ق2 / ف2 : مقدمة عن حركة جهيمان واحتلال الحرم المكى

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ١٦ - سبتمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

كتاب ( المعارضة الوهابية فى الدولة السعودية فى القرن العشرين )

القسم الثانى :  : المعارضة الوهابية فى عهد سعود وفيصل و خالد

الفصل الثانى جهيمان العتيبى واحتلال الحرم المكى (10/11/1979 اول محرم سنة 1400 هـ )

 

( مقدمة: اولا: المناخ الذي افرز حركة جهيمان العتيبي : البترول وسياسة الملك فيصل (1964 1975 ) وعلو المد السلفي ، ثانيا : . تقرير تاريخى موجز عن اقتحام جهيمان للحرم  الوهابية  .ثالثا : قراءة في الايدولوجية الوهابيية لجهيمان العتيبي من خلال رسائله :موقف الشيوخ الوهابين من جهيمان : رأي جهيمان في شيوخ عصره في المملكة :موقف جهيمان من الدولة السعودية :منهج جهيمان في رسائله .تعقيب علي منهج جهيمان في رسائله . الهوامش )

 

مقدمة  : بين ناصر السعيد وجهيمان العتيبى

مع الاختلاف الشديد بين ناصر السعيد وجهيمان العتيبي في الثقافة والتوجه الاصولي السنى وحركة المعارضة الا انهما حملا ثأرا شخصيا ضد الدولة السعودية ومؤسسها عبد العزيز  . ناصر السعيد حمل ثأر اهله  الذين قاوموا عبد العزيز حتي غلبهم وضم حائل ،وولد بعد سقوط حائل وتربي في وسط عائلي يكتم مرارة الثأر ويتمني الانتقام ،فلما شب عن الطوق تحول الي المعارضة بطريقته الخاصة اما جهيمان العتيبي فينتمي الي قبيلة عتيبة باخوانها الذين ثاروا علي عبد العزيز ،وكان جده من بين  هؤلاء الثائرين ،ولقي حتفه في معركة السبلة .وعاش جهيمان في بيئة الثأر نفسها ،الامر الذي انعكس علي حياته وثقافته  وتلون بها موقفه من الدولة السعودية الي ان انتهي الامر به الي اقتحام المسجد الحرام داعيا للمهدي المنتظر القحطاني .

وثمة  ناحية اخري تربط بين ناصر السعيد وجهيمان العتيبي ،هي ان حركة ناصر السعيد ادت الي مناخ معاكس لما ساد في عصر سعود ،ادي الي تغليب الاتجاه السلفي في المملكة ضمن سياسات الملك فيصل وتحالفه مع الرئيس السادات ضد اليسار ،وبعلو المد السلفي بين مصر والسعودية اتيح المجال المناسب لتطور المعارضة لجهيمان العتيبي لتنطلق  من الطور السري الي اقتحام الحرم المكي الشريف ..

وفي هذا الفصل عن جهيمان العتيبي نبدأ

(أ) بتحليل السياسة التي ارساها الملك فيصل والتي كانت نتيجة فعلية للتطور الهائل للدخل البترولي بعد حرب رمضان اكتوبر 1973 ،وما ارتبط بهذا المناخ من تغيرات محلية واقليمية ادت الي علو المد السلفي في المملكة والمنطقة .

(ب) ثم نعطي تقريرا تاريخيا عن جهيمان العتيبي وعملية اقتحام الحرم المكي الشريف ودلالاته .

(جـ ) وبعدها نحلل ايدولوجية جهيمان العتيبي من خلال رسائله واهم القضايا التي ناقشها ،والفكرة الاساسية التي دار حولها ،ومنهجه الفكري في رسائله ودعوته . وسيتضح لنا ان الفكرة الاساسية التي دار حولها جهيمان العتيبي هي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ،ومن خلالها تحددت نظرته للدولة السعودية والشيعة والاجانب والعلماء داخل المملكة وخصصوصا ابن باز ،ثم استعان بمذهب فكري سلفي محدد اعتمد علي رؤية خاصة للاحاديث واراء الائمة والمفسرين السلفيين السابقين من ابن تيمية الي ابن عبد الوهاب في اقناع واحراج مخالفيه في الرأي .وخلال كتاباته كان يظهر انحيازه لحركة الاخوان النجديين الذين ثاروا من قبل علي عبد العزيز ،بمقدار ما كانت تظهر كراهيته لعبد العزيز .

