دستور أهل القرآن

آحمد صبحي منصور في السبت ٢٨ - ديسمبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

دستور أهل القرآن

مقدمة :

1 ـ لسنا طائفة ولا حزبا ولا مذهبا ولا تنظيما . نحن تيار فكرى إسلامى يسعى فى إصلاح المسلمين سلميا بالاحتكام الى الله جل وعلا فى القرآن الكريم  طبقا لقوله جل وعلا : ( أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً ) 114) الأنعام ). ولأننا تيار فكرى فإن فضاء الانترنت فقط هو مجال التعارف بيننا . ونتمنى أن تُتاح لنا او لبعضنا فرصة اللقاء فى مؤتمر فى أى مكان فى العالم .

2 ـ الذى يجمعنا فى الفكر والدين الاسلامى هومُجمل دعوتنا التى تتلخص فى الآتى :

أولا : من حيث الايمان

1 ـ نؤمن بالله جل وعلا وحده الاها لا إله غيره ، ولا نقدّس ولا نؤله مخلوقا من الملائكة او الرسل أو الأئمة والأولياء أو الأحبار أو الرهبان ، نتمنى أن نكون مسلمين حقيقيين : ( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) ( الأنعام ) ، وبالتالى :

2 ـ فإننا نؤمن بالله جل وعلا وملائكته ورسله وكتبه ، ولا نفرق بين أحد من رسله طاعة لله جل وعلا : (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة ) وبالتالى:

3 ـ  فإننا ننكر تدخل البشر فى التفاضل بين الرسل لأن ذلك مرجعه لله جل وعلا وحده (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ )(253) البقرة )( وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ )ً (55)الإسراء )، وبالتالى :

4 ـ  فإننا نؤمن بأن شهادة الاسلام واحده ، وهى ( لا اله إلا الله ) التى أكّدها رب العزة والملائكة وأولو العلم : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) آل عمران  ) وبالتالى:

5 ـ  فإننا نرفض تقديس النبى محمد عليه السلام وتأليهه ورفعه فوق مستوى الرسل ، ونرفض الحج الى القبر المنسوب اليه ، وإضافة إسمه الى إسم الله جل وعلا فى الصلاة والأذان وفى المساجد . ونعتقد أن الصلاة على النبى هى فى الصلة به ، أى بالتمسك بالقرآن الذى نزل عليه ، وحين نقرأ القرآن الكريم فإننا نعى أننا نقرأ نفس الألفاظ والكلمات التى كان عليه السلام يقرؤها ، ونتمسك بما كان عليه السلام يتمسك به ويجاهد من أجله ، وهذه هى الصلة الحقيقية به عليه السلام بعد موته .  

6 ـ ونؤمن باليوم الآخر وفق ما جاء فى القرآن ، نؤمن أن الله جل وعلا وحده هو مالك يوم الدين ، وأنه يوم العدل المطلق ، حيث لا تشفع نفس عن نفس وحيث يأتى كل فرد يدافع عن نفسه أمام الواحد القهار.

7 ـ  الاسلام القرآنى له معنيان : الاسلام القلبى فى التعامل مع الله جل وعلا ، والاسلام هنا يعنى الإستسلام والإذعان والإنقياد لله جل وعلا وحده ، بالإيمان به وحده لا شريك له ولا ولد ولا صاحبة ولا زوجة ولا ولى معه ولا شفيع ، فهو وحده جل وعلا الولى والشفيع والنصير والمقصود وحده بالعبادة ، وكل الخلق قد ( اسلم له ) جل وعلا طوعا ( كالمؤمنين ) أو كرها ( كالجمادات من الذرة واليكترون الى الأجرام السماوية ، والحيوانات المجبولة على الطاعة ). المعنى الآخر للإسلام هو ( السلام ) فى التعامل مع الناس، فكل إنسان مسالم هو مسلم طالما لا يعتدى على الغير وطالما لا يقهر الآخرين ويقوم بإكراههم فى الدين . هذا الانسان المسالم لا شأن لنا بعقيدته مهما إختلفت معنا ، لأن مرجع الحكم فى العقائد والاختلاف فيها هو لله جل وعلا يوم القيامة . ونحن نتعامل بالبر والقسط مع هذا المسالم المخالف فى العقيدة طالما لا يعتدى علينا ولم يُخرجنا من ديارنا . وهذا هو أمر الله جل وعلا لنا : (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (9) الممتحنة  )، أى نعيش نحن المسالمين المسلمين معا فى سلام ووُد وإحترام متبادل فى هذه الحياة الدنيا ، وننتظر الحكم علينا يوم القيامة .

