كتاب ( المسكوت عنه من تاريخ الخلفاء الراشدين )

آحمد صبحي منصور في الخميس ٠٦ - فبراير - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

كتاب ( المسكوت عنه من تاريخ الخلفاء الراشدين )

أولا :

كان هذا الكتاب من قبل فصولا فى كتاب ( الحج ) ، ثم تم فصله ليكون كتابا مستقلا ، وتم نشره فى موقع ( أهل القرآن ) بتيويب جديد ، ومقدمة ، وخاتمة . وهذه هى مقدمة الكتاب :

مقدمة

1 ـ أعلم تماما إن من لم يقرأ لنا من قبل ثم يقرأ هذا الكتاب ستصيبه صدمة كبرى ، فقد عاش كما عاش السلف على تقديس الخلفاء الراشدين قرونا، وعاش كما عاش السلف على تقديس الفتوحات (الاسلامية ) . وقد كنت أسيرا لهذا الإفك وأنا طالب فى الأزهر ثم إستمر إيمانى به بعد حصولى على الدكتوراة وعملى فى الجامعة وتأليفى 11 كتابا . ثم تحررت من هذا الأفك بفضل القرآن الكريم والاحتكام اليه فى تاريخ المسلمين وتراثهم وأديانهم الأرضية . وكان من بوادر هذا التحرر كتابة بحث ( المسكوت عنه من تاريخ عمر فى الفكر السّنى ) والذى كوفئت عليه بآلاف اللعنات من الذين يقدسون ( عمر ) ، مع أننى ـ وكالعادة ـ لا أكتب إلا بالاستشهاد بالتراث نفسه ومن خلال مصادره ، ثم أحتكم فيها الى القرآن الكريم . وهنا يقع المعترض فى أزمة ، فهو لا يستطيع إنكار القرآن ولا يستطيع تكذيب المصادر التراثية ، فلا يجد سبيلا سوى التطاول علينا بالتكفير والسّب والشتم . وهذا أعتبره نجاحا ليس فقط فى إظهار الخصوم على حقيقتهم جهلا و بذاءة ، ولكن الأهم أن هذ يعنى أننى ضغطت على موضع الجُرح ، وهو تقديس البشر فانطلق المريض يصرخ . أى إن الرسالة وصلت ، وتم إستقبالها بما لديهم من سوء خُلق .

1 ـ أخشى أن يتكرر هذا لمن يقرأ لنا أول مرة ، ولم يتعود على أبحاثنا الصادمة . القارىء لنا هذا الكتاب والذى لم يقرأ لنا من قبل سينطلق فينا سبّا وشتما ، وسنغفر له مقدما . ولكن نرجوه أن يهدأ بعد الصدمة الأولى ، ويدعو الله جل وعلا بإخلاص أن يهديه الى الصراط المستقيم ، وان يعيد قراءة الكتاب بهدوء ، وأن يراجع ما فيه من آيات قرآنية وأحداث تاريخية ، وسيرى أننى أنقل من القرآن الكريم ومن كتب التاريخ المعتبرة المعتمدة المتاحة للجميع ، ثم إننى أقوم بواجبى كباحث فى القرآن وفى التاريخ ، أنشد الاصلاح ، ولا أطلب أجرا من أحد . كل ما أتمنّاه هو أن ألقى رب العزة وقد ألحقنى بالصالحين .

والله جل وعلا هو المستعان  .

أخيرا :

وهذه هى خاتمة الكتاب : الخاتمة

الخاتمة

لا زلنا نعيش هذا التناقض الفتوحات وصحابة الفتوحات وبين الاسلام ، دينيا وتاريخيا وندفع الثمن حتى الآن .

