجوا او تعلموا في المدارس العتيقة كمؤسسات لنشر العلم  الشرعي في منطقة سوس .

ثالثا ان المغرب في عهد الحاج بلعيد كان خاضعا للاحتلال الاجنبي فكان من الطبيعي ان يقاوم المسلمين هذا الوافد الجديد بالسلاح و الكلمة الهادفة و النابعة من شعور الناس الديني الخالص بمعنى  اننا لا نحتاج الى دروس تنطلق من السلفية الدينية في كيفية الدفاع عن الدين و عن العرض و عن الوطن...

و هناك جانب عظيم في قصائد الروايس الدينية الا و هو الارشاد و التعريف باركان الاسلام الخمس و في مقدمتها ركن الحج حيث كما قلت في مقال سابق على ان هناك قصائد تحمل اسم القصائد الحجازية التي تستحق البحث العميق من طرف باحثينا الشباب و تستحق العناية من طرف الاعلام بمختلف وسائله السمعية البصرية باعتبارها تراث  مغربي مائة بمائة يعبر عن هويتنا الاسلامية و هذه القصائد تستحق ان تدمج ضمن المقررات الدراسية خصوصا في  مادة التربية الاسلامية لاننا ظلنا نتعلم اشعار الاخرين و نجهل وجود هذا التراث الديني الامازيغي تحت ذريعة اكاذيب اعداء الامازيغية التاريخيين ..

و اضيف ان القصائد الحجازية تعد كنزا ثمينا و وثائق تاريخية  و لها وظائف تستهدف شرح مناسك الحج بشكل تدقيق مثل قصيدة الحاج بلعيد و الحاج  المهدي بن امبارك و الحاج عمر واهروش و الحاج محمد البنسير و الحاج الحسين امنتاك و الحاج احمد امنتاك و القائمة مازالت طويلة.

 

ان الحديث عن مدرسة الحاج بلعيد الاصيلة هو حديث طويل بالاعتبار ان هذا الرايس صادف ظروف سياسية صعبة للغاية مثل وقوع المغرب في ايادي الاستعمار  الاجنبي و انطلاق المقاومة المغربية من الجبال و من السهول منذ ما قبل التوقيع على عقد الحماية  عام 1912 و ظهور ما يسمى بالحركة الوطنية سنة 1930 الخ من هذه الظروف التاريخية مما جعلت مدرسته تنفرد بخصوصيات يمكننا ان نسميها بالغارقة في تقاليدنا الامازيغية الاسلامية حيث انه حاول عبر قصائده ايصال رموز و معاني سامية من وحي مجتمعه المتشبث بالاسلام كدين و كاخلاق و كمبادئ حيث كما هو معلوم فالامازيغيين اسسوا نظامهم المجتمعي يراعي مقاصد الشريعة الاسلامية و يراعي في نفس الوقت ضرورات العصر و أنظمة الامازيغيين الديمقراطية .

فالحاج بلعيد اسس مدرسته الفنية على تراكم اجدادنا طيلة قرون من تشبثهم بالاسلام و اجتهادهم في جعله يتناسب مع سياقهم الاجتماعي و الثقافي.

و من هذا المنطلق اهتمت مدرسة الحاج بلعيد بالدين الاسلامي باعتباره انسان متدين و صوفي كما  اعتبره جل الباحثين و يجالس علماء عهده كما قال الاستاذ محمد مستاوي في كتابه القيم..

 و كما انتقد احوال المجتمع الفرنسي الاخلاقية من خلال  رحلته الشهيرة الى باريس حسب تصوره كامازيغي مسلم  و له قصيدة حول شرب الخمر و حول رحلته الحجازية الخ من قصائده الدينية و الحاملة لارشاداته الهادفة الى الاسهام في زرع قيمنا الاسلامية المغربية في نفوس مجتمعه المتدين اصلا و في نفوس الاجيال القادمة بمعنى ان الحاج بلعيد يمثل هرم الاغنية الدينية الامازيغية في ذلك الجيل الى جانب اسماء اخرى في فن الروايس لان امارك ن لدين او الاغنية الدينية لدى الروايس هي تعبير سامي لمدى اهتمام امازيغي الجنوب المغربي بالاسلام كمنظومة اخلاقية تم تاسيسها انطلاقا من الذات الهوياتية و ليس انطلاقا من المشرق العربي .

اذن اهتمام مدرسة الحاج بلعيد بالدين و بالوطنية ليس غريبا او مستغربا بل هو شيء طبيعي للغاية بحكم طبيعة هذا المجتمع المتدين و المعادي للاستعمار و قيمه التغريبية مما سيجعل العاقل و المؤرخ يكذبان افكار اصحاب اللطيف في الصميم حيث ان الفنون الامازيغية عموما و فن الروايس خصوصا ساهمت في مقاومة الاستعمار من خلال الاستغلال الايجابي للشعور الديني لدى الناس ليعرفوا ان الاستعمار هو شيء غير مرغوب به في ارضنا  الحرة و انهم مسلمون عليهم الدفاع عن شرفهم و عن عرضهم دون انتظار اية نصائح او اية مشاريع ايديولوجية من قبل التيار السلفي المعادي اصلا لقيم الامازيغيين الحقيقية ..

و هناك نموذج المرحوم الحاج عمر واهروش  كفنان عاصر عهد الحماية حيث دخل السجن بسبب وطنيته الصادقة من خلال قصيدته الضابط الشهيرة في اوائل الخمسينات مدافعا على استقلال البلاد مثل جل الروايس في تلك المرحلة فالحاج عمر واهروش كان وافيا للشعر الاجتماعي خصوصا الدفاع عن اصالة المجتمع و اصالة المراة الامازيغية المتميزة بوقارها و جهادها من اجل بيتها و اولادها الخ و هذه الاصالة لا تعني الجهل او الامية او الخضوع لسلطة دينية تمنعها من ممارسة حقوقها الاجتماعية و السياسية و الفنية..

و من بين ملامح شعر المرحوم تركيزه على احياء الحكايات الامازيغية او الشعبية كما يحلو للبعض تسميتها بحسن النية او خدمة للايديولوجيات الدخيلة لان الامازيغية اختزلت لفترة طويلة في اطار شعبي ضيق بينما الحقيقة انها ثقافة تدعو الى الحداثة و الى المدنية.

و عمر واهروش قد استطاع الادراك اهمية الحفاظ على الحكايات الامازيغية باعتبارها تحكي عن تجارب الاوائل و لو بنوع من الخيال او استعمال بعض الحيوانات كرموز و لعل حكاية حمو اونامير الشهيرة تسير في اتجاه الخيال لكن مع الكثير من الدروس و العبر..

يتميز شعر هذا الرايس الديني كونه غزير يهتم بالارشاد و ترسيخ الانتماء الى الاسلام و من بين قصائده الرائعة قصيدته حول قصة وفاة رسولنا الاكرم عليه الصلاة و السلام و هذه الاخيرة تعبر عن اهتمام الروايس عامة و واهروش خاصة بتاريخنا الاسلامي حيث ان هذه القصيدة تحكي عن ما جرى اثناء مرض النبي الاكرم و بعد انتقاله الى رب العالمين من حزن عم المدينة بفقدان صاحب الرسالة الخاتمة لكافة البشرية جمعاء على اختلاف هوياتهم الثقافية و الحضارية.

و اما بالنسبة للمرحوم  الحاج البنسير فان ان الحديث عن هذا الهرم من اهرام فن الروايس هو حديث طويل لان الحاج البنسير ترك تراث غني بالدروس و المعاني يجعلنا نشعر بالفخر و الاعتزاز تجاه كل ما هو مغربي اصيل استطاع ان يتعايش مع الاخر لمئات قرون دون ان يفقد هويته الثقافية ..

فالحاج البنسير قد اهتم كثيرا بالدين الاسلامي شانه في ذلك شان جل الروايس باعتبارهم يحملون ثقافة دينية اصيلة تعلموها في المدارس العتيقة و تعلموها من واقعهم الاجتماعي..

ان هذه الثقافة الدينية الاصيلة جعلت جل الروايس يجتهدون في ايصال رسالة الاسلام عبر قصائدهم الجميلة الى هذا الجمهور العريض و اغلبيته الساحقة لا يعرف لغة الضاد خصوصا في البوادي..

ساعطيكم بعض الملامح عن قصائد الحاج البنسير الدينية ففي موضوع حب الوطن كان يحرص على توعية الجالية المغربية المقيمة بالديار الاوربية بضرورة التمسك بهويتهم الاسلامية من خلال القيام بالصلوات الخمس و الاستثمار في بلدهم الاصلي و اما بلد الغير فله اصحابه الخ.

اما موقف الحاج البنسير من  مظاهر الانحلال الاخلاقي فهو موقف صريح حيث نجده في قصيدته الشهيرة اكرن أي الدقيق التي خرجت في اوائل الثمانينات و كان موضوعها الرئيسي هو انتقاد احوال المجتمع الاقتصادية و الاجتماعية و حتى الثقافية و انذاك كان الجفاف و غلاء المعيشة بالنسبة للفقراء و الهوامش.

و قد انتقد ظهور بعض المظاهر التي يراها  في المدن و هذه الاخيرة لا تتناسب مع الشرف او مع الاذاب العامة من ما دفع المرحوم الى اصداء النصائح للشباب من اجل الزواج من البادية حسب وجهة نظره الخاصة انطلاقا  من سياقه الاجتماعي .

يتميز شعر الرايس الحاج لحسن اخطاب بعدة خصوصيات مثل النقد الاجتماعي تجاه المراة بوجه خاص باعتبارها عنصر هام في مجتمعنا المغربي حيث انها تحتل مقام الشرف و العفاف كالام و كالاخت و كالزوجة الخ .

و شعر هذا الرايس تجاه المراة هو محاولة لابراز نظرة المجتمع التقليدية اليها و المختزلة في الاهتمام بشؤون بيتها و طاعة الزوج الخ .

و مارس الرايس اخطاب  شعر تنضامت اي الحوار الشعري مع عدة من الرايسات حيث كان موضوعها الرئيسي هو الحياة الزوجية و مشاكلها العديدة و الزواج الفاشل الخ من هذه المحاور التي تحكي عن الواقع الاجتماعي الذي يعيشه المجتمع المغربي بمعنى ان الروايس يحاولون ان يكونوا منابر لنشر التوعية  و المعرفة حسب فهم فئات عريضة من هذا المجتمع التي لا تعرف قراءة الجرائد و لا تعرف لغة الضاد.

و من الملاحظ ان معظم الروايس لهم قصائد التعريف بمناطق الجنوب المغربي من حيث الطبيعة و كرم  السكان و الجمال ..

و من الملاحظ حرصهم على ابراز خصوصيات مناطقهم الثقافية و الدينية كالتبرك باولياء الله الصالحين و الشرفاء كما يقولون و هذا يعكس ان الروايس مارسوا بقصد او بدونه وظيفة تقديس هؤلاء الاشخاص و رفعهم الى مقام النبي عليه  الصلاة و السلام.

ان الرايس لحسن اخطاب له قصيدة جميلة رحل فيها الى ربوع الجنوب المغربي او تمازار ن امازيغيين و قد استحضر فيها كل ما تتميز هذه الربوع   من الطبيعة  و كرم السكان و التبرك باولياء الله الصالحين و الشرفاء  كما يسمى ..

ان القصيدة الدينية لدى الروايس استطاعت التطرق الى الكثير من المحاور كمحور المراة  في نطاق الدين حيث وجدنا نماذج كثيرة من الروايس و الرايسات المحترمات حاولوا الاشتغال على هذا النطاق منطلقين من ضرورة حفاظ المراة على اصالتها بمعنى الحجاب كرمز العفاف و الشرف في فترة تاريخية معينة مما يجعلني ادرك ان هذا الفن لم يخرج عن الشرع الاسلامي اطلاقا و لم يدعو الى الرذائل الصريحة كالخيانة الزوجية الخ من هذه المظاهر التي قد تقع لان الانسان ليس معصوما من الخطا.

لعل دور الرايسة الكبيرة فاطمة تاباعمرانت هو جوهري في الفن الامازيغي بشكل عام حيث انها تعاملت مع الغناء  كرسالة نبيلة تستهدف نشر الوعي الاسلامي ببعده الواقعي و الرافض لاية وصاية من طرف حراس التقليد السلفي ببلادنا بحيث ان الوعي الاسلامي لدى تاباعمرانت هو ينطلق من هموم المجتمع الاخلاقية و الاجتماعية و هو يحاول تصحيح المسار و تعزيز مكانة المراة الامازيغية و جعلها تقوم بوظائفها الكاملة  دون التخلي عن قيم المجتمع المحافظ بمعناها الايجابي و هذا لن يتحقق الا بمحاربة الجهل و الامية من خلال تشجيع تعليم الفتاة خصوصا في الوسط القروي عبر قصيدة سنة 1999 شرحت لنا الواقع القائل  ان اغلبية الرجال يتركون زوجاتهم في البوادي ثم يذهبون الى عملهم داخل الوطن او خارجه و قد يستغرق غيابهم عن زوجاتهم سنة او اقل من ذلك.

و في الماضي كانت وسيلة التواصل بينهم هي الرسائل عن طريق البريد غير ان هناك مشكلة تتمثل في الزوجة التي لا تعرف القراءة و بالتالي فانها مجبرة للذهاب الى فقيه المسجد لمعرفة مضمون رسالة زوجها حيث ان هذه الرسالة قد تضمن على اسرار حياتهم الزوجية و اسرار البيت الخ .

و لهذا السبب دعت تاباعمرانت النساء الى تعلم القراءة انذاك من اجل الخروج من الجهل الى النور .

ان القيم الاسلامية في شعر تاباعمرانت الديني هي كثيرة  مثل ذكر اسماء الله الحسنى و مدح خاتم الانبياء و المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ثم ترسيخ الانتماء الى الاسلام كدين الاغلبية من المغاربة منذ 14 قرنا من الجهاد و الاجتهاد المساير مع روح العصر و مع خصوصياتنا الهوياتية .

 و من هذا المنطلق شنت فاطمة تاباعمرانت هجوما عبر قصيدتها الرائعة بابا يوبا ضد دعاة  الفكر السلفي  الدخيل علينا حيث انهم اخذوا يقتلون تقاليدنا و مواسمنا الدينية او انموكارن الخ من عاداتنا الاسلامية المغربية ان صح التعبير لان أي شعب في عالم اليوم لا يمكنه العيش بدون تراثه الثقافي و اللغوي امام  العولمة الآتية من الغرب او من الشرق على حد السواء.

 و تريد تاباعمرانت من خلال هذه القصيدة اخبارنا بان هناك خطر حقيقي مازال يهدد ثقافتنا الام تحت غطاء الدين الاسلامي الذي ظل وسيلة لقمع السؤال الامازيغي و تعريب المحيط بشكل قسري .

من خلال استجواباتها العديدة مع الاذاعات الوطنية او القنوات  التلفزيونية عبرت فاطمة تاباعمرانت عن اراءها باسلوب راقي يظهر مدى وعيها الاكاديمي و الثقافي بمقارنة مع بعض الروايس الذين لا يحسنون الكلام و خصوصا امام الكاميرا ربما السبب راجع الى عامل السن او عامل امية بعضهم او عامل تهميش الروايس تلفزيونيا لعقود طويلة.

و من بين اراء تاباعمرانت الشخصية رايها حول ضرورة حفاظ الفنانات الامازيغيات على ملابسهن التقليدية لان مجتمعنا يتميز بنوع من الوقار و الاحترام و هذا الراي حسب نظري المتواضع ينطلق من قيمنا الاسلامية و الداعية الى الستر و احترام الجمهور العريض الخ من هذه الضوابط الاخلاقية في مجتمعنا المحافظ اصلا .

و  نستطيع القول ان مدرسة فاطمة تاباعمرانت الاصيلة  لا تريد للفن الامازيغي ان يسلك طريق التمييع و غياب المضمون الشعري و الحامل لهموم المجتمع الحقيقية..

و هذا لا يعني ان تاباعمرانت ترفض فن المجموعات العصرية الامازيغية انما ترفض ان يتحول الفن الامازيغي الى التجارة و الى اشياء اخرى ستساهم دون شك في تشويه هذا الفن و خلع صفة الاصالة عنه كما جرى لدى العرب الان من التمييع و الهبوط في المستوى القيمي حيث انني احب الاستماع الى جيل الرواد مثل عبد الحليم حافظ الخ و كما احب الاستماع الى الموسيقى الغربية خصوصا جيل الثمانينات………

 

 

التاويل الحقيقي لظهير 16 ماي 1930

                                           مدخل

يظهر لي بعد استحضار اسهامات الامازيغيين الضخمة سواء في نشر الاسلام او ترسيخه داخل منظومة قيمهم الاخلاقية و الاجتماعية و الفنية و القانونية كما  سنرى ذلك في كتابي هذا المتواضع مطولا ان تاويل الحركة الوطنية لظهير 16 ماي 1930 هو تاويل يحمل الكثير من معاني الحقد و الاحتقار  و الاهانة تجاه امازيغي المغرب و تجاه هويتهم الاصلية منذ الازل..

 ان هذه الحركة السياسية تأسست سنة 1930 بينما ان الاستعمار المسيحي قد دخل الى بلادنا رسميا سنة 1912 اثر توقيع المخزن العتيق على عقد الحماية بمدينة فاس العلمية أي بعد اكثر من 20 سنة من الاستعمار و مقاومة الامازيغيين له بشتى الطرق و الوسائل من خلال بطولات ابطال المقاومة المغربية الحقيقيين الذين لم ينتظروا صدور أي ظهير بربري او عربي او فرنسي بل انطلقوا في مقاومة الاستعمار قبل حتى توقيع المخزن العتيق على عقد الحماية التي بموجبها اصبح المغرب دولة عربية اسلامية بمعناها المخزني التقليدي أي الطاعة و الولاء للسلطان بصفته اميرا للمؤمنين و حامي الملة و الدين لكن هذه الدولة التي خلقتها فرنسا سنة 1912 هي نفسها الدولة العصرية التي تركتها بعد الاستقلال  في كل مؤسسات الدولة المستقلة أي كل القوانين الخاصة بتسيير البلاد هي قوانين وضعية فرنسية الاصل باستثتناء قوانين الحقل الديني و قوانين الاحوال الشخصية من الزواج و الطلاق الخ حيث هذه حقيقة لا غبار عنها .

ان التاويل الكاذب للحركة الوطنية تجاه ظهير 16 ماي 1930 يظهر انها  حركة غير مغربية على الاطلاق بل هي حركة مشرقية الاصول و الفروع بمعنى ان هذه الحركة لا تتوفر على أي انتماء مهما كان نوعه للمغرب كارض و كتاريخ و كحضارة قبل الاسلام و بعده في ظل دولنا الامازيغية كلها و في ظل الدولة العلوية نفسها التي اعترفت بالعرف الامازيغي كتشريع لا يتعارض نهائيا مع المقاصد الكبرى للشريعة الاسلامية أي ان الامازيغيين اخترعوا علمانيتهم الاصيلة التي لا علاقة لها بالعلمانية بمفهومها الغربي اطلاقا كما يحاول جل تيارات الاسلام السياسي ايهام الجميع منذ ظهور المطلب العلماني ضمن مطالب الحركة الامازيغية سنة 2003 اثر الاحداث الارهابية التي عرفتها العاصمة الاقتصادية للمغرب ليلة 16 ماي 2003 .

ان التاويل الحقيقي لظهير 16 ماي 1930 هو بعيد كل البعد عن اكذوبة الظهير البربري المخترعة من طرف اعيان فاس و الرباط و سلا قصد منع الامازيغيين ان يصبحوا قوة سياسية و ايديولوجية بعد الاستقلال انطلاقا من مرجعيتهم الاصيلة منذ قرون طويلة تحت ظل الاسلام كدين و كاخلاق فقط ليس الا بشهادة تاريخنا الاجتماعي حيث ان ظهير 16 ماي 1930 بكل بساطة جاء لتنظيم شيء اصيل عندنا منذ قرون طويلة الا و هو العرف الامازيغي كقانون وضعي يتناسب مع مقاصد الشريعة الاسلامية الكبرى بشكل دقيق بمعنى ان اجدادنا الامازيغيين لم يكنوا يطبقون الشريعة الاسلامية على  الاطلاق بل  فضلوا استعمال عقولهم  في ابداع تشريعات تحترم البيئة الحضارية و الثقافية و القانونية للامازيغيين دون أي تعارض مع الدين الاسلامي..

 لو سلمنا بان الاستعمار الفرنسي اراد تنصير الامازيغيين من خلال اصدار الظهير البربري فأين هي نتائج هذه السياسة الاستعمارية على واقع الامازيغيين الديني و الاجتماعي و الثقافي ما بعد الاستقلال فلا يوجد أي مؤشر مهما كان يدل على تحقيق هذه السياسة الخيالية من قبيل نشر المسيحية في مناطقهم المقصية اصلا من سياسات دولة الاستقلال التنموية و الثقافية و حتى الدينية.

و من قبيل  فرنسة ثقافتهم و هويتهم الاصيلة حيث ان الامازيغيين مازالوا مسلمين الى اليوم دون أية حاجة الى المساعدة من طرف المخزن العتيق عبر خطابه الديني ذو البعد المتخلف اصلا او من طرف جماعات الاسلام السياسي بمعنى ان اسلام الامازيغيين هو قيم عريقة و راسخة منذ 14 قرن الى يوم القيامة انشاء الله .

لو سلمنا ان ظهير 16 ماي 1930 هو ظهير استعماري فماذا نفسر رسالة الملك محمد الخامس الذي ارسلها  ليتم قراءتها  في اعظم مساجد المغرب بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف حيث تقول هذه الوثيقة التاريخية  ان للقبائل البربرية كما سماها عوائد قديمة يرجعون اليها في حفظ النظام و يجرونها في ضبط الاحكام و قد اقرهم عليها الملوك المتقدمون من اسلافنا المقدسين و من قبلهم .

و اقتضى نظرنا الشريف تحديث حكم الظهير المذكور لان تحديثه ضروري لاجراء العمل به بين الجمهور.

و اضاف محمد الخامس في كتابه كلاما يوحي الى الرموز و تكذيب ايديولوجية الظهير البربري بصفة نهائية حيث قال بالحرف قد قامت شرذمة من صبيانكم الذين يكادون لم يبلغوا الحلم و أشاعوا ان البرابر بموجب الظهير الشريف تنصروا و ما ذروا عاقبة فعلهم الذميم و ما تبصروا و موهوا بذلك على العامة و صاروا بدعوتهم لعقد الاجتماعات بالمساجد عقب الصلوات لذكر اسم الله تعالى الله اللطيف فخرجت المسالة عن دور التضرع و التعبد الى دور التحزب و التمرد فساء جنابنا الشريف الخ.

و قال كذلك ان مولانا المقدس بالله كان احرص الناس على ايصال الخير لامته فكيف يفعل ان يسعى في تكفير جزء عظيم من قبائل رعيته و هنا اعتراف صريح بالامازيغيين هم جزء عظيم من شعبه.

و استمر حيث قال  نحن سائرون على اثره في ذلك ساهرون على دفع كل ضرر يلحق برعيتنا السعيدة فليس ابقاء تقرير البرابر على عوائدهم الا مساعدة من جنابنا الشريف على محض طلبهم و إجراء لهم على ما كانوا عليه منذ ازمان طويلة أي اعتراف بشرعية العرف الامازيغي كتشريع مستقل عن الشريعة الاسلامية و الذي لا يتعارض مع مقاصدها اذن نحن امام اعتراف ملكي صريح بوجود علمانيتنا الاصيلة داخل مجتمعنا المسلم..

ان هذه الرسالة الملكية كافية لنقول ان ظهير 16 ماي 1930 هو يتوفر على الشرعية الدينية و على الشرعية الوطنية بشكل واضح و صريح حيث وجدتها في كتاب الظهير البربري اكبر اكذوبة سياسية في المغرب المعاصر للاستاذ محمد منيب ..

انني سأتوقف هنا عند النوايا الحقيقية لما يسمى بالحركة الوطنية حيث اسست   اكذوبة الظهير البربري على خرافة تنصير البربر وحدهم دون العرب باعتبارهم مسلمون كذلك حيث ان فرنسا  اصدرت ظهائر اخرى اخطر من ظهير 16 ماي 1930 مثل ظهير 15 يونيو  1922 الذي يتضمن قانون تفويت العقارات التي في ملك القبائل الامازيغية لصالح الاجانب و المقصود هنا هم النصارى غير ان دعاة الوطنية المزعومة لم تكلف نفسها عناء الاستنكار و التضامن مع اخوانهم البرابر ضد هذا الظهير الاستعماري بكل المقاييس و المعاني حيث انذاك كان امازيغي المغرب يقاومون الاستعمار بالسلاح و بالاستشهاد من اجل هذه الارض  الطاهرة  بينما هؤلاء القوم كانوا يرسلون ابناءهم الى الدولة الفرنسية استعدادا لتولي المناصب العليا بعد الاستقلال لا اقل و لا اكثر ...

لكن عندما صدر ظهير 16 ماي 1930 شعر هؤلاء القوم  بالخطر الذي يهدد مصالحهم مع فرنسا فكانت الانطلاقة لما يسمى بالحركة الوطنية في مغرب الحماية حيث انطلقت  الحركة الوطنية من منطق شرعية كاذبة للغاية تتمثل في اصدار الاستعمار الفرنسي لظهير يهدف حسب عزمها الى تنصير البربر و الى التفرقة بين ابناء الشعب الواحد على اساس العرق و الدين...

 غير ان اهداف الحركة الوطنية الحقيقية تتمثل في معاداة الامازيغية و الامازيغيين من خلال معارضة ترسيم العرف الامازيغي كتشريع مغربي الاصالة و الجذورحيث لا يمكن لاي عاقل ان يعتقد بصحة اكذوبة الظهير البربري اليوم بعد مرور هذه العقود من التعريب و التغريب كذلك  لان العاقل عندما يشاهد مظاهره الواضحة في مناحي حياتنا العامة من قبيل الكثير من الاشياء التي لن ادخل في تفاصيلها الان...

 لو فرضنا ان المغرب قد طبق العرف الامازيغي منذ الاستقلال عندها سنصبح شعب مسلم مختلف عن شعوب منطقة الشرق الاوسط على كل المستويات و الاصعدة لان العرف  الامازيغي تشريع قابل للتجديد و مسايرة العصر و مع هويتنا الاسلامية المغربية من طبيعة الحال و سنصبح شعب يعرف قيمه الاصيلة حق المعرفة و  سيعرف الديمقراطية المحلية و الفصل التام بين الدين و الشان السياسي حيث  كان الفقيه عندنا لا يحضر في مجلس لجماعت  أي الجماعة و ينحصر دوره العظيم في شؤون المسجد و الإمامة و تعليم الصغار كتاب الله تعالى.... .

ان  العاقل سيقول كان من المفروض على المغرب بعد حصوله على الاستقلال ان يطبق الشريعة الاسلامية بحكم ان ملكها يسمى بامير المؤمنين و بحكم ان الحركة الوطنية حسب زعمها حاربت الاستعمار المسيحي و حاربت الجاهلية أي الامازيغية في قاموسها  الدائم منذ سنة 1930 الى حدود الان من خلال استحضار اكذوبة الظهير البربري عبر وسائل الاعلام المختلفة عندما تحل ذكرى وفاة الملك محمد الخامس في يوم 10 رمضان او عندما تحل هذه المناسبة التاريخية أي ذكرى صدور ظهير 16 ماي الوطني  خصوصا في بعض المواقع الالكترونية و بعض الجرائد الناطقة باسم الاسلاميين .

لكن الواقع يقول  ان المغرب لم يطبق الشريعة نهائيا في الحياة العامة منذ الاستقلال و انما طبق قوانين وضعية من فرنسا الكافرة حسب منظور ما يسمى بالحركة الوطنية ذات المرجعية السلفية و العروبية  حيث ساشرح الاسباب  في كتابي هذا

 

 

 

 

 

 

                                      

شرعية العرف الامازيغي                     

مدخل                                                       

ان الاشياء تنظر وفق فكر معين او مرجعية معينة حيث من الخطأ العظيم ان ننظر الى تاريخنا بمنظار غيرنا بحكم ان الشعب المغربي قد خضع منذ سنة 1956 لسياسة المخزن العتيق و لسياسة الدولة العصرية التي تركتها فرنسا بكل تفاصيلها الايجابية و السلبية على حد السواء.

 ان العاقل يدرك تام الادراك ان دولة الاستقلال و الحرية كما يقال اسست على الازدواجية العجيبة و الخطيرة في نفس الوقت حيث تتجلى هذه الازدواجية بين المشرق كقيم رجعية و استبدادية تستمد شرعيتها من القراءة السلفية للدين الاسلامي و من تقاليد دولة المخزن التقليدي...

 و بين الغرب كقيم سطحية للغاية لم تقدم الشيء الكثير للمغرب الا على  صعيد التكوين و التاهيل في ميادين واسعة لفئات معينة من النخب المعروفة قبل الاستقلال و بعده بينما ظلت فئات عريضة من هذا الشعب جاهلة او دخلت الى التعليم الاصيل او التعليم العصري الخاضعان اصلا لايديولوجية السلطة الدينية أي السلفية انطلاقا من منظور الحركة الوطنية لها و لايديولوجية السلطة السياسية أي العروبة و التعريب الخ...

ان النخبة الايديولوجية كاحزاب سياسية و النخبة الدينية عملتا معا وفق رغبات المخزن العتيق منذ سنة 1956 الرامية الى تدمير الشخصية المغربية و تدمير الوعي بالذات ثم الوعي بالاصالة حيث من الواجب ان ينطلق هذان الوعيان الاساسيان من هذه الارض الطاهرة .

و انذاك كان من المستحيل ان يتحدث استاذا او باحثا عن شيء  اسمه الامازيغية كلغة و كثقافة  و كاعراف الخ دون اتهامه بالخيانة او العمالة لفرنسا او التنصير لان الامازيغية ظلت لعقود  من الاستقلال  تعتبر سياسيا و دينيا من المحرمات الكبرى اكثر من الفرنسية نفسها باعتبارها لغة و هوية المستعمر الاجنبي المسيحيتان حيث يصعب انذاك ان يفرق الانسان ذو مستوى معين من الثقافة المدرسية بين الامازيغية و الاستعمار الفرنسي بحمولاته السياسية و الدينية.

ان الحديث عن موضوع شرعية العرف الامازيغي كقانون علماني اصيل طبق على مجموع التراب الوطني منذ قرون قبل الاسلام و بعده الى سنة 1956 بحكم توجه السلطة المشرقي هو حديث ذو مستويات عدة حيث كانت هذه المناطق العرفية تسمى ببلاد السيبة و هناك مناطق قليلة تتواجد في المركز أي الرباط و فاس الخ كانت تسمى ببلاد المخزن بسبب انها تطبق الشريعة الاسلامية و حدودها

المعلومة لدى الجميع حيث هذا الواقع التاريخي و الاجتماعي  وجده الاستعمار في سنة 1912 بمعنى انه لم يساهم باي شيء في تغيير الواقع الامازيغي انذاك و كتب الفرنسيين كثيرا عنهم من منطلق البحث العلمي الصرف كما سنرى..

غير ان الاستعمار الفرنسي لم يقدم اي شيء للامازيغيين سواء في فترة الحماية او بعد الاستقلال في اطار الدولة العصرية بل هذا الاخير حين دخوله للمغرب سنة 1912 احترم المخزن العتيق و مؤسسته الدينية و  ساهم في تدمير كل البنيات الاجتماعية و السياسية للامازيغيين و ساهم في توسيع بلاد المخزن حتى شملت كل التراب الوطني بعد الاستقلال من طبيعة الحال ...

و بالتالي فان الاستعمار الفرنسي لم يساهم قط بانتشار الثقافة الامازيغية و فرضها رسميا في اطار الدولة الحديثة التي تركها بعد سنة 1956 بل ساهم هذا الاستعمار في  توسيع بلاد المخزن و ثقافته التقليدية من الطرب الاندلسي  الى القراءة السلفية للاسلام و بالاضافة الى تحقير كل ما هو امازيغي من خلال تحويله الى عامل التنصير و تهديد الوحدة الوطنية .

                                     الدخول الى عمق الموضوع

 اذا رجعنا الى النصوص التاريخية مثل كتاب الواح جزولة و التشريع الاسلامي  على سبيل المثال فاننا سنجد فيه كلام المرحوم علال الفاسي الذي كان في حياته من اشد المعارضين تجاه الامازيغية بكل ابعادها المختلفة باعتباره زعيم حزب الاستقلال المعروف بعداءه العميق لكل ما هو امازيغي  حيث اشرف على ذلك الكتاب الذي كان عبارة عن رسالة جامعة في الاصل حيث قال بالحرف قد تصفحت هذه الرسالة عن الاعراف السوسية و صلتها بالشريعة الاسلامية  التي قدمها الاستاذ امحمد العثماني و التي ستكون ان شاء الله موضوع مناقشة لاعطائه رتبته العالية من الدار و المقصود هنا هي دار الحديث الحسنية بالرباط .

انني اود لو ان كل الاقاليم المغربية وجدت من يقوم من ابناءها  بدراسة عاداتها و صلتها بالدين و بالاخلاق .

و انصح السيد العثماني ان يختم رسالته بالدعوة الى مراجعة القوانين المغربية مكتوبة  او عرفية .

و هذا الكلام موجود في كتاب الواح جزولة و التشريع الاسلامي للمرحوم امحمد العثماني الذي لو عاش في عصرنا الحالي لامن بالعلمانية الاصيلة  كمصطلح جديد علينا لكن مضمونه قديم جدا في مجتمعنا من خلال النظام العرفي حيث يقول ان نظرة خاطفة على النظام القضائي العرفي في جزولة تشعر الباحث انه امام نظام قضائي قار لا اختلال فيه فهو يساير الشريعة الاسلامية في اتجاهاتها و في مقاصدها و في نفس الوقت يساير ضروريات الحياة و تطورها مع مراعاة للسياسات الشرعية في المسائل التي تتبع فيها اعراف البلاد.

ان الالواح عبارة عن قوانين و قواعد و ضوابط صارمة تشتمل على اجراءات تتعلق بعقوبات مالية يعاقب بها كل من صدرت منه مخالفة ما من المخالفات التي تمس شرف الانسان او ماله او عرض الامن الداخلي او الخارجي للخطر .

اذن هذا القانون العلماني المحلي حسب لغة العصر يساير الشريعة الاسلامية في اتجاهاتها و مقاصدها و في نفس الوقت يساير ضروريات الحياة كمصطلح واسع لا حدود له و تطورها يعني ان مجتمعنا ادرك معنى التطور مبكرا جدا.

و يقول المرحوم في مقام اخر من بحثه الشهير ان هذا القانون العرفي يشمل القطاعات التالية قطاع نظام الامن و قطاع التجارة و قطاع التربية و المقصود هنا هي التربية الاسلامية الاصيلة بسوس من المدارس العلمية و الزوايا الخ ثم قطاع الايداع بمعنى المخازن الجماعية او ايكودار و قطاع الفلاحة و ما يتعلق بها و قطاع الحي اليهودي أي ان هذه الاعراف لم تتجاهل ابدا قيمة التعايش الديني بين مكونات المجتمع .

و لنرى ما يقول الاستاذ العثماني في قطاع نظام الامن حيث قال هو عبارة عن ضبط الامن و تنظيمه داخليا و خارجيا في وقت السلم و في وقت الحرب لان الامن ادا لم يكن مستتبا فان الحياة تكون صعبة و النمو يتوقف و لهذا يوضع اللوح الخاص بنظام الامن و ضبطه و يسمى بلوح امقون او الحلف اذا وضع لنظام حلف بين القبائل او المناطق و المجلس الذي يمثل جهات الحلف يشبه البرلمان الفيدرالي بلغة العصر.

و تلاحظون هنا ان المرحوم استعمل مصطلح البرلمان الفدرالي في سنوات السبعينات

و هذا يبين ان المرحوم سبق عصره حقا بينما فقهاء عصرنا الحالي مازالوا نائمون في فراش السلفية نوم عميق .

و يقول المرحوم ان الجرائم التي يعاقب عليها بالقصاص او الدية هي السرقة و الفاحشة و القذف و الردة و  شرب الخمر و اخيرا قطع الطريق.

و احكام هذه الجرائم معروفة و مضبوطة في الكتاب و السنة .

و قال النبي الكريم ص ادراوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم الحديث.

و بينما ان الالواح لا تختلف عن الشريعة الاسلامية فيه الا من حيث الكيف فالقتل ان كان عمدا فعقوبته هي النفي من القبيلة او ازواك بعد الثبوت و اعتراف القاتل و بعد كتابة اعترافه عنه  و يتكلف  العدول بعقد ما يسمى بتابرات ازواك بمعنى رسالة النفي الخ من هذه الاجراءات العرفية .

و اما النوع الثاني الذي قرر الشرع فيه لكل جريمة حدا محدودا لا يتجاوزه فان الالواح تكتفي بغرامة مالية مع عقوبة اضافية مثل التغريب مدة معينة و مصادرة الاملاك و تخريب الدار و ليس معنى هذا انهم ابطلوا الحدود الشرعية و انما اكتفوا بما في وسعهم و طاقتهم من الامر بالمعروف و النهي عن المنكر .

اذن العرف الامازيغي لا يعترف بالحدود الاسلامية مثل القتل او عقاب التي فعلت الفاحشة  لقول النبي الكريم ادراوا الحدود عن المسلمين  ما استطعتم الحديث.

و معنى هذا الكلام ان الامازيغيين كانوا لا يطبقون هذه الحدود الشرعية و انما فضلوا سن عقوبات من اجتهادهم الشخصي مثل النفي من البلاد و مصادرة الاملاك الخ..

