الحقائق بالوثائق عن جماعة الإخوان8

عبدالفتاح عساكر في الإثنين ٢١ - سبتمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً


الباب السابع

قادة وأعضاء النظام الخاص بجماعة الإخوان..؟.!. يروون كيف قتلوا..

محمود فهمي النقراشى باشا .

 رئيس وزراء مصر عام: 28/12/1948 م = 1368 هـ .

       ·من هو القتيل؟ ومن هو القاتل؟

       ·تفاصيل الأيام العشرة الحزينة فى حياة الإخوان.

       ·لماذا صدر الأمر العسكرى بحل جماعة الإخوان فى 8/12/1948م.

       ·المقتول رفض اعتقال القاتل قبل الحادث بأيام.

       ·لماذا تأخرت عملية الاغتيال ثلاثة أيام عن موعدها.

       ·مهندس الجريمة من هو ؟!

       ·كيف كان يراقب الأخوان تحركات النقراشى؟


نص اعترافات قادة النظام الخاص فى جماعة الإخوان..؟.!. الواردة فى مذكراتهم عن كيفيه قتلهم للنقراشى باشا .

صلاح شادى وأحمد عادل كمال ومحمود عبد الحليم ومحمود الصباغ والدكتور محمود عساف فى حادث مقتل محمود فهمى النقراشى باشا رئيس الوزراء الأسبق مع ملاحظة أن الدكتور محمود عساف قدم استقالته من جماعة الإخوان عام 1366 هـ = 1946م فى حياة حسن البنا، وقدمها له شخصيا، وقبلت وصدر القرار رقم 6 لسنة 46 بفصله من جماعة الإخوان، وكانت هذه الاستقالة بالاتفاق مع المرشد حسن البنا لكى يتفرغ عساف وهو المستقيل بالدفاع عن المرشد ضد أحمد السكرى والمفصولين معه، يعنى الاستقالة كانت تمثيلية، وما خفى كان أخطر؟!!!!

محمود فهمى النقراشى من هو؟.

ولد فى الإسكندرية عام (1306 هـ = 1888م) وقتله الإخوان فى يوم الثلاثاء 28 ديسمبر 1948 = 26 صفر 1368هـ أمام المصعد فى مدخل وزارة الداخلية.

    ·     حصل على التوجيهية (الثانوية العامة) من الإسكندرية ثم دخل مدرسة المعلمين الخديوية التى تعادل كلية التربية الآن، ثم أرسل الى انجلترا فى بعثة دراسية للحصول على شهادة فى التعليم من نوتنجهام فى عام 1909 م = 1327هـ.

       ·          بعد عودته عين مدرسا بمدارس وزارة المعارف العمومية {التعليم الآن}.

       ·          كان يعد من كبار رجال الوفد حتى عام 1937 م = 1356 هـ.

       ·          تولى بعض المناصب الوزارية.

       ·          خرج مع د./ أحمد ماهر باشا من الوفد وكون الهيئة السعدية.

    ·     تولى رئاسة الوزراء عقب اغتيال د/ أحمد ماهر باشا فى فبراير 1945 م = ربيع الاول 1364 هـ.

    ·     ثم أصبح رئيسا للوزراء فى ديسمبر 1946م = المحرم 1366هـ وحتى قتل فى 28 من ديسمبر 1948م = 26 من صفر 1368هـ.

       ·          حكم عليه بالإعدام فى ثورة 1919م = 1337هـ.

    ·     تزوج وأنجب هانى، كان عمره 12 عاما يوم مقتل والده وكان طالبا بالمدرسة الثانوية النموذجية.

       ·          وأنجب صفية، وكان عمرها عشر سنوات يوم مقتل والدها.

       ·          كان لـ هانى وصفية أخت من الام أكبر منهما هى جاذبية سعد الدين.

       ·          أثناء توليه الحكم أنشأ لأول مرة الكلية البحرية.

       ·          قام بإنهاء عمل البعثة العسكرية البريطانية التى كانت تسيطر على الجيش المصرى.

       ·          قامت وزارته بمشروع كهربة خزان أسوان.

       ·          أنشأ البنك الصناعى.

       ·          أنشأ قناطر أدفينا.

       ·          أمم شركة الكهرباء بالقاهرة.

    ·     أصدر قانون الشركات رقم 128 لسنة 1947م = 1366هـ والذى أشترط أن يكون للمصريين أكثر من 50% من الأسهم على الأقل فى تكوين أى شركة.

       ·          أول من وضع قانون الضريبة التصاعدية (قانون ضريبة الإيراد العام).

       ·          وفى عهد وزارته صدر القانون المدنى.

       ·          أصدر قانون المحاكم الحسبية.

    ·     أصدا امرا عسكريا بحل جماعة الإخوان فى {6 صفر 1368هـ = 8 ديسمبر 1948م} وقتله الأخوان يوم الثلاثاء 26 صفر 1368هـ = 28 ديسمبر 1948م. بعد عشرين يوما من صدور قرار الحل.

من القاتل؟

       ·          عبد المجيد أحمد حسن، مواليد 1926م = 1345هـ.

       ·          السن 22 سنة يوم ارتكاب الحادث.

       ·          طالب بالسنة الثالثة بكلية الطب البيطرى.

       ·          حاصل على التوجيهية عام 43/1944/1363هـ.

       ·          عضو فى جماعة الإخوان.

       ·          قام بتأسيس شعبة حدائق القبة.

       ·          كان يقيم بالمنزل رقم 6 شارع حسنى بمنطقة حدائق القبة.

    ·     والده احمد حسن مهندس فى إدارة البلديات كانت تابعة لوزارة الداخلية فى ذلك الوقت وتوفى عام 1945م = 1364هـ.

       ·          ترك الوالد للأسرة معاشا قدره 21 جنيها شهريا.

       ·          وترك لهم منزلا من دورين الأول مؤجر وتقيم الأسرة فى الثانى.

       ·          ترك أسرة مكونه من ستة أفراد هم عبد المجيد وولدان وبنتان والأم.

    ·     أكبر أخواته ضابط بالجيش برتبة رائد، وكان يقيم فى المنزل رقم 5 شارع المراغى بحدائق القبة، بعد أن تزوج.

       ·          أخوه الأصغر كان طالبا بمدرسة العباسية الثانوية عمره 18 سنة فى عام 1948م.

       ·          فاطمة شقيقته كانت مفتشة اجتماعية بوزارة الشئون.

وهدى الأخت الشقيقة الثانية كانت طالبة بمدرسة الأميرة فوزية الثانوية وعمرها 13 سنة. كان اسم عبد المجيد حسن قاتل النقراشى باشا ضمن أسماء الطلاب الذين طلب البوليس السياسى ضرورة اعتقالهم لأنهم خطر على الأمن العام، وطلب من النقراشى إصدار قرار باعتقالهم، ورفض النقراشى وقال (أننى لا أحب التوسع فى اعتقال الطلاب .. إننى والد ولى أولاد وأنا أقدر أثر الاعتقالات فى نفس الأمهات والآباء) !!!

أحداث عام 1948م = 1367هـ

وبعد أن عرفنا من القتيل ومن القاتل، نقدم من كتب الإخوان أحداثا حدثت فى عام 1367هـ = 1948م فقط. ارتكبها النظام الخاص فى جماعة الإخوان.

    ·   فى 7 من ربيع الأول = 19 يناير تم ضبط 15 شخصا من جماعة الإخوان بمنطقة المقطم يتدربون على استعمال الأسلحة النارية والمفرقعات والقنابل وبحوزتهم كميات كبيرة منها.

    ·   وفى 27 من فبراير 16 من ربيع الثانى 1367 هـ = 1948م اعتدى فريق من الإخوان على خصوم لهم فى الرأى بأن أطلقوا عليهم أعيرة نارية قتلت أحدهم بناحية كوم النور مركز ميت غمر دقهلية جناية رقم 1407 لسنة 1367هـ = 1948م.

       ·     22 من مارس 1948م = 11 من جمادى الأولى 1367 هـ قتل أحمد الخازندار بيد الإخوان.

       ·     19 من يوليو = 12 من رمضان نسف محلات شيكوريل وأوريكو.

    ·   13 من رمضان 20 من يوليو نسف بعض المساكن فى حارة اليهود المصريين الذين ينتمون الى طائفة اليهود الربانيين فى القاهرة. [مصريون وفرت لهم الشريعة الإسلامية حق الأمان المؤبد].

       ·     أواخر يوليو وأوائل أغسطس = آخر رمضان دمرت محلات بنزيون وجاتنيو.

       ·     وفى 22 سبتمبر = 18 من ذى القعدة دمر جزء من حارة اليهود القرائين.

    ·   وفى 22 من أكتوبر = 18 من ذى الحجة ضبط مخزن كبير للأسلحة والذخيرة فى الاسماعيلية بعزبة الشيخ فرغلى أحد قادة النظام الخاص فى جماعة الإخوان تبين أن بأرض إحدى الغرف سردابين بهما كميات ضخمة من القنابل والمفرقعات والمقذوفات والبنادق والمسدسات و11 مدفعا.

       ·     وفى 12 من نوفمبر = 10 من المحرم 1368 هـ دمر انفجار شديد شركة الإعلانات الشرقية.

