الباب الثالث : تتبع موضوع الشفاعة فى تاريخ المسلمين الدينى
المحمديون بالاسرائيليات متمسكون : ب3 ف 1

آحمد صبحي منصور في الأحد ٢٠ - أكتوبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

النبى لا يشفع يوم الدين :( كتاب الشفاعة بين الاسلام والمسلمين )
الباب الثالث : تتبع موضوع الشفاعة فى تاريخ المسلمين الدينى
الفصل الأول : المحمديون بالاسرائيليات متمسكون
مقدمة
نتتبع فى هذا الباب بدء وانتشار وتطور الاعتقاد فى اساطير فى تاريخ المسلمين . وهو بحث جديد لم تتم معالجته من قبل ـ حسب علمنا . لذا لإغن ما نكتبه هنا هو مجرد مدخل لتيسير هذا البحث ، على أمل أن يتفرّغ له باحثون جادُّون يوضحون العوامل الاجتماعية والسياسية التى نبتت وترعرعت وتطورت فيها أديان المسلمين الأرضية وملامحها العقيدية كالشفاعة وتقديس القبور والأئمة والأولياء ، وملامحها الشعائرية والطقوسية والتعبدية كالحج والتوسل بالبشر والحجر .
أولا : لم يكن للشفاعة ذكر فى عصر الخلفاء الراشدين والأمويين
1 ـ دخل صحابة الفتوحات فى الكُفر السلوكى بالله جل وعلا وباليوم الآخر بارتكابهم جريمة الفتوحات ، ثم قام العصر العباسى فيما بعد بتشريع هذا الكفر السلوكى وتسويغه بالأحاديث التى توجب قتال الناس جميعا حتى يقولوا لا اله الا الله ، والتى تبرّر العصيان وتحصّنه من عذاب الجحيم بتأليف أساطير تُعطى النبى محمدا قوة الشفاعة التى يستطيع بها إدخال المسلمين الجنة بل وأن يُخرج من النار من كان فى قلبه ذرة إيمان . ثم أدخلوا فى قائمة الشفعاء الأولياء الصوفية وأئمة السنيين وآل البيت عند الشيعة بحيث جعلوا رب العزة لا يملك شيئا يوم الدين .
2 ـ وخلال عصر الخلفاء الراشدين والأمويين إنشغل العرب بالسياسة والحرب ( الفتوحات والحروب الأهلية فيما بينهم ) مع تعصبهم ضد أهل الكتاب عُنصريا ودينيا . وجاء العباسيون بمساعدة الفُرس والموالى فكانوا أكثر تسامحا وأقل تعصبا ممّن سبقهم من الخلفاء ، كما شهد عصرهم إنتهاء الفتوحات الخارجية والالتفات فى الداخل نحو النواحى العلمية والثقافية بالتدوين والانفتاح والتفاعل مع المدارس العلمية الفلسفية فى الاسكندرية والرها وانطاكية وحرّان حيث الفلسفات اليونانية والهلّينية والشرقية وإمتزاجها بالمسيحية . وبدأ مع العصر العباسى ترجمة هذا التراث ( الأجنبى ) للعربية والتفاعل معه والتأثر به ، مع دخول أبناء أهل الكتاب فى الاسلام ، ومعهم جيل من مثقفى أبناء وأحفاد الموالى الذين كانوا من قبل رقيق الفتوحات فى عصرى الراشدين والأمويين .
