حوار فى فهم آيات من سورة التحريم -2

سلمى على في السبت ٠٥ - سبتمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 

بسم الله الرحمن الرحيم .

هذا هو الحوار الثانى بينى وبين بابا فى فهم  آيات من سورة التحريم بعد  قراءة الآيات وترديدها  أكثر من مرة  . وقد طلب منى أن اقول اللى فهمته من الآية الاول  وبعد كده يصحح لى ويزود عليه .علشان اتعود على فهم القرآن بنفسى واحدة واحدة .ومش عارفه هو مستعجل على ليه كده  ؟

يقول ربنا سبحانه وتعالى  اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ 6---يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ  -7-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ -8.) التحريم

يقول ربنا سبحانه وتعالى .(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)

سلمى .

هذا خطاب للذين أمنوا .

بابا ..

نداء من المولى عزّ وجل للذين آمنوا بالله مع النبى عليه السلام فى عصره ، وللمؤمنين من بعده إلى يوم القيامه الذين آمنوا حق الإيمان ،بإخلاصهم دينهم له سبحانه  ،وأنه صاحب الملك والملكوت ،والأمروالنهى فى الدنيا والآخرة .

يقول ربنا سبحانه وتعالى .(قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا)

سلمى ..

ما أعرفش معنى (قوا) .لكن ممكن تكون بمعنى خافوا انتم وأهليكم من النار .

بابا ..

انت قربتى  من المعنى . لكن قوا بمعنى إحموا أنفسكم وجنبوها المخاطر. زى  لما يكون عندنا يوم برد جامد ودرجة الحرارة  تحت الصفر ،والثلوج تتساقط . فماذا نفعل . نحمى انفسنا بلبس جواكت ثقيلة لا تسمح بدخول الهواء البارد ،ولا الثلوج منها  لأجسامنا واحنا  فى الشارع .وتحمينا من البرد والصقيع  .وهذه هى الوقاية . فكذلك علينا أن نعمل على حماية  ووقاية  أنفسنا وأهلنا وأولادنا الذين نعولهم  فى الآخرة من النار وعذاب النار بالإيمان بالله وعمل الصالحات .

يقول ربنا سبحانه وتعالى .(وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ).

سلمى ..

مواد إشتعال النار المُستمر ة  هى الحجارة  و الناس اللى ماتوا على كفرهم بالله .زى الغاز او البترول اللى بنولع به البوتجازات  دلوقتى  .

يقول ربنا سبحانه وتعالى ..(عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)

سلمى ..

حراس النار نوع من الملائكة الغلاظ  الذين لا يبتسمون .وشداد أقوياء وأقوالهم وتصرفاتهم عنيفة .لا يستطيع معها  أحد من اهل النار الهروب  منهم أو يكسر اوامرهم أو يقاوم  تعذيبهم . وملائكة النار كمان  لا يعصون اوامر الله فى حراستهم المستمرة  للنار وتعذيب اهلها وغلق ابوابها عليهم .ودايما ينفذوا الأوامر الجديدة التى يتلقونها من  ربنا سبحانه وتعالى .

بابا ....

خلى بالك كمان يا سلمى . أن الآية الكريمة بتعرفنا أن ملائكة حراسة النار لا تأخذ اوامرها من أى مخلوق .بل من الخالق سبحانه وتعالى . يعنى لا توجد اوامر من حد تانى . بمعنى الناس التى تتخيل أن النبى محمد عليه السلام يستطيع أن يأمر ملائكة النار بتخفيف العذاب عن بعض المسلمين أو إخراجهم من النار .هذا لن يحدث .لأن الملائكة لا يأخذون اوامرهم إلا من الله جل جلاله وحده ،ولا توجد اى إشارة تشير بأن النبى محمد عليه السلام له تدخلات مع ملائكة النار .

.. وكمان خدى بالك .أن الآيات الكريمة أخذتنا فى لمح البصر إلى صورة وإلى جزء من واقع غيبى يمر امام اعينا وكأنه مقطع من فيلم سينمائى عما  سيحدث للكافرين يوم القيامة .وعن شكل ملائكة الناروما يدور فيها  .ولذلك امر ربنا سبحانه وتعالى المؤمنين أن يقوا ويحموا انفسهم من هذا المنظر الحقيقى  المرعب لجهنم  .

يقول ربنا سبحانه وتعالى .(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ).

سلمى ..

يا ايها الكافرون .اليوم ليس يوم تقديم الأعذار والأسف . فلا فائدة من تقديم إعتذاراتكم .

بابا ...يوم الحساب هو يوم الجزاء على الأعمال .سواء كانت صالحة او طالحة .وقد كانت امام الناس  جميعا فرص كثيرة للتوبة والإستغفار وتقديم الأعذار إلى الله .وطلب العفو و الغفران منه سبحانه قبل الموت .لكن بعد الموت فلا اعذار لأحد  ،وإنما  نتيجة لإمتحان و جزاءا على الأعمال  إما بالثواب او العقاب وجنة ونار .

يقول ربنا سبحانه (إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)

سلمى ..

ستدخلون النار لأنكم كفرتم بالله .

بابا .

وكمان يا سلمى .الجزاء سيكون من جنس العمل .بمعنى أن السيئات والذنوب والمعاصى التى إرتكبها الكافرون فى الدنيا ولم يتوبوا عننها قبل موتهم .ستتحول إلى كُتل من العذاب داخل  اجسادهم ،اوعليها .او ممكن تكون هى اجسادهم نفسها التى سيدخلون بها النار وتكون هى طريقة  العذاب نفسه .

