التَّضادُّ في اللُّغة ظاهرة علمية

سامر إسلامبولي في الإثنين ٠٥ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

التَّضادُّ في اللُّغة ظاهرة علمية

إنَّ ظاهرة التَّضادِّ في اللُّغة هي ظاهرة علميَّة انعكست من جرَّاء قيام الواقع على قانون الزّوجيَّة؛ قال تعالى: [ ومن كل شيء خلقنا زوجين](الذّاريات 49).
وظهرت حالة التَّضادِّ في اللُّغة بصُور:
أحدها: أنْ يكمن الضِّدُّ في مقلوب الكَلمة نفسها كَمبنى(1)، وهذه الصُّورة الضِّدِّيَّة هي الأصل لظاهرة التَّضادِّ في اللُّغة.
وتحقَّقت هذه الظّاهرة في مجموعة كبيرة من الألفاظ المُوغلة في القدَم. وتحقُّق هذه الظّاهرة في اácute;كَلمات يدلُّ على أصالتها في اللّسان العَرَبي، أمَّا الكَلمات التي لم يتحقَّق فيها هذه الظّاهرة؛ فيدلُّ على حداثتها في الوُجُود وتأثُّرها بالتَّقدُّم والصَّنْعَة اللُّغويَّة في عمليَّة ولادة هذه الألفاظ؛ لأنَّ من المعلوم أنَّ اللُّغة لم تُوجد كاملة في زمن واحد، وإنَّما وُجدت خلال مراحل زمنيَّة مُتلاحقة، ونتيجة تفاعل المُجتمع العَرَبي مع الواقع، وانعكاس ذلك في اللُّغة نفسها، فاللُّغة العَرَبيَّة قد احتوت في داخلها مراحل تطوُّر اللُّغة من خلال احتفاظها ـ إلى الآن ـ بالكَلمات البدائيَّة في الوُجُود، التي تعتمد على الثُّنائي من الأصوات والأحرف، وتطوَّرت إلى الثُّلاثي، فالرُّباعي، وعندما نزل القُرآن استخدم من اللُّغة ألفاظاً وكَلمات من كافَّة المراحل التي مرَّت بها اللُّغة، فساهم ـ إلى حَدٍّ كبير وأساسي ـ في حفْظ اللُّغة العَرَبيَّة، وربط فُرُوعها بأُصُولها.
وهذه بعض الكَلمات كمثال للدّلالة على وُجُود الضِّدِّ، وأنَّه كَامن في مقلوب اللّفظة كَمبنى؛ نحو:
(كَتَبَ) ضدَّها مَبنى ومَعنى (بَتَكَ)، فالأُولى تدلُّ على الجَمْع، والأُخرى تدلُّ على التّفريق والقَطْع.
(دَرَّ) ضدَّها مَبنى ومَعنى (رَدَّ)، فالأُولى تدلُّ على تولُّد الشّيء من الشّيء، والأُخرى تدلُّ على حَبْسه، وارتجاعه.
(لَزَّ) ضدَّها مَبنى ومَعنى (زَلَّ)، فالأُولى تدلُّ على اللَّصْق و الالتحام، والأُخرى تدلُّ على الابتعاد والافتراق.
(قَلَعَ) ضدَّها مَبنى ومَعنى (عَلَقَ)، فالأُولى تدلُّ على الإزالة الشّديدة للشّيء، والأُخرى تدلُّ على مَسْك ولَصْق الشّيء بشدَّة.
(سَبَحَ) ضدَّها مَبنى ومَعنى (حَبَسَ)، فالأُولى تدلُّ على الحَرَكَة، والأُخرى تدلُّ على السُّكُون والثّبات.
الحالة الثّانية: التَّضادُّ العرفي، وهي ظاهرة اجتماعيَّة، وتكون في شيئَيْن مُختلفَيْن في الواقع اختلاف تضادٍّ تناقضي؛ نحو:
(العَدْلُ) ونقيضه (الظُّلم).
(الخَيْرُ) ونقيضه (الشَّرُّ).
(الإيمان) ونقيضه (الكُفْر).
(السّلام) ونقيضه (الحرب).
(الرّفق) ونقيضه (العُنف).
الحالة الثّالثة: وهي وُجُود لفظة واحدة لها في الواقع صُورتَان مُتضادَّتان؛ نحو:
(وراء) تدلُّ على جهة الأمام والخلف.
(خفي) تدلُّ على السّتر والظُّهُور.
(عبد) تدلُّ على الشِّدَّة واللِّين.
(قسط) تدلُّ على العدل والجور.
(ظنَّ) تدلُّ على اليقين والشَّكِّ.
(عس) تدلُّ على الإقبال والإدبار.