اعراف منطقة الاطلس المتوسط                      

اننا سنسافر الى قبائل الاطلس المتوسط بغية التعرف على اعراف هذه المنطقة العزيزة حيث تتميز بمقاومتها البطولية للاستعمار بقيادة موحا اوحمو الزياني و تتميز برقصة احيدوس المشهورة على الصعيد الوطني..

و لدي كتاب مهم في خزانة البيت تحت عنوان اعراف قبائل زايان حيث هو من اصدارات المعهد الملكي للثقافة الامازيغية القيمة بدون اذنى شك لان من المفروض علينا الاعتراف بجهود هذه المؤسسة في المجال التاريخي و الاكاديمي.

ان كتاب اعراف قبائل زايان هو في الاصل كتاب حرره احد الضباط الفرنسيين في عهد الحماية و هذا يعبر عن مدى اهتمام  الاجانب عموما و الفرنسيين خصوصا بمعرفة خصوصياتنا الاصيلة من منطلق البحث العلمي الصرف و البعيد كل البعد عن التنصير و فرنسة الامازيغيين الخ من هذه الاكاذيب.

ندخل الى باب القانون العرفي العام بقبائل زايان حيث نجد ان العائلة تسمى هناك بايت اوخام أي اهل الخيمة لان الكاتب اعتبر ان العائلة هي اساس المجتمع الامازيغي حيث تتكون من كل افراد الذين يعيشون تحت الخيمة الواحدة و يخضعون لسلطة رئيس واحد سواء كانوا من نفس الدم او السلالة او الاصل .

تسند رئيس الخيمة للشخص الاكثر تاهيلا للقيام بشؤون العائلة و تمثيلها و ذلك بفعل كبر سنه و حكمته و في حال عدم شخص ذكر قادر على اداء هذه المسؤولية قد تسند هذه الاخيرة للمراة بشرط انجابها للاطفال .

ان من الخطا الشائع ان نعتبر ان الديمقراطية المحلية جاءت مع الدولة العصرية التي تركها الاستعمار الفرنسي بعد الاستقلال فان الامازيغيين عرفوا معنى الديمقراطية المحلية قبل سنة 1912 بقرون طويلة حيث  من خلال كتاب اعراف قبائل زايان سنجد العديد من الانظمة و المؤسسات المحلية تسير شؤون الناس وفق قوانين عرفية لا تتعارض مع مقاصد الشريعة الاسلامية من طبيعة الحال  حيث تتمثل اختصاصات الجماعة على سبيل المثال في سياسة في اعلان الحرب و طلب السلم من خلال ارسال مندوبيين الى القبائل المجاورة لتسوية الخلافات التي تنشا بين افرادها بطرق ودية .

و من بين اختصاصاتها كذلك هي ابرام عقود الزواج و الطلاق و تعديل العرف في حال الاقتضاء لان الاحوال تتغير بتغيير الزمان و السياق التاريخي الخ.

و من بين اختصاصاتها ايضا هي  صيانة المساجد و تنظيم الحج  و المداومة على امن البلد و استقبال الضيوف  الخ من هذه الاختصاصات الدالة ان الامازيغيين كانوا  يعيشون في اجواء مدنية و علمانية .

هناك مؤسسات اجتماعية في الاطلس المتوسط كمؤسسة التضامن او طاطا كما تسمى هناك حيث ان شخصية الفرد تذوب في شخصية الجماعة لان مرتكب الخطيئة سواء كانت سرقة او انتهاكا للحماية او مساسا بالشرف او قتلا لا يتحمل وحده تبعات الجريمة المرتكبة بل تتحمل عائلته العقوبة المستحقة بشكل متضامن حيث اذا ارتكب المجرم سرقة مثلا فعجز عن ردها يسددها الاباء عوض عنه بل يسعى بعض الاقارب الى الحصول على عفو و امان من عائلة الضحية .

ان مؤسسة طاطا أي التضامن تقوم بالجمع بين القبيلتان على اساس الكفالة و تقوية الروابط كما هو معروف عند قبائل زايان و يقام حفل طاطا في خيمة كبيرة حيث تلعب الرمزية دورا كبيرا في تقاليد الامازيغيين عامة اثناء ممارستهم لعاداتهم الاصيلة ..

يقول صاحب كتاب اعراف قبائل زايان في محور التنظيم الاداري للمساجد متحدثا عن الرحل على ما يظهر لي حيث يقول ان خيمة بسيطة لا يميزها عن باقي الخيام شيء فهي تصلح ان تصبح مدرسة عتيقة او مسجدا حيث يطلق عليه امازيغي الاطلس المتوسط اسم تمزييدا او الجامع و احيانا سيدنا جبريل ..

اما اهل المدر فيوجد في كل قبيلة ايغرم أي اكادير بالنسبة لاهل سوس و مسجد او عدة مساجد و هي عبارة عن بنايات ارحب و اوسع مقارنة مع المنازل الخاصة .

ان امر بناء الجامع الكبير يعود الى للقبيلة بكاملها حيث ان الكل يساهم بقدر استطاعته و كرمه بنصيب من المال يتكلف بجمعه مقدم الذي اسندت له هذه المهمة .

و لكل مسجد املاكه و عائداته الخاصة به تسمى في تلك المناطق بمال سيدنا جبريل او مال الجامع.

ان مؤسسة تايمات هي عبارة عن ميثاق الاخاء يجمع  بين  الناس داخل دوار ما حيث يقتضي هذا الميثاق الى قيم موجودة اصلا في ديننا الاسلامي مثل الاخلاص للجماعة و تقديم العون و المساعدة الخ من هذه القيم الاسلامية  النبيلة .

ندخل الان الى القانون الجنائي لنتعرف على جانبا صغيرا من قوانين الامازيغيين  في عموم المغرب و الاطلس المتوسط خصوصا تكذيبا لخرافات الحركة الوطنية المتعددة حيث عندما ترتكب جريمة معينة سواء كانت ارادية ام لا يتحتم على المجرم اذاء ثمن اراقة الدم لعائلة الضحية و قد ترفض عائلة الضحية التعويض المادي و بالاخص حين يكون هؤلاء اصحاب نفود و سيسعون الى تطبيق القصاص .

و في حال ما اذا لزم الانسان الفراش بسبب تعرضه للضرب سيتكلف المعتدي بتكاليف علاجه و قوته طيلة فترة المرض.

اذا تسبب في الجرح او عجز وظيفي او مجرد تشويه الخلقة قد يقبل في هذه الحالة التعويض المادي حيث تتولى الجماعة امر تقدير و تحديث مقدار جبر الضرر..

و في حين ان العقوبات الجنائية كالسجن او الاعمال الشاقة او الحكم بالاعدام لا وجود لها في القانون العرفي غير ان الانتقام هو شيء وارد خارج الاطار القانوني حيث ان القاتل قد يتعرض للانتقام من طرف احد افراد عائلة الضحية .

و اما بخصوص جرائم الشرف فيقول صاحب كتاب اعراف قبائل زايان لا يمكن للزوجة ان تلزم زوجها باخلاصه لها في حين يبدي هذا الاخير صرامة تامة فيما يتعلق بهذا الامر حيث اذا ضبطتها قد تصل الامور الى حد القتل.

 و اذا استعصى على الزوج تقديم حجج دامغة بخصوص الشخص الذي يشك فيه باعتباره يمارس الحرام مع زوجته فعليه تقديم الشكاية للجماعة و على المتهم ان يؤدي اليمين و يشاركه في هذا القسم عشرون فردا من ضمنهم خمسة من عائلته .

و بخصوص العقوبات فلي الزوج الحق في قتل زوجته و عاشقها اذا ضبطتهما في حالة الزنى غسلا للشرف و العرض و اذا اراد الاحتفاظ باحترام الجماعة له عليه ان يحضر الشهود لمعاينة القتل لكنه يعتبر بعد قيامه بهذه الجريمة قاتلا مهما كانت الاسباب و الدوافع .

 و اما جريمة هتك العرض او الاغتصاب فمن المعروف ان المجتمعات الانسانية تناهض هذا الفعل الرهيب بالنسبة للضحية و محيطه العائلي بالدرجة الاولى خصوصا في مجتمعاتنا الاسلامية حيث تسود ثقافة الطابوهات الاجتماعية لان نخبتنا الدينية لم تنجح الى حد الان في ايجاد حلول تتماشى مع عصرنا الحالى في كل قضايانا الحياتية .

و يقول صاحب كتاب اعراف قبائل زايان تحترم التقاليد فيما يتعلق بشرف النساء المتزوجات و لهذا لا يشكل الاغتصاب مهما اساء للفتاة جرما مثل الخيانة الزوجية .

و هذا لا يعني ان صيغ الخلاعة التي تتعرض لها الفتاة لا تقنص باستعمال السلاح اذ يكفي في هذه الحالة ادنى تعويض يقدمه المجرم للفتاة في سبيل جبر الضرر و اما الفتاة التي فقدت عذريتها بهذه الطريقة تكون عرضة للكلام الجارح من طرف صديقاتها .

و هناك يقيم الشبان علاقات بسهولة مع البنات في اطار الاحترام طبعا مما يستعصي معه التعرف على من خرج عن نطاق الحياء و الوقار ..

و العقوبات هي التعويض عن الضرر و يقوم المتهم في الحالات النادرة بالزواج مع الضحية و اذا رفضت الفتاة هذا الزواج فعليه ان يقوم بتقديم تعويضا لعائلتها يناسب مع مستوها و وضعيتهم الاجتماعية .

غير انني لي ملاحظات حول موضوع الاغتصاب في العرف الامازيغي حيث قد يقول قائل ان مجتمعنا الامازيغي قبل سنة 1912 كان مجتمع تسوده قيم الفجور و الاختلاط بين الجنسان حيث ان هذا الاختلاط هو شيء عادي بالنسبة لتقاليد الامازيغيين الفنية سواء في فن احواش و في فن احيدوس بمعنى ان الشخص الذي يمارس مثل هذه الامور هو خارج نطاق التقاليد الامازيغية المحافظة و كذلك بالنسبة للفتاة التي تمارس مثل هذه الامور ينظر اليها اجتماعيا باعتبارها بنت الهواء بمعنى انها بعيدة عن الشرف و العفاف كشرطان جوهريان للزواج و بناء اسرة تسودها الاستقرار و الصراحة..

لكن بالمقابل في الدول المشرقية كانت المراة تباع و تشترى بعد الاسلام بقرون عديدة من خلال مشاهدتي للمسلسلات التاريخية في الانترنت و استماعي لمجموعة من الاراء  حول هذا الموضوع العويص حيث توصلت الى فكرة مفادها ان المراة هناك او التي وقعت في ايادي الجنود العربية اثناء ما يسمى بالفتوحات الاسلامية تتحول مباشرة الى ملك اليمين كمفهوم كان سائدا قبل الاسلام عند عرب الجاهلية لكن فقهاء السلف ذوي النزعة الذكورية اعادوا هذا المفهوم الجاهلي الى الساحة المشرقية مستغلين لايات ملك اليمين الموجودة في القران الكريم بطبيعة الحال قصد تاويلها في هذا الاتجاه المسيئ لاخلاق الاسلام التي تتعارض مع بيع المراة لجسدها امام العامة و الخاصة في اسواق النخاسة...

 و مستغلين لواقع دونية المراة في جزيرة العرب قبل الاسىلام و بعده في اطار الخلافة الاسلامية حيث ان هذه الحقيقة المؤلمة التي يعرفها كل الفقهاء ذوي الفكر السلفي و القائلة كان يوجد في تاريخ المشرق الاسلامي نظام يسمى بملك اليمين الذي يسمح للرجال ان يشتروا الجواري قد يصل عددهن الى 100 جارية من اسواق النخاسة قصد الاستمتاع بهن في الفراش دون أي عقد الزواج الشرعي بساطة و بدون أي تحريم  حيث اتساءل ما هو الفرق بين نظام اليمين و الدعارة بشكل صريح؟

و خلاصة القول ان جاهلية الامازيغيين لا وجود لها تاريخيا سواء قبل الاسلام او بعده بينما ان جاهلية العرب استمرت قرون طويلة حتى وصلت الى مداها مع انشاء دولة ال سعود حيث ان العلمانية كمصطلح ليس دخيل علينا من اوربا كما يقال بل هو حامل لمنظومة من القيم و التقاليد و القوانين البشرية نهجها و طبقها اجدادنا بغية الفصل  بين الدين و الشان العام كمصطلح واسع و كبير حيث لا ينبغي ان يفهم ان الامازيغيين ضد الشريعة الاسلامية و انما فضلوا استخدام عقلهم البشري لتدبير شؤونهم السياسية و المدنية بعيدا عن التيارات المتطرفة ذات القراءة السلفية للاسلام .   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحركة الوطنية  و مشروعها الايديولوجي لابادة الامازيغيين ثقافيا و دينيا

مقدمة  مطولة                                                     

لا شك ان الكثير من الباحثين و المؤرخين كتبوا العديد من المقالات و الكتب حول تاريخ الحركة الوطنية منذ الاستقلال الى عصرنا الحالي و المتميز بظهور وعي جديد بضرورة اعادة كتابة تاريخ المغرب من جديد على اسس علمية تتواخى تصحيح الافكار السائدة منذ سنة 1956 الى حدود الان حول مفهوم الوطنية و مفهوم الانتماء لهذه الارض الغالية كقيم رمزية و معنوية و مفهوم الاسلام لدى عامة المغاربة منذ قبل سنة 1912 كما  شرحته سالفا في هذا الكتاب.

 ان الاشكالية مع الحركة الوطنية تتجلى في انها قدمت كل ما هو مغربي محلي اصيل على انه جاهلي ينبغي القضاء عليه مهما كان ضمانا للوحدة المزعومة و الاحادية المنشودة من طرف السلطة بعد الاستقلال في اطار دولة المخزن التقليدي او في اطار الدولة العصرية التي تركتها فرنسا من طبيعة الحال..

ان الحركة الوطنية لم تؤمن قط بمفهوم الانتماء الى هذه الارض نهائيا و لا بمفهوم الاسلام المغربي الذي كانت تمارسه القبائل الامازيغية منذ قرون من الزمان في مناطق السيبة حيث ان مصطلح السيبة يعني الفوضى و عدم الاستقرار على كل المستويات و الاصعدة حيث هذا يعبر ان دولة المخزن بعد سنة 1956 حاولت ايهام المغاربة بان تلك المناطق كانت تعيش على ايقاع الفوضى و الجاهلية التامة حيث انها مستعدة في أي وقت للخيانة و التنصير.

و عندي في خزانة البيت كتاب قبائل زمور و  الحركة الوطنية لسلفي يناصر افكار و مبادئ  الحركة الوطنية حتى النخاع و هو امازيغي توفي في اواخر السبعينات و كتابه هو عبارة عن سيرته الذاتية كانسان عاش فترة الثلاثينات مؤمنا بالفكر السلفي حيث اعترف بوجود مقاومة امازيغية قوية ضد الاستعمار حيث قال بالحرف في الوقت الذي اخذ الصراع السياسي يحتدم بين عناصر الشباب الواعي و الذي اجتمع باسم السلفية ما بين  سنة 1930 و سنة 1934 حيث بدا الوعي يدب في القبائل التي شعرت بتهديد روحي تجلى في السياسة البربرية و حملات التبشير التي كانت هناك حسب راي الكاتب الايديولوجي ...

ان هذه المقاومة تدور رحالها في الجبال و التخوم الصحرواية حسب راي الكاتب الذي يقول كان جيلي يعيش هذه الحروب و ذلك لما كان يرد علينا من ابنائها بزموز عندما يسقط احد المتعاونون مع الاستعمار قتيلا برصاص المجاهدين و هكذا كانت حروب الاطلس المتوسط  و الاطلس الكبير و ذكر قبائل ايت شخمان و ايت حديدو و ايت يحيى بتونفيت الخ من قبائل الامازيغيين على امتداد بلادنا كافحت الاستعمار حيث انه لم يدخل الى معظمها الا في 1934 باعتراف الكاتب نفسه و اعتراف الجميع الان فكيف يعقل دخول دعاة التبشير الى هذه القبائل المعادية انذاك لاي مسيحي او ارومي في لغتنا الامازيغية وقتها بالضبط.

يقول كاتب كتاب قبائل زمور و  الحركة الوطنية في هذا الظرف أي بداية فترة الثلاثينات كانت تجري المعركة الكبرى و الفاصلة في الاطلس الصغير و بالضبط في الجبل المعروف ببوكافر في سلسلة جبل صاغرو بينما كان اهل فاس و الرباط و سلا يجلسون في المساجد بهدف قراءة اللطيف على اخوانهم البرابرة كما سنرى ذلك بعد حين.

ان كاتب كتاب قبائل زمور و الحركة الوطنية عاش في مراحل شديدة الحساسية بالنسبة للامازيغيين بعد الاستقلال حيث حاول ابراز المقاومة الامازيغية من خلال حديثه عن امير الريف عبد الكريم الخطابي بشكل مطول نوع ما طبعا حسب توجهات الحركة الوطنية و يعد هذا انجازا هاما في تلك المرحلة لان هذا الكتاب صدر سنة 1996 عن جامعة محمد الخامس بالرباط و لان امير عبد الكريم الخطابي و تاريخه كانا تحت حصار شديد في ذلك الوقت بحكم الاسباب التي يعرفها الجميع.

  غير ان هذا الكاتب حطم الامازيغية كثقافة و كهوية تحطيما شديدا بحكم مرجعيته السلفية من طبيعة الحال حيث يقول في عهد انبثقت الشبيبة المغربية المتثقفة ثقافة اسلامية خالصة متاثرة بمذهب السلف الصالح الذي نفض غبار التدجيل و الشعوذة و هنا ذكر اسماء لشيوخ الدعوة السلفية في المشرق مثل جمال الدين الافغاني  و رشيد رضا و يقول انتقلت تعاليمهم النيرة الى وطننا على يد شيوخنا مثل ابي شعيب الدكالي و محمد بلعربي العلوي فلم تكد تحل سنة 1937 حتى كانت المدرسة الاسلامية قد اخرجت الجيل الاول من رموزها هدفها المعلن هو محاربة الاستعمار و سياسته البربرية غير ان هدفها الخفي هو الفصل النهائي بين الامازيغية كهوية البلاد الاصيلة و بين الاسلام كدين اغلبية المغاربة حسب اعتقادي المتواضع.

ان الحركة الوطنية بدات تكذب على المغاربة منذ ظهورها على الساحة المغربية  و تحديدا في مدن فاس و الرباط و سلا سنة 1930 من خلال ادعاءها ان المذهب السلفي هو مذهب اصيل في المغرب منذ دخوله الى الاسلام حيث لو كان هذا صحيح لطبق اجدادنا الامازيغيين قوانين الشريعة الاسلامية الحدودية مثل قطع يد السارق و رجم الزاني او الزانية الخ .

و يقول الكاتب ان الاسلام حسب مرجعيته السلفية في هذه الديار المغربية التي تعتز بكونها محافظة عليه و متمسكة به منذ ان عرفته  و عرفها فلم تبغ به بديلا بالرغم مما تعرضت له في سبيل هذه العقيدة المقدسة و يقصد هنا السلفية من مذاهب هدامة و بدع ظالة اكتست في غالبيتها حلة الدين و لبست لباسه خداعا حيث ان غرضها هو الوصول الى اهداف دنيوية ما انزل الله بها من سلطان و هذا الكلام كله يرمي الى تبرير سلوك الحركة الوطنية تجاه الامازيغيين حيث يقول الكاتب ابانت الشبيبة الاسلامية المغربية  عن عقيدتها في الدفاع عن هذه البلاد لكن ان الاستعمار دخل البلاد منذ سنة 1912 و ليس منذ سنة 1930 حيث ان العاقل سوف يتساءل اين كان هؤلاء منذ سنة 1912 ؟

و يستمر الكاتب في التعريف بتاريخ الحركة الوطنية الرسمي حيث يقول انها اخرجت برنامج الاصلاحات الكبرى الذي اسمته مطالب الشعب و هو انجاز كان بمثابة معجزة الجيل الجديد اعجز بها الادارة الاستعمارية حسب قول الكاتب حيث تتكون الحركة الوطنية التي كانت تسمى انذاك بكتلة العمل الوطني من الاسماء التالية علال الفاسي من فاس و محمد حسن الوزاني من فاس و عبد العزيز بن ادريس العمراوي من فاس و الحاج عمر بن عبد الجليل من فاس دائما و ابو بكر القادري من الرباط و المكي الناصري الخ حيث سيلاحظ العاقل ان اغلب رموز الحركة الوطنية ينحدرون من مدن فاس و الرباط و سلا و واحد من القنيطرة فقط و هذا يدل ان الحركة الوطنية بدات نضالها المزعوم بالعنصرية تجاه الامازيغيين المؤمنين بايديولوجيتها مثل المرحوم المختار السوسي الذي قدم خدمات جليلة لها بغية تدمير الشخصية المغربية بدون قصد.

موقف الحركة الوطنية من الامازيغيين من خلال ظهير 16 ماي 1930

ان من الواضح ان سبب اختراع الحركة الوطنية لاكذوبة الظهير البربري هو ايديولوجي بالاساس لان الحركة الوطنية شعرت بالخطر الذي يهدد مصالحها الايديولوجية و السياسية مع الاستعمار نفسه و مع السلطة ما بعد الاستقلال اذا اصبح الامازيغيين قوة سياسية و ايديولوجية عبر ترسيم اعرافهم الاصيلة في دولة الاستقلال و بالتالي ستصبح هذه الدولة امازيغية الجذور ذات قوانين علمانية اصيلة مثل تركيا كبلد مسلم اختار النظام العلماني منذ سنة 1923 و الان اصبحت تركيا  نموذج مفيد على صعيد عالمنا الاسلامي بالرغم من قمعها للاكراد لعقود طويلة .

ان المغرب في سنة 1930 تعرض لاكبر عملية تزوير عرفها التاريخ الانساني على الاطلاق حيث ان ابطالها فكروا في كيفية مواجهة ظهير 16 ماي 1930

فوجدوا ان يقولوا ان هذا الظهير يستهدف النيل من الملك غير ان المغاربة لن يتحركوا بهذا الدافع لان اغلبية المناطق المغربية هي خارج نفود المخزن التقليدي منذ قرون حيث ان هذه المناطق كانت تتمتع بنوع من الحكم الذاتي .

و وجدوا فكرة في غاية الخطورة  ستساهم في محاربة هذا الظهير الوطني بشكل نهائي الا و هي تنصير الامازيغيين و التفرقة بين المغاربة على اساس العرق حيث يقول كاتب كتاب قبائل زمور و الحركة الوطنية مدافعا عن مرجعيتهم السلفية ما كادت تمر على تربع السلطان الشاب على العرش و يقصد محمد الخامس ثلاثة سنوات حتى بادرت فرنسا للاعلان عن سياستها البربرية في مرحلتها الاخيرة حيث كان يتحدث في كتابه عن امور لا تستحق الذكر في كتابي هذا مثل اكاذيب حول العرف الامازيغي الخ من خرافات الحركة الوطنية  .

و يقول الكاتب في شهر ماي 1930 كان وقت الحصاد و الناس مشغولون في حقولهم اذ المسافرون يرجعون من مدن الرباط و سلا و فاس حاملين معهم البنا المؤسف الا و هو ان البرابرة اصبحوا معزولين عن الاسلام و انهم سيتنصرون و سيصبحون فرنسيين لغة و ثقافة و هوية .

ان مظاهرات عارمة قامت انذاك في المدن المذكورة فقط حسب شهادة الكاتب نفسه مما سيعني ان هذه المسرحيات الرائعة من حيث التمثيل و الاخراج لم تشمل عموم البلاد طولا و عرضا لان المقاومة الامازيغية مازالت تحارب الاستعمار في الجبال و في السهول مدافعة عن الشرف و عن الاسلام و عن اعرافهم الامازيغية  الاصيلة بينما دعاة الوطنية الكاذبة يجلسون في مساجد تلك المدن يقولون يا لطيف نسال الطف بنا فيما جرت به المقادير و لا تفرق بيننا و اخواننا البرابرة .

و حاول الكاتب تبرير توقيع محمد الخامس على ظهير 16 ماي 1930 بالقول ان هذا الظهير استصدره الاستعمار الفرنسي مغتنم فرصة تربع جلالة السلطان الشاب على العرش و انه وافق على بنوده و نصه غير ان الكاتب قد تجاهل الرسالة الملكية التي ارسلها محمد الخامس الى عموم مساجد المغرب بمناسبة عيد المولد النبوي لسنة 1930 حيث يقول فيها بشكل واضح ان للقبائل البربرية عوائد قديمة يرجعون اليها في حفظ النظام و يجرونها في ضبط الاحكام و قد اقرهم عليها الملوك المتقدمون من اسلافنا المقدسين و من قبلهم الخ .

اذن من المستفاد ان الملك محمد الخامس كان مع صف الامازيغيين و مع تطبيق ظهير 16 ماي 1930 في اول الامر لكنه تراجع عن موقفه عندما جلس مع الحركة الوطنية سنة 1934 .

و استمر الكاتب في وصف مظاهرات دعاة الوطنية المزعومة حيث يقول من حسن الصدف  ان ابن عمي الذي يزاول التجارة حيث ذهب الى فاس فصادف يوم المظاهرة بجامع القرويين و حضر تلاوة اللطيف و وجد جميع ابواب الجامع تحت الحراسة الشديدة من طرف جنود  من السينغال حاملين السلاح و شاهدت المنشورات الملصقة على الجدران و فيها ان البرابر انسلخوا عن الاسلام و رضوا بما فرض عليهم الاستعمار من الابتعاد عن نظام الشريعة الاسلامية و قبلوا التحاكم الى الاعراف الجاهلية أي ان اجدادنا الامازيغيين كانوا يعيشون في الجاهلية طيلة هذه القرون الطويلة حتى ميلاد الحركة الوطنية المزعومة سنة 1930 بينما الحقيقة التاريخية تقول ان فرنسا  اصدرت ظهائر اخرى اخطر من ظهير 16 ماي 1930 مثل ظهير 15 يونيو  1922 الذي يتضمن قانون تفويت العقارات التي في ملك القبائل الامازيغية لصالح الاجانب و المقصود هنا هم النصارى غير ان دعاة الوطنية المزعومة لم تكلف نفسها عناء الاستنكار و التضامن مع اخوانهم البرابر ضد هذا الظهير الاستعماري بكل المقاييس و المعاني حيث انذاك كان امازيغي المغرب يقاومون الاستعمار بالسلاح و بالاستشهاد من اجل هذه الارض  الطاهرة  بينما هؤلاء القوم كانوا يرسلون ابناءهم الى الدولة الفرنسية استعدادا لتولي المناصب العليا بعد الاستقلال لتسيير البلاد ....

 فان ايديولوجية الظهير البربري استطاعت القيام بالعديد من الكوارث في الشخصية الوطنية ببعدها الثقافي و الديني حيث يخبرنا الكاتب بكل الفخر و الاعتزاز على ان في يوم 16 ماي 1956 اعلن الملك محمد الخامس عن الغاء الظهير المشؤوم أي ظهير 16 ماي 1930 الذي قصد به الفرنسيين الى التفرقة بين العرب و البربر و جر البربر من حظيرة الاسلام عن طريق تحاكمهم الى اعراف جاهلية أي ليس لها اية علاقة بالاسلام من قريب او من بعيد    ...

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نتائج ايديولوجية الظهير البربري على الوعي الوطني بعد الاستقلال؟

مقدمة                                                           

عندما يتعلم الطفل داخل المدرسة المغربية بعد سنة 1956 مبادئ ايديولوجية الظهير البربري فسوف يتكون لديه وعي وطني لا يتناسب مع هوية المغاربة الاصيلة و لا يتناسب مع تاريخ البلاد الحقيقي على الاطلاق..

 ان هذا الوعي الوطني المزعوم هو المسؤول الوحيد عن فشل الدولة المغربية في تدبير سياساتها التنموية و الاقتصادية و كذا الثقافية منذ الاستقلال الى حدود السنوات الاخيرة بحكم نظرة الدولة المركزية تجاه كل شيء من اجل بقاء ايديولوجية الظهير البربري قوية و في احلى ايامها بغية سيطرة العائلات المعروفة على كل شيء في البلاد.

و بالتالي  قمع الامازيغيين على كل المستويات و الاصعدة عبر ابعادهم عن السلطة السياسية و عن الاقتصاد الخ قصد محو وجودهم كهوية اصيلة و كايديولوجية سياسية...

المستوى السياسي                               

و على المستوى السياسي يعتبر تاسيس حزب امازيغي من الناحية الايديولوجية و من الناحية السياسية ممنوعا الى حد الان حيث قد يقول قائل من البسطاء ان حزب الحركة الشعبية  له مرجعية امازيغية اسس منذ سنة 1958 ..

غير ان الحقيقة في تصوري المتواضع و قلتها في احدى مقالاتي الا و هي ان السؤال السياسي لدى الامازيغيين هو شيء يتجدد في مختلف مراحل تاريخهم الطويل جدا حيث مهما كانت الظروف يظل هذا الاخير حاضر بشكل قوي في وجدان الامازيغيين و في حياتهم اليومية ما قبل سنة 1912 من خلال سياسة القبائل الامازيغية في تسيير شؤونها المحلية بشكل ديمقراطي و علماني اصيل أي الفصل بين السياسة العمومية و الدين كما شرحته في العديد من المقالات  و في هذا الكتاب.

و أثناء الحماية من خلال مجموعة من النماذج مثل جمهورية الريف التي اسست سنة 1921 على يد امير الريف عبد الكريم الخطابي بعد الانتصار العظيم على الاسبان في معركة انوال حيث ان هذا الكيان ان صح التعبير أسس على قواعد عادات المنطقة و اعرافها أي العلمانية المحلية ..

و  بعد الاستقلال اختلفت الاوضاع بشكل جذري بالنسبة للامازيغيين على كافة المستويات و الاصعدة حيث شعروا بالحكرة بحكم  ان ابناء العائلات الفاسية اخذوا مكاسب هذا الاستقلال الرمزية و العملية من ناحية مناصب الدولة السياسية و الاقتصادية و الثقافية كانهم قاوموا الاستعمار منذ البداية أي منذ توقيع عقد الحماية سنة 1912 بينما الواقع التاريخي قد سجل ان هذه العائلات انطلقت في ما يسمى بالمقاومة السياسية منذ سنة 1930.

و قلت في ذلك المقال ان الامازيغيين في فجر الاستقلال كانوا في أغلبيتهم الساحقة أناس بسطاء يعملون من اجل ضمان الخبز اليومي في مجالات التجارة و الفلاحة و  الارشاد الديني الخ من هذه المهن المحترمة لكن تكوينهم  الفكري او السياسي لم  يكن يسمح لهم بالادراك ان هويتهم الاصيلة هي تتواجد خارج مؤسسات الدولة بقرار سياسي من الدولة انذاك و تتواجد في وضعية خطيرة للغاية و جاهزة للموت باية لحظة.

و هناك اقلية متثقفة من الامازيغيين بميزان ذلك الوقت طرحت الامازيغية على السلطة انذاك حيث قالت السلطة حينها نحن في اطار بناء الدولة و اقتصادها و وحدتنا و سنفكر في هذا المشكل فيما بعد غير ان السلطة لم تفعل أي شيء يذكر منذ الاستقلال الى حدود سنة 2001 .

و فعلا هناك الاقلية القليلة من الامازيغيين  استطاعت تاسيس حزب الحركة الشعبية سنة 1958 بايعاز من القصر الملكي حيث يمكن القول ان حزب الحركة الشعبية قد شكل  وعي بدائي للغاية بالنسبة للقضية الامازيغية بجانبها الثقافي الضيق انذاك بحكم الغياب التام لاية جمعية امازيغية حينها ثم حدوث احداث الريف سنة 1958 و سنة 1959 لاسباب معروفة لدى الجميع بمعنى ان هذا الحزب وجد نفسه منذ البداية يتوفر على قيود كثيرة جعلته تحت طاعة السلطة و جعلته لم يقدم اية ايديولوجية امازيغية واضحة المعالم على الاطلاق بل قدم خدمات جليلة للثقافة الامازيغية حيث لا يمكننا ان نتجاهله من خلال نضال امينه العام الاستاذ المحجوبي احرضان و ابنه الاستاذ اوزين احرضان لان حزب الحركة الشعبية كان السبب في صدور ظهير الحريات العامة سنة 1958 غير ان هذا الحزب يمثل الاتجاه الامازيغي بشكل بدائي داخل حياتنا السياسية منذ ذلك الحين الى حدود يومنا هذا حسب اعتقادي المتواضع لاسباب كثيرة سنرجع اليها لاحقا.

و هكذا يمكن القول ان السياسة في بلادنا منذ الاستقلال كانت تحت السيطرة من طرف القصر الملكي و احزاب الحركة الوطنية مما جعل الامازيغية كهوية و كقيم اصيلة انذاك لا تتوفر على اية شرعية نهائيا بحكم وجود ايديولوجية الظهير البربري في الشان السياسي المغربي حيث اعتبرت ان كل ينادي بانصاف الامازيغية كلغة انذاك فهو لا وطنية له بحكم ان الوطنية في ذلك الوقت هي العروبة و التعريب الهوياتي أي ان المغرب اصلا هو بلد عربي بالفعل منذ ما يسمى بالفتح الاسلامي و الامازيغيين قد جاؤوا من اليمن بمعنى هم عرب في الاصل و في التاريخ بمعنى ان اية مطالبة بانصاف المكون الامازيغي سياسيا انذاك كانت من المستحيل..

 و حتى حزب الحركة الشعبية قد عانى في مساره الطويل من الاتهامات المعروفة من قبيل احياء الظهير البربري و العمالة للاستعمار الفرنسي بينما في نفس الوقت ظلت مناطق واسعة من المغرب تحت خط التهميش و الاقصاء المقصود باعتبارها مازالت تحتفظ بامازيغيتها لغة و ثقافة و فنونا الخ بحكم ان في نهاية المطاف المغرب بلد امازيغي كله لكن مع سياسة التعريب الهوياتي التي استمرت عقود من الزمان جعلت العديد من المغاربة  يعتقدون ان هناك مناطق امازيغية و مناطق عربية اصيلة كما هي في دول الخليج العربي حيث يعد هذا من الاخطاء الشائعة المنتشرة الى حد الان لكن مصطلح المناطق الامازيغية يستعمل في احيانا كثيرة للتعبير عن  مدى محافظة هذه المناطق الشاسعة على امازيغيتها لغة و ثقافة و فنونا .

ان هذه المناطق قاومت الاستعمار الاجنبي او المسيحي بالبطولية و اهداء ارواح في سبيل الله و الوطن لكنها بعد الاستقلال ظلت في الهامش على كل الاصعدة و المستويات و القمع الامني كما هو الحال بالنسبة لمنطقة الريف و الاطلس المتوسط الخ .

ان هذه المناطق ذهبت ضحية لايديولوجية الظهير البربري الحقيرة باعتبارها  مارست عليها مختلف انواع التهميش و الاقصاء كانها مناطق غير مغربية بالمرة حسب قول احد سكان دوار انفكو الشهير للقناة الثانية سنة 2008 على اثر قضية موت اطفال بسبب برد فصل الشتاء القارس هناك كنتيجة طبيعة لاكثر من 50 من الاستقلال و الحرية المزعومة  و رفع شعارات الشرق الاوسط من قبيل العروبة و السلفية الدينية........

المستوى الثقافي                                       

ان المستوى الثقافي لدى الامازيغيين ابان الاستقلال كان مستوى متواضع لاسباب ايديولوجية الدولة الدينية و السياسية حيث لن يسمح للامازيغيين ان تتطورا خارج النسق السلفي المرسوم لهم من طرف الدولة و حركتها الوطنية لان الوعي الامازيغي يتعارض كليا مع السلفية كمرجعية و كممارسة لاسباب جوهرية سنرجع اليها لاحقا ضمن هذا الكتاب..

و قلت في احدى مقالاتي ان النضال الامازيغي قد انطلق اصلا  منذ 45 سنة نتيجة لسياسة دولة الاستقلال و الهادفة الى اقبار كل ما هو امازيغي و عزله في الهامش لكي يموت شيئا فشيئا دون ان يشعر به احد بينما في المركز اخذت المكونات الاخرى مكانا رفيعا في التعليم و في الاعلام و من بينها ثقافة المخزن التقليدي و رموزها المعروفة و  الفرنسية نفسها كلغة و كثقافة ..

لكن بالمقابل عندما انطلق الامازيغيين في عملهم الجمعوي ذا الطابع الثقافي اتهموا انهم دعاة ما يسمى بالظهير البربري و انهم احفاد الاستعمار بمجرد مطالبتهم بانصاف هويتهم الاصيلة في التعليم و في الاعلام انذاك في فترة اواخر ستينات القرن الماضي مع ظهور اول جمعية ثقافية امازيغية في العاصمة الادارية الرباط و هي من طبيعة الحال الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي حيث في ذلك الحين لا احد يستطيع ان يرفع صوته عاليا و يطالب بانصاف الامازيغية كثقافة و كفنون كثيرة و متنوعة عبر جغرافية هذا الوطن الكريم حيث ظلت هذه الفنون تعيش حياة الاقصاء و التهميش الى ابعد الحدود كانها ليست فنونا مغربية اصيلة تعكس هوية الشعب الوطنية و الدينية حيث معظم المغاربة كانوا و مازالوا لا يعرفون بان هذه الفنون الاصيلة ساهمت في مقاومة الاستعمار إبان فترة الحماية من خلال الشعر المناهض للاستعمار بصفته عدو غاشم يدين بالمسيحية الخ من هذه الاعتبارات الجوهرية في نظر رموز هذه الفنون الاصيلة مثل  فن احيدوس في الاطلس المتوسط و الفنون في منطقة الريف حيث انني لا اعرف اسماءها مع كامل الاسف فنون الجنوب الشرقي  و فن احواش و فن الروايس في الجنوب المغربي ككل .

