محمد منصور
وأفلس كثير من الأطباء

محمد منصور في الثلاثاء ٢٠ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

il;ستغرقت عمرا ..

 

الشاب المنادى كلن يندب حظه فى الحياة ويلعن الفقر والدنيا التى تعطى من لا يستحق ومن لا يتعب !!

والشاب الآخر صاحب السيارة كان يندب حظه فى الحياة ويلعن المرض ، وهو يعلم أنه مصاب باللوكيما ـ سرطان الدم ـ وقد بقى له من عمره شهور ..!!

الشاب المنادى يحسد صاحب السيارة على ثروته ، وصاحب السيارة يحسد المنادى على عمره وصحته وحيويته !!

2 ـ أسلمت الفنانة اللامعة رأسها إلى الكوافير ، اختفت ملامحها تحت طبقات الأصباغ المختلفة ، اختفت شخصيتها الحقيقية تحت طبقات أخرى من الزيف ، فقدت حقها الطبيعي فى أن تكون لها حياتها الخاصة ، أصبحت مثل فأر التجارب تحيطه النظرات المتفحصة من كل اتجاه ، صارت ترسم الابتسامة وتفتعل الضحكة وتمثل الدهشة وتصطنع الفرحة تحسرت الفنانة اللامعة على أيام زمان .. أيام الشقاء اللذيذ والأمل الذي لا ينقطع فى الغد والضحكة التى تنبع من القلب كل ذلك ضاع ، باعته ، وباعت معه شخصيتها الحقيقية فى سبيل الأوهام والخواء ..

كانت عاملة الكوافير تنكب على رأس الفنانة اللامعة فى اهتمام يبلغ التقديس .. تراودها أحلام من أن تنفتح لها أبواب الحظ وتأخذ نصيبها فى الشهرة ..

من تحت الأصباغ نظرت لها الفنانة اللامعة بطرف عينها وفهمت ما يجول بخاطرها وقالت فى نفسها : عبيطة !!

 

3 ـ صاحب مزرعة ضخمة للأمن الغذائي يتجول فيها ، عقله مشغول بالقروض التى سحبها من البنوك والفوائد و تلاعبات الموظفين ودسائس البهوات الكبار والإقساط المستحقة وأزمات العلف وسعر الدولار وضرائب المبيعات وحساب الخسارة والتلف وفاقد الإنتاج والذرة الصفراء وأسعار الوقود وعنابر الإنتاج ، عثرت قدمه وهو يسير فى شرود ، تعثرت قدمه  بجسد نائم ، كان أحد العمال فى المزرعة قد فرغ من الوردية وراح فى نوم عميق ، وقف صاحب المزرعة يتأمله ويهز رأسه فى حسرة .. يتحسر على نفسه .. أنه يدفع مليون جنيه لكي ينام هذه النومة الهادئة العميقة .. منذ سنوات لا يغمض عينيه إلا على منوم ولا يفتحها عند الصباح إلا على مهدىء وبين النوم والمهدىء هناك أقراص الضغط وحقن الأنسولين وتعليمات الأطباء وعقله المشغول دائما .

 

4 ـ هى عادة سيئة للإنسان أن يتحسر على ما ليس فى يده وأن ينظر لما فى يد غيره وأن ينسى فى نفس الوقت ما أنعم الله عليه من نعم لا يعرف قيمتها إلا إذا ضاعت من يده ..!!

إن نعم الدنيا لا تجتمع كلها لشخص واحد . ولو اجتمعت له لفقدت الحياة طعمها عنده ، ولفقد أجمل ما فى متاع الدنيا وهو الأمل فى الحصول على شيء جديد يتمناه ويعيش له ويحلم بالوصول إليه ، وإذا فقد هذا الأمل فى الحصول على شيء جديد ، وإذا تحقق له كل ما يريد لم يعد لديه رغبة فى الحياة ، وربما آثر الانتحار .. ولعل هذا يفسر لنا ارتفاع نسبة الانتحار فى البلاد الاسكندنافية التى ( تعانى ) من الوفرة الزائدة ومن الإشباع الزائد .

كل منا قد انعم الله عليه ببعض النعم وحرمه من بعض النعم الأخرى ، والعاقل هو من عرف أقصر طريق للسعادة وهو الرضي بما لديه مع العمل الدءوب والاجتهاد وفق ما هو متاح ومشروع ليحقق ما يأمل فيه ، والعاقل هو الذي يعطى حق النعمة شكرا وحمدا لله تعالى كي تدوم ، لأن النعم كلها تزور صاحبها ثم تفارقه حتى يشعر بقيمتها ، ( الصحة ) تغيب أحيانا حتى فى الشباب ، ثم تتراجع باستمرار فى المشيب وتترك لصاحبها ذكريات وحسرة !!

المال إن لم تتركه بالخسارة تركك هو عند الموت .. وهكذا سائر النعم مثل المناصب والجاه والأولاد .. وأقصر الطرق لفقدان النعمة أن نسيء استخدامها ، أو أن نكفر بها ، والبترول كان نعمة ، ولكننا كفرنا بهذه النعمة ، وانتهى بنا الحال إلى أن عصر البترول قارب على الزوال وجنينا منه أن قتلنا أنفسنا بأيدينا وايدى غيرنا،  اشترينا السلاح بأموالنا لكي نقتل به أنفسنا فكنا الجاني والضحية والقاتل والقتيل ثم امتلأت خزائن عدونا بأموالنا وامتلأت مقابرنا بجثثنا .وهذا جزاء كفران النعمة ، يقول تعالى " الم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار : 14 / 28 ".

إن النعمة تزيد بالشكر لا بالكفر يقول تعالى " وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد : 14 / 7 " وإذا شكر الإنسان نعمة ربه عليه رزقه صفاء النفس وهدوء البال وراحة الضمير وفرحة القلب ..وإذا عرف الإنسان الأيمان الحقيقي عرف السعادة الدائمة والصحة النفسية والجسدية ...

وأفلس كثير من الأطباء ..

 

 

 

اجمالي القراءات 15404