لطمية رابعة(5:6)

سامح عسكر في الأحد ٠٦ - أكتوبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

تفتح الستارة على أجواء انتخابية، العديد من الناس بين من يقف في صفوف الاقتراع خارج اللجان وبين من يمر في الشارع وبين من يرفع لافتات مرشحيه.

أصوات دعائية لمرشحي حزب الرحمة تنادي وبصوتٍ عال: الإسلام هو الحل يا مسلمون، الشريعة تناديكم..ثم يعلو صوت المنادي :الشعب يريد تطبيق الشريعة -ويُكررها، انتخبوا قائمة حزب الرحمة للإسلام.

أصوات في المقابل دعائية لمرشحي حزب التنوير تنادي وبصوت عال: عيش حرية وعدالة اجتماعية...إخاء ومساواة....

ولافتات لكل مرشح تعكس ما ينادي به الرجال أمام اللجان.

نساء مختمرات ومنقبات ومعهن رجال ملتحين في معظمهم يأتون بسيارات مملوءة بالبُسطاء للاقتراع، في المقابل شباب عصري ومتمدن وبنات محتجبات وغير محتجبات يأتون في مجاميع سيارة يتبادلون أطراف الحديث.

زحام شديد أمام اللجان وبعد هذا الفاصل الطويل من العملية الانتخابية يقفل مسئولو اللجان صناديقهم ويتهيأون إلى مرحلة الفرز..

تأتي البشائر بالتوالي..تقدم حزب الرحمة على حزب التنوير بفارق بسيط..ثم يتسع ويضيق هذا الفارق، ومع كل خبر عن نتائج الفرز يصيح المؤيدون في حزب الرحمة بالتكبير والتهليل، وفي حزب التنوير يصيحون بشعارات وطنية وقومية،حتى أعلن رئيس لجنة الانتخاب النتيجة النهائية لعمليات الفرز..

فوز نهائي لحزب الرحمة على حزب التنوير بنسبة 60% من جملة الأصوات، وفرحة عارمة تعلو وجوه الملتحين والمؤيدين لحزب الرحمة، يدخل الجميع في فاصل بكاء هستيري من شدة السعادة.

مشهد لمذيعة في قناة أخبار فضائية تعلن نتائج الانتخابات، وعن الأخبار المتوالية باستعداد حزب الرحمة لتولي المسئولية وإدارة الدولة..

مشهد للشيخ فالح وهو يتلقى التهاني والتبريكات وبعد فراغه يتهيأ هو ومسئولي الحزب للاجتماع العاجل بشأن إعداد خطة الإدارة وعن اختيار اسم الرئيس.

يدخل الحكواتي قائلاً: (كانت سعادة الشيخ فالح غامرة ، لقد تحقق الحلم أخيراً الذين عاشوا من أجله، ظلوا يحلمون بالسلطة وهاهي قد جاءتهم على طبقٍ من ذهب وبطريقة شرعية سلمية تساعدهم في العمل المريح، ولكن ظهر أن حزب الرحمة لم يكن جاهزا لخطة إدارة الدولة، فهم يناقشونها الآن بعد توليهم المسئولية، والأغرب أنهم يناقشونها قبل اختيار اسم الرئيس،وقد يعني ذلك أن الرئيس لا تهمهم شخصيته فولاءه للحزب مضمون، وإدارة الحزب للدولة مسألة منتهية، وأن الرئيس سيكون مجرد ديكور لا قرار مستقل له بمعزل عن الحزب).

وبعد اختيار اسم الرئيس أطلق الشيخ فالح وحزب الرحمة عليه اسم.."الرئيس الإسلامي"..وأحياناً.."بخليفة المؤمنين"..وطالبوا بتعميم ذلك في الإعلام الديني.

وبعد جهود كبيرة وانشغالٍ عميق ذهب الشيخ إلى النوم

وفجأة

ثم والشيخ نائم في سريره إلا ويظهر له رجلاً غامضاً يرتدي رداءً أسود وعلى رأسه قلنسوة سوداء وفي يديه عصا غليظة ..ويضطرب معه الشيخ فالح وينهض من سريره مخاطباً الغامض وبصوتٍ مرتجف: مين انت؟!

قال الغامض بصوتٍ أجوف: أنا المستقبل..ها ها ها ها ها ها.

يرتعد الشيخ فالح وينهض ذاكراً لله ويتمتم ببعض الكلمات ويستغفر الله أن يكون هذا الشبح كابوس من فرط شبعه وامتلاء معدته في العشاء، ثم توضى وصلى ركعتين وأخلد إلى النوم..وإذ به يرى رجلاً أبيضاً ويرتدي رداءً أبيض وعلى رأسه قلنسوة بيضاء يأتي له بشوش الوجه ويخاطبه بهمس:

لا تنزعج فأنا رسولُ من الله.

