عرض مقدمة ابن خلدون:ب6:(ف13: 16)العلوم العقلية والعددية والهندسية والفلكية

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١٦ - سبتمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 كتاب مقدمة إبن خلدون: دراسة تحليلية 

القســــــم الأول : عـرض مقدمــــــــــة إبن خلــــــــــــدون

 تابع  الباب السادس في ثقافة العمران في العلوم وأصنافها والتعليم وطرقه وسائر وجوهه ومايعرض في ذلك كله من الأحوال وفيه مقدمة ولواحق

                                           الفصل الثالث عشر

                                        العلوم العقلية وأصنافها

عمومية العلوم العقلية

     العلوم العقلية لاتختص بملة الإسلام وإنما هي عامة للبشر منذ الخليقة .

     وتنقسم إلى : (1) علم المنطق ، وهو علم يعصم الذهن عن الخطأ ، (2) العلم الطبيعي الذي يبحث في المواد من المعدن ، والنبات والحيوان والفلك والحركات الطبيعية والنفس (3)الإلهيات ، وتتخصص في ما وراء الطبيعة من الروحانيات (4) التعاليم وهي النظر في المقادير .

أقسام التعاليم

وتنقسم التعاليم إلى أربعة علوم :

(1)الهندسة : وهي النظر في المقادير مطلقا سواء كانت منفصلة أومتصلة ذات البعد الواحد فهو الخط ، أو ذات بعدين كالسطح أوثلاثة أبعاد وعلاقاتها ببعضها .

 (2 )العدد ( الأرتماطيقي ): وهو معرفة ما يعرض للكم وعلاقته بالخواص والعوارض وينقسم إلى الحساب والفرائض والمعاملات .

(3) الموسيقى : وهو معرفة نسب الأصوات والنغم بعضها من بعض وتقديرها بالعدد ، وذلك لمعرفة الألحان .

(4) الهيئة ( الفلك ) وهو تعيين أشكال الأفلاك وحصر أوضاعها وتعددها لكل كوكب ، ومن فروع الهيئة ما يعرف بالأزياج ، وهي قوانين لحساب حركات الكواكب وتعديلها للوقوف على مواضعها.

العلوم العقلية قبل الإسلام

    وظهرت هذه العلوم لدى الفراعنة والسريانيين والكلدانيين ، ولاتزال آثار الفراعنة شاهدة بذلك في البراري ( في الصعيد) وأصبحت تصنف في بند السحر المحرم . وانتقلت تلك العلوم إلى الفرس  والروم . وازدهرت هذه العلوم لدى الفرس ، ويقال إنها وصلت منهم لليونان بعد حملة الأسكندر الأكبر ، والمشهور أن اليونانيين حملوا مشعل العلوم وظهر فيهم المشاءون وأبقراط إلى أرسطو وأفلاطون . وكان أرسطو معلما للأسكندر الأكبر، وبعد زوال عظمة اليونان ورثهم الرومان ، وبعد اعتناق الرومان للنصرانية هجروا فلسفة اليونان ، وبقى تراث اليونان إلى أن جاءت الفتوحات إلى مصر والشام والعراق.

العلوم العقلية في عصر الإسلام

     وحين فتح سعد بن أبي وقاص فارس إستشار عمر في أمر الكتب الكثيرة فأمر بتدميرها فذهبت علوم الفرس ولم تصل إلينا .

     وفي عصر أبي جعفر المنصور حيث دخل المسلمون في عصر الحضارة إستورد كتب الفلسفة من ملك الروم ، ثم أقام المأمون نهضة علمية باستنساخ وترجمة التراث اليوناني ، وعكف عليها العرب والمسلمون وغيرهم . وظهر الفلاسفة المسلمون كالفارابي وإبن سينا وإبن رشد وإبن الصائغ ، وأثير الجدال حول هذه العلوم . ثم تناقصت تلك العلوم في المغرب بتناقص حضارته وبقيت في المشرق مع بقاء حضارته . ويقول إبن خلدون " ولقد وقفت بمصر على تآليف متعددة لرجل من عظماء هراة" يقصد سعد الدين التفتازاني ، ويقول أنه علم أن بلاد الفرنجة تزدهر فيها العلوم العقلية والفلسفية بمدارسها وطلبتها وأساتذتها.