8 ـ والكفر والشرك مترادفان :( بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) ( التوبة). ولهما معنيان مناقضان للاسلام : فى التعامل مع الله جل وعلا فالكفر هو : التغطية ( كفر أى غطى ) أى تغطية الفطرة الاسلامية النقية بتقديس آلهة مخلوقة مع الله جل وعلا ، والشرك هو جعل الألوهية شركة بين الله جل وعلا وغيره ، أى جعل النبى شريكا لله جل وعلا فى العبادات وشريكا لله جل وعلا فى التحكم يوم الدين وفى الشفاعة . ثم يتعاظم الشرك بإضافة بشر آخرين من الأئمة والأولياء والأحبار والرهبان والقديسين ، بحيث يتضاءل التقديس الذى يجب أن يكون لله جل وعلا وحده ، لتصبح أغلبية التقديس للبشر من أنبياء وصحابة وأئمة وقديسين على حساب رب العزة جل وعلا .

والكفر والشرك فى التعامل مع الناس هو الاعتداء والظلم والبغى باستغلال إسم الله جل وعلا ودين الله جل وعلا  . هو الكفر السلوكى الذى يرتكبه الشخص جرائم ويجعلها شعيرة دينية ، فيقتل الناس عشوائيا على أنه جهاد ، ويقتل الأشخاص المخالفين فى الدين والمذهب على أنه ( حد الردة ) أو طبقا لفهمهم السقيم فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر . ويستحلّ الزنا بالسبى وجهاد المناكحة . من يفعل ذلك ومن يدعو اليه فهو كافر مشرك بسلوكه وبدعوته وتحريضه على القتل والسلب والزنا والاغتصاب .

المسلمون مُسالمون لا يعتدون على أحد ، ولا يبدأون أحدا بعدوان لأنهم يعلمون أن الله جل وعلا لا يحبُّ المعتدين:( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190 البقرة ). ولأنهم يعلمون أن المعتدين هم الكافرون بسلوكهم العدوانى ، لذلك فعندما يعتدى عليهم أحد يدعون الله جل وعلا أن ينصرهم على المعتدين الكافرين ( أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) البقرة  )، فالكافرون هنا هم الكافرون بسلوكهم العدوانى .

8 ـ نحن نؤمن بحق المسلمة فى الزواج بالمخالف فى العقيدة ( مسيحيا أو يهوديا أو يوذيا ..الخ ) طالما كان مُسالما . ونحن نؤمن بتحريم الزواج بالكافر السلوكى ، أى من هم على دين أبن لادن  والقرضاوى.

9 ـ طبقا للقرآن الكريم نؤمن بأن أهل الكتاب منهم السابقون ومنهم الظالمون ومنهم المقتصدون المعتدلون ، وهو نفس التقسيم الثلاثى للمسلمين ، ونفس التقسيم الثلاثى للبشر جميعا يوم القيامة . ونحن نؤمن أن منهم ظالمين معتدين يستخدمون دين الله جل وعلا فى الغزو والاحتلال والاستعمار كما فعل قبلهم الصحابة والمسلمون الأوائل ، ونؤمن بأن منهم سابقين فى الخير كما يوجد نفس السابقين بين المسلمين ، ومطلوب منا أن نتنافس معهم فى الخيرات ،طبقا لقوله جل وعلا : ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ )(48) المائدة) . تنافس فى الخير وليس فى الإثم والعدوان طبقا للمبدأ القرآنى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ (2) المائدة  ).

