يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ

خالد اللهيب في الثلاثاء ٢٥ - فبراير - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

يعاني أهل القرآن الكثير والكثير من الإحباط والتهم والإستهزاء من أناس خدعوا في دينهم ، ‏فهم لا يعلمون ولا يودّون العلم والمعرفة، أغلقوا عقولهم واكتفوا بما قيل لهم وما توارثوه ، ‏ينطبق عليهم قول الله عز وجل :( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) ‏وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ ‏هَؤُلاء لَضَالُّونَ (32) المطففين. ‏
فكلما أحدنا رفع لواء القرآن ، كلام الله عز وجل دون غيره من كلام البشر ، كلما زاد إجرام ‏الذين أجرموا ، حتى يتساءل أحدنا لما لا أستفيد بما أجازه رب العالمين دون أن أعرض ‏نفسي للضيق والمعانات وظلم الجاهلين المجرمين وقد يصل إجرامهم الى القتل والتهجير ‏خارج رحاب الوطن ، حيث قال عز من قائل :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم ‏مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105) المائدة.‏
أمامنا خيارين : ‏
الأول -- علينا هداية أنفسنا دون الإهتمام بغيرنا : ‏
فقد أجاز لنا رب العزة أن نهتم بهداية أنفسنا دون غيرنا :( عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ ‏إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) ، بازلين ما في وسعنا للنجاة من النار والفوز بالجنة ، رحمة من رب العالمين ‏فقد كلفنا بأنفسنا دون غيرنا ،(عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ) ، إذ لا ضرر مباشر يصيبنا لا في الدنيا ولا في ‏الآخرة إذا اهتدينا دون الآخرين ، وإذا ما كفر الناس جميعا ، فالله العليم الخبير بما ستؤول ‏اليه الأمور.‏
وهذ الخطاب قيل لمن هوأعظم منا جميعا وأكثرعلما وقربا من الله عز وجل ، قيل لمحمد ‏عليه الصلاة والسلام وهو الرسول والنبي ، فلا نأسى على أنفسنا ونحمّلها ما لا تطيق ، ولا ‏يكبرعلى أحدنا إعراض المسلمون عن منهج أهل القرآن الذي نؤمن أنه الأقرب للحق والشرع ‏، كما كبر على الرسول محمد عليه السلام ، إعراض الناس عن رسالة الله عز وجل في بداية ‏البعثة ، إذ الأمر متروك لمشيئة الله عز وجل و بين يديه ،( وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ ‏فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ ‏عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ ‏إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36) الأنعام. ‏
إذا لم تكن الآيات الحسية والقرآنية رهن إشارة الرسول محمد عليه السلام ، فمن أين لنا نحن ‏أهل القرآن ذلك إلا ما أنزل عليه؟ وإذا أكبر رب العزة رسوله الكريم من أن يكون من ‏الجاهلين ، فالأولى بنا أن نرحم أنفسنا من جهل الجاهلين وندع أذاهم و سيرهم الى جهنم زمرا ‏داخرين. ‏
الثاني -- علينا الجهاد في سبيل الله عز وجل : ‏
‏1-- إعلاءا لكلمته وشرعة ، فلا جنة بلا جهاد وصبر ،( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ‏اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) آل عمران ، لهذا يخاطب رب العزة المؤمنين ‏قائلا ،(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) ‏المائدة ، فالفلاح والفوز يتطلب الإلتزام بالتقوى عن كل معصية ، والبحث عن أي وسيلة ‏ترضي الله عز وجل ، سواء أكانت بالصلاة و الزكاة والعدل وكل ما أمر به الله سبحانه ‏وتعالى ، أوالجهاد في سبيله. ‏
‏2-- فمن وُصف بالإيمان من قِبلِ الله عز وجل لا بد أنه قد جاهد وعمل الصالحات ، على ‏الأقل أنه جاهد نفسه عن هواها ، كما جاهد الشيطان في إغوائه ، لهذا يستحق الجنة ، ‏فالمؤمن حق الإيمان له صفة هجران كل ما نُهي عنه و مجاهدة ونصرة دين الله عز وجل ،( ‏وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ‏لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) الأنفال. ‏
‏3-- عظمة وأجر الجهاد كبير وكأنه الفيصل بين الإيمان والكفر ، إذ جعل رب العزة محبة ‏الجهاد مع محبته ومحبة الرسول وكأنّ من لم يحبّ الجهاد كسبيل محبب الى نفسه ، موافق ‏لهواه ، كأنه من القوم الفاسقين الذين لا يهديهم رب العالمين ، فلا يكترث بهم.‏
‏4-- فمن ليس عنده غيرة على دين الله عز وجل ويعتصرالألم نفسه ويشعر بالأسى كما كان ‏يشعر النبي محمد عليه السلام ، كما من أحب الأهل ومتاع الدنيا أكثر من حبه لله عز وجل ‏وكتابه ورسوله ، فاليرتقب أمرالله سبحانه وتعالى واليعلم أنه من القوم الفاسقين ،( قُلْ إِن كَانَ ‏آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا ‏وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ‏وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) التوبة. ‏
