الحنابلة ومحنة الطبرى ب 5 ف 8

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ١٧ - ديسمبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 النبى لا يشفع يوم الدين :( كتاب الشفاعة بين الاسلام والمسلمين )

الباب الخامس : الشفاعة وتطبيق الشريعة الحنبلية

الفصل الثامن :  الحنابلة ومحنة الطبرى   

تسيد عقلية العوام الحنبلية  

1 ـ سبق الإستشهاد بما قاله ابن الجوزى فى المنتظم فى حوادث عام 408 : ( وامتثل يمين الدولة وأمين الملة أبو القاسم محمود أمر أمير المؤمنين ، واستن بسننه في أعماله التي استخلفه عليها من خراسان وغيرها في قتل المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبهة ، وصلبهم ، وحبسهم ، ونفاهم ، وأمر بلعنهم على منابر المسلمين ، وإيعاد كل طائفة من أهل البدع وطردهم عن ديارهم. وصار ذلك سنة في الإسلام‏.‏). وقد كان مستحيلا قتل السكان الشيعة وطوائفهم ( الرافضة والاسماعيلية ). إقتصر القتل على النشطاء منهم . وكان مستحيلا إستئصال كل المثقفين المعتزلة ومن يقاربهم من ( الجهمية والمشبهة ) لأن التقية واردة ، والتظاهر بالتوبة وارد ، كما أن العقائد لا يمكن إبادتها بقوة السلاح .إنّ الذى قضى فعلا على الفكر المعتزلى والحياة العقلية والتقدم العلمى هو تسيد العوام الحنابلة بجهلهم وفرض هذا الجهل باسم ( الٍسُّنّة ) والاسلام .

2 ـ ولكن تركزت سطوة الحنابلة أكثر فى بغداد والعراق ، فإستمر العلم الحقيقى بعض الشىء خارج العراق فى الشرق ومصر والاندلس . وكان يُنادى فى بغداد عام 279 بتحريم كتب الفلسفة ، وفي نصف رمضان عام 311  أحرق الحنبلة العوام أكواما من الكتب الفلسفية والدينية والمصاحف مما سمّاه ابن الجوزى ( أربعة أعدال من كتب الزنادقة ، فسقط منها ذهب وفضة مما كان على المصاحف ، له قدر ‏.‏). وبينما كان رعاع الحنابلة يحاصرون ابن جرير الطبرى حتى مات عام 310 ، فإن البيئة العلمية خارج بغداد ظلت يتخرج فيها ( أفراد قلائل ) من ( أفذاذ ) العلماء الذين يفخر بهم التاريخ الانسانى برغم أنف الحنابلة . على سبيل المثال ، فى شرق العراق ظهر الفارابى ت 329 والرازى الطبيب ت 311  وابن سينا ت 428 والبيرونى 440 . وفى مصر ابن الهيثم ت 430 وفى النهاية ابن النفيس ت 607.

3 ـ وتبدو سطوة الحنابلة فى أنهم جعلوا تعلم الحديث ( سماع الحديث وحفظه ) هو بداية العلم للجميع ، واساس الشهرة و الوسيلة للتوظيف، وكان هذا خلافا لما كان عليه الأمر فى العصر العباسى الأول حيث كان الرواد من غير المسلمين ، ومن كان مسلما لم تكن له مشاركة فى سماع الحديث لانشغالهم بالعلم الحقيقى وترجمة التراث الفلسفى اليونانى . ولكن نلاحظ بدءا من القرن الرابع تعلم العلماء الحقيقيين للحديث ، فابن الهيثم نشأ فى البصرة وتعلم فيها الحديث ثم إنتقل الى مصر فأبدع . ودرس ابن النفيس فى دمشق الفقه الشافعى وكتب فى التفسير ثم انتقل الى القاهرة ليبدع ، أما ابن رشد الاندلسى فقد كان قاضيا للقضاة فى إشبيلية وفقيها فى المذهب المالكى وطبيبا ، وأبرع فيلسوف فى عصره . وقد أحرق الحنابلة هناك كتبه ورموه بالالحاد ، ومات عام 595 .

