في البحث عن الإسلام - الصلاة في القرءان الكريم – مفردات – طرف – جزء 3

غالب غنيم في الإثنين ٣٠ - ديسمبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

في البحث عن الإسلام - الصلاة في القرءان الكريم – مفردات – طرف –  جزء 3


بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد والشكر لله رب العالمين

( أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُۥ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنْ هَادٍ ) الزمر، 39 – 36

مقدمة :

هذه سلسلة من المقالات، التي أود من خلالها محاولة فهم الإسلام – دين الله القيم بشكل حنيف قريب الى المراد الإلهي الذي نبتغيه في بحثنا عن الحق، من منطلق عالميته واتساعه لنواميس الكون وسننه والتغيرات التاريخية في المجتمعات منذ نزوله حتى اليوم.

وأنوه أن فهمي لما ورد هنا هو نتاج تدبر خالص لله تعالى مني لكتابه العزيز فقط، حيث أنني لا أعرف غيره مرجعا لي ومصدرا لعلمي وفكري في دين الله تعالى ، وانا اعرض على الكتاب كل صغيرة وكبيرة حسب جهدي وما أوسعنيه الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وهو عبارة عن رأي – أراء لي في بعض المسائل في الكتاب، التي لم يتعرض لها الكثير ، وهي نتاج آنيّ في زمننا هذا وفي وقتنا هذا ، ولا يلزم كونه الحقيقة بل هو نسبي بحكم أن الحقيقة لله وحده تعالى عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، وهي ما نبحث عنه ونرجوا الوصول اليه.

وأكرر ما قاله تعالى – يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

وبعد،

قمنا في الجزئين الأول والثاني بتفصيل مفردة صلى ومفردة السجود (1) والتفريق بين الوصل كصلة والصلاة في خصوصها وعمومها وتفصيل مفردة أتى وربطها بالمفهوم العام والخاص للصلاة .

وفي هذا الجزء من المفردات سنقوم بدراسة إحدى مفردتين سنتعرض لهما كثيرا في البحث عن الصلاة في القرءان الكريم إن شئنا التوصل إلى رسالة الله تعالى إلينا التي فصلها تفصيلا وأحكمها وبيّنها بفضله تعالى، وهما الطرف والدلوك!

ولما هاتين المفردتين من أهمية بالغة ومن وجه خلاف كبير بين الباحثين عن مفهوم الصلاة في الإسلام بشقيه الوضعي الأرضي – والسماوي المتمثل بالقرءان الكريم، ارتأيت ان اجعلهما في بحث منفصل لكل منهما!

وسبب الخلاف بداية هو ان كل فئة من الفئات التي تقوم بتفصيل هاتين المفردتين يحاول أن يجعل من تفصيلهما ما يؤكد وجهة نظره لغة، ولكن هنا في بحثنا هذا لن نتوقف على المفهوم اللغوي للكلمات بل سنتطرق لبعض ما له علاقة بهما من الآيات الكريمة ومن الإشارات الموجودة من حولهما من مفردات قد تشير إليهما !  بل وربما أورد بعض المعلومات العلمية البحتة أيضا لمن يريد الإستزادة والتمحيص!

______________

مفردة طَرَف - طَرَفَيّ :


بداية ومن المهم جدا لنا ان نكون أحناف في بحثنا بغض النظر عن نتائجه المتوقعة من أنفسنا! أقول هذا مذكرا به نفسي قبل أن أذكّر به من حولي، فكلما أخلصنا التوجه لله تعالى الواحد القهار كلما فتح الله تعالى علينا من علمه بابا جديدا ونفخ فينا من روح القرءان الكريم. وعليه بداية أبدأ بترتيل كل الآيات التي وردت فيها المفردة بكل أشكالها، وهنا لا بد من أن أنوّه بوجود مفردة "طَرْفْ" بسكون الراء، وهي لا علاقة لها بمفردتنا هنا التي تكون الراء فيها متحركة، ومنه هما مختلفتي المدلول، حيث أنه في القرءان الكريم تم التمييز بينهما بالجمع من عدمه، فالطَّرَفُ يجمع على أطرافٍ بينما الطَّرْفُ لا جمع فيه في كل الآيات في القرءان الكريم، والذي افهمه حسب علمي انه البصر ولا علاقة له بأجفان أو غيرها، أي أن الطرْف هو البصر "مجتمعا" من العين الناظرة وليس من الإبصار، وهو حسب المفهوم العلمي الحديث ما يحدث من انعكاس النور إلى العين فترى الصورة، وهو الطرْفُ عينه الذي ورد في القرءان الكريم، ولكم تطبيق هذا المفهوم على جميع الآيات وسترون مقدار صحته .

ومن الطريف أن ننبه قبل البديء بالبحث أن مفردة "نهار" لا جمع لها أيضا ! وما حاول البعض في أن يجعل لها جمعا بطرق مختلفة ليس هو سوى محاولات لغوية ليس أكثر، فمن معجم مقاييس اللغة نرى أنه يقول  "  
ومنه النَّهار: انفِتاح الظُّلمة عن الضِّياء ما بين طُلوعِ الفجر إلى غروب الشَّمس ويقولون إنّ النّهار يجمع على نُهُر "
حيث نرى بكل وضوح صدق ما ذكره هذا المعجم بإرجاعه القول إلى الظن وليس التأكيد حيث استخدم مفردة " ويقولون " لكي يزيل الشبهة عن نفسه !