                                       الفصل الرابع عشر

                             العلوم العددية

الأرتماطيقي  Arithmatic's

 وهو معرفة خواص الأعداد من حيث التأليف إما على التوالى أو بالتضعيف ، وله قوانين ، مثل أن الأعداد إذا توالت متفاضله بعدد واحد فإن جمع الطرفين منها مساو لجمع كل عدد بعدهما من الطرفين بُعد واحد . ومثل : أن الأعداد إذا توالت على نسبة واحدة يكون أولها نصف ثانيها وثانيها نصف ثالثها ، الخ . ومثل مايحدث من الخواص العددية في وضع المثلثات العددية والمربعات والمخمسات والمسدسات إذا وضعت متتالية في سطورها بأن يجمع من الواحد إلى العدد الأخير فتكون مثلثة ، وتتوالى المثلثات هكذا في سطر تحت الأضلاع ، ثم تزيد على كل مثلث ثلث الضلع الذي قبله فتكون مربعة وتزيد على كل مربع مثلث الضلع الذي قبله فتكون مخمسة وهلم جرا ..

    والأرتماطيقي أول أجزاء التعاليم ، ويدخل في براهين الحساب. وللحكماء المتقدمين فيه مؤلفات ، وأكثرهم يدرجونه ضمن التعاليم ولا يفردونه بالتأليف، كما فعل إبن سينا في كتاب الشفاء والنجاة . والمتأخرون هجروه واستخلصوا زبدته في البراهين الحسابية كما فعل إبن البناء في كتاب رفع الحجاب .

صناعة الحساب :

هو حساب الأعداد بالضم أي الجمع والضرب وبالتفريق أي الطرح والقسمة في العدد الصحيح أو الكسر وجذور الأعداد . ويقول إبن خلدون أن الحساب صناعة علمية جديدة إحتيج إليها في التعامل بين الناس ووضعت فيها المؤلفات ، وجرى تعليمها للنشء ، ومن الأفضل الإبتداء بتعليمها للأطفال حيث يتعلم الطفل من خلالها الصدق ، كما أنه ينشأ عنها في الغالب عقل مضئ يلتزم بالصواب . ومن المؤلفات في الحساب في المغرب في عصر إبن خلدون لإبن البناء المراكشي تلخيص كتاب الحصار الصغير،وشرحه بعنوان" رفع الحجاب "

الجبر والمقابلة :

وهو إستخراج العدد المجهول من المعلوم المفروض إذا كان بينهما نسبة تقتضي ذلك ، بأن جعلوا للمجهول مراتب بالتضعيف بالضرب ، أولها العدد وثانيها الشئ المجهول وثالثها المال وهو مبهم ، وما بعد ذلك فعلى الإس في المضروبين ثم يقع العمل المفروض في المسألة فتخرج إلى معادلة ، ويتم حل المعادلة . والخوارزمي أول من كتب في الجبر ، ثم أبو كامل شجاع بن أسلم الذي وضع المسائل الست في الجبر ، وشرح كتابه كثيرون من الأندلس ، ومنهم القرشي ، ومنهم من وضع مسائل بلغت فوق العشرين واستخرج لها أعمالا وبراهين هندسية .

المعاملات :

 وهي تصريف الحساب في معاملات المدن في البيع والمساحات والزكاة وغيرها . أي تطبيق معرفة الحساب والجبر في التعامل الإقتصادي ، وهذا التطبيق يدرب العقل ، وهناك مؤلفات في هذا المجال في الأندلس منها معاملات الزهراوي وإبن السمح وأبي مسلم إبن خلدون.

الفرائض :

هو تصحيح الأسهم في الميراث عن طريق الحساب ، خصوصا عند تعقد مسائل الميراث بتعدد الورثة أو هلاك بعضهم أو زيادة الفروض على الأسهم مثل العول ، أو إنكار بعضهم ، ولذلك فهي صناعة تجمع بين الفقه والحساب ، ويورد أصحابها أحاديث تمدح ذلك العلم مثل " الفرائض ثلث العلم"  " وأنها أول مايرفع من العلوم "  . ويرى إبن خلدون أن تلك الأحاديث في الفرائض العينية وليست في فرائض الميراث . وذكر إبن خلدون مؤلفات عديدة في الميراث تدور حول الشرح والتلخيص .

                                           الفصل الخامس عشر

                                             في العلوم الهندسية

معنى الهندسة

    هي النظر في المقادير المتصلة ( الخط المستقيم ، السطح ، الجسم ) أو المنفصلة ( الأعداد وعوارضها مثل : زوايا المثلث قائمتان ، الخطان المتوازيان لا يلتقيان ، الزوايا المتقابلة متساوية).