    ·   فى 15 من نوفمبر = 13 من المحرم 1368 هـ تم ضبط السيارة الجيب أمام أحد المنازل بحى العباسية محملة بالصناديق الخشبية ولا تحمل نمرا معدنية {مسروقة} وتم القبض على راكبى السيارة بعد أن حاولا الهروب واتضح أنهما من الإخوان فى النظام الخاص.

    ·   وفى نفس اليوم ومعهما ضبط شخص ثالث كانت معه حقيبة تحمل أوراقا ومستندات فى منتهى الخطورة عن الجهاز الخاص للإخوان، وقبض على عبد الرحمن السندى الرجل رقم واحد فى النظام الخاص.

    ·   وفى 4 من ديسمبر = 2 من صفر 1368هـ قامت مظاهر كبيرة فى الجامعة أثارها الطلبة الإخوان بناء على تعليمات من المرشد الأول حسن البنا.

وفى هذا اليوم قتل سليم زكى حكمدار القاهرة بقنبلة قذفه بها أحد الطلبة وقتله بناء على تعليمات من المرشد الأول حسن البنا. وهنا ملاحظة هامة جداً.

 

تعقيـــب:

جميع الاخوان الذين أرخوا لنشاطهم يقولون فى مذكراتهم التى كتبوها بأيديهم والتى قاموا هم بطبعها كتبا توزع بالآلاف، إن البوليس لم يستطع القبض على قاتل اللواء سليم زكى حكمدار القاهرة والذى قتل بقنبلة من أحد الطلبة، ونقول لهم أن القاتل حى يرزق يخرج فى كلية الطب وأنتم تعرفونه كما تعرفون أبناءكم وهو الأن يعيش فى إحدى الدول الأوربية ويعمل فى مؤسسة كبرى، ولقد أعترف لبعض أصدقائه المقربين بأنه قام بهذا العمل بناء على تعليمات مباشرة من المرشد الأول حسن البنا .. !!!؟ وسوف نتناول هذا الموضوع فيما بعد فى العدد الثالث سلسلة كتب الحقائق بالوثائق عن جماعة الإخوان.

ونعود الى حادثة مقتل النقراشى باشا

إعترافات دكتور محمود عساف فى قتل النقراشى.

اعترافات الدكتور محمود عساف المستشار للنظام الخاص .. يقول فى كتابه (مع الإمام الشهيد حسن البنا) (طبعة 1413هـ = 1993م) رقم الإيداع 44150/1993 والترقيم الدولى 977-204-156-112-Bn.

"بادر النقراشى بإصدار القرار بحل الإخوان ومصادرة جريدتهم ومطابعهم وشركاتهم وكافة ما يملكون ، وكانت حجته فى الحال هو موضوع السيارة الجيب." {سوف نقدم بحثا عن حادث السيارة الجيب فى العدد القادم}.

"وبدأت حرب إعلامية تهاجم الإخوان ومبادئهم، يشترك فيها بعض علماء الأزهر الذين ضللتهم وسائل الإعلام {وهل دفاع العلماء عن الحق ضلال يا دكتور عساف؟!} وبعض الكتاب المشايعين للحزب السعدى".

"كان بعض الإخوان فى ذلك الوقت فى السجن متهمين فى قضية السيارة الجيب. كما كان بعضهم مقبوضا عليه فى قضايا ما سمى بالأوكار، وكان الباقى من الإخوان المعروفين للمباحث العامة رهن الاعتقال بالهايكستب ثم الطور، ومع ذلك فقد كان هناك من أعضاء النظام الخاص عدد طليق لا تعرفهم أجهزة الشرطة".

"كان الإمام حسن البنا بعد اعتقال آلاف الأخوان معتقلا هو الآخر ولكنه ترك حرا يذهب أين يشاء، ولم يكن مسموحا بأن يرافقه أحد إلا الأستاذ عبد الكريم منصور المحامى زوج أخته."

"صار الإخوان الذين لم يقبض عليهم من أعضاء النظام الخاص فى حال يرثى لها فليس هناك من يرشدهم الى ما ينبغى أن يفعلوا ولا أحد يوعيهم بما لا يجوز أن يفعلوه، فصارت كل مجموعة منهم تلتقى سرا ويقرون فعل شئ وفقا لاجتهادهم، ومن هذه المجموعات مجموعة أحمد فؤاد (كان ضابطا بالشرطة ضمن تنظيم الوحدات التى كان يشرف عليها الصاغ صلاح شادى وكانت تضم محمد مالك يوسف وشفيق أنس، وعاطف عطية حلمى، وعبد المجيد أحمد حسن ومحمود كمال، لم تجد هذه المجموعة أحدا يوجهها فقررت قتل النقراشى جزاءا على حله جماعة الإخوان، وهذا الكلام مذكور فى كتاب د/ عساف صفحة 163 وما بعدها".

 

تعقيـــب:

{قال لى أحد كبار الإخوان وكان مخدوعا مثل الآلاف منهم كان الشيخ البنا ضيفاً عندنا فى حلوان، وعندما علمت بحادث قتل النقراشى دخلت عليه وقلت له فى أذنه همساً "النقراشى باشا قتل" فقال لى هامساً "مسكوا الوله" بلهجة العوام، يقصد هل قبضت الشرطة على الولد الفاعل وقالها لى بسرعة ؟!!!!}.

ونعود الى ما ذكره الدكتور محمود عساف عن حادث مقتل النقراشى فى ص 162، إذ يقول:

"كان الاستعمار جاثما على صدر مصر، والاستعمار البريطانى الذى كان يحكم مصر هو ذاته الذى كان يرعى مصالح العصابات الصهيونية فى فلسطين، وكان يرى المتطوعين من الإخوان حجر عثرة فى سبيل، إعلان دولة إسرائيل."

"لم تكن القوى السياسية فى مصر قادرة على الوقوف فى وجه الاستعمار أو وجه الملك الذى كان مغلوبا على أمره ويأتمر بأمر السفير البريطانى، ولقد كان كل حزب يناصر الانجليز وهو فى الحكم ويحاربهم بالشعارات والمظاهرات وهو خارجه. وكان الإنجليز يعلمون ذلك ولا يلقون بإلا إلا لثلاث قوى سياسية، هى الإخوان والحزب الوطنى ومصر الفتاة."

"وفى حين كان الحزب الوطنى ضعيفا لا يسيطر على قوى شعبية يعتد بها، كان حزب مصر الفتاة قويا بأنصاره المؤمنين بفكره والمتحمسين له، وكان أحمد حسين رجلا وطنيا يحاول أن يفعل شيئا لصالح وطنه، غير أن حزب مصر الفتاة كان محدود العدد فى أعضائه ولا يقارن بعدد أعضاء الإخوان...؟ .!.   المنتشرين فى المدن والقرى والنجوع."

"قرر الإنجليز إنهاء، حرب فلسطين، وأعلنت الهدنة الرسمية، وقبلها العرب جميعا، إلا الإخوان...؟ .!.   الذين لم يعترفوا بها. لذلك قامت حكومة النقراشى باعتقال المجاهدين داخل معسكرات فى فلسطين يشرف عليها الجيش المصرى".

"وبالرغم أن الجيش المصرى المسلح بأسلحة بدائية {وهل كتائبكم مسلحة بأسلحة حديثة ومن أين؟} قد كان محتلا لجزء كبير من أرض فلسطين، فقد صدرت اأوامر له من حكومة النقراشى بالانسحاب. فتعرضت فلول الجيش لهجمات يهودية عاتية وحوصرت كتائب منه فى الفالوجا، ولم يفك الحصار عنها إلا قوات المتطوعين الإخوان، وقد كانوا معتقلين. وبناء على تعليمات اللواء المواوى، وتركوا ليقوموا بهذه المهمة ثم يعودوا مختارين الى الاعتقال مرة أخرى".

"وبدأ الإخوان فى تجهيز كتائب جديدة لتسافر الى فلسطين {لماذا لم تذكر لنا عدد هذه الكتائب} بناء على طلب عبد الرحمن عزام باشا أمين الجامعة العربية، تحت قيادة الصاغ محمود بك لبيب الذى كان زميلا لعزيز المصرى باشا ورفيق كفاحه، حتى يسهموا فى إنقاذ الجيش.

تعقيـــب:

{كيف يطلب عزام هذا الطلب والجامعة العربية جامعة حكومات وافقت على الهدنة؟! أو ليس الأفضل أن نحارب الإنجليز فى بلدنا أولا ثم نحارب اليهود ؟!.. أم أن قضية فلسطين للتجارة}.

ويقول الدكتور عساف: كان الإمام {يقصد حسن البنا} فى ذلك الوقت يعمل فى اتجاه آخر حيث كانت أسر المعتقلين وأحوالهم تقض مضجعة، وكان يحس بأنه هو السبب فيما وقع عليهم من ظلم وما واجهوه من شدة وبأس. كان يسعى بكل الطرق لكى يتم الإفراج عنهم، وكانت ترد إلينا أخبار ذلك ونحن فى معتقل الطور عن طريق رسائل سرية كانت ترد إلينا من خلال ضابط شرطة من أعضاء قسم الوحدات، وكان الإمام يظن أن الإفراج عن المعتقلين قريب مثلما وعدوه، نظير أن يقوم هو بحل الإخوان وتشكيلاتهم حلا اختياريا بإرادتهم، ويضمن للحكومة وقف نشاطهم كليا وتسليمهم ما بقى فى حوزة الأخوان من سلاح. حيث انتهت حرب فلسطين."