فالنهار لا يجمع كما لا يجمع العَذابُ والسرابُ وهذه قضية مهمة جدا لنا في البحث لاحقا نرتكز عليها بشدة وقوة في البحث.

وأما من قال أن جمع نهار هو أيام فهذا لا نأخذ به لرفضنا الترادف في المفردات جملة وتفصيلا ، فحين ذكر الله تعالى أنه سخر الريح عليهم سبع ليال وثمانية أيام لم يكن من باب العبث بل لهدف في حساب الأيام وعددها وكيف يتم حسابها وليس جمعا للنهار من غيره وهذا موضوع ليس هنا محله !

وقبل أن نتعرض للآيات نبحث في المعجم إن وجدنا ما يفيدنا في مقاييس اللغة وهو المعجم الأقرب للواقع القرءاني، حيث أنه – للوهلة الأولى - الأغلب يظن أنه لا يوجد آية تفصل بدقة هذه المفردة إلا مورد آل عمران، وقد يُختَلَف عليه، وحيث أن المفردة محل خلاف عظيم بين البشر لما فيها من نتائج مترتبة على مفهوم الصلاة :

من مقاييس اللغة يقول :
الطاء والراء والفاء أصلان: فالأوَّل يدلُّ على حدِّ الشيء وحَرفهِ، والثاني يدلُّ على حركةٍ في بعض الأعضاء.فالأوَّل طَرَفُ الشيء والثوب والحائط .
وأمَّا الأصل الآخر فالطَّرْف، وهو تَحريك الجفون في النَّظَر. هذا هو الأصل ثم يسمُّون العينَ الطَّرْف مجازاً . انتهى
والطرْف – الأصل الثاني - كما قلنا لن نتعرض له للأسباب أعلاه، ولعلاقته بالعلم الذي لم يكن ليصلوا إليه في ذلك الوقت .

وهذا الفهم للطرَف يناسبنا ولا نعترض عليه ! فنحن نظن بالفعل أنه حد الشيء وحرفه .

أولا : طَرَف الذين كفروا

بداية أبدأ بأكثر الآيات تفصيلا لهذه المفردة وهي قوله تعالى :

(
لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُوا۟ خَآئِبِينَ) آل عمران، 3 – 127
وهذه الآية وردت في مساق يتحدث عن حرب قامت بين المؤمنين والكافرين ببدر حيث كان التدخل الإلهي ظاهرا معجزا مسببا فوز المؤمنين بعد إذ همت طائفتان منهما ان تفشلا ثم أمدهم الله تعالى بالملائكة ليتم نصرهم من عند الله تعالى، والهدف من الدعم الإلهي هو ما ذكر في هذه الآية ، أي ليقطع طرَفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين، ومن الطبيعي ان القطع هنا ليس المفهوم العام له لغة بل هو من الصرف لهم عن المؤمنين بانقلابهم او بكبتهم كما قال تعالى  (
وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُۥٓ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِۦ حَتَّىٰٓ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَٰزَعْتُمْ فِى ٱلْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّنۢ بَعْدِ مَآ أَرَىٰكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ ) آل عمران،3 - 152

فالقطع هو الصرف للشيء وإبعاده !

ولكي نفهم جيدا ما هو الطَرَف الذي يتم قطعه –  صرفه أو إبعاده – هنا نأتي بآية تفصل هذه الآية حيث يقول تعالى:
(
وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّآئِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦوَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَٰفِرِينَ) الأنفال، 8 -7

ومن هنا نفهم ان طرفا منهم هو دابرهم، أي يصرفهم ويبعدهم فلا يرجعون . وهذا الصرف قد يكون بالموت أحيانا كما في قوم نوح ولوط  (
فَأَنجَيْنَٰهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥ بِرَحْمَةٍ مِّنَّاوَقَطَعْنَا دَابِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا وَمَا كَانُوا۟ مُؤْمِنِينَ ) الأعراف، 7 – 72 ، (  وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَٰلِكَ ٱلْأَمْرَ أَنَّدَابِرَ هَٰٓؤُلَآءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ ) الحجر ، 15 - 66

ومن هنا وأخيرا، نصل الى البحث عن أطراف المتحدث عنهم، فهل هناك اطراف كثيرة أم لا؟ من الآيات نرى أن هنالك للإنسان طرفين، من منطلق المفردة والدلالة القرءانية، وهما الدبر والوجه، فالإنسان في القرءان الكريم له طرفين، الطرف الأول هو دبره وهو لغة ظهره وما خلفه والطرف الثاني هو وجهه وما أمامه أي لغة الهيئة الأمامية منه :

(
فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَٰرَهُمْ ) محمد، 47 – 27
( وَلَوْ تَرَىٰٓ إِذْ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَٰرَهُمْ وَذُوقُوا۟ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ ) الأتفال، 8 – 50
( وَٱسْتَبَقَا ٱلْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُۥ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا ٱلْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوٓءًا إِلَّآ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) يوسف، 12 – 25

والآية الفصل في الأمر :
(
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ ءَامِنُوا۟ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰٓ أَدْبَارِهَآ أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّآ أَصْحَٰبَ ٱلسَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولًا )النساء،4 – 47

فالطرفين هنا هما الحدين للإنسان أو حرفيه من قِبَلٍ ومن دُبُرٍ ولا ثالث لهما!