‏5-- ليس المطلوب أي جهاد ، بل حق الجهاد ، الجهاد الكامل الذي به المعانات والبذل إن ‏كان في النفس أوالأموال ، فمن يرد الله عز وجل به الخير والإيمان ، يقربه إليه ويسهل له ‏الفهم والإيمان والجهاد ويهديه سبيل الحق المبين ،( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ ‏‏... (78) الحج ، و قوله تعالى :( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ‏‏(69) العنكبوت. ‏
‏6-- المؤمنون حقا هم الذين لا يرتابون ولا يدخل الى قلوبهم الشك من بعد إيمانهم فهم ‏الصادقون والمجاهدون ،( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا ‏بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) الحجرات. ‏
‏7-- رحمة بنا هدانا الله الرحمن الرحيم واجتبانا إليه ، إذ نجاهد لراحة أنفسنا وقلوبنا وهو ‏الغني عنا وعن جهادنا وعن الخلق جميعا ،( ومَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ ‏الْعَالَمِينَ (6) العنكبوت.‏
‏8-- لو شاء رب العالمين لآمن من في الأرض جميعا ،( وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ ‏كُلُّهُمْ جَمِيعًا ... (99) يونس ، فلا نمنّ الله عز وجل ولا الرسول عليه السلام ، بإسلامنا و ‏جهادنا وتقوانا ،( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ ‏هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات. ‏
‏9-- كما لا نستكثر إيماننا وكأننا قد وصلنا الى غاية الإيمان والإلتزام وقد نُهي عن مثل هذا ‏من هو أعظم وخير منا جميعا ، رسول الله عز وجل حينما خاطبه رب العزة وفي بداية البعثة ‏والرسالة ، قائلا :( وَلا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) المدثر.‏
‏10-- غايتنا جميعا رضى الله ومحبته وجنته عز وجل وقد أودع فينا الرغبات والشهوات ‏التي لا حدود لها ، ولكن الجنة ليست سواء للمؤمنين ،( لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ ‏أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ ‏وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا ‏عَظِيمًا (95) دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (96) النساء ، لذا أملنا ‏ومرادنا دائما أفضل متع الآخرة وأكثرها كما ونوعا ، و ندعو الله عز وجل راجين الدرجات ‏العلى ، إن كان في القرب من الله الواحد الأحد أو في حشرنا مع الصالحين.‏
‏-- أوامر الله عز وجل للنبي في الدعوة :‏
‏1-- اُمر النبي عليه الصلاة و السلام بمجاهدة الكفار والمنافقين وبالغلظة عليهم ،، ذلك لأنهم ‏كذبوا وقالوا كلمة الكفر بعد إسلامهم ولم يكتفوا بذلك بل هموا بالعمل المسيئ والمؤذي ‏للإسلام والمسلمين ولكن الله رب العالمين أفشل عملهم ، فلم يمكنهم من تحقيق هدفهم ، لهذا ‏إستحقوا الغلظة بالقول والعمل ،( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ ‏جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلامِهِمْ ‏وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ ...(74) التوبة. ‏
‏2-- كما نُهي النبي محمد عليه الصلاة والسلام أن يجادل دفاعا عن كل خائن ، فقبل أن ‏يكون خائنا لله عز وجل فهو خائن لنفسه وذاته إذ يوردها التهلكة وسوء المصير ،( وَلاَ تُجَادِلْ ‏عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) النساء ، وكان المنافقون ‏يتقولون على الله عز وجل ورسوله بما لا يرضى به من القول ،( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ ‏يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ‏‏(108) النساء.‏
‏3-- لم يُؤمرُ النبي عليه الصلاة والسلام ، أن يجبر الناس على الإيمان ،( وَلَوْ شَاء رَبُّكَ ‏لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ (99) يونس ، فلا ‏إكراه في الدين ،( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ...(256) البقرة. ‏
‏4-- كما لم يؤمر أن يهلك نفسه حسرة على الكافرين ،( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ‏فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا ‏يَصْنَعُونَ (8) فاطر ، فالله عز وجل يهدي من رغب وشاء وسعى الى الهداية والإستقامة ، ‏كما يضل من سعى الى الضلال فلا يهديه الى سبيل الحق المبين. ‏
‏5-- مع حرص النبي عليه الصلاة والسلام لهداية الناس جميعا إلا أن أكثر الناس كافرون ،( ‏وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) يوسف ، لذا نهي النبي عليه الصلاة والسلام ‏عن طاعة الكافرين ،( وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ ‏وَكِيلا (48) الأحزاب .‏