 

اولا: المناخ الذي افرز حركة جهيمان العتيبي

البترول وسياسة الملك فيصل (1964 1975 )وعلو المد السلفي

1-     البترول

 كان البترول هو المحرك الاساسي في عصر الملك سعود ،وتفاعل مع سياسة الملك سعود ومع الظروف الاقليمية والدولية في توجيه المعارضة السعودية لتكون يسارية ،وتأثرت معارضة ناصر السعيد وتلونت بطبقة اشتراكية مع جذورها الدينية .وبوصول الملك فيصل الي الحكم  دخلت المنطقة في عصر جديد .اذ انحسرت الناصرية بهزيمة  1967  ثم موت عبد الناصر وتولي السادات ،وتحالف السادات مع فيصل ضد اليسار والاشتراكية ،وواكب هذا الطفرة الهائلة في الاسعار للنفط بعد انتصار رمضان اكتوبر 1973 ،واستغل الملك فيصل الطفرة الهائلة في زيادة دخل المملكة في  تدعيم سياسته الداخلية والخارجية ، والتي اسفرت  في النهاية عن نمو النفوذ السلفي ليواجه به المعارضة العلمانية اليسارية مما ادي فيما بعد الي تكوين معارضة من داخل التيار الوهابى السلفي ،وهي معارضة جهيمان ، اذن ساعدت عوائد البترول الضخمة الملك فيصل وادت بالتالي الي توجيه المعارضة بعده لتكون سلفية ..وهكذا يظل البترول صاحب التأثير الاعظم في المعارضة من عهد سعود الي عهد خالد ..

2-     التوجه السلفي في سياسة الملك فيصل :

فيصل ابن عبد العزيز (1906-1975 ) شخصية مميزة من ابناء عبد العزيز ،شارك اباه في تأسيس الدولة السعودية ،وتولي منصب حاكم الحجاز بعد ضمه ،وعمل وزيرا للخارجية ،واصبح وليا للعهد ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشوري ورئيس الهيئة العليا للتخطيط .وكان الحاكم الفعلي للدولة بعد ظهور عجز سياسة سعود .

الا ان ميزة فيصل الشخصية تتمثل في جمعه بين الاصولية السنية السلفية والاحتكاك بالسياسة العالمية وعلاقته بالغرب التي تقوم علي اساس المصلحة . وفي السنوات  الاخيرة من عهد الملك سعود برز الصراع واضحا بين النخبة العلمانية والنخبة السلفية في الادارة الحكومية ،وكانت المعارضة السعودية في مجملها محسوبة علي اليسار العلماني . وبمجرد جلوسه علي العرش بدأ فيصل في تركيز السلطة في يده واعلن برنامجه الاصلاحي بالنقاط العشرة ، الذي تأثر -كما سبق توضيحه بمطالب ناصر السعيد . ولم يتم تنفيذ الاصلاحات السياسية ،وتم بدلا منها تنفيذ الاصلاحات الاجتماعية والتعليمية  والاقتصادية .

وفي سياسته التعليمية حرص فيصل علي التركيز علي التربية الدينية الوهابية السلفية ، وانشئت في عهده جامعات جديدة مثل جامعة الملك عبد العزيز سنة 1967 وجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية في الرياض 1974 وجامعة الملك فيصل في الدمام والهفوف 1975 ،وكلها كانت تمنح درجات علمية في الدراسات الاسلامية والشريعة ،هذا بالاضافة الي الجامعة الاسلامية  الرئيسية في المدينة .

ونشطت في عهد فيصل المؤسسات الوهابية السلفية ،واهمها ادارة البحوث الدينية والافتاء والدعوي  والارشاد ،وكانت هيئة مستقلة تتبع الملك فيصل باعتباره رئيس الوزراء ،وتخصصت في نشر الفكر الوهابي وتوزيع المؤلفات بالمجان ،وتصدر الفتاوي التي يطلبها الملك او الهيئات الحكومية . وكان الملك يعين المجلس الاعلي للافتاء طبقا للمرسوم الملكي رقم 1/137 الصادر في 1971 ،وقد نص المرسوم علي ان مهمة المجلس الاعلي تقديم الرأي القائم علي الشريعة في القضايا التي يطرحها عليهم ولي الامر ،أي الملك ، واقتراح السياسات في القضايا الدينية لارشاد ولي الامر ،واصدار الفتاوي لارشاد المسلمين في العقيدة والعبادة والمعاملات. وتكون المجلس من 15 عالما بينهم واحد من ال الشيخ . والملفت للنظر تولي العديد من ال الشيخ مناصب وزارية في التعليم العالي والعدل والزراعة والمياه ،مع المناصب الدينية ،مما يدل علي علو النفوذ السلفي في عهد فيصل وتغلغله في مجالات كانت قصرا علي النخبة العلمانية  من قبل .