و بالنسبة لفن الروايس بحكم انني باحث متواضع فيه منذ سنوات من مقالاتي التي نشرتها في الانترنت و في جريدة جهوية لا داعي الى ذكر اسمها .

ان فن الروايس يختزل ثقافة هذا الشعب الاصيلة في ميادين الدين و التاريخ بمختلف ابعاده الاجتماعية و السياسية و الثقافية بشكل معين مما يؤهله ان يكون سيد الفنون الاصيلة المغربية حسب رايي المتواضع لان الاصالة مصطلح كثير الابعاد و المعاني الدالة على ارتباط الانسان المغربي بالارض منذ مئات قرون حيث هذا المعطى ينطبق على  فن الروايس في كل تفاصيله الجمالية و الابداعية مما يؤهله ان يكون سيد الفنون الاصيلة ببلادنا منذ الاستقلال الى يومنا هذا حسب رايي المتواضع ..

غير ان الواقع يقول لنا بكل المرارة و الاسف ان فن الروايس يعامل من طرف السلطة منذ الاستقلال  كانه مجرد فلكلور شعبي تحتاجه  السلطة كديكور يجلب العملة الصعبة من طرف السياحة الاجنبية و كواجهة للاظهار ان الامازيغيين هم هؤلاء الناس الذين يلبسون الجلباب و يعيشون في القرى فقط بمعنى ان السلطة منذ الاستقلال تعاملت مع فن الروايس وفق هذه المقاربة العنصرية و التحقيرية تجاه كل ما هو امازيغي اصيل او معاصر مع بزوغ وعي امازيغي حداثي يهدف الى احياء عناصر الهوية الامازيغية و تجديدها لان في ذلك الوقت هناك طغيان للثقافة المشرقية و الثقافة الغربية على المركز أي الرباط و الدار البيضاء و فاس حيث كان من النادر جدا ان تجد شبابا في هذا المحور يعرفون ما هو الحاج بلعيد لان اعلام الدولة انذاك ظل يتجاهل كليا شيء اسمه الامازيغية كلغة و كثقافة و كبعد ديني ضخم.

لكن مع تنامي الشعور الهوياتي لدى الشباب الامازيغي داخل الجامعات و داخل المدن الكبرى و مع ظهور المجموعات العصرية الامازيغية مثل اوسمان و ازنزارن و ارشاش استطاعت الثقافة الامازيغية ان تخطو الخطوات الاولى في الاعلام المركزي أي التلفزة المغربية في سبعينات القرن الماضي بنوع من الاحتشام و الحذر  حيث ليس من السهل ظهور ثقافتنا الامازيغية على شاشات التلفزيون المغربي انذاك لان السلطة كانت تريد اماتة الثقافة الامازيغية نهائيا و محاربتها عبر سلاح ايديولوجة الظهير البربري.

 انني ولدت في سنة 1983 في مدينة الدار البيضاء و لم اعيش في فترة السبعينات لكنني  وجدت ابواي و هم يسجلون ما تبثه التلفزة المغربية من الاغاني الامازيغية بشكل نادر جدا على اشرطة الفيديو و اما الغالب انذاك هو الطرب الاندلسي من طبيعة الحال و الموسيقى العصرية المغربية و العربية.

 و اتذكر جيدا شيئا في غاية الاهمية الا و هو في اوائل التسعينات بالضبط كانت التلفزة المغربية   تقدم برنامجا لتشجيع المواهب الشابة في الاغنية الفرنسية حيث كنت عندها طفلا لم يتجاوز بعد سنته الثامنة حيث كانت التلفزة المغربية تعتبر بوقا للمخزن التقليدي و لخطابه الديني ذو البعد السلفي انطلاقا من مرجعية الحركة الوطنية...

و اتساءل كيف نفسر هذه الحالة العجيبة حيث كان الامازيغيين وقتها ليس لهم أية شرعية  وطنية او دينية في عيون السلطة او في نخبها السياسية و الدينية بسبب ايديولوجية الظهير البربري بينما كانت التلفزة المغربية وقتها تشجع هوية و ثقافة الاستعمار الفرنسية في واضحة النهار حيث اتساءل مرة اخرى الا يعد هذا تنصيرا للمغاربة و فرنستهم في ذلك الوقت؟

ان هذه الايديولوجية الحقيرة كما اسميها كانت تسطر بشكل تام على الحياة العامة بمختلف تفاصيلها الدقيقة تراقب أي تحرك ثقافي امازيغي بغية حصاره من خلال اتهامه بالعمالة للاستعمار الفرنسي حيث استطاع الامازيغيين تنظيم اول لقاء  ثقافي في تاريخ الحركة الامازيغية ببلادنا الا و هو الدورة الاولى لجمعية الجامعة الصيفية سنة 1980 بمدينة اكادير في ظل اجواء شديدة الحساسية بالنسبة للقضية الامازيغية حيث صرح الحسن الثاني للصحافة الفرنسية بان لا وجود لقضية امازيغية اصلا في المغرب لان الامازيغيين جاؤوا من اليمن أي انهم عرب بكل بساطة.

و وقت تنظيم الدورة الاولى لجمعية الجامعة الصيفية باكادير تعرض الاستاذ ابراهيم اخياط لمحاولة الاغتيال عبر سيارة غريبة فنجا و هرب دون اخبار الشرطة انذاك .

و في سنة 1981 اختفا المناضل الامازيغي بوجمعة الهباز في ظروف غامضة الى حد هذه الساعة و دخل المرحوم الاستاذ و المناضل الامازيغي علي صدقي ازايكو السجن لمدة عام بسبب المقال الذي نشره في مجلة امازيغ للاستاذ اوزين احرضان و هذا المقال هو تحت عنوان في سبيل مفهوم حقيقي لثقافتنا الوطنية حيث قال فيه ان الامازيغية تعتبر لغة وطنية لا اقل و لا اكثر.

اذن ان ايديولوجية الظهير البربري قمعت السؤال الثقافي للامازيغيين منذ  الاستقلال الى حدود سنة 2001 بفضل الارادة الملكية و المتمثلة في احداث ثورة ضد مفاهيم الماضي الاحادية و الاختزالية تجاه الهوية و الثقافة المغربيتان من خلال الاعتراف النسبي بالامازيغية كمكون اساسي للهوية الوطنية عبر الخطوات الكبيرة  لكن من الصعب ان نتحدث عن المصالحة مع الامازيغية حتى بعد الترسيم لان ايديولوجية الظهير البربري مازالت حية في خطابنا الديني الرسمي و في فكر جل مكونات تيار الاسلام السياسي ....

 

 

 

 

 

 

 

 

نتائج ايديولوجية الظهير البربري على الوعي الديني بعد الاستقلال ؟

مقدمة مطولة                                                      

عندما يتحدث فقيه معين الان عن الامازيغية بنوع من الاحتقار و الدونية و التحريم فانه ينطلق من الوعي الديني الموجود اصلا عند النخبة الدينية الرسمية أي الذين يعملون تحت اشراف وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية او الموجود عند مكونات تيارات الاسلام السياسي  منذ عقود بخلفية سلفية .

ان هذا الوعي الديني يتميز باعتباره لم ينطلق نهائيا من تاريخنا قبل الاسلام و بعده في عز الحضارة الامازيغية الاسلامية من طبيعة الحال غير ان هذا الاخير قام بفصل تام منذ سنة 1956 بين الامازيغية كهوية اصيلة لهذه الارض المباركة بقيمها و بناسها الكرام و بين الاسلام كدين عالمي امن به الشعوب العجمية كالشعب التركي و الشعب الايراني و الشعب الافغاني الخ من هذه الشعوب المسلمة ذات هويات ثقافية مختلفة.

فان هذا الوعي الديني قد تجاهل بشكل كلي و نهائي شعب اسمه الشعب الامازيغي المسلم منذ 14 قرنا من اسهاماته الضخمة في نشر الرسالة المحمدية و ترسيخها               كما شرحته في بداية كتابي هذا حيث ان الامازيغيين كما هو معلوم لدى اغلب الباحثين في التاريخ هم شعب قديم له جذور ضاربة في منطقة شمال افريقيا ..

و عرف عن هذا الشعب انه يتوفر على خصوصيات فريدة قبل اعنتاقه للاسلام مثلا اعطى المكانة العظيمة للمراة سمحت لها ان تصبح ذات شان عظيم و تحكم شمال افريقيا و هكذا تسمى تامغارت و مذكر هذا المصطلح هو امغار أي كبير القوم بينما في الجزيرة العربية قبل نزول الوحي على رسولنا الكريم ص كانت المراة تساوي العار و الانحطاط حيث تعتبر يومئذ مجرد وسيلة لاشباع غرائز الاسياد لا اقل و لا اكثر بمعنى ان حضارة اجدادنا قبل الاسلام هي حضارة متطورة تساير الزمان و الاجتهاد بمعناه الواسع حيث انجب الامازيغ رواد في الفكر العقلاني ساهموا في إثراء حضارة البحر الابيض المتوسط باسهامات قيمة في مختلف العلوم المعروفة في ذلك الزمان.

و بعد دخولهم في الاسلام  ساهموا في نشره في اكبر رقعة و ساهموا كذلك في الاعتناء باللغة العربية كثيرا دون تجاهل او نسيان هويتهم الاصيلة من حيث اللغة و علمانيتهم المحلية بدليل ان المرابطون استطاعوا ملائمة خصوصياتهم مع الدين الاسلامي حيث كانوا يحكمون بالعرف الامازيغي المراعي لمقاصد الشريعة الاسلامية حيث كانت المراة كمثال سوف استحضره هنا حيث انها في عهدهم تتوفر على المسؤولية في حكم الدولة المرابطية المشهورة في التاريخ بفضائلها الكبرى على نشر الاسلام و انقاد الاندلس من السقوط في الفشل المهين بعد انشغال ملوك الطوائف في شهواتهم المعروفة..

انني وجدت في كتاب الدولة و المجتمع في العصر الموحدي معلومات مهمة حول مكانة المراة في العصر المرابطي حيث يقول الاستاذ الحسين اسكان مؤلف الكتاب يبدو ان افضل مدخل للاحاطة ببعض مميزات الاسرة و نظام القرابة لدى صنهاجة الصحراء و للتعرف الى المكانة الاجتماعية للمراة عند تلك القبائل و المقصود هنا هي قبائل صنهاجة الامازيغية و هي النواة الاولى لقيام دولة عبد الله بن ياسين في المغرب .

و يقول المؤلف و هو يتحدث عن شهادة متاخرة لكنها ذات قيمة تاريخية كبرى على اكثر من مستوى فهي شهادة رجل مطلع على احوال مجتمعات عديدة  و خبر كذلك المجتمع الصنهاجي باعتباره مكث بين ظهرانيهم المدة الكافية للاطلاع على اهم احوالهم و اوضاعهم بحكم علاقاته الشخصية ببعض افراد هذا المجتمع كالقضاة و التجار .

و هذه الشهادة المثيرة بالنسبة لي هي للرحالة المغربي ابن بطوطة حيث قام بزيارة لمضارب قبائل صنهاجة سنة 753 للهجرة الموافق لسنة 1353 م و استقر في مدينة ولاتة و لاحظ ان اغلب سكانها ينتمون الى قبيلة مسوفة احدى اهم القبائل  الصنهاجية الكبرى و المشهورة في الصحراء قبل العصر المرابطي و لمس عن قرب عاداتهم الاجتماعية و تقاليدهم خلال المدة التي قضاها بالمدينة و مما اثار استغرابه و اندهاشه هو المكانة التي تتمتع بها المراة هناك حيث هن اعظم شانا من الرجال حسب تعبير ابن بطوطة حيث قال تتجلى مظاهر هذه المكانة و الحرية التي تتمتع بها المراة المسوفية أي الامازيغية المسلمة في اربع عادات اساسية هي سفور النساء و عدم الاحتجاب و عدم الاحتشام من الرجال مع مواظبتهن على الصلوات .

و قد بالغ ابن بطوطة كثيرا و الى ابعد الحدود حيث قال بالحرف ان العادة الثانية هي الاختلاط بين الجنسين اذ تربط النساء علاقات صداقة مع الرجال خارج دائرة ذوي المحارم و يفعل الرجال نفس الشيء مع نساء المدينة الخ من هذه الامور التي بالغ فيها ابن بطوطة كثيرا  حسب اعتقادي المتواضع .

و يقول الاستاذ الحسين اسكان قد يتساءل سائل عن مدى صحة هذه المعلومات و مما يدفعه الى التشكيك في جديتها و مصداقيتها.

و بالاضافة الى توفر عدد  من المعطيات التاريخية التي لا تسمح نظريا بتواجد مثل هذه العادات في هذه المدينة الاسلامية في القرن الثامن للهجرة  و الرابع عشر للميلاد و في مقدمتها ان بلاد صنهاجة عرفت الاسلام منذ ازيد من خمس  قرون على الاقل أي منذ بداية القرن الثالث للهجرة حسب رواية ابن خلدون  و هي مدة كافية لترسيخ الاحكام الفقهية في الارث و النسب على الاقل الخ من هذه الاعتراضات.

و بالرغم من وجاهة هذه الاعتراضات التاريخية فان جل المعلومات الواردة في شهادة ابن بطوطة عن العادات الاجتماعية لسكان مدينة ولاتة و غيرهم من الصنهاجيين تؤكد المصادر التاريخية صحتها و كما تؤكد الدراسات الانثروبولجية وجودها و استمرارها لدى قبائل التوارك الى القرن الماضي  فاذا اخدنا عادة الاختلاط بين الجنسين لدى قبائل صنهاجة سنجد حسب المصادر الوسيطية انها أي هذه العادة كانت مستمرة منذ القرن الخامس الى القرن العاشر للهجرة على الاقل فالبكري بصفته مؤرخ يتحدث عنها سنة 460 للهجرة  و سنة 1068 للميلاد حيث يقول بمركز تجاري صحراوي هو مدينة تادمكا حيث كانت النساء يقومن باستضافة التجار الواردين على المدينة في منازلهن لعدم وجود فنادق خاصة لايوائهم كما هو الشان ببعض مدن الشمال و يقول و اهلها بربر مسلمون الخ من هذا الكلام .

  اذن ان الباحث في حضارتنا الامازيغية الاسلامية سيجد العديد من الحقائق التاريخية تبين استقلال المغرب الديني و السياسي عن الشرق العربي حيث قال الاستاذ  انمن الظواهر الناتجة عن الاقامة الخؤولية أي ان المراة عندما تتزوج تقيم عند اهلها هي تفوق مكانة المراة الاجتماعية على  مكانة الرجل كما لاحظ ابن بطوطة عن نساء مسوفة بقوله هن اعظم شانا من الرجال و تجلى هذا التفوق في جل المجالات مثل تتمتع المراة بحرية واسعة في مجتمعها و تشكل ظاهرة السفور و الاختلاط بين الجنسين و بالاضافة الى مساهمتها في الانشطة الاقتصادية.

و تتجلى حرية المراة كذلك في العادات المنظمة للاحوال الشخصية مثل امتلاكها لحق الطلاق كاجتهاد فقهي و فرض الزواج الاحادي على الرجال أي يمنع التعدد في الزوجات..

و كانت تعرف الاسرة ذات النسب الامومي بمعنى ان الابناء كانوا يحملون نسب امهم في العهد المرابطي مثل ابن عائشة الخ من هذه الاسماء العائلية  .

اذن هناك الكثير من المعلومات حول مكانة المراة في العهد المرابطي أي في عز الحضارة الامازيغية الاسلامية كمصطلح جديد من اختراعي المتواضع باعتباري منذ سنوات مراهقتي الحساسة التي شرحتها في كتابي صوت المعاق حيث انذاك كنت اسمع مصطلح الحضارة العربية الاسلامية في وسائل الاعلام الوطنية كالاذاعة و التلفزة و من المعروف في تلك السنوات أي بين 1998 الى سنة 2001 كان اعلامنا العمومي ينشر الفكر العروبي و الوعي الديني الرسمي بشكل فضيع .

لكن من الغريب و من المستغرب ان نسمع الان في عز ترسيم الامازيغية مصطلحات من قبيل الحضارة الاندلسية الاسلامية حين يتحدثون في برنامج تلفزيوني معين عن المعمار الديني الامازيغي و المنتشر في دول المغرب الكبير و في اسبانيا و جنوب الصحراء الافريقية من طبيعة الحال .

 غير ان الحقيقة تقول منذ الاستقلال تم الفصل التام بين الامازيغية كهوية هذه الارض و الاسلام كدين سماوي عالمي يهدف الى غايات نبيلة ترفض العنصرية و القبائلية بمفهومها الجاهلي..

 ان الاسلام في الاصل هو دين يقبل التعدد و الاختلاف الديني بحكم ان الرسول الاكرم صلى الله عليه و سلم عندما اسس الدولة الاسلامية في المدينة المنورة لم يطرد اليهود من وطنهم الاصلي بل كتب اول وثيقة مدنية في تاريخ الاسلام داخل الجزيرة العربية و المسماة بالصحيفة التي أقرت بحقوق اليهود داخل الدولة الاسلامية باعتبارهم مواطنين لهم دينهم و الحق في ممارسته بحرية تامة الخ من مبادئ الاسلام المتسامح في الاصل ..

و بينما في المغرب بعد الاستقلال تم مسخ هويتنا الاسلامية بصريح العبارة من جعلها تنطلق من المشرق عوض ان تنطلق من المغرب كهوية و كتاريخ اجتماعي عريض حيثتم استغل هذا المقدس الديني بشكل سلبي لاغراض دنيئة من قبيل محاربة التقدم بكل ابعاده  و إحلال منطق الاستبداد السلفي عبر تاويل النصوص الدينية وفق رغبات النظام انذاك و التيارات الاسلامية فيما بعد بغية تدمير الامازيغية برمتها و عزلها التام عن الاسلام و ابعادها عن مجال الشرعية الدينية بشكل مقصود و احلال في مكانها العروبة أي العروبة و الاسلام كشعار خالد في مرجعية النخبة الدينية الرسمية و مرجعية جل التيارات الاسلامية ببلادنا..

ماهية النتائج؟                                    

منذ الاستقلال الشكلي ظل امازيغي المغرب يشعرون امام السلطة و اعلامها المخزني و امام نخبتها الدينية انهم غير مسلمين على الاطلاق او انهم مسلمين لكن بشرط ان يكونوا عربا في اللسان و في الانتماء الهوياتي.

ان مبادئ ايديولوجية  الظهير البربري هي سلفية بالاساس مع نزعة عرقية نحو العروبة حيث على امازيغي المغرب نسيان هويتهم الاصيلة بمختلف ابعادها نهائيا بدعوة انها نعرة جاهلية جاء بها الاستعمار الفرنسي للتفرقة بين المغاربة و تنصير البربر بمعنى ان منطق هذه الايديولوجية يقول اذا اراد أي امازيغي ان يكون مسلم حقيقي فعليه نسيان هويته و يلبس الطربوش الفاسي كما هو معروف لدى العامة الا ان هذا الطربوش اصلا هو تركي حيث نشاهده في المسلسلات المصرية التي تحكي عن تاريخ مصر مثل مسلسل ليالي الحلمية  بمعنى ان هذا الطربوش اصبح رمز وطني و ديني كغيره  من ملامح ثقافة المخزن التقليدي مثل الطرب الاندلسي كموضوع يستحق العديد من القراءات حيث سارجع اليها لاحقا و العروبة العرقية اي منذ سنة 1956 يعتبر المغرب بلد عربي خالص .

و عليه ان يكون سلفي لكن على مقاس الحركة الوطنية بغية ان لا يتقدم نهائيا و يقدس المشرق و لا شيء اخر غير المشرق هوية و تقاليد و فكر ينظر من خلاله الى ذاته نظرة الاحتقار و التكفير بينما سلفية الحركة الوطنية تعايشت مع الدولة العصرية التي تركتها فرنسا و تعايشت مع مظاهر التغريب لكنها رفضت ان تعايشت مع امازيغية المغرب.....

ان نتائج ايديولوجية  الظهير البربري على الوعي الديني الرسمي هي كثيرة حيث غايتها المقصودة هي ابادة الامازيغية بكل ابعادها و بما فيها بعدها الديني الضخم من طبيعة الحال.

منذ بداياتي الاولى في الكتابة و النشر على شبكة الانترنت اواخر سنة 2005 حيث كنت قبل ذلك التاريخ اطالع الكتب و الجرائد و اشاهد القنوات الوطنية او المشرقية حيث بدات اكتشف شيئا فشيئا بعض اسباب تهميش الامازيغية بشكل سطحي لم يتطور هذا الوعي الا بعد سنوات من الكتابة و النشر و قراءة افكار اساتذة الحركة الامازيغية كالاستاذ شفيق و الاستاذ عصيد و الاستاذ الخنبوبي و الاستاذ ارحموش و الاستاذ الدغرني  الخ من هؤلاء  الاساتذة الكرام و الذين ساهموا بشكل كبير في تطوير قناعاتي الشخصية من خلال مقالاتهم و كتبهم القيمة.

علينا ان نعترف و ندرك جيدا وجود تخلف فظيع الى اقصى الحدود و الدرجات لدى اغلب علماءنا و فقهاءنا الكرام منذ عهد  المرحوم المختار السوسي الذي خدم بقصد او بدونه مشروع الحركة الوطنية الكبير و المتمثل في جعل الامازيغيين انفسهم  يؤمنون ايمانا عميقا بان هويتهم العريقة كانت تساوي العمالة للاستعمار و الجاهلية كمصطلح استعملته الحركة الوطنية   كثيرا بغرض ايهام الجميع  بان اجدادنا كانوا يعيشون في ما يسمى بالجاهلية  طيلة هذه القرون حتى أطل عليهم فجر يوم 16 ماي 1930 بظهير استعماري يدعوهم الى التنصير و القضاء على الاسلام من خلال الحكم باعرافهم البعيدة عن هذا الدين و مقاصده بشكل نهائي و تام كما يقولون ثم جاء ظهورهم كنخبة وطنية تدعي الصلاح و التقوى و اهدافها المعلنة هي تحرير البلاد من الاستعمار و مشاريعه الهادفة الى تنصير البربر و فرنستهم بمعنى تجنيسهم ثقافيا الخ من الادعاءات التي صدقها معظم الامازيغيين عامة و نخبتهم الدينية خاصة بحكم التاويل الخاطئ و المقصود لظهير 16 ماي 1930 و في مقدمة هذه النخبة هو المرحوم المختار السوسي كرجل عاش في سياق تاريخي يتميز بالاستعمار و بعد ذلك عاش نشاة دولة الاستقلال على تعاقد ايديولوجي خطير بين العروبة باعتبارها الهوية الثقافية الوحيدة للمغاربة رسميا في ذلك الحين و الاسلام لكنه ببعده الغير اصيل في بيئة المجتمع المغربي و غير قابل للاجتهاد و التحديث و الضامن لمركزية للعروبة و السلفية ضد الامازيغية و ضد أي تقدم يحققه امازيغي المغرب في درب نضالهم الطويل الذي استغرق اكثر من 45 سنة .

و ايضا كان المختار السوسي اول وزير للاوقاف و الشؤون الاسلامية في عهد الاستقلال و كان من دعاة التعريب الشامل و تقديس العروبة باعتبارها ضرورية للحفاظ على الاسلام في المغرب و كانت الامازيغية بالنسبة اليه هي مجرد لهجة يتحدث بها اهل سوس لا اقل و لا اكثر بالرغم من انه كتب كثيرا عن تاريخ هذه المنطقة و علماءها و قدم العديد من الحلقات الاذاعية بالامازيغية.

 الا ان المختار السوسي حسب اعتقادي المتواضع كان مجبرا على مسايرة السياق العام و الحساس بالنسبة للهوية الامازيغية حيث ان بداية الاستقلال حدثت احداثا تاريخية على مستويات كثيرة  مثل احداث الريف سنة 1958 و سنة 1959 الخ .

اذن الذي اريد الوصول اليه هو ان اسباب تخلف نخبنا الدينية الفظيع تتعلق اساسا بتراكمات ايديولوجية سلفية او عروبية استطاعت البقاء و الرسوخ  لازيد من نصف قرن من الزمان في عقول نخبتنا الدينية حتى اصبحت غير مؤهلة نهائيا لاستيعاب و فهم سياقنا الحالي و المتميز بثورات الشباب في شمال افريقيا و الشرق الاوسط رافعين شعارات التغيير و الاصلاح العميق في كل مناحي الحياة السياسية و الاقتصادية و الثقافية.

و من بين نتائج هذه الايديولوجية هي قمع بعدنا الديني باعتبارنا مسلمين حيث انني منذ صيف 2006 بدات اكتشف الحيف الكبير و التهميش الفظيع التي تعانيه الامازيغية كبعد ديني بوجه خاص حيث هناك العديد من الاساطير و القيم المخترعة من طرف دعاة التعريب و السلفية الدخيلة بهدف الكذب على عامة المغاربة منذ سنة  1956 بغية تحقيق الفصل التام بين الامازيغية و الاسلام بشكل  نهائي ضمانا لنجاح مشروع الحركة الوطنية و المتمثل في تعاقد خطير بين العروبة و الاسلام.

 و من ابعاد هذا المخطط الشيطاني جعل الامازيغية تساوي  التنصير و الالحاد و تحويل الامازيغيين من قيمهم الاصيلة كالعلمانية المحلية و المفهوم العقلاني للاسلام الى قيم المشرق الرجعية كالتعريب و السلفية بواسطة استغلال عاطفتهم القوية للدين الاسلامي و من ابعاد هذا المخطط كذلك هو طمس البعد الديني لدى الامازيغيين الضخم بالنسبة لي بهدف ترسيخ اعتقاد خطير و مغلوط يفيد ان الامازيغيين لا يتوفرون على أي بعد ديني او حضاري اطلاقا مما يعطي الشرعية الدينية و الثقافية للعروبة لتحكم و تنفذ مشاريعها الايديولوجية بكل حرية دون ادنى اعتراض من طرف نخبتنا الدينية المتخلفة اصلا او من طرف نخبنا السياسية الغارقة في احضان قيم المشرق العربي من قبيل نظرية المؤامرة و الدفاع عن قضايا المشرق اكثر من الدفاع عن قضايانا المجتمعية و التنموية.

ان البعد الديني لدى الامازيغين لا يمكن اختزاله في كتاب واحد او كتابان او كتبا باعتباره ضخم  من حيث التاريخ و اقصد تاريخ المغرب الاسلامي أي منذ اسلم اجدادنا و ذهابهم الى المدينة المنورة قصد لقاء الرسول الى اليوم من خلال المعمار الامازيغي الاسلامي المنتشر في شمال افريقيا و الاندلس  و جنوب الصحراء الافريقية و من خلال علماء الدين و التصوف من اقدم عالم دين الى الاستاذ الحسين جهادي اباعمران مترجم معاني القران الكريم الى اللغة الامازيغية و من خلال العادات و التقاليد الامازيغية الاسلامية حيث لا يكفي كتاب او كتبا لمعرفة هذه الاخيرة و تنصيفها و تحليل دلالاتها التاريخية و الحضارية حيث حاولت ذكر بعضها في بداية هذا الكتاب و ساذكر بعضها الاخر لاحقا.

و من حيث المقاومة الامازيغية للاستعمار الفرنسي و الاسباني حتى قبل  توقيع عقد الحماية سنة 1912 بمدينة فاس بوصفها العاصمة العلمية للمغرب و بوصفها كذلك انجبت رموزا نامت الى 1930 ثم استيقظت فجاة لتعلن نيتها مقاومة الاستعمار بالقلم و الخطابات المغرضة ضد شرعية الهوية و الثقافة الأصيلتان لهذه الارض بينما كان اجدادنا الامازيغيين في ساحة المعركة و الاستشهاد و الدفاع عن الاسلام و الارض و العرض منذ اللحظات الاولى حيث يتذكر التاريخ الحقيقي مجموعة من الرموز و الاحداث ذات حمولة رمزية مثل حدث معركة انوال بالريف و معركة بوكافر في جبال المغرب العميق و هناك حقائق كثيرة في هذا المجال مثل ان جل مناطق سوس لم يدخلها الاستعمار الا بحلول سنة 1934 أي بعد معارك بطولية خاضها اجدادنا الكرام ايمانا منهم بضرورة تطهير البلاد من التدخل الاجنبي بوصفه يدين بدين المسيحية حتى قبل تحرير وثيقة المطالبة بالاستقلال بتاريخ 11 يناير 1944 كما تسمى  ..

غير ان الحدث الابرز بالنسبة لي هو رفض قبائل ايت باعمران المجاهدة  قانون التجنيس الاسباني في 1947 و الرامي كما يعلم الباحثين في تاريخنا الى تغيير معالم هويتهم الدينية و الثقافية حيث لم نسمع عن حدوث اية مظاهرة هنا او هناك تستنكر محاولة تنصير هذه القبائل المجاهدة كما هو الحال بالنسبة لصدور ما أطلقت عليه الحركة الوطنية بالظهير البربري ظلما و بهتانا..

ان من ابرز مظاهر قمع البعد الديني لدى الامازيغيين و ابعادهم عن نطاق الاصالة المغربية هي ظلت اجيال بعد الاستقلال تشاهد على شاشات التلفزيون المغربي حصصا من الطرب الاندلسي خصوصا في مناسباتنا الدينية مثل عند افطار الناس في شهر رمضان و في صباح اعيادنا الدينية حتى اعتقدوا ان الطرب الاندلسي يحمل القداسة و من بينهم انا عندما كنت صغيرا في فترة التسعينات لكنني  عندما كبرت  اكتشفت ان الطرب الاندلسي يدخل ضمن مظاهر قمع البعد الديني البارزة ..

 يمكن قراءة هذا التقليد الاجباري قراءات عديدة و منها ان الحركة الوطنية أرادت إقناع عامة المغاربة بان الامازيغيين ليس لهم أي بعد ديني على الاطلاق و ليس لهم اية علاقة بالاسلام و بالوطن بشكل عام .

ثانيا ارادت الدولة و حركتها الوطنية تاصيل الطرب الاندلسي من خلال جعله في وعي المغاربة الديني بوجه خاص شيئا مقدسا حيث اتذكر قليلا في اواخر عقد الثمانينات و في عقد التسعينات كان يبث الطرب الاندلسي ايام الجمعة كذلك حيث من المعروف فضل يوم الجمعة دينيا لان المسلمون يصلون صلاة الجمعة و ياكلون الكسكس كعادة اصيلة في بلادنا...

ان وعي اغلبية المغاربة الديني قد اصابه الكثير من العقد تجاه هويتهم الامازيغية بسبب ايديولوجية الظهير البربري الحقيرة  في ظل غياب نخبة دينية متنورة الى حد الان..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أي دور للسلفية الدينية  الرسمية في جعل الامازيغية تتناسب مع الالحاد؟

مقدمة مطولة                                                   

لو كانت السلفية الدينية مذهب فكري او اتجاه سياسي يدعو المسلمين باختلاف هوياتهم الثقافية و اللغوية و المذهبية الى معاني التقدم و الحداثة لوصل العالم الاسلامي لقيادة الامم و الشعوب بفضل جمالية الاسلام كدين و كمرجعية اخلاقية عالية من قيم الحياء و الاحترام حتى مع المختلف على المستوى الديني أي المسيحي او اليهودي او غير مؤمن باي دين اصلا ....

 ان الاسلام يمكنه لعب دوره الحضاري و الانساني لكن بشرط اعادة قراءة نصوصه الدينية قراءة معاصرة بحكم ان العالم اليوم يتغير في كل دقيقة بفضل العلوم الحديثة و الانظمة الديمقراطية في اوربا و في الولايات المتحدة الامريكية.

لكن السلفية الدينية على مستوى عالمنا الاسلامي حسب فهمي المتواضع هي تنادي   الى الرجوع الى الوراء من خلال تطبيق الدين كما فهمه السلف الصالح منذ 1200 عام حيث ان هذا لا يمكن من الناحية المنطقية و من الناحية العملية لان الفكر الحديث يرفض الاستبداد باسم الدين و قمع الحريات الجماعية و الفردية باسمه الخ من مبادئ الكرامة الانسانية .

     ان السياق الحالي قد فرض علينا كمسلمين مجموعة من المتغيرات  و المستجدات  بحكم تطور العلوم الانسانية لدى الغرب المسيحي بشكل سريع حيث ان معظم المسلمون يحاولون اليوم زرع فكرة المعاداة للغرب كحضارة عظيمة  بعيدا عن تاويلات البعض الايديولوجية لان العاقل منا لا يستطيع ان ينكر ان الحضارة الغربية ببعدها المفيد و ليس ببعدها الاستعماري ساهمت في نهضة الانسانية جمعاء من خلال اكتشافاتها العظيمة في شتى الميادين كالتعليم و الصحة و السياسة من خلال انظمة متطورة تسمح بالتداول السلمي على السلطة عبر الانتخابات تطبعها الشفافية و النزاهة.

 و على مستوى التدبير الجهوي داخل الدولة الواحدة فكل جهة تتوفر على اختصاصاتها و على هوياتها المحلية دون التخوف من شبح التقسيم الخ من عبقرية الحضارة الغربية ببعدها المفيد بينما نحن المسلمون مازلنا نعيش خارج السياق الراهن على المستوى العالمي بالاف من الكيلومترات حيث لم نستطع حتى اليوم ان نتفاعل بشكل ايجابي مع تحولات العالم اليوم و لم نستطع حتى الان ايجاد حلول واقعية لتخلفنا الحضاري و الديني العميق على الخصوص  حيث مازال بعضنا يؤمن بضرورة اقامة الخلافة الاسلامية على اساس العودة الى منهج السلف الصحيح بالنسبة اليهم دون استحضار لتحديات هذا العصر و  اشكالياته  الصعبة بالنسبة لنا كمسلمين مؤمنين بالنسق العلماني و رافضين لمنطق المنهج السلفي جملة و تفصيلا لاعتبارات موضوعية لا يمكن اختزالها في مسالة معينة او حقوق فئة معينة..

ان المنهج السلفي بطبعته الوهابية يدعو الى قراءة الاسلام وفق اجتهادات فقهاء عاشوا في القرون الاولى بعد وفاة النبي صلى الله عليه  و سلم  في عز الخلافة الاسلامية ببعدها الاستبدادي و ببعدها الجاهلي لان العرب رجعوا الى جاهليتهم الاولى من خلال فتوحاتهم العربية بحكم ان القران الكريم لم يدعو الى السبي و العنصرية كما فعلت الدولة الاموية تجاه اجدادنا الامازيغيين الخ بمعنى ان المنهج السلفي يمنع  المسلمين  ان يصبحوا اسياد هذا العالم في ميادين العلم و المعرفة الانسانية.

و بينما ان دول الغرب المسيحي قد بلغت النجاح و التفوق العلمي بفضل تخليها عن ممارسة الاستغلال عن طريق الدين و استعماله كوسيلة لقمع التقدم و الحريات العامة و من بينها حرية المعتقد حيث هناك يتمتع المواطن بحق اختيار دينه و ممارسة طقوسه بكل حرية طبعا في اطار القانون..

غير انني اعتقد شخصيا ان العلمانية الغربية التي ذهبت بعيدا في تطرفها بحظرها لحجاب المراة المسلمة في المؤسسات العمومية بفرنسا بالاعتبار ان الحجاب هي مسالة شديدة الحساسية بالنسبة لاغلب النساء المسلمات بحكم مجموعة من الاعتبارات لن ادخل في تفاصيلها بصفتي لست فقيها في الدين .

اذن ان الغرب المسيحي بدا نهضته الاصلاحية منذ قرون حيث  لست ادافع هنا عن الغرب كعولمة متوحشة تريد محو خصوصياتنا الدينية و الثقافية و انما ادافع عن الغرب كقيم الحداثة و حقوق الانسان في دوله حيث علينا التحلي بالموضوعية في بناء افكارنا و مواقفنا بحكم ان هذه القيم هي نفسها موجودة اصلا في ثقافتنا الامازيغية و في ثقافتنا الاسلامية كذلك..

ان اغلب دول العالم الاسلامي مازالت تعيش تحت وطأة الاستبداد بكل اشكاله بحكم تخلف خطابها الديني و اقحام الدين في السياسة العمومية بشكل دقيق حيث ليس العيب في الدين نفسه انما العيب في كيفية قراءته التي تجعل المسلمين عبيدا للماضي بشكل بعيد حتى اصبحوا لا يؤمنون بمفهوم التطور مع السياق الحضاري و لا يؤمنون بضرورة تجديد الفكر الديني لننطلق كامة اسلامية  فعلا في مسار النهضة الشاملة .

غير ان الواقع يقول شيء اخر حيث اذا اردنا ان نمارس النقد الذاتي على فكرنا الديني المتخلف اصلا سندخل حسب راي البعض الى خانة الالحاد و العمالة للغرب الكافر في احسن الاحوال..

ان اغلب دول العالم الاسلامي مازالت  تستعمل القراءة السلفية للدين لتحصين شرعياتها التاريخية و الايديولوجية و الحفاظ على ثوابتها الرسمية كأن المقدس الديني مجرد وسيلة تستعمل  ضد دعاة حقوق الانسان بمفهومها العام و ضد التيارات المتنورة داخل العالم الاسلامي من قبيل الحركات النسائية و الحركات المدنية و الحركات الامازيغية المتواجدة  في منطقة شمال افريقيا بغية احياء الشرعية التاريخية و الحضارية و الدينية للامازيغيين  باعتبارهم السكان الاصليين في هذه الرقعة الجغرافية الشاسعة .