كتاب إقليدس في الهندسة

   وكتاب إقليدس عمدة الهندسة وقد ترجم للعربية في عهد أبي جعفر المنصور ، وله  عدة تراجم مختلفة حسب المترجمين ( حنين بن اسحق ، ثابت بن قرة ، يوسف بن الحجاج ) ويشتمل على خمس عشرة مقالة في المساحات والعدد والجذور والمجسمات والمنطقات ، وتعرض كتاب إقليدس للشرح والإختصار ، اختصره إبن سينا في الشفاء وإبن الصلت في الإقتصاد ، وشرحه كثيرون . ويرى إبن خلدون أن  الهندسة تضئ العقل ويعتدل بها الفكر لاستقامتها ووضوحها.

الهندسة الكروية والمخروطية ( الميكانيكا )

      في الهندسة الكروية كتابان يونانيان ، الأول منهما لثاودوسيوس والآخر تأليف ميلاوش ، ويرى إبن خلدون أنهما ضروريان لمن يتعلم علم الهيئة ( الفلك )

     والهندسة المخروطية تنظر في الأجسام المخروطة ومايعرض لها ببراهين هندسية ، وهي مفيدة في النجارة والبناء والتماثيل وجر الأثقال ونقل الهياكل ، وكتب مؤلفون في الحيل العلمية بما يتضمن الصناعات الغريبة .

المساحة :

هو فن قياس الأرض بالشبر أو الذراع ، وهو علم مفيد في فرض الضرائب على الزراعة وتقسيم الميراث في الأراضي والبناء.

المناظرة الهندسية (الضوء)

علم يبحث أسباب الخطأ البصري ، ورؤية ماتحت الماء أو الأشياء الشفافة ، واختلاف مناظر القمر باختلاف العروض ، ورؤية الأهلة والكسوف والخسوف ، وإبن الهيثم أشهر من كتب في هذا العلم .

                                      الفصل السادس عشر

                                            في علم الهيئة ( الفلك )

ماهية علم الهيئة وموضوعاته

    يبحث علم الهيئة في حركات الكواكب الثابتة والمتحركة والمتحيزة ليستدل منها على أشكال الأفلاك وأوضاعها بطرق هندسية ، ويبرهن على الإختلاف بين مركزي الأرض والشمس ويبرهن على وجود أفلاك تحمل الكواكب داخل الفلك الأعظم ، ويبرهن على وجود فلك ثامن وتعدد الأفلاك للكوكب الواحد بتعدد ميل المحاور .

الرصد اليوناني وفي الإسلام

    ويتم البرهان عن طريق الرصد للحركات الكوكبية وأجناسها ، واعتنى اليونانيون بالرصد واتخذوا له الآلة المسماه ذات الحلق ، وتناقلها الناس عنهم ، وظهر الإهتمام بالرصد في خلافة المأمون حيث صنعت آلة ذات الحلق ، وفتر الإهتمام بعد المأمون .

وعلم الهيئة يعطي صورة للسماء والكواكب والأفلاك ، وليس حقيقتها الواقعية ، واستدل إبن خلدون على هذه المقولة بدليل عقلي .

المجسطي أحسن المؤلفات في علم الهيئة

    وأفضل المؤلفات في علم الهيئة هو المجسطي لبطليموس ، وقد اختصره علماء المسلمين مثل إبن سينا في الشفاء وإبن رشد وإبن السمح وإبن الصلت وإبن الفرغاني .

علم الأزياج

    ومن فروع علم الهيئة علم الأزياج ، وهو صناعة حسابية تقوم على قواعد حسابية تخص كل كوكب وحركته وسرعته وبطئه ، وله قوانين في معرفة الشهور والأيام والتواريخ الماضية ، وتوضع في جداول مرتبة تسمى بالأزياج .

والتقويم هو إستخراج مواضع الكواكب في أوقات معينة عن طريق تلك الأزياج .

المؤلفات في علم الأزياج

     وأظهر من كتب في الأزياج البتاني وإبن المكماد ، واعتمد المغاربة في عهد إبن خلدون على زيج إبن اسحق ، ويقال أن إبن اسحق أخذه عن يهودي صقلي كان ماهرا في هذا العلم ، ولخص إبن البناء كتاب ابن اسحق وسماه المنهاج . ويحتاج التنجيم إلى علم الأزياج في معرفة تأثير الكواكب على أحوال الناس .

اجمالي القراءات 13986