وهذه الحالة هي محلُّ نقاش ودراسة بين عُلماء اللُّغة، فقد ذهب فريق منهم لإنكار هذه الظّاهرة، وفريق آخر أثبت هذه الظّاهرة.
وعند التّحقيق والدّراسة لكلا الرّأيَيْن يجد الباحث أنَّ الاختلاف بينهما يكاد أنْ يكون لفظيَّاً واصطلاحيَّاً، لأنَّ كُلاً من الفريقَيْن نَظَرَ إلى المسألة من جهة واحدة، وبناء على رُؤيته؛ قام بعمليَّة إنكار لهذه الظّاهرة، أو إثباتها.
فَمَنْ نَظَرَ إلى دلالة الكَلمة من حيثُ أصل دلالتها، وبناءً على أنَّ لكُلِّ ظاهرة أو حال كَلمة تدلُّ عليها، قالوا: إنَّه لا يُوجد في اللُّغة العَرَبيَّة للكَلمة الواحدة دلالتان مُتضادَّتان في الواقع، وقاموا بردِّ وتأويل كُلِّ الكَلمات التي جاء بها الفريق الآخر، الذي أثبت وُجُود التَّضادِّ.
أمَّا الفريق الآخر الذي أثبت أنَّ للكَلمة الواحدة دلالتَيْن مُتضادَّتَيْن في الواقع؛ فلقد نَظَرَ إلى الكَلمة من حيثُ المآل والاستخدام، فشاهد أنَّ ظُهُورها في الواقع يكون بصُورتَيْن مُتضادَّتَيْن، فأثبت ظاهرة التَّضادِّ لهذه المجموعة من الكَلمات.
ولنضرب على ذلك مثلاً لتوضيح الرّأيَيْن: كَلمة (عبد).
نَظَرَ الفريق الأوَّل إلى كَلمة (عبد)، فشاهد أنَّ دلالتها الأصليَّة واحدة؛ سواء تعلَّقت بالله، أم تعلَّقت بالشّيطان، فهي لم تخرج عن دلالة جَمْع شيء في داخل شيء بطريقة شديدة، وهذه الدّلالة تظهر ـ في الواقع ـ بصُور مُختلفة من صُورة عبد الرّحمن، إلى صُورة عبد الشّيطان، أو تعبيد الشّارع، وبالتَّالي؛ لا يُوجد تضادٌّ في اللُّغة من هذا الوجه.
أمَّا الفريق الآخر؛ فقد نَظَرَ إلى الكَلمة من حيثُ المآل وظُهُورها في الواقع فشاهد أنَّ دلالة كَلمة (عبد) لا يُمكن تحقيقها في الواقع إلاَّ من خلال التَّضادِّ؛ فعبد اللّه: أخذت معنى اللِّين والذُّلِّ والخُضُوع والطّاعة، وعبد الشّيطان أخذت معنى الشِّدَّة والتَّمرُّد والكُفْر، وبالتَّالي؛ فظاهرة التَّضادِّ موجودة في اللُّغة من هذا الوجه.
ولنُحاول أنْ نُقرِّب وُجهات النَّظَر، ونُحدِّد الموضوع بدقَّة أكثر.
إنَّ الأصل في اللُّغة أنَّ لكُلِّ كَلمة دلالة واحدة، تظهر في الواقع بصُور وأشكال مُختلفة، وهذا الأصل هُو الدّائرة الكبيرة والأوسع في اللُّغة، ولكنَّ المُدقِّق في ألفاظ اللُّغة يجد أنَّ هُناك مجموعة من الكَلمات ضمن الدّائرة الكبيرة لها خاصِّيَّة عن سائر الألفاظ حين تشكُّلها وظُهُورها في الواقع، فكَلمة (كَتَبَ) على سبيل المثال عندما يسمعها العَرَبي يستحضر في ذهنه دلالتها على الجَمْع للشّيء المُتجانس في مكان واحد، وتظهر هذه العمليَّة بصُور مُختلفة، ومُتنوِّعة بشكل لا مُتناه، بخلاف عندما يسمع كَلمة (عَبَدَ)، فإنَّه يستحضر ـ مُباشرة ـ صُوراً ضدِّيَّة لمدلول كَلمة (عَبَدَ) عبد الرّحمن، أو عبد الشّيطان، إذاً؛ هُناك فرق كبير بين المجموعتَيْن من الكَلمات:
المجموعة الأُولى: التي هي الدّائرة الكبيرة والأوسع، تظهر صُور دلالتها بشكل مُختلف ومُتنوِّع حسب الواقع، ولنُطلق عليها (اختلاف تنوُّع).
