بسم الله الرحمن الرحيم
القلوب أولا

عمرو توفيق في السبت ١٣ - يوليو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

*إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [٣٧:٨٤]

*يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ [٢٦:٨٨]إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [٢٦:٨٩]

يهتم الكثيرون بنظافة أجسادهم وملابسهم وبيوتهم وسياراتهم وأحذيتهم اهتماما كبيرا، ولا شك أن هذا مهم، ولكن المشكلة هي أنه إذا فُتِحت قلوبهم وجدت متسخة بأقذار الحسد والشك والرياء والنفاق والحقد والغل والأضغان والعمى... وما إلى ذلك من أقذار تدنس القلوب وتجعلها غير لائقة للقاء الله عز وجل. فالقلب هو أساس كل الأعمال التي تصدر من الإنسان، بل قد تصدر من الإنسان أقوال الكفر والله راض عنه! ذلك إذا أكره وقلبه مطمئن بالإيمان:

*مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [١٦:١٠٦]

لذلك اهتم القرآن المجيد بطهارة القلب ونظافته وسلامته، فهو المنبع لكل أعمال الإنسان. وليس أدل على ذلك من نزول القرآن على قلب رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام:

*وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ [٢٦:١٩٢]نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ [٢٦:١٩٣]عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ [٢٦:١٩٤]بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ [٢٦:١٩٥]

وأشد مرض يصيب القلب هو النفاق وتعريفه كما في الآية التالية:

*كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ [٩:٨]

فالنفاق هو إسلام باللسان في حين أن القلب يأبى أن يتقبل الإيمان، وكما في الآية التالية:

*وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ۚ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا ۖ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ ۗ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ ۚ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ [٣:١٦٧]

*يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ ... [٥:٤١]

ولا شك أن هناك تأثيرا متبادلا بين الأعمال والقلوب، فهناك أعمال تؤدي إلى صدأ القلب:

*كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ [٨٣:١٤]

والرَّيْن: الصَّدأُ الذي يعلو السيفَ والمِرآة.

*ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ [٦٣:٣]

*رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ [٩:٨٧]

*فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [٥:١٣]

*وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ [٩:٧٥]

فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ [٩:٧٦]

فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [٩:٧٧]

 وهناك أعمال تحافظ على طهارة القلوب:

منها غض البصر عن الشهوات:

*وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ .. [٣٣:٥٣]

وهناك أعمال تطمئن القلوب مثل ذكر الله:

*الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [١٣:٢٨]

وكما نزل القرآن على قلب النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك نحن يجب أن ننزل الآيات على قلوبنا باستشعار معانيها وتدبر كلماتها ليكون ذلك شفاءً لنا:

*وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا [١٧:٨٢]

*يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ [١٠:٥٧]

*وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ [٤١:٤٤]

وهناك الكثير والكثير من الآيات التي ذكرت القلوب مما يدل على أن أول خطوة يجب أن نتخذها هي تجلية قلوبنا وتطهيرها.

ولنزرع أيها الأحباء في قلوبنا بأيادي اليقين ما أوتينا به من لدن عليم حكيم، فنطرد منها الشك والريب. أما الخطوة الجميلة الضرورية فهي أن تمتلئ قلوبنا بحب الله الجميل فلا يبقى لشيء آخر مكان فيها.

*رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ [٣:٨]

*وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ [٥٩:١٠]

أسألكم الدعاء.

اجمالي القراءات 9115