"رسم أحمد فؤاد {ضابط شرطة} وجماعته خطة قتل النقراشى، ونجح عبد المجيد أحمد حسن فى مهمته بعد أن تنكر فى زى ضابط بوليس، قتل النقراشى رميا بالرصاص وهو على وشك  الاتجاهالى مكتبه فى وزارة الداخلية، ولو أن حسن البنا لم يكن معتقلا هكذا، ولو أنه أتيح له أن يواجه مجموعات الإخوان الذين صاروا لا رئيس لهم .. لما قتل النقراشى .. ولكن إرادة الله غالبة."

فمن الذى قتل النقراشى؟ لا شك لأنهم أولئك الذين يسروا قتله ودفعوا قتلته وحجبوا التوجيهات الحكيمة عنهم. إنهم رجال الشرطة ومحرضوهم من الوزراء ورجال السراية لتفكيرهم العقيم.

[سؤال عجيب ورد أعجب ؟!!!]

كتب حسن البنا بعد ذلك بيانا نشر بالجرائد المصرية، وهو يغلى غضبا لماسببه له قتل النقراشى من فشل فى الإفراج عن المعتقلين، وذلك تحت عنوان ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين.

{هناك أسباب أخرى لهذا المقال. لماذا لا تذكرها يا دكتور عساف ؟!}

"وكان مقتل النقراشى سببا فى اغتيال حسن البنا وهو أعزل أمام جمعية الشبان المسلمين، بناء على مؤامرة مدبرة كشفت عنها سلطات التحقيق بعد قيام ثورة 23 يوليو، ولقد أراد الله لحسن البنا أن يموت شهيداً".

تعقيــب:

أوليس قتل النقراشى مؤامرة مدبرة كذلك؟! أكد لنا الإخوان فى قتل الخازندار بأن أى عمل يقوم به أفراد النظام الخاص لابد وأن يكون بأمر مباشر من المرشد حسن البنا فهل كان قتل النقراشى بأمر مباشر أم .. ؟! ولقد أنتحر الضابط أحمد فؤاد قبل أن يقبض عليه ويفشى أسرار المحرضين على الاغتيال ..؟!}.

- {أنتهى كلام الأستاذ الدكتور محمود عساف ونسأل الله أن يكتب له الشفاء العاجل لأنه مريض الآن}.

شهادة أحمد عادل كمال

ونكمل وبالله التوفيق باقوال أحمد عادل كمال مواليد 1926م = 1344هـ كتب يقول فى صفحة 277 من كتابه "النقط فوق الحروف" والمودع فى دار الكتب والوثائق المصرية تحت رقم الإيداع 5536/86 والترقيم الدولى 7-33-1470-977. فقال:

كان سقوط السيارة الجيب فى 15/11/1948م = 3 المحرم 1368هـ وتراءى للنقراشى بها أنه قد تمكن من الاخوان. كان النقراشى رئيسا للوزارة وحاكما عسكريا عاما ورئيسا للحزب السعدى أكثر الأحزاب المصرية هزالا وضعفا حينذاك، كما كان فى نفس الوقت وزيرا للداخلية ووزيرا للمالية فى وزارته، وفى 8/12/1948م = 6 من صفر 1368هـ أصدر النقراشى أمره العسكرى بحل جماعة الإخوان، ولم تنقض ثلاثة أسابيع حتى سقط قتيلا فى عرينه بوزارة الداخلية برصاص الإخوان وكان لذلك أسباب ثلاثة هى كما أفصح عنها عبد المجيد احمد حسن الى اغتاله تهاونه فى شأن قضية وحدة مصر والسودان، وخيانته لقضية فلسطين، واعتداؤه على الإسلام بحل الإخوان، كبرى الحركات الإسلامية فى عصرها.

تعقيـــب:

الأيام تؤكد أن جماعة الإخوان كانت تتاجر بقضايا مصر وليس لهم رؤية فى أى قضية وأثبتت الأيام أنهم كانوا على غير الحق.

{وهل هذه الأسباب يقرها الإسلام لقتل هذا الرجل؟!}

"منذ وقع النقراشى قرار حل الجماعة وهو يدرك أنه أرتكب حماقة وتهورا يعرضه لما أصابه فأعد لنفسه حراسة مشددة وبروج مشيدة، وكان يذهب أياما الى رئاسة مجلس الوزراء وأحيانا الى وزارة الداخلية وأحيانا أخرى الى وزارة المالية. وقد استدعى الأمر قيام الإخوان بعملية رصد متوالية لمعرفة جدوله فى توزيع أيامه على وزاراته. كذلك كان يغير طريقه من منزله بمصر الجديدة الى أى من تلك الوزارات بوسط المدينة. ولذلك استبعدت فكرة اصطياده فى الطريق.

وفى صباح يوم الثلاثاء 26 من صفر 1368هـ = 28 من ديسمبر 1948م ذهبت قوة الحراسة المكونة من الصاغ عبد الحميد خيرت والضابط حباطى والكونستايل أحمد عبد الله شكرى الى منزل النقراشى لاصطحابه وانتظروا الباشا حتى نزل إليهم قبل العاشرة صباحاً بعشرين دقيقة، وركب الاول معه فى سيارته بينما استقل الآخران سيارة أخرى تتبع السيارة الأولى، ووصل الركب وزارة الداخلية نحو الساعة العاشرة، ونزل الباشا من سيارته أمام الباب الخلفى لسراى الوزارة واتجه الى المصعد مجتازا بهو السراى والى يساره الصاغ عبد الحميد خيرت وخلفه الحارسان الآخران، هذا بالإضافة الى حراسة أخرى تنتظر بالبهو مكونه من كونستايل وصول واونباشى بوليس."

{هذا الكلام يدل على أن الكاتب دارس ومذاكر للخطة رغم أنه كان فى السجن فى تلك الفترة!}.

ويقول أحمد عادل كمال

"وكان هناك أمام وزارة الداخلية" مقهى الإعلام "تم اختياره مسبقا ليجلس به عبد المجيد أحمد حسن 21 سنة وقد تسمى باسم حسنى فى انتظار مكالمة تليفونية لتلقى إشارة بأن الموكب قد غادر بيت الرئيس فى طريقة الى الوزارة وتمت تلك التجربة مرات قبلها. وفى يوم الحادث تلقى "الضابط حسنى" إشارة تليفونية بأن الموكب قد تحرك، فغادر المقهى الى البهو الداخلى لوزارة الداخلية، وهناك كانوا يخلو البهو من الغرباء فى انتظار وصول الرئيس ولكن عبد المجيد قد تزيا بزى ضابط بوليس لم يطلب إليه احد الانصراف فهو من "أهل البيت" إذاً وحين غادر عبد المجيد مقهى الإعلام كانت هناك عيون على مقهى أخر ترقبه .. شفيق أنس فى زى كونستابل ومحمود كامل السيد فى زى سائق سيارة بوليس، وتبعاه الى داخل الوزارة."

"اجتاز عبد المجيد الباب الخارجى ثم الداخلى وانتظر فى البهو، وجاء النقراشى بين حرسه متجها نحو المصعد حتى إذا صار على وشك ولوجه فاجأه عبد المجيد بإطلاق ثلاث رصاصات من مسدس بارتا إيطالى الصنع كان معه، وقد تم ذلك بسرعة خاطفة وأصابت الرصاصات الهدف فسقط النقراشى على الأرض جسداً له شخير وخوار. كانت الساعة العاشرة وخمس دقائق صباحاً، وأخذ رجال الحرس بما حدث فلم يستطع أحد منهم عمل شئ قبل إطلاق المقذوفات الثلاثة."

والتفت الصاغ عبد المجيد خيرت الى الخلف فاصطدم بالمصادفة على ما يبدو بعبد المجيد فوقع على الأرض وهجم الحراس على عبد المجيد وفى تماسكهم به انطلقت رصاصة رابعة ومات النقراشى بعد قليل. وقد ذكر بعض الشهود أنه بعد القبض على عبد المجيد وأثناء الذهاب به الى غرفة وكيل الأمن العام بالبهو انطلق نحوهم عيار أخر أصاب الحائط مما أوحى بوجود شركاء آخرين، ولكننا نستبعد ذلك، فتلك شهادة لم تذكر أمام النيابة فى التحقيق وإنما ذكرت أمام المحكمة بعد أن عرف أن شفيق ومحمود كامل كانا هناك. وهى رواية ابتدعها البوليس للتأثير على عبد المجيد بإيهامه بأن الإخوان ارادوا قتله بعد الحادث كما ظن بعضهم من هذه الحكاية أنه كان هناك تدبير لتهريب عبد المجيد. ولكن الذى نعلمه أنه لم يكن هناك أى تخطيط للفرار بعبد المجيد وإنما كان الهدف من وجود شفيق ومحمود هو اغتيال إبراهيم عبد الهادى وعبد الرحمن عمار حين كانا يحضران على أثر مصرع النقراشى {وهل هذا من الإسلام يا جماعة الإخوان!!!؟} غير أنه صدرت الأوامر بإغلاق كل الأبواب وتفتيش المكان فبادر محمود بالإنصراف متخطيا سور الوزارة، كما خرج شفيق من الباب وكان عليه حرس من عساكر البوليس، فقال له أحدهم إن الأوامر تمنع خروج أى إنسان فأجابه على الفور "نعم .. لا تسمح لأى إنسان كان بالخروج "وخرج!"