الامازيغية قيم اصيلة تعادي السلفية الدينية نهائيا                     

ان السلفية الدينية بمختلف ايديولوجياتها كما اسميها هي دخيلة على حضارتنا الدينية الامازيغية كما هو معلوم حيث لا يستطيع أي عاقل او باحث في ثقافتنا الام ان ينفي ان الامازيغية تتوفر على تقاليد تتعارض مع المنهج السلفي بشكل عظيم حيث من الطبيعي حدوث هذا التعارض الكبير لان الامازيغيين استطاعوا الاجتهاد و الابداع ببعده الفني و كذا ببعده السياسي لكن اغلب الناس ليس لديهم اية دراية بتاريخ بلادهم سواء قبل الاسلام او بعده بحكم ان السلطة ارادت منذ الاستقلال جعل الامازيغيين على وجه الخصوص عبيدا للقراءة السلفية للاسلام بشكل دقيق من اجل تحويلهم الى شعب اخر يكره التطور بمفهومه الحداثي و يكره ذاته الامازيغية باعتبارها نعرة جاهلية تدعو الى الالحاد الخ من كلام دعاة السلفية الرسمية في المغرب مثل المرحوم علال الفاسي و المرحوم المكي الناصري ..

ان الامازيغيين ذهبوا ضحية لسياسة تدبير الحقل الديني منذ سنة 1956 الى حد الان بحكم ان هذا التدبير تأسس على رغبات السلطة و على توجهات الحركة الوطنية الايديولوجية التي تحدثت عنها باسهاب في كتابي هذا حيث اذا اراد أي كان ان يدافع عن شرعية المنهج السلفي في هوية المغرب الثقافية و الدينية فانه لن يجد امامه الا  حقائق تؤكد على ان اجدادنا لم يؤمنوا قط بشيء اسمه السلفية الى حدود سنة 1930 مع صعود العاطفة الدينية المزعومة لدى العائلات المعروفة في مدن فاس و الرباط و سلا .

انني لم انطلق ابدا في معاداتي العميقة للسلفية من منطلق العاطفة او من منطلق الدفاع عن النسق العلماني الذي اؤمن به منذ سنوات شبابي الاولى من خلال  مقالاتي المنشورة على الانترنت.

بل انطلق في معاداتي العميقة لهذا المرض الخطير بحكم تعرفي المبكر على المنهج السلفي عندما دخلت الى مؤسسة الوردة الرملية للاطفال المعاقين عام 1996  كما شرحته في كتابي صوت المعاق حيث كانت مديرة تلك المؤسسة مسيحية الدين و فرنسية اللسان و الاصل لكنها كانت نموذجا للتضحية من اجلنا كاطفال معاقين انذاك في مدينة اكادير ..

و كانت معلمتي الاولى في تلك المؤسسة ذات النزعة السلفية حيث كنت انذاك مازلت طفل صغير عمره 12 عاما قد جاء من وسط امازيغي اللسان و الثقافة حيث كنت لم اعرف قط شيء اسمه السلفية في بيتنا لان ابي كان انسان واعي بتاريخ بلاده و بهويته الام بمعنى انني لم اتعرف على الفكر السلفي حتى وصلت الى عند تلك المعلمة التي حاولت تمرير بعض افكارها من قبيل ان اللغة العربية هي لغة اهل الجنة و اننا عرب و ان النصارى و اليهود كفار سيدخلون النار و شوقها للذهاب الى السعودية للاستقرار  الخ من افكارها السلفية التي حاولت زرعها في عقلي الصغير انذاك .

عندما كبرت قليلا كنت اتابع الفضائيات الدينية حيث تعرفت على هذا المرض الخطير داخل الفكر الاسلامي بشكل كبير حيث انني اؤمن بالتسامح بين الديانات و بين المذاهب الاسلامية مثل الشيعة و السنة و اؤمن بالمساواة بين الرجل و المراة  في الحقوق و الواجبات حيث حينما يسمع الانسان الاوربي ان السعودية باعتبارها مهد الاسلام مازالت تمنع المراة من قيادة السيارة سيقول في نفسه ما هذا الاسلام المتخلف الذي يمنع المراة من مجرد قيادة سيارتها الخاصة و سيعتقد ان الاسلام هو هكذا منذ عهد سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام الذي اعطى حقوقا للنساء في مختلف مناحي الحياة العامة و من بينها السياسية و العسكرية حيث كانت النساء يشاركن مع النبي في حروبه مع عرب مكة و الجزيرة العربية بصفة عامة .

و هكذا اكتشفت ان السلفية الدينية هي العامل الاول لتحطيم صورة الاسلام    خصوصا في اوربا و في امريكا خاصة بعد 11 شتنبر 2001  حيث ان الانسان هناك لن يدخل الى الاسلام و هو يعرف سالفا ان بعض الدول الاسلامية مثل السعودية لا تحترم حقوق الانسان و تمنع حرية الاعتقاد نهائيا حيث سيقول في نفسه انني لن ادخل الى هذا الدين بسبب ان اهله يعيشون تحت الاستبداد بكل ابعاده و تحت القمع الوحشي الخ من هذا الكلام المنطقي حسب اعتقاد هذا الانسان هناك في بلدان حقوق الانسان و الحريات  ......

و من المنطلق اؤمن ايمانا عميقا كانسان مسلم متنور ان دور السلفية الدينية الرسمية بالمغرب في جعل الامازيغية تتناسب مع  مصطلح الالحاد هو صريح و واضح لا يحتاج الى جدال طويل لان الحركة الوطنية استعملت مرات عديدة مصطلح الجاهلية الذي يعني بكل بساطة الالحاد بشكل كبير مثل قولها انالبرابر انسلخوا عن الاسلام و رضوا بما فرض عليهم الاستعمار من الابتعاد عن نظام الشريعة الاسلامية و قبلوا التحاكم الى الاعراف الجاهلية أي ان اجدادنا الامازيغيين كانوا يعيشون في الجاهلية طيلة هذه القرون الطويلة حتى ميلاد الحركة الوطنية المزعومة سنة 1930 بمعنى ان الحركة الوطنية حاولت نشر السلفية الدينية حسب مقاسها الايديولوجي لان دولة الاستقلال ليست دينية خالصة حيث انها لم تطبق الشريعة الاسلامية نهائيا بل طبقت القانون الوضعي الفرنسي على مختلف مناحي الحياة العامة  باستثناء الاحوال الشخصية و الشان الديني أي المقاس الايديولوجي للحركة الوطنية كان لا يرمي اطلاقا الى تطبيق الشريعة الاسلامية  كما هو الحال بالنسبة للسعودية و السودان الخ بل يرمي الى جعل الامازيغيين عبيدا للسلفية الدينية الى يوم القيامة بحكم عاطفتهم القوية    نحو الاسلام و نحو العربية كلغة فقط و خصوصا نخبتهم الدينية قصد تحقيق التعريب الهوياتي الشامل أي الانتماء الى المشرق العربي ايديولوجيا و سياسيا و عقائديا..

و من هنا نفهم موقف تيارات الاسلام السياسي من القضية الامازيغية طيلة عقود من الزمان باعتبارها تنطلق من الدعوة السلفية التي ترى ان الامازيغية بكل ابعادها تعتبر نعرة جاهلية يجب القضاء عليها لان اللغة العربية هي لغة اهل الجنة لكن العاقل سوف يتساءل هل اللغة العربية هي لغة اهل النار كذلك و الله اعلم باعتبارنا لم نسمع قط بان احد عاد من القبر ليخبرنا باية لغة كان ملك الملوك يخاطب بها العالمين بعد الممات

 

 

 

 

الجذور الواقعية لتاسيس الحركة الامازيغية سنة 1967

مقدمة                                                     

ان أي عمل تاسيسي مهما كان نوعه عليه الانطلاق من الجذور التاريخية و الحضارية فان الامازيغيين عندما هجروا من مناطقهم  نحو المدن المغربية الكبرى مثل الدار البيضاء و الرباط و فاس في عقد ستينات القرن الماضي قصد طلب العلم العصري في الجامعات شعروا بالحكرة و بالميز و بالاحتقار باعتبارهم حاملين لثقافة لم تكن معروفة في تلك المدن نهائيا بسبب منظور السلطة تجاه الثقافة و الهوية الوطنيتان بل هناك فصل تام بين المركز و الهوامش في كل شيء حتى في التنمية حيث كانت هذه الهوامش الشاسعة انذاك تعيش في الظلام التام من حيث الفكر و التعليم و الوسائل الاساسية للحياة العصرية مثل الطرق و الكهرباء الخ..

انني اتذكر ان دوارنا الذي اسمه اسك المتواجد في منطقة ايموزار اداوتنان نواحي مدينة اكادير كان في بدايات التسعينات لا يتوفر على الكهرباء بل كان الناس يستعملون الطاقة الشمسية كما قلته في كتابي صوت المعاق و اما البث الاذاعي بالامازيغية كان ضعيف للغاية بحكم وجود تشويش من طرف الاذاعات الاسبانية بمعنى  ان هذه الهوامش الشاسعة كانت تعيش في عزلة تامة عن العالم الخارجي خصوصا في فصل الشتاء المتميز بالامطار و الثلوج و البرد القارس الى حد الان في بعض المناطق .

ان هؤلاء الشباب المتعلم في التعليم العصري وجد ان لغتهم و هويتهم الامازيغية هي مثل لغات و هويات العالم من حيث الحضارة و من حيث التاريخ و من حيث القيم لكن انذاك كان من المستحيل ان يتحدث احد داخل الجامعة بالامازيغية و بالاحرى الدفاع عن شرعيتها كلغة و كثقافة فقط  بحكم ان ذلك السياق لم يكن يسمح نهائيا بذكر الامازيغية كموضوع لاي نقاش لغوي او ثقافي بحكم ايديولوجية الظهير البربري حيث تصوروا معي ذلك السياق الحساس بالنسبة للامازيغيين عموما و نخبتهم العصرية كما ساسميها بحكم ان هذه الاخيرة وجدت ظلام دامس امامها و وجدت فراغ كبير من حيث المصادر التي تتحدث عن الثقافة الامازيغية اللهم ما تركه الباحثين الفرنسيين او ما تركه المرحوم المختار السوسي الذي توفي سنة 1963 أي لم يعيش لحظة انطلاقة الحركة الثقافية الامازيغية مع ميلاد الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي في يوم 10 نونبر 1967 بمدينة الرباط ..

لكن قبل هذا التاريخ بسنوات بدا الاستاذ محمد شفيق الذي ولد سنة 1926 باحدى قرى اقليم فاس نضاله الامازيغي الطويل منذ سنة 1963 من خلال كتابة لمجموعة من المقالات تحت عنوان تراثنا المجهول و يقول في احدى التسجيلات في يوتيوب انه شارك في مظاهرات بعد صدور ما يسمى بوثيقة المطالبة بالاستقلال سنة 1944 بمعنى انه كان مؤمن بافكار الحركة الوطنية المعادية لكل ما هو امازيغي حتى سنة 1947 حيث حدث تغييرا عظيما في افكار الاستاذ شفيق حيث كان معلما في احدى قرى الاطلس المتوسط و انذاك كان عمره هو 21 سنة حيث  حضر العشاء عند مترجم بين العربية و الفرنسية و اصله من سلا و حضر في ذلك العشاء شيخ وقور و هو رئيس محكمة عرفية.

و دار الحديث بين المترجم و الشيخ الوقور حول مسالة العرف الامازيغي حيث قال المترجم السلاوي عليكم التخلي عن العرف الامازيغي باعتباره من نتائج الاستعمار الفرنسي و التحاكم الى الشريعة الاسلامية بصفة نهائية فاجاب الشيخ الوقور نحن نطبق الشريعة الاسلامية لكن بالعقل حيث لا نطبق عقوبة الاعدام في حق مجرم ما بل نمارس عقوبة النفي من القبيلة مدة 10 سنوات او 20 سنة حتى يتعقل و نكسبه من جديد كعضو فاعل داخل القبيلة و اشير هنا ان عقوبة الاعدام لا تطبق في القانون الوضعي الامازيغي منذ قرون طويلة بمعنى ان خصوصياتنا كانت تتماشى مع منظومة حقوق الانسان الدولية الان  .

 و منذ ذلك الوقت اكتشف الاستاذ محمد شفيق انه كان على خطا عظيم باعتباره كان يعتقد ان التقاليد الامازيغية تتعارض مع الاسلام و مع الوطنية كما تعلمه في دروس الوطنية المزعومة بثانوية ازرو المعروفة تاريخيا بانها شكلت وعي اولي بالامازيغية و هذا ليس صحيحا بالمرة بالنسبة لي لان الاستاذ محمد شفيق كان قبل سنة 1947 شابا يعادي كل ما يتعلق بالامازيغية لغة و ثقافة و اعرافا قانونية .

و من هذا المنطلق علينا ان نفهم بان الانطلاقة الحقيقية للحركة الامازيغية هي تاسيس الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي سنة 1967 على يد النخبة العصرية امثال الاستاذ ابراهيم اخياط و المرحوم علي صدقي ازايكو و الاستاذ الحسين ايت باحسين الذي دخل الى الجمعية عام 1975 حسب قوله لي عبر الفايسبوك و الاستاذ علي صافي مؤمن و الاستاذ احمد بوكوس و الاستاذ محمد مستاوي و الفقيه المرحوم عبد الله الجشتيمي و الفقيه المرحوم امحمد العثماني الذي كان متعاون مع الجمعية حسب قول الاستاذ ابراهيم اوبلا لي و القائمة مازالت طويلة .

مجموعة اوسمان

ان من ابرز انجازات الجمعية في ظرف عشر سنوات الاولى من حياتها بالنسبة لي هي تاسيسها لمجموعة اوسمان قصد تجديد الاغنية الامازيغية مع الحفاظ على طابعها الاصيل.

انني قد كتبت مقالا تكريما صيف 2012 حول الاستاذ المرحوم عموري امبارك كعضو اساسي داخل مجموعة اوسمان حيث قلت فيه ادا أردنا ان نفهم اسباب ظهور الاغنية الامازيغية العصرية فلا بد من الادراك ان الفن الامازيغي بمعناه التقليدي  ظل بعد الاستقلال في خانة الاحتقار و الاقصاء التام تحقيقا لسياسة التعريب الشامل و تحقيقا لسيادة الطرب الاندلسي  باعتباره يمثل  الاصالة المغربية و يمثل لوحده هويتنا الاسلامية المغربية لعقود من الزمان حتى اصبح الناس الان يربطون بين الطرب الاندلسي و مناسباتنا الدينية بل هناك من يربط هذا الطرب بالدين نفسه و يرفعه الى مقام التقديس.

و من هذا المنطلق نفهم ان الفن الامازيغي بمعناه التقليدي كان يعاني من احتقار و من تمييز شديد مما جعل الامازيغيين يفكرون في مشروع تجديد الاغنية الامازيغية من حيث الايقاع و من حيث المضمون الشعري الذي يعتز بهويتنا الام و يناضل من اجل  حقوقها الثقافية انذاك.

 ان هذه المدرسة أي مجموعة اوسمان نشأت في بدايات النضال الامازيغي الاولى مع الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي حيث ان هذه المدرسة واكبت تطور الاغنية الامازيغية و انتقالها من طابعها التقليدي  الى طابع اخر يحمل شعار المعاصرة و التجديد ..
ان هذه المدرسة اسست على مصطلحان اساسيان و هما الاصالة و المعاصرة حيث ادا أردنا ان نحلل هذان المصطلحان فنيا فلا بد من ان نستحضر اجواء عقد الستينات و السبعينات بالمغرب حيث ان اغلب شباب هذان العقدان كانوا لا يعرفون شيئا عن تراث اجدادهم الفني خصوصا في المركز بسبب سيادة الاستلاب الثقافي و سيادة موجات الموسيقى الآتية من الشرق او من الغرب مما جعل بعض الشباب يفكرون في تاسيس مجموعاتهم العصرية التي تغني بالامازيغية في سوس و في منطقة الريف او بالدارجة لاستقطاب الشباب للعودة الى اصالتهم المغربية عوض نسيانها و تجاهلها نهائيا و في نفس الوقت التعلم بان مسايرة المعاصرة هو شيء ضروري في كل العصور و الأزمنة لكن هناك ضوابط يجب احترامها حيث اننا في نهاية المطاف نعتبر مجتمع مسلم له قيمه و تقاليده المحافظة ببعدها الايجابي و بعدها السلبي دون أدنى شك  .

و ولد الاستاذ عموري امبارك في الخمسينات باحدى قرى اقليم تارودات  حيث  كانت طفولته عادية كاي طفل حيث كان يرافق شقيقته الى المسجد لتعلم كتاب الله العزيز و مارس الرعي..

 لكن حدثت احداث حولت طفولة عموري امبارك الى ماسات حقيقة مثل وفاة أبوه و امه و هو طفل 8 سنوات و بعد سنوات هاجر قريته نحو

 تارودانت قصد البحث

عن شقيقه و صادف رجل الامن فجلبه الى احدى المؤسسات لرعاية الايتام فوجد عموري امبارك شقيقه هناك صدفة .
و ظل هذا الفنان يعيش في هذه المؤسسات الخيرية حتى كبر و وصل الى مستوى معين من التعليم.

 و انخرط في اول تجربة فنية مع مجموعة سوس فايف ذات النمط الغربي حيث انها تغني بالانكليزية و هذه المجموعة كانت معروفة على صعيد سوس بالرغم من نمطها الغربي الدخيل على مجتمع اواخر الستينات التقليدي بمعناه الديني و بمعناه الاجتماعي .
ان عموري امبارك كان يحلم ان يغني بالامازيغية في ذلك الوقت حيث سينتظر حتى سنة 1973 حيث شاركت مجموعته في زفاف احد اصدقاء الاستاذ ابراهيم اخياط بتيزنيت..

 و كان الاستاذ اخياط  يبحث انذاك عن صوت جميل بهدف الاقتراح عليه مشروع تاسيس مجموعة عصرية تغني بالامازيغية و تحمل هم تطوير الاغنية الامازيغية و لما أعجبه غناء عموري امبارك اقترح عليه الفكرة فوافق بدون تردد .
و بالطبع  كانت الاجواء السياسية و الايديولوجية في ذلك الوقت صعبة للغاية بالنسبة للامازيغية عموما و بالنسبة للجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي  خصوصا كاول اطار امازيغي و الوحيد في المغرب انذاك...

ان تاسيس مجموعة عصرية تغني بالامازيغية ليس بالامر السهل انذاك في  عاصمة المغرب بحكم ان العامة من المغاربة و خاصتهم كانوا  تحت رحمة التيارات العروبية و السلفية الرسمية عبر خطباء المساجد و بوق حزب الاستقلال حيث بمجرد الحديث عن الامازيغية كمسالة ثقافية انذاك يعد جريمة عظمى يعاقب عليها بالسجن او الاختفاء من الوجود.

و حين ظهرت مجموعة اوسمان في الساحة الفنية و الثقافية  كانت تمثل ثورة حقيقية حسب شروط تلك المرحلة  و واجهة للامازيغية في المركز بينما باقي المجموعات  العصرية الاخري تعيش في الهوامش بعيدا عن اضواء الاعلام في  تلك  الفترة أي اوائل السبعينات ....                                                         
و شكلت مرحلة مجموعة اوسمان بالنسبة لعموري امبارك محطة بارزة في مساره الفني و الفكري حيث ان اوسمان ليست مجرد مجموعة غنائية فقط بل هي مشروع لتطوير الاغنية الامازيغية و اخراجها من طابعها الفلكلوري كما عند البعض الى افاق واسعة على كافة المستويات و الاصعدة و خصوصا على مستوى الشعر الحديث الذي بدا مع بدايات النضال الامازيغي حيث يكفي هنا ذكر اسماء بارزة مثل المرحوم الاستاذ علي صدقي ازايكو و الاستاذ ابراهيم اخياط و الاستاذ محمد مستاوي و الاستاذ الصافي مؤمن علي و الاستاذ حسن اد بلقاسم الخ..
ان الحديث عن تجربة مجموعة اوسمان هو حديث طويل لان هذه المجموعة استطاعت بالرغم من عمرها القصير و بالرغم من المناخ السياسي ان تحقق نجاحا كبيرا داخل الوطن و خارجه من خلال قيامها بجولة فنية اواخر السبعينات في فرنسا و بلجيكا  مع مجموعة ازنزارن عبد العزيز الشامخ و مجموعة اخوان مكيري المعروفة في ذلك الوقت.

 و كما ان الصحافة الوطنية انذاك اهتمت بظاهرة اوسمان حيث كان من يعارضها  حيث كان صحفي قد كتب مقالا تحت عنوان احياء الظهير البربري بالغناء بعد نجاح مجموعة اوسمان في ولوج مسرح محمد الخامس كاول مجموعة امازيغية تحيي سهرتها في مارس 1977 حيث كانت سهرة تاريخية حسب قول الاستاذ اخياط حيث شارك في هذه السهرة المرحوم الحاج محمد البنسير و الرايس احمد بيزماون و مجموعة ازنزارن عبد العزيز الشامخ الخ.

كما ان مجموعة اوسمان كانت ضيفة في احدى برامج التلفزة المغربية و في احدى برامج الاذاعة الدولية  . 

 اذن ما يظهر لي هو ان الحركة الامازيغية احدثت ثورة ثقافية حسب شروط ذلك السياق للرجوع الى الجذور الاصلية لهويتنا الوطنية.

 

 

 

 

 

 

المنطلقات الفكرية و الايديولوجية للحركة الثقافية الامازيغية

مقدمة                                                   

ان هدفي من هذا الموضوع هو توضيح للقارئ العزيز المنطلقات الفكرية و الايديولوجية للحركة الثقافية الامازيغية حسب ما وصلت اليه من القناعات الراسخة لن اتخلى عنها حتى الموت.

 لكن أي انسان عادي ذو مستوى ضعيف للغاية من تاريخ المغرب الاجتماعي و السياسي يعتقد ان الحركة الثقافية الامازيغية هي اصلا حركة تعادي الاسلام و حركة تنطلق من الغرب دائما من اجل خدمة المشروع الصيهوني على صعيد المنطقة المغاربية بهدف تمزيق الوحدة العربية الوهيمة و اثارة مسالة الاقليات العرقية و اللغوية الخ.

ان هذا الانسان البسيط او له نزعة سلفية مهما كانت لم يتساءل ابدا هذا السؤال الجوهري بالنسبة لي الا و هو لو لم تظهر الحركة الثقافية الامازيغية في المغرب نهائيا ماذا سيحدث للامازيغية كابعاد مختلفة و للامازيغيين انفسهم كشعب بدا يموت شيئا فشيئا ثقافيا و هوياتيا بحكم ان دولة الاستقلال جعلت من هوية المغرب الاصلية شيطان لعين امام المغاربة خصوصا في المركز و جعلت كل من ينادي الى انصاف هذه المنظومة الهوياتية و السياسية معاديا للاسلام و للوطنية الحقيقية و ليس الوطنية المزعومة التي ظهرت في ثلاثينات القرن الماضي و جعلت المناطق الامازيغية ان صح التعبير خارج سياسات الدولة التنموية و الاقتصادية منذ الاستقلال الى حدود السنوات الاخيرة.

ان هذا السؤال الجوهري لو لم تظهر الحركة الثقافية الامازيغية في المغرب نهائيا هو سؤال متعدد الابعاد و الزوايا بحكم ان السلفيين او القوميين العرب يعرفون سالفا ان موت الامازيغية  نهائيا سيعني نجاح مشروعهم المشترك حيث في نهاية المطاف لان السلفية و القومية العربية الحديثة اجتمعتا على محاربة امازيغية المغرب بالرغم من اختلافاتها العديدة على مستوى عالمنا الاسلامي..

ان  المقاس الايديولوجي للمخزن التقليدي و لحركته الوطنية  بعد الاستقلال سمح ببقاء ثانوية في مدينة الدار البيضاء تحمل اسم المقيم العام الاول للاستعمار الفرنسي ليوطي و سمح لوجود الصحافة الناطقة بالفرنسية و سمح ببث الاخبار باللغة الفرنسية داخل التلفزيون المغربي حيث وجدت التلفزة المغربية منذ اواخر الثمانينات  تبث الاخبار بالفرنسية و الرسوم المتحركة بالفرنسية و المسلسلات البرازيلية المترجمة الى الفرنسية و سمح في سنة 1989 بتاسيس قناة تلفزيونية لنشر المنظور الحداثي للدولة انذاك و القائم على تشجيع الفرنسية لغة و ثقافة و تشجيع التعريب الهوياتي لجزء كبير من المغاربة خصوصا في المدن الكبرى بحكم ان البث التلفزي الارضي كان ضعيف للغاية خصوصا في البوادي حتى عرف الناس هناك البث الفضائي عبر الصحون .

ان سؤال ماذا لو لم تظهر الحركة الثقافية الامازيغية في المغرب نهائيا هو تساءل جوهري ليس له اي جواب الا جواب وحيد يقول بالحرف ان المغاربة سيفقدون جزء عظيم من هويتهم الاصيلة و جزء عظيم من تاريخ بلادهم الطويل للغاية و طابعهم الخصوصي الذي يميزهم عن بقية الامم الاسلامية منذ قرون طويلة و بالتالي سوف يصبحون اما عربا  او فرنسيين أي نصارى دون الحاجة الى ما يسمى بالظهير البربري لسبب بسيط الا و هو ان دولة الاستقلال نفسها شجعت الفرنسية لغة و ثقافة في التعليم و في الاعلام خصوصا بعد انشاء القناة الثانية الموقرة بالنسبة لي ..

و من هذا المنطلق فشرعية ضرورة وجود الحركة الثقافية الامازيغية هي متوفرة بالقوة لكن باية مرجعية فكرية او ايديولوجية سوف تعمل في نطاقها للوصول الى مكاسبنا الحالية من قبيل الاعتراف النسبي بالامازيغية من اعلى سلطة في البلاد منذ 2001 من خلال احداث المعهد الملكي للثقافة الامازيغية و ادماج اللغة الامازيغية داخل المدرسة المغربية سنة 2003 الخ من هذه المكاسب الرمزية الى حد الان بفعل عدم تنزيل ترسيم الامازيغية على ارض الواقع.

الحركة الثقافية الامازيغية و الغرب اية علاقة جدلية؟

ان الانسان العادي لا يفهم الاسباب و السياقات التي أسهمت فكريا و ايدولوجيا لولادة هذه الحركة الاصيلة من قبيل تهميش امازيغي المغرب من طرف دولة الاستقلال على كافة المستويات و الاصعدة و تهميش ثقافتهم الاصيلة بعدم ادراجها في الدساتير المتعاقبة على بلادنا منذ 1962 الى 1996 و عدم  ادراجها في كافة مناحي الحياة العمومية طوال هذه العقود من الطاعة الغير معلنة للغرب و ثقافته التغريبيةبحكم ان الحركة الامازيغية كانت عند التاسيس حركة مستقلة عن المخزن التقليدي و احزابه المتخلفة و مستقلة عن الغرب كقيم استعمارية و كعولمة متوحشة تقتل الثقافات البدائية في نظرها لكن الحركة الامازيغية وجدت نفسها بين الخياران لا ثلاث لهما  في بداية أمرها و هما النسق السلفي و النسق الغربي في التفكير حيث وجدت ان النسق السلفي لن يخدم مطالبها على المدى المتوسط و البعيد على الاطلاق.

 و وجدت ان النسق الغربي في التفكير المتحرر سيخدم مطالبها على المدى المتوسط و البعيد بحكم ان الغرب هو واحة للديمقراطيات العريقة و الحريات الاسياسية و العلوم الانسانية الخ من فضائل هذا الغرب احب من احب و كره من كره .

و لا يمكن لنا ان نتجاهل هذه الفضائل بجرة القلم او فتوى سلفية تحرم التعامل الايجابي مع الغرب قصد جعل المسلمين يتقدمون نحو حداثة التفكير و قراءة واقعهم الحالي قراءة معاصرة ..

و بالاضافة الى ان اواخر الستينات لم يكن يوجد أي وعي امازيغي مدرك ان القيم الاصيلة لهذا الشعب المسلم هي اصلا قيم علمانية و ديمقراطية بالاساس و لهذا اتجهت الحركة الامازيغية فكريا نحو الغرب كقيم متحررة و متنورة من شانها تطوير العمل الامازيغي و اساليب تفكيره تجاه العديد من القضايا المطروحة في ذلك الوقت حيث من الطبيعي ان تختار هذه الحركة النسق الغربي في التفكير انذاك مع انها حركة مغربية الجذور و الفروع اكثر من الحركات الاسلامية الموجودة ببلادنا  .

ان العلاقة الجدلية بين الحركة الامازيغية و الغرب يجب ان تفهم في سياقها الصحيح و المشروع بعيدا عن التخوين و عن التكفير الذي اصبح لغة يستعملها السلفيين طيلة السنوات الماضية بغية الوصول الى قناعة ثابتة  تصل احيانا الى درجة اليقين الا و هي ان الحركة الامازيغية هي امتداد طبيعي للاستعمار الغربي  او امتداد طبيعي لفترة ما قبل الاسلام في المغرب كما قال الشيخ الحسن الكتاني في الانترنت اثر تحريمه للاحتفال بالسنة الامازيغية على الاعتبار انها عادة جاهلية بكل بساطة دون أي احترام لتاريخنا المغربي الطويل قبل كل شيء و دون احترام لمشاعر الامازيغيين البسطاء و المناضلين ل 45 سنة من النضال الامازيغي ببعده الحداثي و الديمقراطي و كذا الحقوقي داخل المغرب و خارجه مع منظمات دولية كالامم المحتدة بفروعها و جمعيات المجتمع المدني باوروبا حيث على الناس ان يفهمون ان الحركة الامازيغية اصلا هي امتداد طبيعي لقيم هذا الشعب الدينية و الثقافية الاصيلة بمعنى انها لم تستورد أي شيء من المشرق او من الغرب .

و من هذا المنطلق فان تعامل الحركة الامازيغية مع الغرب هو تعامل ايجابي لان هذه الحركة ليست اية عقدة مع هذا الغرب كقيم كونية لا غير..

و بالاضافة الى ان المتأمل لمسار الحركة الامازيغية الطويل و العريض منذ سنة 1967 سيجد ان اغلب رموز هذه الحركة قد تخرجوا من التعليم العصري أي من الجامعات المغربية و من خارج الوطن لان هذا التعليم مفتوح على العلوم الانسانية بشتى انواعها و مداركها حيث يسمح للعقل ان يجتهد في العلوم الانسانية و الجوهرية في أي تقدم للمجتمعات الاسلامية.

و بينما التعليم الاصيل عندنا فهو يقتصر على تعليم العلوم الشرعية فقط  مع كامل احترامي الشديد لهذا التعليم الاصيل باعتباره يعبر عن اسلامنا المغربي غير ان هذا الاخير يحتاج الى التغيير الجذري قصد ان يواكب العصر و الاعتزاز بالارض كانتماء عمره يتجاوز 12 قرنا الى 33 قرنا من التاريخ الحقيقي للمغرب..

ان التعليم الاصيل ظل يخدم الاتجاه السلفي منذ عقود بايعاز من السلطة قصد محاربة أي تقدم للامازيغيين خارج المنهج السلفي السخيف بالنسبة لي حيث لا يكذب علينا احد بالقول ان السلفية في المغرب لم تعادي ابدا هوية المغرب الامازيغية بل انها شنت حربها الايديولوجية و السياسية ضدها منذ عام 1930 من خلال الادعاء ان الامازيغيين اخترعوا اعرافا لا علاقة لها بالدين الاسلامي نهائيا و انما لها علاقة بالجاهلية و كفى دون الرجوع الى المذهب المالكي نفسه الذي اقر بالمصالح المرسلة و القاعدة القائلة الضرورات تبيح المحظورات و دون الرجوع الى التاريخ الاجتماعي للقبائل الامازيغية و الغير الامازيغية لان العرف الامازيغي كان سائدا في مجموع التراب الوطني حسب ما قاله الاستاذ محمد بودهان في كتابه الجميل الظهير البربري حقيقة ام اسطورة..

و علينا ان نعترف انالغرب ليس ملاكا على الاطلاق بل هو ذو مصالح حيوية مختلفة مع انظمة شمال افريقيا و الشرق الاوسط منذ زمن طويل حيث بالامس القريب كان الغرب يناصر نظام العسكر بمصر و تونس و ليبيا الخ و كان يغلق بصره في عهد الحسن الثاني عن ملفات حقوق الانسان الثقيلة حفاظا على هذه المصالح من قبيل الاقتصاد و الصيد البحري و تعليم لغاته الفرنسية و الاسبانية و الانكليزية و تشجيع سياسة التغريب من طرف السلطة على حساب هويتنا الامازيغية المتواجدة حينها في الهامش لا حقوق لها نهائيا في دولة عصرية أنشئها الاستعمار الفرنسي اصلا في سنة 1912 على اساس التعريب و الفرنسة مما يعني ان الاستعمار الفرنسي لم يقدم أي شيء للامازيغيين طوال فترة الحماية سوى القتل و اغتصاب الاراضي و الاعراض حسب رايي المتواضع ..

قد يقول البعض ان الحركة الامازيغية طيلة تاريخها دافعت عن النسق الغربي في التفكير و لم تدافع عن النسق المشرقي في التفكير و اقول لو انطلقت الحركة الامازيغية منذ سنة 1967 من النسق المشرقي في التفكير لماتت هويتنا الاصيلة منذ زمن بعيد بحكم ان النسق المشرقي هو المسؤول الاول عن تهميش الملف الامازيغي على المستوى الملكي منذ  1934 الى حدود خطاب اجدير التاريخي حيث اذا انطلقت الحركة الامازيغية من النسق المشرقي ستكون بوقا للمخزن التقليدي و حزبه العتيد الاستقلال و ستكون بلا مشروع ثقافي ينطلق من هذه الارض كرصيد حضاري و كرصيد رمزي ..

الحركة الثقافية الامازيغية و مصطلح الثقافة الشعبية

منذ ظهورها سنة  1967 قامت الحركة الامازيغية بدور ثقافي  صرف من خلال عقد الندوات و المحاضرات حول اللغة و الثقافة الامازيغيتان او الثقافة الشعبية كمصطلح كان يناسب مع تلك المرحلة الصعبة على كل المستويات و الاصعدة الا ان المتامل في مصطلح الثقافة الشعبية يمكن قراءته عدة قراءات نقدية و عميقة حيث ان ثقافة الشعب هي الامازيغية و ثقافة السلطة و نخبتها الفاسية هي العروبة و الاسلام المستورد من المشرق  الخ بمعنى ان الحركة الامازيغية أحسنت اختيار هذا المصطلح في ذلك الوقت بالرغم من كل شيء لان هناك قراءات اخرى تربط من بين الثقافة الشعبية و بين الشعوذة و التخلف بمختلف مظاهره و الخرافات الموجودة في كل المجتمعات الانسانية مهما بلغت من التقدم و النهضة ..

غير ان الامازيغية كثقافة شعبية قدمت طيلة هذه العقود على انها مجرد رقصات هنا او هناك او انها مجرد خرافات تدعو الى تقديس اولياء الله الصالحين او تقديس ما اسميه بالتخلف القروي كايديولوجية اجتماعية تعارض أي تقدم يحققه الانسان خصوصا المعاق او المراة..

و بينما الحقيقة هي ان ثقافتنا الشعبية الامازيغية اصلا حاملة للتطور و العلمانية الاصيلة و التدبير الديمقراطي حيث ان امغار القبيلة يختاره الناس عبر الانتخابات لمدة محددة غير قابلة للتجديد الا برضى الناس بصفتهم مواطنين كاملي المواطنة بغض النظر عن الدين او اللغة الخ..

و من هذا المنطلق مارست الحركة الامازيغية نوعا من السياسة الثقافية استهدفت انقاد هويتنا الام بكل ابعادها  من الموت المؤكد حيث استهدفت هذه السياسة  تغيير مجموعة من المفاهيم السائدة انذاك من قبيل احادية الهوية الوطنية و ارجاع اصل الامازيغيين الى اليمن الخ من هذه المفاهيم التي اخذت تموت شيئا فشيئا مع مرور الوقت و توالي الاحداث الكبرى وطنيا و إقليميا و دوليا بمعنى ان الحركة الثقافية الامازيغية هي اول حركة مدنية في المغرب المعاصر دافعت عن ثقافة الشعب الاصلية التي كانت في الهامش بما يحمله هذا المصطلح من معاني و ابعاد مما سيجعل العاقل يتجه نحو القناعة مفادها ان الحركة الثقافية الامازيغية هي مغربية الجذور و الفروع اكثر من حركات الاسلام السياسي حيث ساشرح هذا الموضوع لاحقا  في كتابي هذا ...

الحركة الثقافية الامازيغية و ضرورة الانتقال الى العمل السياسي

اعتقد ان السياسة هي كما يقال فن ممكن في العالم باسره حيث ان الامازيغيين هم شعب عرف ما معنى السياسة بمفهومها الشامل منذ قرون غابرة ما قبل الاسلام و ما بعده من  خلال الدول المتعاقبة على حكم المغرب كالدولة  البرغواطية  و الدولة المرابطية و الدولة الموحدية و الدولة المرينية و الدولة الوطاسية و الدولة السعدية.

 و بالاضافة الى سياسة القبائل الامازيغية تجاه دولة المخزن و تجاه تسيير شؤونها المحلية بنفسها بينما قام  تاريخنا الرسمي بتشويه هذا الرصيد التاريخي عبر اطلاق مصطلح بلاد السيبة على مناطق الامازيغيين لجعل المغاربة يعتقدون ان الامازيغيين كانوا يعيشون في الجاهلية و عدم الاستقرار  بحكم ان دولة المخزن منذ سنة 1956 أرادت اقبار الامازيغية بابعادها الثقافية و الدينية و السياسية.