والتفت الملك فيصل  الي العالم الاسلامي ومجتمعات الاقليات المسلمة في الخارج وعزز الاتصال بهم عبر الجمعية الدولية للشباب الاسلامي تحت شعار التضامن الاسلامي ،وكان مقر اللجنة الرياض ،وانشئت في ديسمبر 1972 في اعقاب اجتماع ممثلي منظمات شباب العالم الاسلامي تحت رعاية وزير التعليم السعودي ،وكان واضحا ان هدف الجمعية هو تقديم المملكة السعودية زعيمة للعالم الاسلامي ،ونشر الفكر الوهابي بين شباب وكوادر العالم الاسلامي ،ويلفت النظر ان القائمين علي ادارة هذه الجمعية  كانوا من الشباب السعودي الحاصل علي تعليم علماني غربي ،وان الكتب التي روجت لها الجمعية كانت تدور حول الجهاد  والاقتصاد الاسلامي والفقه الحنبلى التيمى الوهابى ،ومن خلال الجمعية نشرت كتب سيد قطب والمودودي ومفكري الاخوان المسلمين من مصر والهند ..

وترتب علي اصلاحات فيصل ازدياد عدد الوزارات حتي اصبح عددها سنة 1975 : 23 وزارة، بالاضافة الي الاقسام المستقلة والمكاتب واللجان ،وهذا التوسع الاداري كان فرصة لاصحاب المهارات من النخبة السعودية لتولي المناصب القيادية بشرط مسايرة التوجه السلفي الزائد ،وبهذا خفت الصراع الذي كان قائما بين النخبة العلمانية والنخبة السلفية ،وتسابق نجوم النخبه العلمانيه في الوزاره في عهد فيصل الي اعلان ولائهم للقيم السلفية الوهابية .وبرز في عهد الملك فيصل  الشيخ حسن بن عبدالله آل شيخ وزير التعليم العالي ،وقد عينه الملك فيصل رئيسا للمجلس الاعلي لمركز بحوث الملك عبد العزيز .وتولي د. سليمان عبد العزيز السليم وزارة التجارة وقد تخرج في جامعة القاهرة وحصل علي الماجستير من جامعة جنوب كاليفورنيا وحصل علي الدكتوراة من جامعة جونز هوبكنز ،وفي رسالته للدكتوراة اكد علي ان الشريعة ( السلفية الوهابية ) تتفق مع معطيات العالم المعاصر ولكن المشكلة تكمن في وجود فجوة بين علماء الدين وعلماء الاقتصاد والمثقفين .حيث لا يهتم العلمانيون باسهامات علماء  الدين .واشتهر في عهد الملك فيصل د.محمد عبده يماني الحاصل علي دكتوراة من جامعة كوينل  وكانت له اسهامات في الفكر السلفي مع ان تخصصه في الجيولوجيا ،وبهذه الشهرة اصبح نائبا لوزير التعليم ورئيسا لجامعة الملك عبد العزيز سنة 1974 ،ثم اصبح وزيرا للاعلام 1975 .وبنفس الطريقة كان هشام ناظر وزير التخطيط يعلن انه لا يوجد تناقض بين الاسلام ( أى الوهابية ) والتحديث ، ويؤكد علي ضرورة تحقيق التنمية الاقتصادية لخدمة الجماعة الاسلامية .اما احمد زكي يماني وزير البترول والثروة المعدنية واشهر وزير سعودي والحاصل علي ماجستير من جامعة هارفارد فقد كان يعلن ان التقدم يمكن تحقيقه من خلال الشريعة ( الوهابية ) فقط ، وان نظام الشريعة ( الوهابى ) قائم علي اساس سعادة الفرد ومصلحة الجماعة ،وكان واضحا تأثره في كتابه (القانون الاسلامي ) بابن القيم الجوزية .[1]

وهكذا انعكس التوجه السلفي للملك فيصل علي سياساته التعليمية والاصلاحية وعلي تفكير النخبة العلمانية في عهده ،ونقصد بهم اولئك الذين عملوا معه ،اما المثقفون العلمانيون اليساريون الذين استمروا في نهج المعارضة ،فقد عانوا من الاضطهاد .