ثانيا : من حيث العبادات :

1ـ ـ  نحن نعتقد أن الصلاة وسائر العبادات هى ملة ابراهيم المأمور باتباعها ، ونحن نتمسك بها . أى نعتقد بالتواتر فى الصلاة طالما لا يتعارض مع القرآن الكريم ، الجزء القليل الذى يُعارض القرآن هو ما يسمى بالتحيات المفتراة فى كتب الأحاديث والمختلف فى صياغاتها والمتفق بينهم على أنها من إختراع الصحابة فيما يزعمون . ونؤمن بأن التشهد هو الأصل :( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) آل عمران  ) ، وقد تجاهله مخترعو الأديان الأرضية للمسلمين واستبدلوه بالتحيات . أى نحن نصلى الصلوات الخمس بنفس الكيفية والمواقيت ، ولا نقول بقصر الصلاة إلا عند الخوف ، الخوف من العدو حين المطاردة ، والخوف من ضياع وقت الصلاة ..

2 ـ  ونؤمن أن العبادات فى الاسلام فريضة أساس ، ولكنها ليست غاية بل وسائل للتقوى:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) البقرة ) ، وهذا ينطبق على كل العبادات كالحج ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ (197)البقرة ) و الصيام ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) البقرة ). وبالتالى فإن الجنة لا يدخلها إلا المتقون الذين جعلوا من عباداتهم وسائل للتقوى:( تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً (63)( مريم ) . والتقوى هى خشية الله جل وعلا بعدم تقديس مخلوق معه جل وعلا ، والرقى الاخلاقى فى التعامل مع الناس بالعدل والاحسان ، والامتناع عن الظلم والبغى والعدوان . التقوى هى الهدف الأسمى للعبادات ، وبدونها تتحول العبادات الى وسائل للرياء والتدين السطحى وتبرير الظلم والاعتداء كما يفعل المتطرفون ، وكما يحدث الأن فى سيطرة الدين الأرضى ، فتنتشر المساجد ويتكاثر روادها مع مظاهر التدين السطحى باللحى وعلامات الصلاة والحجاب والنقاب ، وينتشر بنفس القدر البغى والعدوان والكذب والنفاق وسوء الأخلاق والانحلال الخلقى والتحرش الجنسى .

3 ـ ونؤمن بأن الصلاة مفروضة على المؤمنين كتابا موقوتا : ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً (103) النساء  ) ، أى فريضة نحن مدينون بها لرب العزة جل وعلا بأوقاتها وقتا وقتا ، لأنها ( زكاة ) عن ( العمر ) الذى يقضيه الفرد فى الدنيا ، فإذا أعطاك رب العزة يوما قدره 24 ساعة فعليك أن تعطى منه ما يعادل نصف الساعة صلاة لله جل وعلا ، تكون لك ( صلة ) بالخالق جل وعلا ، تسمو بها نفسك ، وأنت تخاطب ربك جل وعلا تستغفره وترجوه وتقدسه وتحمده وتسبحه فيزداد قلبك إيمانا وإطمئنانا . ونؤمن أننا مساءلون على صلاتنا  بركعاتها وأوقاتها من الفجر للظهر والعصر والمغرب والعشاء . ونؤمن أن ( تأدية ) الصلاة لا يكفى ، بل لا بد من ( إقامة الصلاة ) و ( الخشوع فى الصلاة ) طبقا لأوامره جل وعلا . الخشوع فى الصلاة بإستحضار عظمة الله جل وعلا فى أثناء الصلاة عند قراءة الفاتحة والتسبيح فى الركوع والسجود وفى التشهد . و( إقامة الصلاة ) بأن نعى ونعرف أن الصلاة هى وسيلة للتقوى ، ووسيلة للإبتعاد عن الفحشاء والمنكر: (  وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) ( العنكبوت ).