يقول ربنا سبحانه .(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا).

سلمى ..

خطاب للمؤمنين بأن يتوبوا ويستغفروا ربنا توبة مخلصة لا يعودون  بعدها للمعاصى مرة تانية .

بابا ..

هذا صحيح ..وكمان يا سلمى لازم نعرف أن الإيمان ليس  له مستوى  ثابت  ، لا ده عامل زى الزئبق اللى موجود فى الترمومتر . يعنى طالع نازل حسب درجة الحرارة . فكذلك بيزيد بالطاعات ،ويقل وينقص بالمعاصى . فلذلك دائما ستجدى هناك آيات قرآنية تطالب المؤمنين بالإستغفار والتوبة من المعاصى لكى يرفعوا درجة إيمانهم ،ويُكفروا أو يشيلوا شوية من درجات عصيانهم ويخففوا من ذنوبهم .. وكمان فى حاجة مهمة ... هذا دليل على أنه لا يستطيع أحد أن يحكم على أحد بانه مؤمن ثابت الإيمان طول عمره أو على أن الصحابة تحديدا كانوا مؤمنين عدول أو أن كل  كلامهم صح على طول  .ولم يكذبوا على الله أو يعصوه فى رسالته .

سلمى .

مش فاهمة النقطة الآخيرة دى .

بابا ..

بعدين افهمها لك .دى خاصة بعلم الحديث والبخارى .

سلمى

أوك .اوك .

يقول ربنا سبحانه وتعالى .(عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَار)

سلمى ..

يمكن لما تتوبوا إلى الله توبة خالصة يشطب معاصيكم ويمسحها من سجلات اعمالكم .وتدخلوا الجنة  وتخيلوا لو كل واحد عنده قصر اوحتى بيت صغير فى الجنة على شط نهر او على شط بحر كده من انهار الجنة .يا سلام .مش احسن من ان يكون عند ملائكة النار اللى حتى ما بيضحكوش ،ومحبوس بيتعذب والنار بتاكل فى جلده ومش عارف يطلع منها .

يقول ربنا سبحانه وتعالى .( يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

سلمى ..

ده وعد من الله للنبى عليه السلام والمؤمنين كلهم معه .يوم القيامة الا يُخزيهم ولا  يلحقهم أى عار او خجل  من أى عمل سىء نهائى.  وكما ان اعمال الكفار هى خزى وعار عليهم وحيتعذبوا بها وبسببها فإن الإيمان بالله  والأعمال الصالحة حتكون فخر وعزة وإنتصار  ونور حوالين النبى والمؤمنين  وسيدخلون الجنة بها ،وكمان حيكون عندهم فرصة يدعوا ربنا ويطلبوا منه سبحانه وتعالى ان يغفر لهم ما تبقى من اعمالهم  السيئة  الموجودة فى سجلاتهم علشان يُتم عليهم نورهم ويزدادوا نورا ويدخلوا به الجنة . وسبحانه وتعالى قدير على غفران ذنوبهم وتحويلها من سيئات إلى مزيد من النور الذى طلبوه .

بابا ..

عظيم يا سلمى ....يوم القيامة .سينقسم الناس إلى فريقين . فريق حق عليه  الخزى والعار والخجل والكسوف والذل  بسبب كفره وإتباعه للشيطان وأعماله السيئة وعصيانه لرب العالمين ،ومعه الذين غلبت معاصيهم  حسناتهم من المسلمين  .فسيكون مصيرهم جميعا  هو  النار خالدين  فيها .

وفريق حقت عليه رحمة الله ورضوانه  فإستحق  النعيم والنورالمحيط به  من كل جانب  .وهذا يضم  المؤمنين  بما فيهم الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ومن حسن معهم رفيقا .وهذا الفريق سيكون هو أهل الجنة .

الخلاصة ::

سلمى ..

1-على المؤمنين بالله حق الإيمان أن يستجيبوا لأمر الله  ويعملوا على وقاية انفسهم ومن يعولون من عذاب الله وده  بالإيمان بالله  والعمل الصالح .

2--صفات ملائكة النار صفات  حقيقية ومُخيفة ومرعبة .

3- ليس هناك وقت ولا مجال للإعتذارعن المعاصى يوم القيامة .

4-هناك نداءات  وفرص دائمة  للمؤمنين بالتوبة والإستغفار من الذنوب والمعاصى .

5--النبى عليه السلام والمؤمنين حيكونوا بعيد عن الخزى والعار ،لكن الكافرين حيكونوا  فى موقف صعب و سىء للغاية .  فكر كده  مع نفسك أو فكرى مع نفسك .تحب تكون مع مين فى يوم القيامة ؟

بابا ..

من كل الآيات السابقة التى تحدثت عن ملمح من ملامح  يوم الحساب  لم نجد فيها مشهدا واحدا يُخبرنا عن ان هُناك  طلبا من النبى عليه السلام  بالشفاعة لأهل النار .بل على العكس.فالنبى نفسه،والمؤمنون جميعهم كانوا  مشغولين بدعاء رب العالمين بأن يُتم عليهم نورهم ،ويُكفرعنهم سيئاتهم ويُدخلهم الجنة التى عرفها لهم ، فأين إذن هى الشفاعة المزعومة التى قالوا عنها فى رواية (شفاعتى لأهل الكبائر من أمتى ) . طيب ما أهل الكبائر دخلوا النار والموضوع خلص خلاص .

اجمالي القراءات 10308