3-اعتقالات المعارضة اليسارية وزيادة انتاج النفط :

بعد هزيمة عبد الناصر في سنة 67 عقد مؤتمر الخرطوم وتم فيه اعادة الترابط العربي، وعقد الصلح بين فيصل وعبد الناصر ودفع الثمن ناصر السعيد والمعارضة الناصرية والقومية واليسارية في المملكة في داخلها وخارجها .وعمل فيصل ايضا علي تطويق المعارضة  ببرنامجه الاصلاحي وباحداث رخاء في المملكة عن طريق زيادة النفط ليقوم بتمويل الاصلاح وشغل المواطنين بالبناء والتعمير والتوظيف .واستجاب له فريق من المعارضين بينما ظل اصحاب الايدولوجيات اليسارية في صف المعارضة ، فتعامل معهم بعنف .

لقد تم كشف العديد من المنظمات اليسارية السرية 1969 التي تغلغلت بين مختلف الطبقات الاجتماعية وداخل اجهزة الدولة ،واستمر كشف هذه المنظمات من يونية 69 الي 1971 عبر جهد مكثف لاجهزة الامن السعودية وتحت اشراف الملك والامراء ،وبلغت حصيلة المعتقلات في هذه المدة حوالي الف معتقل وفرار العشرات خارج المملكة ،ومما ازعج المسئولين في المملكة تغلغل المعارضة الي اجهزة الدولة الحساسة في الامن والجيش حتي الرتب الوسطي والعليا .وتحدثت منشورات المعارضة في الخارج عن عمليات تعذيب تعرض لها المعتقلون مما يجعل موجة الاعتقالات التي حدثت بين 1969 :1971 افظع مما سبقها في سنوات 53 ،56 ،64 ،1967 من حيث عدد المعتقلين او الزمن الذي استغرقته او درجة التركيز او شمول الاعتقالات لشتي مناطق المملكة .

وقد ادت موجة الاعتقال هذه الي سحق المنظمات اليسارية المعارضة القائمة وادي الي ارهاب المتعاطفين معهم وهرب الكثيرين للخارج وقيامهم بدعاية سوداء ضد المملكة .وكان لابد من زيادة انتاج البترول لاقامة رخاء اقتصادي يداوي الجراح ويشغل المواطنين عن الاحتجاج والمعارضة .وبهذا تحقق لارامكو هدفها في موافقة السعودية علي مضاعفة انتاج البترول اكثر من ست مرات فيما بين 1969 الي 1980 ،وبذلك قفز انتاج البترول من اقل من 3 مليون برميل يوميا سنة 69 ليصل الي 8 مليون 1973 ،وتضاعف ايرادات الحكومة ثلاث مرات ونصف ،وادي هذا التوسع في انتاج البترول الي استعانة  ارامكو بستة شركات جديدة بالاضافة الي الشركات القديمة ،واحتاج هذا التوسع الي كتلة من المقاولين المحليين لاقامة المنشآت والتسهيلات ،وبالتالي استفاد كبار الموظفين من هذه الاعمال ،وتحول الكثيرون الي مقاولين في الظاهر اوالباطن ،وتوسعت حركة العمل وتقلصت البطالة وانشغل الجميع بالعمل مما جعل المعارضة اليسارية تتناقص وتحُاصر وتنعزل ،كما ان التراكم السريع للمواد المالية البترولية اوجد الحاجة الي استثمارها في الخارج ،في الغرب اساسا ثم في البلاد العربية طبقا للمصالح والعلاقات السعودية بتلك الدول العربية ،مما ادي ايضا الي محاصرة المعارضة السعودية في الخارج خصوصا مع تصدير الفكر الوهابي للخارج .[2]

زيادة الدخل البترولي  بعد حرب اكتوبر واثره في توجيه المعارضة الجديدة:

وادت حرب اكتوبر وتضحيات المصريين والسوريين  الي ازدياد دخل المملكة من البترول حيث ارتفعت اسعاره اربعة اضعاف .وكان دخل المملكة البترولي 2 , 1   بليون دولار سنة 1970 ارتفعت الي  2 , 4 بليون سنة 1973 ليصل سنة 77 الي 37 بليون دولار ،وتضاعف في 79 ليصل الي 70 بليون دولار ،ثم وصل في اعقاب ثورة الخوميني سنة 1980 الي 90 بليون دولار .[3]

وهذه الزيادة المذهلة في دخل المملكة تفاعل مع سياسة فيصل التي استمرت بعده في تأكيد النفوذ السلفي ،وبالتالي اصبح هذا التيار مرشحا لأن يفرز المعارضة الجديدة من داخله بسبب التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي احدثتها تلك الطفرة الهائلة في الدخل القومي للمملكة ..

