في البحث عن الإسلام – مفردات – اليمين – ملك اليمين في القرءان الكريم
في البحث عن الإسلام – مفردات – اليمين – ملك اليمين في القرءان الكريم – الجزء الثالث

غالب غنيم في الأربعاء ٢٦ - فبراير - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

في البحث عن الإسلام – مفردات – اليمين – ملك اليمين في القرءان الكريم – الجزء الثالث
 

بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد والشكر لله رب العالمين

(أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) الزمر - 36
مقدمة :

هذه سلسلة من المقالات، التي أود من خلالها محاولة فهم الإسلام – دين الله القيم بشكل حنيف قريب الى المراد الإلهي الذي نبتغيه في بحثنا عن الحق، من منطلق عالميته واتساعه لنواميس الكون وسننه والتغيرات التاريخية في المجتمعات منذ نزوله حتى اليوم.

وأنوه أن فهمي لما ورد هنا هو نتاج تدبر خالص لله تعالى مني لكتابه العزيز فقط، حيث أنني لا أعرف غيره مرجعا لي ومصدرا لعلمي وفكري في دين الله تعالى ، وانا اعرض على الكتاب كل صغيرة وكبيرة حسب جهدي وما أوسعنيه الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وهو عبارة عن رأي – أراء لي في بعض المسائل في الكتاب، التي لم يتعرض لها الكثير ، وهي نتاج آنيّ في زمننا هذا وفي وقتنا هذا ، ولا يلزم كونه الحقيقة بل هو نسبي بحكم أن الحقيقة لله وحده تعالى عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، وهي ما نبحث عنه ونرجوا الوصول اليه.

وأكرر ما قاله تعالى – يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

وبعد،

______________


خلاصة البحوث السابقه:

الملك :
هو من التحكم بالمصادر والثروات والأرزاق بل والعمل والقرارات وغير ذلك من أمور يعتمد عليها الإنسان في وجوده وبقائه وحركته وصيرورته.
فمن يتحكم في كل هذا هو مالكه ومالك من يعتمد عليه.
 
العبد والعبد المملوك :
العبد المملوك هو الذي جمعه عبيد ولا حرية له في اتخاذ القرارات وهو مسيّر في حياته وتصرفاته.
العبد هو العبد الحر، وهو الذي جمعه عباد، وهي صفة متصلة بنا إتجاه الله تعالى وحده فقط، أي أن العبد  يمتلك حرية القرارات والإختيار في حياته لكنه في نهاية الأمر يقع تحت سيطرة وحكم الله تعالى. وكل البشر عباد الله تعالى بلا استثناء!

______________

مفردة اليمين :

من الآيات في الجزئين السابقين فهمنا فهما واضحا بإذن الله تعالى معنى الملك، وفرقنا بين العبد الحر والعبد المملوك، ويبقى علينا مفردة اليمين!

 وعادة ما تكون اليمين "رمزا" لليد اليمين او الجهة اليمين في اللغة، ولكنها اتت في القرءان الكريم في مواقع كثيرة تدل على معان مختلفة، وأغلبها إن لم يكن كلها دلت على معان حسنة ليست سيئة، وهذا أمر مهم ايضا علينا الأخذ به لأن ما هو مذموم عامة في القرءان يكون مذموما وما تم استحسانه يكون مستحسنا.
 
وسأكتفي أحيانا بذكر ارقامها وموقعها كي لا اطيل البحث كثيرا:

1- منها ما دل على الإتجاه المرتبط بوضعية الشخص من حيث شماله ويمينه
(وَتَرَى ٱلشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَ‌ ٰوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ ٱلْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَهُمْ فِى فَجْوَةٍۢ مِّنْهُ ۚ ذَ‌ ٰلِكَ مِنْ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ ۗ مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ ۖ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ وَلِيًّۭا مُّرْشِدًۭا ) الكهف - 17

2- ومنها ما دل على الفلاح وهي كثيرة ومنها نعتهم بأصحاب اليمين (الواقعه – 27 ، 38 ، 90)

3- ومنها ما دل مباشرة على اليد كعضو من الجسد مثل يد موسى عليه السلام (طه - 17) ، (الإسراء - 71)  وكتابة الرسول للكتب من قبل الرسالة (العنكبوت - 48)