المجموعة الثّانية: وهي دائرة ضمن الدّائرة الكبيرة الأساسيَّة، وهذا يعني تحقُّق مُواصفات الدّائرة الكبيرة في الدّائرة الصّغيرة، ولكنْ؛ مع وُجُود خاصِّيَّة لها غير مُتحقِّقة في الدّائرة الكبيرة؛ ألا وهي ظُهُور وتشكُّل دلالات هذه الكَلمات في الواقع بصُور ضدِّيَّة، ولنُطلق عليها (اختلاف تضادٍّ).




فالمُلاحظ أنَّ كلا الفريقَيْن مُصيب فيما ذهب إليه من حيثُ المضمون، فأحدهما نَظَرَ إلى الكَلمة مُجرَّدة عن الواقع، فنفى عنها صفة التَّضادِّ، وأثبت الدّلالة الواحدة لها ـ فقط ـ لُغة، أمَّا الآخر؛ فقد نَظَرَ إلى صُورة تحقُّق دلالة الكَلمة في الواقع، فلاحظ أنَّ لها صُورتَيْن مُتضادَّتَيْن، فأثبت ظاهرة التَّضادِّ.
فلذا؛ يجب ضَبْط المُصطلح، وتحديده، فنقول:
إنَّ ظاهرة التَّضادِّ موجودة بشكل صُوري، وليس دلاليَّاً؛ بمعنى أنَّ دلالة الكَلمة لها معنى واحد لُغة وصُور مُتضادَّة في الواقع، وهذا بالنّسبة لمجموعة الكَلمات الموجودة في الدّائرة الصّغرى والدّاخليَّة بالنّسبة للدّائرة الكبيرة.
وسنضرب أمثلة لتوضيح وتقريب ذلك، وإظهار كيف أنَّ هُناك في اللُّغة مجموعة من الكَلمات لكُلٍّ منها دلالة واحدة وصُور ضدِّيَّة؛ نحو:
(وراء، خفي، عبد، قسط، ظنَّ، عس)
أ ـ دلالة كَلمة (وراء):
لقد أورد المُعجم أنَّ كَلمة (وراء) تكون للخلف والأمام(1).
والمعاجم عندما ذكرت دلالة كَلمة (وراء) أضافت للدّلالة ظُهُور صُورها في الواقع، وأحياناً؛ اكتفت بذكْر صُور الظُّهُور دُون ذكْر الدّلالة، وذلك من باب تفسير الشّيء بمآله.
ولنرَ دلالة كَلمة (وراء)، وصُور ظُهُورها في الواقع.
إنَّ كَلمة (وراء)من ورى، التي تدلُّ على التّورية بمعنى الاستتار والاختباء؛ أيْ ما غاب عن العين والنَّظَر؛ نقول: توارى السّيف في غمده، إذا دخل فيه، وغاب عن النَّظَر، فنُلاحظ أنَّ دلالة كَلمة(وراء) الاختباء والغياب قد تحقَّقت في الواقع بصُورة الدُّخُول في الشّيء.
قال تعالى[ وكان من ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً ] (الكهف79).
أيْ هُناك ملك ظالم مُستتر غائب عن علْم أصحاب السّفينة، يأخذ كُلَّ سفينة صالحة تمرُّ به، وتمَّ معرفة جهة الاستتار بأنَّها في الأمام من إسقاط النَّصِّ على محلِّه من الخطاب؛ إذْ لو كان من جهة الخلف، لكانوا قد مرّوا عليه أصلاً، وتمَّت مُصادرة السّفينة، ولم يصلوا إلى مُوسى وصاحبه.
قال تعالى: [ فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ] (هود 71).
نُلاحظ في دلالة كَلمة (وراء) أنَّها واحدة لم تتغيَّر، ولكنْ؛ يتغيَّر تَمَوْضُعُهَا في الواقع بصُور ضدِّيَّة، فتارةً تظهر بصُورة الأمام، وتارةً بصُورة الخلف، وتارةً بصُورة الدُّخُول في الشّيء، وتارةً بصُورة البُعْد الزّمني (البُعْديَّة)، وهكذا دواليك.
فسياق النَّصِّ وإسقاطه على الواقع يُحدِّد صُورة مُعيَّنة لظُهُور دلالة كَلمة (وراء)، فدلالة الكَلمة واحدة، وصُورها مُتضادَّة.
ب ـ دلالة كَلمة (خفي):
لقد أورد المُعجم أنَّ كَلمة (خفي) تدلُّ على السّتر والإظهار.
ومن هذا الوجه؛ تمَّ تفسير آية [ إن الساعة آتية أكاد أخفيها]؛ بمعنى أُظهرها؛ لأنَّ سياق النَّصِّ لا يحتمل دلالة السّتر؛ لأنَّها تتنافى مع فعل الإتيان، فما هُو آت يكون في طريقه للظُّهُور، وليس للسّتر.
