كيف نتصور إخلاص الدين لله ؟؟؟

عثمان محمد علي في الأربعاء ٢٤ - سبتمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم .

كيف نتصور إخلاص الدين لله ؟؟؟

الموضوعات النظرية أو الباطنية المُرتبطة بالعُمق الداخلى للإنسان كالإيمان إو إخلاص الدين لله جل جلاله  تكاد تكون كصورة مُتحركة  بعيدة لا نستطيع أن نلمسها أو نُحدد ملامحها على وجه الدقة دون محاولة تقريبها من اذهاننا اكثر واكثر . ولمحاولة تقريبها وتخيلها كواقع ملموس نستطيع التعامل معه دعونا نُلقى الضوء على موضوع بسيط يعلمه كثير من الناس وتعامل معه كل الناس ربما نتعلم منه بعض الشىء  يقربنا من تصور الموضوع .

الا وهو .

الجماعة علماء المُركبات الصيدلانية فى قطاع إنتاج امبولات الماء المُستخدم فى إذابة حقن المضادات الحيوية. توصلوا إلى عدة قواعد ومواصفات وضوابط لهذه النوعية من المياه ،  منها .. -

ان يكون الماء المُستخدم نقى بنسبة 100%. بمعنى انه مكون من (هيدروجين وأُكسجين بنسبة 1:2) فقط لا غير بدون اى مزيج أو  خليط او  شوائب آخرى  ذائبة فيه  . ولو انتج المصنع  كمية  كبيرة جدا من امبولات المياه وجاءت نتائج التحاليل تقول انها مزيج من الماء ومركب اخر أو أن  بها شوائب ، يُعدم المُنتج كله  دون النظر لكم الإنتاج  او تكلفته التى سيخسرها المصنع لأن المنتج (الماء)  غير صالح  للإستخدام . ولو إفترضنا مثلا او جدلا  ان (لويس باستير ) او (مندليف ابو الكيمياء ) نفسه جاء وقال ممكن نسمح بوجود عنصر ثالث حتى لو كان مما نعتبره اكسير الحياة او افضل مركب غذائى فى الوجود  مثل الجلوكوز او عسل النحل  مع الهيدروجين والأكسجين وتظل اسمها مياه وتستخدم  للحقن ،سيكون الجواب لا والف لا  ولن يكون اسمها ماء للحقن  وسيكون ساعتها إسمها أى شىء آخر غير ذلك  لأنها  لن تكون مياه نقية  خالصة .

-- كيف يحصلون على هذه النوعية من المياه النقية الخالصة (هيدروجين واكسجين فقط ) ؟؟

بالتقطير و بالتكثيف او بمعنى ابسط بالغليان  ثم بتجميع البخار وتكثيفه  وتسييله (جعله سائلا ) مرة أخرى  ..
ولماذا لا نستخدمه من المياه الموجوده مباشرة ؟؟

  كلنا نعلم أن ماء المطر المُنزل  من السماء يكون نقيا خالصا(هيدروجين وأكسجين فقط ) ثم يقابله ويعلق به بعض الشوائب من مركبات عضوية وغير عضوية اخرى  موجودة  فى الهواء أو على سطح الأرض او فى باطنها  ،فيصبح غير نقيا   ويظل يسمى مجازا  بالماء ،ولكنه فى الحقيقة خليط ومزيج  من الماء وأشياء أخرى.

كيف نحافظ على نقاءالماء المقطر ليظل نقيا وطاهرا طوال مُدة  صلاحيته  ؟

عن طريق دخوله غرفة التعقيم  للتأكد من نقاءه وتعقيمه  بعدة طرق منها  – الترشيح عبر مرشحات فتحاتها لا ترى إلا بالميكروسكوب الإلكترونى وتُقدر ب 20 على مليارفتحة لكل 1 سم  . أو الغليان تحت ضغط معين ، او  بتعرضه  لنوع معين من الاشعة  أو  أو أو  .