4 ـ وبمرور الزمن إنعدم وجود هؤلاء (الأفراد القلائل الأفذاذ )، وإنمحى التنوير وعمّت ظلمات الحنبلية ، بل وتصدرت خرافات العوام الساحة العلمية. وبعد الخطوة العلمية الهائلة التى حققها ابن سينا والرازى وابن الهيثم والببرونى والخوارزمى ..الخ تصدّر أهل الفقه والحديث الساحة فى العلوم الطبيعية يملأونها بخرافات عقولهم العامية ، ويحصنونها بأحاديث ، بدأ ذلك البخارى بأحاديث سجود الشمس عند عرش الرحمن والتداوى ببول الإبل ، وسار على الطريق آخرون.ودرسنا هذا العفن فى مقررات التفسير والحديث فى الأزهر من أن الأرض يحملها حوت إسمه ( بهموت فمشكل )، وأن الشمس تدور حول الأرض ،وأن عدد الكواكب ستة ، بالاضافة الى رضاعة الكبير !.

5 ـ عقلية العوام هذه كانت لا تفرّق بين الرعاع وعلية القوم إذ ساوى بينهم دين الحنبلية . ونأخذ مثالا على ذلك بالوزير أبى شجاع المتوفى عام 488 ، والذى كان أبوه وزيرا ، ثم أصبح وزيرا للخليفة المقتدى العباسى ، أى نشأ فى طبقة عالية ، ولكنه تعلم الحنبلية وأخلص لها فكان فى وزارته معبرا عنها ملتصقا بالعوام الحنابلة . وقد ملأ ابن الجوزى ترجمته بالمدح والتقريظ وتعداد مناقبه ، وبين السطور نعرف صلته بالعوام وإنتماءه لهم مع انه وزير ابن وزير . يقول عنه ابن الجوزى:( وأوطـأ العـوام والصالحيـن مجلسـه ، وكـان يحضـر الفقهـاء الديوان في كل مشكل . )أى فتح للعوام مجلسه، وكان يستشير فقهاء الحنابلة فى سياسته . وفى نفس الوقت تعصب ضد (أهل الذمة )، يقول ابن الجوزى:( وألبس أهل الذمة الغيـار وتقـدم إلـى ابـن الخرقـي المحتسـب أن يـؤدب كـل مَنْ فتح دكانه يوم الجمعة ويغلقه يوم السبت من البزازين وغيرهم وقال‏:‏ هذه مشاركة لليهود في حفظ سبتهم‏.‏) وكالفقهاء الحنابلة كان موسوسا :( وكانت به وسوسة في الطهارة‏.‏). وقد تشجع العوام بسطوتهم فى غيابه فأسقطوا هيبة الدولة ممّا جعل الخليفة يغضب عليه ويأمره بالحزم معهم ، فاضطر للتصرف معهم بما يستحقون ، فانقلبوا عليه ، واتهموه بالتشيع وأصبحوا خصوما له . يقول ابن الجوزى : ( كان الوزير أبو شجاع كثير البر للخلق كثير التلطف بهم ، فقدم من الحج وقد اتفـق نفـور العـوام نفـورًا أريقـت فيهـا الدمـاء وانبسـط ، حتـى هجموا على الديوان وبطشوا بالأبواب والستور ، فخرج من الخليفة إنكار عليه ، وأمره أن يلبس أخلاق السياسة لتنحسم مادة الفساد ، فأدَّب وضرب وبطش ، فانبسطت فيه الألسنة بأنـواع التهـم ، حتـى قـال قـوم‏:‏ هـا هـو إسماعيلـي ،وهبـط عندهـم مـا تقدم من إحسانه‏.‏).وعزله نظام الملك فحاز عطف العوام :( ولما عزل الوزير أبو شجاع خرجِ إلى الجامع يوم الجمعة فانثالت عليـه العامـة تصافحه وتدعو له .. ) فأمر نظام الملك بنفيه من بغداد : ( ثم وردت كتب نظام الملك بإخراجه من بغداد فأخرج إلى بلده ، فأقام مدة ، ثم استأذن في الحج ، فأذن له فخرج‏.‏) ( .‏.‏وجاور بالمدينة ، فلما مرض مرض الموت حُمل إلى مسجـد رسـول اللّـه صلـى اللـه عليـه وسلـم فوقـف بالحضـرة وبكـى وقـال‏:‏ يـا رسول الله قال اللهّ عز وجل ‏{‏ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا اللّه واستغفر لهم الرسول لوجدوا اللّه توابًا رحيمًا‏}‏ وقد جئت معترفًا بذنوبي وجرائمي أرجو شفاعتك وبكى‏.‏ ).أى كان معتقدا فى الشفاعة حتى آخر عمره .