وبناءً على هذه الاستخدامات؛ تمَّ تأكيد أنَّ كَلمة (خفي) من كَلمات التَّضادِّ تدلُّ على دلالتَيْن مُتضادَّتَيْن في الواقع (السّتر والإظهار).
إنَّ كَلمة (خفي) أصلها (خف)، وهي تدلُّ على خلاف الثّقل والرّزانة.
نقول: الرّجل خفيف الوزن، وخفيف العقل.
فخفَّة وزن الرّجل لا تعني انتفاء الثّقل في وزنه، فلا شكَّ أنَّ الرّجل له وزن، والوزن هُو ثقل، كما أنَّ كَلمة (خف) لا تعني ذهاب الوزن كُلِّه وهلاكه، وإلاَّ كيف نصفه بالخفيف، وكَذلك العقل؟!.
فَمَنْ غاب عقله تماماً يصير مجنوناً، ومَنْ مَلَكَ العقلَ يصير عاقلاً، بخلاف خفيف العقل؛ فهُو يملك عقلاً قاصراً في إدراك الأُمُور.
إذاً؛ كَلمة (خف) هي وصف لحالة بين الإثبات والنَّفْي.
قال تعالى: [ وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي ] (الشُّورى 45).
فعمليَّة النَّظَر الخفي ليست هي عمليَّة مستورة عن أعين النّاس، وإنَّما هي عمليَّة بين السّتر والظُّهُور، مستورة عن مُعظم النّاس، ومُلاحَظَة من آخرين، إذا أمعنوا النَّظَر.
وقال: [ ذكر رحمت ربك عبده زكريا , إذ نادى ربه نداء خفياً ] (مريم3).
إنَّ النّداء لا يكون من الإنسان إلاَّ بصوت، وعندما وصف اللّه ـ عزَّ وجلَّ ـ النّداء بصفة الخفاء دلَّ على أنَّ الصّوت لم يكن جهراً بحيثُ يسمعه مَنْ حوله من النّاس، وليس هُو مكتوماً لم يخرج من نفس زَكَرَيَّا، و إنَّما هُو بين السّتر والإظهار، إنَّه صوت خفي يسمعه زَكَرَيَّا بأُذنَيْه.
وقال: [ يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء ] (غافر16).
النّاس يوم القيامة بارزون، وهذا البُرُوز يقتضي الظُّهُور، وانتفاء السّتر والاختباء، ولكنْ؛ يُحاول مجموعة من النّاس عمليَّة الاختفاء، وهي تقليص لعمليَّة البُرُوز خوفاً وهَلَعَاً من أهوال الموقف؛ بحيثُ يصيرون أقلَّ من الآخرين بُرُوزاً، وهذا يقتضي تشتيت الانتباه، والتّركيز عليهم، فيُخبر اللّه ـ عزَّ وجلَّ ـ أنَّ أيَّ مُحاولة للخفاء في هذا اليوم هي مُحاولة فاشلة ومكشوفة من قبَل اللّه، فالجميع تحت السَّمْع والبَصَر والعلم الإلهي.
وقال: [ ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ] (النُّور31).
إنَّ قيام المرأة بالنّشاط الاجتماعي ـ قطعاً ـ سوف يترتَّب عليه حَرَكَة وانتقال وحُضُور بين الرّجال، فنهى اللّه ـ عزَّ وجلَّ ـ المرأة أنْ تُمارس أيَّ عمل يترتَّب عليه إعلام الرّجال (تصوُّراً) لما تُخفي من الزّينة، واستخدم الشّارع كَلمةَ (يُخفين) ليدلَّ على أنَّ زينة المرأة ـ مهما حاولت أنْ تسترها ـ تبقى عمليَّة السّتر ناقصة، ويُوجد من الزّينة ما هُو محلٌّ للتَّصوُّر الذّهني والظُّهُور بشكل خفي؛ سواء أ كان من جهة الحجم، أم من جهة الصُّورة. ولو كان القصد الإلهي السّتر الكامل الذي لا يُوجد فيه إمكانيَّة الظُّهُور لاستخدم كَلمة (يسترن)، أو (يُغطِّين)، ولو تمَّ ذلك في النَّصِّ لتعذَّر على المرأة مُمارسة أيّ نشاط اجتماعي، بل تعذَّر عليها الخُرُوج من البيت؛ إلاَّ تحت خيمة تُظلُّها وتُحيط بها من كُلِّ الجوانب.
ولإسقاط الفكرة للواقع ووَضْع اليد عليها نضرب مثالاً؛ وهُو قولنا:
اختفى القمر في الغُيُوم، توارى القمر في الغُيُوم.