‏6-- أمر النبي عليه الصلاة والسلام بالدعوة لهداية الناس ،( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ ‏وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ ‏بِالْمُهْتَدِينَ (125) النحل ، أمر لهداية الناس وليس الى قتلهم.‏
‏7-- هداية الناس الى دين الله عز وجل بالحكمة التي تتطلب العقل والتعقل واتخاذ القرارات ‏الصائبة ، هداية الناس عبرالموعظة الحسنة ، من استقامة في السلوك و العمل اليومي ورفعة ‏في الأخلاق والعلم ، لهذا النبي محمد عليه الصلاة والسلام لنا أسوة حسنة ،( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي ‏رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) الأحزاب. ‏
‏-- مازال المنافقون يعيثون فسادا في دين الله عز وجل :‏
‏1-- هؤلاء المنافقون كانوا ولا يزالوا على عهدهم من الكذب والإفتراء على الدين الإسلامي ‏وعلى النبي عليه الصلاة والسلام ، إذ يتقولون بأحاديث كاذبة لا يرضى بها الله عز وجل ولا ‏نبيه الكريم.‏
‏2-- قوم لا يستجيبون لما دعوا إليه من الحق ،( إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ) ، إذ ،(... لَهُمْ ‏قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ ‏هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) الأعراف ، فهم ( أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ ‏يُبْعَثُونَ (21) النحل. ‏
‏3-- يأبوا إلا المجادلة دفاعا عن المنافقين والمكذبين ، أسلافهم السابقين ، يقدمون أقوالهم ‏وفصصهم وبما حملت من إفتراء وتدخل في دين الله عز وجل ، يخاطبهم رب العزة قائلا ،( ‏هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ ‏وَكِيلاً (109) النساء. ‏
‏4-- قوم جل إهتمامهم في الشكل دون المضمون في شؤون الدين ، علما إن الإيمان والعمل ‏الصالح لا يتوقف عند المناسك والمظاهر السطحية للتدين ، وقد خص رب العزة بالإسم ‏عمارة المسجد الحرام تدليلا على أنه ليس هذا هو المطلوب بالذات ،( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ‏وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ ‏وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) التوبة. ‏
‏5-- وقد أورد رب العزة سلفا في قرآنه المجيد ، أن من يهتم بالمظهر دون الجوهر ، كسقاية ‏الحجيج والتوسعة للحرم وعمارة المباني دون عمارة القلوب ، هم من القوم الظالمين ، فلا بد ‏من الجهاد ومجاهدة النفس عن شهواتها بما أمر الله عز وجل به وإقامة الصلة والقربى على ‏مدار الساعة في اليوم ، ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ ‏دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) التوبة ، آمنوا بكل ما جاء في كتاب الله عز وجل ‏وهجروا كل معصية له و جاهدوا إعلاءا لكلمته وسلطانه.‏
‏ -- قوم على دين آبائهم وليس على دين الله عز وجل : إن من يؤمن بكتب البشر الموضوعة ‏، المكتوبة بأيديهم ليجعلونها مساوية أو لاغية لكتاب الله عز وجل أو لأي أية قرآنية بدعوة ‏نسخ الحكم أو التلاوة ، لا شك أنه قد رفض و كفر بالقرآن الكريم و بالأية المستهدفة ، ومن ‏يرفض الجزء فقد رفض الكل ، ( ...أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن ‏يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ ‏عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) البقرة ،(... وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّه غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97) البقرة.‏
‏7-- أليس من الكفر أن نؤمن بالأحاديث التي جاء بها آباؤنا الأولون لتبطل وتلغي عمل آيات ‏القرآن الكريم عبر ما يسمى بالناسخ والمنسوخ ، وقد حذرنا رب العزة من قبل في كتابه ‏الكريم من أن نؤيد ذلك الإيمان الفاسد ولو كان من قبل أبائنا أو إخواننا ،( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ‏لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إِنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ ‏الظَّالِمُونَ (23) التوبة. ‏
‏8-- أليس سكوتنا عن الكفر المبين والأديان الحزبية الأرضية ، يجعلنا من القوم الظالمين ‏لأنفسنا وللآخرين ، أليس متاع الدنيا قليل ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي ‏سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ ‏إِلاَّ قَلِيلٌ (38) التوبة. ‏
رضينا باستهزاء الظالمين ، نصرة لرب العالمين ، عسى أن يكتبنا من الصالحين و آخر ‏دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. ‏
 

اجمالي القراءات 7970