فقد تضخمت طبقة الرأسماليين من شركات المقاولات والاستيراد وغيرها ،وانضم الي طبقة رجال الاعمال الكثيرون من المتصلين بالسلطة والادارة ،وبتعقيد الادارة وتشابك مصالحها مع الطبقة الجديدة من الرأسماليين فقد تهاوي النفوذ الذي كان سابقا لشيوخ القبائل ،خصوصا مع قيام وزارة الداخلية والحرس الوطني بالدور الذي كان يقوم به شيوخ القبائل من قبل في حفظ الامن ..ووصل الامر الي تهميش قطاع البدو حيث لم يعد للاقتصاد البدوي الصحراوي اهمية ،وادي بالتالي الي هجرة البدو والفلاحين واصحاب الحرف البسيطة الي المدن  والحضر واذا عجز البدوي عن الحصول علي وظيفة فانه يجد فرصته في الحرس الوطني واجهزة الامن [4] حيث يجري اعدادهم لمواجهة الخارجين  علي الدولة ومعارضيها .أي انه توظيف للبدو ليكونوا كالاخوان ولكن بدرجة اقل وفي ظروف مختلفة .

الا ان هذا القطاع من السكان (أي البدو ) تأثر بالظروف الجديدة التي جعلته الي حد ما مختلفا عن الاخوان السابقين .فبينما تربي الاخوان عقيديا في الهجر بعيدين عن الاختلاط بغيرهم من الناس حتي من الوهابيين العاديين فان البدو في عصر فيصل اصبحوا اكثر انفتاحا ووعيا اذ هاجروا الي الحواضر واختلطوا بالناس وتأثروا بهم في ظل الاوضاع الجديدة التي هي اكثر انفتاحا واكثر ثراء ،مما جعل البدو في موقع القابلية للتأثر بما يحدث ،وبالتالي تراخي لديهم ما تعودوه من اولوية التماسك القبلي ،بعد ان ضعف نفوذ شيوخ القبائل وفقدت الصحراء اهميتها الاقتصادية الرعوية والزراعية واصبح الطموح المادي مسيطرا ومرتبطا بالنفوذ الاجتماعي.

ومن ناحية اخري واكب ازدهار الدخل النفطي عوامل اخري  ساعدت علي زيادة الوعي ،منها الاحتكاك بالعمالة الوافدة  وثقافاتها المختلفة ،وتزايد دور الاتصالات السلكية واللاسلكية  والاعلام المسموع والمرئي وتحرره من سلطة الدولة حيث يتمكن الشخص العادي من سماع الاذاعات والاعلام الاجنبي وبالتالي الاستماع الي وجهات نظر اخري مختلفة مغايرة  لما تتطرحه الدولة ،كما ان ارتفاع الدخل اعطي الفرصة للسفر للخارج للتعليم والنزهة ،واعطي فرصة للاحتكاك بالآخر داخل الوطن العربي وخارجه واصبحوا اكثر تفاعلا بما يجري في العالم خصوصا مع ثورة دينية مثل ثورة الخوميني .

وارتبط هذا الوعي بالحاجة الي اصلاح سياسي يعالج سلبيات الثراء الاقتصادي والاداري رغم وجود مجتمع الثراء ،ذلك ان ما وعد به فيصل من اصلاحات سياسية لم ينفذ منها شئ ،ثم كانت المفاجأة في قيام ثورة الخوميني سنة 1979 لتشجع المعارضة وتحدد منبعها في ان تكون ثورة اصولية وهابية ،يقوم بها ثائر من  البدو ومتأثر بالاخوان السابقين ،فكان جهيمان العتيبي الذي اعتنق الفكرة الشيعية الاصل (المهدي المنتظر ) ليحارب من خلالها الدولة السعودية .

اجمالي القراءات 9195