ق 3 ف 2 :اللجنة الشرعية تحتكر الشرع وتبغى السيطرة على العالم الاسلامى

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٠٧ - أكتوبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

كتاب ( المعارضة الوهابية فى الدولة السعودية فى القرن العشرين )

القسم الثالث:  المعارضة الوهابية التى أنجبت أسامة بن لادن 

 الفصل الثانى :  تحليل الصراع  بين اللجنة الشرعية والدولة السعودية

   صراع اللجنة مع الدولة : صراع بين عقيدتين سياستين من عقائد السلف

 اللجنة الشرعية تحتكر الشرع  وتبغى السيطرة على العالم الاسلامى

1 ــ رأينا كيف كانت اللجنة تري ان شرعية الحكم السعودي تتوقف علي ارتباطها بالشريعة السلفية ،ثم تطور الامر فانتقدت الدولة السعودية الاولي والوهابية السعودية ،واستخدمت ادوات الوهابية في طعن السعودية ،كل ذلك لأن تلك الدولة تعتنق العقيدة السياسية التي تقول بطاعة ولي الامر ،والتي تخالف عقيدة اللجنة القائمة بطاعة الشرع ،والشرع عندهم هو رأي اللجنة وان خالف الجميع ..وهذا يستلزم توضيحا .

2 ــ يقول صاحب كتاب (زلزال ال سعود) ان الاعداد الفكري والفلسفي بدأ بكثير قبل الاعلان عن لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية ،اذ كان رواد الاصلاح يفكرون منذ بداية الاصلاح بقضيتين رئيستين اعتبروهما وعاء لبقية القضايا :الاولي ايصال رسالة الاصلاح بتفاصيلها للامة وبالطريقة الفعالة ، الثانية هي انشاء المؤسسات التي تحتسب علي الشعب والحكام من اجل تنفيذ تلك الرسالة ).فاذا فنحن امام اعداد فكري و فلسفي استهدف استقطاب الامة الي المشروع السياسي ،وهو ان تكون اللجنة ومؤسساتها منوطة بالاحتساب علي الشعب والحاكم ،أي تكون اللجنة كيانا اكبر من كيان الحاكم و اكبر من كيان الامة ،وتقوم بالاحتساب والحكم دون ان يحتسب عليها احد او يحاكمها احد .اذن فهو التفويض الالهي في الحكم تحت اسم الشرع .

3 ــ وفي النظم الغربية فأن الشعب هو الذي يملك السلطة ،او ان الامة هي مصدر السلطات ،وينتخب الشعب من يمثله في تلك السلطات ،التي تكون متوازنة يراقب بعضها بعضا في مناخ من الحرية الفكرية السياسية والشفافية بحيث لا تتضخم احدي السلطات علي حساب الاخري ،ويظل الشعب أو الامة رقيبا علي السلطة القضائية والسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية خلال حرية الصحافة والاعلام ومؤسساته غير الحكومية .

4 ــ وفي العهد النبوي المضيء كانت الشوري تعني الديمقراطية المباشرة ،حيث كان النبي عليه الصلاة والسلام مأمورا بالشوري وهو الذي يوحي اليه ،ثم تؤكد له الآية الكريمة (آل عمران 159 )انه لو كان فظا غليظ القلب لانفضوا من حوله ،والمعني انهم اذا انفضوا من حوله فلن تكون له دولة ولن تكون قوة بل سنعود الي قصة الاضطهاد القديمة قبل ان يجتمعوا حوله ،واذا فأنهم باجتماعهم حوله اعطوه السلطة ،وإذن فهم مصدر السلطة ،او بتعبيرنا المعاصر (الأمة مصدر السلطات ).ثم اتي علي المسلمين حين من الدهر تحولت فيه الشوري الي حكم  عسكري قبلي (نسبة الي القبيلة ) في الدولة الاموية ،ثم الي تحول حكم ديني كهنوتي في الدولتين العباسية والفاطمية ،واستمر ذلك حتي العصر العثماني الذي اتيح في نهايته للمستعمر الغربي ان يستعمر بلاد المسلمين مستغلا ما شاع في هذه الدولة العثمانية من تخلف واستبداد وانحلال وعجز تحت شعار الخلافة .وتلك هي الدولة العثمانية التي يمتدحها المسعري في كتابه (الادلة القطعية )، وقد هاجم الدولة السعودية لأنها خرجت عليها ،ويريد احياء الخلافة بعد سقوطها في تركيا في سنة 1924 .

5 ـ وفي سبيل احياء ذلك فان اللجنة تقيم فلسفتها على اساس انها وحدها التي تملك صلاحية التحكم في الدوله بنظامها السياسي وارضها وشعبها،وذلك عبر ما اسموه بالاحتساب  على الشعب والحكام ،ثم وبعد النجاح في اقامة هذا النظام في البلاد العربيه يمكن القفز الى بقية بلاد العالم الاسلامي لاقامة الدوله الاسلاميه الموحده مقابل الغرب الكافر ، أى تقسيم العالم الى معسكرى ( دار السلام ودار الحرب ) حسبما سياتي تفصيله فيما بعد.