ثانيا : عقلية العوام وتسليح العوام

1 ـ نُعيد مقالة ابن الجوزى عن العوام فى وزارة أبى شجاع : (  كان الوزير أبو شجاع كثير البر للخلق كثير التلطف بهم ، فقدم من الحج وقد اتفـق نفـور العـوام نفـورًا أريقـت فيهـا الدمـاء وانبسـط ، حتـى هجموا على الديوان وبطشوا بالأبواب والستور ، ). ابن الجوزى كالعهد به يفتقر للأمانة التاريخية فيما يخص الحنابلة ، وهو هنا يوجز الحديث فى التخريب وسفك الدماء الذى قام به عوام الحنابلة ، والذى إمتد من الشارع الى الديوان والبلاط العباسى فسبّب غضب الخليفة ودفعه لتعنيف الوزير ، والذى كان سببا فى أن عزله نظام الملك . المستفاد هنا ليس فقط سطوة العوام الحنابلة حتى فى تعاملهم مع السُّلطة العباسية بل أيضا فى تسلحهم بما يمكّنهم من إقتحام أسوار القصور العباسية والديوان الحكومى .

2 ـ قبلها وقت سيطرة أبى طاهر جلال الدولة البويهى على الخلافة العباسية ( 416 : 435 ) وفى السنة الثانية فى خلافة القائم الذى تولى بعد موت أبيه القادر العباسى ، أراد الملك البويهى إذلال الخليفة القائم ، فنزل ببعض حاشيته فى 11 شوال عام 423  فـي يـوم الأربعـاء فى بستان قصر الخلافة ، واخذ يشرب الخمر وتعزف له الموسيقى ، يقول ابن الجوزى: ( وعرف الخليفة ذلك فشق عليه وأزعجه ) وارسل الخليفة له القاضى والحاجب برجاء الاكتفاء بالانبساط دون الخمر والزمر فرفض، واستمرت المفاوضات  وانتهت برحيل السلطان بسبب تجمهر العوام وهم مسلحون ، يقول ابن الجوزى :( واجتمع من العامـة علـى دجلـة خلـق كثيـر ، يهـزأون بالقـول ، ويخرجـون إلى الحرق، ومعهم سيوف وسكاكين مستورة .). هؤلاء العوام أعطاهم القادر بالله العباسى سلطة القضاء على المعتزلة ، فقاموا بحماية إبنه القائم . والسؤال الآن : ماذا يفعل الطبرى فى شيخوخته أمام هؤلاء العوام الحنابلة المسلحين ؟ 