ومنه، الطرف في الآية هو إدبار الكافرين بصرفهم وإبعادهم عن المؤمنين وليس كما ورد في التفاسير والمعاجم بأنه طائفة منهم أو فئة .


ثانيا : أطراف الأرض

قال تعالى :
(
أَوَلَمْ يَرَوْا۟ أَنَّا نَأْتِى ٱلْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَٱللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِۦ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ) الرعد، 13 – 41
(
بَلْ مَتَّعْنَا هَٰٓؤُلَآءِ وَءَابَآءَهُمْ حَتَّىٰ طَالَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِى ٱلْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ أَفَهُمُ ٱلْغَٰلِبُونَ ) الأنبياء، 21 – 44

بعيدا عن كل التفاسير والرؤى، سنحاول هنا طرح المفهوم الحديث العلمي المنهجي بدون رأي مسبق في محاولة منا لفهم هذه الآيات!

الله تعالى هنا يتحدث لبشر مثلنا لم يملكوا من إمكانيات علمية كثيرة، ومع الإفتراض بقبولهم فكرة كروية الأرض بسبب آيات كثيرة تتعرض لهذه المسألة، ولكن لنتوقف – نحن - قليلا ونفكر كثيرا !
هل الحديث هنا عن كروية الأرض والكرة الأرضية فعلا ؟!
وهل مفردة الأرض هنا تدل على كل الأرض الأم – الكرة ذاتها -  التي نحن، البشرية جمعاء، عليها والتي يقابلها القمر وغيرها من كواكب ؟
فسواءا هنالك تقدم علمي أم لا !، وسواء ألأرض كروية الشكل ام لا !
أقول : هل الحديث هنا عن الكرة الأرضية أم عن جزء من الأرض يراه البشر بسهولة ويسر ؟!

فلو قلنا ان الحديث عن الكرة الأرضية لأوقعنا أنفسنا في مطبات كثيرة محرجة أمام أنفسنا وأمام من ينظر للقرءان الكريم بعين النقد والبحث !
بل حتى اليوم ومع كل التقدم العلمي لن نستطيع الجزم بكون الحديث عن الكرة الأرضية !
فمن المنطق البديهي الفطري أن نقول بأن الحديث هنا هو عن جزء من الأرض نستطيع رؤيته بيسر وسهولة ونستطيع التأكد مما دعانا الله تعالى أن نتأكد منه وهو أنه يأتيها وينقصها من أطرافها، ويعزز هذا المنطق أن الخطاب لقوم عاشوا في زمن بعيد وفقهوه وعلموه بداهة وأنه تم ربطه بالرؤية وليس الإبصار !

ثم ما مدلول مفردة "ننقصها" ؟
فالأموال تنقص والأنفس تنقص والثمرات تنقص والله تعالى شدد علينا كثيرا بأن لا ننقص الميزان ...
فالنقص في القرءان الكريم هو ان يصبح الشيء أقل كمّا او فترة أو طولا مما هو عليه !

هناك نقص الكمّ أي قِلّته  -
(
وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَىْءٍ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلْأَمْوَٰلِ وَٱلْأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ) البقرة، 2 – 155
(قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَٰبٌ حَفِيظٌۢ ) ق، 50 – 4

وهناك نقص الفترة الزمنية أي قصرها -
( وَٱللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَٰجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِۦ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِۦٓ إِلَّا فِى كِتَٰبٍ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ ) فاطر، 35 – 11
(نِّصْفَهُۥٓ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ) المزمل، 73 – 3

والآن، وبعد كل هذه الدراسات لهذه الآية أو الآيات الكريمة، هل ما زلنا نظن أن الحديث عن الكرة الأرضيه؟!
من الطبيعي أن يستطيع أي منا أن يرى كيف تنقص الأرض كمّا ولكن هل نستطيع أن نرى كيف تنقص طولا وعرضا مثلا ؟!

إن كان الحديث هنا عن الأرض التي نرى ونزرع ونعيش عليها فمن السهل أن نرى كيف تنقص كمّا ولكن ما علاقة أطرافها بالكمّ ؟! لا أرى هنا علاقة مباشرة، ولكن ما اراه هو :
يكون الإنقاص كمّاَ مما يؤدي إلى ظهوره طولا وعرضا !!

فكان الإنقاص منسوبا للأطراف بسبب قلة الكمّ مما ادى إلى نقص مواز في الأطراف أي الحدود !

وهذا قد يكون بعوامل مختلفة من تصحّر أو ظهور الصخور أو طغيان الماء أو عدم توفر تراب بديل لما يتم استهلاكه !
القضية كلها زراعية بحته، هذا ما أريد قوله ! وربما ترون أنه ضرب من الخيال والبعد عن الواقع ولكن أنا اراه قريبا !
لكي نصل إلى هذا المفهوم الذي أنا وصلت إليه، يجب أن نقرأ كل سورة الرعد، 13 ، والتي في اغلبها تتحدث عن الأرض وعن القِطَع منها وعن جناتها والزرع والحدائق بل والتراب والرعد والبرق والماء ...
هي سورة تتحدث عن واقع نحياه كل يوم وفي حياتنا كلها! فمن البديهي أن يكون هذا المثال من حياتنا !
وورد فيها عمّا ينفع الناس فيمكث في الأرض بشكل عام، والرزق الكريم .

