ألا يكون قوم الرسول، هم في حاجة ماسة إلى الخضوع إلى عملية شق الصدور وتحرير القلوب من أقفالها

يحي فوزي نشاشبي في الثلاثاء ١٧ - فبراير - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن  الرحيم

 

ألا  يكون  قوم  الرسول،  هم  في حاجة ماسة  إلى الخضوع إلى  عملية  شق الصدور وتحرير القلوب  من  أقفالها.

 

كانت  المرشدة تشرح من خلال  المذياع  " الراديو "سورة الشرح (ألم نشرح  لك صدرك)، وإن أول ما  أثار الإنتباه ، قولها  إنّ النبي (عليه الصلاة والتسليم )

عندما كان طفلا، يلعب ويرتع بالبادية مع أقرانه، خضع إلى تدخل ملكين اثنين، شرعا  في إجراء عملية جراحية  له، حيث أخذاه فشقا صدره  وأخرجا منه قلبه، أي قلب محمد "الطفل" فنزعا من قلبه ما نزعا، وغسلا القلب بالماء والبرد، وأرجعاه إلى مكانه بداخل الصدر... وما إلى ذلك من تفاصيل  وجزئيات  مذهلة. 

وبعد ما روته هذه المرشدة جاء دور مرشد آخر مؤيدا أقوالها ، بل ومضيفا عليها ما رآه  من تفاصيل  وجزئيات مذهلة هي الآخرى، ومنها أن الطفل " محمد " شملته عملية جراحية  ثانية قام بها  ملكان اثنان أو  أكثر، في مناسبة  أخرى.

ــ وإن المرء، عندما يسمع هذه التفاصيل أو يقرأها، فإنه - لا محالة -  لا يمكن أن يفلت من تلك التساؤلات التي ترفع رأسها وتتزاحم مطلة، ولسان حالها  يقول:

ــ من أين أتى هؤلاء المرشدون، الفقهاء، المؤرخون، بهذه التفاصيل؟ كيف حدث لهم أن استساغوا وهضموا -  وبكل يسر-  ما لُــقّنوه؟ وكيف اطمأنوا إليه، ولم يتحرجوا  في نقله  وسرده  علينا؟

ــ وهل يجوز للمرء أن يفهم أن الله -  ولحكمة هناك - بعد أن خلق هذا الإنسان،  أي محمد بن عبد الله، أراد الخالق أن يستدرك  شيئا  في خلقه وأمر بإجراء هذه  العملية الجراحية لهذا الطفل، وبالهواء الطلق جهارا نهارا؟ وبمسمع ومرأى بقية  الصبيان؟ الذين رأوا وشهدوا ورووا ما رأوه؟

ــ وبعد هذه التساؤلات المحيرة، يأتي دور تلك الآيات  القرآنية  العظيمة  المبينات المحرجة ، لتخترق هي الآخرى ذهن ذلك المرء ،  ومنها :

( ... وصوركم  فأحسن  صوركم ).غافر 64 – والتغابن 3.

( ... لقد خلقنا  الإنسان في أحسن تقويم ).سورة  التين 4.

( ... ونفس وما  سواها  فألهمها فجورها  وتقواها...).سورة  الشمس 01-10-

( ... أفلا  يتدبرون  القرآن  أما على  قلوب  أقفالها ).سورة محمد24.

ــ نعم، عندما تخترق المرءَ مثلُ هذه الآيات العظيمة المنزلة وغيرها ، ماذا عساه أن يفعل بها ؟  وأين يضعها ؟ وماذا عساه أن يفهم منها ؟ وعندما يجري عملية  جمع أو ضرب  بين هذه  الآيات  العظيمة  المنزلة  وما  رواه  المرشدان ، فماذا سيكون حاصل أية عملية  يا  ترى ؟؟؟

ــ وما، ومن ألجأ هؤلاء المؤمنين، الفقهاء، المرشدين، إلى الـزجّ  بأنفسهم  وجرّ المستمعين معهم - بالتبع- ودفعهم في هذه المتاهات وهذه الجزئيات والتفاصيل ؟

