خاتمة كتاب ( قل )

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٣٠ - أبريل - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

كتاب ( قل ) فى القرآن الكريم 

( أقوال الرسول فى القرآن فقط ، وليس له أقوال فى الاسلام خارج القرآن

خاتمة كتاب ( قل )

أولا :  بين (قل ) فى القرآن و الأقوال المنسوبة للنبى فى السيرة  

1 ـ كل ما يحتاجه النبى والمؤمن فى الدين الاسلامى جاء فى القرآن الكريم  مكررا بكلمة ( قل ) وبدونها . وبالتالى فليس هناك حاجة لأن يتقول الرسول على ربه جل وعلا ، ولو تقوّل على الله جل وعلا شيئا لعوقب فى الحال : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ (44) لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)( الحاقة ) ، بل إنه لا يستطيع ذلك أساسا ، يقول جل وعلا فى تأكيد الحفظ الالهى للقرآن الكريم ردا على مزاعم المشركين :( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَأْ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24) الشورى ).

2 ـ نقول (  كل ما يحتاجه النبى والمؤمن فى الدين الاسلامى ) لأنه كان للنبى كلام دنيوى فى تعامله مع اصحابه وزوجاته والمحيط البشرى من حوله . هذا الكلام ليس جزءا من الدين ، ولا شأن لنا به فى علاقتنا بالله جل وعلا ، لأن ( الدين ) هو علاقتك بالخالق جل وعلا ، سواء كانت طاعة أو عصيانا . هذه العلاقة لا يدخل فيها ما كان النبى يقوله مع الناس من حوله طبقا لظروف الزمان والمكان والاشخاص . هذا يدخل فى دائرة التاريخ . وليس التاريخ دينا ، هو تسجيل بشرى للأحداث والأقوال فى عصرها ، وربما يتم هذا التسجيل بعد عصرها كما حدث فى تسجيل ابن اسحق للسيرة ( النبوية ) وهو أول من كتبها ، وكان هذا فى العصر العباسى . ثم نقل عن ابن اسحاق من جاء بعده من المؤرخين كابن سعد والطبرى .

3 ـ التاريخ المكتوب هو جهد بشرى وكتابة بشرية منسوبة لأصحابها ، هذا التاريخ يحضع للبحث التاريخى ، يقوم به المتخصصون بالبحث التاريخى ، ونحن منهم فى عصر الجهل الذى نعيشه حاليا .

4 ـ وما يكتبه المؤرخون فى تاريخهم الذى يعاصرونه او فيما يؤرخونه للعصور السابقة عليهم ( مثل ما يعرف بالسيرة النبوية )  ليس حقائق مطلقة بل هو ظنّ وتخمين ، ( أخبار ) مروية تدخل فى إطار الحقيقة التاريخية النسبية التى تحتمل الصدق والكذب ، وليست داخلة على الاطلاق فى نطاق الايمان والحقائق المطلقة فى الدين الالهى الصحيح . وايضا فإن ما يصل اليه الباحث التاريخى فى التحليل لما كتبه المؤرخون السابقون هو عمل بحثى يعبر عن وجهة نظره ، قد يخطىء فيها وقد يصيب مهما أوتى من براعة علمية وعقلية فى استخدام أُسُس البحث التاريخى . ففى النهاية هو يبحث أخبارا ووقائع وروايات حدثت فى الماضى قام بتسجيلها أشخاص لا نعرف عنهم سوى المكتوب عنهم ، ولا ندرى أكانوا صادقين ام كاذبين ، وهل كتبوا كل الذى حدث أم أخفوا وتجاهلوا بعضه . كل هذا من غيوب الماضى ( التاريخية ) وبها يظل علم التاريخ مؤسسا على قانون الاحتمال والحقائق النسبية وتحتاج الى الشك  ومتابعة البحث لمعرفة اقصى قدر متاح من الحقائق النسبية التى لا يعلم صدقها الا علام الغيوب جل وعلا ، ممّا يجعله متناقضا مع حقائق الدين الالهى المطلقة التى تستلزم الايمان  والتسليم .

5 ـ من هنا فلو قلت فى محاضرة تاريخية اقاويل منسوبة للنبى فى السيرة والتاريخ فلا بد من التأكيد على انها ليست دينا بل هى تاريخ وسيرة كتبها ابن اسحق فى العصر العباسى بعد حوالى قرن ونصف القرن من وفاة النبى ، ونقلها مما شاع من روايات فى المدينة بعد عدة أجيال من موت النبى والصحابة التابعين وتابعى التابعين . وبالتأكيد فليس هذا دينا ، وليس ما ينسبه ابن اسحق للنبى هو القصص القرآنى الحق للنبى محمد عليه السلام . ولو أنكرت وكذّبت سيرة ابن اسحاق من أولها وآخرها فلن ينقص ذلك من ايمانك شيئا ، ولن تكون مسئولا يوم القيامة على ما قاله المؤرخون وغيرهم من أئمة التراث . ستكون مساءلا عما جاء فى القرآن الكريم فحسب ، لأنه قول الله جل وعلا ، وكلام الله جل وعلا ، وحديث الله جل وعلا ، ولأن الذى سيحاسبك هو ( الله جل وعلا ) . لن يحاسبك محمد رسول الله ولا ابن اسحاق ولا أئمة الفقه والتراث ، هم مثلى ومثلك سيتم حسابهم فرادى أمام الواحد القهار يوم تأتى كل نفس تجادل عن نفسها : ( يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (111)( النحل ).