3 ـ عن حالة الخلافة العباسية فى عهد بنى بويه الديالمة نقرأ ما حدث للخليفة المستكفى من إهانته وعزله وسمل عينيه ونهب داره عام 334 ، يقول ابن الجوزى : ( وفي يوم الخميس لثلاث بقين من جمادى الآخرة‏:‏ انحدر معز الدولة إلى دار الخلافة ، فسلم على الخليفة، وقبل الأرض ، وقبل يد المستكفي ، وطرح له كرسي فجلس، ثم تقدم رجلان من الديلم فمدا أيديهما إلى المستكفي وطالبا بالرزق، فلما مدا أيديهما ظن أنهما يريدان تقبيل يده ، فناولهما يده ، فجذباه فنكساه من السرير، ووضعا عمامته في عنقه ، وجراه .ونهض معز الدولة واضطرب الناس ،ودخل الديلم إلى دور الحرم ، وحُمل المستكفي راجلًا إلى دار معز الدولة ،فاعتقل بها ، وخُلع من الخلافة .ونهبت الدار حتى لم يبق بها شيء . وسُمل المستكفي. وكانت مدة خلافته سنة وأربعة أشهر ويومين. وأحضر الفضل بن المقتدر يوم الخميس لثمان بقين من جمادى الآخرة ، فبويع ولُقّب المطيع لله‏.)‏. وولّوا خليفة جديدا أسموه ( المطيع ) وظل فى الخلافة حتى عام 363 . هذا الخليفة (المطيع ) كان يرتعب من الحنبلية . يروى ابن الجوزى فى سيرته عن أحدهم : ‏ ( سمعت المطيع لله يقول‏:‏ وقد أحدق به خلق كثير من الحنابلة حزروا ثلاثين ألفًا ، فأراد أن يتقرب إليهم فقال‏:‏ سمعت شيخي ابن بنت منيع يقول‏:‏ سمعت أحمد بن حنبل يقول‏:‏ إذا مات أصدقاء الرجل ذلّ‏.).!!كان هذا قبل محنة الطبرى على يد عوام الحنابلة ب 24 عاما .. فماذا حدث للطبرى على يد غوغاء الحنابلة المسلحين

محنة الطبرى بين عقلية العوام وهمجية العوام :

1 ـ  لقد أدت شهرة الطبري إلى حقد أئمة الحنابلة السنيين عليه فتعصبوا ضده، وأثاروا عليه غوغاءهم . ومن طبيعة العوام ألّا تستريح للعلماء المجتهدين. وإذا كان لأولئك العوام سُلطة فالضحايا هم العلماء المجتهدون حتى من داخل نفس الدين والمذهب . يقول ابن كثير في تاريخه عن الطبري" كانت وفاته وقت المغرب عشية يوم الأحد ليومين بقيا من شوال من سنة عشر وثلاثمائة ، وقد جاوز الثمانين بخمس سنين،ودفن في داره ، لأن بعض عوام الحنابلة ورعاعهم منعوا دفنه نهاراً، ومن الجهلة من رماه بالإلحاد، وحاشاه من ذلك كله، بل كان أحد أئمة الإسلام علماً وعملاً بكتاب الله وسنته رسوله، وإنما تقلدوا ذلك عن أبي بكر محمد بن داود الظاهري حيث كان يتكلم فيه ويرميه بالعظائم. ) . إبن كثير كان يعرف قدر الطبرى ، وقد تأثر ابن كثير بالطبرى فى تاريخه ( البداية والنهاية ) : ( تاريخ ابن كثير ) وفى تفسيره ( تفسير ابن كثير ). وابن كثير هنا يصف الحنبلة بالعوام والرعاع وبالجهلة ، مع إنه كان حنبليا .  2ـ وربما بسبب حنبليته فإن إبن كثير أعرض عن تفصيلات محنة الطبرى التى ذكرها المؤرخ صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، الذى يذكر أن الطبري حين قدم بغداد من طبرستان تعصب عليه ابن الجصاص وابن عرفة والبياضي وأثاروا عليه عوام الحنابلة ، فسألوه في المسائل الخلافية ، ولما لم ترضهم إجابته رموه بمحابرهم ، وكانت ألوفاً ، فهرب منهم إلى داره . فردموا داره بالحجارة، حتى صارت الحجارة على باب داره كالتل العظيم، وركب نازوك صاحب الشرطة ففرق الناس عن داره بعشرات الألوف من الجنود، واضطر الطبري للاعتكاف في داره، وعمل كتابه المشهور في الاعتذار إليهم، ومات، وعثروا على ذلك الكتاب مدفوناً في التراب فأخرجوه ونسخوه بعد موته..!! ويذكر المؤرخون أن العوام منعوا دفنه علناً، فدفنوه سراً، ثم أتى الناس أفواجاً إلى قبره فيما بعد يترحمون عليه...!!  المؤسف هنا أن الطبرى فى هذه المحنة كان عمره 85 عاما ، وعومل بهذا الشكل فى شيخوخته .!