ففعل (اختفى) يدلُّ على بدء دُخُول القمر في الغُيُوم؛ بحيثُ يصير
لا هُو ظاهر تماماً، ولا هُو مستور تماماً، فهُو بَيْنَ بَيْنَ، وعندما يكون الأمر كَذلك، فهُو قابل لأنْ يستمرَّ في عمليَّة الخفاء إلى جهة السّتر، فيصير مستوراً، أو يستمرّ في عمليَّة الظُّهُور، فيصير ظاهراً. فإذا كانت حَرَكَة الغُيُوم في بدايتها، فاختفاء القمر مآله إلى السّتر والتّغطية، أمَّا إذا كانت حَرَكَة الغُيُوم في نهايتها، فمآل القمر إلى الظُّهُور، وهُو في كلا الحالتَيْن مُتحقِّق به صفة الخفاء، أمَّا جُملة (توارى القمر)؛ فالمقصود بها ذهاب القمر وغيابه عن المُشاهدة؛ حيثُ يصير خارج مُستوى النَّظَر.
وبعد ذلك التّوضيح؛ نُفسِّر قوله تعالى:[ إن الساعة آتية أكاد أخفيها ] ؛ ففعل (أتى) ـ كما ذكرتُ سابقاً ـ يدلُّ على حُصُول الشّيء، فقيام السّاعة حاصل لا محالة، وفعل (أُخفيها) سائر في اتِّجاه الظُّهُور دلَّ على ذلك فعل الإتيان، فما هُو آت لاشكَّ بظُهُوره، ولا يُمكن أنْ يتمَّ ستره وتغييبه؛ لأنَّ ذلك يتنافى مع عمليَّة إتيانه (حُصُوله)، فمن هذا الوجه؛ تمَّ تفسير جُملة [ أكاد أخفيها ] بمعنى أُظهرها، وهي من باب تفسير الشّيء بمآله، ولكنْ؛ عند الدّراسة يجب إظهار المعنى الحقيقي للكَلمة، والحفاظ على دلالتها من الواقع.
فالخفاء لُغةً وواقعاً كَلمة تدلُّ على حالة بين السّتر والظُّهُور، فالأمر المخفي ليس مستوراً تماماً، ولا ظاهر تماماً، وسياق النَّصِّ وإسقاطه على محلِّه من الخطاب يُحدِّد هل الأمر المخفي مُتوقِّف على هذه الحالة، أم هُو في طريقه إلى الظُّهُور، أم في طريقه إلى السّتر والغياب؟
إذاً؛ كَلمة (خفي) تدلُّ على دلالة مُحدَّدة لُغة، ولا يُوجد في دلالتها أيُّ تضادٍّ؛ لأنَّ التَّضادَّ إنَّما هُو في تَمَوْضُع وصُور تشكُّل الدّلالة في الواقع، وبالتَّالي؛ يجب الانتباه ـ أثناء الدّراسة ـ لكُلِّ كَلمة يُخيَّل للباحث من الوهلة الأُولى أنَّها تدلُّ على مُتضادَّتَيْن، فالكَلمة لها دلالة واحدة، وإسقاطها على الواقع له حالات ظَرْفيَّة تُلازم دلالة الكَلمة، فمن الغلط أنْ نشرح دلالة الكَلمة بالظَّرْف الذي لازم وزامن وُقُوعها فقط، والأحرى أنْ نأتي بدلالة الكَلمة لُغة، ونتناول الظَّرْف الذي لازم وزامن وُقُوع دلالة الكَلمة.
انظرْ قوله تعالى: [ والله يعلم ما تسرون وما تعلنون ] (النّحل19).
[ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ]

[ ويعلم ما تخفون وما تعلنون ] (النّمل25).
[ إن الله يعلم غيب السموات والارض والله بصير بما تعملون ي (الحجرات 18).
فكَلمة السِّرّ: تدلُّ على الأقوال أو الأعمال التي يفعلها الإنسان بينه وبين نفسه، أو مع غيره، دُون أنْ يُطلع عليها الآخرين.
كتم: تدلُّ على إمساك الشّيء، وعدم نُفُوذه.
الإخفاء: كَلمة تدلُّ على مُحاولة أنْ لا يرى أو يعلم الشّيء الحاصل، وذلك بتقليص ظُهُوره إلى الحَدِّ الأدنى؛ حيثُ يُنتفى عنه صفة الظُّهُور، وبالوقت نفسه؛ لا يغيب كُلِّيَّاً.
الغيب: من غياب الشّيء كُلِّيَّاً عن المُشاهدَة، أو العلم به، ويكون في الماضي والحاضر والمُستقبل.
فاللهُ ـ عزَّ وجلَّ ـ يعلم الأحوال كُلَّها، لا يغيب عن علْمه شيء، سواء أ كان سرَّاً، أم خفاءً، أم كتماناً، أم غيباً.