تعقيـــب:

{قال لنا الاخوان ..؟! فى مقتل الخازندار إن القتل لا يتم إلا بموافقة المرشد حسن البنا فهل تمت الموافقة على قتل النقراشى أو ..؟!}

ويقول أحمد عادل كمال

"وأبلغ صابر طنطاوى بك مدير الأمن العام الحادث تليفونيا الى النائب العام محمود منصور باشا فانتقل الى مكان الحادث وباشر التحقيق."

وقد جاء بتقرير الطبيب الشرعى أن جثمان المجنى عليه به ثلاث رصاصات نشأت عن مقذوفات نارية، الأول إصابة بالجهة اليسرى من الظهر مقابل المسافة الضلعية التاسعة وقد نفذ العيار للتجويف الصدرى ثم لتجويف البطن فى اتجاه من الخلف واليسار وللأمام واليمين بميل قليل لأسفل، وقد وجد المقذوف مستقرا بجدار البطن الأمامى واستخراجه الطبيب من تحت الجلد، أما الثانى فقد أصاب أعلى خلف؟ لايسر أسفل الضلع الأخير نشأ عنه جرح نافذ حيوى الى تجويف البطن من الخلف واليسار للأمام واليمين، وقد استقر المقذوف أيضا بجدار البطن الأمامى واستخرجه الطبيب الشرعى، وقد أصاب الثالث مقدم الكتف اليسرى وطية الإبط وامتد الى جدار الصدر الأمامى وانتهى بجرح هو فتحة الخروج، واستنتج الطبيب الشرعى أن "الجانى" كان خلف "المجنى عليه" والى يساره وعلى مسافة تزيد على النصف متر وكان مصوبا سلاحه بميل قليل الى أسفل وأن الوفاة قد نشأت عن عيارى الظهر وما ترتب على ذلك من نزف دموى وصدمة عصبية، أما عيار الكتف اليسرى فلا دخل له بالوفاة.

راجعت تلك الذكريات بعد زمنها بأربعين عاما مع شاهد العيان شفيق إبراهيم أنس صاحب التأبيدتين قال: إن فريق الاغتيال تكون فى بادئ الأمر من عبد المجيد أحمد حسن وشفيق إبراهيم أنس وجلال الدين يس ولكن شفيقا (يقصد شفيق إبراهيم) لم يطمئن الى أعصاب جلال وأفضى بذلك الى رئاسته فتم اختيار محمود كامل السيد بدلا منه، وبدأ عبد المجيد فى هذه العملية برتبة ملازم ثان، ثم رئى من الأنسب أن يكون ملازما أول.

كما ذكر أن ركب النقراشى باشا كان يجئ من بيته بمصر الجديدة مارا بشارع الملكة نازلى (رمسيس) الى وسط المدينة، وكان بيت سعد شهبندر بشارع الملكة نازلى بالعباسية، فكان هو المكلف بترقب الموكب من شرفه بيته حتى اذا مر من أمامه يطلب رقما معينا للتليفون (هو تليفون قهوة الاعلام أمام وزارة الداخلية) ثم يطلب الضابط حسنى، وكان عبد المجيد يذكر لصاحب المقهى أنه ينتظر مكالمة تليفونية وأن أسمه حسنى، فاذا أجاب عبد المجيد يقول له سعد "لقد مر الآن" لم يكن سعد ولا عبد المجيد يعرف أحدهما من يخاطب، وأجريت ثلاث تجارب أثبتت أن الموكب يصل بعد 14 دقيقة من المكالمة.

 

تعقيــب:

{حل فرقة الاخوان كان فى 6 من صفر 1368هـ = 8 ديسمبر 1948م قتل النقراشى كان فى 26 من صفر 1368هـ = 28 من ديسمبر 1948م فهل كانت الخطة وضعت من قبل صدور قرار من جماعة الإخوان لأن عشرين يوما لا تكفى لهذا العمل المحكم لقتل رئيس الوزراء ..؟! اللهم إذا كان التدبير من قبل مع ملاحظة أنه كان من ضمن الخطة قتل إبراهيم عبد الهادى وعبد الرحمن عمار}.

ويقول أحمد عادل كمال:

"كان عبد المجيد يتجه بعد المكالمة الى بهو وزارة الداخلية من الباب الرئيسى، وبعد دقيقة يتبعه شفيق من ذات الباب، وبعد دقيقة أخرى يأتى محمود كامل ليدخل من باب جانبى ثم يسلك الى البهو من باب صغير يوصل إليه، وترصدت المجموعة صيدها ثلاث أيام، كانت التعليمات أن ينتظروا ثلاث دقائق فاذا لم يصل النقراشى فعليهم بالانصراف حتى لا يثير انتباه الحرس، وفى اليوم الأول أنتظروا خمس دقائق بدافع الحماس والحرص على التنفيذ، ثم انصرفوا، وعلموا بعد ذلك من الصحف أنه ذهب الى جامعة الدول العربية بدلا من وزارة الداخلية، وفى اليوم التالى كان مقررا أن يذهب الى وزارة المالية حيث كان وزيرا للمالية أيضا ولكنه خالف وذهب الى وزارة الداخلية ربما لعدم ذهابه فى اليوم السابق، ولم يكونوا فى انتظاره، وفى اليوم الثالث جاء الباشا بعد دخول عبد المجيد وشفيق الى البهو مباشرة وكان ذلك مفاجأة لهما. دخل محمود كامل من الباب الجانبى ولكن الأحداث جرت أسرع منه حيث أطلق عبد المجيد النار على النقراشى دون انتظار فأغلقت جميع الأبواب فورا واحتجز محمود بالخارج."

"كما ذكر شفيق أنه فى مناقشة العملية دارت مناقشة حول ما إذا كان عبد المجيد يطلق النار على النقراشى فى مواجهته أو من خلفه وذلك لأفضلية ألا يقال بعد ذلك أنه ضربه من الخلف، ولكن الحرس كان يحيط به إحاطة السوار بالمعصم فصار متعذراً على عبد المجيد أن يضربه مواجهة، حتى إذا مر من أمامه تقدم فأزاح أحد الحرس من خلفه وأطلق النار بسرعة فسقط النقراشى على الأرض وله شخير وحشرجة مسموعة رغم الضجة وتكالب الحرس على عبد المجيد فأوقعوا به أرضا، واقفلت الأبواب على الفور، ولما كان الذى أطلق الرصاص فى زى ضابط شرطة فقد بدأ ضابط بالملابس الملكية يطلب من جميع من بالبهو وكانوا نحو سبعة أشخاص خلاف ثمانية من الحراس إبراز بطاقاتهم الشخصية، وبادر شفيق الى الباب الرئيسى وكان قد أغلق وحارسه يقف بالخارج فترك شفيق الباب وطلب الحارس منه بطاقته فنهره شفيق وقال له "إحنا فى إيه ولا فى إيه!" وخضع الرجل ولم ينس شفيق وهو يجتاز الباب أن يؤكد الأوامر على حارسه ألا يسمح لأحد بالخروج.

تعقيـــب:

{ونسأل علماء الأزهر جامع وجامعة ومعهم علماء الأوقاف هل هذا من الإسلام الذى جعل قتل النفس يساوى عند الله قتل البشرية كلها والقاتل مخلد فى النار}.

"يقول شفيق: إن الأمور بالخارج كانت عادية تماما ولم يدر أحد خارج باب البهو بما حدث وراءه، فذهب الى إدارة تحقيق الشخصية ومر خلالها خارجا الى شارع سكة حديد حلوان فاستقل تاكسيا وابتعد به، كما أكد أنه لم يكن هناك أى تخطيط للخروج فقد كانت عملية ذهاب بلا عودة."

{الهروب بتاكسى مثل ما حدث بعد اغتيال رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب أمام فندق سميراميس بالقاهرة .. نفس الخطط ونفس التفكير؟!}

ويقول أحمد عادل كمال: (وفى 22/3/1949م = 22 من جمادى الأول 1368هـ) توصل التحقيق الى من وصفه رئيس المحكمة بأنه "مهندس الجريمة" وهو ضابط البوليس أحمد فؤاد عبد الوهاب وكان قد نقل أثناء التحقيق الى مدينة بنها، وذهب البوليس بصحبة النيابة للقبض عليه وتفتيش منزله، وتذكر التحقيقات أنه تمكن من التغرير بأحد زملائه الضباط وركب سيارة البوليس وانطلق هارباً وتبعته قوات البوليس لمطاردته فى حقل على مقربة من الطريق الزراعى الى القاهرة، وحاول أحمد فؤاد الهرب عندما شاهد رجال البوليس يقتربون من مكانه فى الحقل وعبر بملابسه إحدى الترع فأطلق عليه البوليس النار فاستشهد على الأثر."