كيف نحفظه بعد ذلك ؟؟

 بتعبئته فى انابيب صغيرة  او قارورات  زجاجية من نوع خاص محكمة اللحام أو الغلق جيدا داخل غرفة التعقيم  لحين  إستخدامه قبل إنتهاء عمره الإفتراضى .

هل هناك إستثناءات لأى من البشر فى كسر وتخطى هذه القواعد العلمية ؟؟

لا خواطر ولا  إستثناءات لأى من البشر فى كسر هذه الحقيقة حتى لو كان  لويس باستير ابو علم التعقيم  نفسه ..

قد يقول قائل نحن نعلم ان هناك مُذيبات عضوية اخرى تستخدم فى اذابة بعض مركبات  وانواع  اخرى للحقن وليس الماء فقط ؟؟؟

 نعم هذا صحيح ويسرى عليها كل ما قلناه عن قواعد وحقائق  النقاء والتعقيم .ولكن ماء الحقن هو ابسط واسرع مثال نستطيع ان نلمسه بنفسك وكلنا تعاملنا معه أو شاهدنا الطبيب او الصيدلى او هيئة التمريض وهم يستخدموه امامنا .

طيب يا عم  بعد ده كله أنت ناوى تدخل فى الموضوع ولا موضوعك إيه بالظبط ؟؟

صبرك علىّ الله يكرمك ..

ندخُل فى الموضوع . بداية اقول  لكى لا تختلط علينا الأمور نحن لا نضرب الأمثال لله الواحد الأحد سبحانه وتعالى . ولكن نضرب الأمثال فى كيف نُخلص  نحن ديننا وعبادتنا لله الواحد الأحد .

إخلاص الدين لله الذى جاء فى قوله تعالى فى سورة البينة (وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) – 5  .مثله كمثل الماء النقى الذى إستخدمته فى المثال اعلاه تماما  ،إلا ان كلمة نقاء او نقى ليستا من مُصطلحات القرآن الكريم ،ولأن  للقرآن الحكيم  مُصطلحاته ،فقد عبر عن النقاء بالإخلاص  بمعنى الخالص النقى 100% من اية  شوائب فكرية او عقائدية او تعبديه علقت به  ، فإخلاص الدين لله تعنى أن نجعل لا إله إلا الله  فى قلوبنا وعقيدتنا وعبادتنا لا شريك له سبحانه .ومنها جاءت تسمية سورة الإخلاص التى تتحدث عن توحيد الله جل جلاله وحده لا شريك له . وكما أن الماء النقى يعنى انه  (هيدروجين وأكسجين فقط ،ولا يقبل اى خليط او مزيج  معهما حتى لو كان سكر الجلوكوز  او عسل النحل اللذان نتصورهما احسن طعام وغذاء فى الكون ) وإلا اصبح شيئ آخر غير الماء .فكذلك إخلاص الدين لله جل جلاله لا يقبل اى خليط او مزيج من الإشراك به حتى لو كان واحد على عشرة مليار . اى لا بد ان يكون دينا خالصا وتدينا نقيا   له سبحانه وتعالى . فلا نُشرك معه سبحانه احد من خلقه ولا مُشرعا مع شرعه  ،، ولا متحكما معه سبحانه فى  حكمه ومُلكه وملكوته  يوم الدين ،ولا رازقا  لمخلوقاته سواه فى الدنيا والآخرة  ،ولا قدوسا  نُقدسه معه سبحانه القدوس وحده ،وتكون عقيدتنا وإيماننا وحياتنا تطبيقا لقوله تعالى (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لا شريك له وبذلك امرت وانااول المسلمين) الأنعام 163.

 

هل يولد الإنسان على إخلاص الدين لله ؟؟

نعم كما أن الماء ينزل من السماء نقيا  (هيدروجين وأكسجين فقط ) ،يولد الطفل على مخلصا دينه لله  ،وعلى لا إله إلا الله وحده لا شريك له .