1 ـ الفتوحات العربية التى تحمل إسم الاسلام زورا وظلما وبُهتانا رفعت صحابة الفتوحات وخلفاءها ( الراشدين ) الى موقع التأليه ، مع أنها تناقض الاسلام فى تشريعاته وقيمه العليا ( العدل والحرية والسلام ) ، وأنها جعلت المسلمين حتى الآن ينسون حُرمة الأشهر الحُرُم ، وأقامت لهم أديانا أرضية يتقاتلون تحت لواءها ، خلال الأشهر الحُرُم وغيرها ،وهم يحسبون أنهم يحسنون صُنعا . بهذه الأديان الأرضية للمحمديين أصبح ( محمدا ) رسول الحرب والارهاب والاكراه فى الدين طبقا لحديثهم القائل ( أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا  .. )، ونسى الجميع الشخصية الحقيقية الحانية لخاتم المرسلين الذى بعثه الله جل وعلا بالقرآن رحمة للعالمين لا لإرهاب وقتل العالمين .

2  ـ الفتوحات لها جانب تاريخى وجانب دينى . من الناحية الدينية صحابة الفتوحات قاموا بها ينسبون عملهم الى الاسلام ، فلا بد أن نحتكم بشأنهم الى القرآن الكريم ، وهذه فريضة إسلامية ( أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً )(114)الأنعام ).  وبالاحتكام الى القرآن الكريم فإنّه لا بد من إختيار واحد من إثنين، أى ( إمّا و إمّا ) . إن كانت تلك الفتوحات جهادا إسلاميا حقيقيا فهم مسلمون حقّا ، ولكن بلا تأليه وتقديس ، شأن أى قائد مسلم يدافع عن وطنه من غزو خارجى ، ويطبّق شرع الله فى القتال الدفاعى دون أن يبدأ عدوانا على أحد . إمّا إن كانت تلك الفتوحات إعتداءا وظلما وبغيا فهى تناقض الاسلام ، وتجعل القائمين أعداءا للاسلام . يزداد الأمر إذا حملوا راية الاسلام وهم يرتكبون إجراما يأباه الرحمن ودين الاسلام . هنا يكون الكُفر بأحطّ درجاته . ويكون العقاب الأخروى هائلا . نستطيع أن نتخيله من تدبر قوله جل وعلا : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً (93) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (94 )( النساء ). فى بحث ( الاسلام دين السلام ) أوضحنا بهذه الآيات وغيرها أنها جريمة هائلة أن تقتل مؤمنا يشير بالسلام حتى لو كان فى أرض العدو وفى معسكر الأعداء المعتدين على المسلمين . هى جريمة هائلة ، يستحق بها القاتل المتعمد الخلود فى جهنم وغضب الله جل وعلا عليه ، وان يلعنه ربّ العزة ، وقد أعدّ له عذابا عظيما . هذا جزاء قتل إنسان مُسالم واحد ، فكيف بفتوحات الصحابة وضحاياها من الشعوب وهم بمئات الألوف من الجنود الأبطال المدافعين عن أوطانهم ومن المدنيين من الرجال والنساء والولدان ؟ وكيف بالسبى والسلب والنهب ؟، وكيف بالاحتلال والجزية والخراج ونهب ومصّ دماء الشعوب ؟ هذا ظلم يتكون من ظُلمات بعضها فوق بعض . ولكنه قد يظلّ ظلما للناس . الأفظع منه أن ترتكب هذا الظلم الهائل وتنسب جريمتك للاسلام ، ولرب العزة وشريعته السمحة السلمية التى تشجب الظلم وتؤسس العدل والقسط والحرية وكرامة الانسان . هنا يكون الظُّلم الأكبر ، وهو أن صحابة الفتوحات ظلموا أيضا رب العزة ، وحكموا على أنفسهم أن يكونوا من ( أكفر ) خلق الله .

ونرجع الى الاختيار الحتمى لكل مُسلم ، بعد الاحتكام الى الله جل وعلا فى أمر صحابة الفتوحات ، من أبى بكر وعمر وعثمان وغيرهم . أمام المُسلم الاختيار بين مناصرة الله جل وعلا أو مناصرة أولئك الصحابة . إمّا أن ( يوالى ) الله جل وعلا و ( يناصر ) الله جل وعلا ، وإمّا أن يوالى ويناصر الصحابة المعتدين على رب العزة ، والذين هم أظلم الناس للناس ورب الناس . إما أن ينحاز الى رب العزّة جل وعلا ويحكم بأن أولئك الصحابة اشدّ الناس كُفرا واشد الناس عداءا لله جل وعلا ورسوله ، وإمّا أن ينحاز لأولئك الصحابة فى بغيهم وظلمهم ، ويصمم على تقديسهم وتأليههم والدفاع عنهم .