2 ـ الغريب أن الخطيب البغدادى يتجاهل تفصيلات محنة الطبرى مع أنه أوسع له فى ترجمته فى تاريخ بغداد . كل ما قاله عن محنة الطبرى قول أحدهم : (  ما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير ( الطبرى ) ، ولقد ظلمته الحنابلة .! )، وسئل أحدهم : ( هل سمعت من محمد ين جرير شيئا ؟ فقال : لا ، إنه ببغداد ، لا يُدخل عليه لأجل الحنابلة ،وكانت تمنع منه . فقال : لو سمعت منه لكان خيرا لك من جميع من سمعت من سواه .) ( تاريخ بغداد للخطيب : ( 2 / 164 ـ ).

3 ـ الأغرب هو موقف ابن الجوزى الذى إنتصر للحنابلة ضد الطبرى المظلوم ، مع أن ابن الجوزى عالة على الطبرى فى التاريخ والتفسير والحديث . ولكن تعصب ابن الجوزى للحنابلة فاق الحدّ . فى حوادث عام 309 : وفي ذي القعدة، يروى ابن الجوزى ‏:‏ ( أحضر أبو جعفر محمد بن جرير الطبري دار علي بن عيسى لمناظرة الحنابلة فحضر ولم يحضروا ، فعاد إلى منزله . وكانوا قد نقموا عيه أشياء. ) ، أى نقم عليه الحنابلة رأيه فى موضوع الاستواء على العرش ( مثلا ) فحضر لمناظرتهم فتهربوا من مناظرته. لقد تحدى الطبرى أئمة الحنابلة،وبدلا من المناظرة أرسلوا له جيوشهم من الرعاع تحاصره فى بيته الى أن مات .!.وحين يأتى ابن الجوزى الى وفيات  310 ، وترجمته للطبرى، نجده قد تجاهل تفاصيل محنة الطبرى. قال عنه : ( استوطن ابن جرير بغداد إلى حين وفاته. وكان قد جمع من العلوم ما رأس به أهل عصره . وكان حافظًا للقرآن بصيرًا بالمعاني عالمًا بالسنن فقيهًا في الأحكام عالمًا باختلاف العلماء خبيرًا بأيام الناس وأخبارهم . وتصانيفه كثيرة منها‏:‏ كتاب التاريخ وكتاب التفسير وتهذيب الآثار إلا أنه لم يتمم تصنيفه ، وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة ‏.) ، وبعد تفصيلات عن علمه وشعره ومؤلفانه يقفز ابن الجوزى مباشرة الى وفاته كما لو كانت وفاة عادية ، يقول : ( توفي أبو جعفر الطبري وقت المغرب من عشية الأحد ليومين بقيا من شوال سنة عشر وثلثمائة ، ودفن وقد أضحى النهار يوم الاثنين برحبة يعقوب في ناحية باب خراسان في حجرة بإزاء داره . وقيل‏:‏ بل دفن ليلًا ،ولم يؤذن به أحد ..‏) ثم يضطر للقول : (  أنه إنما أخفيت حاله لأن العامة اجتمعوا ومنعوا من دفنه بالنهار، وادعوا عليه الرفض ، ثم ادعوا عليه الإلحاد ‏. ) . هنا يقول ( العامة ) ولا يقول الحنابلة . ويعبر ابن الجوزى عن تعصبه الحنبلى فيهاجم الطبرى كأنه يبرر ما حدث له :( .. كتب ابن جرير في جواب هذا إلى نصر الحاجب‏:‏ " لا عصابة في الإسلام كهذه العصابة الخسيسة ". وهذا قبيح منه ، لأنه كان ينبغي أن يخاصم من خاصمه ، وأما أن يذم طائفته جميعًا وهو يدري إلى من ينتسب فغاية في القبح ‏. ) أى فطالما قال الطبرى هذا عن الحنابلة فهو يستحق ما جرى له على أيديهم .

أخيرا

ومع شهرة الطبرى فى عصرنا فإن محنة الطبرى من المسكوت عنه ، بسبب تسيد الحنبلية الوهابية .!

اجمالي القراءات 13357