تعقيـــب:

{قاتل ويسمونه شهيداً}

"كذلك تناول عبد المجيد بأقواله فى 22 من مارس 1949م = 22 من جمادى الأولى 1368هـ محمد مالك، فانتظره البوليس الملكى فى مسكن أثنين من أقربائه، وحضر مالك الى المسكن فظنه رجل البوليس زميلا له "هكذا كان مستوى الذكاء" وسأله عن أسمه فتسمى مالك باسم عبد المنعم إبراهيم وأخبره رجل البوليس بأنه مكلف بأن يحضر الى قسم البوليس أى شخص يجئ الى المسكن فغافله مالك وعاجله بضربه كرسى على رأسه وبادر بالفرار ولم يتمكن رجل البوليس المضروب على رأسه من اللحاق به {!!!}

"وظل محمد مالك مختفيا رغم المجهودات المكثفة التى بذلها البوليس للقبض عليه والإعلانات المتكررة التى ملأت الصحف والجدران وكل مكان تحمل صورته ووعد بمكافأة قدرها ألف جنيه لمن يرشد عنه، وأرشد كثيرون عن أشخاص تبين أن ليس منهم محمد مالك، ولكن تشابه فى الصورة، حتى قبض عليه فى الإسكندرية فى (16 رجب 1368هـ = 14 مايو 1949م) ونشأت عن ذلك قضية أخرى عرفت باسم قضية "إخفاء مالك" اتهم فيها محمود يونس الشربينى محام تحت التمرين وملازم أول طبيب جراح السيد بهجت الجيار والسيد محمد شامة وسعد محمد جبر وأحمد البساطى وآخرون، وقبض على مالك بعد تبادل إطلاق النار ولم تكن هناك جدوى من المقاومة فقد كان البيت محاصرا ونفذت ذخيرته."

- ويقول أحمد عادل كمال "تولى تحقيق قضية اغتيال النقراشى النائب العام محمود منصور باشا بنفسه، وهو الذى كان رئيسا للمحكمة العسكرية التى حاكمت محمود عيسوى رحمة الله الذى قتل أحمد ماهر فى {11 ربيع الأول 1364هـ = 24 فبراير 1945م} وحكمت عليه بالإعدام، ومحمود منصور هذا هو الذى أراد ضم قضية السيارة الجيب وقضية مقتل النقراشى فى قضية واحدة"

"ولقد حقق معى هذا الرجل عدة مرات فكان يعتمد اعتماد أساسيا على جهاز البوليس السياسى بضغطه على المتهمين واصطناع الشهود وشرائهم، والى جوار ذلك كان رأى الذين حقق معهم أنه غبى شديد الغباء وجبان أيضا".

"ولقد أفادنا نحن المتهمين، الذين حقق معهم كثيرا، من ذلك وكان دائما مادة للفكاهة والتندر فيما بيننا بالسجن، وفى يوم رفض أن يثبت لى أقوالا عن تدخل رجال البوليس السياسى لأدلى بأقوال غير صحيحة بدعوى أنها أقوال خارج الموضوع، وأن المحكمة لن تصدقنى، فلما هددته، أرتعب حتى صار يرتعش وتصطك أسنانه وصرت أكبح ضحكى، حتى إذا تمالك نفسه بعد دقائق راح يعاتبنى ويثبت فى التحقيق ما أردت إثباته {يفتخر بالإرهاب..!}

وفى يوم الخميس {13/10/1949م = 20 ذو الحجة 1368هـ} صدر الحكم فى القضية كالآتى:-

أولا: معاقبة عبد المجيد أحمد حسن بالإعدام.

ثانيا: معاقبة كل من محمد مالك والدكتور عاطف عطية وشفيق إبراهيم أنس ومحمود كامل السيد بالأشغال الشاقة المؤبدة.

ثالثا: براءة كل من كمال سيد القزاز وعبد العزيز البقلى والشيخ السيد سابق والسيد فايز عبد المطلب {زميلهم الذى قتلوه بعد ذلك ..! إنظر صـ..} ومحمد صلاح الدين عبد المعطى وعبد الحليم محمد أحمد ومحمود حلمى فرغلى ومحمد أحمد على وجلال الدين يس والشيخ محمد نايل إبراهيم مما أسند إليهم."

"وكان المستشار محمد مختار عبد الله وهو ينطق بالحكم يملؤه الغيظ والتشفى ومما قاله:" ومما يؤسف له أن مهندس الجريمة يقصد الأخر أحمد فؤاد عبد الوهاب رحمة الله ليس حاضرا وانه فضل رصاصات البوليس على حكم الإعدام الذى كان مؤكدا أن هذه المحكمة ستصدره عليه" وكان يتهدد أصحاب البراءة أن موعده معهم سيكون فى قضية السيارة الجيب، وأنه كان من المقرر حتى حينذاك أن ينتظر قضية الجيب أيضا ولكن مختار عبد الله قدر فقتل كيف قدر، وقدر الله وما شاء فعل"

وتم تنفيذ حكم الإعدام فى عبد المجيد أحمد حسن رحمه الله {يوم 25 إبريل 1950م = 7 رجب 1369هـ} فى عهد وزارة الوفد بعد أن رفض التماس أسرته بالعفو عنه.

والى هنا ينتهى اعتراف أحمد عادل كمال الذى ذكره فى كتابه "النقط فوق الحروف" عن كيف قتل الاخوان محمود فهمى النقراشى باشا.

{ونذكر الأستاذ أحمد عادل كمال وزملاءه الأحياء من منطلق أن الدين النصيحة نذكرهم بقول الحق تبارك وتعالى فى الأية 32 من سورة المائدة" "أنه من قتل نفسا بغير، نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً" ونذكرهم بقول النبى (ص) الذى رواه النسائى" قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا"}.

اعترافات محمود الصباغ

أحد قادة النظام الخاص فى جماعة الإخوان

{فى هذا البحث نستكمل اعترافات الاخوان عن مقتل النقراشى باشا ونسوق ما قاله محمود الصباغ، وهو من القيادات الهامة والخطيرة فى النظام الخاص لفرقة الاخوان، فى كتابه (حقيقة التنظيم الخاص ودوره فى دعوة الإخوان)}.

{وهذا الكتاب طبع عام (1407هـ = 1987م) رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق القومية 3082/1989 الترقيم الدولى 3/224/142/977 وذكر فى صفحة 312 تحت عنوان.

(أعمال فدائية قام بها رجال من الإخوان ضد أعوان الاستعمار والفاعل فيها معروف) كتب يقول:

1-   قتل النقراشى باشا: لا يمكن أن نعتبر أن قتل النقراشى باشا من حوادث الاغتيالات السياسية فهو عمل فدائى صرف قام به أبطال الإخوان لما ظهرت خيانة النقراشى باشا صارخة فى فلسطين بأن أسهم فى تسليمها لليهود، ثم أعلن الحرب على الطائفة المسلمة الوحيدة التى تنزل ضربات موجعة لليهود، كما شهد بذلك ضباط القوات المسلحة المصرية سابقا، وكما سنرويه تفصيليا فى الفصل القادم إن شاء الله، فحل جماعتهم واعتقل قادتهم وصادر ممتلكاتهم وحرم أن تقوم دعوى فى مصر تدعو الى هذه المبادئ الفاضلة الى الأبد {ما هذه المبادئ يا صباغ ..؟!} فكانت خيانة صارخة لا تتستر وراء أى غدر أو مبرر، مما يوجب قتل هذا الخائن شرعا ويكون قتله، فرض عين على كل مسلم ومسلمة {ما رأى شيخ الأزهر فى هذه الفتوى؟ ولماذا لم يصدر من الأزهر ما ينكر ويشجب هذا العبث} وهكذا ما حدث له من بعض شباب النظام الخاص للإخوان المسلمين دون أى توجيه من قياداتهم العليا، فقد كان الهجوم الأثيم قد أودعهم جميعا السجون والمعتقلات وحال بين الاخوان وبين مرشدهم حيث وضعت كل تحركاته تحت رقابة بوليسية علانية من تاريخ إصدار قرار الحل حتى اغتياله بأيدى جنود إبراهيم عبد الهادى ..

تعقيـــب:

[قُتل حسن البنا أخذاً بالثأر فى مقتل النقراشى. وقتل النقراشى وقتل حسن البنا لا يقرهما الإسلام تماما، والشريعة الإسلامية ترفض هذا الأسلوب، بل ويقام الحد ويقتص من الفاعلين من الطرفين من الحاكم وليس من الفرق والجماعات ...].

[يا صباغ راجع نفسك وتب الى الله وأرجو أن يقبل توبتك]

[راجع كُتب القصاص فى الإسلام...].

وفى صـ 320 كتب محمود الصباغ تحت عنوان

(تعاون الاخوان مع حكومة محمود فهمى النقراشى باشا الثانية)

"رأت جماعة الإخوان أن تأييد النقراشى باشا، اذا ما سلك أسلوبا جديدا فى مواجهة الانجليز أجدى وأنفع من دخول البلاد فى اضطرابات داخلية جديدة وإسقاط النقراشى باشا استنادا الى ماضيه الشائن أثناء توليه وزارته الأولى فى ربيع الأول 1364هـ = مارس 1945م الى {12 من ربيع الأول 1365هـ = 14 من فبراير 1946م} فقد تقدم الى الحكومة البريطانية حينئذ بمذكرة هزيلة، مما أطمع الإنجليز وجعلهم لا يردون عليه ولو بالرفض، فسارت الطوائف الشعبية يتقدمها الإخوان ووقعت مصادمات عنيفة بين الشعب والبوليس فى القاهرة والإسكندرية وقتل البوليس فيها الكثير من شباب الجامعة المصرية، كما حدث فوق كوبرى عباس فى {7 من ربيع الأول 1365هـ = 9 فبراير سنة 1946م}، بتعليمات من عبد الرحمن عمار بك نفذها اللواء سليم زكى باشا وقد أصيب فيها 160 طالباً إصابات شديدة، وفقد 28 طالباً حيث كانوا يلقون بأنفسهم من فوق الكوبرى فى النيل من شدة الضرب بالرصاص وبالهروات والكرابيج، واستمرت مقاومة الشعب له حينئذ حتى أضطر الى تقديم استقالته {12 من ربيع الأول 1365هـ = 14 من فبراير سنة 1946م} وعلى الرغم من ذلك كله فقد رأى الاخوان تأييد النقراشى باشا فى حكومته الثانية عندما أعلن على الشعب أنه قرر قطع المفاوضات مع الانجليز وعرض القضية على مجلس الأمن أملا أن يبدأ صفحة جديدة من العمل الوطنى .. [أيدوه .. ثم قتلوه!]}

وكان من مظاهر تأييد الاخوان للنقراشى باشا فى هذه الوزارة أنه فيما كان يلقى خطابا فى مجلس الأمن دفاعا عن قضية مصر الوطنية إذا برفعة النحاس باشا زعيم حزب الوفد يبعث ببرقية ضد موقف النقراشى باشا يندد فيها بأن حكومة النقراشى حكومة غير ديمقراطية ويتهمها بأنها حكومة ديكتاتورية، مما حدا بالإمام الشهيد الى إرسال برقية باسم الاخوان هذا نصها".

