عدلي منصور فخر مصر والقضاء

شادي طلعت في الخميس ٠١ - مايو - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

إنه القاضي عدلي منصور، الذي رأس في  يوم ما أعلى منصة قضاء في مصر، وقد ذكر التاريخ المصري أمثلة مشرفة لقضاته، ومستقبلاً سيسجل التاريخ عدلي منصور على عرش شرفاء وعظماء القضاء المصري، فالرجل ليس مجرد قاضي عادي، وليس مجرد فرد عادي، وليس مجرد رئيس دولة عادي، إنهح الة فريدة ومتميزة ستظل وسام فخر وشرف،ليس للقضاء أو القضاة فقط، وإنما لكل مصري أيضاً، وما أجزم به الآن تجاه الرجل يعود لعدد من الأسباب وهي :

 

أولاً/ دماثة خلق الرجل المتمكن من الفصحى :

لم نرى أو نسمع عدلي منصور، يتلفظ بألفاظ نابية، كما كان يفعل محمد مرسي الرئيس الذي سبقه، فمرسي الذي كان يتخبط لغوياً في العربية الفصحي خلفه عدلي منصور ليكون مدرسة لغوية للغة الضاد، ولا أعتقد أن أحداً كان يكتب خطابات الرئيس/ عدلي منصور، أو يملي عليه عناصر معينة، ليتناولها في خطاباته، فالقاضي المتمكن، ليس بحاجة إلى توجيه، لأنه يملك بصيرة لا تتوافر لدى كثيرين، فكيف الحال إن كنا نتحدث عن رجل يرأس أكبر منصة قضاء في مصر.

 

ثانياً/عدلي منصور ليس مجرد قاضي كبير بل هو أيضاً رجل حرب :

لقد إعتلى الرجل أكبر منصة قضائية، كنتيجة طبيعية لسجل مشرف لعمله في القضاء، وطوال فترة عمله تعرض للعديد من التهديدات في العديد من القضايا  التي وقعت تحت يديه، إلا أنه كان قدر المواقف التي تعرض لها، ولم يبالي، وكانت الإمتحان الحقيقي له، أن يتولى إكبر منصب في البلاد، فجلس على عرش مصر عام 2013، في أصعب فترة تعيشها البلاد، فمصر لم تكن في حرب مع عدو خارجي، ولكن كانت في صراع  داخلي، من فئة ضالة من أبنائها الخارجين عن القانون، وهنا كان المحك الرئيسي لأكبر إختبار للرجل، فالمسؤلية ليست تشريفية، وليست منحة أو مغنماً، بل كانت المسؤلية على عدلي منصور نقمة ومغرماً، بيد أنه كان قدر المسؤلية، ورجل على قدر الموقف الصعب والعضال، لقد قبل الرجل الرئاسة لأنه كان نداء من الوطن له، بأن يدخل إلى ميدان القتال متطوعاً، مسلماً للوطن روحه قبل كل شيء، ومضحياً بأي حماية له أو لأهل بيته فالأذى لم يكن بعيداً عن الرجل أو ذويه وعائلته، من خلال أعداء الوطن.

 

ثالثاً/ عطاء الرجل والنيل منه شعبياً ودولياً :

لم يذكر الإعلام عدلي منصور إلا وحاول النيل منه، بأن يلحق بكلمة الرئيس كلمة المؤقت ! للتأكيد على معاني أخرى سياسية، بيد أن كلمة المؤقت، كان لها تأثيرها السلبي على الرجل، إلا أنه لم يبالي ولم يحاول قط، ولو لمرة دفع تلك الكلمة، وهو الرئيس خليفة الله في حكم البلاد، فالرجل قد آتاه الله الحكم، ولم يسعى إليه طامعاً في السلطة، ومن يأتيه الله الحكم يعينه الله عليه، ولا يوكل الحكم إليه فيستعصي عليه، وكما ذكرت آنفاً لم تكن مهمة الرئاسة تشريفية بل كانت حرباً ! ونزل الرجل إلى ميدان القتال دون خوف لا على نفسه ولا على أهل بيته، فالوطن كان عند عدلي منصور أكبر وأغلى وأثمن من الدنيا بكل متاعها، إن موافقة الرجل على التكليف بكل ما فيه من نيل شخصي له، لدليل على دماثة الخلق، والعطاء المتناهي، فقط لأجل الوطن، ومن هذا المنطلق لم يبالي عدلي منصور بنعته بالرئيس المؤقت ! فليس أكبر منصب في الدولة طموحه، بل إن سلامة الوطن هي ما كان يصبو إليه الرجل.