و  كنت في  سنة 2007 غير واعي بحاجة الحركة الامازيغية الجوهرية الى حزب سياسي امازيغي الهوية و الايديولوجية السياسية حيث كنت اظن ان المعهد الملكي للثقافة الامازيغية  هو البديل الامثل لحل القضية الامازيغية برمتها لكن مع توالي السنوات و الاحداث يظهر لي ان هذه المؤسسة الموقرة ليس اي دور فعال في انجاح ورش الامازيغية كمشروع هوياتي يهدف الى ارساء قيمنا الاصيلة و محو كل مظاهر الميز ضد الامازيغية داخل الحياة العامة و داخل مشهدنا الديني الرسمي منذ تاسيسها الى  بعد ترسيم الامازيغية بحكم ان هذه المؤسسة ذات الطابع الاستشاري لا غير ..

و لا انكر فضائل المعهد الملكي للثقافة الامازيغية منذ انشاءه سنة 2001 على تدبير الملف الامازيغي ثقافيا عبر تطوير الاعلام الامازيغي و السهر على عملية تدريس الامازيغية و احداث  تراكم ايجابي من حيث الكتب و المراجع  الخ من هذه الفضائل غير ان الامازيغية الان تحتاج الى رؤية سياسية واضحة الملامح و الاولويات..

  ان بعض الناس سيقولون عن حسن النية ان حزب الحركة الشعبية هو حزب دافع عن الامازيغية منذ عقود حيث لا احد يستطيع انكار هذا الفضل العظيم في سياقه المتميز بضعف الحركة الامازيغية و حصارها من طرف السلطة منذ  اواخر الستينات الى سنة 2001 .

 لكن بالمقابل هل استطاع هذا الحزب ان يقدم ايديولوجية امازيغية حقيقية و هل استطاع ان يحل مشاكل البادية المغربية كشعار رفعه منذ انشاءه الى الان حيث لازلنا نسمع و نشاهد عبر قنواتنا العمومية الكثير من معانات سكان هذا المجال مع العزلة  التامة  و مع غياب ابسط الحقوق الاساسية كالصحة و التعليم الخ من هذه الحقوق...

 و بالاضافة الى ملفات ثقيلة و ساخنة من قبيل تهميش النساء و المعاقين كملف  حاولت ان اشرحه في كتابي صوت المعاق الذي طبعته مجلة ادليس في  مارس 2012 و ملف تحديد الملك الغابوي و ملف المناجم الخ ...

و هل استطاع هذا الحزب ان يواكب خطاب الحركة الامازيغية منذ بيان الاستاذ  محمد شفيق حول امازيغية المغرب و الصادر في فاتح مارس 2000 الى يومنا هذا حيث عرفت هذه المرحلة نهضة على مستوى خطاب الحركة الامازيغية من ناحية المطالب النابعة من تاريخنا الاجتماعي مثل العلمانية الاصيلة و الفدرالية قبل اعلان الملك محمد السادس عن مشروع الجهوية المتقدمة بتاريخ 3 يناير 2010 اثر تنصيبه للجنة المكلفة بهذا المشروع الاستراتيجي بالنسبة لبلادنا على المدى القريب و المتوسط و البعيد بمعنى اننا كامازيغي المغرب نحتاج في هذه  المرحلة بالذات الى حزب سياسي امازيغي الهوية و الايديولوجية السياسية حسب اعتقادي المتواضع.

ان الامازيغية ليست عرقا او جهة على الاطلاق بل هي هوية هذه الارض الاصيلة منذ اقدم العصور و هي صلب الهوية الوطنية كما قال جلالة الملك في خطابه التاريخي ليوم 9 مارس 2011 حيث ان هذا المبدأ يستحق منا القراءة و التاويل العميق لان للمرة الاولى في تاريخنا المعاصر اعترفت السلطة العليا بان الامازيغية هي صلب هويتنا الوطنية و بالتالي فانها اول ثابت ضمن ثوابتنا الوطنية.

غير ان الوثيقة الدستورية الحالية تم صياغتها في الدقائق الاخيرة وفق منظور حزب الاستقلال و حزب العدالة و التنمية المحافظان و النتيجة هي واضحة للعيان من خلال تاخير تفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية الى اجل غير مسمى .

و  بالتالي فمبدأ الامازيغية كاول ثابت ضمن ثوابتنا الوطنية  لم يتحقق عبر الوثيقة الدستورية الحالية بسبب ان الامازيغيين لا يتوفرون على حزب سياسي حقيقي و قانوني حيث تم حل الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي من طرف وزارة الداخلية سنة 2008 تحت ذرائع واهية من قبيل العرقية و العمالة للصيهونية  .

اجد من الضروري ان اعبر عن وجهة نظري الشخصية حول الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي في كتابي هذا حيث ان الحديث عن هذا الحزب  هو حديث مفيد للراي العام الوطني حيث تعرض هذا الحزب لحملة واسعة من التشويه و التهميش من عدة اطراف معروفة مثل الاسلاميين و التيار العروبي من خلال الاتهامات المجانية من قبيل العرقية و الالحاد و العمالة للصهيونية الخ من هذه الاتهامات التي ظلت تطارد الحركة الثقافية الامازيغية منذ عام 1967 الى يومنا هذا حيث ان هذه الصور الجاهزة منعت الراي العام الوطني من التعرف على مشروع هذا الحزب او على مبادئه ..

و يقول قانونه الاساسي لسنة 2005 و هو تاريخ تاسيسه يهدف الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي إلى تأسيس مجتمع مغربي ديمقراطي حداثي يحتكم إلى الشكلانية القانونية والى المؤسسات الدستورية ويدبر فيه التنوع الثقافي والسياسي وتنافسية النخب والمشاريع وفق مبادئ الإنسية والديمقراطية والتسامح. ويروم الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي الى المساهمة في مسلسل الانتقال الديمقراطي والقطع مع مرحلة شخصانية السلطة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وفق مرجعية توفق بين الهوية الامازيغية المنفتحة على كونية وعالمية الحقوق والحريات لبناء مغرب متعدد موحد يقر بدولة الجهات أي اسس هذا الحزب على اساس التعدد و الاختلاف بين مختلف مكونات هذا الشعب الثقافية و الدينية بمعنى انه ليس حزبا عرقيا  على الاطلاق و اما تسميته بالامازيغي فاعتقد ان هذا المصطلح لا يعني العرق نهائيا بل يعني انتماء ثرابي و وجداني الى هذه الارض الطاهرة و الامازيغي هو الانسان الحر لكن بالمقابل هناك مصطلح العربي يتداول بشكل  كبير و طبيعي في اعلامنا الوطني من خلال مصطلحات عرقية من قبيل المغرب العربي او الامة العربية او الحضارة العربية الاسلامية حيث لم اسمع في يوم من الايام بمصطلح الحضارة الامازيغية الاسلامية عبر وسائل الاعلام الوطنية كأن الامازيغيين لم يقدموا أي شيء يذكر للاسلام و حضارته العظيمة طوال 14 قرن الاخيرة .

اما بخصوص القضية الفلسطينية فهي قضية انسانية و اسلامية حسب اعتقادي المتواضع كانسان مسلم.

 غير ان هذه الاخيرة لا تدخل ضمن قضايانا الوطنية الحقيقية على الاطلاق لاننا شعب نصفه يعيش تحت خط الفقر و التهميش خصوصا في العالم القروي.

 و اما الشعب الفلسطيني فانه يتوفر على الحد الادنى من مقومات العيش الكريم  كالمدارس و المستشفيات الخ بفضل  المساعدات الدولية .

ان القضية الفلسطينية تم استغلالها منذ عقود من اجل ربطنا بقضايا المشرق و بايديولوجياته الدخيلة مثل العروبة و الاسلام السياسي بشكل عميق حتى اصبح اغلب فئات مجتمعنا يكره ذاته بمختلف ابعادها و يجري وراء قضايا بعيدة عنه جغرافيا و ايديولوجيا بحكم ان الامازيغيين ليس لهم أي مشكل مع اليهود كديانة و كجنس بالاعتبار ان اليهود عاشوا جنبا الى جنب مع اجدادنا الكرام منذ قرون ما قبل الاسلام و ما بعده في وئام و تعايش سلمي.

 و من ينكر كل هذه الحقائق التاريخية فانه لم يفهم تاريخ المغرب بشكل عميق او انه متشبث بالفكر السلفي و المناهض اصلا لقيم الاختلاف و التعدد حتى داخل دائرتنا الاسلامية و بالاحرى مع المسيحيين و اليهود لان مشكل التيار السلفي يتمثل في جموده العقائدي و الايديولوجي مما جعل الغرب يتخوف من الاسلام بشكل فضيع حيث يشاهد تنامي نزعة التطرف السلفي الجهادي من خلال تنظيم القاعدة و جماعة انصار الدين و تنظيم الدولة الاسلامية الخ من هذه النماذج التي لا تشرف الدين الاسلامي و لا تشرف رسولنا الاكرم عليه الصلاة و السلام كنبي الرحمة و التسامح .

و من هذا المنطلق النبيل زار الاستاذ احمد الدغرني رئيس الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي اسرائل سنة 2008 لحضور مؤتمر دولي حول التسامح الديني لا اقل و لا اكثر ليعطي صورة منيرة حول اسلامنا المغربي امام الاخرين مهما كانت انتماءاتهم الدينية لان رسولنا الاكرم عليه الصلاة و السلام لم يحرم التعامل مع اصحاب الديانات الاخرى حيث احل الاسلام ان يتزوج المسلم من المسيحية او من اليهودية بشرط ان تكون عفيفة و شريفة غير ان اعداء الامازيغية حاولوا تشويه سمعة هذا الحزب و رئيسه من خلال اتهامه بالتطبيع مع الدولة العبرية و استغلال قضية الاقليات العرقية كما تسمى من اجل خدمة الصيهونية العالمية.

لكن ان ذاكرة المغاربة اصبحت ضعيفة للغاية بخصوص علاقات المغرب الرسمي باسرائل حيث استقبل المرحوم الحسن الثاني رئيس الوزراء الاسرائلي سنة 1986 بشكل علاني في اطار سعي المغرب الى تسويق صورته العصرية في الخارج باعتباره بلد للتعايش الديني يقبل بوجود دولة اسرائل و التفاوض معها قصد حل الصراع العربي الاسرائلي البعيد عنا بالاف من الكيلومترات و البعيد عن عمقنا الحضاري أي ان العلاقات بين المغرب الرسمي و دولة اسرائل كانت قائمة بشكل علاني حيث حضر رئيس الوزراء الاسرائلي في جنازة الحسن الثاني يوم 25 / 07 /1999 حيث اتذكر هذا جيدا..

و بالاضافة الى ان العرب المشارقة  يقومون بزيارات علنية و سرية الى اسرائل للصداقة و التعاون و توقيع الاتفاقات منذ سنة 1979 اثر الزيارة التاريخية الذي قام بها الرئيس المصري الراحل انوار السادات الى اسرائل .

و بالاضافة الى عقد صفقات لتبادل الاسرى مثل الصفقة بين حركة حماس الاسلامية و اسرائل في العام 2011 بالضبط و هذا يعرفه الجميع عبر الفضائيات العربية حيث لسنا اغبياء نصدق ما يقال حول التطبيع بين الحركة الامازيغية بشموليتها و اسرائل لان الحركة الامازيغية اصلا تناهض الظلم و الاحتلال و لا تحتاج  الى اسرائل و غيرها باعتبارها تدافع عن حقوق السكان الاصليين لشمال افريقيا ...

ان موقف الحركة الامازيغية بشموليتها من القضية الفلسطينية يتسم بالوضوح حيث انها تنطلق من منطلق ان القضية الفلسطينية هي قضية انسانية بالدرجة الاولى  لان الحركة الامازيغية تعتبر اسرائل دولة الاحتلال و الاستعمار و تعتبر الصهيونية ايديولوجية عنصرية مثل القومية العربية و السلفية الدينية بمعنى انها لا تتعامل مع اسرائل كدولة الاحتلال و الاستعمار على الاطلاق.

 بل تتعامل معها من منطلق البحث العلمي حيث يعيش هناك جالية مغربية يهودية مهمة مازالت تتحدث بالامازيغية او بالدارجة حيث لازالت تزور وطن اجدادها المغرب للبحث عن اصولهم و ثقافتهم الاصيلة و مازالت تمارس العادات و التقاليد المغربية كما شاهدناه في الشريط الوثائقي تينغير القدس للمخرج كمال هشكال حيث بثته القناة الثانية و فاز باحدى جوائز مهرجان طنجة السينمائي لسنة 2013.

و بالتالي فالتيار السلفي ببلادنا مازال يحلم باحلام مستحيلة من قبيل سجن الامازيغيين داخل دائرته الايديولوجية و المسؤولة بشكل كبير عن اقصاء هويتهم منذ سنة 1956 الى حدود خطاب اجدير التاريخي لان هذا التيار اصبح يخاف على مشروعه السخيف اصلا من الزوال بمجرد اعترافه بما كان موجود قبل سنة 1912 من العلمانية الاصيلة و من التسامح الديني و الحضاري و عندها فقط سينتهي هذا المشروع الى مزبلة التاريخ.

 و من اجل حدوث هذا الحلم القريب بدون شك علينا كشباب مغربي مساندة اية رؤية سياسية امازيغية بكل الوضوح باعتبارها تمثل الاستقلال الايديولوجي التام عن المشرق العربي و الارتباط العميق بوطننا الحقيقي المغرب الذي ضحى من اجله اجدادنا الكرام بالسلاح و بشعرهم الامازيغي .........

 لعل ترسيم الامازيغية في دستور 2011 بالشكل الذي نعرفه جميعا قد شكل بالنسبة لي الدافع البارز للايمان بحاجة الحركة الامازيغية الى حزب سياسي لاننا نحتاج الى ارضية سياسية جديدة تستهدف حل جميع مشاكل هويتنا الام على كافة المستويات و الاصعدة و معالجة بعض الملفات الشائكة من قبيل اعادة تاهيل حقلنا الديني بشكل جذري كما شرحته مرارا و تكرارا منذ صيف 2011 من خلال مقالاتي المنشورة في الانترنت...

  

 

 

 

 

 

الثقافة الامازيغية و الثقافة الاسلامية اية علاقة ؟

مقدمة مطولة                                      

صحيح انني حاولت ابراز في بداية كتابي هذا اسهامات الامازيغيين الضخمة في نشر الاسلام بشمال افريقيا و الاندلس و جنوب الصحراء الافريقية و اسهاماتهم الضخمة كذلك في ترسيخ هذا الدين في هذه الرقعة الجغرافية الشاسعة من هذا العالم الاسلامي .

 ان المسلمين ليسوا عرب اللسان او سلفيين الفكر و المنطق  بالضرورة بل يوجد المسلمين من الشيعة كمذهب فقهي محترم بالنسبة لي لاسباب يطول شرحها في هذا المقام.

 و يوجد المسلمين العلمانيين مثل اجدادنا الامازيغيين  و نحن كاحفادهم و الاتراك في هذا العصر الحالي  بحكم ان الاسلام كما يقال هو دين صالح لكل زمان و مكان لكن حتى تحقق هذه المقولة العجيبة لا بد من اعادة قراءة نصوصه المختلفة أي الكتاب و السنة وفق مستجدات هذا العصر و ليس وفق منظور علماء السلف الصالح الذين عاشوا منذ 1200عام..

 ان الغرب المسيحي قد نجح في ثورته العلمية الهائلة منذ قرون بفضل الفصل التام بين الدين و السياسة  و تاهيل الحقل الديني حسب حاجات المؤمن المعاصرة حيث نرى عبر القنوات التلفزيونية الفرنسية كيف يعتز الناس هناك بدينهم المسيحي خصوصا في اعياد الميلاد بالرغم من ان فرنسا دولة علمانية بمعنى ان العلمانية ليست ضد تدين الناس باية ديانة سماوية او ارضية مثل الديانات المتواجدة في الصين الخ.

ان التساؤل اية علاقة بين الثقافة الامازيغية و الثقافة الاسلامية كان لا يطرح نهائيا بحكم ان الامازيغيين مسلمون و ثقافتهم الامازيغية نفسها تحمل العديد من خصوصيات الثقافة الاسلامية من حيث اللغة و التقاليد و الفنون و الامثال الشعبية الخ .

غير ان ايديولوجية الظهير البربري تقول ان الامازيغيين لا علاقة بهم بالدين الاسلامي على الاطلاق و ثقافتهم مجرد نعرة جاهلية لا علاقة لها بالاسلام كقيم اخلاقية بكل بساطة بدون اي خجل او  حياء تجاه التاريخ العظيم للامازيغيين مع الاسلام كدين و كحضارة و كثقافة .

 ان المسافر ذو معرفة تاريخية سطحية  عندما يسافر عبر ربوع هذا الوطن الحبيب سيكتشف المعمار الامازيغي الاسلامي في مدن فاس و الرباط و سلا و مراكش و الثص و الصويرة و تيزنيت و تارودانت و ورزازات الخ من هذه المدن التاريخية و العتيقة..

 و سيكتشف هذا المسافر وجود المدارس العتيقة المنتشرة في  بادية  سوس منذ قرون من الزمان و سيسمع الحزب الراتب في قرى سوس العالمة بعد صلاة المغرب كما كنت استمع اليه في مرحلة الطفولة بدوار اسك داخل منزل جدي الامام..

 و عندما يسمع هذا المسافر اللغة الامازيغية نفسها و الحافلة برموز الادب و الوقار بين الناس مثل اربي كصيغة التخاطب بين الاقارب و العائلات في حياتها اليومية العادية و عندما يتعرف على مقام  امام المسجد الموقر لدى سكان بادية سوس حيث يوجد عندنا تقليد اصيل الا و هو لشرض ن لطالب او شرط الامام الذي هو اجرته الشهرية تتولى القبيلة اذاءها حسب حالتها الاقتصادية و هناك عادة اخرى هي ارسال الطعام الى الامام سواء ان كان متزوجا او غير ذلك بشكل متناوب بين الاسر  ...

و عندما يكتشف هذا المسافر ذو المعرفة السطحية بتاريخ المغرب كما تعلمه داخل المدرسة المغربية سيقول في نفسه ان الامازيغيين فعلا هم  شعب مسلم و ثقافته الامازيغية هي نفسها الثقافة الاسلامية في كل تفاصيلها الدقيقة الا انها تتواجد في شمال افريقيا و تختلف عن الثقافة الاسلامية المشرقية في العديد من المسائل مثل الاحتكام الى سلطة العقل الاجتهادي و مراعاة العرف و مسالة المراة الخ من  الخصوصيات الاجتماعية لكل الامم الاسلامية باختلاف هوياتها المذهبية و الثقافية ... 

 

النوازل الفقهية بسوس                                

نظمت جامعة ابن زهر باكادير ندوة دولية حول التراث الاسلامي في سوس سنة 1999 حيث عندي كتاب حول اعمال هذه الندوة الداخلة في اطار الشعار الخالد و هو العروبة و الاسلام لكنني وجدت في الكتاب المذكور معطيات قيمة حول عدة قضايا مثل النوازل الفقهية بسوس حيث يقول المحاضر الاستاذ الحسن العبادي ان النوازل السوسية لها خصوصياتها و خصائصها من حيث الموضوعات التي تناولها مثل السعاية و الاعراف السوسية كما سماها انذاك و بقية المعارف التي يغلب عليها الطابع المحلي بمعنى ان هذه النوازل السوسية كما سماها الاستاذ المحاضر كانت تراعي عادات الناس و تقاليدهم الخ.

و يقول الاستاذ المحاضر كلاما يدخل في اطار الخطاب الديني الرسمي للمخزن التقليدي حيث قال من خصائص النوازل السوسية انها نشات في ظروف صعبة بين قوم يتعصبون لاحكام الشريعة الاسلامية و يناضلون من اجلها و هم فقهاء النوازل و اخرين يحرفون احكامها و يسعون جهدهم لاسقاط حدودها حيث ان هذا الكلام يحمل مضمونا سلفيا بدون اذنى شك.

و من خصائص النوازل السوسية كذلك هي اعتماد هؤلاء الفقهاء على انفسهم و ثقتهم في مداركهم يدل على ذلك عباراتهم التي يعبرون بها الخ فمثلا قول العلامة احمد بن عبد الرحمان السكدادي في احدى فتاويه ان التمسك بظواهر النصوص دائما اعتبره حمق و جهالة .

و قول العلامة الحسن بن عثمان التملي الاسكاوري في احدى فتاويه ان الفقه يختلف باختلاف الاشخاص و الامكنة و الازمنة و الاحوال كنفقة الزوجات مثلا حيث اكد ان مراعاة الاعراف و المقاصد واجب .

و قال الفقيه عبد الله بن يعقوب السملالي في فتوى له تعليقا بعدم قبول صحة تبرعات نساء جزولة و ذلك وقعت فتاوى علماء جزولة العارفين بنساءهم و جهالتهن فيما يرجع لصون الاموال الخ ...

و يقول الاستاذ المحاضر في موضوع عناية النوازل السوسية للحياة الاجتماعية حيث له كتاب في هذا الشان حيث قال ان من خصائص النوازل السوسية هي رعايتها للوضعية الاجتماعية حيث قد سبق ان تكلمنا في الباب الخاص بالنماذج المختارة من النوازل السوسية على ما يتعلق بالسعاية فقد اعطى فقهاء سوس لها اهمية خاصة حيث شاهدوا ان عمل المراة و مشاركتها في الانتاج داخل منطقة سوس لا يوازيه عملها في المدينة و ان كان بعض النساء في المدن يعملن كذلك في الخياطة و النسيج الخ.

اما نساء سوس فكلهن يعملن و يكدحن الا من كانت غير قادرة لمرض و عجز و لدى راي الفقهاء ان حرمانهن من نصيبهن في هذا الانتاج فيما اذا وقع الطلاق و او وفاة رجالهن يعد ظلم لهن حيث لم يقع خلاف بين هؤلاء الفقهاء في شان اعطاء المراة نصيبها من قيمة عملها أي يعني ان الفقهاء في الماضي سمحوا بخروج المراة الى العمل في الحقول الى جانب الرجال طبعا في ظل الوقار و الاحترام المعروفان في سوس..

و هذا باختصار شديد ما قاله الاستاذ المحاضر في موضوع النوازل الفقهية بسوس في سنة 1999 أي في سياق لازال الملف الامازيغي في الهامش و لازالت ايديولوجية الظهير البربري تعيش في احلى ايامها في حصار أي وعي مهما كان بسيط بامازيغية المغرب الا ان هناك وعي مفيد للغاية داخل اسوار الجامعات المغربية ظل غير معروف بسبب انتشار الامية بكل ابعادها  ..

عقوبة الانصاف في الالواح السوسية و موقف العلماء منها

في اطار الندوة التي اشرت اليها حول التراث الاسلامي في سوس يقول المحاضر الاستاذ عبد الخالق احمدون سنة 1999 ان الاعراف بمعناها القانوني هي مجموعة من القواعد المستمدة من العادات اليومية المالوفة لدى الناس في بيئة اجتماعية و تتكون بشكل تلقائي ثم تتحول الى نوع من الالزام الاخلاقي و القانوني دون ان تستند الى سلطة شرعية فانها تحظى بالاحترام من قبل الجماعة و يصبح لها قوة قانونية و الزامية ....

و يقول الاستاذ المحاضر ان نظام من القواعد المترسخة في ذاكرة الجماعة أي النظام العرفي ينتقل عبر الاجيال و القرون حيث يحقق هذا الاخير التلاحم و التضامن داخل النظام الاجتماعي للقبيلة و يشكل في الوقت ذاته واجهة للدفاع عما يهدد هذا التلاحم و هذا التضامن ..

و قال كلام يدخل ربما في اخفاء الحقائق في ذلك الوقت حيث يقول بالحرف يرفض البعض تفسير العرف باعتباره قانونا متعارضا مع الشرع كما ذهبت الى ذلك الاطروحة الاستعمارية التي قسمت المغرب الخ من هذا التضليل المقصود لان الحركة الوطنية هي التي شنت حربا ايديولوجية و دينية ضد العرف الامازيغي كما شرحته في كتابي هذا..

 يقول الاستاذ المحاضر رغم تعدد هذه الالواح فان مضمونها التشريع ينحصر بحسب ما تهدف اليه مجموعتين الاولى هي ضبط الالتزامات العامة تتعلق بممارسة الاعمال الجماعية من قبيل مختلف الاصلاحات و حراسة الحصون و نوبة الرعي و كذلك الاستجابة للجماعة في عقد الحلف مع القبائل المجاورة و العلاقة مع اليهود.

و الثانية هي  البث في الاضرار اللاحقة بالاشخاص و الاموال و تتعلق بالجنايات مثل القتل و الجرح و التهديد و قطع الطريق و الزنى و السرقة و الاضرار الفلاحية....

و قد حدد كل بند العقوبة الملائمة لنوع المخالفة غير ان العقوبات المنصوصة عليها في الالواح لا يعتريها تنوع كبير فالمخالفة اذا كانت مجرد تهمة عارية من كل حجة فلا يلزم المتهم سوى الحلف أي اليمين للجماعة قصد تبرئة المتهم و اذا ثبت المخالفة بالحجة فان العقوبة في جميع الاحوال تكون مالية و تسمى في الالواح بالانصاف و تسمى في  بعض كتب النوازل بالخطا او الخطية ..

و استحضر الاستاذ المحاضر العديد من اراء العلماء تجاه الالواح و تجاه قوانينها الوضعية حيث  هناك فريق منهم يعارض هذه الالواح جملة و تفصيلا على الاعتبار ان العقوبة المالية التي فرضتها النصوص الوضعية الامازيغية تتعارض مع موقف الشرع الاسلامي الذي ميز بين انواع الجرائم حسب درجة خطورتها و قسم  عقوباتها الى حدود و قصاص الخ .

و قد اتجه الراي في المذاهب الفقهية حسب قول الاستاذ المحاضر الى منع العقوبة المالية كيفما كان نوعها .

لكن هناك فريق اخر من العلماء ايدوا هذه العقوبة و احلوا الاحتكام الى الالواح لفض النزعات و الخصومات في المناطق السائبة البعيدة عن السلطان حسب تعبير الاستاذ المحاضر ...

و نجد الشيخ محمد العربي الفاسي الذي ايد منها ما يتعلق بالانصاف على اساس الضرورة و كتب جوابا طويلا ساحاول الاختصار الشديد فيه حيث يقول ايها السيد الفاضل الذي صرف الى مصالح الاسلام اوحه الاعتناء و الاهتمام و وقف في نظره تحري الصلاح العام على ما واقفت الشريعة في تنفيذ الاحكام امدك الله باعانته و توفيقه الخ من هذا الجواب ...

و خلاصة القول في هذا الموضوع ان اختلاف اراء العلماء بخصوص العرف الامازيغي هو قديم جدا في تاريخ المغرب الاسلامي لان اجدادنا الامازيغيين كانوا علمانيين في الفصل بين الدين و الشان العام حيث  ليس معنى هذا انهم كانوا غير متديين  او غير محافظيين  بالمعنى الايجابي على الاطلاق.

مكانة فريضة الحج في ثقافتنا الامازيغية بسوس

ان هذه الايام المباركة من شهر ذو حجة نرى عبر وسائل الاعلام المختلفة اجتماع مسلمي العالم في مهد الاسلام و رسوله الاكرم بغية اذاء الركن الخامس من اركان الاسلام الا و هو الحج الذي يتمناه كل مسلم مهما كانت مرجعيته المذهبية و الثقافية و الفكرية لان فريضة الحج تحمل معاني الوحدة الاسلامية الكبرى حيث يوجد المسلمين في مختلف انحاء العالم الواسع  بجغرافيته و دوله المختلفة .

ان مكانة فريضة الحج في ثقافتنا الامازيغية بمنطقة سوس هي مكانة عظيمة حيث لا اعرف اذا توجد هذه المكانة العظيمة في الريف او الاطلس المتوسط او الجنوب الشرقي بسبب تهميش السلطة للبعد الديني لدى الامازيغيين عقود طويلة حتى ظن اغلب المغاربة ان الثقافة الامازيغية لا تتوفر على أي بعد ديني نهائيا..

 ان هذه السياسة هي من ثمار ايديولوجية الظهير البربري الرامية الى تقديس قيم المخزن التقليدي و فنونه الدخيلة مثل الطرب الاندلسي الذي اصبح يمثل الاصالة المغربية الحقيقة و الهوية الاسلامية المغربية بدون أي منازع على الاطلاق.

و من بين مظاهر المكانة العظيمة لفريضة الحج في ثقافتنا الامازيغية في سوس هي اهتمام فن الروايس في شرح قواعد و اذاب هذا الركن العظيم حيث كما شرحت سالفا في بداية كتابي هذا  قد ساهم ندرة المصادر و الابحاث في جهل الكثير من المغاربة بان فن الروايس له اسهامات  قيمة و جوهرية في ترسيخ الدين الاسلامي كفرائض و كامداح نبوية و نشر ثقافة  المقاومة ابان الفترة الاستعمارية الخ من هذه المجالات الكثيرة و المتعددة حيث من الصعب ان اتحدث عن هذا الموضوع الطويل لكنني ساحاول الاختصار بقدر الامكان.

ان الباحث في الثقافة الامازيغية او الانسان العادي سيدركان و سيؤمنان على ان فن الروايس قد اعطى احسن النماذج للقصيدة الدينية المغربية من حيث المواضيع و الايقاع الموسيقي الاصيل  و التدقيق في الطرح .

منذ عهد سيدي حمو طالب و عهد الحاج بلعيد و ربما قبلهما  كان الدين الاسلامي حاضرا في قصائد الروايس بحكم عدة عوامل اولا ان المجتمع الامازيغي اغلبيته الساحقة تدين بالاسلام .

ثانيا ان اغلب الروايس تخرجوا او تعلموا في المدارس العتيقة كمؤسسات لنشر العلم  الشرعي في منطقة سوس .

ثالثا ان المغرب في عهد الحاج بلعيد كان خاضعا للاحتلال الاجنبي فكان من الطبيعي ان يقاوم المسلمين هذا الوافد الجديد بالسلاح و الكلمة الهادفة و النابعة من شعور الناس الديني الخالص بمعنى  اننا لا نحتاج الى دروس تنطلق من السلفية الدينية في كيفية الدفاع عن الدين و عن العرض و عن الوطن...

و هناك جانب عظيم في قصائد الروايس الدينية الا و هو الارشاد و التعريف باركان الاسلام الخمس و في مقدمتها ركن الحج من طبيعة الحال حيث كما قلت في مقال سابق على ان هناك قصائد تحمل اسم القصائد الحجازية التي تستحق البحث العميق من طرف باحثينا الشباب و تستحق العناية من طرف الاعلام بمختلف وسائله السمعية البصرية باعتبارها تراث  مغربي مائة بمائة يعبر عن هويتنا الاسلامية و هذه القصائد تستحق ان تدمج ضمن المقررات الدراسية خصوصا في  مادة التربية الاسلامية لاننا ظلنا نتعلم اشعار الاخرين و نجهل وجود هذا التراث الديني الامازيغي تحت ذريعة اكاذيب اعداء الامازيغية التاريخيين ..

و اضيف ان القصائد الحجازية تعد كنزا ثمينا و وثائق تاريخية  و لها وظائف تستهدف شرح مناسك الحج بشكل تدقيق مثل قصيدة الحاج بلعيد و الحاج  المهدي بن امبارك و الحاج عمر واهروش و الحاج محمد البنسير و الحاج الحسين امنتاك و الحاج احمد امنتاك و القائمة مازالت طويلة حيث ان حلمي هو احصاء عددها لان هذا التراث الغنائي الديني ظل بعيدا عن اضواء الاعلام البصري على الخصوص عقود من الزمان حتى اصبح اغلب المغاربة يجاهلون وجود هذا الكنز العظيم من القصائد الحجازية التي تعلم الناس البسطاء او ذوي المستوى بلغتهم الام التي ظلت عقود من الزمان خارج الشرعية الدينية حيث تصوروا معي عندما انطلقت قناة السادسة سنة 2005 كانت لا تعترف بوجود الامازيغية كلغة جزء عظيم من الامة المغربية بسبب سيادة ايديولوجية الظهير البربري على حقلنا الديني الرسمي الى حدود هذه الساعة .

و من بين مظاهر مكانة فريضة الحج في ثقافتنا الامازيغية بسوس هي احتفال بعودة الحجاج الى بلادهم بسلام و امان بعد اذاءهم للركن الخامس حيث يسمى هذا الاحتفال بتامغرا ن لحج في منطقة اداوتنان حيث سبق لي ان كتبت بعض ذكرياتي الجميلة مع عودة بعض افراد عائلتي في كتابي صوت المعاق كعودة جدتي فاظمة من الحج سنة 1990 حيث كنا نعيش في الدار البيضاء  و ابي قد ذهب الى اكادير لاستقبالها في المطار و سجل لنا احواش النساء على شريط صوتي للذكرى  و في العام الموالي ذهبنا اليها حيث فرحت بنا كاحفادها  .

و اتذكر عندما رجعت جدتي يامنة جيدا سنة 1998 حيث  قلت في كتابي صوت المعاق  ان يوم الاثنين 13 أبريل سنة 1998.و كان بيتنا باكادير حينها قد لبس حلة الأفراح والاستعداد، في انتظار رجوع جدتي من الديار المقدسة، فخالاتي يحضرن الطعام والحلويات ... و نحن الأطفال انذاك نلبس ملابسنا التقليدية كالجلباب والقفطان المغربي بالنسبة للفتيات....

 


      في مساء اليوم الموالي، ذهبت العائلة إلى المطار لاستقبال الجدة، وبقيت في البيت أنتظر سماع أصوات السيارات حتى غلبني النوم...شعرت بالراحة بعد مرض متعب.

      في منتصف الليل، استيقظت على إيقاع أصوات الفرح والابتهاج بوصول جدتي إلينا، سالمة وبصحة جيدة، بعد ذلك جلس الكل في بهو الضيوف، حيث  كان كل أفراد العائلة حاضرت، بالإضافة إلى حفيظة التي كانت تعمل كاتبة عند أبي في شركته الخاصة، وبعد أيام من الفرح و استقبال الضيوف في بيتنا ذهبت العائلة مع جدتي إلى إسك قصد إقامة احتفال يسمى عندنا بتامغرا ن الحج، و هو عبارة عن حفل ديني، في الصباح يقوم طلبة العلم الشرعي تلاوة  القرآن جهرا، وفي المساء المجال مفتوح أمام النساء لممارسة رقصة أحواش الطاهرة من كل ما يخدش الحياء والاحترام، وأشعارها تعبر عن السلام والترحاب بالحجــاج.وأشير إلى أن أمي سجلت لنا هذا بالصوت و الصورة في كاميرا حيث رقصت  على ايقاعاتها الخ من هذه الذكريات  الجميلة ..

اذن ان مكانة فريضة الحج في ثقافتنا الامازيغية هي مكانة عظيمة للغاية مما سيجعل العاقل يكذب ايديولوجية الظهير البربري نهائيا..

ان خلاصة  القول ان ثقافتنا الامازيغية هي حصن كبير و شامخ يتضمن بداخله العديد من قيمنا و اخلاقنا الاسلامية المغربية دون اذنى شك بل هي ثقافة اسلامية لكن في طابعها المغربي العلماني غير ان اصحاب الايديولوجيات الدخيلة منعت عامة الناس من ادراك هذه الحقائق الموجودة بالفعل .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مشروع تمزيغ الفكر الاسلامي و غاياته المثلى؟

مقدمة                                                             

ان الانسان الامازيغي البسيط يحب ان يسمع كلام الفقهاء في الامور الدينية مثل اركان الاسلام و قصائص الانبياء و الحلال و الحرام غير انه لا يعرف الا لغته الامازيغية فكان في العقود الماضية ينتظر احدى البرامج الدينية على الاذاعة الامازيغية او بعض الاذاعات الجهوية  مثل  اذاعة اكادير و اذاعة تطوان الجهويتان حيث ان هذه البرامج الدينية الاذاعية كلها لا تخرج عن  نطاق السلفية الرسمية لدى للسلطة  منذ اوائل الثلاثينات بفعل تحالفها مع ما يسمى بالحركة الوطنية .

ان هذا الانسان الامازيغي البسيط كان في العقود الماضية يشعر بالعنصرية و الحكرة تجاه التلفزيون المغربي الذي كان لا يبث أي برنامج ديني باللغة الامازيغية على الاطلاق بل كان يبث هذه البرامج الدينية بالدارجة و باللغة  العربية و باللغة الفرنسية منذ اوائل التسعينات بحكم ان التلفزة المغربية اصبحت تبث برامجها في اوربا و الشرق الاوسط الخ بفعل تطور وسائل الاتصال الحديثة ..

تاريخ هذا المشروع                              

انني اعتقد ان الحركة الثقافية الامازيغية عموما و الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي على الخصوص لها الفضل العظيم في تحقيق مشروع تمزيغ الفكر الاسلامي كشكل من اشكال استمرار الهوية و الثقافة الامازيغيتان في خدمة الرسالة الاسلامية في منطقة شمال افريقيا و جنوب الصحراء الافريقية منذ قرون من الزمان بمعنى ان الحركة الثقافة الامازيغية لم تاتي من كوكب اخر او من الغرب بل ولدت و نشات في بلاد الاسلام دينا و قيما و اخلاقا منذ اواخر عقد الستينات من القرن الماضي بغية انقاد الامازيغية بكل ابعادها الثقافية و الدينية من طبيعة الحال بحكم ان الامازيغية هي حصن كبير و شامخ بداخله يتضمن العديد من قيمنا و اخلاقنا الاسلامية المغربية.