تعقيـــب:

{هل هذه البرقية مكيدة فى النحاس  أو تأييد للنقراشى أو هدفها مزدوج .. ؟!}

نص برقية التأييد للنقراشى:

"الى جانب رئيس مجلس الأمن وسكرتير هيئة الأمم المتحدة" يستنكر شعب وادى النيل البرقية التى بعث بها الى المجلس والى هيئة الأمم المتحدة رئيس حزب الوفد المصرى ويراها مناورة حزبية لا أثر للحرص على الاعتبارات القومية فيها، سواء كانت حكومة مصر فيها ديمقراطية أو ديكتاتورية، فإن الشعب المصرى يعلن على الملأ أمام هيئة الأمم المتحدة أن ذلك أمر يعنيه وحده، وأنه لا يسمح لأى دولة أجنبية بالتدخل فيه، فله وحده الحق فى أن يختار نوع الحكم الذى يريده، طبقا لميثاق الاطلنطى ومبادئ هيئة الأمم وله وحده الحق فى أن يعرض على حكومته ما يريد وأن يؤاخذها على كل تقصير يراه".

"كما يعلن كذلك أن حقوقه الثابتة فى الجلاء التام عن مصر وسودانه، والحرص الكامل على استقلاله أمر لا يقبل جدالا أو مساومة، وأن الوحدة بين شماله وجنوبه حقيقة واقعة وضرورة لا محيص عنها، ولا يحول بينها وبين الظهور على حقيقتها وروعتها إلا هذه الإدارة الثنائية والتى فرضتها بريطانيا عليه بالإكراه والتى طلبت الحكومة المصرية فى عريضة دعواها الغاءها وأشارت الى بطلان المعاهدة التى سجلتها بريطانيا، والتى لم يرض عنها الشعب المصرى ولم يسلم بها يوما من الأيام".

"وأنتهز هذه الفرصة فأؤكد لأعضاء المجلس والهيئة أن لشعب وادى النيل عظيم الأمل فى لجوءء الأمم والشعوب إليها، وتضاعفت ثقتهم بمبادئ العدالة العالمية ويقظة الضمير العالمى، وانه لن يستقر سلام فى الشرق ولن تهدأ ثائرة شعوب العروبة وأمم الإسلام حتى ينال وادى النيل حقه كاملاً، وليس إرضاء مجموعة من البشر قوامها أربعمائة مليون بالشئ الذى يستهين به الحريصون على الأمن والسلام" توقيع حسن البنا مرشد عام الإخوان...؟ .!.   

{برقية تأييد للنقراشى فى مجلس الأمن، ورصاص فى ظهره فى وزارة الداخلية} ؟؟؟! أيدوه ثم قتلوه !!!}.

وقد قامت الإذاعة المصرية بإذاعة البرقية فى كل نشراتها الإخبارية يومين كاملين، كما سافر الأخ مصطفى مؤمن الى أمريكا موفدا من جبهة الدعاية لوادى النيل ليسمع صرخة وادى النيل فى المجالات الدولية، وخطب من شرفة مجلس الأمن منددا بتواجد القوات البريطانية فى مصر، وقاد مظاهرات من الشباب المصرى فى قلب المدينة يحملون لافتات ضد الاستعمار البريطانى، ونجح فى لفت نظر العالم لقضية وادى النيل.

(ويقول الصباغ أن حكومة النقراشى صرحت للإخوان بجمع السلاح والمفرقعات وتسليمه للهيئة العربية العليا بها، وكذلك صرحت بتدريب وتسليح وسفر المتطوعين عامة والاخوان خاصة الى فلسطين ..).

 

تعقيــب:

{أكبر خطأ من الحكومة أن تسمح لجمعية أهلية بمثل هذا العمل مهما كان شأنها}. ونحن نعانى الآن من سوء تصرفات وزير الداخلية الذى صرح لشبابنا بالسفر الى أفغانستان فى أوائل الثمانينات، وما نحن فيه الآن نتيجة حماس الشباب وجهل المسئولين وأموال الخليجيين ومباركة ودعم فرقة الإخوان فى الداخل والخارج}.

- ويقول محمود الصباغ كان من نتائج سياسة تعاون الاخوان مع حكومة النقراشى باشا الثانية فور إعلانها أنها عزمت على قطع المفاوضات ومنابذة الانجليز فى هيئة الأمم المتحدة.

{ومع ذلك يتهمون النقراشى بأنه خائن بل والأكثر من ذلك يفتون بقتله ويقتلونه وللآن لم يذكر لنا أحد منهم. ولا الصباغ ولا أحمد عادل كمال ولا عساف هل تم قتل النقراشى باشا بتعليمات من حسن البنا أو لا ..؟!}

اعترافات صلاح شادى:

{ويقول صلاح شادى ضابط شرطة جنده حسن البنا وهو ضابط صغير فى كتابه حصاد العمر من ص 92 وحتى ص 99 من كتابه بعد أن استعرض بعض الأعمال الارهابية التى تمت فى مصر عام 1948م وحتى مقتل النقراشى باشا وتحت عنوان "مصرع النقراشى" كتب يقول: ومن هنا نستطيع تصور وقع قرار الحل على نفوس الاخوان والنظام الخاص وعامة الاخوان لندرك ما تلا ذلك من أعمال أسفرت عن قتل النقراشى فى يوم (28 ديسمبر 1948م = 13هـ) بواسطة أحد الإخوان بعد محاولات متعددة ومريرة من جانب المرشد فى تجنب هذه الكارثة، بالإضافة الى الحقائق التى كانت تلقى ظلها على النقراشى بالعمالة للانجليز فى مواقفه المتعددة من حوادث كبرى عباس فى (9 فبراير سنة 1946م) على أيدى الشرطة المصرية تحت إشراف البريطانيين، ثم موقفه كذلك من المظاهرات التى قام بها طلبة الجامعة ضد محادثات الهدنة المقترحة لحرب فلسطين (4 ديسمبر سنة 1948م = 2 صفر 1368هـ) قبل قرار حل جماعة الإخوان بأربعة أيام فقط، وطبعاً جاء قرار الحل هذا رداً عليها وليمهد لأتفاقية (رودس) للهدنة التى وقعت فى (24 فبراير سنة 1949م = 13 ربيع الثانى 1367هـ).

تعقيــب:

{خطاب النقراشى باشا فى مجلس الأمن ضد الانجليز وسام على صدر كل مصرى واذا كان عميلا للانجليز فلماذا تعاونتم معه كما قال الصباغ ..؟!}

{ومن المعروف أن صلاح شادى ضابط شرطة ، وكان رئيس قسم الوحدات، وهو نظام خاص داخل الشرطة، لصالح الاخوان ..؟! وشقيقته متزوجة أحمد المليجى شقيق إبراهيم عبد الهادى باشا الذى تولى رئاسة الوزراء بعد مقتل النقراشى باشا والذى فى عهده قتل حسن البنا أخذا بالثأر فى مقتل النقراشى، كما أن إبراهيم عبد الهادى أمر بنقل صلاح شادى الى أسوان قبل قتل حسن البنا بشهر، وكان إبراهيم عبد الهادى سبق له لقاء حسن البنا عام 1947م = 1366هـ أثناء العزاء فى وفاة والد صلاح شادى، وكان إبراهيم عبد الهادى فى ذلك الوقت رئيسا للديوان الملكى.

- ويقول محمود عبد الحليم فى كتابه (الاخوان .. أحداث صنعت التاريخ)

الجزء الثانى رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق المصرية 5193-1981م، وفى ص 206 وتحت عنوان (نبذه موجزة عن هذه القضايا).

1- قضية اغتيال النقراشى:

وقعت هذه الجريمة فى 28 ديسمبر سنة 1948م = 1367هـ وقبض فيها على الجانى عبد المجيد أحمد حسن الطالب بكلية الطب البيطرى .. وحسب هذه القضية ما كتبناه فى الفصول الأولى من هذه الجزء من الكتاب، فقد أطلنا الحديث فيها عن ظروف هذه الجريمة وأسبابها ودواعيها وعن المسئول الحقيقى عن وقوعها كما أشرنا الى "بيان للناس" الذى أخذوه من  الأستاذ الإمام بدعوى أنه وسيلة لتحسين العلاقات بين الاخوان والحكومة، ولكنهم استعملوه لزلزلة عقيدة المتهم فى هذه القضية .. وقد تزلزلت عقيدته فعلا فبعد أن أعترف بأنه أقدم على هذه الجريمة من تلقاء نفسه تراجع وأخذ يتهم آخرين بالتأثير عليه.