الخلاصة:
لا ارى هنا اي حديث عن الكرة الأرضية بسبب خصوصية الحديث لنا نحن كبشر لكي نرى كيف ينقص الله تعالى الأرض من أطرافها، ومنه ، الحديث هنا لا علاقة له بكروية الأرض من عدمها أبدا، بل عن نقص الكميّة من الأرض التي نراها بيسر، والذي يؤدي إلى ظهور هذا النقص في الأطراف، أي الحدود !
فالأرض لها حدود وليس حدّين او حدِّ واحد! وحدودها هو ما "نراه" ومن هنا تنقص أطرافها .

ومن هنا نعود إلى المفهوم الأول أعلاه من حد الشيء وحرفه ! وقضية الإنقاص وفهم المفردة مهم جدا للعودة إليه لاحقا في البحوث اللاحقة التي ستتعرض للقصر في الصلاة !

 ثالثا: طرفي النهار

قال تعالى :
(
فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَوَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء ٱلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ ) طه،20 – 130
(وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّٰكِرِينَ) هود، 11 – 114

بداية علي أن أنبه لأمر قد يغيب عن بال كثيرين وهو أمر مهم جدا أن لا نهمله، وهو أن القرءان الكريم لا يوجد فيه إختلاف ! ولو وجدنا فيه إختلافا لكان من عند غير الله تعالى كما قال لنا وعلمنا ربنا سبحانه (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُوا۟ فِيهِ ٱخْتِلَٰفًا كَثِيرًا ) النساء، 4 – 82
وعليه علينا أن نتدبره قبل أن نتخذ رأيا في فهمنا له، وتدبره يكون باتباع دبر الآيات التي تفصل بعضها البعض لكي نفقه مدلول المفردات أولا، ثم نعود للآية المطلوبة مساقا ثم نُجمِل فقهنا وفهمنا من القرءان الكريم كله.

وألآن عندي سؤال مهم جدا من الصنف النقديّ ! هل يعقل أن يقول سبحانه مرة عن النهار أن له طرفين ثم مرة أخرى يقول أن له أطراف ؟!
هنا خلاف لا بد من فكّه، وليس أسهل من ذلك ! إن تذكرنا الطرفة التي ذكرتها أعلاه عن كون النهار لا جمع له !
هذا هو الفهم المنطقي بدون تدبر – اي الفرضية المنطقية المبينة على أساس أن القرءان الكريم لا يوجد إختلاف فيه!  فلنناقش الآيتين الآن لنرى مصداقية هذه الفرضية !

بكل يسر نرى في مورد طه من الآية ذاتها بدون مساقها أن خطاب الله تعالى للنبي عليه السلام هو خطاب عمومي ليس محصورا في يومٍ أو نهارٍ أو ليلةٍ!
فالله تعالى يعظه بأن يصبر على ما يقولون وهذا لا يكون في نهار واحد ابدا، بل هو أمر متكرر دائم في كل نهار وليل ووقت ! فالصبر طبيعة ليست محصورة في ساعة او وقت قصير بل ممتد طويل الأمد عادة ، وتم ربط الصبر بما يقولونه للنبي الكريم من شتم واتهام وذم وهذا لا يكون في يوم او ساعة بل طيلة دعوته كما رأينا في القرءان الكريم !
ومنه ،
الله تعالى يعظ النبي بأن يصبر على ما يواجهه ويسمعه من قول يؤذيه وأن يسبح ربه قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل بل ومن أطراف النهار، فهل نفهم هنا أن الحديث في كل مقاطع الآية عن كل حياة الرسول ونترك الجزء الأخير مقطوعا عن مساقه ونعيده الى يوم واحد فندّعي ان للنهار الواحد اطراف ونحدث اختلافا في القرءان الكريم ؟!!

من المؤكد النفي. فالله تعالى يعظ النبي بأن يسبحه في طرفيّ كل نهار من نهار حياته !
مفردة النهار لا تُجمع، وعليه، هنالك نهار، ونهارين، وثلاثة نهار، وخمسة نهار، وهكذا ...

كل الآية تتحدث عن اكثر من نهار ولهذا كان هناك استخدام لمفردة أطراف النهار .

ثم لو قرأنا الآية بتفصيل أكثر لرأينا انتقالا في الخطاب حين تحدث الله تعالى عن أطراف النهار  وآناء الليل حيث لم يقل الله تعالى ومن آناء الليلة فسبح وأطراف النهار بل قال من آناء الليل وهذا يدل على " عموم " الليل في كل حياته كما النهار تماما وليس ليلة واحدة ونهار واحد !

هي تماما مثل "طَرْف" التي لم ندرسها اعلاه والتي وردت في القرءان الكريم مجموعة "طَرْف" مثل قوله تعالى على سبيل المثال لا الحصر (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِى رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْـِٔدَتُهُمْ هَوَآءٌ ) إبراهيم، 14 – 43 ، ولم يقل اطرافهم لأن مفردة طَرْف لا جمع لها كما مفردة نهار .