ج ـ دلالة كَلمة (عبد):
إنَّ كَلمة (عبد) كأخواتها قد عُدَّت من كَلمات التَّضادِّ، فذكر صاحب مقاييس اللُّغة كَلمة (عبد)، فقال: العين والباء والدّال أصلان صحيحان كأنَّهما مُتضادَّان، الأوَّل يدلُّ على لين وذُلٍّ، والآخر يدلُّ على شدَّةٍ وغلظ.
إنَّ كَلمة (عبد) تبدأ بحرف العين والباء (عب)، اللّذان يدلاَّن في اجتماعهما على كثرة ومُعظم يُجمع في شيء آخر، وضدَّ كَلمة (عب) مَبنى ومَعنى هُو كَلمة (بع) التي تدلُّ على خُرُوج بكثرة ومُعظم وجَمْع.
فإذا أضفنا حرف (الدّال) لكلَيْهما، فإنَّ دلالتهما الأصليَّة لا تتغيَّر، وإنَّما يتمُّ إضافة شكل وتحديد لظُهُور المعنى لهما في الواقع.
بعد: (بع) كَلمة تدلُّ على خُرُوج بكثرة ومُعظم وجَمْع،وجاء حرف (الدّال) ليُعطيها دلالة الشّدَّة؛ لتصير خُرُوجاً شديداً يُقابل الخُرُوج القريب.
عبد: (عب) كَلمة تدلُّ على كثرة ومُعظم يُجمع في شيء آخر، وجاء حرف الدّال ليُعطيها دلالة الشِّدَّة؛ لتصير تدلُّ على كثرة ومُعظم يُجمع في شيء آخر بشكل مُعيَّن ومُحدَّد؛ نتيجة الشِّدَّة التي مُورست على طريقة الجَمْع.
وما ذَكَرَهُ صاحب مقاييس اللُّغة من دلالة التَّضادِّ لكَلمة (عبد) إنَّما أتى له من جرَّاء مُلاحظة دلالة كَلمة (عبد) في الواقع، فتارةً تأخذ شكل الذُّلِّ واللِّين المُتحقِّق بالعبد المملوك والطّريق الموطوء، وتارةً تأخذ شكل الشِّدَّة والغلظة المُتحقِّق بتمرُّد الإنسان وكُفْره ومُحاربته للحقِّ والخير.
فهاتان الصُّورتان (الشِّدَّة واللِّين) ليستا هُما دلالة كَلمة (عبد)، وإنَّما هُما صُورتان تحقَّق بهما دلالة كَلمة (عبد) في الواقع.
إذاً؛ كَلمة (عبد) عندما نستخدمها للإنسان تدلُّ على جَمْع وتشكيل مفاهيم مُعيَّنة بداخل الإنسان؛ حيثُ تصير طاقةً له، يُكيِّف سُلُوكه بحسبها، فإنْ كانت مفاهيم قائمة على الحقِّ والعدل والخير كان الإنسان ليِّناً مُطيعاً للحقِّ، خاضعاً له، وإنْ كانت مفاهيم قائمة على الباطل والشَّرِّ كان الإنسان شديدا كافراً بالحقِّ، مُتمرِّداً عليه.
فقولنا: الشّارع مُعبَّد؛ أخذ دلالة تجميعه وتشكيله بشكل مُذلّل يصلح للوطئ والسّير دُون مشقَّة أو تعب.
وقولنا: الإنسان عبد اللّه؛ أخذ دلالة تجميع إرادته وتشكيلها بشكل الإيمان بالحقِّ، والخُضُوع له.
وبعد ذلك؛ نقوم بتفسير قوله تعالى: [ قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ]
أيْ لو كان للرّحمن صفة الولادة، وبالتَّالي؛ له ولد، فأنا أوَّل مَنْ أجمع إرادتي وأُشكِّلها على الرّفض والاستنكار والكُفْر بهذا المدَّعي للأُلُوهيَّة؛ لأنَّه ما ينبغي للرّحمن أنْ يكون له ولد؛ لأنَّ الصّفة اللاَّزمة للرّحمن أنْ يكون أحداً صمداً؛ قال تعالى: [ وما ينبغي للرحمن أ ن يتخذ ولداً ] (مريم 92).
وقال: [ قل هو الله أحد , الله الصمد ] (الإخلاص 1 ـ 2).
ومُمكن أنْ تأتي كَلمة (العبادة) دُون تحديد لإحدى صُورها، وبالتَّالي؛ تبقى على عُمُوميتها تشمل الصُّورتَيْن الضِّدِّيَّة معاً في وقت واحد؛ نحو قوله تعالى: [ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ] (الذّاريات 56).