يافالح إن الله قد اختارك أن تكون الخليفة ،فاعمل على نصرة الله ولا تلتفت لخصومك وأعدائك، الأحزاب لا يهمها سوى الحرب على الإسلام وأنت الذي ستحاربهم، توكل على الله فهو حسبك ونعم المصير.

نهض على الفور من سريره وهو مبتهج، وقد بدت على وجهه علامات الرضا ثم تنفس الصعداء.

مشهد للرئيس وسط الشيوخ ويظهر منه أنه لم يكن ذات قيمة، كانوا يتحدثون ويتركونه، ومنعاً للقيل والقال كان يرتدي لباساً أفرنجياً أو ما يسميه الناس.."بدلة وكرافتة"..فهو مع لحيته الخفيفة"والقصيرة" إلا أن مظهره لا يوحي بالانتساب للشيوخ..

كانوا يتحدثون عن الخطط والبرامج والقرارات الجمهورية التي كان يتخذها الرئيس، ومع كل قرار تخرج المذيعة لإعلانه...إبطال المحكمة الدستورية وإحلالها بالمحكمة الشرعية التي يترأسها العلماء والمشايخ، إعلان القضاء المصري قضاءً شرعياً يطبق شرع الله وحدوده في الأرض.

ثم مشهد للمذيع يستطلع آراء الناس في الشارع ويوقف أحدهم قائلاً:

السلام عليكم إيه رأيك في الحكومة الجديدة؟

يرد قائلاً: لسه ماشوفناش حاجة إحنا بقالنا 5 شهور على فوز الرئيس وماعملوش حاجة، إحنا في أزمة يابيه والشيوخ اللي بيطلعوا يدافعوا عن الرئيس لازم ينصحوه.

يسأل آخر نفس السؤال ويرد عليه قائلاً: لازم نصبر عليهم دول مهما كان منتخبين والدنيا ما بتتغيرش بين يوم وليلة.

يسأل ثالث ويرد عليه قائلاً: الشيوخ دول أفسد ناس في الأرض، حزب الرحمة دا حزب منافق وكداب، انا مانتخبتوش عشان عارف انهم بيتاجروا بالدين، حسبنا الله ونعم الوكيل..أنا مسلم موحد بالله ولكن دول مايعرفوش حاجة عن الدين.

فاصل تظهر فيه مذيعة أخبار وتعلن عن الأخبار التالية:

-ردود فعل دولية غاضبة على حل المحكمة الدستورية في مصر وتوجيه القضاء إلى قضاء ديني.

-تفاقم أزمة الوقود والأسعار، والمعارضة تحمل الحكومة المسئولية وتقول أنها تبعات الاستبداد الديني وحل المحكمة الدستورية.

-رئيس الحكومة يقطع زيارته لقطر ويعود بعدها إلى أرض الوطن لمتابعة سير الأعمال.

-حزب التنوير يدعو جموع الشعب المصري للتظاهر ضد الغلاء والاستبداد والسيطرة على القضاء بحل المحكمة الدستورية..ويدعو إلى جمعة.."لا للفاشية الدينية".

قال الحكواتي:..(كانت الأوضاع في البلاد تسير من سئ إلى أسوأ وانتقل الصراع السياسي من الغرف المغلقة إلى الشارع، كان حزب الرحمة يظن أن الوقت قد حان للتمكين، وأن القوة وحدها هي السبيل للتعامل مع الخصوم، فسيطروا على جميع الوزارات والمحافظات بالقوة، وأعلنوا عن مشروع "إسلامي" في المهد وإعادة تنظيم للحياة السياسية...ثم تنهد الحكواتي وأكمل: بدأ التيار الديني في مناقشة وضع الأحزاب السياسية في البلاد، وهل هي شرعية أم لا، وما هو دور مجلس النواب وما هو دور مجلس الشورى...كانوا متفرغين تماماً للتمكين ..

ولااااااااااااااكن

ثم ينقطع الحكواتي

صورة مشهد صراع بين الفقراء والأغنياء..ومجموعات بشرية جوعى من الطعام، وانفلات أمني ساد فيه قانون الغاب... مع مشاهد قمع السلطة الأمنية للمواطنين...

ويُكمل الحكواتي:

الشعب كان في أحوال أخرىىىىىىىى 

ويُغلق الستار

اجمالي القراءات 7954