و قبل الدخول الى تاريخ هذا المشروع لا بد من معرفة اهداف و غايات هذا الاخير المثلى فمصطلح تمزيغ يعني الترجمة من العربية الى الامازيغية كل النصوص الدينية ككتاب الله تعالى و السيرة النبوية و صحيح البخاري الخ حيث

ان المغرب دينيا لازال بعيدا عن الاراء المناهضة لكتب التراث السلفي كصحيح البخاري الخ بمعنى اننا نحتاج الى عقود من الزمان للوصول الى مستوى تيار اهل القران مثلا...

ان دولة الاستقلال تجاهلت تماما القيام بهذا الواجب الاخلاقي و الوطني تجاه امازيغ المغرب الذين يشكلون الاغلبية الساحقة و كتبوا ارواع صفحات المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي و الاستعمار الاسباني .

 ان دولة الاستقلال  تجاهلت بشكل كلي وجود شيئا اسمه الامازيغية كانتماء حقيقي و كثقافة اسلامية لهذه الارض  حيث كما قلت في بداية كتابي هذا اذا فرضنا ان الاستعمار الفرنسي قد اصدر الظهير البربري بالفعل لتنصير الامازيغيين و زرع التفرقة بين المغاربة فان من المفروض على دولة الاستقلال ان تعمل في اتجاه تكريم المقاومة الامازيغية الوطنية التي حاربت الاستعماران الفرنسي و الاسباني من خلال العديد من الاشياء كالاحتفال بمعركة انوال كعيد وطني على سبيل المثال او الاعتزاز بامجاد المقاومة الامازيغية في مقرراتنا الدراسية او في وسائل الاعلام الوطني و تخليد اسماء رجال و نساء هذه المقاومة الداخلة في اطار الدفاع عن بيضة الاسلام و عن حوزة الوطن .

و كان من المفروض على دولة الاستقلال ان تفرق بين ما يسمى بالظهير البربري ان كان موجود اصلا و الامازيغيين من خلال جعل لغتهم وسيلة لنشر الخطاب الديني عبر المسجد و التلفزيون المغربي قصد محاربة تنصير الامازيغيين كما يدعي اصحاب اللطيف غير ان هذا لم يحدث إطلاقا طيلة عقود من الزمان لان النظام اتجه نحو الانكار التام لوجود شعب اسمه الشعب الامازيغي و بعده الديني الضخم تحقيقا لسياسة العروبة و الاسلام...

و كما ان الحركة الاسلامية ببلادنا لم تفعل أي شيء بالنسبة لمشروع تمزيغ الفكر الاسلامي منذ عقود من الزمان بسبب انها تنطلق دائما من المشرق و ايديولوجياته الرجعية مثل العروبة بمعنى علينا ان نكون عربا في اللغة و في الايديولوجية السياسية قصد الفوز بالجنة لان اهلها هناك يتكلمون بهذه اللغة غير اننا لم نسمع بان احد قد رجع من القبر ليخبرنا باية لغة كانوا يتحدثون بها في الجنة او في النار .

و تنطلق الحركة الاسلامية من السلفية الدينية بمعنى علينا الرجوع الى فقه الحلال و الحرام كما فهمه علماء السالف الصالح كما يسمى منذ 1200 سنة و بالتالي علينا ان نرفض مسايرة العصر و تحدياته الخ من هذا الخطاب العقلاني الذي نؤمن به كمسلمين علمانيين بمعنى ان الحركة الاسلامية لا يمكنها ان تساهم باي شيء في مشروع تمزيغ الفكر الاسلامي بحكم جمودها الايديولوجي  و انطلاقها الدائم من المشرق عوض انطلاقها من المغرب..

ان الحديث عن تاريخ مشروع تمزيغ الفكر الاسلامي هو حديث اساسي بحكم ان الحركة الثقافية الامازيغية لم تعادي في يوم من الايام الدين الاسلامي باعتباره دين الاغلبية الساحقة من الامة المغربية حيث يقول الاستاذ الجليل ابراهيم اخياط في كتابه الامازيغية هويتنا الوطنية في اطار اقتناع الجمعية ان الامازيغية قضية وطنية و انها بذلك تتجاوز كل الاعتبارات الايديولوجية او الدينية حيث وقفت عند جمعها للتراث الامازيغي الشفاهي و المكتوب على الرصيد الهائل من الانتاج الامازيغي الديني مثل كنايش و كتب حول الفتاوى و النصوص و الشروحات الفقهية تتوفر بين سطورها على رصيد مهم مما دفع الجمعية الى وضع مشروع تحقيق بعض هذه المخطوطات و طبعها للعموم كخطوة اولى انذاك في مسار مشروع تمزيغ الفكر الاسلامي الطويل .

و هكذا انجزت الجمعية تحقيق كتاب الحوض في الفقه  المالكي للشيخ سيدي امحمد اوعلي اوزال سنة 1977 حيث يرجع الفضل في هذا التحقيق الى المرحوم عبد الله الجشتيمي باعتباره احد خريجي القرويين بفاس و المدرسة العتيقة المسماة ئيمي ن ؤوكشتيم و قام في نفس الاطار بتحضير كتاب العمل السوسي و هو في جزئين اصدر الجزء الاول سنة 1984 فادركته الوفاة قبل اصدار الجزء الثاني ..

لكن حدثت واقعة بعد صدور الجزء الاول من كتاب العمل السوسي تفسر بالنسبة لي مدى حصار السلطة لاي وعي مهما كان نوعه للعلاقة بين الامازيغية و الاسلام حيث تدخل احد رموز ما يسمى بالحركة الوطنية الا و هو المرحوم المكي الناصري الذي كان حينها رئيس المجلس العلمي للرباط و سلا لدى العديد من المسؤولين يطلب بمنع هذا الكتاب أي العمل السوسي حيث لم يتوقف عند هذا الحد بل طالب بحرقه و محاكمة صاحبه ..

و قامت الجمعية باتصالات بلغت الى علم الجنرال مولاي حفيظ العلوي مدير التشريفات الملكية الذي حسم المشكل بحكم ان المكي الناصري له نظرة عنصرية تجاه اهل سوس حسب شهادة الاستاذ اخياط.

و في تلك المدة حسب ما فهمت من كلام الاستاذ اخياط  توجهت جهود الجمعية كلها نحو تحقيق مشروع عظيم و حلم كبير بالنسبة للجمعية الا و هو  ترجمة معاني القران الكريم الى اللغة الامازيغية حيث ان المرحوم الفقيه امحمد العثماني كان احد المناضلين داخل الجمعية اذ انهى رسالته الجامعية في موضوع الواح جزولة و التشريع الاسلامي بدار الحديث الحسنية سنة 1976 تحت اشراف المرحوم الاستاذ علال الفاسي حيث اقترح المرحوم العثماني على الجمعية طبع رسالته الجامعية حتى تصبح كتابا لكن الجمعية لم تستطع اصدار هذه الرسالة الجامعية الرائعة نظرا لضعف امكانياتها المادية انذاك و بعد ذلك اقترحت الجمعية عليه مشروع ترجمة معاني القران الكريم الى لغتنا الام حيث لم يتردد فقبل الفكرة بل قدم للجمعية نموذجا لذلك بترجمة البسملة الى الامازيغية في سبعينات القرن الماضي حيث كان لا يوجد أي وعي باهمية الامازيغية على الاطلاق و بالاحرى وعي بوجود بعد ديني ضخم لديها كثقافة اسلامية لكن بطابعها المغربي العلماني يعارض أي تدخل للسلفية مهما كانت .

و يقول الاستاذ اخياط في كتابه ان المرحوم امحمد العثماني قام بدور كبير بسعيه الى مساعدتنا في اقناع بعض الشخصيات في جمعية علماء سوس السلفية للمشاركة في الدورة الاولى لجمعية الجامعة الصيفية باكادير سنة 1980 و جلسنا معهم في بيت المرحوم العثماني و جلسة اخرى في بيت الاستاذ حسن العبادي بدون ان نتوصل الى اية نتيجة معهم في موضوع ترجمة معاني القران الكريم الى لغتهم الام.

و ساتوقف عند كلام الاستاذ اخياط لبعض التحليل حيث ان رفض جمعية علماء سوس لفكرة ترجمة معاني القران الكريم الى الامازيغية في سنة 1980 يعبر عن مدى جمود هؤلاء العلماء السلفي الذي يمنعهم من مجرد التفكير بان الامازيغية لغة قائمة الذات تستطيع حمل معاني كلام الله او مجرد التفكير ان الامازيغية هي ثقافة اسلامية بالفعل لكن بطابعها المغربي العلماني حيث ان جمودهم السلفي يعتبر من النتائج الطبيعية لايديولوجية الظهير البربري على الوعي الديني الرسمي  او الوعي الديني لدى جل مكونات الحركة الاسلامية بالمغرب بمعنى ان جمعية الاستاذ اخياط لم تجد أي دعم مهما كان نوعه من طرف علماء سوس او وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية اطلاقا .  

و يقول الاستاذ اخياط ان ذلك السياق لم يسمح باعلان مشروع ترجمة معاني القران الكريم اللغة الامازيغية امام الملا حيث ان عقد السبعينات و عقد الثمانينات عرفا الهجمات الشرسة في كل الاتجاهات بسبب انتشار الفكر القومي العروبي في مجتمعنا انذاك مما اجبر الجمعية الى التريث و التفكير قبل الاقدام على انجاز هذا المشروع الضخم حقيقة غير ان  وقتها بالذات توفي المرحوم امحمد الثعماني سنة 1982 او 1983 دون ان يتمكن من تحقيق هذا العمل الجليل.

و كما رحل الى دار البقاء كذلك المرحوم عبد الجشتيمي الذي يعتبر من اكبر المهتمين بمشروع تمزيغ الفكر الاسلامي ...

في عقد التسعينات عرفت القضية الامازيغية مجموعة من التطورات على الصعيد الوطني و على الصعيد الدولي حيث يقول الاستاذ اخياط بعد الهدوء النسبي لعاصفة القومية العربية التي كانت تستهدف القضاء على الحركة الثقافية الامازيغية قررت الجمعية اصدار العديد من اصداراتها الابداعية و الفكرية بهدف تسريع وثيرة عملها الثقافي لربح ما ضاع من الوقت في عقد الثمانينات..

 و هكذا انطلقت الجمعية من جديد في مسار تحقيق مشروع تمزيغ الفكر الاسلامي مع عضوها البارز في المجلس الوطني الذي ولد في مدينة الدار البيضاء مثلي سنة 1943 و نشا في قبائل ايت باعمران على تقاليد اجدادنا التعليمية فدخل الى مدرسة تنالت و مدرسة ئيمي ءؤ كشتيم  حيث كان المرحوم عبد الله الجشتتيمي احد زملاءه في الدراسة  و بعد ذلك انتقل هذا الاستاذ الى تارودانت لمتابعة دراسته بمعهد محمد الخامس للتعليم الاصيل ليلتحق بعد ذلك بكلية الاذاب و العلوم الانسانية بالرباط فتخصص في التاريخ..

ان هذا الاستاذ لن يكون الا الحسين جهادي اباعمران الذي  جمع بين التعليم العتيق و التعليم العصري فاصبح فقيه يساير العصر و تحدياته المطروحة و هو في نفس الوقت شاعر صدر له ديوان تحت عنوان  تيماتارين و في سنة  1993  و صدر له اول عمل ديني اسمه تاغارست ن ؤورقاس ن ربي أي السيرة النبوية الشريفة كتمهيد اولي لعمل ضخم الا و هو ترجمة معاني كتاب الله الى لغة اجدادنا فكان متردد في اول الامر غير ان بعض اساتذة الجمعية مثل الاستاذ اخياط و الاستاذ الصافي على مؤمن استطاعوا جعله يقبل في نهاية المطاف .

و يشير الاستاذ اخياط الى انه في اطار الحوار الذي اجرته الجمعية مع الحركة الاسلامية بالمغرب سنة 1996 كان الاستاذ الحسين جهادي ضمن وفد الجمعية حيث له الفضل في ابراز دور جمعيتهم الكبير في تمزيغ الفكر الاسلامي من خلال اصداراتها انذاك و اوضح للحركة الاسلامية مسؤوليتها في تجاهل و تمهيش هذا الجانب ..

و بعد طول الانتظار تم الاعلان للعلن عن هذا المشروع الضخم في مارس سنة 1999 في اطار مؤتمر الجمعية الوطني الحادي عشر طبعا بعيدا عن اضواء اعلامنا الرسمي الذي كان يمارس حصار شديد على الامازيغية و حركتها الجمعوية انذاك حيث قوبل هذا الاعلان في حينه بالكثير من المواقف المختلفة حيث كان من بين ضيوف المؤتمر صحفي انكليزي اذاع الخبر باذاعة بي بي سي العربية في لندن فتناولته مجلة محلية هناك كذلك ليثير بذلك نقاشات حادة حول الابعاد السياسية و الثقافية لهذه الترجمة وصلت الى حدود التهديد بقتل الاستاذ الحسين جهادي كما صرح في برنامج شؤون امازيغية الذي بثته القناة الامازيغية في احدى الليالي الرمضانية لسنة 2012 حيث اشير هنا ان كتاب ترجمة معاني القران الكريم الى الامازيغية قد صدر سنة 2004 في ظل تجاهل الاعلام الرسمي التام لهذا الانجاز التاريخي بينما قامت قناة الجزيرة ببث تقرير مصور حول الموضوع و بالاضافة الى بعض الجرائد الامازيغية مثل جريدة العالم الامازيغي التي اجرت حوارا مع الاستاذ الحسين جهادي و الاستاذ سعد الدين العثماني بصفته امين عام لحزب العدالة و التنمية انذاك.

و كنت قد كتبت  موضوعا بمناسبة اول ظهور للاستاذ الحسين جهادي على شاشات التلفزيون المغربي حيث قلت فيه انني اشعر بالسعادة و الاعتزاز تجاه برنامج شؤون امازيغية الذي يقدمه استاذنا العزيز  و المناضل الامازيغي احمد عصيد حيث ان هذا البرنامج يعد اول مبادرة في تاريخ الاعلام البصري الوطني تتوخي ابراز الخطاب الامازيغي و قضاياه العديدة كتاريخ المغرب و الامازيغية و الافق السياسي الخ من هذه القضايا ..

و من هذا المنطلق كنت قد كتبت مقالا قبل حلول ذلك رمضان اتمنى فيه من استاذنا العزيز استضافة الاستاذ الحسين جهادي اباعمران في احدى حلقات برنامجه الرائع في ذلك رمضان لانني حينها لم اسمع خبرا عنه منذ مدة بحكم ان هذا الرجل يستحق ان يعرف من طرف المغاربة باعتباره خدم الدين الاسلامي و القضية الامازيغية معا في اطار مشروع  تمزيغ الفكر الاسلامي و ترجم معاني القران الكريم الى لغة اجدادنا الكرام.

و فعلا استجاب الاستاذ عصيد لطلبي حيث ان من الدلالات القوية لهذا الحدث التاريخي هي اولا  ان الحركة الامازيغية ليست حركة للإلحاد او لمحاربة الدين الاسلامي كما يقال بل انها حركة مغربية الجذور و الفروع تسعى بكل الوضوح الى استرجاع علمانيتنا الاصيلة  حيث طرحت حينها السؤال التالي هل نحن مجبرون على اتباع منهج السلف شرعا ام ان الله خلقنا شعوبا و قبائل قصد تحقيق مفهوم التعرف و مفهوم الاجتهاد المساير مع روح العصر و مع اعراف و تقاليد الشعوب الاسلامية .

ثانيا معرفة بعض الحقائق النادرة للغاية  حيث أفتى المجلس العلمي للازهر في مصر بترجمة معاني القران الكريم للامازيغية سنة 1912 حيث تعتبر هذه المعلومة ثمينة للغاية و يمكن قراءتها قراءات متعددة و مختلفة حيث ان امازيغية المغرب كانت حقيقة ثابتة قبل سنة 1912 مما يعني ان المشرق كان يعرف هذه الحقيقة الثابتة و يعترف بها  .

و اكد الاستاذ الحسين جهادي على مسالة مهمة الا و هي ان الدولة الموحدية الامازيغية كانت تشترط على خطيب الجمعة في مدينة فاس معرفة اللغة  الامازيغية و العربية  معا حيث من المعروف ان الدولة الموحدية هي دولة كبرى من حيث  المساحة وصلت الى حدود فرنسا شمالا و الى ليبيا شرقا الخ.

و ما لا يعرفه الكثير من عامة الناس ان الدولة الحفصية في تونس هي فرع من الدولة الموحدية حيث استمرت الدولة الحفصية بعد  سقوط الدولة الموحدية في المغرب مما سيعني ان دولة بني حفص في تونس هي امتداد طبيعي لسياسة الموحديين تجاه ادماج الامازيغية في الشان الديني من خلال رفع الاذان بها الخ من هذه الوظائف الدينية ...

انني اعتقد ان كلام الاستاذ الحسين جهادي كان واضحا في مجمل حديثه عن قداسة اللغة العربية حيث نفى  هذا الامر جملة و تفصيلا و اكد على ان معاني كلام كتاب الله هي مقدسة و بالتالي فكل الخرافات القائلة ان العربية هي لغة اهل الجنة لا صحة لها و ان كانت هذه المعلومة صحيحة فلغة اهل النار هي العربية كذلك ...

غير ان هذا التحليل لا يقال ابدا بحكم تقديس العروبة  من قبل نخبتنا الدينية و السياسية على حد السواء منذ فجر الاستقلال .

اعتقد ان اي حديث عن موضوع الامازيغية و الاسلام في اي نقاش عمومي هو في حد ذاته تقدما للحركة الامازيغية و انتصارا لها و لمشروع تمزيغ الفكر الاسلامي ...

 

 

 

تحليل تعامل نخبتنا الدينية مع الامازيغية كهوية و كقضية؟

مقدمة  مطولة حتى نهاية الموضوع                                                    

انني ابن هذه الارض المباركة بناسها و مساجدها التي تركها اجدادنا الامازيغيين شاهدة على تجذر الدين الاسلامي في هذه البلاد بفضل ثقافتها الاصيلة بالدرجة الاولى حيث اعرف مكانة  علماء الدين و فقهاءه العظيمة في مجتمعنا المغربي  منذ ما يسمى بالفتح الاسلامي الى يومنا هذا.

غير ان العامة من الناس لا يهتم كثيرا بتوجهات هؤلاء العلماء او الفقهاء السياسية و الايديولوجية منذ الاستقلال بحكم انتشار الامية بكل اشكالها و انواعها تفعيلا لسياسة دولة الاستقلال الهادفة الى احتكار السلطة السياسية و السلطة الاقتصادية الخ من هذه السلطات بين ايادي عائلات المدن المعروفة مثل فاس و الرباط و سلا فقط..

 و ان الخطير في الامر حيث قد غاب عن ذهن الكثير من الناس سواء العامة منهم  او الخاصة  هو احتكار الشرعية الدينية من طرف السلطة و حركتها الوطنية المزعومة عبر القول ان اول دولة اسست في المغرب هي دولة الادراسة بفاس منذ 12 قرن مما يعني حسب هذه الاكذوبة الاخرى ان المغرب قبل هذا التاريخ ليس له أي ذكر او حضارة حتى مجيء احد الهاربين من الدولة العباسية بالمشرق ليؤسس اول دولة اسلامية لم تحقق أي شيء يذكر للاسلام كما حققت دولنا الامازيغية مثل الدولة البرغواطية و الدولة المرابطية و الدولة الموحدية و الدولة المرينية  الخ.

و القول ان الاستعمار الفرنسي قد اصدر ظهيرا بربريا لتنصير الامازيغيين و جعلهم يتحاكمون الى اعراف جاهلية ما انزل الله من سلطان و بالتالي فالامازيغيين هم دعاة الجاهلية و التنصير بينما عائلات المدن المذكورة هم دعاة الصلاح و التقوى و الوطنية الصادقة.

اذن ان الشرعية الدينية تم احتكارها كذلك من طرف السلطة و حركتها الوطنية حيث نحن نعيش في فترة ما بعد حركة 20 فبراير المباركة بفتحها للعديد من الملفات الساخنة ظلت لعقود من الزمان تعتبر في خانة الممنوع من التداول العمومي.

 غير ان هذه الملفات طرحت  في ايام النقاش العمومي حول الوثيقة الدستورية الحالية هي كثيرة حيث لا ينبغي لنا التراجع عن روح النقاش الصريح و المفتوح بدون اية ممنوعات مهما كانت لضمان التقدم و اعادة تاهيل الحقل الديني على اساس هوية هذه الارض الامازيغية الاسلامية كضرورة جوهرية بحكم ان منذ الاستقلال تم صياغة هويتنا الاسلامية وفق حاجات السلطة و حركتها الوطنية عبر مؤشرات عديدة مثل عندما يحل عيد الفطر او الاضحى يصلي الملك صلاة العيد في مسجد يحمل اسم اهل فاس دائما حيث لا اتذكر قط ان الملك صلى صلاة العيدين في مسجد اخر داخل العاصمة نفسها غير مسجد اهل فاس طيلة هذه العقود باستثاء صليته في المسجد المحمدي بالدار البيضاء مما يعني ان الحركة الوطنية خططت جيدا لما بعد الاستقلال بفضل اكذوبتها  الظهير البربري التي اصبحت ارضية للحقل الديني الرسمي منذ الاستقلال الى هذه الساعة..

و مثل تهميش البعد الديني لدى الامازيغيين بشكل فضيع منذ الاستقلال الى حدود السنوات الاخيرة من اجل احلال العروبة مكانة التقديس في الشان الديني الرسمي تحقيقا لمقولة ان المغرب بلد عربي خالص بدون اي منازع.

 و بالتالي فالعروبة كما تدعي الحركة الوطنية و الحركة الاسلامية فيما بعد هي ضرورية لبقاء و استمرار الاسلام في المغرب بعد الاستقلال بحكم ان الاستعمار الفرنسي اراد احداث فتنة بين الامازيغيين و العرب بسبب ما يسمى بالظهير البربري غير ان الحقيقة ظاهرة للعيان حيث بعد سنة 1956 كان المغرب يطبق القانون الوضعي الفرنسي على كل مناحي الحياة العامة باستثناء الشان الديني الرسمي و قانون الاحوال الشخصية .

فانني اتساءل اين هي اذن الشرعية التاريخية و الدينية للحركة الوطنية التي ظهرت فجاة في سياق تاريخي يتميز بمقاومة الامازيغيين الشديدة الاستعمار الفرنسي و الاسباني لتطالب بخلع العرف الامازيغي الاصيل في مجموع الثراب الوطني بينما بعد الاستقلال اصبحنا نطبق القانون الوضعي الفرنسي اي قانون من اختراع الكفار حسب حركتنا الوطنية المزعومة.

 ان هذه الاكاذيب تم ترسيخها في عقول نخبتنا الدينية ذات الحماس الشديد تجاه الدين الاسلامي خصوصا في  منطقة سوس من خلال استحضار مثال العلامة المرحوم المختار السوسي الذي خدم بقصد او بدونه مشروع الحركة الوطنية الكبير و المتمثل في جعل الامازيغيين انفسهم  يؤمنون ايمانا عميقا بان هويتهم العريقة تساوي العمالة للاستعمار و التقسيم و الجاهلية..

ان من المؤكد ان فكر المختار السوسي العروبي و السلفي قد ساهم بشكل عظيم في جعل نخبتنا الدينية الرسمية في سوس خصوصا و المغرب عموما تقوم بالانكار التام لفضل الامازيغية على الاسلام ببلادنا منذ قرون من الزمان و بالتالي خدمة ايديولوجية الظهير البربري في اهدافها الكبرى من قبيل الفصل التام بين الامازيغية كلغة و كثقافة و كهوية اصلية لهذه الارض و الاسلام كدين عالمي امن به الكثير من الشعوب العجمية مثلنا كالاتراك و الايرانيين و الافغان الخ من هذه الشعوب المسلمة بثقافاتها الاصلية و الممارسة بشكل طبيعي في العادات و التقاليد بدون أي تحريم ينطلق من المنهج السلفي الذي يرفض مفهوم التعدد و الاختلاف اصلا داخل دائرتنا الاسلامية الكبرى.

و من خلال سياسات هذه الشعوب العجمية مثلنا في الشان الديني حيث يخطب امام الجمعة هناك بلغة قومهم الاصلية  بكل حرية  بينما في المغرب ليس عندنا الى حد الان اية رغبة او استراتيجية اولية لادماج الامازيغية كهوية في مجال الشرعية الدينية بحكم ان هذا الادماج الاولي سيحطم ايديولوجية الظهير البربري و شرعيتها الكاذبة بكل المقايس الاخلاقية و التاريخية بحكم ان ملوك الدولة العلوية كلهم اعترفوا بشرعية العرف الامازيغي بدليل قول محمد الخامس سنة 1930 في رسالته المطولة التي تحدثت عنها في بداية كتابي هذا باسهاب حيث قال بالحرف ان للقبائل البربرية عوائد قديمة يرجعون اليها في حفظ النظام و يجرونها في ضبط الاحكام و قد اقرهم عليها الملوك المتقدمون من اسلافنا المقدسين و من قبلهم الخ من هذه الوثيقة التاريخية .

اذن الذي اريد الوصول اليه هو ان اسباب تخلف نخبتنا الدينية الفظيع تتعلق اساسا بتراكمات ايديولوجية استطاعت البقاء و الرسوخ  لازيد من نصف قرن من الزمان في عقول نخبتنا الدينية حتى اصبحت غير مؤهلة نهائيا لاستيعاب و فهم سياقنا الحالي و المتميز بثورات الشباب في شمال افريقيا و الشرق الاوسط رافعين شعارات التغيير و الاصلاح العميق في كل مناحي الحياة السياسية و الاقتصادية و الثقافية.

و اصبحت غير مؤهلة نهائيا لاستيعاب و فهم ضروريات الانتقال الديمقراطي و من بين هذه الضروريات هي ترسيم الامازيغية  و تنزيل هذا الترسيم على ارض الواقع المجتمعي حيث لا يمكن لنا ان نكذب على انفسنا و نقول ان نخبتنا الدينية مستعدة لقبول الامازيغية كلغة اولا و كثقافة ثانيا و كقيم اصيلة ثالثا لان اغلب فقهاءنا و علماءنا مازالوا يعيشون ما قبل خطاب اجدير و مازالوا متخلفين عن مواكبة التطور الذي عرفه مجتمعنا المغربي بسبب جمودهم السلفي العميق..

 و انطلق في طرحي هذا من منطلق متابعتي المتواضعة لخطاب هؤلاء العلماء المحترمين عبر وسائل الاعلام كالاذاعات و القنوات التلفزيونية طيلة 12 سنة الاخيرة حيث لاحظت ان معظمهم لا يعترفون اطلاقا بالامازيغية كهوية اصيلة للمغرب ساهمت مساهمات كبرى في نشر الرسالة المحمدية في شمال افريقيا و جنوب الصحراء الافريقية و الاندلس الخ بل يعترفون بها كلهجات في احسن الاحوال.

 و اما في اسواء الاحوال فيعتبرونها تساوي الجاهلية او الالحاد أي الخروج من دائرة الديانات السماوية عامة و بالتالي يجب القضاء على هذه النعرة الجاهلية حماية لاسلام المغرب و يقصدون اسلام المخزن العتيق و ليس اسلام هذا الشعب الاصيل.

ان تخلف معظم العلماء عن واجبهم الوطني نحو هويتهم في هذه السنوات بعد خطاب اجدير التاريخي راجع ربما الى تأثير الافكار الوافدة من المشرق حيث نعيش في عصر الفضائيات الدينية ذات التوجهات الوهابية بحكم ان هذه الفضائيات الدينية تقدم لنا اسلاما بعيدا عن اسلامنا الحضاري من حيث العادات و الاعراف و الاجتهاد.

 فتلك المجتمعات لها تصوراتها الخاصة حول مجموعة من القضايا الاستراتيجية كقضية المراة و قضية التعددية ببعدها الديني و الفكري بينما ان المغرب كبلد له اسلامه الخاص و تعدده الثقافي و الديني..

 فلا يعقل منطقيا او حضاريا ان يفرض او ان يفتي عالما ايا كان ما وفق فتاوى المشرق او وفق عادات مجتمعاته او ان يحرم عادة من عاداتنا تحت ذريعة هذا يخالف مع منهج السلف الصالح كما يقال لكن هذا العالم الفولاني قد ينسى او تجاهل تماما اننا شعب اسلم منذ 14 قرن و ليس منذ سنة 1930 بمعنى ان اجدادنا كانوا مثالا لمسايرة الحياة و الاجتهاد الديني و المراعي مع خصوصياتهم العريقة منذ القدم..

و بوجود هذه النخبة الدينية بصورتها الحالية يستحيل لنا حسب اعتقادي المتواضع ان نتقدم و لو خطوة واحدة نحو تفعيل ترسيم الامازيغية على ارض الواقع المجتمعي و نحو ضمان ادماجها كثقافة و كقيم اصيلة تعادي السلفية بصريح العبارة و تعتبر الاسلام رصيدا فكريا و اخلاقيا يمكنه المساهمة في الحضارة الانسانية بشرط مسايرة علماءه لروح العصر و تحدياته العلمية و السياسية عوض الرجوع بنا الى عصر الاستبداد باسم الدين و فتاوى علماءه الرجعية.

و هنا استحضر بعض النماذج حيث عندما يحرم فقيها ذو النزعة السلفية الاحتفال بالسنة الامازيغية فانه ينطلق من تاويله  القائل ان المسلم يحتفل بعيد الفطر و بعيد الاضحى فقط بينما كان اجدادنا  يحتفلون بهذه الاعياد الدينية كلها أي بعيد المولد النبوي الشريف و بعيد عاشوراء  باعتبارهم مسلمين لكن مع ذلك فانهم يحتفلون بالسنة الامازيغية كعيد له بعد علماني اصيل في مجتمعنا الامازيغي القديم و يحتفلون بعادة بلماون في ثاني ايام عيد الاضحى  المبارك بمعنى ان هذا الفقيه لم ينطلق من واقع مجتمعه الحقيقي بل انطلق من فتاوى القنوات الدينية في السعودية و في مصر  .

و عندما يحرم هذا الفقيه الاسماء الامازيغية بدعوة انها غريبة  عن مجتمعنا فانه غير مدرك لتاريخ المغرب  الحقيقي بشكل تام سواء قبل الاسلام او بعده بالنظر الى تكوينه السلفي في التعليم الاصيل في سوس  او في القرويين بمدينة فاس حيث ان هذا التكوين لم يعطي الا المزيد من التعريب و  البعد عن معرفة أي شيء عن ثقاقة هذا الشعب العريقة.

انني اتذكر في اطار متابعاتي الشخصية للبرامج الدينية داخل الاذاعة الامازيغية او

> غيرها من وسائل الاعلام الوطنية استمعت مساء الجمعة 13 ابريل 2012 لبرنامج معروف

>> على الاثير الامازيغي منذ 30 سنة حيث يقدمه الفقيه المحترم الحاج اعمون

>> مولاي البشير الذي  لم يدرك بعد ان الامازيغية اصبحت لغة رسمية في دستور 2011.

>> و  قال اثر جوابه على احد اسئلة المستمعين ان الاسماء الامازيغية مثل

>> يوبا الخ حيث اعتبرها غريبة عن مجتمعنا المغربي ثم اضاف كلاما يوحي الى تحريمها

>> في الدين. و ليست هذه المرة الاولى بل منذ سنوات طويلة و هو اعتبر

>> الامازيغية كهوية  و كفنون مثل فن احواش و فن الروايس الخ من هذه الفنون تتعارض مع الدين الاسلامي بالرغم من اننا

>> مسلمون منذ 14 قرنا من الجهاد و الاجتهاد و الاخذ بعين الاعتبار الخصوصية

>> الامازيغية المغربية.

>> و قلت في احدى مقالاتي انذاك

اننا لم نعد نسمح بصدور مثل هذه التصريحات المعادية لكل ما

>> هو امازيغي باسم الاسلام كدين اغلبية الشعب المغربي و كما ان السياق الجديد

>> لم يعد يقبل بوجود هذا الفكر الرجعي داخل الاذاعة الامازيغية التي دخلت منذ

>> سنوات الى عهد التطوير و التجديد في برامجها المتنوعة و المواكبة لنهضة

>> الامازيغية و رد الاعتبار لها في التعليم و في الاعلام مما ستجعل هذه

>> التصريحات الاخيرة  تشكل تراجعا خطيرا على  مكاسبنا المحققة الى حد اليوم و تشكل خطرا على مستقبل الامازيغية الرسمية في ظل تخلف فقهاءنا

>> العميق.

و هناك نموذج اخر الا و هو  الدتكور حسن ايت بلعيد الشهير بتقديمه لبرنامج ديني على الهواء في احدى الاذاعات الخاصة بالعربية و بالامازيغية حيث يمكن القول انه متقدم بشكل كبير عن الفقيه اعمون مولاي البشير على مستوى الاعتراف بالامازيغية كلغة و كثقافة الخ..

ان هذا الاعتراف لا يوجد اطلاقا لدى اغلبية فقهاءنا و علماءنا الذين ربما لا يعترفون بوجود مؤسسة ملكية تحمل اسم المعهد الملكي للثقافة الامازيغية اصلا او بوجود حركة اسمها الحركة الثقافية الامازيغية اصلا بسبب تكوينهم السلفي مع كامل الاسف.

 غير ان الدكتور حسن ايت بلعيد بالرغم من اعترافه بالامازيغية لغة و ثقافة ظل سجين للتاريخ الرسمي من خلال تناوله لايديولوجية الظهير البربري من ناحية التفرقة بين الامازيغيين و العرب دون اثارة موضوع تنصير الامازيغيين الخيالي و تقديسه لدولة الادراسة خصوصا في ايام احتفال مدينة فاس بمرور 12 قرن على تاسيسها سنة 2008 حيث ان هذا الحدث اخد بعدا وطنيا انذاك من خلال الادعاء ان تاريخ المغرب هو 12 قرن استمرارا لاحتكار الشرعية الدينية و الشرعية التاريخية مما يعني تهميش و ابعاد الامازيغيين عن هذه الشرعيات و هذا يتعارض تماما مع خطاب اجدير و مع خطاب 9 مارس 2011 الذي اعترف بكون الامازيغية هي صلب الهوية المغربية أي اصلها الاول و التابث....

 

 

 

 

 

 

الاسلام السياسي و القضية الامازيغية وفق وجهة نظري الايديولوجية

مقدمة مطولة                                 

انني انسان مسلم اقوم بواجباتي الدينية كالصلاة و الصيام لكنني لي سيئاتي كاي انسان في هذه الدنيا يمكنه الوقوع في المعاصي او في السيئات لكن المهم بالنسبة لي هو الاعتراف بالخطا لان الله هو غفور رحيم و هو ملك يوم القيامة و بيده سلطة العفو او العذاب.

اولا ان تيارات الاسلام السياسي ليست اية علاقة بالحركة الوطنية تاريخيا الا ان القاسم المشترك بينهما هو السلفية و التشبث بايديولوجية  الظهير البربري كحقيقة لا غبار عنها حيث ان التيارات الاسلامية ببلادنا كانت تعمل سنوات طويلة خارج شرعية الدولة أي في السر بحكم  ان السلفية نفسها انواع حيث ان السلفية الوطنية تعايشت مع تفاصيل الدولة الحديثة التي تركتها فرنسا بعد سنة 1956 مع محاربتها الشديدة للامازيغية كسياسة  ديمقراطية اصيلة تحت ذريعة انها كفر بالاسلام و انها سياسة فرنسية الخ ..

و بينما سلفية تيارات الاسلام السياسي فهي ذات مستويات متعددة قد تصل الى حد تكفير الدولة الوطنية العصرية او مطالبة باقامة الدولة الدينية بمعناها السلفي الصريح مثل السعودية او العودة  الى الخلاقة الاسلامية.

 لكن تيارات الاسلام السياسي ببلادنا خرجت من السرية الى الظهور بالوجه الدعوي مثل حركة التوحيد و الاصلاح و بالوجه السياسي من خلال حزب العدالة و التنمية و حزب النهضة و الفضيلة حيث من الصعب معرفة مدى ايمان هذان الحزبان بضروريات نسق الدولة الحديثة .....

ثانيا ان الامازيغية تم تغييبها دينيا و سياسيا منذ الاستقلال بقرار سياسي صارم من طرف السلطة الى يوم 17 اكتوبر 2001  تاريخ ولادة الامازيغية كشرعية ثقافية صرفة من خلال خطاب اجدير وصولا الى لحظة الترسيم  و الامازيغية مازالت تقدم كشرعية ثقافية صرفة بينما اعتبر الملك محمد السادس انها صلب الهوية المغربية في خطاب 9 مارس بمعنى ان الاحزاب السياسية عامة لازالت متخلفة عن هذا المفهوم الملكي....  

في ماي 2013 ظهر نقاش عمومي عميق حول كيفية تدريس مادة التربية الاسلامية داخل المدرسة المغربية قاده الاستاذ احمد عصيد المعروف بافكاره المفيدة لتقدم بلادنا على درب الديمقراطية الحقيقية و التحديث الضروريان في أي مجتمع  مسلم مثلنا لكن اغلب مكونات الحركة الاسلامية في المغرب اتهمته انه قال ان رسولنا هو ارهابي و هذا غير صحيح على الاطلاق بل قال بالحرف ان رسالة النبي الى ملوك عصره ان كانت في سياقها التاريخي طبيعية و عادية الا انها بمقاييس عصرنا لو كتبت اليوم ستعتبر ارهابية حيث هذا هو كلام الاستاذ عصيد الذي اثار غضب السلفيين باعتبارهم  سجناء للماضي بمقاييسه المتجاوزة اصلا حيث يستحق هذا الكلام الحكيم برايي المتواضع بعض التاويل و التفسير الهادئ بعيدا عن الأحكام الجاهزة بحكم ان الاسلام هو بالفعل دين الرحمة و دين التعايش و دين إعمال العقل للتمييز بين الحلال  و الحرام في حياتنا العادية حسب اعرافنا و تقاليدنا حيث لا يمكن لنا ان نتدين وفق شيوخ الوهابية في السعودية او نتدين وفق الجماعات الجهادية الخ..