إنَّ هذا النَّصَّ من النّوع الإخباري، وبالتَّالي؛ فالمصداقيَّة له في الواقع ضرورة علميَّة وإيمانيَّة، والواقع المُشاهَد يدلُّ على أنَّ النّاس يُمارسون الحُرِّيَّة التَّامَّة في عمليَّة الإيمان أو الكُفْر، عبادة الرّحمن، أو عبادة الشّيطان، وقد أخبر اللّه ـ عزَّ وجلَّ ـ نفسه أنَّه خَلَقَ الموت والحياة لحُصُول عمليَّة الابتلاء للإنسان في الحياة الدُّنيا؛ إذْ قال: [ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ] (الملك 2).
فدلالة كَلمة (ليعبدُون) في النَّصِّ السّابق لم يُحدِّدها اللّه بصُورة دُون أُخرى كما فعل في آيات أُخرى؛ نحو: [ قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ] (الأعراف73)، ممَّا يدلُّ على أنَّ مقصد اللّه ـ عزَّ وجلَّ ـ من النَّصِّ هُو وَصْف واقع الإنسان في عمليَّة الاختيار لإحدى الصُّورتَيْن الضِّدِّيَّة، فإمَّا أنْ يكون الإنسان عبداً للرّحمن، أو أنْ يكون عبداً للشّيطان، فالنَّصُّ هُو خبر يُؤكِّد حُرِّيَّة الإنسان في العبادة، ولمَنْ يُوجِّهها، والحُرِّيَّة يترتَّب عليها المسؤوليَّة والحساب.
قال تعالى: [ وقفوهم إنهم مسؤولون ] (الصّافات 24).
وقال [ فوربك لنسألنهم أجمعين , عما كانوا يعملون ] (الحجر92 ـ 93).
د ـ دلالة كَلمة (قسط، ظنّ، عسّ):
إنَّ لمعرفة دلالة كَلمة (قسط) يجب معرفة دلالة أصوات الأحرف المُؤلَّفة منها الكَلمة:
فحرف (ق) يدلُّ على الوَقْف والقَطْع للشّيء.
وحرف (س) يدلُّ على الحَرَكَة واللُّيُونة.
وحرف (ط) يدلُّ على دَفْع شديد.
وحسب ترتيب مجيء الأحرف مع بعضها تدلُّ على صُورة دلالتها في الواقع؛ فمثلاً: كَلمة (سقط) بدأت بحرف (س)، وهُو يدلُّ على الحَرَكَة والانتقال، وحرف (ق) جاء بعد حرف (س) ليدلَّ على وَقْف هذه الحَرَكَة، وجاء بعده حرف (ط) ليدلَّ على الارتطام نتيجة الدَّفْع الشّديد؛ فتكون دلالة كَلمة (سقط) هي: الوُقُوع للشّيء، ونُلاحظ في عمليَّة الوُقُوع كيف تحقَّق فيها دلالة أصوات الأحرف المُؤلَّفة منها؛ لأنَّ الوُقُوع لابُدَّ له ابتداءً من الحَرَكَة والوُقُوف والارتطام.
فكَلمة (قسط) بدأت بحرف (ق)، ممَّا يدلُّ على أنَّ دلالتها ابتداءً هي الوَقْف والقَطْع للشّيء، وبعد ذلك؛ جاء حرف (س) ليُحرِّك هذا الوَقْفَ بشكل سهل وليِّن، وجاء حرف (ط) ليُوجِّه هذه الحَرَكَة نحو جهة ما بشكل شديد.
فإذا تمعَّنَّا في دلالة هذه الأحرف بشكلها الذي جاءت به (قسط) نصل إلى أنَّ كَلمة (قسط) تدلُّ على توقيف الشّيء، وتحريكه بعد ذلك، ودفعه، فإذا استخدمناها في واقع الحال نُلاحظ أنَّها ظهرت بصُورة القسْمة للشّيء، أو التَّجزيء له؛ فنقول: بيع التّقسيط؛ بمعنى تقسيم ثمن السِّلعة إلى أقسام مُتساوية يتمُّ دَفْعها تباعاً (أقساط)، قال تعالى: [ فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ] (الحجرات 9).
إنَّ الحُكْمَ بين النّاس قائم في أساسه على العدل، أمَّا تنفيذ هذا الحُكْم على أرض الواقع؛ فقد يتعذَّر تنفيذه جُملة واحدة في وقت واحد، فَحَضَّ الشّارع على عمليَّة التّقسيط في تنفيذ الحُكْم لما في التّقسيط من رَفْع الحَرَج، واليُسر للنّاس، وجَعْلهم يُؤدُّون واجبهم.
قال تعالى: [ ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ] (الأحزاب 5).
وقال: [ ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة ] (البقرة 282).
