صفات الإنسان في القرآن
السافل والقويم

عمرو توفيق في الأربعاء ٠٣ - يوليو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم

عندما بحثت عن الصفات المنسوبة للإنسان في القرآن المجيد وجدتها كما يلي:

الضعف

(يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚوَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا) [٤:٢٨]

والضعف خلاف القوة.

ولكنه من بعد الضعف يتقوى ثم ليضعف مرة أخرى في هرمه:

(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚيَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖوَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) [٣٠:٥٤]

ولكن الإنسان مهما قويَ فإنه يبقى ضعيفا بغير حول الله وقوته:

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖوَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [٣٥:١٥]

فقراء في المال والقوة وكل شيء.

كما أن الإنسان الضعيف قوي بالله سبحانه وتعالى إذا آمن واتبع رسله عليهم السلام:

(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) [٢٨:٥]وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) [٢٨:٦]

الكبَد

(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) [٩٠:٤]

الكبد هو الشدة والمشقة.

ولكن الإنسان المؤمن الذي يعمل الصالحات مهما زاد عناؤه يصدق عليه قول الله عز وجل:

(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖوَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [١٦:٩٧]

أما الكافر المعرض عن ذكر الله: (القرآن)، فمهما زاد غَناؤه فيصدق عليه قول الله تعالى:

(وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ) [٢٠:١٢٤]

فنرى مثلا الكثير من الأثرياء والمترفين مكتئبين قلقين خائفين على أموالهم ولذلك فهم في ضنك مهما أوتوا. أو حتى إذا سعدوا لوهلة ختم لهم بالشقاء.

العَجَل

(وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖوَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا) [١٧:١١]

(خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚسَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ) [٢١:٣٧]

العَجَل والعَجَلة: السرعة خلاف البطء.والعجول من النساء والإِبل: الوالِه التي فَقَدَتْ وَلَدَها الثَّكْلَى لَعَجَلِتها في جَيْئَتِها وذَهَابها جَزَعاً.

ولكن هذه الصفة تنتفي عن المؤمنين الصابرين فمن صفات المؤمنين:

(الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ) [٣:١٧]

فالصبر ضد العجلة والتعجل والاستعجال.

الكفر والفجور

(قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ) [٨٠:١٧]

(وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا ۚإِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ) [٤٣:١٥]

(وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ۗإِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ) [٢٢:٦٦]

 (وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚوَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗإِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [١٤:٣٤]

(وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ۖفَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ ۚوَكَانَ الْإِنسَانُ كَفُورًا) [١٧:٦٧]

(بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ) [٧٥:٥]

وبديهي أن المؤمن تنتفي عنه صفة الكفر

الكُنود في النعمة والقُنوط في زوالها

الكُنُودُ: كُفْرانُ النِّعْمَةِ، وبالفتح: الكَفُورُ

القُنوط: اليأس وبالفتح اليائس

فيقول سبحانه وتعالى:

(إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) [١٠٠:٦]

(كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ [٩٦:٦]أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ) [٩٦:٧]

(وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ [١١:٩]وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ۚإِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ) [١١:١٠]

(لَّا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ [٤١:٤٩]وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ ۚفَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ [٤١:٥٠]وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ) [٤١:٥١]

(فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ [٨٩:١٥]وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ) [٨٩:١٦]

(وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ ۖوَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا) [١٧:٨٣]

(وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ ۚقُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا ۖإِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) [٣٩:٨]

(وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ ۚكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [١٠:١٢]

(فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖإِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ۗوَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا ۖوَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ) [٤٢:٤٨]

(فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ ۚبَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [٣٩:٤٩]

وهذه الصفات هي صفات الضالين ولا تنطبق على الإنسان المؤمن لقوله تعالى:

(إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا [٧٠:١٩]إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا [٧٠:٢٠]وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا [٧٠:٢١]إِلَّا الْمُصَلِّينَ) [٧٠:٢٢]

الهلوع هو من يَجْزَعُ ويَفْزَعُ من الشَّرِّ، ويَحْرِصُ ويَشِحُّ على المالِ، أو الضَّجورُ لا يَصْبِرُ على المَصائِبِ،

فالجزوع ضد الصَّبُورِ على الشرِّ، والجَزَعُ نَقِيضُ الصَّبْرِ، والمنوع هو الضنين الممسك.

ولقوله تعالى:

(وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ [١١:٩]وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ۚإِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ [١١:١٠]

إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) [١١:١١]

شدة الخُصومَة: الجَدَلُ

(أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ) [٣٦:٧٧]

(وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ۚوَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا) [١٨:٥٤]

التقتير: البخل

(قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنفَاقِ ۚوَكَانَ الْإِنسَانُ قَتُورًا) [١٧:١٠٠]

خلاصة البحث

رأينا كيف وصف الله سبحانه وتعالى الإنسان بصفات أخلاقية سيئة، إلا أن الإنسان المهتدي مستثنى من هذه الصفات مصداقا لقول الله سبحانه:

(إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ [١٠٣:٢]إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) [١٠٣:٣]

فالصفات السيئة يتصف بها الإنسان الخاسر أو السافل، وعكس هذه الصفات للإنسان المؤمن أو القويم أو المستقيم، لقوله سبحانه:

لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ [٩٥:٤]ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ [٩٥:٥]

إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ [٩٥:٦]

فيجب على الإنسان المؤمن أن يجاهد نفسه حتى تكتمل أخلاقه، كما جاء في القرآن المجيد، ولا يكفيه أن يقول آمنت فقط، مصداقا لقوله تعالى:

(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [٤٦:١٣]

(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) [٤١:٣٠]

وأختم بدعائي لكم أن تتنزل عليكم الملائكة مبشرة إياكم بالجنة

والحمد لله رب العالمين.

اجمالي القراءات 9705