هل جاء المسلمون مسالمون يوما؟
تيهيا ، الملكة التي قهرت جيش المسلمين !

نهاد حداد في الأربعاء ٢٨ - يناير - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 

«  Les Arabes m’appellent Kahina, la sorcière. Ils savent que je vous parle, et que vous m’écoutez ... Ils s’étonnent de vous voir dirigés par une femme. C’est qu’ils sont des marchands d’esclaves. Ils voilent leurs femmes pour mieux les vendre. Pour eux, la plus belle fille n’est qu’une marchandise. (...) II ne faut surtout pas qu’elle parle, qu’on l’écoute. Une femme libre les scandalise, pour eux je suis le diable  ». 

 
" العرب يسمونني الكاهنة ، الساحرة . هم يعرفون أنني أتحدث إليكم وأنكم تصغون لكلامي ، ويعجبون أن تكون قائدتكم امرأة ! وذلك لأنهم نخاسون بائعوا عبيد ، يغطون نساءهم لبيعهن بثمن  أغلى ! بالنسبة لهم ،فإن أجمل الفتيات ليست سوى سلعة ( يقتاتون من ورائها) ، ( ...) إذ لا  يجب أن تتكلم فيسمعها الآخرون ! المرأة الحرة تثير حفيظتهم ، وبالنسبة لهم ، أنا الشيطان بعينه " 
هكذا تحدثت تيهيا أمام شعبها ! 
ان حديثاً كهذا حمل بين طياته بيانا أبلغ مما يمكن تصوره في نظرة الشعوب المقهورة لأولئك الذين كانوا يسمون أنفسهم الفاتحين ! كانت تعرف أن هؤلاء والذين سمتهم العرب ، جاؤوا ليستعبدوا نساء وطنها ويستوطنوا  أرضها ! لذلك ، نهجت سياسة الأرض المحروقة عندما عرفت نوايا الغزاة ! أحرقت آراضي شاسعة من وطنها ، وتسلقت مع شعبها قمم الجبال ! لم تتحدث عنهم كمسلمين لأنها كانت تعلم بأن آخر همهم نشر الإسلام ! جاؤوا غزاة فعوملوا كغزاة ، جاؤوا لاستبعاد النساء والأطفال وقتل الرجال ، جاؤوا ليفرضوا الختان على عجائز على حافة القبر ! عرفت تيهيا ، أن مصير شعبها لن يكون أحسن من الشعوب البائدة التي استعمرها هؤلاء واستحيوا  نساءها وفاخذوا  رضعها واغتصبوا غلمانها ونكلوا برجالها! 
لذلك سماها العرب الكاهنة ، فعقولهم لا تستطيع استيعاب كون امرأة تستطيع قيادة جيش ! لأن امرأة أبية حرة لا يمكن أن تكون إلا كاهنة مسيطرة على عقول الرجال !
 ولأن التاريخ يكتبه المنتصرون ، فقد ضاعت الحقائق بين ثنايا كتب ابن خلدون وغيره ، ومع ذلك ، مازال تمثال تلك المرأة ، رمزا للحرية شامخا عل قمم جبال الأوراس ! ولأن ذاكرة الشعوب لا تمحيها الهزائم ، فإن مايمثل رمزا للكرامة لا يفنى ولا تنسيه السنون ! 
هي امرأة ، كدت أقول أنها ليست ككل النساء ولكنها في الحقيقة كانت كل النساء ! استعبدهن رجال حملوا الدين في راياتهم وسيوفهم ولم يحملوه في قلوبهم ! رجال قالولوا آمنا ولما يصل الإيمان حناجرهم ! 
"﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾
تيهيا ، ملكة شمال إفريقية ، قادت شعبها نحو الحرية والنصر وهزمت الروم والبيزنطيين وأرغمت العرب على الانسحاب من آرضها ! 
هزمت تيهيا القائد حسان بن النعمان  الذي استنجد به الروم بعد أن أحرقت تيهيا قلاعها وحصونها  گي لا يحتموا فيها ! حيث أرغمته على التراجع وطاردته إلى حدود تونس سنة 693 م !
وهنا نتساءل ! هل جاء حسان ناشرا للإسلام أم حليفا للروم ؟ وأما الإسلام ، فلم يكن في حسبانه إلا كشعار يدغدغ بكلماته من تبعه من الجيوش التي كانت تظن أنها آتية للفتح ونشر الدعوة ! 
ونحن إذ نحاول لم شتات ما علق بالذاكرة الجماعية لا نجد إلا ما شهد به " الفاتحون "أنفسهم ، حيث يقول عنها بن عذارى " جميع من بإيفريقيا من الرومان منها خائفون وجميع الأمازيغ لها مطيعون " بن عذارى  ج1 ص 73! 
إن طاعة كهاته ، والتحاما كهذا ، لم يكن حسب عرب مقتنعين بآن المرأة ناقصة عقل ودين ، إلا حول  كاهنة تتحكم في قوى الطبيعة ! حيث يقول بن خلدون : " على أنها كانت وثنية تعبد صنما من خشب ، وتنقله على جمل ، وتبخره ، وترقص حوله لذلك سماها العرب الكاهنة " 
عجبا لقوم جاؤوا لينشروا الإسلام ويقضون على الخرافات والشعوذة ، فيؤمنون بأن هناك قوى غير مرئية تسخرها امرأة ! فهل كان إيمانهم فعلا بالله بهذا العمق ،؟ وهم يعرفون بأن الله أقوى وأعز !
يعزو العرب انتصاراتها للكهانة مع انهم يحملون شعار لا إلاه إلا الله ، والله أكبر ! 