ونصل أخيرا إلى الآية الفصل البيّنة المحكمة التي لا يختلف عليها إثنان وإن اختلفا فسنحضر لهما العلم لكي يثبت الفصل في الأمر ! حيث
قال تعالى :
(
وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّٰكِرِينَ) هود، 11 – 114
أول ما أبدأ به هو القول
حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، فهذه الآية بالرغم من عظمتها ودقتها وبيانها تمّ التعتيم عليها من كل صوب وحدب !
حتى اللحظة لم نجد في مفهوم مفردة طرف غير أنها حدّ او حرف لشيء !

كثيرون قاموا بليّ عنق الآية حتى يصلوا الى أن المقصود بطرفيّ النهار لتصبح أطراف النهار الواحد! وكلّ منهم بذل جهودا جبارة في إثبات ذلك لغة ونسي القرءان الذي فصّل كل شيء !
لو أعطينا هذه الاية لطفل لقال أن طرفي النهار هما طرفاه لا اكثر ولا اقل ! اي جزئيه الأخيروالأول وليس عشر نقاط او مائة نقطة في وسطه وغيره او غير ذلك !
ولكن، ولكي نتم البحث لا بد لنا من فهم مفردة النهار لنرى ماهيته،  ولنر هل له طرفين ام أطراف عديده، وبداية ارد على كل من ينادي بكروية الأرض وبأن هذا دليل على تعدد أطراف النهار بأنه لا علاقة للنهار بكروية الأرض لا من قريب ولا من بعيد بسبب ان النهار قائم بذاته بوجود الأرض من عدم وجودها أصلا بكرويتها من عدم كرويتها وذلك لأن مصدره هو ضوء الشمس ! ولأن هناك مناطق في الأرض قد يطول فيها النهار شهورا !
فإن أردنا فهم طرفي النهار فلا بد لنا من فهم ماهية النهار !
الليل والنهار لا علاقة لهما بكروية شيء من عدمه ! فالنهار في نهاية الأمر قد يستمر فترة ست شهور متتالية في شمال الكرة الأرضيةوأظن ان هؤلاء الذين يقطنون هناك كذلك من العالمين وأن القرءان الكريم مرسل لهم ايضا كما هو مرسل إلينا !

أنا أعتذر في الإسهاب بافكاري، ولكن مثل هذه الأمور واجهت منها الكثير وقرات لكثيرين منها، ولن أزال، ولا بد من استخدام المنطق وعالمية القرءان والدين الإسلامي لكي أواجه افكارهم المحصورة على منطقة محدودة من الكرة الأرضية، ومن محاسن الصدف ومشيئة الله تعالى أن كان هناك بحث علمي لأخ فاضل (2) يريد فيه أن يثبت أطراف النهار الواحد! فوجدت فيه بغيتي بأن للنهار طرفين فقط بالمفهوم العلمي المحض وسأعلق عليه في تذييل منفرد أدناه لأبين ما حاول الأخ أحمد بهجت ان يلوي عنقه او ما غاب عنه كي لا أتهمه بالغيب ، ومن يريد أن يراه فليصبر حتى يقارب نهايته ويرى بام عينيه أن لا أطراف للنهار بل طرفين اثنين فقط من شكل حركة النهار ذاته اي الضوء الذي في نهاية الأمر هو عبارة عن ترددات تسير بشكل مستقيم لا منحنِ .
وهذا المقطع سيفيدنا ايضا في فهم الدلوك في البحث التالي. وهو عبارة عن فيلم على اليوتيوب ارجو من صاحبه أن لا يمحوه وأنصح الجميع بأن يروه.

من الاية التالية بكل يسر نرى ان النهار والليل هما وجهين نقيضين :
(وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ ءَامِنُوا۟ بِٱلَّذِىٓ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكْفُرُوٓا۟ ءَاخِرَهُۥ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) آل عمران، 3 – 72
ومن الطبيعي ان تكون نقاط التقائهما هي الطرفين المقصودين في مورد هود، فإن كان للنهار "وجه" فإن له دبر، ومنه له طرفين اثنين لا اكثر!

ولكن لِمَ لَمْ يقل تعالى طرفي الليل وقال طرفي النهار؟
الليل قال تعالى عنه أنه زُلَف، وفي آية أخرى "بقِطْع" من الليل، فأصبح الليل عبارة عن أجزاء وليس خطا ممتدا مستمرا كما النهار!
وبالفعل لا يمكن أن يكون ليلنا على الأرض ليلا ظلاما دامسا بسبب تخلله ما يضيء من نجوم وقمر وبقايا إشعاع شمسي في بداية غشيانه النهار ونهايته، فكأنما الليل ليس مظلما حالك الظلمة !
وهذا يمكننا أن نجده في القرءان الكريم بكل بيان في قوله تعالى التفصيليالذي يُميّزُ الليل الأرضي عن الليل يوم القيامة والحساب في قوله تعالى :