وماذا يحدث له بعد ذلك ؟؟

كما  يمتزج  مع الماء   مركبات  و شوائب آخرى فى الهواء أثناء هطول المطر  أو على سطح او فى باطن الأرض ، فإن الملوثات الشيطانية  تمتزج وتختلط وتُشارك (وهنا الإشراك )  مع إخلاص الدين لله ،ولا إله إلا الله فيصير مزيجا مختلطا من الإيمان والإشراك معا .  ومثالا على ذلك  فى المُجتمعات المُسلمة تختلط وتشارك لا إله إلا الله عقائد وتراث وميراث أهل السنة  أو اهل التشيع أو اهل التصوف  ،فتجده يشرك مع الله من خلقه حجرا او بشرا ومع كلامه جل جلاله   ما نُسبوه زورا لله ولرسوله  من عنعنات   للبخارى ومسلم ووووو. ويُشركون  معه فى شريعته  ديانات ومذاهب  مالك بن انس ،او ابو حنيفة ،او الشافعى أو إبن حنبل . فتجد المسلم إما  مُسلما  سنيا مالكيا أو شافعيا أو حنفيا او حنبليا. ولو كان شيعيا .ستجده يُشرك مع الله جل جلاله على بن ابى طالب  وبنيه ،ومع كتابه ،كُتب أئمتهم من الكافى إلى جعفر الصادق ،الى الكاظم  إلى غيره وغيره . وإذا كان صوفيا يصبح مُسلما صوفيا احمديا أو شاذليا ،او رفاعيا ،او خلوتيا ،قناويا و هكذا . فكل اولئك مزجوا وخلطوا واشركوا دينهم وإيمانهم بالله بخليط آخر وشركاء آخرين فخرجوا بذذلك ومعهم  إيمانهم بعيدا عن قاعدة (إخلاص الدين لله وحده لا شريك له ) .واصبح تدينهم طبقا لقاعدة النقاء أو إخلاص الدين لله غير صالح ، كما كان فى المثال اعلاه  خليط  الماء وأشياء آخرى عالقة غير نقى وغير صالح للإستخدام ،فإيمانهم اصبح إيمانا يشركون به مع الله ولم يعد دينهم دينا خالصا لله  .

هل هُناك إستثناءات لبشر ما فى كسر قاعدة إخلاص الدين لله ، أو الإشراك به أحدا من خلقه ؟؟

كما قلنا عن  الماء  انه لا توجد إستثناءات لأحد فى إستخدام  ماءا غير نقيا فى امبولات الحقن .فكذلك لا توجد إستثناءات لأحد من خلقه سبحانه وتعالى فى أن يأتيه وهو مُشرك معه أحد ،وإلا حبط عمله ،وهذا ينطبق على الرسول محمد بن عبدالله فى قوله تعالى (لئن أشركت ليحبطن عملك ) . وفى وجوب تطبيقه لإخلاص الدين لله  فى قوله تعالى(انا انزلنا اليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين) الزمر -2  وقوله تعالى (قل اني امرت ان اعبد الله مخلصا له الدين) الزمر -11-

 وجاء ايضا  كأمر من الله للناس جميعا فى قوله تعالى (ان الله لايغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما) النساء .48--- وفى قوله تعالى (ان الله لايغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا) 116. وجاء الأمر بفرضية  إخلاص الناس دينهم لله  فى قوله تعالى  فى سورة البينة (وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) – 5  وفى سورة غافر (هو الحي لا اله الا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين).65

وبذلك  تساوت  الأوامر من الله   فى التحذير  للرسول والمسلمين معا  من  إحباط  أعمالهم وتضييعها نهائيا   لو أنه هو أو هم اشركوا بالله و لم  يك دينهم نقيا خالصا  لله رب العالمين .