3 ـ هؤلاء المسلمون الجُدُد أدخلوا ثقافتهم الدينية ومعتقداتهم فى شفاعة البشر فى الحياة الدينية للعصر العباسى الذى شهد ولادة وتدوين الديانات الأرضية للمسلمين وتحويلهم الى ( محمديين ) يؤلهون محمدا نفس مضمون التأليه الذى كان للمسيح ، ويؤلهون الأئمة بنفس التأليه الذى كان للأحبار والرهبان . ومن عناصر هذا التأليه : الشفاعة. كان هذا تجسيدا للتاثر بالتراث والتراكم المسيحى واليهودى والمجوسى والفرعونى المصرى لدى السُّكان الذين دخلوا الاسلام بنفس المتوارث لديهم ، ولكن مع تغير فى الأسماء والشخصيات واللغة المنطوقة . وتم صياغة هذا التدين باللغة العربية فى صورة أحاديث نبوية و قدسية مزورة منسوبة للنبى محمد بعد موته بقرنين وأكثر . ولأنها تعبر عن الثقافة الشعبية الكامنة و السائدة فقد كان سهلا إنتشارها ، خصوصا وهى تمنح الناس بالشفاعة أملهم فى الدخول فى الجنة مع إستمرارهم فى الفسوق والعصيان .
4 ـ أى تحول ( المسيحيون ) الى ( محمديين ). تركوا (أمة المسيح ) وعبادة ( المسيح ) إلى (أمة محمد ) وعبادة ( محمد ) رغم أنف ( محمد ). أى إنتقلوا من جيب الشيطان الأيسر الى جيبه الأيمن .
5 ـ وفى هذا كله إتّخذوا القرآن مهجورا . وهذا يستلزم الرجوع للقرآن الكريم لنعرف موقف أكثرية أهل الكتاب الضالين المغضوب عليهم المعاصرين للنبى محمد عليه السلام فى موضوع الشفاعة .
أولا : المحمديون بالاسرائيليات متمسكون
1 ـ أهل الكتاب فى عهد النبى عليه السلام كانوا من حيث الهداية والضلال ثلاثة أنواع : مؤمنون سابقون :( آل عمران 113 ـ ، 199)( النساء 162 ) ( المائدة 83 ـ )( الاسراء 107 ــ ) ومقتصدون خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، واكثرية فاسقة ضالة مغضوب عليها ( المائدة 66 )، وهو نفس التقسيم للمسلمين ( فاطر 32 )، ونفس التقسيم الذى سيكون عليه البشر يوم القيامة ( الواقعة 7 ـ ). أى إنه فيما بعد نزول القرآن سيكرر المحمديون مسيرة الأغلبية الضالة المغضوب عليها من أهل الكتاب ، وأنهم سيحصنون فسقهم وعصيانهم بأساطير الشفاعة . وكان أهل الكتاب يرفضون الاحتكام الى القرآن الكريم : ( أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنْ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)آل عمران )، والمحمديون الذين يزعمون الايمان بالقرآن فى عصرنا يتهموننا بالكفر لأننا ندعوهم الى الاحتكام الى القرآن الكريم ، وهو فريضة اسلامية: ( أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً )(114 الانعام ).
2 ـ كان من ملامح أديانهم الأرضية أن الضالين المغضوب عليهم من أهل الكتاب قاموا بتزكية أنفسهم ، فقال رب العزة عنهم ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُبِيناً (50) النساء ).
3 ـ وفى هذا الافتراء الكاذب وقع المحمديون من ذرية أهل الكتاب بعد أن دخلوا فى الاسلام . وحتى اليوم يرى السنيون أنهم المُختارون من دون الناس للتحكم فى الناس . ويرى الشيعة نفس الرأى فى أنفسهم وفى أئمتهم . ويرى الصوفية أنهم أولياء الله من دون الناس جميعا . ومن قبلهم قال الذين هادوا أنهم شعب الله المُختار ، وجاء الرد عليهم فى القرآن الكريم بأنهم لو كانوا فى الحقيقة أولياء الله من دون الناس فليتمنوا الموت ليسعدوا بلقاء الله : ( قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7 ) الجمعة ) . وزعموا أنهم وحدهم لهم الجنة خالصة من دون الناس ، أى بالشفاعة والتحكم فى يوم الدين فتحداهم رب العزة أن يتمنوا الموت إن كانوا صادقين : ( قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمْ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنْ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96) البقرة ). وهو نفس إعتقاد المحمديين بأن ( أمة محمد ) هى التى لها الآخرة خالصة من دون ( أمة المسيح ) وبقية ( الأمم ).