4- ومنها ما دل على القوة والقدرة والتحكم، وأهمها،هي آية خاصة أريد ذكرها هنا، لما فيها من الأهمية في فهم مفردة اليمين، غير ما ذكرته أعلاه وذلك لأنها تخص الله تعالى، ومن بعدها بوضوح سنستطيع اتمام الربط بإذن الله تعالى، حيث يقول تعالى :
(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الزمر – 67
وانا كلي إيمان بأن هذا التصوير الإلهي للملك الحق لا غير، أي الملك المطلق والسلطة والتحكم الذي لا شركاء فيه بل التوحد والتفرد فيه ،  بكونهن مطويات – تشبيها - بيمينه سبحانه، اي متحكم بكل ما فيهن بقدرته سبحانه.

وقوله تعالى :
(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) الحديد – 12
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) التحريم – 8

وهي آيات غاية في الدقة والتعبير عما "باليمين" مما امتلكوا بسبب اعمالهم في الدنيا!

فنورهم يسعى بين أيديهم – أي من أمامهم فهم يرون طريقهم ولا ظلمة تمنعهم عن الرؤية ثم هناك نور آخر – صوري – بأيمانهم وكأنهم هم يمتلكونه، وهذا النور غير الذي يسعى بين أيديهم! أو بدقة أكثر هو منفصل عن النور الذي يسعى بين ايديهم وكلاهما هو نورهم!
أقول: هنا لا يوجد تكرار في النور! حيث أن هناك نور يسعى بين (أيديهم)، ومنه مفردة اليد اليمين والشمال ضمن مفردة ( أيديهم) ، لكن دعونا نقف قليلا على صيغة (بأيمانهم) حيث لم يقل سبحانه ( على أيمانهم ) أو ( عن أيمانهم ) !

ويقولون ربنا أتمم علينا نورنا لكي يحيط بهم من كل جانب، ومنه نرى أن نورهم (ب)أيمانهم، أي بسبب ما كسبوا من عمل خير في الدنيا فهم له مالكون ويريدون خيرا اكثر منه من الله تعالى بفضله.

وهناك مثال كنت قرأته للأستاذ فوزي فراج  وهو يتحدث عن عصا موسى، وهو تعبير دقيق جميل أيضا ولكنه يجمل في مجمله الخير والبركة والفائدة والحسن وهي حين سأل الله تعالى موسى :

(وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ
قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ ) طه – 17:18
فالعصا "ملك" موسى "عصاي" وهي بيمينه، وهي فيها خير كثير لموسى ذكر بعضه ولم يذكر بعضه ..


5- أخيرا وردت بمدلول حلف اليمين في آيات كثيرة، وهي صيغة سنتعرض لها كثيرا لما لها من أهمية  في فهم ملك اليمين لاحقا!


من كل ما ورد أعلاه، يمكننا أن نختصر كل هذه المفاهيم إلى صنفين أساسيين:
الأول - ويشمل كل من الإتجاه والفلاح واليد والقوة في صنف واحد
 والثاني -  صنف متميّز لكونه يحمل مدلولا مختلفا قليلا وهو حلف اليمين، وهذا ما سنتعرض له الآن.!


______________

مفردة أَيْـمَان :


ورد في القرءان الكريم مفردة أيمان في صيغتين، حيث وردت مرة واحدة بالصنف الخاص بالقسم الأول الذي وضحناه أعلاه، وخاصة في الإتجاه، وهي وردت مرة واحدة في سورة الأعراف في الآية رقم 17 حيث قال تعالى (ثُمَّ لَءَاتِيَنَّهُم مِّنۢ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَـٰكِرِينَ ).
أما بقية المفردات فكلها تنتمي للصنف الخاص بالقسم الآخر الذي يدلّ على حلف اليمين أي اتخاذ عهد من نوع ما! وهذا ما سأتعرض له الآن بتفصيل لما له من أهمية في فهم موضوع بحثنا لاحقا !

اليمين كما ورد في كثير من الايات في القرءان الكريم، كمفردة، وردت دالّة على حلف يمين لغة أي النطق وإشهاد الله تعالى على ما ننطق بغرض تحقيق عمل أو فعل مع أنفسنا أو مع غيرنا بغض النظر عن الطرف الآخر الذي نريد تحقيق هذا العمل أو الفعل معه أو لأجله .