( وَٱلَّذِينَ كَسَبُوا۟ ٱلسَّيِّـَٔاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍۭ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَآ أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ ٱلَّيْلِ مُظْلِمًا أُو۟لَٰٓئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ ) يونس، 10- 27
فليس كل الليل مظلم، بينما كل النهار مبصر، ولهذا محى الله تعالى آية الليل وجعل آية النهار مبصرة ( وَجَعَلْنَا ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ ءَايَتَيْنِ فَمَحَوْنَآ ءَايَةَ ٱلَّيْلِ وَجَعَلْنَآ ءَايَةَ ٱلنَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا۟ فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا۟ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ وَكُلَّ شَىْءٍ فَصَّلْنَٰهُ تَفْصِيلًا ) الإسراء، 17 – 12 ، وفي بحث الصلاة ذاتها سنناقش قضية الزلف من الليل بالتفصيل.
فالليل يغسق ويعشى ويعسعس ويسجى ويظلم وهو زلف وقطع ، ومنه هو ليس بخط ، فله – خلاف النهار – أطراف ولكن ليس للنهار إلا طرفين لكونه مرتبط بضوء الشمس فقط وليس بالقمر والنجوم .

وآخر شيء أذكر أن الله تعالى ذكر طرفي النهار في الآيات التي تتحدث عن الصيام حيث حدد لنا الطرف الأول وهو حين يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر. وسنتعرض للطرف الثاني حين ندرس مفردة الدلوك وارتباطها بقوله تعالى بأن نتم الصيام إلى الليل وبطبيعته المماثلة للفجر.

خلاصة :
- الطرف هو حد الشيء وحرفه أي نهايته .
- النهار له طرفان أي جزئين كما الخيط ، وطرفيه هما الجزئين من الخيط في بدايته ونهايته .
- النهار قِطْعة واحدة بينما الليل قِطَع .
- النهار لا جمع له وجمعه نهار .
- طرفي النهار هما فترتين بدايتهما تفجر الضوء من الخيط الأبيض والخيط الأسود حتى قبل بداية عملية الدلوك الذي هو ايضا تفجر آخر – في البحث القادم !  .
- أطراف النهار هي جمع طرفي كل نهار في السنة أو في مجمل فترة ما مكونه من أكثر من نهار .
- أطراف الأرض هي حدودها التي نراها .
- النقص هو ان يصبح الشيء أقل كمّا او فترة أو طولا مما هو عليه .
- القطع هو إبعاد الشيء او صرفه بعيدا وهو كما قلنا في الجزء الثاني من هذا البحث انه عكس الوصل اي القرب والتقريب للشيء .


______________

ملحق :

هذا الملحق خاص لمن يريد أن يتابع الفيلم العلمي الذي قام بتصميمه الأخ الفاضل أحمد بهجت في محاولة منه لإثبات الصلوات الخمس من القرءان الكريم، وهنا لن اتعرض لمسألة عدد الصلوات بل ساتعرض فقط للمفهوم العلمي الذي طرحه وفهمي الشخصي له بدون رجوع للقرءان الكريم ثم إسقاط مفهومي على ما قمت به هنا من دراسة.
بقول آخر، سافترض أنني غير مطلع على القرءان الكريم أبدا واحضر فيلمه وانشر مفهومي الخاص العلمي عنه، وليس ما قاله هو، ثم سأقوم بإسقاط ما فهمته على القرءان الكريم وسنجد أن ما أقوله هو الأقرب للصواب من رأيه المتشابه بالنسبة لي!
وفي حال تغيير الأخ أحمد فهمه لهذه المسألة أطلب منه عدم حذف الفيلم بل تغييره فقط وليبق على الرابط كما هو لكي لا يضيع ويفقده القاريء الكريم. وسنقوم بتغيير محتويات الدراسة كما يلزم .

ومنه،
مقدمه :

في الحقيقة أن الحرارة ليست شيء منفصل عن ضوء الشمس، فضوء الشمس القادم إلينا مكون من موجات كهرومغناطيسية -  فوتونات، وهي عبارة عن طيف واسع من الموجات الكهرومغناطيسية ابتداء من الفوق بنفسجية مروراً بألوان الطيف (الضوء المرئي) وصولاً إلى التحت حمراء، ويميز العلماء ثلاثة أنواع من الأشعه التي يتألف منها الإشعاع الشمسي والتي تشمل :
- الأشعة الحرارية أو الأشعة تحت الحمراء وهي غير مرئية وتقدر نسبتها بنحو (46%) من جملة الإشعاع الشمسي ويتراوح طول موجاتها من (75ر0ـ 0ر4) ميكرون (1/1000 من ملليتر) وتلعب دوراً هاماً في النشاط بأسره .
- الأشعة الضوئية المسماة مرئية وهي في الحقيقة غير مرئية، فأشعة الشمس وبها مايسمى الضوء المرئي مثلاً تخترق الفضاء الكوني من غير أن نراها، ولكنها تنير الوسط المادي الشفاف التي تتناثر فيه مثل غلافنا الجوي أي تنعكس منه مثل سطح القمر والتشتت أو التناثر هو السر في إنارة الجو بضوء النهار مع العلم أنه يمكن تحليل الضوء بمنشور زجاجي إلى مكوناته الأساسيه وتقدر نسبة الأشعة الضوئية بنحو 45% من جملة الأشعاع الشمسي، ويتراوح طول موجاتها من (40ر0ـ 74ر0) ميكرون، وتزداد قوة الأشعة الضوئية على سطح الأرض في وقت الظهيرة أثناء النهار في فصل الصيف .
- الأشعة فوق البنفسجية وتسمى أيضاً (الأشعة الحيوية) وهي غير مرئية وتقدر نسبتها بنحو (9%)من جملة الإشعاع الشمسي ويختلف طول موجتها من (17ر0ـ40ر0) ميكرون .

