سلام على كل من في الأرض جميعا
" إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله غني حميد"

نهاد حداد في السبت ٢٧ - ديسمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

أجمل ما تعلمته ومن بين أحب الفلسفات إلى قلبي كانت وماتزال  فلسفة عصر الأنوار ، وهي الفلسفة التي أثرت الفكر الإنساني بمبدإ التسامح بين الأديان the tolerance وتقبل الآخر كيفما كانت ثقافته أو انتماؤه الديني أو الطائفي أو الفكري ! وقد كانت قناعتي بأن مبدأ التسامح الذي جاءت به هذه الفلسفة هو قمة ما وصل إليه الفكر الإنساني الحر إلى أن قرأت هذه الآية هذا المساء" إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله غني حميد " قرأت هذه الآية مرارا ! لكنني توقفت عندها اليوم ! واكتشفت ان هذه الآية بالذات ! هي قمة التسامح الإلاهي مع الإنسان الذي خلقه فسواه ومع ذلك اعطاه حرية اختيار عدم الايمان ! تسامح الله في حقه ! أو ليس هو الغني الحميد ؟

دأبت نهاية كل سنة ميلادية - كما الكثيرين تقريبا - ان احاول النظر الى الخلف كي احاول تصحيح اخطائي وآخذ قرارات جدية للسنة المقبلة - قلما أطبقها كما الجميع ايضا ! ولكنني هذا المساء ، لن أنظر إلى الوراء ، بل سأمضي قدما للاعتبار بهذه الآية الكريمة لأجعل منها شعاري المستقبلي ! إذ غالبا مانحتاج الى عناوين نسطرها فنتمسك بها احيانا ونبحر بعيدا عنها أحيانا أخرى ! فتصبح شاطئنا وملاذنا حين تتراشقنا الأمواج بعيدا !
 انظر ايها الانسان ! ان الذي خلقك فسواك انسانا لايتظر منك جزاء ولا شكورا ، فكيف يغيب عنك هذا المثل الأعلى في تعاملك مع الناس؟
 تعترينا أحيانا حالات الإحباط من الخيانة ونكران الجميل ممن نحب او حتى ممن لا نحب ؟ مع اننا لم نخلقهم ولافضل لنا عليهم الا اننا ربما اسدينا اليهم معروفا فأنكروه ! فما احوج الانسان الى العرفان بالجميل وما اغنى الله عنه تعالى عن ذلك علوا كبيرا ! 
 
سمعت الدكتور صبحي منصور يقول في احدى لقاءاته بأنه يعاني من التعتيم ، واليوم فقط وأنا أعيد قراء ة هذه الآية أقول ! لنجعل القرآن مثلنا الاعلى ، وليعتموا ماشاء لهم التعتيم "وإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله غني حميد " 
 
لايهم ان يتبعنا الاخرون ! لايهم ان لم يسمعونا او لم يهتموا بنا ! فمن نحن حتى نعاتبهم وكان خالقهم عنهم غنيا !
 
ما الذي يضير الله في اعتناق امرأة سعودية للمسيحية حتى تتفرق أمة بأكملها إلى مناصر ومعارض ويُحر م الطلاب من طلب العلم ؟هو الله قالها منذ الأزل : " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ! وبالرغم من أن الاسلام هو التوحيد ! وأن هذه السيدة لم تتخذ بوذا أو رع إلاها ! فإننا لانعلم بذات الصدور ! 
الكثير من المهاجرين او المهاجرات اعتنقوا المسيحية هربا من المجتمعات المحافظة ! وكان اعتناقهم لديانات اخرى رفضا للتطرف الديني الممارس عليهم في بلدانهم وليس رفضا للتوحيد او الاسلام. هم يبقون دائما في اطار الديانات التوحيدية الثلاث ، ولم نسمع  ابدا مسلما اعتنق الهندوسية او البوذية او عبد الهة الفراعنة ! 
فلنترك الخلق لمن خلقه ، ولو شاء لهدانا جميعا ! 
وقد كان عز وجل في قمة التسامح مع الشيطان ! حيث امهله ووافق على طلبه الى حين ! فمن نحن حتى نحاكم الناس على معتقداتهم؟
كان المولى عز وجل دائما هو قمة التسامح فلنعتبر بهديه!
 هي ذي قمة التسامح ! نعم ! " من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " والله غني عن العالمين ! 
نعم " ولو شاء ربك لآمن كل من في الأرض جميعا "! وهو على كل شيء قدير . 
نعم " وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ" 
نعم ، ان علام الغيوب الذي يعلم الجهر ويخفى في غنى عن الجميع ، ولنجعل آياته صوب أعيننا كلما هممنا باتهام الآخرين بالالحاد او الكفر وتعالينا عليهم ، ولنذكر بأنه قادر على هدايتهم لو أراد جميعا ! فلندع الله الهداية للجميع و لنذكر نعمته التي أنعم  علينا فكرمنا وفضلنا على كثير من خلقه تفضيلا . 
وبمناسبة التسامح والصفح وغنى الله عنا جميعا مؤمنين كنا أو ملحدين مسلمين كنا او يهودا ،وأحيي كل مسيحيي الموقع وعبر العالم متمنية لهم سنة ميلادية مجيدة ، داعيةالله  عز وجل أن يهدينا جميعا إلى صراطه المستقيم وينزع من قلوبنا الغل والبغضاء تجاه بعضنا فكلنا فقراء إلى الله وهو الغني عنا ذو الفضل العظيم ! 
اجمالي القراءات 16409