ولغة، ومما وجدته لا يختلف مع القرءان الكريم في الفهم، ما قاله المعجم في مقاييس اللغة، من كون اليمين هو " وسمِّي الحَلِف يميناً لأنَّ المتحالِفَينِ كأنَّ أحدَهما يَصْفِقُ بيمينه على يمينِ"، وهذا نجده لا يخالف الفهم القرءاني لهذا المدلول. ولكي نتبين دقة المفردة من كونها حلف أو قسم او عهد او نوع من هذه الأنواع مجتمعة، علينا أن نستعرض بعض الآيات التي تبيّن لنا ماهية اليمين كمفردة في القرءان الكريم :

- اليمين هو حلف بالله تعالى، ثم يليه القسم وهو "جَهدُ اليمين " ثم يليه العهد الذي يدخل فيه طرف آخر، وهذا نتبينه من الآيات التالية الكريمه :

(ٱتَّخَذُوٓا۟ أَيْمَـٰنَهُمْ جُنَّةًۭ فَصَدُّوا۟ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌۭ مُّهِينٌۭ *
 لَّن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوَ‌ ٰلُهُمْ وَلَآ أَوْلَـٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيْـًٔا ۚ أُو۟لَـٰٓئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ *
 يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًۭا فَيَحْلِفُونَ لَهُۥ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ۖ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَىْءٍ ۚ أَلَآ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْكَـٰذِبُونَ ) المجادله – 16:18

حيث نلاحظ أن أيمانهم في الحياة الدنيا في الآية الأخيرة تم تفصيلها بأنهم يحلفون، لكي تدل على أن أيمانهم هي حلف بالله تعالى، سواء في الدنيا أو الآخرة، وحيث فصل الله تعالى حلفهم هنا في هذه الآية ( فَيَحْلِفُونَ لَهُۥ ) ، بانه قولهم يوم القيامة في موضع آخر (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) .

وهنا وبكل وضوح، يربط الله تعالى الأيمان بالحلف، بل واللغو منها، أي ما هو ليس معقدّا منها :
(وَلَا تَجْعَلُوا۟ ٱللَّهَ عُرْضَةًۭ لِّأَيْمَـٰنِكُمْ أَن تَبَرُّوا۟ وَتَتَّقُوا۟ وَتُصْلِحُوا۟ بَيْنَ ٱلنَّاسِ ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌۭ  *
لَّا يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِىٓ أَيْمَـٰنِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌۭ ) البقره –224:225


 ثم هناك ارتباط القسم بجهد الأَيْمان، وهي كمن يحلف وهو متيقن مما يقول وكأنه يحلف متأكدا من يمينه بعلم  أو نور أو هدى، وتم ذكرها في أكثر من موضع في القرءان الكريم منها قوله تعالى :
(وَأَقْسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَـٰنِهِمْ ۙ لَا يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ ۚ بَلَىٰ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّۭا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) النحل – 38

وهناك ما نريد البحث فيه بشكل أدق وهو ما عقّدنا من الأَيْمان، أي ما أكدناه واصبح يغطي عهدا فدخل فيه طرف آخر سواء كان بشرا أو الله تعالى !
ولننظر كيف يفصل الله تعالى في آياته البينات هذا النوع من الحلف المعقّد – العهد :

(لَا يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِىٓ أَيْمَـٰنِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلْأَيْمَـٰنَ ۖ فَكَفَّـٰرَتُهُۥٓ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَـٰكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍۢ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـٰثَةِ أَيَّامٍۢ ۚ ذَ‌ ٰلِكَ كَفَّـٰرَةُ أَيْمَـٰنِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ۚ وَٱحْفَظُوٓا۟ أَيْمَـٰنَكُمْ ۚ كَذَ‌ ٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ ءَايَـٰتِهِۦ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة – 89

(وَلِكُلٍّۢ جَعَلْنَا مَوَ‌ ٰلِىَ مِمَّا تَرَكَ ٱلْوَ‌ ٰلِدَانِ وَٱلْأَقْرَبُونَ ۚ وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ فَـَٔاتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ شَهِيدًا ) النساء – 33

فكيف نعقّد أَيْماننا ؟

( وَأَوْفُوا۟ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَـٰهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا۟ ٱلْأَيْمَـٰنَبَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) النحل – 91