4 ـ وفى أديانهم الأرضية كانت ولا تزال كل فرقة من أهل الكتاب تحتكر لنفسها الهداية فردّ عليهم رب العزة يدعوهم الى الهدى والتمسك بملة ابراهيم حنيفا ( وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (135) البقرة 135 ) وكانت كل فرقة تحتكر لنفسها الجنة دون الأخرين ، فردّ عليهم رب العزة بالتأكيد على أن الجنة من نصيب من يُسلم لله جل وعلا وجهه وهو مُحسن من كل البشر:( وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (112) البقرة ). وقامت كل فرقة بتكفير الأخرى ، وردّ رب العزة بأنه سيحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون : ( وَقَالَتْ الْيَهُودُ لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) البقرة )وهو نفس حال المسلمين المحمديين أمس واليوم .
5 ـ والأمانى هى الأصل فى موضوع الشفاعة . أى أن يتمسك الناس بالضلال ثم يتمنون النجاة فى الآخرة بالشفاعات . ولهذا يرتبط الضلال بالتمنى ، وبالتمنى يستمر الضال فى ضلاله ، لأنه لو أدرك أن عاقبة الضلال هو الخلود فى النار لربما تاب وأناب. ولكن وجود من يشفع له وينجيه من العقوبة كفيل بأن يستمر فى ضلاله يعيش به ويموت عليه. ولهذا قال الشيطان يقرن كيده للبشر بالإضلال والتمنى ( وَلأضِلَّنَّهُمْ وَلأمَنِّيَنَّهُمْ )(119) النساء ) . ولهذا حذّر رب العزة المؤمنين من كيد الشيطان وغروره ووعوده الكاذبة فقال جل وعلا : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34) لقمان ) . وأخبر رب العزة مقدما إن الشيطان سيتبرأ وهو فى النار من أتباعه فيها وأنه سيتنكّر من وعوده معترفا أنه وعدهم بالباطل فصدقوه وكذّبوا بوعد الله الحق : (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)( ابراهيم ).
وخدع الشيطان أغلبية أهل الكتاب فجعلهم يزيفون أحاديث للشفاعة يدخلون بها الجنة ، وتكاثرت تلك الأحاديث حتى أصبح الكتاب الالهى بعد تحريفهم له مجرد ( كتاب أمانى ) أو بتعبير رب العزة : ( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (78) البقرة ). وهذا هو الأصل فيما ساد فى العصور الوسطى المسيحية باسم ( صكوك الغفران ) وقد قال رب العزة يتوعدهم : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) ( البقرة ). وهو نفس ما يقال اليوم فى جمع أموال لبناء مساجد وهابية بترديد حديث كاذب يقول ( من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له قصرا فى الجنة ). ومن الإعجاز والإخبار مقدما بالمستقبل إن الله جل وعلا حذّر مقدما بأن الأخرة لا مجال فيها للأمنيات ، سواء كانت أمانى المؤمنين أم اهل الكتاب ، فمن يعمل سوءا سيجد عقوبته ، ومن يعمل صالحا سيجد جزاءه الجنة : ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (124) النساء )
6 ـ وبالافتراء وتزييف الأحاديث زعم الضالون المغضوب عليهم من أهل الكتاب إنهم سيخرجون من النار بالشفاعات مهما إقترفوا من الكبائر ، وجاء الرد من رب العزة عليهم : هل أتخذوا بهذا عهدا من الله ؟ أم هو إفتراء بغير علم : ( وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَاتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (80) البقرة ) . ثم أوضح رب العزة أن العاصى الذى يموت على عصيانه وقد أحاطت به خطيئته فهو خالد فى النار : ( بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81). البقرة ) . أما المؤمن الذى يموت وقد أنفق حياته فى الايمان والعمل الصالح فسيكون خالدا فى الجنة : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82) البقرة ). ولأن الخروج من النار بالشفاعات كان عقيدة راسخة لدى الضالين المغضوب عليهم من أهل الكتاب فقد تكرر إستنكار رب العزة لهذا الافتراء فقال جل وعلا:( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24)آل عمران ) . أى (غرّهم ) و( اضلهم ) هذا الافتراء فخسروا الدنيا والآخرة . ثم يقول جل وعلا عن حالهم يوم القيامة :( فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (25) آل عمران ).
