الشريعة المسعرية فى إقامة الدولة السلفية العالمية ( دار السلام )

آحمد صبحي منصور في السبت ٠٨ - نوفمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

كتاب ( المعارضة الوهابية فى الدولة السعودية فى القرن العشرين )

القسم الثالث المعارضة الوهابية التى أنجبت أسامة بن لادن 

 الفصل الرابع :  وجهة نظر قرآنية  نقدية للجنة الشرعية السلفية 

 الفرع الأول  :نقد عقيدة اللجنة فى التبري والتولي في العلاقة مع الغرب والعمل علي اقامة الدولة الاسلامية الموحدة في مواجهة الغرب

الشريعة المسعرية فى إقامة الدولة السلفية العالمية ( دار السلام )

أولا : تشريع المسعرى فى تأسيس الدولة ( الاسلامية ) الموحدة

1 ــ المسعرى يقول ان القومية والقبلية والعنصرية نعرات خبيثة وقد حرّمها الاسلام ، ويستدل بحديث سلفى موضوع تحرم نسبته للرسول عليه السلام وهو (اذا الرجل تعزا بعزاء الجاهلية فاعضوه بهنّ ابيه ولا تكنوا ..)، أي دعوة للسب الفاحش بعورة الاب ، أي قولوا له عض ذكر ابيك ، وقولوا له ذلك بصراحة ، وسبق للمسعري الاستدلال بهذا الحديث الموضوع الكاذب ، وشتم به العرب والمسلمين جميعا ، واعاد الاستشهاد به هنا في هجومه علي القومية .

ولم يستطع الاستدلال بآية قرآنية ،لأن القرآن يعترف بالقومية ،حيث كان كل نبي يخاطب المشركين فيقول لهم (يا قوم ِ) حتي بعد ان اهلكهم الله تعالي علي كفرهم كما حدث مع صالح وشعيب عليهما السلام (الاعراف 79 ،93 ) بل ان مشيئته جل وعلا اقتضت ان يجعل الناس شعوبا وقبائل رغم انهم ابناء اب واحد وام واحدة كي يتعارفوا لا لكي يتحاربوا ،واكرمهم عند الله اتقاهم (الحجرات 13 ) بل ان من ايات الله تعالي اختلاف الالوان واللغات (الروم 22 )، وما ينشأ عنها من اختلاف الثقافات . والله تعالي ارسل كل رسول بلسان قومه (ابراهيم 4) اعترافا بخصوصية كل شعب ،وحتي تحمل الرسالة تجاوبا مع ظروف الامة التي ارسل اليها النبي . وفي داخل كل شعب بل كل عائلة يوجد التقي والفاجر والمؤمن والكافر ،ومن كبار الكفار : إبن نوح ووالد ابراهيم وزوجة نوح وزوجة لوط ، وأبولهب . ولذلك فلا معني لاستئصال القومية والقبلية والعنصرية لصالح العقيدة، لأنه لا تزر وازرة وزر أخرى ، وأن من يهتدى فلنفسه ومن يضل فعلى نفسه ، وحساب الجميع يوم الحساب .

2 ــ ويقول المسعري :  (العالم كله اما دار اسلام واما دار كفر لا توسط بينهما ،ولا منزلة بين المنزلتين ولا ثالث لهم مطلقا ) وهذا المبدأ السلفى يحكم مقدما بأن المعسكر الآخر فى النار ، وهذا تقمص لدور رب العالمين صاحب الحق وحده فى الحكم على البشر ، كما إنه كفر بالآخرة ، حيث يحكم الله جل وعلا بالحكم النهائي والمؤبد علي البشر جميعا ، ولا معقب لحكمه ، ويكون البشر حينئذ فريقين ، يقول الله تعالي عن يوم القيامة (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7)  الشوري 7 ). أي ان المسعري يريد ان يقيم يوما لمحاكم التفتيش الدينية او يوما للحساب قبل يوم الحساب ،يحكم فيه علي من يتبعه بالاسلام وعلي كل من يخالفه او لم يسمع به اصلا بأنه كافر.

الا انه يتعطف فيقول في المبدأ الاخير (لا يجوز للكافر المقيم اقامة دائمة في دار الكفر ان يدخل دار الاسلام الا بأمان ،أي الا بأذن خاص للدخول )يعني تأشيرة (VISA ) ..ولكن الفيزا او جواز السفر بأشكالها الحالية قد اخترعها الغرب ضمن قوانينه (الكفرية ) فماذا يقول المسعري وهو يحمل التاشيرة البريطانية علي جواز سفره ،ويسعي للحصول علي الجنسية البريطانية في اهم عواصم (الكفر ) الغربي ؟.