الأمر دقيق جدا، يتم ابرام معاهدة كاملة لها اكثر من شرط أو حسب المعاهدة، ويتم توكيدها بأَيْمانٍ نجعل الله تعالى عليها كفيلا، ولا يجب ان تُنكَث بعد حلفها وإلا يكون العهد كله قد تمّ نكثه :

(وَإِن نَّكَثُوٓا۟ أَيْمَـٰنَهُم مِّنۢ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا۟ فِى دِينِكُمْ فَقَـٰتِلُوٓا۟ أَئِمَّةَ ٱلْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَآ أَيْمَـٰنَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ) التوبه – 12

(أَلَا تُقَـٰتِلُونَ قَوْمًۭا نَّكَثُوٓا۟ أَيْمَـٰنَهُمْ وَهَمُّوا۟ بِإِخْرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ أَتَخْشَوْنَهُمْ ۚ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ  ) التوبه – 13

(إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَـٰنِهِمْ ثَمَنًۭا قَلِيلًا أُو۟لَـٰٓئِكَ لَا خَلَـٰقَ لَهُمْ فِى ٱلْءَاخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌۭ ) ال عمران – 77

ثم أخيرا نغلق الدائرة عودة إلى الآية اعلاه (وَأَوْفُوا۟ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَـٰهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا۟ ٱلْأَيْمَـٰنَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ  ) النحل – 91

ومن كل هذه الآيات البينات التي تفصل بعضها البعض في دائرة محكمة نرى بكل وضوح أن اليمين حين يتم تأكيده بقوة وحين يرتبط به اكثر من طرف يصبح جزءا متمما خاتما للعهد بين الطرفين، والإخلال بشروط الإتفاق – العهد لا يكون إلا إخلالا باليمين على هذا العهد الذي تم بين طرفين، فالإخلال باليمين المؤكدة – المعقدّة – هو إضعاف للاتفاق كله من بعد قوة أنكاثا !

(وَلَا تَتَّخِذُوٓا۟ أَيْمَـٰنَكُمْ دَخَلًۢا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌۢ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا۟ ٱلسُّوٓءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ۖ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌۭ ) النحل – 94
(وَلَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّتِى نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنۢ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَـٰثًۭا تَتَّخِذُونَ أَيْمَـٰنَكُمْ دَخَلًۢا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِىَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ ۚ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ ٱللَّهُ بِهِۦ ۚ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) النحل – 92

فاليمين المعقّدة هي اليمين التي يدخل فيها اكثر من طرف وتحمي عهد واتفاق على عدة أمور– وكأننا نقول لغة " مركّبة " !



______________


خلاصة البحث:

مفردة يمين تدل على ما يمكننا ان نقسمه الى جزئين :
الأول - ويشمل كل من الإتجاه أوالفلاح أواليد كعضو من الجسد أوالقوة والقدرة والتحكّم .
الثاني - حلف اليمين، والقسم والعهد .

القسم الثاني :
- اليمين هو حلف بالله تعالى، ثم يليه القسم وهو "جَهدُ اليمين " ثم يليه العهد الذي يدخل فيه طرف آخر.
- جهد الأَيْمان - القسم، هي كمن يحلف وهو متيقن مما يقول وكأنه يحلف متأكدا من يمينه بعلم  أو نور أو هدى .
- اليمين المعقّدة هي اليمين المؤكدة التي يدخل فيها اكثر من طرف وتحمي عهد واتفاق على أمر أو عدة أمور .



وسنرى في البحوث القادمة بإذن الله تعالى ما علاقة كل هذه البحوث لكي نصل إلى مدلول قرءاني لموضوع البحث " ملك اليمين" في محاولة لفهمه من القرءان الكريم كما هو بدون اي راي مسبق او تأثير تراثي خارجي سابق لنا !


إنتهى.

والله المستعان

ملاحظة: لا حقوق في الطبع والنشر لهذه الدراسة، وإن كنت لم أصل إلى مراد الله تعالى الذي نطمح كلنا إليه –فهو سبب تدبرنا – فعسى أن تصححوا خطاي وأكون لكم من الشاكرين.

مراجع :
* المرجع الرئيسي الأساسي الحق – كتاب الله تعالى – القرءان الكريم

اجمالي القراءات 19989