ومع هذا فقد إخترع المحمديون أحاديث الشفاعات وأحاديث الخروج من النار تمسُّكا بسنّة أسلافهم الضالين المغضوب عليهم من رب العزة. هذا مع إن المحمديين واسلافهم يقرأون فى صلاتهم الفاتحة:( بسم الله الرحمن الرحيم (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7)
7 ـ ولأن أساطير الشفاعة كانت راسخة لدى بنى إسرائيل فقد قال جل وعلا يخاطبهم مرتين فى القرآن الكريم خطابا مباشرا : ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ (48) البقرة ) ، ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (122) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ (123) البقرة ) .
ومع ذلك أعادت المحمديون أساطير الشفاعة فى أحاديث مُفتراة فى العصر العباسى فى البخارى وغيره . أى أنها ضمن ما يطلق عليه ( إسرائيليات ). وكل الأحاديث إفتراءات سواء كات إسرائيليات أو مجوسيات أو فرعونيات . يجمعها كلها أنه (أمنيات شيطانيات ) يؤمن بها المحمديون والمسيحيون .
أخيرا :
1 ـ تكاثرت الكتب والأسفار المقدسة لدى أهل الكتاب الصحيح منها والزائف ، بدءا من التوراة وما تلاها . ومع تقديسها فلم تحظ بالدراسة والبحث. كانوا كالحمار يحمل أسفارا ، يحملها ولا يقرؤها . يقول جل وعلا : ( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) الجمعة ) وهو نفس ما يحدث حتى الآن . فكتب التراث تملأ أرفف المكاتب للشيوخ ، وهم لا يقرأونها . بدليل أنهم لا يقرأون البخارى . وحين فضحنا البخارى واضطروا للدفاع عنه جاء دفاعهم يضيف فضائح بجهلهم .
2 ـ كان القزوينى (605 : 682 ) من القضاة فى خلافة المستعصم العباسى . وروى فى كتابه ( آثار البلاد وأخبار العباد ) الشائع من الروايات عن أشهر المدن فى عصره من خلال الروايات المتداولة عنها وعن المشاهير الذين عاشوا فيها . وعن ( بغداد ) يقول : ( ينسب إليها القاضي أبو يوسف. ذكر أنه كان رآه رجل يهودي وقت الظهيرة يمشي راكباً على بغلة واليهودي يمشي راجلاً جائعاً ضعيفاً فقال للقاضي‏:‏ أليس نبيكم يقول الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ؟ قال‏ :‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ فأنت في السجن وأنا في الجنة والحالة هذه‏ ؟ !‏ فقال القاضي‏:‏ نعم يا عدو الله . بالنسبة إلى ما أعدّ الله لي من الكرامة في الآخرة في السجن وأنت بالنسبة إلى ما أعد الله لك في الآخرة من العذاب في الجنة‏!‏ ) . يعنى لأنه من ( أمة محمد ) فهو يحتكر نعيم الدنيا والآخرة . أما من ليس من ( أمة محمد ) فهو ( تعيس فى الدنيا تعيس فى الآخرة ) ، أو بالتعبير الشعبى المصرى : ( يا بختنا بالنبى .! ) .
3 ـ ويوم القيامة سيكتشف المحمديون والمسيحيون وغيرهم ممن يعبد البشر والحجر أنهم إخترعوا أحاديث شيطانية ضلوا بها وفقدوا بها مستقبلهم يوم القيامة بالخلود فى النار .
أحسن الحديث :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7) أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) ( فاطر )
ودائما : صدق الله العظيم .!!
 

اجمالي القراءات 13657