نبدأ الآن بنقد ما قيل في الفيلم :

- أولا اسم الفيلم يحتم بخطأ من يفهم عدد آخر غير خمسة من  قبل ان يبدأ الأخ أحمد فيلمه وكان عليه أن يسميه فقط عدد الصلوات ويدع للقاريء أو الناظر أن يقرر وهذا يعني الرأي المسبق عند الأخ أحمد منذ بدأ فيلمه، ومنه هو ليس فيلم بحث بل فيلم إثبات لرأي .

- ثانيا عند تعرض الأخ أحمد لطرفي النهار وزلفا من الليل قال ان الكتابة ستكون صعبة جدا في هذا الأمر وهذا يناقض فهم الناس للقرءان الكريم الذي يجب ان يكون ميسرا من حيث ان القرءان ميسر للذكر ومنه طرفي النهار هما طرفيه ليس اكثر ودراستي كلها هنا فقط لكي أثبت لمن لا يقتنع بيسر القرءان الكريم وليس الهدف هو الغلوّ في الشرح والفهم مني، فلو لم نختلف لاتفقنا على ما يفهمه الطفل من سماعه لكلمة طرفي النهار !

- ثالثا الأخ أحمد أسهب كثيرا وركز كثيرا على علم الفلك وكأنه من الضروريات أو كما يقال من لزوم العلم به لكي نفهم مثل هذه الآيات عن النهار والليل وهذا ما أخالفه فيه تماما فإن جاء من علم الفلك ما هو مفيد لنا فلا بأس وليس شرطا العلم به لكي نفهم القرءان الكريم . فربط علم الفلك بعبادة بسيطة مثل الصلاة فهذا من أعجب ما سمعت ، فمتى كان على "الناس" ان يتعلموا الفلك ليعلموا ابسط العبادات ؟!

- رابعا نلاحظ إستخدام الأخ أحمد لمفردات لغوية وضعية لم ترد في القرءان الكريم وإسقاطها بدون أساس علمي على رسومات  "هو" من يقوم برسمها وليست هي أصلا موجودة في الفيلم الذي يقوم به ! أي، المفروض من حضرته أن لا يضع أي تأشيرات وتقسيمات للنهار بخط يده بل أن يرينا إياها على أرض الواقع العلمي من حيث كونها جزء ملاحظ طبيعي وليس مكون من تأشيرة من خط قلمنا في نقطة لا تختلف عن قريباتها من النقاط فعليا وواقعا !
فهو يستخدم مفردة العشاء  ليدل على نقطة  ليست مميزة بحد ذاتها بل هي نقطة استطيع القول أنها عشوائية قد أقوم أنا بإختيار نقطة قريبة منها او بجوارها ويكون نفس نتيجة كلامه ، ومنه، هو قام بلبس مفردة عشاء مع مفردة اللغة الوضعية التي هي مغرب ، ولو تفكّر قليلا لبدا له مما عمل هو أن تلك هي بالذات فترة العشي التي تكلم عنها الله تعالى وهو من استخدمها كنقطة وليس كفترة كما هي في القرءان الكريم، فالعشاء في القرءان الكريم هو فترة وليس نقطة !
ومنه العشاء يمتد من لحظة انكسار المخروط في نقطة فيصبح الضوء قليل ويعشى البصر حتى يتم سحب كامل المخروط المتصل أصلا فيكون الظلام – الغسق، وأنا هنا أتيت بهذا الفيلم لأنه بالفعل يثبت ما توصلت إليه في هذا البحث والبحث القادم عن الدلوك، بغض النظر عن تعليقات الأخ أحمد الفاضل، فلو انني قمت بطرح الفيلم من جديد لاختصرت اكثر كلامهوركزت على الجوهر وهو ( المخروط ) !

من فيلم الأخ أحمد الفاضل نرى الضوء مخروطا ومنه علينا عدم تقسيم ما هو غير مقسم طبيعة وخلقا فالنهار متصل خط واحد وهو ليس مثل الليل كما بينت أعلاه ومنه علينا تتبع حركة المخروط كاملا وليس نقاط إفتراضية نضعها نحن عشوائيا لكي نثبت وجهات نظرنا !

وأهم شيء نركز على الدقيقة 29 حيث تمت رسمة الحق التي تبين بكل جلاء الفجر والعشاء بدون حشو أي كلام مني أو منه !
حيث في رسمته يبدو بكل وضوح بداية فترة العِشي حتى نهايتها، حيث تكون بداية العشاء هي بداية عِشيّ البصر والذي ينتهي بالليل – الغسق من الليل ! وكذلك بداية فترة الفجر والي هو الدلوك الثاني علميا كما نرى من فيلمه !

