نحن أيضا نغضب
رسالة إلى سيد القصر!

محمد عبد المجيد في الإثنين ١٥ - سبتمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

رسالة إلى سيد القصر!

يا سيد هذا القصر،

بيني وبينك مئة مستشار، يلتف حول كل منهم مئة معاون، يلتصق بذيل كل معاون مئة مساعد، يحمي كل مساعد مئة حارس، فكيف تقرأ كلماتي؟
لو جمعت ما كتبه القلم عنك من عاشقي النيل لـَـصـَـدَمتك دهشة المعرفة، فمشاكل وأزمات ومعضلات وفواجع وكوارث أم الدنيا بين اصبعين من أصابع أبناء شعبك، لكن القصر مغلق، والمستشار في جيبه المفتاح، والمعاون يعرف كوده، والمساعد قام بتغييره، والحارس كالجدار يمنع الرؤية عن الخارج، ويحجب الرؤية من الداخل.

يا سيد هذا القصر،
أطرقُ بابك كما يفعل آلاف غيري، ونضع الفكرة تلو الفكرة، ونُحذِّر من مطب هنا، ومصيدة هناك، ونقوم بحمايتك أكثر مما يفعل المحيطون بك، وعندما يتناهى إلى سمعك صوتــُــنا يكون قد خــَــفــَـت، وبهـَـت، وضــَـعف، وفصلتنا عنك سنواتٌ ضوئية.

يا سيد هذا القصر،
أوصلك الشعب إلى القصر، وساندك وأنت على البساط الأحمر، وكانت مطالبه خجولة كأنها استجداء أو توسّل أو أنهار دموع عاشقي الوطن: حاكمهم، وطهــِّـر القضاء، واعقد بيديك حبل المشنقة، وهددهم في عائلاتهم وأحبابهم حتى يعيدوا أموال الذين أمسكوا بذراعيك لتدخل القصر بسلام.
جنود مصر ورجال أمنها ليسوا ملكية خاصة بالرئاسة ولا يتبعون الزعيم أو وزير الدفاع أو وزير الداخلية، لكنهم أبناؤنا، لذا فالثأر من قاتليهم ثأرنا، فلماذا هذا التباطؤ المهين لنا؟

يا سيد هذا القصر،
يخرجون في حضرتك واحداً وراء الآخر، أموالهم، أقصد أموالنا، تكفلهم، وتجعل القاضي يطرق خجلا: حكمت المحكمة على الثري بالعودة إلى بيته بكفالة عدة ملايين من الأموال المسروقة، وحكمت المحكمة على الفقير، ابن الكلب، بالبقاء خلف القضبان لأنه لم يسرق ليدفع الكفالة!

يا سيد هذا القصر،
قم بزيارة السجون والمعتقلات واخرج منها وفي يدك الأبرياء، فهذا أشرف من مئة قناة سويس!
امنع مكبرات الصوت، فهذا أصلح من ألف طبيب أنف وأذن وحنجرة، فمواطنوك سيصيبهم الصمم قريباً.
امنع السلفيين وأعضاء حزب النور من العبث بمستقبلنا، أو الدخول تحت قبة البرلمان، فقد أظهروا عداوتهم للوطن والنشيد والعــَــلــَــم، ومع ذلك فهم آمنون على جرائمهم في عهدك!
تحدّث ولو مرة واحدة أمام شعبك، واقسم له برحمة ربك أنك ستعيد كل جنيه.. كل قرش .كل مليم إلى الشعب ، وتعرف أن الأموال لن تعود قبل الأحكام، والأحكام لن تصدر قبل تطهير القضاء، والقضاة لن يعدلوا إلا إذا عرفوا أنك لست مدينا لهم.

يا سيد هذا القصر،
نقف معك، ونتعاطف مع أحلامك وطموحاتك ما لم تتصادم مع آمالنا وتمنياتنا وثورتنا الينايرية الطاهرة، فكيف نلتقي ورموز النجس الماضي تــُــخرج لنا ألسنتها مع انبلاج كل فجر جديد؟

يا سيد هذا القصر،
نحن أيضا نغضب ففي الغضب روح الحياة، ونتمرد ففي التمرد أوامر السماء، ونــُـتقـَـبـِّـل تراب الوطن فالوطن قبـْـلك وقبل العقائد والأديان والمذاهب، وقد سقطنا من أرحام أمهاتنا على تراب الوطن و.. ليس فوق الكتب المقدسة!

يا سيد هذا القصر،
لا تجعل رموز من جاءوا قبلك يشيرون لك على الطريق الصحيح، فكلهم، مبارك وطنطاوي ومرسي، سيبتسمون لك ويطلبون منك الولوج في طريق الشيطان.
إعلامُك بوجهين: الأول يبتسم في وجهك، والثاني يطعنك في ظهرك، فهل تنبهت، أم لم تتنبه كما جعلوك تسكت على الارهابيين وهم يمسكون أجهزة التحكم في الطاقة، وغدا في المياه، وبعد غدٍ سيتحكمون في الهواء الذي نتنفسه!

يا سيد هذا القصر،
معذرة، فقد ظننتك تستمع إليَّ، لكن المسافة أصبحت كسدرة المُنتــَـهىَ التي هي أقرب إلى صوتي من قصرك!
ومع ذلك فلك مني، حتى الآن، كل محبة إلىَ أنْ يشاء الله.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 12 سبتمبر 2014

اجمالي القراءات 10343