الإعلام الجديد وإختلاط الزيت بالماء

شادي طلعت في الثلاثاء ١١ - أغسطس - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

كتابي هذا يدور حول مؤسسات الدولة الأمنية، ودورها في الإعلام الجديد، تحديداً فيما بعد 30 يونيو 2013م، ولا يخص أي عهد سابق.
 
بعد ثورة 25 يناير، وقفت الدولة بمؤسساتها الحديدية تتعجب، غير مصدقة لما آلت إليه الأوضاع، وباتت مؤسسات الدولة تبحث عن الأسباب التي ادت إلى قيام ثورة يناير، وفرض سؤال نفسه عليهم، هل الأوضاع كانت هي السبب للثورة، أم الإعلام الجديد.
 
وفي النهاية إقتنعت الدولة بمؤسساتها الأمنية، بأن الإعلام الجديد، كان سبباً رئيسياً لقيام الثورة، وإتجهت الأنظار إلى الفيس بوك وتويتر، بإعتبارهما من وسائل التواصل الإجتماعي المهمة والتي كانا لهما دور في إشعال الثورة.
 
وكان من نتاج تقارير مؤسسات الدولة الأمنية، من مباحث أمن الدولة والمخابرات العامة والمخابرات العسكرية، أنه لابد من مواجهة الثوار بنفس السلاح الذي حمله الثوار، وهو وسائل التواصل الإجتماعي، والإعتماد على الصحافة الإلكترونية، فبدأ المجلس العسكري بعمل صفحة رسمية له عبر الفيس بوك، وسار على خطاه فيما بعد، باقي مؤسسات الدولة، من محافظات ووزارات.
 
وقد كان عِلمُ مؤسسات مصر الأمنية حديثاً بالإعلام الجديد، ولم يتعجب الثوار من حداثة تلك المؤسسات التي جاءت متأخرة، إلا أن كافة الثوار، لم يعترضوا على إقحام المؤسسات العميقة للدولة نفسها في وسائل الإعلام الجديد، بل على العكس شجع الثوار تلك المؤسسات، على التواصل مع الشعب عبر الإعلام الجديد.
 
إلا أن تعامل مؤسسات الدولة مع الإعلام الجديد، لم يكن كله خيراً أو صدقاً، فقد قامت مؤسسات الدولة الأمنية بإنشاء اللجان الإلكترونية، بعد أن فهمت مدى وتأثير الإعلام الجديد، وأصبحث مؤسسات الدولة تروج لما يصب في مصلحتها، وأصبحت لجانها الإلكترونية، محارباً لا يقل ضراوة عن جنود تلك المؤسسات الحاملين للسلاح.
 
فقد بدأ فرض أشخاصاً بعينهم، لكن في هذه المرحلة وما بعد 30 يونيو 2013م، جميعهم عسكريون، منهم من لا زال في الخدمة ومنهم من تقاعد، وبدأ فرضهم بالقوة والإجبار، في الوقت الذي يتم فيه الطعن في وطنية كل من يعترض على العسكر أو حكمهم.
 
إلا أنه وبعد 30 يونيو 2013م أيضاً، لم تكتفي مؤسسات الدولة الأمنية بالدخول بالعمل الجاد في الإعلام الجديد، بل تطور الأمر إلى أن العاملين في الصحافة الإلكترونية، لم يعودوا صحفيون محترفون، بل أصبحوا إما ضباطاً أمنيون منهم السابقون ومنهم من لا زال في الخدمة.
 
من هنا لا نتعجب من نوعية الأخبار أو التحقيقات التي أصبحت تخرج للمواطنين، إذ أن الطابع الأمني يصبغ عليها، ونجد في تلك الأخبار والتحقيقات عدد من السمات مثل : اللامهنية والركاكة والصفاقة أحياناً وجميع الأخبار والتحقيقات عبارة عن مباخر للرئيس/ عبدالفتاح السيسي، الرئيس الملهم، والمنزل من السماء !
 
مما سبق يتضح لنا أن مصر التي كنا نظن أنها تخلصت من تسلط الأمن فيها على شيء كبير أو صغير، يتضح لنا أن مصر عادت دولة أمنية بكل المقاييس، وأنا هنا لست ضد مؤسسات الدولة الأمنية، بل على العكس، أقر بأن لها دور مهم في حياة البلاد والعباد، وسعيت طويلاً لأن يكون لتلك المؤسسات إحترامها، لكن يبدو أنها لا تريد أن تكتسب إحتراماً، بل تريد أن تكتسب مهابة ! 
 
في النهاية أريد أن أقول :
إن مؤسسات الدولة الأمنية، إنشغلت بصراع مع الشباب حتى لا تقوم ثورة جديدة، فأقحمت ضباطها بالعمل في الإعلام الجديد وهو عمل لا يستتب أبداً فهو كخلط الزيت بالماء ! ومرتبات الضباط ذات الأرقام الفلكية، يدفعها فقراء مصر وأثرياء الإمارات العربية المتحدة.
 
في النهاية لا يصح إلا الصحيح، وأرسل برسالة إلى مؤسسات الدولة الأمنية مفادها : ليست السيطرة على مقاليد الإعلام الجديد حلاً، وليس لإقحامكم أنفسكم في مجال العمل بالإعلام الجديد حلاً، ولستم بما تفعلون تحافظون على إستقرار الدولة، أو سلطان السيسي كما تعتقدون.
 
إن الحل يا سادة في إحداث تغيير جذري، لصالح الشعب، الذي لم يشعر حتى تاريخه بأي تغيير، وأقولها وكل إخلاص للوطن ولكم يا مؤسسات الدولة الأمنية : إن صدقت نواياكم لإصلاح الوطن، بدون زيف أو خداع، فستصيبون كبد الحقيقة، وستحققون الإستقرار المرجو، أما وإن ظللتم على نفس النهج، فلا تتعجبوا إن حدثت ثورة قادمة.
 
وعلى الله قصد السبيل
 
شادي طلعت
اجمالي القراءات 10418