ولم أفهم على أي أساس قام الأخ أحمد بوضع نقطه إفتراضية في وسط المخروط المتّصل غير المتقطع أو المتكسر وسماه مغربا، فرأس المخروط – أي الهرم -  هو ما يجب أن نتتبعه فكيف أقسمه ؟! وهذا ما أدى بنا إلى أن لا نتم الصيام إلى الليل بسبب قسمة رأس مخروط  - الهرم - المتصل غير متكسّر الى جزئين إفتراضيين بدون أي أساس علمي فيزيائي فلكي ولا نقطة ارتكاز ناتجة عن تكسّر الرأس مثلا أو إنحناءه او إنحراف مساره !

- خامسا في الدقيقة 23 يبدا الأخ أحمد الفاضل تفصيل مسألة الدلوك التي سنناقشها في البحث القادم إن شاء الله تعالى .

- سادسا أقول، لكي نفهم فيلم الأخ أحمد كما يجب علينا تصور التالي بدون أي مزاودات كلامية من طرفي أو من طرفه وهو أن نأتي بمخروطين وقمنا بتحريكهما حتى تلتقي قاعدتيهما وهو نقطة خط الإستواء - أستخدم خطوط العرض حتى تتضح الصورة عند القاريء - فتكون نقطة التقائهما هي منتصف النهار حيث تكون قاعدة المخروط في الوسط تماما، ثم نبدا بسحبه وترك أثر له حتى نرى حركته فلن نجد أي نقاط اربع او ستة او ثمانية كما يقول الأخ أحمد الفاضل، فهذه النقاط الإفتراضية هي بالفعل إفتراضية ويمكن لأي منا ان يجعل منها مائة وليس اربعة فهي لا اساس فلكي – فيزيائي لها، فيكون كل الخط هو نقاط بسبب استمرارية الثواني والدقائق أي استمرارية حركة المخروط ، ومنه كل النهار عبارة عن نقاط متصلة ببعضها البعض وأبدا ليست أطراف – فلكيا، ويجب ان نتابع من كل فيلمه فقط نقطتين وهما رأس المخروط وقاعدته – الهرم - ، ويجب أن يتم سحب المخروط كاملا اي منتصف الليل وإدخاله كاملا أي منتصف النهار ويكون طرفي النهار هما لحظة الدلوك الثنائي الحدوث بسبب كروية الأرض !

- سابعا أقول أنه في الدقيقة 24 قام الأخ أحمد باستخدام ما هو يفترضه وليس ما هو فلكي واقع نراه في فيلمه الذي يرينا بكل وضوح حركة الشمس ونتاج النهار عنها فهو قال ( أن المغرب هو "طرف ثالث" عندما الشمس نزلت بالأفق خالص ) بينما في القرءان الكريم هي بداية الدلوك وهي بداية العِشيّ الذي أيّ منا يستطيع ان يتأكد منه بنفسه كل يوم بلا نقاش وبراهين من الغير .

- ثامنا تم الرد عليه في مسألة النهار وأطراف النهار أعلاه بما يلزم حيث استخدمها هو كما يستخدمها الكثيرون لإثبات وجهات نظرهم وينسون أنهم بهذا يخلقون إختلاف  في القرءان الكريم لا يمكن فكّه بعد ذلك !

- تاسعا بالنسبة للتسبيح فلا تعليق لي عليه فالقاريء النبيه سيرى استخدام كثيرين لمثل هذه الآيات في تعليل مواقيت الصلاة التي هي غير اوقات التسبيح .

- أخيرا أشكر الأخ أحمد بهجت الفاضل فعليا على جهوده الرائعه وسابقى أدعو له بأن يهديني الله وإياه الى الرشد والصواب لما فيه الخير في فهم القرءان الكريم وليس المفاهيم الوضعية بعد غذ اضعنا اثني عشر قرنا في نشر التراث غير المفيد لأي منا .

إنتهى.

والله المستعان

ملاحظة: لا حقوق في الطبع والنشر لهذه الدراسة، وإن كنت لم أصل إلى مراد الله تعالى الذي نطمح كلنا إليه – فهو سبب تدبرنا – فعسى أن تصححوا خطاي وأكون لكم من الشاكرين.

مراجع :
* المرجع الرئيسي الأساسي الحق – كتاب الله تعالى – القرءان الكريم.
* برنامج أكسيس قرءان  نسخة 8 للأخ الفاضل أحمد بهجت – برنامج متطور جدا في البحث عن مفردات القرءان برسم عثماني وإملائي ومواصفات أخرى كثيرة مميزه :
للتحميل:

http://free-islam.com/modules.php?name=Forums&file=viewforum&f=31

للتعلم عنه:
http://www.youtube.com/watch?v=hnaMmlsx_qE

* (1) في البحث عن الإسلام – الصلاة في القرءان الكريم :

- مفردة صلى :

http://www.alquran-forall.com/index.php?option=com_content&view=article&id=5521:2013-03-26-20-24-36&Itemid=64


- مفردة سجود :

http://www.alquran-forall.com/index.php?option=com_content&view=article&id=5648:--------------2&catid=34:2010-04-14-22-41-35&Itemid=64


* (2) بحث علمي مصوّر للأخ الفاضل أحمد بهجت يحاول فيه إثبات الصلوات الخمس  ويصف فيه ماهية النهار
http://www.youtube.com/watch?v=Au3poKkwJbY
 

اجمالي القراءات 16521