3 ــ وعن وحدة الدولة الاسلامية يقول المسعري انه لا يجوز ان يكون في الدنيا كلها الا خليفة واحد والا حدث التنازع ووقعت المعصية والفشل ،لأن تعدد الخلافة يعني تعدد الدولة الاسلامية ، وهذا يعني مخالفة الشرع وهدم لوحدة المسلمين ومناقضة لكونهم امة واحدة .

وهنا يصطدم المسعري بحائط الواقعية من حيث تاريخ الاختلاف لدي المسلمين منذ بيعة السقيفة الي اختلاف علماء الاسلام في حرب الخليج ..فالاختلاف هو الحقيقة الكبري في تاريخ المسلمين ،وربما كان من اسبابه الكبري هو منهج التنظير الخيالي الذي يتعامي عن بحث الواقع ،وهو منهج المسعري ومن سبقه من الفقهاء اصحاب الفقه النظري الذي يحلق في الخيال .

ان المسعري حين يحكم علي تعدد الدول الاسلامية بأنه يخالف الشرع واثم عظيم يستحق العقوبة الشديدة عند الله ،انما يحكم بالكفر علي دول الخلافة التى يريد احياءها ،حيث شهد العصر العباسي تعدد الدول الاسلامية داخل وخارج نطاق الخلافة والدولة العباسية بل ان الدولة العباسية في اوج ازدهارها خرج عن سيطرتها الاندلس والدولة الادريسية ،ثم الاغالبة ،ثم الدول المستقلة في اطار الخلافة العباسية داخل مصر الي ان اقيمت الخلافة الفاطمية الشيعية في مصر وفي شمال افريقيا ..وكلها دول ذات شرعيات سياسية ،اما الحكم الديني عليها فمرجعه لله تعالي يوم القيامة وليس للمسعري ، الذي احتكر لنفسه الشرع فأصبح يحكم بكفر الجميع من السابقين واللاحقين .

4 ــ ويتحدث المسعري عن الطريقة الشرعية لتوحيد المسلمين ويري ان البداية تكون دولة الخلافة وتطبق احكام الاسلام ،وتحمل الدعوة الاسلامية الي الخارج  بالجهاد ،واقامة هذه الدولة الاسلامية الوليدة اوجب الواجبات ، وغيابها حالة محرمة قطعا .

وعن اقامة هذه الدولة الاسلامية كمحور لتوحيد المسلمين يشترط المسعري ان يكون السلطان الداخلي في هذا البلد للمسلمين وحدهم ، وان يكون مستقلا تام السيادة ،وهذه الشروط تنطبق علي أكثر اقطار المسلمين في نظره  فيما عدا لبنان .

وبوجود الشرطين يصلح القطر لمبايعة خليفة تستكمل فيه شروط انعقاد الخلافة ،وبعد مبايعته يبدأ الخليفة بتطبيق الاسلام تطبيقا كاملا انقلابيا شاملا ،بأعلان ذلك وابطال كل القوانين غير الشرعية وبطلان كل العقود المخالفة مثل العقود الربوية وتصفية البنوك الربوية واعلان السيادة الشرعية ، وبطلان كل تشريع سوي التشريع الاسلامي ، واعتبار جميع بلاد المسلمين وحدة واحدة واجبة الانضمام الي دولة الخلافة ، فتغلق سفاراتها ولا يتم التعامل معها الا من خلال الشئون الداخلية ، والغاء كل المعاهدات الدولية المناهضة للاسلام والخروج من منظمات الكفر الاقليمي والدولي كالامم المتحدة وجامعة الدول العربية .

اما عن ضم الدول الاخري الاسلامية الي دولة الخلافة فقد حدد لها المسعري ثلاث طرق شرعية وهي : طلب الانضمام من السلطة الموجودة في هذا الكيان ، وان لم تنجح هذه الخطوة فأن دولة الخلافة هي التي تطلب من المسلمين داخل هذا الكيان المنشق الخروج علي الحاكم المنشق الباغي واشهار السيف في وجهه حتي يترك السلطة وتتحق وحدة الامة ، وذلك اما بثورة شعبية او بانقلاب اهل المنعة والشوكة الجيش والقبائل .. وان لم تثمر الخطوات السابقة وجب علي دولة الخلافة استخدام القوات المسلحة لأزالة الكيان المنشق وادخال الناس تحت ظل الخلافة في طاعة الامام [74].

ومن هنا نفهم لماذا يغضب المسعري من مبدأ منع التدخل في شئون الدول الاخري وحق تقرير المصير وحقوق الدول والافراد ، الا انه في كل ما قرره من قواعد تشريعية في كيفية اقامة الدولة الاسلامية لم يستشهد بدليل واحد من القرآن والاحاديث معتبرا حديثه هو الشرع ، ومعتبرا خلاصة الاجتهاد الانساني في القوانين الخاصة بحقوق الانسان طاغوتا.

