الإصلاح الديني لماذا
ما حك جلدك مثل ظفرك

لطفية سعيد في الخميس ١١ - سبتمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 

تعليقا على مقال الدكتور أحمد صبحي منصور ماذا  تخسر مصر إذا تخلصت  من الدواعش  ؟ يهدف الدكتور أحمد صبحي للإصلاح الديني إلى التخلص من حاملي مرض التطرف والروايات الكاذبة المقدسين البخاري  ، بعقلية المصلح الذي يريد قطع شجرة التطرف من جذورها ، لكن عالم السياسة له أبعاد  ومقاييس أخرى  ، لا يهمه أن يقتلع  شجرة الإرهاب من جذورها ـ  ليس من أولياته ـ  بقدر ما يهمه البعد السياسي في المقام الأول ، وهذا ظهر بوضوح  في سياسة الحكومة ممثلة في  وزير التعليم  فقد قدم مشروع  مزايدات  تنافس به الحكومة فريق الإخوان والسلفيين ... حيث قرر الوزير أن يسبح مع نفس التيار ويقرر دخول المزاد ويفرض تدريس الإعجاز العلمى فى القرآن على الطلبة (وقد تناول الدكتور خالد منتصر هذا الموضوع في مقاله ( نريد إنجازا لا اعجازا )  .

  بدل أن ينقي  وزير  التعليم  كتب التربية الدينية من كل ما فيها من روايات  ،تدعو للعنف  والتطرف ، ومعجزات حسية مزيفة أضيفت للنبي محمد  لم يتحدث عنها القرآن ، وتزيد في حجم الإسفاف العقلي ( ولسنا في حاجة إلى المزيد منه ) ..  كنا  ننتظر أن  ينقي وزير التعليم   الكتب من الخرافات  والأساطير والخزعبلات التي  لا تحترم عقلية   طالب السموات المفتوحة  على الإطلاق  .. كنا نتمنى مخلصين أن  يعيد  لحصة التربية الدينية احترامها  وروحها وسمتها المفقود     ، والتي تحدث أثرا بالغا في كنز القدوة  المفقود   منذ زمن بعيد  ... لكنه  قد أقحم  هذا المشروع الذي لا يفيد  أحدا على الإطلاق ، بل سيزيد الأمر سوء لأن نوعية العقليات التي تتحدث عن الإعجازفي كتب الوزارة  ستزيد الطين بلة ! وسوف تساهم في ازدياد الفجوة بين ما يقوله العلم ــ وهو في تجدد مستمر وتطور ـ  وبين ما يركز عليه هؤلاء   ...  فعقليتهم غنية عن التعريف ...  وكفانا جهلا  .. بأنا ـ بحق ـ مازلنا أمة ضحكت من جهلها الأمم ....

 ممن  تخشى الحكومة في الإصلاح الديني  ؟!! تخشى من مناصري الدواعش وتتخيل أن لهم شعبية كبيرة ويخوفهم الشيطان من هذه الكثرة الزائفة .. لو كان هناك  صدق في نية الإصلاح  ، وفي  التوجه والتوكل  على الله فقط   ، لقل الخوف ، بل انعدم الخوف  :

فلا يشعلهم ما يحاك من مؤامرات وتكتلات في شيء يقول تعالى :
 


((الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175) وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (آل عمران)

 

الإصلاح الديني لابد أن يأتي أولا  ،لأنه هو الأساس القوي فيما يحدث من إصلاحات ، وخاصة  ما يتعلق  بإرساء لقيم سلوكية عملية ،   فالتركيز على الجانب النظري ، وإهمال جانب القدوة العملية كان له آثاره المدمرة ليس على الشباب فحسب  ،بل على  المجتمع ككل ، والعودة للصدق المفقود في مجتمعاتنا العربية  أصبح ضرورة وهو في نفس الوقت ما نبه عليه ديننا الحنيف بأن يكون القول مثل  العمل تماما  قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)الصف

كان النظام الإخواني الداعشي يعتمد في وعوده الاقتصادية على دول  خارجية  تقدم له دعما غير محدود  .... أما الآن   ليس أمام مصر  من حل سوى الاعتماد على نفسها ، لكن المستغرب أن من يدفع فاتورة الإصلاح فئة محدودي الدخل فقط  ... بالرغم من كل ما هم فيه من الضنك  والضيق  ....