6 ـ هنا يختلف الاسلام الدين الالهى ( الذى نزلت به كل الرسالات السماوية بألسنة الرسل مع اختلاف الزمان والمكان ) عن أديان البشر الأرضية ، والتى تؤُسّسُ على تقديس البشر ، ويتحول فيها تاريخ البشر الى دين . ومن هنا تحولت السيرة النبوية الى دين عند المحمديين ، وتم إخفاء الانجيل الحقيقى واعتمدت الكنائس سيرة للمسيح كتبها رواة مختلفون . وتحولت سيرة الصحابة الى دين ، وتمت كتابة ( مناقب ) فى التأريخ للأئمة السنيين والشيعة والصوفية تسبّح بحمدهم ، والويل لمن يبحث هذا التاريخ الدينى وتلك السيرة بمنهج بحث تاريخى موضوعى . هنا يكون قد انتهك قُدس أقداسهم وعاب آلهنتهم ، وتعامل مع تلك الآلهة المزعومة على انهم بشر يخطئون ويُصيبون .

ثانيا : أقوال الرسول هى أقوال من أرسل الرسول ، هى ( الرسالة )

1 ـ يكفى التدبر فى معنى كلمة ( الرسول ) . تخيل أنك ارسلت شخصا برسالة محددة الى شخص آخر . هو رسول منك برسالة الى هذا الشخص . هذا الرسول عليه أن يبلغ رسالتك كما هى . لا يمكن أن يتقول كلاما من عنده . هنا لا يكون رسولا لك . هنا تتحول صفته من  (رسول ) لك يعمل لديك الى شخص آخر هو أنت . الرسول لا يقول كلامه هو بل كلام من أرسله ، اى الرسالة . وبالتالى نفهم التأكيد القرآنى المتكرر بأنه ما على الرسول الا البلاغ . بل إن من كثرة تكرارها فى القرآن الكريم فقد تحولت الى ( مثل شعبى ) يتردد على ألسنة الناس : ( " على رأى المثل : ما على الرسول غلا البلاغ  ) . كل هذه الأدلة القرآنية والعقلية و( الشعبية ) والتى تؤكد على أن مهمة الرسول هى تبليغ الرسالة فحسب تم تناسيها فى أديان المحمديين الأرضية ، فأضافوا ( أقوالا ) و( أحاديث ) للرسول ، وجعلوا النبى مالك الدين وصاحب الدين فى الدنيا ومالك يوم الدين فى الآخرة .

 2 ـ ومن إعجاز الغيب فى القرآن الكريم أن تكررت كلمة ( قل ) لتؤكد أن أقوال الرسول فى الاسلام هى كلها فى هذا القرآن،  وأنه لا شىء خارجا عنها .

ثالثا : كل رسول من رسل الله له رسالة واحدة أو كتاب واحد ، وليس له ( كتاب وسُنّة )

1 ـ  خاتم النبيين ليس بدعا من الرسل ( الأحقاف  9 ) وقد أوحى الله جل وعلا اليه كما أوحى للنبيين من قبله ( النساء 163 ) وشرع لنا من الدين أُسس التشريع التى شرعنا للرسل السابقين ( الشورى 13 ).  فإذا كان لكل رسول من السابقين كتاب واحد فقط فإن خاتم المرسلين النبيين ليس معه سوى كتاب واحد . يستحيل أن يكون معه ( كتاب وسُنّة ) . يكفى ان  كلمة ( كتاب ) بالمفرد تأتى أحيانا فى القرآن الكريم لتعبر عن كل الكتب السماوية . (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (136) النساء 136 )( وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14) الشورى )   ( وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ  )(15) الشورى ) ( اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ  17) الشورى )

2 ـ الأعجب أنهم يعترفون أنه عليه السلام مات دون أن يكتب هذه ( السُّنّة ) ، ثم قام اللاحقون فى العصر العباسى من ابناء الفرس وغيرهم وفى عصور الاستبداد والقهر والظلم بتسجيلات مختلفة لتلك السُّنّة التى زعموها دينا ، مع تناقض ة  أحاديثها والزيادة المضطردة فى أحاديثها باستمرار . هذا خبل عقلى أيها السادة ، لا يجرؤ عليه إلا المحمديون الذين تفوقوا فى الكذب على أئمة المسيحيين

أخيرا : فى مجال الكذب على الله جل وعلا ورسوله : المحمديون أشد كفرا من المسيحيين

1 ـ. لا يؤمن المسيحيون بالقرآن ، يكفرون به اساسا وصراحة . المحمديون  يزعمون الايمان بالقرآن بينما يتناقضون معه فى عقائدعم وشرائعهم واخلاقياتهم . والكفر الصريح أهون من النفاق . فالمنافقون فى الدرك الأسفل من النار . وهناك سبب آخر يختص بالكذب على الله جل وعلا ورسوله فى الدين . لقد توقف أئمة المسيحية عن صناعة الأكاذيب ونسبتها للمسيح  بعد أن إعتمدوا أناجيلهم المعمول بها حتى الآن . حدث هذا التوقف بعد قرنين تقريبا من موت المسيح . ولكن المحمديين ظلوا يصنعون الأحاديث الكاذبة ، ولا يزالون ، وأشهر كذأب أشِر فى مضمار صناعة الأحاديث كان السيوطى الذى توفى عام 911 هجرية . ولم ينقطع الكذب على الرسول حتى عصرنا الأغبر . فالجماعات السلفية من الاخوان وغيرهم لا تزال تؤلف أحاديث تنسبها للنبى ، أذكر منها ما اشاعوه فى التسعينيات وقت صدامهم مع الأمن المصرى : صنعوا حديثا ( نبويا ) يقول ( من أكرم شرطيا أهانه الله ).

2 ـ ثم ينسبون أنفسهم الى الاسلام .!

اجمالي القراءات 12170