6 ـ المخيف هنا أن اللجنة تفهم الشرع على أنه تعاليم ابن تيمية أولا ثم ابن عبد الوهاب تاليا . وشرع ابن تيمية يوجب قتل المسلم الذى يصلى لأتفه الأسباب ولمجرد خلافات فقهية فرعية ، بل يوجب قتل ما أسموه بالزنديق وهو الفقيه السّنّى مثلهم ولكن له آراء تخالفهم فى الفرعيات والتفصيلات ، وهو يوجب قتل هذا الزنديق عند العثور عليه ودون محاكمة وقتله حتى لو تاب . وردد آراء ابن تيميه فقهاء الوهابية ( المعتدلون ) مثل سيد سابق فى ( فقه السنة ) وأبو بكر الجزائرى فى ( منهاج المسلم ) . تطبيق هذا الشرع كارثة تقضى على أعضاء اللجنة أنفسهم ، إذا إختلفوا مع بعضهم ، وقد إختلفوا مع بعضهم . الأزمة الحقيقية أن شرع الوهابية والشرع السنى السلفى كله يحتاج الى مراجعة قبل المطالبة بتطبيقه . وهذه المراجعة مستحيلة التنفيذ لأن معظم آراء الفقه السنى تتكاثر فيها الخلافات ، وتعتمد على أحاديث متعارضة ، ومن المتعذر على أى فقيه سلفى أن يُنكر حديثا إستشهد به أحد الأئمة السنيين . لذا يلجأ أساطين الاخوان المسلمين ومعهم اللجنة الأصولية الوهابية الى العموميات والشعارات مثل (تطبيق الشريعة )و( الاسلام هو الحل )و (الاحتساب) و تعبيرات ( الشرع الشريف ) دون تحديد لماهية هذه الشرع ، وكيف يكون الاهيا وهو كله كلام بشر يخطئون ويصيبون ، ولم ينفع إجتهادهم لعصرهم الذى إمتلأ بالمظالم فكيف ينفع لعصرنا .  ومن يعرف خطورة تطبيق الشرع الوهابى بحذافيره يحمد الله جل وعلا على أن الأسرة السعودية لا تطبقه بحذافيره .!

7 ـ ونعود الى عقيدة اللجنه السياسيه هي تضع نفسها فوق الحاكم وفوق الشعب دون ان تكون مسئوله امام احد من البشر ، أي تحتسب ولا يحتسب عليها احد،ونقلا عن كتاب (زلزال ال سعود ) يقول فى باقى فقراته : (ولقد تحقق تنفيذ القضيه الاولى بصوره مرضيه ومن خلال خطاب العلماء ومذكرة النصيحه ) .

واذا عدنا الى خطاب المطالب او خطاب العلماء وجدنا بين سطوره دعوه ملحه على وجود هيئه ما تختار اعضاء مجلس الشورى وتنتقي اللوائح والانظمة من كل ما يتعارض مع الشريعة وتحاسب المسئولين في الدولة علي اخلاقياتهم وسلوكياتهم و مدي كفاءتهم في العمل ،وتحقيق العدل والمساواة بين الجميع غنيا او فقيرا ،وتتابع وتحاسب المسئولين الكبار بكل جدية ،وتطهر اجهزة الدولة من المفسدين  حتي ولو كانوا من الاسرة الحاكمة ،وتقيم العدل في توزيع المال العام ،وتقضي علي احتكار الحكام ،وتعيد بناء الجيش والاعلام ،وتتيح حرية الكلمة خلال ضوابطها الشرعية ،وتعيد بنا السياسة الخارجية علي اساس العداء للغرب الخ .وهذه الهيئة التي تحتكر السلطة وتعلو فوق الحاكم لا تكون الا من اولئك الذين سموا انفسهم رواد الاصلاح ..

8 ــ الا انهم تواروا خلف هذه المطالب واوصلوه الي الحاكم والي الشعب لكي يستقطبوا الشعب الي جانبهم ويحس بحاجته الي تلك الهيئة التي تحقق العدل والمساواة ،وتحارب الفساد ،ومن هنا يقول كتاب (زلزال ال سعود) : (ولقد تحقق تنفيذ القضية الاولي )(وهي ايصال رسالة الاصلاح بتفاصيلها الي الامة بصورة مرضية من خلال خطاب العلماء ومذكرة النصيحة ،وكان لابد من الانتقال الي القضايا الاخري ذات الطبيعة العملية المعقدة ،لكن رواد الاصلاح كانوا علي دراية بخطورة مثل هذه الخطوة .) أي اقامة اللجنة كمؤسسة للاحتساب علي الشعب والحكام. ولأن الثقافة السائدة كانت لا تقبل قيام مؤسسة اهليه مستقلة عن النظام فأن رواد الاصلاح ادركوا ضرورة (اختيار مظلة مناسبة لهذا المفهوم ،وتقديمها للناس في اطار مقبول لا يجد أي متعلل مدخلا عليه من المداخل الشرعية )(وكان انسب وعاء تنفذ فيه هذه الفكرة هو التعاون من اجل نصرة المظلوم ) أي كانت اللجنة ترفع شعار ( نصرة المظلوم ) لتصل الي غرضها الحقيقي وهو الحكم  الاستبدادى المطلق تحت شعار الاحتساب علي الحاكم والمحكوم ،أي ان تصير قوة سياسية فوق العرش السعودي ،او بالمعني الشيعي يكون لها ولاية الفقيه علي السياسة والحكم .

وندخل بهذا على ( تأثر اللجنة بالتراث الشيعي في العقيدة والحركة ) ,

اجمالي القراءات 7138