فبما أنَّ كَلمة (القسط) تدلُّ على تقسمة الشّيء لأجزاء (الأقساط)؛ كانت دلالة الآيات السّابقة تدلُّ على أنَّ عمليَّة إرجاع نَسَب الولد لأبيه هي الأقسط عند اللّه، بمعنى إرجاع الجُزء إلى أصله في واقع الحال هُو عين الحقيقة من حيثُ مُساواة الادِّعاء لمُقتضى الحال.
وكَذلك الآية الأُخرى، فهي تدلُّ على أنَّ عمليَّة كتابة وتوثيق المُعاملات الماليَّة بين النّاس هي (الأقسط عند اللّه)؛ بمعنى هي الأصحُّ والأَصْوَبُ والأَوْلَى لإرجاع الحُقُوق لأهلها.
قال تعالى: [ أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ] (المُمتحنة 8).
أيْ أنْ تقوموا بالتّعامل معهم بالمعروف بشكل مُتتابع من الصّلة وعمل الخير، وعدم قَطْعهم كُلِّيَّاً.
قال تعالى: [ وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا ً](الجنّ 15).
أيْ الذين يقومون بالتّعامل في عمليَّة إسلامهم لله بشكل مُقسط، فيأخذون منه ما يُوافق هواهم ومصالحهم، ويتركون ما يشعرون أنَّه لا يُحقِّق مصالحهم (إسلام تقسيطي).
قال تعالى: [ وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين ](المائدة 42).
إنَّ أساس الحُكْم بين النّاس إنَّما هُو العدل، ولكنَّ تنفيذ هذا الحُكْم العادل في الواقع لابُدَّ له من عمليَّة التّقسيط، فلذا؛ أمر الشّارع مُباشرة الحُكْم بالقسط، وذلك لا يتحقَّق إلاَّ إذا سبقه حُكْم بالعدل؛ لأنَّ القسط هُو تنفيذ عَمَلي للحُكْم، فمن هذا الوجه؛ جاء الأمر بالحُكْم بالقسط من باب المآل للحُكْم العادل في الواقع.
ـ ظنّ:
إنَّ كَلمة (ظنَّ) تدلُّ على حالة شُعُوريَّة في الإنسان، ومن المُمكن أنْ تكون حالة شُعُوريَّة يقينيَّة كما قال تعالى:[ الذين يظنون أنهم ملاقوا الله ] (البقرة 249).
ومن المُمكن أنْ تكون على الغالب كما قال تعالى: [ فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله ] (البقرة 230).
ومن المُمكن أنْ تكون على الشَّكِّ كما قال تعالى: [ إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ] (الأنعام 116).
فدلالة كَلمة ظنَّ لُغة هي واحدة؛ وهي حُصُول حالة من الشُّعُور بالمـَيل إلى الرّضى والقناعة بشيء، أمَّا ظُهُور هذه الحالة في الواقع؛ فتكون على صُور مُتضادَّة كما ذكرتُ آنفاً: ظنّ يقيني، وظنّ على الغالب، وظنّ شكٍّ. وسياق الكلام ونَظْمه والقرائن هي التي تُحدِّد أيَّ صُورة للظَّنِّ هي المقصودة بالكلام.
ـ عسَّ:
كَلمة تدلُّ على طَلَب الشّيء، والدُّنُوّ منه بخفَّة(1)، وهذا المعنى هُو دلالة حرفَيْ الكَلمة (عسَّ)، فحرف (ع) يدلُّ على العُمق والسّتر، وحرف (س) يدلُّ على اللُّيُونة والحَرَكَة، وجَمْعُهُمَا مع بعضهما يُعطي دلالة أنَّ الشّيء الطّالب يتحرَّك بلُطف ولُيُونة في طَلَب شيء آخر، ومن هذا الوجه نقول: العَسَس؛ للذي يطوف بهُدُوء بحثاً عن شيء. قال تعالى: [ والليل إذا عسعس ] ؛ بمعنى إذا جاء اللّيل يطلب النّهار ويبحث عنه، حتَّى لا يدع منه شيئاً إلاَّ سَتَرَهُ، وهذه الحالة الفيزيائيَّة لمجيء اللّيل مُتحقِّقة ـ أيضاً ـ في عمليَّة إدباره وانسحابه، فهُو يقوم بسَحْب ذُيُوله من الواقع، وجرِّها إلى أنْ لا يبقي منها شيء، ومن هذا الوجه ظهرت صُورة التَّضادِّ لدلالة كَلمة (عسَّ)، فكما يُقبل اللّيل عليكَ يُدبر عن غيركَ، فهُو في عمليَّة (عَسٍّ) مُستمرَّة مُتعاقبة مع النّهــار.

اجمالي القراءات 51186