- قرار الاتهام:

وكان محمود منصور بك فى ذلك الوقت هو النائب العام، وكان من المتفانين فى خدمة أغراض الطبقة الحاكمة، حتى أنه كان يريد ضم جميع قضايا الإخوان فى قضية واحدة وتقديمها الى القضاء العسكرى، ولكن نظرا لطول التحقيق وكثيرة عدد المتهمين، مما يحتاج الى وقت طويل فى النسخ والإطلاع والاستعداد، فقد رأوا أن الوقت لا يتسع لنظر هذه القضية فى العام القضائى الحالى الذى ينتهى فى منتصف يونية وإن كان هذا لا يمنع من نظرها خلال العطلة، على اعتبار أن القضايا العسكرية من القضايا التى تنظر على وجه الاستعجال فلا تحول العطلة القضائية دون نظرها ولكن روى أخيرا لتعذر تنفيذ هذه الخطة العدول عنها.

واكتفى النائب العام بعد ذلك بضم بعض المتهمين فى قضية السيارة الجيب وقضية حامد جودة الى المتهمين فى قضية اغتيال النقراشى ووضع تقرير الاتهام فى هذه القضية فى 8 مايو 1949م، وجعل المتهمين فيها 24 متهما، منهم خمسة متهمون فى قتل النقراشى والتسعة عشر الباقون متهمون بالاتفاق الجنائى مع الخمسة للاستيلاء على الحكم بالقوة، واصدر قرار الاتهام على الصورة التالية:-

1-     عبد المجيد أحمد حسن سن 22 سنة، طالب بكلية الطب البيطرى، بسجن الأجانب.

2-   السيد فايز عبد المطلب سن 29 سنة، مهندس ومقاول مبان، بسجن مصر. {قتله الاخوان بعد ذلك عندما أختلف معهم وهو منهم، أنظر ص}

3-     محمد مالك يوسف محمد مالك موظف بمطار القاهرة، هارب.

4-     عاطف عطية حلمى سن 25 سنة، طالب بكلية الطب، بسجن مصر.

5-   سيد سابق محمد تهامى سن 24 سنة، مقرئ دلائل، بسجن مصر وهو الشيخ سيد سابق صاحب كتاب فقه السنة.

6-     أحمد عادل كمال سن 23 سنة، موظف بالبنك الأهلى، بسجن مصر.

7-     طاهر عماد الدين سن 25 سنة، مهندس بشركة كوكينوس، بسجن مصر.

8-           إبراهيم محمود على سن 30 سنة، ترزى بسجن مصر.

9-           مصطفى كمال عبد المجيد أيون سن 26 سنة، ميكانيكى، بسجن الاجانب.

10-       مصطفى مشهور مشهور سن 27 سنة، مهندس بالأرصاد الجوية، بسجن مصر.

{المرشد العام الخامس وهو يرأس الاخوان الآن 1418هـ = 1997م ومن أخطر أعضاء النظام الخاص فى جماعة الإخوان}

11-       محمود السيد خليل الصباغ سن 28 سنة، مهندس بالأرصاد الجوية، بسجن مصر.

12-       أحمد زكى حسن سن 25 سنة، مدرس بمدرسة الجيزة الابتدائية، بسجن مصر.

13-       أحمد زكى محمد حسنين سن 28 سنة، مراقب حسابات شركة المعادن، بسجن مصر.

14-       محمد فرغلى النخيلى سن 29 سنة، تاجر معادن، بسجن مصر.

15-    عبد الرحمن على فراج السندى سن 32 سنة، موظف بوزارة الزراعة، سجن مصر {رئيس النظام الخاص بفرقة الاخوان}.

16-       محمد حسنى أحمد عبد الباقى سن 33 سنة، عضو مجلس مديرية الجيزة، بسجن مصر.

17-       أحمد قدرى البهى الحارتى- سن 21 سنة، مهندس بمصلحة الطيران المدنى، بسجن مصر.

18-       محمد بكر سليمان سن 26 سنة، نساج بشركة النيل للمنسوجات، بسجن مصر.

19-       أسعد السيد أحمد سن 26 سنة، ميكانيكى، بسجن مصر.

20-       محمد سعد الدين السنانيرى سن 28 سنة، مقاول نقل، بسجن مصر.

21-       على محمد حسنين سن 27 سنة، قوموسيونجى، بسجن مصر.

22-       سعد محمد جبر سن 28 سنة، مهندس لاسلكى، بسجن مصر.

23-       محمد محمد فرغلى سن 42 سنة، واعظ بالإسماعيلية، بسجن مصر.

24-       محمد إبراهيم سويلم سن 22 سنة، فلاح، بسجن مصر.

الاول متهم بقتل النقراشى باشا والأربعة التاليون اشتركوا معه بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة، والجميع حتى 24 متهمون فى اتفاق جنائى الغرض منه ارتكاب الجنايات والجنح المذكورة بعد، واتخاذها وسائل للوصول الى الاستيلاء على الحكم بالقوة، واتحدت أرادتهم على الأعمال المسهلة والمجهزة لارتكابها .. وهذه الجرائم هى:

1-     قلب وتغيير دستور الدولة وشكل الحكومة بواسطة عصابات مسلحة .. المادتين 87، 88 عقوبات.

2-   اتلاف سيارات وأسلحة الجيش المصرى المعدة للدفاع عن البلاد، الأمر المنطبق عليه المادة 81 عقوبات.

3-   تخريب المنشأت الحكومية وأقسام ومراكز البوليس ومحطات الإضاءة والمياه وغيرها المادة 90 عقوبات.

4-   قتل عدد كبير من المصريين والأجانب المبينة أسماؤهم بالكشف المرفق عمدا مع سبق الإصرار والترصد، مما ينطبق عليه المواد 230، 231، 232.

5-   تعريض أموال الناس وحياتهم عمداً للخطر، باستعمال القنابل والمفرقعات فى عدد من السفارات والقنصليات الأجنبية وغيرها من الاماكن العامة والخاصة والمأهولة بالسكان والمبينة بالكشف المادة 258 عقوبات.

6-   تعطيل وسائل النقل العامة، بنسف قطارات السكك الحديدية وجسورها وخطوطها ونسف الطرق والكبارى العامة وسيارات الأتوبيس، وتعطيل القوى الكهربائية المولدة لحركة الترام المادة 167 عقوبات.

7-   اتلاف الخطوط التلغرافية الحكومية عمدا فى زمن فتنة، بقطع أسلاكها وقوائمها ونسف أدواتها المادتين 165، 166 عقوبات.

8-   سرقة البنك الأهلى وبعض المحال التجارية بطريق الإكراه باقتحامها بأشخاص مسلحين [مثل ما يحدث من الجماعات هذه الأيام 1997].

9-     إتلاف مبانى شركة قناة السويس.

10-قتل خيول البوليس عمدا.

11-إقامة واستعمال محطات إذاعة سرية.

ثم طلبت النيابة بناء على مواد الأحكام العرفية إحالة القضية الى المحكمة العسكرية.

 

تعقيــب:

{كان يحدث هذا الأربعينيات ولا يزال مستمرا فى التسعينات من القرن العشرين، وإن كان ما يحدث الآن يعد أكبر دعاية ضد الإسلام خارج وداخل بلاد المسلمين، خاصة بعد التطور والتقدم المذهل فى وسائل الاتصال والإعلام. وأين دور الأزهر جامعاً وجامعة مضافا إليه وزارة الأوقاف}

والى متى تعمل هذه الفرق ضد الإسلام وكل الشرفاء فى هذا البلد يرددون قول الحق تبارك وتعالى فى سورة الحديد الآية رقم 16.

(الم بأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) صدق الله العظيم.

ونسأل الله لهم الهداية مع علمنا بان الحق تبارك وتعالى يقول فى الأية رقم 11 من سورة الرعد (إن الله لا يغير ما يقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

- قائمة الشهود:

الطائفة الأولى للشهادة فى حادث قتل النقراشى باشا والطائفة الثانية فى حادث ضبط السيارة الجيب، والثالثة عن ضبط حافظة جلدية مع المتهم مصطفى مشهور بها باقى أوراق الجماعة، الرابعة عن ضبط محطة الإذاعة، والخامسة عن ضبط أسلحة ومفرقعات فى دكان السنانيرى بمصر القديمة، والسادسة عن ضبط أسلحة ومفرقعات وأوراق الجماعة الإرهابية فى مزرعة الشيخ محمد محمد فرغلى بالإسماعيلية.

كما وجدت أوراق لتكوين جماعة لغرض التجسس على جميع الأحزاب السياسية وغيرها من الهيئات كالبوليس السياسى ونقابات العمال وحزب العمال الاشتراكى.

وقد بلغت ملفات التحقيق ألفى صفحة، وتولى التحقيق فيها محمود منصور باشا الذى استحق أن ينعم عليه بالباشاوية ومعه كبار رجال النيابة لتنظر القضية فى دورة يوليو ويترافع فيها محمود منصور باشا بنفسه.