4 ـ ونؤمن بالزكاة بكل مدلولاتها : زكاة أو تزكية أوتطهير النفس بالتقوى ، وزكاة المال ن أى تطهيره وتنميته بالصدقة والتطوع ( إجتماعيا : فى أداء حقوق الوالدين والأقربين والفقراء والمساكين واليتامى والسائلين والمحرومين ) ودينيا بالتطوع جهادا بالمال فى سبيل الله جل وعلا ، وهذا يكون الآن بتبرئة الاسلام من الاتهامات التى ألحقها به الارهابيون والمتطرفون الذين يستخدمون إسمه العظيم فى سبيل تحقيق مطامح دنيوية ، يقتلون بسببها الأبرياء ويفسدون فى الأرض .

5 ـ ونؤمن بالصيام فى شهر رمضان ، وبالحج الى بيت الله الحرام فى مكة. وننكر أى حج أو ( زيارة ) لأى قبر مقدس ، سواء كان منسوبا للنبى أو لما يعرف بآل البيت أو الصحابة أو الأئمة ، ونعتبر ذلك كفرا عقيديا بالله جل وعلا ووقوعا فى الإشراك به جل وعلا .

6 ـ ونؤمن أن الجهاد فى الاسلام هو بالمال وبالنفس . الجهاد بالنفس هو القتال الدفاعى فقط لرد الاعتداء بمثله دون البدء فى العدوان مصداقا لقوله جل وعلا : (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) ( فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) البقرة  )، وبالتالى نعتبر الفتوحات التى قام بها الصحابة مناقضة للاسلام ، وأنها أساس كل ما وقع فيه المسلمون من الفتنة الكبرى وما نجم عنها من إنقسامات سياسية تحولت الى أديان أرضية ، وهذه الأديان الأرضية لا تزال عائقا يحجب الاسلام الحقيقى ويمنع المسلمين من الترقى واللحاق بالعالم المتحضر . وما يحدث الآن خير دليل على هذا .

أما الجهاد بالقول فهو الدعوة بالقرآن الكريم، مصداقا لقوله جل وعلا : ( وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً (52) الفرقان ) ، قام بهذا خاتم النبيين ، ونقوم بها بعده متمسكين بالقرآن بصائر لنا  : (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (108) يوسف ) ، فالاسلام هو دعوة إصلاحية سلمية ، والأنبياء والرسل هم أعظم المصلحين وأعظم الناصحين ، وقالها النبى صالح عليه السلام لقومه متحسرا عليهم : (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79) الاعراف ) وقالها النبى شعيب عليه السلام لقومه مدين قبل إهلاكهم :( إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) هود ) ثم بعد إهلاكهم ( فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93)  الأعراف )

6 ـ ونؤمن بالفرائض الاسلامية الغائبة ، مثل ذكر الله جل وعلا ، وقراءة القرآن وتدبره على المستطيع ، وبالشورى الاسلامية فى أى أسرة إسلامية أو مجتمع اسلامى ، يقيم الصلاة ويقيم الشورى ، وهما متلازمان .

ثالثا : الدعوة

1 ـ نلتزم بأسس الدعوة فى القرآن الكريم ؛ أى نجهر بالحق ونصدع به إبتغاء وجه الله جل وعلا ، مع الإعراض عن الخصوم : (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ (94) الحجر  ). نقول الحق كاملا ، لا تأخذنا فى الحق لومة لائم . ثم لا نفرض دعوتنا على أحد ، ولا نفرض أنفسنا على أحد ، ولا نطلب أجرا على الدعوة من أحد ، ونحاول ما أمكننا أن نصفح وأن نغفر وأن نتحمّل . ونحترم حرية الدين للجميع ، ولا يتعارض هذا مع دعوتنا الاصلاحية ، فنحن نحترم حق كل فرد فى أن يدعو لمعتقده مثلنا ، ثم ننتظر الحكم علينا وعليهم يوم الدين . المهم تطبيق القاعدة البقرآنية ( لا إكراه فى الدين ).