كيف يابن خلدون ، تؤمن بالله ، وتظن بأن رقصات امرأة حول تمثال الحب قادر على قهر دين الله ؟ 
على ذكر الصنم ، لم تكن تيهيا وثنية بل كانت موحدة على دين موسى ، وتماثلها كان كلمة أمازيغية تعني الحب لحد الآن! نصف دائرتين يتوسطهما خط عمودي رمزا للالتحام الدوائر والتضامن ! نصف دائرتين كل واحدة في اتجاه معاكس للآخر ورغم ذلك مرتبطان ! اختلاف وارتباط ! لا علاقة له بدين موسى ! هي تقاليدها التي اندثرت كما اندثرت تقاليد الهنود الحمر عندما قتلوا وهجروا ونكل بهم ! 
هو الحب ، كان رمزها وقناعتنا ، لذلك لم تنكل بجيش حسان بن النعمان عندما طاردتهم إلى تخوم ليبيا ، بل عاملتهم بكل الود والاحترام الواجب تجاه المهزوم ! لم تنكل تيهيا بالأسرى ، بل منت على الجميع وأطلقت سراحهم وتبنت أحد الأسرى الذي خانها بعد أن أحسنت إليه وجعلته ابنا لها ! 
فمن كان المسلم المسالم حينها ؟ من الذي كانت أخلاقه الحب والسلام والإسلام  ؟ الفاتح أم الذائدة  على وطنها وكرامة شعبها!  والله لو تركوا هذا الشعب على فطرته لكان أعز وأجل لدين الله من رايات السفاحين وسفاكي الدماء ، ولدخل الإسلام تلقائيا إلى قلوهم لأن أخلاقهم كانت الإسلام والسلام . 
يقول المؤرخ بن عبد الحكم : " فأحسنت تيهيا أسر من أسرته من أصحابه ( أي أصحاب حسان بن النعمان ) ،وأرسلتهم إلا رجلا منهم من بني عبس يقال له خالد بن يزيد فتبنته وأقام معها " على غرار يوناني وأمازيغي كانت قد تبنتهما قبله ! 
وبعد خمس سنوات من هزيمة بن النعمان ، كتب لعبد الملك بن مروان ليطلب العدة والعتاد من أجل  الهجوم على الملكة التي أحسنت إلى أسراه وآوتهم إليها ، وعوض أن يطلب منها الدخول في الإسلام أو الجزية كما ادعوا أنهم كانوا يفعلون ، كتب هذه الكلمات إلى عبد الملك بن مروان ! كلمات لا علاقة لها بدين الله وإنما بإبادة شعب بعد أن وصلته كل المعلومات التي أرادها عن طريق الخائن خالد بن زيد ! 
كتب حسان : " إن أمم بلاد المغرب ليس لها غاية ، ولا يقف منها أحد على نهاية ، كلما بادت أمة خلفتها أمم ". وهنا نتساءل ، أين الإسلام من كل هذا ، لقد جاؤوا لإبادة الأمم "( ولم يستح النعمان من استعمال مصطلح الإبادة )هربا من الأفاعي والعقارب ، أما دين الله ، فقد كان آخر همهم ! 
بعد أن عرفت تيهيا بخيانة خالد بن يزيد ، وبقرار عودة حسان بالهجوم قررت نهج سياسة الأرض المحروقة قائلة " إن العرب لا يريدون من بلادنا إلا الذهب والفضة والمعدن ، أما نحن ، فتكفينا منها المزارع والمراعي ، فلا نرى لكم إلا خراب إفريقية كلها ، حتى ييأس منها العرب ، فلا يكون لهم رجوع لها إلى آخر الدهر " ابن عذارى ص35، 36 ! 
لم تلجأ تيهيا إلى الخسة التي عاملها بها العرب ، لاحظ أنها لم تناديهم يوما بالمسلمين ، فبالنسبة لها كانوا عربا محتلين طامعين(  على غرار الروم والبيزنطيين الذين حملوا الصليب )في خيرات أرضها لا أقل ولا أكثر ! ولم تخف عنها نواياهم ! فهل صدق حدسها أم أن علمها للغيب جعله تطلع على أسرار القلوب ؟ لا ! بل هي امرأة برغم كل مايمكن أن يقال ، أحبت وطنها ودافعت عنه إلى آخر رمق وهذا بشهادة الأعداء . 
يقول ابن خلدون : " ديهيا ، فارسة الأمازيغ التي لم يأت بمثلها زمان ، كانت تركب حصانا وتسعى بين القوم من الأوراس إلى طرابلس، تحمل السلاح لتدافع عن أرض أجدادها ،" ابن خلدون ، كتاب العبر ، الجزء السابع ص 11.
عاد النعمان بجحافله التي أمده بها عبد الملك بن مروان ، والمعلومات التي أمده بها خالد بن يزيد ليبيد شعبا بأسره ! لكنه لم يجد إلا خرابا ودمارا ، ولكن الخطط التي أمدهم بها الخائن بن يزيد ، كانت كفيلة بحسم المعركة لصالح الغزاة ! الذين لم ينشروا الإسلام ولا حتى استطاعوا نشر اللغة العربية ، بل أبادوا البلاد والعباد ، ولم يدخل الإسلام إفريقية إلا بعد قرون طويلة من زمن الغزو ، عن طريق التجارة والتبادل ولم يكن لدخول الإسلام إفريقية لحسان فيه لا ناقة ولا جمل ! 
يقول الثعالبي ، " بعد معركة صارمة ، ذهبت هذه المرأة النادرة ضحية الدفاع عن حمى البلاد ". 
https://m.youtube.com/watch?v=EHFk8oyedOw
اجمالي القراءات 13481