فلماذا  لا نرى تكتلا من موظفي الدولة العميقة بنفس القدر؟!    والتي يعنيها الإصلاح أكثر من غيرها، على أقل التقدير من أجل الاحتفاظ بمكتسباتها الدائمة ... فتوفيرالاجتياجات الأساسية  العاجلة لابد من تأمينه في المقام الأول ، فلماذا لم نر من قطاع رجال الأعمال أمثلة  صارخة  في تقديم مصالح الوطن على مصالحهم الشخصية  !!   ولماذا لم نر جهاز القوات مسلحة يتعهد بتوفير  (واحد .. اثنان ... ثلاثة  ) من كل ما يمكنه توفيره بدون طلب الرئيس منهم ذلك ...

المسئولية لابد ان تقسم حتى يسهل حملها ، والتجارب السابقة تؤكد أن المساعدات الخارجية  لايعول عليها ، فعيوبها أكثر من فائدتها  ولسنا في حالة تسمح  بامتيازات مجحفة ... زائد انها تفتح باب السرقات والاختلاس في الداخل من بند الموظفين الذين أدمنوا ذلك النوع من القدرات ... وأكيد لا وقت للتهذيب الأخلاقي الآن... فقد فات أوانه  ، ولم يعد هناك مرارة للخطب الجوفاء في هذا الشأن  ...

إذن ما الحل   ... لقد  تبين بوضوح أن تأجيل المشكلة يزيد من حجمها وتعقيدها  ، مما يجعلها  تستعصي على الحل ... نريد تعجيلا في الحلول ، لا تأجيلا .. طالما أننا إلى الآن لم نتفق على تحديد واضح ، ومحدد ، ويحسن السكوت عليه للشريعة ومبادئ الشريعة ،  فلماذا نصر على وضعها في المادة الثانية من الدستور المصري الجديد  ،أنغازل من خلالها التيارات المتطرفة ؟!! ونضرب بكل الآيات القرآنية التي توجب الحرية الدينية عرض الحائط   ؟!  لماذا نصر على أن نكون ملكيين أكثر من الملك نفسه ، و في قرارات الحكومة ،  وفي ما فعله وزير تعليمها دليلا على ذلك ... يقولون إن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة ، لكنا نعود خطوات  وخطوات للوراء   ،فإلى متى ؟!!

 فليس من حل لدينا سوى الاعتماد على النفس  بأن تتكاتف الجهود ونغلب المصلحة الجماعية  ، فـــــــ (ما حك جلدك مثل ظفرك فتولى أنت جميع أمرك  ) ، فلا بديل عن  الاستقرار للجميع وخاصة لمن يملك زمام الأمر ...  فاختيار المشاركة أخشى أن يفوت أوانه  لنصل  للوقت  الحالك الذي  لا تنفع فيه أية  مشاركة بل لا تقبل  .. لأنه قد فات أوانها ..ليبدأ جني محصول التأخر المرضي المميت ، لنجد مصر عراقا ثان .... وما الدواعش عنا ببعيد....ونحاول الإصلاح  والإصحاح .. ولكن للأسف  يكون قد فات أوانهما  ...  فنكون مثل من أضاع دنياه، ووقت اختباره واختياره ، وجاء في الآخرة  ليطلب ...  لكن قد فات  أوان الرجوع ، والسجود  .. حينذ سيجد نفس الرد عليه  ، قال تعالى :

( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43) القلم

ودائما صدق الله العظيم 

اجمالي القراءات 12195