2 ـ فى الجهر بالحق الاسلامى لا يكفى مجرد التوضيح عن عظمة الاسلام فى القيم والتشريعات ، ولكن يجب إستكمال التوضيح بعرض الجانب المناقض فيما يرتكبه المسلمون بأديانهم الأرضية . مشركو قريش كانوا يؤمنون بالله جل وعلا ويؤدون الصلاة والحج ويحافظون أكثر من مسلمى اليوم على حُرمة الأشهر الحرم ، ولم يرتكبوا مذابح كالتى يفعلها مسلمو اليوم. أى أن جاهلية العرب قبل ووقت نزول القرآن كانت أهون من جاهلية المسلمين اليوم . نزل القرآن الكريم بدعوته الاصلاحية لا يتحدث عن الإيجابيات ( مثل إيمانهم بالله وحجهم للكعبة وتأديتهم الصلاة ) ولكن يركز على كفرهم العقيدى بإتخاذهم أولياء يعبدونهم ليقربوهم الى الله زلفى ، وبحجّهم الى الأنصاب وتقديمهم القرابين المذبوحة التى حرّم رب العزة الأكل منها ، وأنكر صلاتهم التى لم تنههم عن الفحشاء والمنكر وسمُاها مكاءا وتصدية ، كما ركّز على كفرهم السلوكى بالاعتداء والظلم ، وتوالى وصفهم بالذين كفروا والذين أشركوا والكافرين والمشركين والظالمين والفاسقين . بل إتخذ رب العزة من إيمانهم بالله جل وعلا خالق السماوات والأرض حُجة عليهم ، إذ كيف يؤمنون بالخالق جل وعلا ويتخذون معه آلهة أخرى وأولياء مقدسين . إنّ لفظ الكفر والشرك والفسق والظلم ـ ومشتقاتها ـ أكثر الألفاظ ورودا فى القرآن الكريم دليلا على أن الدعوة الاسلامية الاصلاحية هى فى توضيح العيوب وتوصيف المرض سبيلا للعلاج . بل إن شهادة الاسلام لا تقول مجرد ( الله إله ) بل تؤكّد أنه ( لا اله ألا الله ) أى تبدأ بالكفر بكل الآلهة المخلوقة لتؤكد الايمان بالاله الخالق وحده .( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) البقرة  ) وهذا هو جوهر دعوتنا  الاصلاحية ، أن نوضح مظاهر الكفر العقيدى والسلوكى الذى يقع فيه المسلمون ، بدءا من الصحابة والأئمة حتى اليوم ، فى التراث والتاريخ ، فى الماضى والحاضر ، ونحتكم فى ذلك كله للقرآن الكريم . ومهما كانت قسوة الكلمة فهى البديل السلمى لما يقع فيه مسلمو اليوم من إحتراب أهلى وتدمير متبادل . الفارق بين ( التكفير عندنا والتكفير عندهم ) أن التكفير عندنا أصلا للصفات والأقوال والأفعال أملا فى إصلاح الأشخاص ، وبعدها لا نفرض رأينا ونحترم حق كل فرد فى إختياره العقيدى ، وننتظر الحكم علينا وعليه يوم القيامة . اما التكفير فى الأديان الأرضية فمقترن بقتل المخالف فى الدين وإكراهه فى الدين وإنكار حقه فى إختياره الدينى . أى دعوته للإيمان بالكهنوت وإلّا القتل .

رابعا : السّنة والشريعة

1 ـ نحن نؤمن أن الاسلام اكتمل بانتهاء القرآن نزولا : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً ) (3)( المائدة )، وبالتالى فأى شىء يضاف الى الاسلام المكتمل ليس من الاسلام . لذا فإننا نؤمن :