 

ان إعمال التمييز بين الأزمنة هو شيء حيوي و جوهري لتفادي الوقوع في فخ تقديس الماضي بشكل كبير كما جرى للسلفيين خصوصا و المسلمين عموما حيث علينا التمييز حسب اعتقادي المتواضع  بين العهد النبوي المقدس بوجود رسولنا الاكرم صلى الله عليه و سلم فيه و بين عصرنا الحالي المتميز بوصول الانسانية الى درجات كبيرة من الحضارة و التقدم في شتى الميادين بفضل إعمال العقل المتنور منذ قرون في اوربا ضمن عصر الانوار بينما نحن المسلمين لم نصل بعد حتى الى عصر المصابيح الضوئية بمعناها الفكري و بالاحرى عصر تنوير العقول.

لكن البعض سيطرحون السؤال التالي ما علاقة قضية اسلم تسلم بموضوع الاسلام السياسي و القضية الامازيغية حيث طرح هذا السؤال المشروع داخل بعض مكونات حركتنا الامازيغية منذ ذلك الحين بحكم حيوية النقاش بين الفعاليات  الامازيغية في كل الاتجاهات حيث هناك من يعارض تصريحات الاستاذ عصيد حول هذه القضية و هناك من يساندها الى ابعد الحدود بحكم ان منظومتنا الدينية اصلا هي متخلفة عن مسايرة اسئلة هذا السياق التاريخي المتعددة من قبيل حقوق الانسان و اعادة كتابة تاريخ المغرب على اسس علمية بعيدة عن ايديولوجية الظهير البربري المدبرة للشان الديني ببلادنا الى حد الان.

انني اريد التذكير بمجموعة من الامور المتعلقة بجذور الخلاف بين الحركتان الامازيغية و الاسلامية منذ عقود من الزمان و ليس منذ ظهور قضية اسلم تسلم حيث عندما انطلقت الحركة الامازيغية في سنة 1967 أي في سياق تاريخي و سياسي شديد  الحساسية على مختلف المستويات و الاصعدة حيث وجدت نفسها في ظلام دامس يطبعه  من جهة قمع السلطة لكل ما هو امازيغي باستعمالها لأكذوبة الظهير البربري و من جهة اخرى هزيمة العرب في حربهم مع اسرائل و تداعياتها الخطيرة على المغرب حيث حدث تنامي كبير للشعور القومي لدى فئات واسعة من المجتمع المغربي نتيجة لتلك الهزيمة مما جعل النضال الامازيغي كفاعل جديد حينها يتهم بالعمالة لفرنسا و للصهيونية كاتجاه عنصري مثل القومية العربية و النزعة السلفية التي هي الارضية الرئيسية لجل مكونات الحركة الاسلامية في المغرب..

و هنا اشير الى تم تاسيس حزب الاستقلال سنة 1944 من طرف المرحوم علال الفاسي ذو الفكر السلفي حيث ان هذا الحزب له مرجعية سلفية رسمية تتماشى مع المخزن التقليدي لكنه ليس حزبا اسلاميا يدعو الى تطبيق الشريعة الاسلامية مثلا بل هو حزب عرقي ينطلق من العروبة حسب رايي المتواضع لاننا  نعيش في عهد الحقيقة و في عهد حرية التعبير بفضل الارادة الملكية من اجل التغيير حيث علينا ان نسمي الاشياء باسماءها الحقيقية خدمة للتاريخ  ..

و كما شرحت فكانت بدايات الحركة الامازيغية الاولى هي بدايات البحث و جمع التراث الامازيغي بمختلف مكوناته الدينية و الثقافية و الفنية لا غير لكن معظم مكونات الحركة الاسلامية ظلت على جمودها السلفي و القومي منذ سنة 1967 الى حدود خطاب اجدير التاريخي من القضية الامازيغية لان الحركة الاسلامية في المغرب هي اصلا حركة مشرقية الانتماء و الايديولوجية بينما الحركة الامازيغية هي اصلا حركة مغربية الانتماء و النشاة الخ  حيث لم تكن ابدا ضد العرب كجنس خلقه الله مثل الاقوام الاخرى كالفرس  و الترك و الافغان الخ من هذه الاقوام المسلمة

و هذا يعني ان الحركة الامازيغية ليست ضد العرب و ضد اللغة العربية و انما هي ضد العروبة كايديولوجية تتوفر على وطن حقيقي الا و هو السعودية و قطر الخ من هذه الدول الخليجية .

ان الحركة الامازيغية اصلا هي امتداد طبيعي لقيم هذا الشعب الدينية و الثقافية الاصيلة بمعنى انها لم تستورد أي شيء من المشرق او من الغرب لكن الغرب احب من احب او كره من كره قد ساهم بالعقل المتنور في انتقال الانسانية من عصر الكهوف الى عصر التطور المستمر من خلال عدة مراحل تاريخية حتى وصلت الانسانية لغزو الفضاء و الصعود الى القمر سنة 1969  بينما ظل المسلمين السلفيين يعيشون على اطلال الماضي دون أي افق مستقبلي.....

منذ سنوات تسعينات القرن الماضي حاولت الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي إجراء الحوار مع مختلف التيارات الحية بالبلاد حول الامازيغية كحقوق ثقافية فقط و خصوصا بعد خطاب 20 غشت 1994 الذي اتذكره و لو كنت طفل صغير بلغ من العمر حينها 11 سنة .

 ان ذلك الخطاب قد دعا الى تدريس اللهجات فقط بمعنى ان هذا الاخير لم يذكر مصطلح الامازيغية قط و بعد ذلك الخطاب الشكلي بالنسبة لي الان  ..

  و من بين التيارات التي جلست معها الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي الحركة الاسلامية على الاعتبار ان هذه الجمعية بدات كما شرحته مطولا  منذ منتصف السبعينات مشروع تمزيغ الفكر الاسلامي مع الفقهاء الذين كانوا في الجمعية امثال المرحوم عبد الرحمان الجشتيمي و المرحوم امحمد العثماني و الاستاذ الحسين جهادي  لكن الحركة الاسلامية انذاك كانت رافضة لاي حديث حول القضية الامازيغية كما طرحت وقتها لان جمودها السلفي و العروبي لم يسمحان لها بالتعاطي بشكل ايجابي مع مطالب الامازيغيين الثقافية كما نص عليها ميثاق اكادير صيف سنة 1991 مثل الاعتراف بالامازيغية في الدستور كلغة وطنية و اخراج معهد الدراسات الامازيغية بمعنى ان الحركة الامازيغية لم تطالب بمطالب ذات عمق استراتيجي كالعلمانية الاصيلة بالنظر الى صعوبة تلك الظروف على مختلف المستويات و الاصعدة.

 و بالرغم من كل هذه الاسباب  ظلت الحركة الاسلامية انذاك تعادي كل ما هو امازيغي و تربطه بالجاهلية و بالاستعمار حيث ان نفترض ان كل ما تقوله الحركة الوطنية هو عين الحق حول الظهير البربري فاين تطبيق الشريعة الاسلامية منذ الاستقلال و اين محاربة مظاهر التغريب و الفرنسة في مختلف مناحي الحياة العامة منذ ذلك الحين و اين اسلمة الدولة بكل مؤسساتها المتعددة الخ من هذه الاسئلة التي تطرح في نقاش عمومي ..

المعارك الايديولوجية بين الحركة الامازيغية و نظيرتها الاسلامية بعد خطاب اجدير

كانت محطة خطاب اجدير منعطف جوهري بالنسبة للقضية الامازيغية ببلادنا بعد انتقال العرش الى ملك محمد السادس و بعد صدور بيان الاستاذ محمد شفيق حول امازيغية المغرب بتاريخ فاتح مارس 2000 الخ من هذه المستجدات على الصعيد الوطني و الدولي .

و طبعا الحركة الاسلامية بدات تحت ضغط السلطة تتعامل بحذر شديد مع

الامازيغية بعد خطاب اجدير و تاسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية باعتبارها ادركت ان الحركة الامازيغية لن تقف عند هذه المحطة الحاسمة في تاريخ المغرب المعاصر بل ستمشي نحو مطالب من صميم تاريخنا الاجتماعي كالعلمانية الاصيلة أي الفصل التام بين السياسة العمومية و الدين و ليس الفصل التام بين المجتمع و الدين مهما كان حيث لا يمكن تطبيقه على المجتمعات الغربية و بالاحرى تطبيقه على مجتمعاتنا الاسلامية.

ان عيوب الحركة الاسلامية في المغرب هي انها بعيدة كل البعد عن الاعتزاز بهويتنا التاريخية و الدينية و لم تستطيع ان تكون حركة اسلامية مغربية مثل الحركة الاسلامية في تركيا كبلد مسلم يعتز  بهويته التركية و يحكمه حزب اسلامي في اطار علمانية الدولة التركية منذ سنة 1924 .

و بينما في حالتنا المغربية هناك حزب العدالة و التنمية الذي  حاول فرض الحرف الآرامي  أي العربي حرفا رسميا لتدريس الامازيغية كاول المعارك الايديولوجية بين الامازيغيين و الاسلاميين ذوي النزعة السلفية في سياق النهوض بهويتنا الام .

و لعل نقطة تحول في خطاب الحركة الامازيغية بعد احداث 16 ماي 2003 الارهابية على كل المقاييس هي مطالبتها علنية بالعلمانية لكن بعض مكونات الحركة الامازيغية كانت رافضة  لهذا المطلب و من بينها الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي ...

و من هذا المنطلق اصبحت الحركة الامازيغية في نظر نظيرتها الاسلامية حركة لا تتوفر على  جذور عميقة في المغرب بسبب اتجاهها العلماني المعلن منذ سنة 2003 ..

غير ان الحركة الاسلامية لا تريد ابدا  الاقرار بما هو موجود قبل دخول الاستعمار الغربي الى المغرب بحكم ان هذا الاقرار سيعني  نهاية مشروع التيار الاسلامي ببلادنا و اهدافه الكثيرة و من بينها اسلمة المغرب على النمط المشرقي  و بالتالي القضاء على كل المكاسب التي حققها المغرب منذ صيف سنة 1999 الى الان بفضل الارادة الملكية و بفضل مختلف التيارات الديمقراطية و العلمانية و  الحقوقية .

ان مسالة الاقلية اليهودية ببلادنا شكلت نقطة خلاف ايديولوجي عميق بين الحركة الامازيغية و نظيرتها الاسلامية حيث نحن نعيش منذ قرون طويلة مع اليهود في وئام و تعايش حيث كل واحد يحترم معتقد الاخر في عموم المغرب لكن عندما قرر مجموعة من الشباب الامازيغي تاسيس جمعية سوس العالمة لصداقة الامازيغية اليهودية سنة 2008 قامت الدنيا على هذه المبادرة النبيلة بحكم ان اصحابها هم من الامازيغيين الذين يجب عليهم عدم الخروج  عن الاطار السلفي و العروبي باعتبارهم خدام لهذه الايديولوجيات بينما المشارقة العرب يقومون بزيارات علنية و سرية الى اسرائل للصداقة و التعاون و عقد صفقات لتبادل الاسرى مثل الصفقة بين حركة حماس الاسلامية و اسرائل في العام 2011 بالضبط و هذا يعرفه الجميع عبر الفضائيات العربية حيث لسنا اغبياء نصدق ما يقال في المنابر الاعلامية المعادية للامازيغية و حركتها المدنية و السياسية ..

و بعيدا عن هذه الامور السياسية فان مبادرة تاسيس جمعيات صداقة الامازيغية اليهودية هي بعيدة كل البعد عن خرافات الحركة الاسلامية من قبيل التطبيع مع كيان الاحتلال و انما هي مبادرة انسانية تنطلق من تاريخنا الاجتماعي لا اقل و لا اكثر.

  اذن ان الخلاف العميق بين الحركة الامازيغية و نظيرتها الاسلامية لا يعود الى قضية اسلم تسلم بل يعود الى عقود طويلة من المعارك الايديولوجية و السياسية...

انني  لا اتوقع حدوث اية مصالحة بيننا و بين الاسلاميين حاليا بحكم اولا ان الحركة الاسلامية في بلادنا ظلت لعقود طويلة مجرد تلميذة مجتهدة للمشرق العربي من اجل جعل فئات واسعة من هذا الشعب تصبح جاهلة او متجاهلة لتاريخ المغرب ما قبل الاسلام و  بعده بغية إقناعهم ان اصل الامازيغ يرجع الى اليمن ...

 ثانيا الاظهار ان النخبة الامازيغية الحديثة هي مجرد حركة للإلحاد تطالب باحياء الظهير البربري و تطالب بالعلمانية الغربية الخ من خرافات الحركة الوطنية و جل مكونات الحركة الاسلامية ببلادنا من حركة التوحيد و الاصلاح الجناح الدعوي لحزب عفا الله عما سلف الى جماعة العدل و الاحسان المحظورة بمعنى ان النخبة الامازيغية تشعر بالنفور و الاقصاء من جل مكونات الحركة الاسلامية بالمغرب و خصوصا بعد تصريحات الاستاذ الريسوني حيث  اتهم الحركة الامازيغية بالعداء للاسلام في قطر .

و كان هذا الاستاذ  يتحدث في سياق محاضرة تحت عنوان عناصر الوحدة الاسلامية حيث اعترف اخيرا ان 99 في المائة من الامازيغيين هم مسلمون نتيجة لسياسة الدولة تجاه الامازيغية منذ 2001 الى الان بحكم ان قبل سنة 2001 كانوا احفاد الاستعمار يسعون لاحياء الظهير البربري و ثقافتهم هي مجرد عامل للتفرقة و عامل للجاهلية بمعنى ان الريسوني اخذ يعترف بحقيقية الايمان الاغلبي للامازيغيين بالاسلام و هذه الحقيقية ذاتها هي تكذب لخرافة الظهير البربري الهادف الى تنصير اجدادنا الكرام بكل سهولة .

ان وصف هذا الاستاذ المحترم الحركة الامازيغية بالفكر الهادم هو اكبر الاكاذيب و المغالطات كأن هذه الحركة دعت الى الانفصال كما دعت جبهة البوليساريو عام 1975 لإقامة جمهورية عربية على اراضينا الصحراوية او قتلت الاف من الابرياء في اقطار المغرب الكبير او في اقطار الشرق الاوسط كما فعلت حركات الاسلام الجهادي التي ارتكبت جرائم خطيرة باسم الاسلام و المسلمين في ارجاء العالم

و بينما ان الحركة الامازيغية هي حركة سلمية تدافع عن السلام و عن السلم الاجتماعي داخل المغرب و داخل اقطار المغرب الكبير فعلى أي اساس سيتم الاتفاق  بين الحركتان؟.

اعتقد ان اية مصالحة بين الجانبان يمكن حدوثها في المستقبل حيث اقول في اكتوبر 2015 ان من الطبيعي ان اسعى شخصيا الى مغربية الحركة الاسلامية بحكم انني ابن هذه  الارض  المباركة التي استطاعت ان تصنع هويتها الاسلامية المستقلة عن المشرق طيلة قرون من الزمان بايعاز من مختلف الدول الامازيغية و بايعاز من اجدادنا الفقهاء و العلماء العقلاء .

ان اسلام المخزن التقليدي ليس له أية علاقة باسلام اجدادنا الامازيغيين الذي عاشه لقرون عديدة كما شرحته في كتابي هذا حيثان الحركة الاسلامية في بلادنا لا تتوفر على اي امتداد لها في تاريخنا الاسلامي المغربي باعتبارها لم تدافع عن العرف الامازيغي نهائيا طوال هذه العقود لان ايديولوجيتها ليست مغربية خالصة بل هي مشرقية سلفية خالصة بحكم ان العرف الامازيغي ظل  يطبق على مجموع التراب الوطني منذ قرون الى حدود الاستقلال و العرف مصدر من مصادر المذهب المالكي كمذهب سلفي اصلا لكنه يراعي خصوصيات امازيغي المغرب أي يعتبر من الدين الاسلامي نفسه حسب القراءة الاجتهادية لاجدادنا الكرام بينما جل مكونات الحركة الاسلامية الحالية تعارض معارضة شديدة أي حديث عن العرف الامازيغي باعتبارها اولا تخاف من سقوط مشروعها المتخلف اصلا و البعيد عن اسلام الشعب المغربي في سلة الازبال .

ثانيا تخاف ان تعي شرائح واسعة من شعبنا بوجود علمانية اصيلة في مجتمعنا قبل دخول الاستعمار المسيحي الى بلادنا و بالتالي سيتحرر العقل و الوعي الدينيان من القيود السلفية .

و اتساءل السؤال التالي هل يمكن ظهور اتجاه اسلامي مغربي داخل الحركة الامازيغية لان الاسلام هو دين اغلبية الشعب المغربي و مرجعيتهم الاخلاقية بعيدا عن الشان السياسي و الشان القانوني لان الله خلق الانسان و منحه العقل لتسيير شؤونه الحياتية وفق قوانين بلاده الوضعية كما فعل اجدادنا الامازيغيين.

 و  قد ظهر اتجاه اسلامي مغربي داخل الحركة الامازيغية بالفعل منذ عقود من الزمان مع المرحوم امحمد العثماني صاحب البحث  الشهير الواح جزولة و التشريع الاسلامي و مع الاستاذ الحسين جهادي اباعمران صاحب ترجمة معاني كتاب الله تعالى الى اللغة الامازيغية الخ من هذه المراجع ..

ان  الحركة الاسلامية المشرقية ان صح التعبير لم تفعل أي شيء يذكر منذ عقود من الزمان سواء ابعاد الامازيغية عن اهتماماتها السياسية و جعلها العدو الدائم للاسلام ببلادنا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

               

 

ايديولوجية الظهير البربري و العلمانية الاصيلة أي تحليل واقعي ؟

مقدمة                                                         

منذ سنة 2003 اصبح المطلب العلماني ضمن ادبيات جل مكونات الحركة الامازيغية كنتيجة طبيعية للغاية للعمليات الارهابية التي شهدتها العاصمة الاقتصادية للمغرب الدار البيضاء ليلة يوم 16 ماي 2003 حيث عرف المغاربة لاول مرة في تاريخهم المعاصر مثل هذه العمليات الارهابية التي كانوا يشاهدونها عبر وسائل الاعلام الوطنية و الدولية لكنهم لم يتصوروا قط ان هذا الارهاب الجهادي ببعده السلفي المتطور سيقع في بلادنا المعروفة اجتماعيا على الاقل باسلامها المتسامح مع الاقليات المسيحية و اليهودية منذ قرون من الزمان بحكم ان نزعة التطرف الديني لا تتوفر على اي اصل في ثقافتنا الاصيلة على الاطلاق.

 فان اجدادنا الامازيغيين المسلمين قد تعاملوا مع الاقلية اليهودية في العديد من المناطق المغربية بالاحترام و التقدير بالاعتبار ان هذه الاقلية كانت قديمة الاستقرار بالمغرب حتى قبل الاسلام بقرون حسب قول الباحثين بمعنى ان اليهود هم جزء من الذاكرة الجماعية و جزء من الثقافة المغربية مما يعني ان اجدادنا الامازيغيين احترموا معتقدهم الديني حتى هجرتهم الجماعية نحو اسرائل ابتداء من سنة 1948 لاسباب لن ادخل في تفاصيلها باعتباري لست مؤهلا للخوض في هذا الموضوع .

و من هذا المنطلق فان ثقافتنا الامازيغية هي اسلامية بالضرورة لكن في طابعها العلماني المغربي  المعارض لاي تدخل سلفي مهما كان حيث ان احداث 16 ماي 2003 الارهابية كانت محطة مؤلمة بالنسبة للامة المغربية جمعاء و كذا كانت محطة حاسمة في تاريخ الحركة الامازيغية التي اعلنت بكل الوضوح و الجراة عن مطلبها العلماني بحكم ان ذلك السياق التاريخي لا احد كان يعرف او يتخيل ان العلمانية لها جذور في تاريخنا الاجتماعي.

ان السلطة و حركتها الوطنية جعلتا اغلب المغاربة ذوي النزعة السلفية يتجهون نحو المشرق فكريا و عقائديا و في نفس الوقت جعلتا المغاربة ذوي النزعة الحداثية يتجهون نحو الغرب من اجل انتساخ نماذجه في الديمقراطية و العلمانية .

ان اجدادنا اخترعوا هذه الانظمة المتطورة منذ قرون في عز الحضارة الامازيغية الاسلامية من خلال العرف الامازيغي و مؤسسة اكادير أي المخزن الجماعي للحبوب و البدور الخ من هذه المسائل الفلاحية و النسائية كالحلي و المجوهرات الخ بمعنى اننا نستطيع اعتبار مؤسسة اكادير بمثابة بنك الامازيغيين الاوائل و نظام الكيد و السعاية  حيث يعترف الزوج لزوجته بالسعاية و الكيد أي نظام عرفي اصيل يرمي الى اعطاء المراة حقوقها المادية بسبب سهرها الدائم على الاعمال الفلاحية أي تقاسم الثروة بين الزوجان أي قبل سنة 1912 كان مجموع الثراب الوطني تحت حكم هذه الانظمة الديمقراطية و العلمانية .

و من هذا المنطلق اعلنت الحركة الامازيغية وقتها عن المطلب العلماني بعد عقود طويلة من الانتظار حتى الحصول على الاعتراف النسبي بالامازيغية من طرف اعلى سلطة ببلادنا عبر خطاب اجدير و تاسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية و انطلاقة تطبيق سياسة الدولة الجديدة مع الملف الامازيغي ببعده الثقافي الضيق  بمعنى ان لا يمكن للحركة الامازيغية المخاطرة بالاعلان عن المطلب العلماني قبل 2001 او بدايات تسعينات القرن الماضي بحكم سيادة ايديولوجية الظهير البربري بشكل رهيب على كل مناحي الحياة العامة..

 لكن السؤال المطروح هو ما الداعي لظهور الحركة الاسلامية المشرقية ببلادنا منذ عقود مادام ان المغرب دولة اسلامية و يحكمها امير المؤمنين ؟

تحليل واقعي                                     

يجب التذكير هنا بمجموعة من الامور الجوهرية اولا ان دور السلفية الرسمية في جعل الامازيغية تتناسب مع  مصطلح الالحاد هو صريح و واضح لا يحتاج الى جدال طويل لان الحركة الوطنية استعملت مرات عديدة مصطلح الجاهلية الذي يعني بكل بساطة الالحاد  مثل قولها انالبرابر انسلخوا عن الاسلام و رضوا بما فرض عليهم الاستعمار من الابتعاد عن نظام الشريعة الاسلامية و قبلوا التحاكم الى الاعراف الجاهلية بمعنى ان اجدادنا الامازيغيين كانوا يعيشون في الجاهلية طيلة هذه القرون الطويلة حتى ميلاد الحركة الوطنية المزعومة سنة 1930 بمعنى كما قلت مرارا عبر كتابي هذا ان الحركة الوطنية حاولت نشر السلفية الدينية حسب مقاسها الايديولوجي بحكم ان دولة الاستقلال لم تطبق الشريعة الاسلامية نهائيا بل طبقت القانون الوضعي الفرنسي على مختلف مناحي الحياة العامة  باستثناء الاحوال الشخصية و الشان الديني أي المقاس الايديولوجي للحركة الوطنية كان لا يرمي الى تطبيق الشريعة الاسلامية ابدا كما هو الحال بالنسبة للسعودية و السودان الخ بل يرمي الى جعل الامازيغيين عبيدا و بل سجناء للسلفية الدينية بحكم عاطفتهم القوية  نحو الاسلام و نحو العربية كلغة فقط و خصوصا نخبتهم الدينية قصد تحقيق التعريب الهوياتي الشامل أي الانتماء الى المشرق العربي ايديولوجيا و سياسيا و عقائديا..

و من هذا المنطلق فالدولة منذ الاستقلال الى الان مارست نوعا من العلمانية الغربية بتطبيقها للقوانين الوضعية الفرنسية عوض قوانين الشريعة الاسلامية بحكم ان المغرب دولة اسلامية يحكمها امير المؤمنين الخ من هذه الامور المعروفة لدى العامة.

 غير ان سبب ظهور الحركة الاسلامية المشرقية ببلادنا منذ عقود هو بكل بساطة عدم تطبيق الشريعة في بلادنا بعد الاستقلال حيث كما نعرف فالحركة الوطنية هي حركة سلفية مارست نوعا من النفاق الديني و السياسي حيث دافعت عن الشريعة الاسلامية في اوائل الثلاثينات و كفرت كل ما هو امازيغي عبر اختراعها لاكذوبة الظهير البربري التي اصبحت بعد سنة 1956 سلاحا يستهدف قتل أي وعي بامازيغية هذه الارض.

و بينما ان الحقيقة تقول ان  المقاس الايديولوجي للمخزن التقليدي و لحركته الوطنية  بعد الاستقلال سمح ببقاء ثانوية في مدينة الدار البيضاء تحمل اسم المقيم العام الاول للاستعمار الفرنسي ليوطي و سمح لوجود الصحافة الناطقة بالفرنسية و سمح ببث الاخبار باللغة الفرنسية داخل التلفزيون المغربي حيث وجدت التلفزة المغربية منذ اواخر الثمانينات  تبث الاخبار بالفرنسية و الرسوم المتحركة بالفرنسية و المسلسلات البرازيلية المترجمة الى الفرنسية و سمح في سنة 1989 بتاسيس قناة تلفزيونية لنشر المنظور الحداثي للدولة انذاك و القائم على تشجيع الفرنسية لغة و ثقافة و تشجيع التعريب الهوياتي لجزء كبير من المغاربة خصوصا في المدن الكبرى بحكم ان البث التلفزي الارضي كان ضعيف للغاية خصوصا في البوادي حتى عرف الناس هناك البث الفضائي عبر الصحون .

ان سؤال ماذا لو لم تظهر الحركة الثقافية الامازيغية في المغرب نهائيا هو تساءل جوهري ليس له اي جواب الا جواب وحيد يقول بالحرف ان المغاربة سيفقدون جزء عظيم من هويتهم الاصيلة و جزء عظيم من تاريخ بلادهم الطويل للغاية و طابعهم الخصوصي الذي يميزهم عن بقية الامم الاسلامية منذ قرون طويلة و بالتالي سوف يصبحون اما عربا  او فرنسيين أي نصارى دون الحاجة الى ما يسمى بالظهير البربري لسبب بسيط الا و هو ان دولة الاستقلال نفسها شجعت الفرنسية لغة و ثقافة في التعليم و في الاعلام خصوصا بعد انشاء القناة الثانية الموقرة بالنسبة لي ..

 ان المنظور الحداثي لدى الحسن الثاني كان موجودا لكنه مانع لاي حديث رسمي حول الامازيغية نهائيا حتى خطابه في 20 غشت 1994 كان بمقاييس اليوم خطابا شكليا للغاية مع وقف التنفيذ اللهم في انطلاق بث نشرة اللهجات في التلفزة المغربية في غشت 1994 .

 و اما تدريس هذه اللهجات كما سماها فلا شيء قد تحقق حتى وفاته في يوم 23 يوليوز 1999 ..

اذن ان المنظور الحداثي لدى الحسن الثاني لم ينطلق اطلاقا من تاريخنا الاجتماعي الطويل من الانظمة الديمقراطية و العلمانية في عز الحضارة الامازيغية الاسلامية بل انطلق من الغرب عموما و فرنسا خصوصا بمعنى ان عهد الحسن الثاني كانت قيم التغريب حاضرة بالقوة الى جانب قيم الارتباط بالمشرق على كل المستويات و الاصعدة من اجل اقبار الامازيغية كلغة و كثقافة و كقيم اصيلة حيث ان الانسان العادي يعتقد ان الامازيغية هي مجرد لغة او مجرد رقصات فلكلورية او مجرد تخلف قروي الخ بينما الحقيقة التاريخية  تقول لنا ان الامازيغية مشروع لتحديث الاسلام و الدولة في المغرب بعد الربيع الديمقراطي طبعا في اطار احترام الوحدة الوطنية و الملكية كشرعية منذ قرون غابرة ما قبل الاسلام  ..

ثانيا ان محطة 16 ماي 2003 كانت نقطة تحول جوهرية بالنسبة للحركة الامازيغية نحو استرجاع علمانيتنا الاصيلة بشكل تدرجي شيئا فشيئا بحكم وجود تيار الاسلام السياسي بشرعيته المشرقية الذي بدا يتعامل مع الشان الامازيغي بعد خطاب اجدير بحذر ايديولوجي شديد حيث ظهرت مصطلحات جديدة من قبيل اسلمة الامازيغية في سنة 2004 تقريبا حيث كنت اطالع الجرائد الناطقة بلسان حال الاسلاميين و انذاك كنت لا اعرف ما معنى اسلمة الامازيغية لكنني بعد سنوات من القراءة و الكتابة عرفت ماهية ابعاد هذا المصطلح الحقيقة و البعيدة عن تاريخنا الاجتماعي اصلا ...

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هل يمكن اسلمة الامازيغية وفق المنهج السلفي ؟

مقدمة                                       

لم يطرح هذا السؤال العجيب و الغريب في نفس الوقت منذ تاسيس الحركة الامازيغية ببعدها الثقافي الى حدود سنة 2004 تقريبا حيث عرف الملف الامازيغي تطورا نسبيا على مستوى الدولة منذ خطاب اجدير التاريخي من قبيل انشاء المعهد الملكي للثقافة الامازيغية وانطلاقة تدريس هذه اللغة لاول مرة في المدرسة المغربية في  سنة 2003 ..

و لعل خروج ترجمة معاني القران الكريم الى اللغة الامازيغية سنة 2004 الى حيز الوجود قد شكل حدثا بارزا في تاريخ الحركة الامازيغية لكن هذا الحدث مر في ظل تجاهل اعلامنا الرسمي الرهيب بحكم ان الامازيغية وقتها كانت ذات شرعية ثقافية ضيقة كما نعلم و بالاضافة الى ان وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية ظلت بعيدة عن الشان الامازيغي منذ الاستقلال الى الان ..

و حدث اعلان جل مكونات الحركة الامازيغية عن مطلبها العلماني سنة 2003 كخيار تاريخي و كخيار استراتيجي بالنسبة لها الان بمعنى ان شعار اسلمة الامازيغية لم يظهر في عقد السبعينات او عقد الثمانينات او عقد التسعينات الى حدود سنة 2004 .

 ان العاقل سيفهم ان الحركة الاسلامية المشرقية ظلت بعيدة عن الشان الامازيغي عقودا من الزمان بسبب جمودها السلفي حيث قلت في احدى مقالاتي بمناسبة تطرق برنامج مباشرة معكم بالقناة الثانية للقضية الامازيغية في اكتوبر 2012 حيث استضاف الاستاذ احمد ارحموش رئيس الشبكة الامازيغية من اجل المواطنة سابقا و البرلمانية عن حزب التجمع الوطني للاحرار فاطمة  تاباعمرانت و عميد المعهد الملكي للثقافة الامازيغية الاستاذ احمد بوكوس و الاستاذ رشيد الحاحي بصفته باحث امازيغي  و البرلمانية عن حزب العدالة و التنمية و هي كذلك رئيسة جمعية تامازيغت لكل المغاربة.

و قلت في ذلك المقال سبحان الله على هؤلاء الاسلاميين حيث كانوا بالامس القريب يعارضون ترسيم الامازيغية بكل القوة و اليوم يؤسسون جمعية تحمل اسم تامازيغت لكل المغاربة كشعار رفعته الحركة الامازيغية منذ سنة 1991 و بالتالي فالاسلاميين قد تأخروا كثيرا في ادراك هذا الشعار الاساسي ضمن ادبيات الحركة الامازيغية منذ اكثر من 20 عام .

 و بالاضافة الى انني لم اسمع بهذه الجمعية قط الا في هذا البرنامج القيم و لم اسمع باي نشاط نظمته هذه الجمعية الموقرة لصالح القضية الامازيغية .

و على كل الاحوال فان الامازيغية هي ملك جميع المغاربة بدون استثناء حسب الخطب الملكية و حسب الدستور الحالي حيث اعتبره مكسبا حضاريا للمغرب لكن قضيتها الشمولية حسب رايي المتواضع هي ملك حصري للحركة الامازيغية باعتبارها ناضلت من  اجل انصافها داخل المجتمع و داخل مؤسسات الدولة منذ سنة 1967 الى يومنا هذا بينما  التيار الاسلامي في بلادنا لم يدافع قط عن شرعية هويتنا الاصيلة الا منذ سنوات قليلة نتيجة طبيعية لخطاب اجدير ثم تاسيس مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الامازيغية بل سعى الى محاربتها الى حد الان  من خلال مجموعة من المعطيات الواضحة مثل تأخير صدور القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية و استمرار منع طرح الاسئلة الشفوية بالامازيغية داخل قبة البرلمان تحت اسباب  واهية من قبيل عدم توفير وسائل الترجمة حيث من المفروض  منذ تصويت المغاربة على الدستور ان يتوفر البرلمان على هذه الوسائل تحقيقا لمبدا المناصفة بين المغاربة و  بين لغات المغرب الرسمية أي الامازيغية و العربية و استمرار تداول مصطلح المغرب العربي في اعلامنا العمومي و  بعض الاذاعات الخاصة حيث ان هذا المصطلح اصبح غير دستوري و مات بموت وحش وحوش افريقيا القذافي .

  اسلمة الامازيغية وفق المنهج السلفي لا يمكن حدوثه واقعيا

ان الامازيغية اصلا هي ثقافة اسلامية لكن في طابعها المغربي العلماني المعارض لاي تدخل سلفي مهما كان كما قلت سالفا لان الامازيغية كانت قبل دخول الاستعمار الاجنبي الى بلادنا سنة 1912 هي هوية البلاد الى جانب الاسلام الشعبي البعيد كل البعد عن اسلام المخزن المتواجد في محور الرباط سلا فاس حيث ان ملوك الدولة العلوية كانوا يعترفون بهذا الواقع التاريخي حتى ملك محمد الخامس الذي اعترف بعلمانية الامازيغيين في رسالته المشهورة بعد صدور ظهير 16 ماي 1930 بقوله نحن سائرون على اثره في ذلك ساهرون على دفع كل ضرر يلحق برعيتنا السعيدة فليس ابقاء تقرير البرابر على عوائدهم الا مساعدة من جنابنا الشريف على محض طلبهم و إجراء لهم على ما كانوا عليه منذ ازمان طويلة أي اعتراف بشرعية العرف الامازيغي كتشريع مستقل عن الشريعة الاسلامية و الذي لا يتعارض مع مقاصدها اذن نحن امام اعتراف ملكي صريح بوجود علمانيتنا الاصيلة داخل مجتمعنا المسلم انذاك و بالتالي فلا يوجد أي دليل مهما كان يفيد ان الاسلمة كنظام تشريعي كان يطبقه اجدادنا الامازيغيين قبل سنة 1912 حيث يقول المرحوم امحمد العثماني في كتابه الواح جزولة و التشريع الاسلامي الذي اصدرته وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية سنة 2004 ان نظرة خاطفة على النظام القضائي العرفي في جزولة تشعر الباحث انه امام نظام قضائي قار لا اختلال فيه فهو يساير الشريعة الاسلامية في اتجاهاتها و في مقاصدها و في نفس الوقت يساير ضروريات الحياة و تطورها مع مراعاة للسياسات الشرعية في المسائل التي تتبع فيها اعراف البلاد.

ان الالواح عبارة عن قوانين و قواعد و ضوابط صارمة تشتمل على اجراءات تتعلق بعقوبات مالية يعاقب بها كل من صدرت منه مخالفة ما من المخالفات التي تمس شرف الانسان او ماله او عرض الامن الداخلي او الخارجي للخطر .

اذن هذا القانون العلماني المحلي حسب لغة العصر يساير الشريعة الاسلامية في اتجاهاتها و مقاصدها و في نفس الوقت يساير ضروريات الحياة كمصطلح واسع لا حدود له و تطورها يعني ان مجتمعنا ادرك معنى التطور مبكرا جدا.

و يقول المرحوم في مقام اخر من بحثه الشهير ان هذا القانون العرفي يشمل القطاعات التالية قطاع نظام الامن و قطاع التجارة و قطاع التربية و المقصود هنا هي التربية الاسلامية الاصيلة بسوس من المدارس العلمية و الزوايا الخ ثم قطاع الايداع بمعنى المخازن الجماعية او ايكودار و قطاع الفلاحة و ما يتعلق بها و قطاع الحي اليهودي أي ان هذه الاعراف لم تتجاهل ابدا قيمة التعايش الديني بين مكونات المجتمع .

و لنرى ما يقول الاستاذ العثماني في قطاع نظام الامن حيث قال هو عبارة عن ضبط الامن و تنظيمه داخليا و خارجيا في وقت السلم و في وقت الحرب لان الامن ادا لم يكن مستتبا فان الحياة تكون صعبة و النمو يتوقف و لهذا يوضع اللوح الخاص بنظام الامن و ضبطه و يسمى بلوح امقون او الحلف اذا وضع لنظام حلف بين القبائل او المناطق و المجلس الذي يمثل جهات الحلف يشبه البرلمان الفيدرالي بلغة العصر.

و تلاحظون هنا ان المرحوم استعمل مصطلح البرلمان الفدرالي في سنوات السبعينات

و هذا يبين ان المرحوم سبق عصره حقا بينما فقهاء عصرنا الحالي مازالوا نائمون في فراش السلفية نوم عميق .