المحمديون الذين لا يقدرون الله جل وعلا حق قدره سيسارعون بالانحياز لصحابة الفتوحات ، خصوصا السنيين المتطرفين منهم . أمّا الذين اسلموا لله جل وعلا قلوبهم وآمنوا بما نُزِّل على ( محمد ) فيعتبرون حق الله جل وعلا هو الأقدس وهو الأعظم وهو الأولى بالرعاية ، لذا يسارعون الى التبرؤ من صحابة الفتوحات وتكفيرهم ، ولا تأخذهم فى حقّ الله جل وعلا لومة لائم .

هناك من لا يزال فى قلبه مرض ، وهذا المرض يجعله يحتج علينا بأننا نُكفّر أشخاصا . ونقول لهم : أننا نحكم من خلال التاريخ على شخصيات تاريخية حسب عملها المكتوب فى التاريخ . لا نعلم عنهم إلّا عملهم ، فنحكم عليهم بعملهم ، أى بصفاتهم . أى هو فى النهاية تكفير للأعمال وللصفات ، وهو تكفير لجرائم حكم رب العزة بكفرها . وهو تكفير واجب وفرض حتى نبرىء الاسلام من جرائمهم لأنهم هم الذين نسبوا جرائمهم الى الاسلام . فإما أن يكونوا على حق والاسلام على باطل ، وإمان أن يكونوا على بطل وأنهم يكفرون بالاسلام الحق . أى بالاحتكام الى رب العزة فى القرآن يتأكد عداؤهم لله جل وعلا وكُفرهم بالله جل وعلا ورسوله . ولا عُذر لهم فى ذلك ، فقد عايشوا النبى عليه السلام ، ثم إختاروا التنكب عن دينه بمجرد وفاته ، وصاروا رُوّادا فى الكفر وائمة للظالمين المعتدين الذين جاءوا من بعدهم يظلمون ويبغون وينسبون ظلمهم وبغيهم الى الاسلام . وبالتالى فلا سبيل إلا إعلان كفرهم وبراءة الاسلام منهم .

الفزع الذى يصيب من يُقدّس الصحابة قد يدفع أحدهم الى إنكار الفتوحات وإنكار الفتنة الكبرى ، وتكذيب المكتوب فى التاريخ .. هذا ندعو له بالشفاء العاجل ، ونطلب إيداعه أقرب مستشفى للمراص العقلية . 

3 ـ من الناحية التاريخية فالمفروض فى اى شعب تجرّع ـ فى حقبة من تاريخه ـ الاحتلال والاسترقاق والظلم والاستعباد من قوة اجنبية أن يُعادى أولئك القادة الأجانب الذين أذلوا أجداده واستعبدوهم وإمتصوا دماءهم . أى المّنتظر من المصريين وأهل الشام والعراق وشمال أفريقيا أن يتوارثوا كراهية الصحابة والخلفاء الراشدين والأمويين ، وأن يقرأوا تاريخ أجدادهم وتاريخ بلادهم تحت القهر فى تلك الحقبة التاريخية بموضوعية ، وأن يعايشوا التعاطف مع أجدادهم المظلومين المقهورين . ولكن الذى يحدث هو العكس تماما . هو تقديس للصحابة وتمجيد لما أجرموا فيه بحق الأجداد والأسلاف ، وقراءة تاريخ الصحابة فى ظل هذا التقديس وذلك التمجيد . لا ينجو من هذا البلاء إلا من ظل على دينه الأصلى كأقباط مصر ومسيحيى الشام والعراق . ونجا جزئيا من هذا البلاء الايرانيون فقدسوا عليا وأعتبروا كراهية أبى بكر وعمر وعثمان والزبير وطلحة ومعاوية ...الخ من معالم دينهم الشيعى .