 

رابعاً/ عدلي منصور الرجل الذي لم يطلب شيئاً :

إن جلوس عدلي منصور على عرش مصر، يعطيه ميزة نسبية عن إي شخص آخر يطمح في حكم مصر، ولو كان عدلي منصور يسعى للسلطة، لكان قادراً على أن يعمل لأجل نفسه، ولكان سيجد الكثيرين من المؤيدين، واللذين لن يهدأوا إلا بعد أن يكون رئيساً للبلاد من خلال إنتخابات حرة ونزيهة، إلا أن الرجل لم يفعل ذلك، ولم يحاول فرض نفسه ولو لمرة واحدة، وإنصهر مع شعب مصر في طلبه بأن يكون المشير/ عبدالفتاح السيسي، رئيساً، للبلاد، مع وجود أقاويل كثيرة قيلت بأنه كان يجب إن يكون أحد المرشحين للرئاسة، إلا أن الرجل لم يفعل.

 

خامساً/ منصة القضاء عند عدلي منصور هي الأكبر من وجهة نظره :

إن منصب القاضي ليس بالمنصب الهين إو السهل، لا في الدنيا ولا في الآخرة، فحساب القاضي في الآخرة عسير، وعذاب ضميره في الدنيا إن أخطأ لعذاب قاتل، وعدلي منصور الذي جلس على أكبر منصة قضاء، رأى من وجهة نظره، أن الله قد كرمه بالجلوس على تلك المنصة، وهو على يقين، بأن الله هو من أتى به إلى القضاء، وحيث أن القضاء والسياسة لا يجتمعان، حتى لا يختل ميزان العدالة ! فإن الرجل قد إكتفى بأن يكون قاضياً لا سياسياً، ومن هنا تتضح قيمة وقدر الرجل، فهو حقاً لقاضي قدير يستحق منا جميعاً الإحترام وأن نرفع القبعة له، لأنه مثال يجب أن يحتذي به الجميع من القضاة.

 

في النهاية :

 

ذكر التاريخ المصري أمثلة مشرفة لعدد كبير من القضاة، وآخرهم كان المستشار/ أحمد الزند، هذا الرجل الذي فرض نفسه في التاريخ، من خلال مواقفه المشرفة المدافعة عن القضاء، والهادفة لحماية العدالة في مصر والحفاظ على إستقلال المؤسسة القضائية، بيد أنني أقول، كل الإحترام والتقدير لقضاة مصر الشرفاء واللذين عانوا من أجل العدالة، ولكن أقول أيضاً لقد تجاوز عدلي متصور تضحيات الجميع، وسيذكره التاريح حتماً، فعطاء الرجل لم يقف عند القضاء المصري فحسب، وإنما كان عطاء الرجل لأجل مصر كلها.

 

الأمر الآخر أذكر الجميع، بإشا ة العالم بالرئيس الموريتاني الذي "أعلى ولد فال" هذا الرجل الذي قاد إنقلاباً في موريتانيا، ثم قام وضع دستور للبلاد، ثم إنتخابات رئاسية حرة ونزيهة، ثم سلم السلطة للرئيس الجديد، دون الطمع في سلطان دنيوي ! أقول أن ما فعله عدلي منصور لا يقل بأي درجة عما فعله ألى ولد فال في موريتانيا، بل إن عطاء عدلي منصور يفوق عطاء أعلى ولد فال، بالنظر إلى إوضاع كلا الولتين لكل منهم.

 

تحية الى الرئيس عدلي منصور، وكل تقدير وإحترام لشخصه الكريم، فقد كان رمزاً وسيظل للعطاء والتفاني في الواجب تجاه الوطن، وأسأل الله أن يحذو حذوه كل قاضي وكل مصري أيضاً.

 

وعلى الله قصد السبيل

 

شادي طلعت

اجمالي القراءات 11441