الأعراس في اليمن التعيس
إطلاق النار في الهواء شروع في القتل

عبدالوهاب سنان النواري في الخميس ٠٨ - يناير - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

     أكتب هذا المقال وأنا تحت النار .. لست في أرض المعركة, ضد عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي, ولم يهجم علينا الحوثيون الإرهابيون بعد .. كل ما في الأمر أنها ليلة الجمعة, وبجواري أحد الأعراس التقليدية, وللأعراس في اليمن التعيس خصوصيتها, حيث لا يكتفي أصحاب العرس, بـالزغاريد والأناشيد والمزامير والمرافع والزوامل الشعبية, ولا حتى بالألعاب النارية .. فلا يتم الفرح والسرور, إلا بإطلاق الرصاص الحي في الهواء.

     في جمهورية القبائل المدججة بالجهل والسلاح, يتحول العرس إلى مناورة عسكرية, تستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة, الخفيفة والمتوسطة والثقيلة, يبدأ الأمر بإطلاق عدة أعيرة نارية, من المسدسات والبنادق والرشاشات المتوسطة, ليصل الجنون فيما بعد, إلى استخدام الرشاشات الثقيلة والقنابل, والأربيجي وصواريخ الكتف (لو).

     وعادة ما تحدث أصابات في الأنفس والممتلكات, جراء تلك التصرفات الهمجية, التي قد تودي بحياة أحد الحاضرين أو أكثر من حاضر, فيتحول الفرح إلى حزن, ويصبح العرس مأتما .. أنفس بريئة تزهق, من أجل تعبير سيء عن البهجة، تتكرر هذه المآسي، وينسى الناس، ويعودون مرة أخرى إلى الأخطاء القاتلة، والحوادث والإصابات الناتجة عن هذه العادة السيئة, أكثر من أن تُحصى!!

     أطفال يُقتلون أو ييتمون بلا جريرة! ونساء تزهق أنفسهن أو يترملن أو يثكلن فلذات أكبادهن بلا ثمن! ورجال نفقدهم هنا وهناك دون ذنب, فقط لانهم ولدوا وعاشوا في اليمن التعيس, كل هذا من مخلفات الرصاص التي تنزل من الجو كالجمرات.

     المؤسف أن هذه الفوضى, التي كانت مقتصرة على الأرياف, إمتدت إلى المدن الرئيسية, وعواصم المحافظات, بل وإلى العاصمة صنعاء نفسها, وفي ذلك الجو العرائسي, المشحون بالفرح والتوتر والقات والسلاح, ينطلق موكب العروس ليلف شوارع المدينة, مسببا إزدحاما لا داعي له, ولا طائل من ورائه, وقلما يصل الموكب دون حادث مروري, وليس للناس إلا تحمل ما يجري, وهنا تتجلى الحكمة اليمانية في أروع صورها, لأن أي إعتراض على أهل العرس, قد يكلفك حياتك.

     إذن أنت بين خيارين: إما أن تتحمل الضجيج, وتعيش في خطر الرصاص الطائش, وإما أن تعترض فتتوجه عشرات البنادق نحو صدرك .. وأخطأ بل أجرم من يعتقد, أنه بهذه الطريقة يثبت رجولته، فليس من الرجولة في شيء أن تطلق الرصاص في الهواء, أو أن تسكت عن هذه الجريمة.

     ومن هنا نناشد أعضاء المجالس التشريعية, بأن يصدروا قوانين صارمة في هذا الصدد, بحيث تقع عقوبة الشروع في القتل, على كل من يطلق عيارا ناريا في الهواء.

اجمالي القراءات 6609