و يقول المرحوم ان الجرائم التي يعاقب عليها بالقصاص او الدية هي السرقة و الفاحشة و القذف و الردة و  شرب الخمر و اخيرا قطع الطريق.

و احكام هذه الجرائم معروفة و مضبوطة في الكتاب و السنة .

و قال النبي الكريم ص ادراوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم الحديث.

و بينما ان الالواح لا تختلف عن الشريعة الاسلامية فيه الا من حيث الكيف فالقتل ان كان عمدا فعقوبته هي النفي من القبيلة او ازواك بعد الثبوت و اعتراف القاتل و بعد كتابة اعترافه عنه  و يتكلف  العدول بعقد ما يسمى بتابرات ازواك بمعنى رسالة النفي الخ من هذه الاجراءات العرفية .

و اما النوع الثاني الذي قرر الشرع فيه لكل جريمة حدا محدودا لا يتجاوزه فان الالواح تكتفي بغرامة مالية مع عقوبة اضافية مثل التغريب مدة معينة و مصادرة الاملاك و تخريب الدار و ليس معنى هذا انهم ابطلوا الحدود الشرعية و انما اكتفوا بما في وسعهم و طاقتهم من الامر بالمعروف و النهي عن المنكر .

اذن العرف الامازيغي لا يعترف بالحدود الاسلامية مثل القتل او عقاب التي فعلت الفاحشة  لقول النبي الكريم ادراوا الحدود عن المسلمين  ما استطعتم الحديث.

و معنى هذا الكلام ان الامازيغيين كانوا لا يطبقون هذه الحدود الشرعية و انما فضلوا سن عقوبات من اجتهادهم الشخصي مثل النفي من البلاد و مصادرة الاملاك الخ.

و اشير هنا انني تحدثت في كتابي هذا عن واقعة كان بطلها هو الاستاذ محمد شفيق نفسه حيث يقول في احدى التسجيلات في يوتيوب انه شارك في مظاهرات بعد صدور ما يسمى بوثيقة المطالبة بالاستقلال سنة 1944 بمعنى انه كان مؤمن بافكار الحركة الوطنية المعادية لكل ما هو امازيغي حتى سنة 1947 حيث كان معلما في احدى قرى الاطلس المتوسط و انذاك كان  عمره هو 21 سنة حيث  حضر العشاء عند مترجم بين العربية و الفرنسية و اصله من سلا و حضر في ذلك العشاء شيخ وقور و هو رئيس محكمة عرفية.

و دار الحديث بين المترجم و الشيخ الوقور حول مسالة العرف الامازيغي حيث قال المترجم السلاوي عليكم التخلي عن العرف الامازيغي باعتباره من نتائج الاستعمار الفرنسي و التحاكم الى الشريعة الاسلامية بصفة نهائية فاجاب الشيخ الوقور نحن نطبق الشريعة الاسلامية لكن بالعقل حيث لا نطبق عقوبة الاعدام في حق مجرم ما بل نمارس عقوبة النفي من القبيلة مدة 10 سنوات او 20 سنة حتى يتعقل و نكسبه من جديد كعضو فاعل داخل القبيلة و اشير هنا ان عقوبة الاعدام لا تطبق في القانون الوضعي الامازيغي منذ قرون طويلة بمعنى ان خصوصياتنا كانت تتماشى مع منظومة حقوق الانسان الدولية الان  .

 و منذ ذلك الوقت اكتشف الاستاذ محمد شفيق انه كان على خطا عظيم باعتباره كان يعتقد ان التقاليد الامازيغية تتعارض مع الاسلام و مع الوطنية كما تعلمه في دروس الوطنية المزعومة بثانوية ازرو المعروفة تاريخيا بانها شكلت وعي اولي بالامازيغية و هذا ليس صحيحا بالمرة بالنسبة لي لان الاستاذ محمد شفيق كان قبل سنة 1947 شابا يعادي كل ما يتعلق بالامازيغية لغة و ثقافة و اعرافا قانونية .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الامازيغية مشروع لتحديث الاسلام ببلادنا         

مقدمة عامة                                                   

ان السياق الذي نعيشه اليوم من صعود التيارات الاسلامية ذات النزعة السلفية الى الحكم في دول الربيع الديمقراطي هو سياق طبيعي للغاية بالنسبة لي حيث ان هذه التيارات الاسلامية احب من احب و كره من كره عانت لعقود من الزمان من القمع و الحصار داخل هذه الدول بسبب ربما افكارها السلفية المعادية للغرب كافكار و قيم ديمقراطية ساهمت في تطوير مجتمعاته الاوربية و الامريكية منذ قرون من الزمان.

و بينما جل هذه التيارات الاسلامية مازالت حالمة بعودة دولة الخلافة الاسلامية التي ستقيم شرع الله  بميزان علماء السلف الصالح منذ 1200 سنة أي الرجوع الى الوراء كثيرا مما يعني تكفير التقدم الذي حققته البشرية جمعاء على كافة الاصعدة و المستويات.

ان هذه التيارات الاسلامية تعمل كانها تمثل الاسلام و تدافع عنه بينما بقية التيارات الاخرى داخل مجتمعاتنا الاسلامية تدافع عن العلمانية بمفهومها الغربي و تدافع عن الحريات الفردية من قبيل ممارسة الجنس خارج اطار الزواج المقدس بالنسبة لي لكن هناك هذه الحقيقة المؤلمة التي يعرفها كل الفقهاء ذوي الفكر السلفي و القائلة كان يوجد في تاريخ المشرق الاسلامي نظام يسمى بملك اليمين الذي يسمح للرجال ان يشتروا الجواري قد يصل عددهن الى 100 جارية من اسواق النخاسة قصد الاستمتاع بهن في الفراش دون أي عقد الزواج الشرعي بساطة و بدون أي تحريم  حيث اتساءل ما هو الفرق بين نظام اليمين و الدعارة بشكل صريح؟

ان الاسلاميين في المغرب لم يقدموا أي شيء لخدمة مشروع تحديث الاسلام ببلادنا باعتبارهم اصلا يريدون بقاء الاسلام في اطاره السلفي ليصبحوا دعاة الى اسلمة الدولة و المجتمع بشكل تدرجي دون ان يشعر احد بهذه السياسة الدخيلة من بلدان الخليج مثل السعودية التي لا تتوفر على أي دستور على الاطلاق..

و بينما قام الرسول الاكرم ص بكتابة اول وثيقة مدنية في تاريخنا الاسلامي و المسماة بالصحيفة التي أقرت بحقوق اليهود داخل الدولة الاسلامية باعتبارهم مواطنين لهم دينهم و الحق في ممارسته بحرية تامة الخ من مبادئ الاسلام الحقيقي.

ان هؤلاء القوم  عارضوا جملة من القضايا الداخلة في اطار تحديث الاسلام ببلادنا مثل القضية الامازيغية و قضية المراة حيث قلت في مقال لي بمناسبة اليوم العالمي للمراة لسنة 2013 ان هذا الاحتفال الاممي بعيد المراة هو تجسيد للرغبة الحقيقية من طرف الامم المحتدة في النهوض باوضاع المراة في هذا العالم الواسع بدياناته السماوية التي أعطت حقوقا معبرة للنساء و خاصة ديننا الاسلامي لكن العاقل سيطرح مجموعة من الاسئلة الجوهرية حول واقع المراة داخل عالمنا الاسلامي حيث يلاحظ تعدد المقاربات و الاستراتيجيات تجاه التعاطي مع قضية المراة حسب منظور كل دولة على حدة فالسعودية كدولة تطبق الشريعة الاسلامية وفق منهجها الوهابي السلفي  منعت المراة السعودية من مجرد قيادة السيارة كابسط حقوقها داخل هذا المجتمع .

قد  شكل حدث دخول النساء السعوديات الى مجلس الشورى ثورة  هادئة تعكس مناخ الربيع الديمقراطي الذي وصل الى منطقة الخليج مبكرا من خلال اليمن و البحرين حيث اعتبرت احدى الاميرات المقيمة باروبا ان هذه الخطوة رمزية حسب ما فهمت من كلامها لقناة فرنس 24

اما عندنا في المغرب فقضية المراة عرفت مسارا متميزا على صعيد العالم الاسلامي من خلال محطات تاريخية كاقرار الخطة الوطنية لادماج المراة في التنمية من طرف حكومة التناوب حيث أثارت هذه الاخيرة غضب مكونات التيارات الاسلامية كحركة التوحيد و الاصلاح الخ من خلال تنظيم مظاهرات او مسيرات مناهضة لهذه الخطة في الدار البيضاء في مارس 2000 حيث اتذكر هذه المرحلة جيدا حيث كنت انذاك في اوج مراهقتي الحساسة كما شرحته في كتابي صوت المعاق لكنني كنت اتابع ما تقوله وسائل الاعلام حسب فهمي السطحي انذاك .

و في سنة 2004 صدرت مدونة الاسرة كاطار قانوني ينظم العلاقات بين الزوج و الزوجة و الابناء وفق اجتهادات معاصرة تراعي مقاصد الشريعة الاسلامية و مستجدات العصر حيث يستحيل ان نعيش كما عاش المسلمين في عهد الرسول الاكرم بحكم ان الزمن يتطور و يتجدد حتى وصلت البشرية الى هذا التطور الهائل .

و اخيرا جاءت الوثيقة الدستورية بمبدأ المساواة و المناصفة بين الجنسان الخ من هذه المبادئ الجميلة لكن صعود الاسلاميين الى السلطة عبر صناديق الاقتراع قد افرز حكومة عنصرية تجاه النساء حيث تم تعين وزيرة وحيدة في قطاع المراة و الطفولة و الاشخاص المعاقين حيث يمكن قراءة هذا التعين قراءات متعددة غير ان قراءتي الشخصية لهذا التعين هي ان الاسلاميين لم استطاعوا الاعتراف بان تاريخنا الطويل كانت فيه المراة تحكم و تشارك الى جانب الرجل في تدبير شؤون الحياة المتعددة أي ان الاسلاميين لهم عقدة جوهرية تجاه الجنس اللطيف تستمد شرعيتها  من عقائد تعتبر المراة متاع للفراش فقط و تعتبر عورة يجب سجنها في بيت الطاعة و الولاء للسلفيين..

و قلت في ذلك المقال ان الامازيغيين تاريخيا كانوا لا  يعتبرون المراة مجرد كائن خاضع لرغبات الرجال المتعددة او شيئا جالبا للعار الخ بل يعتبرونها ذات الشان و يحق لها الحكم و السلطان حيث ان مصطلح امغار أي كبير القوم و مؤنثه هي تامغارت أي المراة بمعنى ان اجدادنا قبل الاسلام و بعده كانوا يضعون المراة في مقامات التوقير و الاحترام باعتبارها منبع العفاف و الحنان و الحكمة الخ من هذه الاوصاف الحميدة التي يدعو اليها الدين الاسلامي .

و اضيف هنا ان مناقشة قضية المراة ببلادنا العزيزة لا بد من الرجوع الى تاريخنا لاستحضار اسماء للنساء ساهمن في بناء حضارتنا المغربية قبل الاسلام و في العصر الاسلامي مثل زوجة  امير المسلمين يوسف بن تاشفين زنيب النفزوية التي شاركته في حكم الدولة المرابطية التي تستحق البحث و الدراسة من طرفنا كباحثين شباب بغية استخراج مزيدا من المعطيات و الحقائق حول مكانة النساء داخل ذلك المجتمع المرابطي....

ان المراة الامازيغية في مجتمعنا المحافظ بمعناه الايجابي استطاعت الولوج الى عدة ميادين بدون قيود دينية وفق المنهج السلفي كالحقول في البوادي حيث انها تعمل الى جانب الرجال  وفق الاذاب الاسلامية ...

و خصص المرحوم الفقيه امحمد العثماني فصلا كاملا في كتابه الواح جزولة للحديث عن مكانة المراة في المجتمع السوسي حيث يقول رحمه الله ان المراة الجزولية أي الامازيغية هي عماد الاسرة في العمل و الانتاج و هي اكثر حرية من الاوربية و تفضلها بالصيانة و الاخلاق حسب تعبيره انذاك حيث ان هذا القول يحمل العديد من الابعاد و المعاني تكذب خرافات الاسلاميين حول العلمانية الاصيلة و ذلك من خلال نفي وجودها في تاريخنا الاجتماعي اصلا.

و يقول المرحوم ينحصر دورها في الحياة العائلية في السهر على شؤون بيتها الخ و اذا كان الزوج غائبا فان الاشراف الفعلي يكون لها على سائر الشؤون الخارجية  

اذن الذي اريد الوصول اليه هو ان المراة عندنا في المغرب انخرطت بدون قيود دينية في حياة مجتمعها المختلفة كالفن حيث لا يمكن لاحد القول ان احواش بالنسبة للمراة يعتبر حراما في الدين على الاعتبار ان احواش هو مظهرا من مظاهر الفرح و الاحتفال بمناسباتنا العزيزة كالاعياد الدينية حيث يجتمع الناس بعد صلاة العشاء في مكان يسمى باسايس للاستمتاع بالشعر الجميل و الرقص على ايقاعات احواش المتعددة عبر ربوع الجنوب المغربي حيث يحضر فن احواش ضمن مناسباتنا العائلية مثل رجوع الناس من الديار المقدسة بعد اذاء فريضة الحج العظيمة في قلوبنا نحن المسلمين او الزفاف بعاداته المختلفة من دوار الى دوار في منطقة سوس خصوصا و المغرب عموما.. 

كيف ساهمت الامازيغية في تحديث الاسلام ببلادنا؟ 

ان هذا السؤال الجوهري يجب ان يطرح الان بحكم ان مشكل الاسلاميين و النخبة الدينية الرسمية ببلادنا هو  عدم انطلاق من تاريخنا الاسلامي المغربي نهائيا لان هذا التاريخ يقول لنا ان اجدادنا كانوا مسلمين علمانيين كما شرحت مطولا في كتابي هذا أي كانوا مثالا لتحديث الاسلام في المغرب دون ان يتدخل الغرب او الشرق في هذا التحديث ..

و لنفرض مثلا لو لم تظهر ما يسممى بالحركة الوطنية نهائيا في اوائل ثلاثينات القرن الماضي ماذا سيحدث بعد سنة 1956 و الجواب بكل بساطة سيصبح  المغرب دولة علمانية بمفهومها الاصيل و ليس بمفهومها الغربي كما هو الحال الان بحكم ان المغرب يطبق القانون الوضعي الفرنسي عوض الشريعة الاسلامية او القانون الوضعي الامازيغي أي العرف الامازيغي بطبيعة الحال .

ان الدولة العلمانية بمفهومها الاصيل اذا كانت منذ سنة 1956 ستكون الامازيغية مشروعا طبيعيا لتحديث الاسلام على مستوى السلطة حيث لن يكون أي ذكر عن العروبة باعتبارها انذاك ستعتبر شيء له وطن اصيل الا و هو الجزيرة العربية و اما اللغة العربية فسوف تبقى لغة محترمة عوض ان تكون  لغة مقدسة او لغة اهل الجنة.

ان الامازيغية في اطار هذه الدولة العلمانية ستصبح الهوية الرسمية تماشيا مع تاريخ هذه الارض الغابر و سيكون قانونها الوضعي مصدرا اساسيا للتشريع الى جانب المقاصد الكبرى للشرع الاسلامي و مصدرا اساسيا للديمقراطية المحلية عبر تطوير المؤسسات القبائلية الامازيغية و ادماجها في منظومة الدولة العلمانية الحديثة و تاهيل الشان الديني و جعله يقدس توابث هذه الارض الحقيقية مثل الامازيغية و الاسلام و الملكية من طبيعة الحال حيث حينها لا توجد اية ايديولوجية تحت اسم الظهير البربري لان الحركة الوطنية لم تظهر في اوائل ثلاثينات القرن الماضي اصلا ..

و بعيدا عن هذه الفرضية المنطقية  فالامازيغية هي مشروع طبيعي  لتحديث الاسلام في المغرب بالفعل لان الحركة الامازيغية لها مسار طويل في تحديث الاسلام من خلال مشروع تمزيغ الفكر الاسلامي الذي تحدثت عن تاريخه مطولا في كتابي هذا و مساعي الحركة الامازيغية الى جعل عامة الشعب يفهم بان العلمانية هي اصيلة  في تاريخنا الاجتماعي لقرون و ليست شيء جديد دخل من اوربا اطلاقا كما دخلت العروبة و السلفية من المشرق...

من اجل تعاقد ايديولوجي بين الامازيغية و الاسلام بعد دستور 2011

مقدمة                                                     

في الحقيقة يرجع فضل ترسيم الامازيغية في دستور 2011 الى جل مكونات الحركة الامازيغية سواء المناصرة للدستور او المعارضة له لاسباب  موضوعية غير اننا عشنا شهورا من النقاش الصريح حول الاصلاحات الدستورية منذ خطاب 9 مارس التاريخي حتى اللحظات الاخيرة قبل ظهور النسخة النهائية للوثيقة الدستورية و الخطاب الملكي ليوم  17 يونيو الذي اعلن عن الخطوط العريضة لهذا المشروع الهام ..

و اثناء ذلك النقاش ظهرت مواقف تعارض معارضة شديدة لترسيم الامازيغية في الدستور و خصوصا حزبا الاستقلال ذو التاريخ العريق في معاداة كل ما هو امازيغي منذ تاسيسه سنة 1944 و ذو الجذور السلفية حسب المقاس الايديولوجي للحركة الوطنية المزعومة و جانب كبير من حزب العدالة و التنمية يقوده امينه العام الاستاذ عبد الاله بنكيران الفاسي اصلا و الذي كان يعادي ترسيم لغتنا الام في الدستور و اعتبر حروف تيفيناغ حروفا صينية أي غريبة عن مجتمعنا في تحدي واضح و صريح لسياسة الدولة منذ 2001 الرامية الى رد الاعتبار للمكون الامازيغي الجوهري ضمن الهوية الوطنية المتعددة اصلا.

لكن علينا ان لا نتجاهل اطلاقا جانب اخر من حزب العدالة و التنمية الذي يقوده الاستاذ سعد الدين العثماني ابن المرحوم امحمد العثماني حيث كان الاستاذ سعد الدين دافع عن مطلب ترسيم الامازيغية في الدستور بشكل صريح انذاك و عندما كان وزير الخارجية و التعاون دعا الى حذف اسم اتحاد المغرب العربي و وضع محله اتحاد المغرب الكبير كمصطلح ورد في دستور 2011 الحالي....

الدخول الى صلب الموضوع

 قلت في احدى مقالاتي في صيف 2011                                  

تامةحاجة ماسة لطرح مثل هذا الموضوع الحيوي أي تعاقد ايديولوجي بين الامازيغية و الاسلام  في هذا السياق التاريخي للمغرب ما بعد ترسيم الامازيغية في دستور 2011 و ما بعد اصرار جنوني لتيارات و احزاب ذات مرجعية مشرقية على جمودها العقائدي و الايديولوجي.

و استمر حديثي في تلك المقالات في صيف 2011 حيث يصادف مع شهر رمضان المبارك  حول ذات الموضوع حيث قلت ان الامازيغية الان اصبحت اللغة الرسمية وفق دستور 2011 الجديد بالرغم من طريقة الصياغة و بالرغم من بقاء شعار العروبة و الاسلام من خلال العبارة الواردة في نص هذا الدستور و هي العربية –الاسلامية بمعنى عدم الفصل بين العروبة و الاسلام مما يفيد منطقيا بقاء مصطلحات من قبيل الحضارة العربية الاسلامية كمصطلح مغلوط و ايديولوجي لا يعكس التاريخ الاسلامي لبلاد المغرب الكبير حيث هنا لا اقصد  العربية كلغة و كثقافة و كانسان وافد الى هذه المنطقة  منذ الفتح الاسلامي كما يسمى حيث عاش جانب الى جانب مع شقيقه الامازيغي و اليهودي و الزنجي في سلام و في وئام.

 و انما اقصد العروبة كايديولوجية دخيلة الينا منذ عقود كثيرة و ليس منذ قرون بحيث ان مكانها الطبيعي هو شبه الجزيرة العربية و ليس في المغرب باعتباره بلد امازيغي بحكم  التاريخ و الحضارة و التقاليد الخ من هذه الاعتبارات الموضوعية لا نقاش فيها او جدال.

ان تحليل بسيط للغاية لمصطلح الحضارة العربية الاسلامية في المغرب يجعلنا ندرك ان الذين اخترعوا هذا المصطلح العجيب و الخطير في نفس الوقت ليس لهم أية دراية من تاريخ المغرب الاسلامي من حيث الدول الامازيغية الكبرى مثل الدولة البورغواطية والدولة المرابطية  و الدولة الموحدية و الدولة المرينية و الدولة الوطاسية و الدولة السعدية ..

و بالاضافة الى التنظيمات القبائلية  بمفهومها الديمقراطي و  ليس بمفهومها القدحي.

و ليس لهم اية دراية في ما قدمته الامازيغية كهوية و كثقافة و كفنون للاسلام من خلال العديد من الميادين و المجالات لا نهاية لها غير اننا عشنا طوال هذه العقود على وطأة التزوير لتاريخ المغرب و تحت رحمة شعار العروبة و الاسلام او اسلام الحركة الوطنية كما قلت منذ  سنوات و هذا الشعار كان سائدا بشكل كبير في وسائل الاعلام السمعية و البصرية الى حدود هذه السنوات الاخيرة من الاعتراف النسبي بالامازيغية حيث قلما يرفع هذا الشعار في وسائل الاعلام او في بعض خطب الجمعة التي استمع اليها عبر الاذاعة و التلفزة بل اخطر من هذا او ذاك يستمر بعض الفقهاء في رفع هذا الشعار المتجاوز اصلا بعد المصادقة على الدستور الجديد حيث شاهدت برنامجا حول ذكرى وفاة المرحوم محمد الخامس في عشر رمضان الحالي حيث كنت أراقب المصطلحات المتداولة في هذا البرنامج و الحق انني وجدت القليل من بوادر  التجديد النسبي و التخلي عن مصطلح الظهير البربري بصفة جزئية بالمقارنة مع السنوات و العقود الماضية لكن بالمقابل لاحظت  بقاء بعض مظاهر التشبث شعار العروبة و الاسلام في خطاب العلماء المشاركون في ذلك البرنامج و التشبث بتاريخنا الرسمي و المزور اصلا  .

ان أي تعاقد جديد بين الامازيغية و الاسلام مشروط بالعديد من الشروط و الاسس و الاهداف لان التعاقد الحالي بين العروبة و الاسلام لن يساهم في تنزيل ترسيم الامازيغية الى ارض الواقع المجتمعي و المؤسساتي و حتى الديني بحكم وجود تيارات معادية لهذا الترسيم بوضوح حيث لا احد يستطيع انكاره او تجاهل خطره المستقبلي خصوصا بعد مرور الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر 2011 و مناقشة القوانين التنظيمية داخل قبة البرلمان و الخاصة بتفعيل الطابع الرسمي لهذه الهوية الاصيلة و ادماجها في كل مناحي الحياة العامة .

و لدى حسب رايي المتواضع على الحركة الامازيغية عامة ان تجتمع كما هو مقرر في شتنبر القادم لمناقشة المرحلة الحالية و رهانات الامازيغية بعد هذا الترسيم من خلال وضع مقترحات لهذه القوانين التنظيمية من شانها القضاء على مختلف  مظاهر الاهانة و احتقار هويتها الاصيلة مثل سن تشريع يجرم تداول المصطلحات المهينة بكرامة الامازيغيين في الفضاء العمومي  و في مقدمتها مصطلح الظهير البربري  و مصطلح البربر و مصطلح المغرب العربي و مصطلح الحضارة العربية الاسلامية و في مكانه اقترح وضع مصطلح الحضارة الاسلامية المغربية او الحضارة الاسلامية الامازيغية بحكم الانتماء الى هذه الارض الطاهرة  .

و ضرورة مراجعة المقررات الدراسية  و الخاصة بتاريخ المغرب و تطهيرها من  المصطلحات البالية و ادماج  الاعراف الامازيغية ضمن مادة التربية الوطنية و التربية الاسلامية .

و ضرورة  ترسيم السنة الامازيغية كعيد وطني في يوم 13 يناير من كل سنة و جعله بداية تاريخنا المغربي الاصيل عوض ان ينطلق تاريخنا مع وصول رجل مطرود من المشرق ليؤسس دولة لم تبلغ ما بلغته دولنا الامازيغية من العز و من خدمة الحضارة الاسلامية الخ .

و ضرورة تكوين علماء الدين الجدد في اللغة و الثقافة الامازيغيتان حيث لم يعد من الواقعية و الموضوعية ان يظل علماءنا الأفاضل على وضعهم الحالي من تجاهل كل ما هو امازيغي و ربطه بالتنصير او بالالحاد الخ من هذه الشروط و الاسس و الاهداف.   

لكن الان بعد مرور 4 سنوات على ترسيم الامازيغية لا توجد اية رغبة من طرف الحكومة الحالية لفتح النقاش العمومي مع مختلف القوى الحية حول تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية و بالاحرى فتح النقاش العمومي حول تعاقد ايديولوجي بين الامازيغية و الاسلام  بحكم اننا لا نتوفر على حزب امازيغي هوية و مرجعية سياسية امازيغية اسلامية وفق تاريخنا الاجتماعي لمالا بحكم ان حزب العدالة و التنمية ينطلق من مقدسات المشرق كالعروبة و السلفية الدينية .....

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ضرورة انشاء رؤية امازيغية اسلامية بغية اسقاط ايديولوجية الظهير البربري نهائيا

 

                                                  مقدمة

ان الاسلام ذو قراءات مستنيرة و اخرى رجعية على مر تاريخنا الاسلامي الى حدود الان حيث يمكننا كحركة سياسية  امازيغية التفكير بشكل واقعي في انشاء رؤية امازيغية اسلامية مستقلة عن المشرق بغية تحقيق مجموعة من الاهداف الاستراتيجية من قبيل اسقاط ايديولوجية الظهير البربري و تحقيق حلم امازيغية  المغرب مع الاحترام الواجب للملكية كتابث اصيل منذ اقدم العصور و ضامنة للاستقرار في محيظ يتميز بانتشار جماعات الارهاب الوهابية كما اسميها و جماعات الانفصال مثل جماعة البوليساور التي تسعى الى خلق الجمهورية العربية الصحراوية على صحراءنا المغربية ..

و كذا محاربة المد السلفي ببعده الرسمي و ببعده السياسي حيث الى متى سنستمر في تجاهل هذا المد الخطير على حياتنا العامة مع ظهور ظواهر دخيلة بخلفية سلفية تهدد تقاليدنا الامازيغية الاسلامية .....

و كما قلت سالفا في كتابي هذا  لعل ترسيم الامازيغية في دستور 2011 بالشكل الذي نعرفه جميعا قد شكل بالنسبة لي الدافع البارز للايمان بحاجة الحركة الامازيغية الى حزب سياسي بحكم اننا نحتاج الى ارضية سياسية جديدة تستهدف حل جميع مشاكل هويتنا الام على كافة المستويات و الاصعدة....

ان أي تعاقد ايديولوجي بين الامازيغية و الاسلام هو برايي المتواضع مشروع حزب امازيغي بالدرجة الاولى حيث اذا استطاع الامازيغيين خلق رؤية امازيغية اسلامية مغربية الان حيث مازلنا نعيش في مجتمع يغار على الاسلام و يحب متابعة اخبار الاسلاميين في مصر مثلا خصوصا بعد الانقلاب العسكري على الاخوان المسلمين بطريقة وحشية حسب اعتقادي المتواضع.

انني هنا لا ادافع عن جماعة الاخوان المسلمين كتنظيم اختلف معهم  ايديولوجيا و فكريا انما ادافع عنهم من المنطلق الانساني حيث ان مرجعية جماعة الاخوان المسلمين هي نفسها مرجعية معظم تيارات الاسلام السياسي بالمشرق العربي .

انني اعتقد انه من الصعب للغاية اقناع عامة مجتمعنا المتدين اصلا  بان الاسلام شيء و الاسلاميين ذوي النزعة  السلفية على وجه الخصوص شيء اخر لان السياسة هي في نهاية المطاف فعل اجتهادي انساني حيث ان القران الكريم نفسه لم يحدد لنا نظام حكم معين من قبيل الخلافة الاسلامية الخ بل ترك لنا حرية الاجتهاد في السياسة حسب ظروفنا المحيطة بنا كشعب اغلبيته تدين بالاسلام و بالتالي فخلق رؤية امازيغية اسلامية ستكون من المفيد بحكم ان تيارات الاسلام السياسي  المشرقية لم تاخذ بعين الاعتبار في يوم من الايام ان الامازيغية هي ثقافة اسلامية لكن في طابعها العلماني المغربي ...

 

 

 

اعادة تاهيل حقلنا الديني اصبح ضرورة جوهرية بعد دستور 2011 على كل المستويات

مقدمة                                                         

ان المغرب عرف تداعيات الربيع الديمقراطي الايجابية كظهور حركة 20 فبراير و دستور فاتح يوليوز 2011 بالرغم من طريقة صياغته في اللحظات الاخيرة من طرف حزبا الاستقلال و العدالة و التنمية كما هو معلوم لدى النخبة الامازيغية  و الحقوقية ببلادنا بغية حذف مبادئ من قبيل الدولة المدنية و حرية الاعتقاد و اضافة جمل لا معنى لها  في فصل ترسيم الامازيغية الخ من هذه الصياغة التي استهدفت حسب رايي المتواضع تاخير الانتقال الحقيقي نحو الدولة العلمانية بمفهومها الاصيل و نحو دولة المؤسسات و دولة المواطنة الحقيقية غير اننا نعتبر ان دستور 2011 الحالي هو بداية للاعتراف الرسمي بامازيغية المغرب..

و من هذا المنطلق على الدولة اذا ارادت ان تكون نموذجا على صعيد المنطقة المغاربية و منطقة الشرق الاوسط في الديمقراطية بالفعل فعليها القيام باعادة تاهيل حقلنا الديني وفق دستور 2011 الحالي عموما و وفق خطاب 9 مارس التاريخي خصوصا باعتباره اعترف لاول مرة في تاريخنا المعاصر بان الامازيغية هي صلب الهوية الوطنية بكل وضوح دون أي غموض او تاويل لكن اعداء هويتنا الام لا يعترفون بهذا الاعتراف  الملكي بحكم ان بلادنا عاشت عقود من الزمان تحت تعاقد خطير بين العروبة و الاسلام حتى اصبحت نخبتنا الدينية الرسمية  لا تتوفر على اية رغبة او استراتيجية اولية لادماج الامازيغية كهوية و كمشروع لتحديث الاسلام في مجال الشرعية الدينية لان هذا الادماج الاولي سيحطم ايديولوجية الظهير البربري و شرعيتها المزعومة الان بالنسبة لنا كباحثين و كابناء هذه الثقافة الاسلامية لكن في طابعها العلماني المغربي..

لكن ايديولوجية الظهير البربري بقيت قوية في حقلنا الديني لاسباب يمكن اختصرها في احتكار الشرعية الدينية من طرف السلطة و حركتها الوطنية المزعومة منذ الاستقلال عبر القول ان اول دولة اسست في المغرب هي دولة الادراسة بفاس منذ 12 قرن مما يعني حسب هذه الاكذوبة الاخرى ان المغرب قبل هذا التاريخ ليس له أي ذكر او حضارة حتى مجيء احد الهاربين من الدولة العباسية بالمشرق ليؤسس اول دولة اسلامية لم تحقق أي شيء يذكر للاسلام كما حققت دولنا الامازيغية مثل الدولة البرغواطية و الدولة المرابطية و الدولة الموحدية و الدولة المرينية الخ.

و القول ان الاستعمار الفرنسي قد اصدر ظهيرا بربريا لتنصير الامازيغيين و جعلهم يتحاكمون الى اعراف جاهلية ما انزل الله من سلطان و بالتالي فالامازيغيين هم دعاة الجاهلية و التنصير بينما عائلات المدن المعلومة هم دعاة الصلاح و التقوى و الوطنية الصادقة و طربهم الاندلسي يمثل الاصالة المغربية و الهوية الاسلامية المغربية منذ عقود من الزمان حيث اننا نعيش في عصر حرية التعبير و الراي بفضل الارادة الملكية بينما في بعض الدول الاخرى يعتبر حرية التعبير حراما في الدين ...

مبادئ اعادة تاهيل الحقل الديني العامة 

على الحركة الامازيغية ببعدها الثقافي و السياسي ان تدرك جوهرية و حتمية  اعادة تاهيل الحقل الديني كمشروع  له اهميته الكبرى بعد ترسيم الامازيغية حيث يجب على هويتنا الاسلامية ان تتصالح مع هوية الارض الامازيغية بحكم ان السلطة ابان الاستقلال قامت بتاطير نخبتنا الدينية و جعلها تعيش في جزيرة بعيدة للغاية عن مفهوم التقدم و عن مفهوم الحضارة الانسانية بعلومها المفيدة مثل علم التاريخ و علم الاجتماع و علم الفن الخ بمعنى ان نخبتنا الدينية لا تخرج عن اطارها السلفي الدخيل علينا.

ان النخبة الدينية لم تستطع استيعاب اهداف خطة اعادة تاهيل الحقل الديني التي حدثت بعد احداث 16 ماي 2003 مباشرة حيث انها لم تستطع ان تضيف التغيير المنشود  من طرف الحركة الامازيغية و غيرها من الحركات الحقوقية و النسائية .

ان هذا التغيير المنشود لا يهدف ابدا الى ابعاد الدين الاسلامي عن الحياة  العامة او الى إلغاءه بصفة نهائية بحكم ان المغرب هو  بلد مسلم منذ 14 قرن من الاجتهاد و مراعاة الخصوصية الامازيغية بكل ابعادها الثقافية و العلمانية و المؤسساتية حيث يحكم هذه البلاد الملك باعتباره امير المؤمنين حسب الوثيقة الدستورية الحالية و هو الضامن لوحدتها الثرابية ...

 و انما يهدف هذا التغيير المنشود الى اعادة تاهيل الحقل الديني بشكل شمولي على ضوء خطاب 9 مارس التاريخي خصوصا و على ضوء الوثيقة الدستورية الحالية عموما لان الفاعل الامازيغي لا يريد اطلاقا ان يسمع ان إمام او عالم دين او امين عام لحزب اسلامي مشرقي يعتبر ان الامازيغية  هي مشروع استعماري تنصيري او ان يمارس سياسة التحريم ضد كل ما هو امازيغي باسم الدين الحنيف.

اذن على الدولة الان اكثر من وقت مضى ان تعي مسؤوليتها التاريخية تجاه اعادة تاهيل الحقل الديني من خلال المقترحات التالية.

 اولا تكوين  جيل جديد و واعي من  العلماء و ائمة المساجد على الاعتزاز بحضارة بلادهم العريقة لمئات  القرون و الاعتزاز بحضارتهم الاسلامية التي تركها اجدادنا الأفاضل لنا من اجل ان نتركها بدورنا لابناءنا و احفادنا بعد عمر طويل ان شاء الله  ..

ان هذا التكوين حسب رايي المتواضع عليه ان ياخذ بعين الاعتبار ما وصلت اليه الانسانية جمعاء من التقدم و التطور عوض ان نبقى سجناء للقراءة السلفية للدين الاسلامي ...

ثانيا على هذا التاهيل ان ياخذ بعين الاعتبار ان الامازيغية اصبحت لغة رسمية بمعنى انها تدخل ضمن ثوابت الدولة المغربية و ضمن شرعيتها الدينية حيث من المفروض ان تدرج مادة اللغة الامازيغية في التعليم الاصيل بحروفها العريقة تيفيناغ ليعرف الجيل الجديد من الفقهاء و العلماء الامازيغية لغة و ثقافة و انتماء الى هذه الارض العزيزة ..

ثالثا ادماج موضوع العرف الامازيغي  ضمن مقرر التربية الاسلامية و ضمن سياسات وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية التكوينية و الاعلامية و الخارجية لتعلم الدول الاسلامية ان العرف الامازيغي لا يتعارض مع مقاصد الشريعة الاسلامية ..

رابعا اعطاء الاهمية للتراث الامازيغي الاسلامي المادي مثل المعمار الديني المنتشر في بلادنا طولا و عرضا  و حذف مصطلحات من قبيل الحضارة العربية الاسلامية او الحضارة الاندلسية الاسلامية و وضع في مكانها مصطلحات مثل الحضارة الامازيغية الاسلامية باعتبارها صلب الهوية الوطنية .

خامسا اعطاء الاهمية للفنون الامازيغية الاسلامية مثل فن احواش و فن الروايس الخ من هذه الفنون عبر ادماج شعرها الديني الغزير في مقرر التربية الاسلامية و التعريف بهذه الفنون عبر وسائل الاعلام السمعية و البصرية ...

سادسا  تجريم أي تداول لخرافة الظهير البربري في الفضاء الديني او العمومي..

سابعا تحديث الخطاب الديني ..

الكلمة الختامية                         

يشرفني ان اختم هذا الكتاب بالقول ان كاتبه هو معاق لا يستطيع المشي او الكلام حيث وصلت الى هذا المستوى بفضل امي و ابي الذي رباني على القراءة باعتبارها الوسيلة الوحيدة للوصول الى حقيقة الاشياء و كره الكذب مهما كان نوعه او مصدره حيث ان الصراحة هي اساس الحياة...

و  حان الوقت لاسقاط اكذوبة الظهير البربري و ايديولوجيتها الحقيرة التي احدثت كوارث عميقة في وعي المغاربة الوطني و الديني ...

 

 

               

 

  

اجمالي القراءات 7447