ثانيا : تطبيق الشريعة المسعرية فى الحالة السودانية

تطبيق شريعة المسعري الخيالية فى إقامة ( النظام العالمى المسعرى ) بتأسيس دولة اسلامية واحدة تحارب باقى العالم ــ تعني نشر الارهاب في الارض وسفك دماء المسلمين وغيرهم في تحقيق امل كاذب مستحيل تحقيقه ، ومع ذلك فإن المسعري لا يتواني في نشر دعوته اليه ، وحين تعرض النظام الاصولي السنى في السودان لهزيمة بادر المسعري باصدار نشرته رقم 120 في 12/1/1997 يدعو لاشعال حرب شعواء ، وننقل قرارات المسعري كما هي بدون حذف مع تقديم الاعتذار لمن اصابتهم بذاءاته .

 يقول ( والسياسات المبدئية ليست شعارات فارغة تتردد ، وكلنها افعال واقوال تقوم علي احكام شرعية ، منها :

1-    اعلان الجهاد ، هكذا بإسمه الشريف دون مواربة ، ولا مداهنة ، ونبذ الالفاظ العرجاء والمصطلحات المبتدعة ، واعلان التعبئة العامة والتغيير الشامل في كل البلاد ، ان لإسم الجهاد ومسمي المجاهدين فعل السحر في النفوس ، وما افغانستان عنا ببعيد .‍

2-            توجيه نداء الي المسلمين في انحاء العالم للمشاركة فيه بالنفس والمال ، بالقلم واللسان ، كما بالسيف والسنان .

3-    اعلان السودان دار اسلام ، ومن ثم بالضرورة دار هجرة ، وتعديل انظمة الهجرة والتابعية (الجنسية ) بما يوافق ذلك ، و ابطال كل ما يخالف ذلك فورا ، مع اعلان ذلك علي المسلمين في الدنيا كلها ، نعم ، لقد بدأ السودان بخطوة في هذا الاتجاة ثم تراجع خطوتين ، ثم تقدم ، وعاد فتراجع ، ثم تخبط حتي لم نعرف اين هو ن ولا ما هي هويته ، ولا ماذا يريد.

4-    اعلان الحرب رسميا علي كل من اوغندا واثيوبيا واريتريا ومعاملتهما وفق احكام الحرب المقررة شرعا ، والمتفق عليها دوليا ، والتأكد من عدم مشاركة كينيا في الغزو الاثم والا فلابد من ايذانها هي الاخري بالحرب ، ثم مباشرة قتالهم حتي يصل القتال الي عقر دارهم ، وتدور بإذن الله دائرة السوء عليهم .

5-    اعتبار الصادق المهدي والميرغني ومن حذا حذوهم في مشاركة الكفار القتال ، او موالاتهم برأي أو سلاح او دعم ادبي او مال ، مهما كانت المسميات التى يدعونها ، اعتبار هؤلاء جميعا مرتدين حرب ، وتطبق الشريعة عليهم فورا ، مثل مصادرة اموالهم فيئا لبيت المال ، اصدار صكوك من المحاكم الشرعية بالتفرقة بينهم وبين المسلمين من ازواجهم ، واسقاط ولايتهم عن القصر من ذويهم ، اما المرتدون الحربيون انفسهم فمعاملتهم ، في حال القتال وحال الاسر معروفة ، او في كل حال لا تجوز تسميتهم معارضة ، او غير ذلك من الاسماء المشرفة ، ومن باب اولي لا تجوز مداهنتهم ، او التفاوض معهم ‍!

6-    الخروج الفوري من مؤسسات الكفر والظلم والعدوان ، الدولية والاقليمية علي حد سواء ، ونبذها بنذ النحاسات ، والبراءة منها كالبراءة من الشيطان ، وفي مقدمة ذلك الامم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وجامعة الدول العربية ، ويترتب علي ذلك خرق الحصار المفروض علي ليبيا والعراق وغيرها والضرب بقرار ما يسمي بـ ( مجلس الامن الدولي ) عرض الحائط !

7-    الامتناع من اراقة ماء الوجه علي ابواب السفلة من المرتدين والعملاء والمنافقين من امثال : فهد ابن عبد العزيز ، وحسني مبارك ، وآل صباح ، مع المسارعة بتقوية ورفع مستوي التنسيق الي اعلي مرتبة مستطاعة مع الجمهورية الاسلامية في ايران ، والعراق واليمن وليبيا ، وغيرهما من البلدان الاسلامية التي لم تشارك في التحالف الاجرامي الامريكي ابان الغزو الامريكي للخليج )  

8-    المسعرى ترك العلم النافع الذى تخصص فيه وفشل فيه وهو الفيزياء النووية ، وتفرغ للهجص السلفى . المسعرى يجب علاجه فورا على نفقة الأسرة السعودية ، فهى المسئولة عما وصلت اليه حالته العقلية .!!

اجمالي القراءات 7863