الجواب النقضي والجواب الحلّي

سامح عسكر في الإثنين ١٠ - نوفمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

من أساليب وعلوم الحوار المنطقية والممتعة، سؤال وجواب، لكن بطُرق مختلفة، شخصياً أستخدمهم بتوسع في حواراتي سواء على النت أو على الأرض..وهذه نبذة مختصرة عن الأسلوبين

أولاً: الجواب النقضي: المقصود به رد حجة القائل بالطعن في شرعيته للسؤال، يعني يمكن للآخر أن يسأل لأنه يفهم أو لديه استعداد للفهم وللحوار، أما أنت فلا، والأسباب ما بين أيدلوجية نسقية أو مذهبية تحمل السائل على التعصب وعدم الحياد.

مثال: يقول الإخواني أن الإخوان ليسوا جماعة إرهابية، أنتم تقيسون على حالات شاذة فردية لا تتفق مع منهج الجماعة.

الجواب النقضي:فلماذا تتهمون العلمانيين بالعداء مع الدين؟...بنفس المنطق أنتم تقيسون على حالات شاذة فردية لا تتفق مع المنهج العلماني..

قال: ياأخي أنت لم ترَ بعينك الإخوان وهم يمارسون الإرهاب..أنت تتبع إعلام فرعون، وأنت عبد من عبيد السيسي..

الجواب النقضي: كذلك أنت لم ترَ الإخوان وهم يمارسون الإرهاب منذ الأربعينيات وإلى الآن، أنت تنفي إرهاب التنظيم لمجرد أن قادة التنظيم قالوا لك ذلك، وترفض الاستماع لوجهات نظر الآخرين، في المحصلة أنت تتبع إعلام الجماعة المضلل والمزيف للحقائق، وتصديقك لهم دون استعمالك لعقلك يعني أنك عبد من عبيد المرشد..

غالباً ما يكون هذا الأسلوب النقضي سمة من سمات الحوار الحاد والعنيف، ولكن يمكن أن يُصبح ضرورة فيما لو كان السائل متعصب أو غير محايد، حينها يجب استعمال الأسلوب النقضي معه تجنباً للمراء وتوفيراً للوقت وللجهد.

ثانياً: الجواب الحلي: والمقصود به الرد الموضوعي والعلمي على السؤال والحجج والمعطيات الواردة فيه..

مثال: يقول الإخواني أن الإخوان ليسوا جماعة إرهابية، أنتم تقيسون على حالات شاذة فردية لا تتفق مع منهج الجماعة.

الجواب الحلي: أن الجماعة تنطلق لممارستها السياسية من الجانب الديني، وهذا الجانب يختلف تقديره عن الجانب السياسي، حيث لا حق ولا باطل في السياسة، إنما هي صواب وخطأ ومصالح، بينما الدين ينطلق من فكرة الحق والباطل، الضلال والهداية، فإذا استُخدمت هذه القيم المعيارية في السياسة صارت جميعها تبعاً للمصلحة الآنية للتنظيم، وبالتالي صارت الأخلاق وكافة القيم مملوكة حصراً لأعضاء الجماعة، فمن خالف منهم رأي القيادة صار بلا دين وبلا أخلاق، وبما أن خصومكم بلا دين وبلا أخلاق فيجوز معهم كل شئ لردع فسادهم، وقد سلكتم العنف والإرهاب ضد خصومكم منذ البداية، والتاريخ يشهد عليكم والمجتمع لا ينسى.

قال: ياأخي أنت لم ترَ بعينك الإخوان وهم يمارسون الإرهاب..أنت تتبع إعلام فرعون، وأنت عبد من عبيد السيسي..

الجواب الحلي: بل رأيت بعيني كل معطيات الإرهاب من الجماعة، سواء من تكفير وعنف لفظي وادعاء الحق الإلهي من على منصات رابعة العدوية، ومن على إعلام الجماعة الفضائي والألكتروني، ومن لم يرَ مثلما رأيت..سمع بأذنه تهديدات قادة التنظيم للشعب بالهدم والحرق، وفي المقابل لم نرَ منكم رداً أو حجج مقنعة على ما فعلتموه وتبريراً معقولاً لما سلكتموه، بل كانت الفظاظة والغلظة هي الطريق لديكم حتى أصبح شبابكم ورجالكم وقوداً وحطباً للفتنة والإرهاب في الشارع.

هذا هو الجواب الحلي: وشخصياً أستخدمه في نطاق واسع مع المحاورين جميعهم حتى أستطلع شخصياتهم، فإذا وجدت منهم ليس من أهل الحجة والرأي استعملت ضده .."الجواب النقضي"..

أما أهل العقل ومتمرسي الحوار فأعشق الجوابات الحلية معهم، لأنها تزيد الكاتب والقارئ ثقافة وقدرة على الفهم ، وفوق ذلك تحافظ على هدوء الحوار ومتعته، والأهم أنها تحافظ على الروابط الاجتماعية والأخلاقية مهما كان الخلاف.
 
اجمالي القراءات 14220