هل هناك طريقة لإعادة إخلاص الدين لله مرة اخرى  ؟؟

نعم  فكما قلنا عن تقطير الماء وتعقيمه وتعبئته داخل غرفة التعقيم المغلقة ذات المواصفات والقياسات الخاصة والمحددة بها ولها مساحة ممدروسة ولها بداية ونهاية .فكذلك تعقيم وتنقية وإخلاص الدين لله  بدخول عقلنا  وإتباعنا لآيات القرآن الكريم وحده لا شريك له فى عقيدتنا (لا إله إلا الله ) وعبادتنا وسلوكياتنا اليومية الذى له (اى القرآن ) له  بداية ونهاية ومحاط بسور محكم لا يستطيع الإنس والجن على أن يغيروا او يزحزحوه من حدوده  (اى السور)  او يغيروا من معالمه قيد أنملة اى انه غرفة محكمة التعقيم  محفوظة بحفظ الله له لتعليمنا  وتعبئة نفوسنا  بإخلاص الدين لله جل جلاله   .

هل هُناك عوامل تعقيم او تطهير مُستمرة ،ومتاحة للحفاظ على إخلاص الدين لله ؟؟

نعم . منها إخلاص لا إله إلا الله لله وحده لا شريك له  قولا وفعلا . وإقامة العبادات مثل الصلاة والزكاة  والحج والصيام ،وكل فروض واوامر ونواهى القرآن  ألآخرى  فى معاملاتنا  اليومية ما إستطعنا إلى ذلك سبيلا  فهى وسائل للتقوى ،والتقوى هى   المُطهر الأقوى فعالية الحفاظ على إخلاص الدين لله ولذلك جاء القرآن الكريم يقول (فاتقوا الله ما استطعتم).

- وأنا اتصور أن موقف الذين خلطوا دينهم وتدينهم واشركوا مع الله ما لم ينزل به سلطانا يوم القيامة طبقا لقاعدة الإشراك يؤدى لإحباط العمل .سيكونون من الفريق الذى قال الله عنه (قل هل ننبئكم بالأخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يُحسنون صنعا ) .. وذلك لأنهم غشوا إيمانهم ودلسوا على أنفسهم ولم يخلصوا دينهم لله .

----------تصوروا  وتخيلوا ، وبعد كل هذا لكم ان تعلموا  أن الغريب والمُضحك المُبكى  فى نفس الوقت .ان فى دولنا الإسلامية من يدعون إلى إخلاص الدين لله ،ويدعون  المسلمين لإعادة قراءة كتابهم القرآن الكريم مرة اخرى بقلب مخلص دينه لله ،وبعدم الإشراك به .يُضطهدون وتُقطع ارزاقهم ويُهجّرون ،وتُسلط على رقابهم القوانين السيئة السمعة التى  تفرق بينهم وبين اهلهم وازواجهم ، و تزج بهم فى غياهب السجون القوانين التى تسمى قوانين  الحسبة وإزدراء الأديان !!!!!!!!!!!

ومن يخلطون دين الله بأديان  ما انزل الله بها من سلطان ،ويجعلون دينهم وتدينهم  (بزرميط) وخليطا من  (سمك لبن تمر هندى)( بخارى ،شافعى ،شعرانى، حسينى ،سلفى وهابى ،شيعى ووو ) ويسخرون من الله ورسله ورسالاته ليل نهار  مُنعّمون يتقلبون فى رغد من العيش ،لهم مخصصات مالية طائلة ،وقصور وحدائق وبساتين هنا وهناك  ،وسيارات فارهة وحراسات خاصة وحراسات عامة ،ووسائل إعلام  تنشر لهم بزرميطهم ويُجبرون الناس على الإيمان به على انه دين الله !!!!!

فوالله إن دين الله الخالص منهم ومن تدينهم لبراء ...

(فستذكرون ما اقول لكموافوض امري الى الله ان الله بصير بالعباد) غافر 44

       
       
 

==

آسف على الإطاله .

اجمالي القراءات 9962