وهذا يصل بنا الى أساس المشكلة . وهو ربط الفتوحات بالاسلام زورا وبهتانا ، وتدمير معالم الدين الاسلامى لتقوم على أنقاضها أديان أرضية تؤلّه وتُقدّس الصحابة أو بعض كبارهم ، وبالتالى تحصين الفتوحات والفتنة الكبرى من النقد ، وجعل بحثها والاحتكام الى القرآن الكريم بشأنها من المُحرّمات . وهذا ظلم هائل للاسلام ولله جل وعلا ولرسوله الكريم ، كما انه ظلم هائل لأسلافنا المصريين وغير المصريين الذين عانوا القهر والنكال ، ثم لا يجدون من أحفادهم مجرد الشعور بالرثاء ، بل التغنّى بما حدث لهم من مصائب وتأليه الجانى المُجرم والتشفى فى الضحية المسكين .

 المصريون لم يقرأوا عن أحوال أجدادهم الأقباط فى عصر الخلفاء الراشدين والأمويين إلّا من خلال ما كتبه المؤرخون السنيون الذين يقدسون الصحابة . ومع هذا فإن هذه الكتابات التاريخية تحوى بين سطورها معالم ظلم هائل تعرض له أجدادنا . هو ظلم هائل يأباه الله جل وعلا ورسوله ودين الاسلام . ولكن تقديس الخلفاء الراشدين فوق كل إعتبار ، حتى فوق مقام رب العزة ودينه القائم على العدل والحرية والسلام . دعنا نتخيل أننا نقرأ تاريخا كتبه المصريون الأقباط ضحايا الغزو والاحتلال العربى ، كتبوا فيه معاناتهم من الغزو والقهر والاسترقاق والسبى والسلب والنهب والجزية والخراج .. لو قرأ المصريون المحمديون هذا ـ إفتراضا ـ فلن يتغير الموقف ، سيظلون فى تقديس الخلفاء الراشدين وفى تمجيد الفتوحات . والسبب أنهم ( محمديون سنيون ) ترجع جذور دينهم الأرضى الى  تلك الفتوحات .

هى أديان ظالمة نشأت عن فتوحات ظالمة ، وقام بها قادة كفروا بالله جل وعلا ورسوله كفرا عمليا بسلوكهم المُجرم ،ونسبوا إجرامهم هذا الى الاسلام ، فدمّروا الاسلام . ومع هذا فهم (الخلفاء الراشدون ) . والدين السّنى فى تقديسه لهم يضع أحاديث فى تمجيدهم ، منها : ( أصحابى كالنجوم ، بأيّهم إقتديتم إهتديتم ) وسار المحمديون على سُنّتهم ، فهم فى الفتنة الكبرى والحروب الأهلية لا يزالون واقعين وبها سائرين ومستمسكين  . وصاغ الدين السّنى حديثا آخر يقول ( الله الله فى أصحابى . لا تتخونهم غرضا من بعدى ) أى يمنع بحث الفتنة الكبرى والفتوحات ، حتى لا تتوجّه لهم سهام النقد . بمعنى أن القرآن الكريم يأتى فيه تأنيب الأنبياء وتكفير معظم الصحابة ، ولكن من الممنوع التعرض للصحابة باى نقد . وحاول أن تقدم برنامجا أو تنشر بحثا أو تخطب خطبة فى مصر ـ تنتقد فيها الفتوحات ( الاسلامية ) وقادتها ، ومهما إستشهدت بآيات القرآن الكريم فلن يُنجيك هذا من العقاب .! . إن لم يقتلك أحد المصريين  ـ المتدينين بالدين السُّنّى سيعتقلك النظام المصرى بتهمة إزدراء الدين . الدين السُّنّى طبعا ..أمّا أن تسُبّ دين الله فلا شىء ..وكأنّ شيئا لم يكن .!

حسنا ..

نحن لا تأخذنا فى الدفاع عن الاسلام لومة لائم . وموعدنا يوم الفصل ، يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة وسوء الدار : (  إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) ( غافر )

 ودائما : صدق الله العظيم .   

اجمالي القراءات 38578