2 ـ أن السّنة هى سُنّة الله جل وعلا فى القرآن الكريم ، وهى تعنى المنهاج وتعنى الشرع ، وأن النبى كان قدوة وأسوة حسنة فى تطبيق سُنّة الله وشرعه . ولكنه عليه السلام ليس مصدر الدين أو الشرع ، بل هو الذى قام بالتبليغ ، وما كان عليه سوى البلاغ ، ولقد أدى الرسالة كاملة بتبليغ القرآن وحده ، وباكتمال القرآن إكتمل الاسلام ، وبعد موته عليه السلام وإنقطاع الوحى فكل ما يقال فى الدين ليس جزءا من الاسلام ، بل منسوب للمسلمين خيرا أو شرا . وكل ما يفعله المسلمون من الصحابة وغيرهم لا صلة له بالاسلام ، بل هو منسوب لمن قام به . ومثلا فإن أحاديث البخارى وغيرها لا صلة لها مطلقا بالرسول عليه السلام ، بل هى إفتراء عليه ، ونحن ننكر نسبتها اليه عليه السلام عبر الاسناد والعنعنة . ونؤمن ان هذه الأحاديث تعبر عن العصر الذى قيلت فيه والمؤلف الذى كتبها ومن رواها عنهم . ونعتبر من الكفر العقيدى نسبة هذه الأحاديث الشيطانية للنبى ، وهذا ما نبأ به القرآن الكريم فى سورتى الأنعام والفرقان فيمن جعلهم رب العزة أعداء النبى . وفعلا فإن من يؤمن بأن هذه الأحاديث جزء من الاسلام إنّما يتهم النبى عليه السلام بأنه لم يؤد أمانة التبليغ ، أى قام بتبليغ القرآن وأهمل الجزء الآخر بزعمهم وهو السّنة . ولذا نحن نؤمن أن محبة النبى محمد عليه السلام تتجلى فى تبرئته من هذه الأكاذيب التى تأسست عليها أديان المسلمين الأرضية وشرائعهم ، وبالتالى :

3 ـ  نحن نؤمن بأن شريعة الاسلام تتناقض كلية مع الشريعة السُّنية بالذات . والتناقض يشمل كل شىء من المبادىء الى القواعد والتشريعات التفصيلية ، على مستوى العقيدة ( لا اله إلا الله ) والأخلاق ، والتعاملات بين البشر . وهناك كتاب لنا منشور عن مبادىء الشريعة الاسلامية من العدل والحرية المطلقة فى الدين لكل فرد والديمقراطية المباشرة والسلام والتخفيف ..الخ . وتناقضها مع الشريعة السنية القائمة على الحظر والاستبداد والإكراه فى الدين والظلم والبغى والتزمت والتعصب وسفك الدماء البريئة ، ثم يتناول الكتاب كيفية تطبيق الشريعة الاسلامية .

خامسا : الدولة والسياسة

1 ـ نحن نؤمن أن الاسلام يدعو أساسا الى التقوى على مستوى الفرد والجماعة . وليس من أولوياته إقامة دولة ( إسلامية ) . وأن الجهاد والقتال فرض للتحرر من الاستبداد طالما تعجز الوسائل السلمية فى مقاومة المستبد ، خصوصا إذا كان الاستبداد قائما بدولة دينية . ونؤمن بأن أى دولة تحقّق العدل وحرية الدين والديمقراطية هى دولة اسلامية ، وبالتالى فإن أقرب نموذج للدولة الاسلامية التى أسّسها خاتم النبيين فى المدينة هى فى أمريكا وكندا والاتحاد الأوربى واليابان ، وأن دول المسلمين المحمديين فى الشرق الأوسط هى دول دينية كهنوتية تتناقض تماما مع الدولة الاسلامية .

2 ـ نحن نؤمن بالفصل التام بين الدين والعمل السياسى . وبدلا من رفع شعارات دينية طائفية يجب رفع شعارات حقوقية لا يختلف عليها أحد مثل العدل والحرية والمساواة والوطنية .

3 ـ نحن فى عملنا الاصلاحى نتمنى أن يبدأ الاصلاح تشريعيا بدستور حقوقى يؤسس دولة ديمقراطية حقوقية تضمن حرية الفرد كاملة فى الدين والفكر والعمل السياسى والاقتصادى والاجتماعى ، وتضمن عدالة إجتماعية وكفالة للفقراء ، وكرامة للإنسان ، وعلى اساس الاصلاح الدستورى يجب تنقية القوانين وخصوصا قانون العقوبات من كل ما يعوق الحرية والعدل ، ثم إصلاح للتعليم والمساجد والاقتصاد .

4 ـ ونتمنى أن يتم هذا الاصلاح بأقل قدر ممكن من التضحيات .

اجمالي القراءات 40247