ــ وإذا فرضنا جدلا أن الله سبحانه وتعالى أراد ذلك فعلا، إعدادا للطفل قبل  بلوغه الرشد، إعداده ليلقي عليه  ذلك القول الثقيل، فأمر ملائكته بإخضاع  الطفل  إلى مثل هاتين العمليتين الجراحيتين بعد ميلاده ببضعة أعوام،  فكيف حدث  أن  الخالق لم ير أهمية سرد هذه الواقعة في  حديثه  المنزل؟  وكيف  حرص  الفقهاء  والمرشدون  - بالمقابل - على  سردها  وتأكيدها  بتفاصيلها  وجزئياتها ؟  وكيف ومن أين حصلوا عليها؟

ــ ألا يكون المؤمنون بالله وكتبه ورسله  في حاجة ماسة وعاجلة إلى غير هــــذا؟

إلى ما هو أهم ومصيري ؟ إلى  تدبر القرآن المنزل والحرص على  العمل  الجاد قصد  التحول  إلى  خير  أمة  أخرجت  للناس؟

ــ وذلك المؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، الملتزم بأن لا يفرق بين أحد من رسله، ذلك المؤمن الذي يؤمن حقا وهو مطمئن إلى أن النبي محمدا بن عبد الله (عليه الصلاة والتسليم ) ما هو - أولا وأخيرا -  لا ذلك الرجل الإنسان الذي  اصطفاه الله فجعله نبيا ورسولا مكلفا بمهمة التبليغ ، وأخبرنا أنه أي الله  قد صلى عليه هو وملائكته، وبأنه خاتم الأنبياء والرسل، وأخبرنا أيضا أن ذلك الخاتم  للآنبياء  والرسل نفسه  قد آمن بالله وكتبه ورسله، وعليه إن ذلك المؤمن الذي لم  يلتفت إلى تلك الروايات ،  ولم يكترث  بها  ولم يهتم ولم يشغل باله  إلا بالجدّي، وهو أن الإنسان الذي يأكل الطعام ويمشي في الأسواق قد اصطفاه  الله وحمله مهمة تبليغ الرسالة إلى العالمين، وأن الرجل ذو خلق عظيم، وأنه بلغ فعلا الرسالة، وأنه جدير بكل احترام، وإعجاب، ألا يكون هذا المؤمن بالله  وملائكته وكتبه ورسله، الذي لا  يَخطر بباله أبدا أن  يفرق  بين  أحد  من  رسل الله، هذا المؤمن الذي يرفض أن يهضم حق أي إنسان من رسل الله  في أن  يتمتع تمتعا  كاملا بإنسانيته -لا أقل ولا أكثر- هل يُلام هذا المسلم المؤمن  الملتزم المنصف ؟ لاسيما عندما يقولها بصراحة : إن حالة  السواد  الآعظم من المسلمين المؤمنين – لاسيما في الوقت الراهن-  بإمكانهم أن  يدعوا كل ما يحلو لهم  ادعاؤه، إلا  أنهم خير أمة أخرجت للناس فلا وهي محرمة علهم. بل  ولعل  لها  أية  قرابة بإحدى الكبائر؟  ولعل  عين  الصواب  هو  التصريح  بكل  شجاعة  أنهم أمة في  حاجة ماسة إلى الخضوع  إلى أكثر من عملية  جراحية، أدواتها واردة في  الآية رقم 24  في تلك السورة التي  تحمل اسم ذلك الطفل الذي  يقال إنه خضع  إلى  عمليتين جراحيتين .

ــ وإن أخوف ما ينبغي أن  نخافه -  نحن  المسلمن المؤمنين -  هو أن  نكون  نحن القوم المعنيـين المقصودين في تلك الشهادة التي سيدلي بها  الرسول حتما التي نصها ومفادها (... وقال الرسول يا ربّ إنّ قومي اتخذوا هذا  القرآن مهجوراً ) . الفرقان 23.   

 

وفي الآخير، ألا نكون نحن قوم محمد، في حاجة  ماسة  إلى  أن  تشق  لنا الصدور؟ 

اجمالي القراءات 7543