ومعذرة الى القارئ، فقد أتعبت نفسى فى نقل كل هذه البنود، ولابد أنه قد أرهق أيضا بقراءتها، لكننى تحملت وإياه هذه المشقة مرة واحدة لأعفيه من قراءتها مرات بعدد القضايا، فغن هذه البنود التى تفتق عنها ذهن موظف النيابة الذى وكل إليه أمر اختراعها هى التى تضمنتها قرارات الاتهام فى جميع القضايا، ولقد كان مؤسفا وسنة سيئة، اقتفت أثرها الحكومة التى جاءت بعد ذلك حين ارادت أن تنكل بخصومها السياسيين.

وأحيلت هذه القضية الى القضاء العسكرى أمام دائرة عسكرية عليا برياسة محمد مختار عبد الله بك وعضوية غالب بك ومحمد عبد العزيز كامل بك واثنين من العسكريين، ومثل النيابة الاستاذ محمد عبد السلام.

طلب رد رئيس المحكمة:

وقد تقدم المتهمان السابع السيد فايز عبد المطلب والخامس عشر محمد نايل طالبين رد رئيس المحكمة .. فتنحى مؤقتا ونظر أسباب الرد العضوان الآخران فى حجرة المداولة وبعد ساعتين نطقت الهيئة برفض ذلك الرد.

وأخذ الدفاع على رئيس المحكمة أنه قام بدور قاضى التحقيق فى هذه القضية مما يبطل هذا التحقيق، ولكنه رفض رأى الدفاع واصر على مواصلة نظر القضية .. وكان لهذا الرجل مواقف غريبة فى أثناء نظر هذه القضية سنشير اليها فى موضعها إن شاء الله.

وقد استمعت المحكمة فيمن استمعت اليهم من الشهود الى عبد الرحمن عمار .. وقد ناقشة الدفاع فى مذكرة الحل التى كان قد أعدها، والقى مرافعة النيابة محمد عزمى بك النائب العام فى ذلك الوقت، حيث سقطت فى خلال هذه الفترة فجأة وزارة إبراهيم عبد الهادى، فلم يعد لمحمود منصور مكانا فى الحكومة الجديدة التى أرادت أن تظهر للشعب بمظهر المطهر.

وبدأت جلسات هذه القضية فى 27/8/1949م = 3 ذو القعدة 1368هـ وكانت آخر جلساتها فى 25/9/1949م = 2 ذو الحجة 1368هـ، ومعنى هذا أنها لم تستغرق إلا أقل من شهر، وصدر الحكم فيها فى 9/10/1949م = 16 ذو الحجة 1368هـ بإعدام المتهم الأول وبأحكام دون ذلك لبقية المتهمين ومنها البراءة لبعضهم.

ونشر فى الصحف الصادرة صباح يوم الثلاثاء 11 ربيع الأول 1368هـ = 11 يناير 1949م مقال كتبه حسن البنا تحت عنوان (بيان للناس) أكد فيه أن قتله النقراشى ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين.

نص مقال بيان للناس بقلم حسن البنا:

"كان هدف دعوتنا حين نشأت (العمل لخير الوطن، واعزاز الدين، ومقاومة دعوات الالحاد والإباحية والخروج على أحكام الإسلام وفضائله"

"تلك الدعوات التى دوى بوقها وراجت سوقها فى تلك الأيام، وإذا كان ذلك كذلك فما كانت الجريمة ولا الإرهاب ولا العنف من وسائلها، لأنها تأخذ عن الإسلام وتنهج نهجه وتلتزم حدوده ووسيلة الإسلام فى الدعوة مسجلة فى كتاب الله".

(أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)

"القرآن الكريم هو الكتاب الذى رفع من قدر الفكر وأعلى من قيمة العقل وجعله مناط التكليف وفرض احترام الدليل والبرهان، وحرم الاعتداء حتى فى القتال فقال"

(ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)

"والإسلام الحنيف هو دين السلام الشامل والطمأنينة الكاملة والروحانية الصافية والمثل الإنسانية الرفيعة، ومن واجب كل مسلم ينتسب إليه أن يكون مظهرا لهذه الحقيقة التى صورها النبى الكريم (ص) بقوله "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".

"ولقد حدث أو وقعت أحداث نسبت الى بعض من دخلوا هذه الجماعة دون أن يتشربوا روحها أو يلتزموا نهجها مما ألقى عليها ظلا من الشبهة فصدر أمر عسكرى بحلها، وتلا ذلك هذا الحادث المروع حادث اغتيال دولة رئيس الحكومة المصرية محمود فهمى النقراشى باشا، الذى أسفت البلاد لوفاته وخسرت بفقده علما من أعلام نهضتها وقائدا من قادة حركتها ومثلا طيبا للنزاهة والوطنية والعفة من أفضل أبنائها، ولسنا أقل من غيرنا أسفا من أجله وتقديرا لجهاده وخلقه."

"ولما كانت طبيعة دعوة الإسلام تتنافى مع العنف بل تنكره، وتمقت الجريمة مهما يكن نوعها وتسخط على من يرتكبها فنحن نبرأ الى الله من الجرائم ومرتكبيها".

"ولما كانت بلادنا تجتاز الآن مرحلة من أدق مراحل حياتها مما يوجب أن يتوفر لها كامل الهدوء والطمأنينة والاستقرار وكان جلالة الملك المعظم حفظه الله قد تفضل فوجه الحكومة القائمة وفيها هذه الخلاصة من رجالات مصر هذه الوجهة الصالحة، وجهة العمل على جمع كلمة الأمة وضم صفوفها وتوجيه جهودها وكفاياتها مجتمعة لا موزعة الى ما فيه خيرها وصلاح أمرها فى الداخل والخارج، وقد أخذت الحكومة من أول لحظة تعمل على تحقيق هذا التوجية الكريم فى إخلاص ودأب وصدق، وكل ذلك يفرض علينا أن نبذل كل جهد ونستنفد كل وسع فى أن نعين الحكومة فى مهمتها ونوفر لها كل وقت ومجهود للقيام بواجبها والنهوض بعبئها الثقيل، ولا يتسنى لها ذلك بحق إلا إذا وثقت تماما من استتباب الأمن واستقرار النظام. والعمل على استتباب الأمن واستقرار النظام واجب كل مواطن فى الظروف العادية فكيف بهذه الظروف الدقيقة الحاسمة التى لا يستفيد فيها من بلبلة الخواطر وتصادم القوى وتشعب الجهود إلا خصوم الوطن وأعداء نهضته".

"لهذا أناشد إخوانى فى الله والمصلحة العامة أن يكون كل منهم عونا على تحقيق هذا المعنى وأن ينصرفوا الى أعمالهم ويبتعدوا عن كل عمل يتعارض مع استقرار الأمن وشمول الطمأنينة حتى يؤدوا بذلك حق الله والوطن عليهم".

والله نسأل أن يحفظ جلالة الملك المعظم ويكلأه بعين رعايته ويسدد خطى البلاد حكومة وشعبا فى عهده الموفق إلى ما فيه الخير والفلاح آمين {إنتهى}.

اعتراف القاتل:

وبعد أن قرأ عبد المجيد أحمد حسن فى نفس اليوم هذا المقال قال: عجبت كل العجب بعد أن قرأت (بيان للناس) وعلمت أن هيئة كبار العلماء، أصدرت بيانا عن هذا الحادث فاطلعت عليه، وعقب ذلك أردت أن أعلن جميع أفراد النظام الخاص بأنه غرر بنا ولست وحدى كان نفس التأثير الذى وقع على وقع عليهم، لا أعلم إذا كان واقعا عليهم الى الآن أم لا، وكنت أعتقد حسب تعاليم النظام الخاص أن كل أمر يكلف بارتكابه أفراد نظامنا يوافق عليه حسن البنا شخصيا بصفته القائد لهذا النظام.

وقال القاتل:

عبد المجيد احمد حسن (وأعتقد أن المسئول الأول عن جميع هذه الحوادث هو حسن البنا بشخصه، ولكن لا أملك سوى أدلة سماعية فقط. وقال عبد المجيد حسن أمام النيابة أن خطة اغتيال رئيس الوزراء وضعت يوم 18 ديسمبر واتفق على التنفيذ فى 23 ديسمبر ثم أرجئ التنفيذ الى أن تتخذ التدابير لحماية الشيخ حسن البنا إذا اتجه التفكير الى قتله انتقاما لاغتيال النقراشى. وقال عبد المجيد أن محمد مالك الموظف بمطار الماظة قال له أن قال له أن قرار الحل يعتبر تحديا للجماعة وجرحا لهيبتها وجرأة من جانب الدولة ولابد من أن تغسل بالدم هذه الإهانة وقال مالك:

الناس ينتظرون عملا يقوم به الإخوان ضد من حل الجماعة، فاقترح أحد أعضاء الجهاز مهاجمة منزل النقراشى، فرد مالك قائلا الشيخ البنا لا يريد أن يضحى بأكثر من واحد مقابل أغتيال النقراشى ..

تعقيــب:

{إذا بهذا الاعتراف يكون حسن البنا كان على علم بكامل تفاصيل الخطة} ولقد أدت اعترافات عبد المجيد حسن الى القبض على خمسة من الإخوان بتهمة الاشتراك والاتفاق والتحريض، منهم الشيخ السيد سابق.

وبعد ذلك اعترف عبد المجيد على تسعة آخرين من الذين اشتركوا فى هذه الجريمة البشعة لقتل نفس مؤمنة.

اجمالي القراءات 9946