هـل الـمـســلـمـون يـسـيـئـون لـلـرســــل وهـم لا يـشـعــرون..؟

رضا عبد الرحمن على في الأربعاء ١٢ - يونيو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

هـل الـمـســلـمـون يـسـيـئـون لـلـرســــل وهـم لا يـشـعــرون..؟

قرأت كثيرا على صفحات الفيس بوك رسائل وأخبار وموضوعات عن بعض الدعاة والمشايخ والشخصيات الذين أفنوا أعمارهم في الدعوة للإسلام ، ويحاول من يكتب عن هذه الإنجازات إظهار قدرة هؤلاء على التأثير في الناس ونجاحهم في إدخال ملايين من البشر إلى دين الإسلام ، لفت نظري هذا الموضوع الذي أرى أن معظم معلوماته غير حقيقية وغير صحيحة لأنها تتناقض مع العقل والمنطق السليم ، ولا يمكن حدوثها على أرض الواقع أصلا ، والأخطر من هذا كله أن من كتبها وكل من ساهم في نشرها هو يشارك بقصد أو بدون قصد في تفضيل أحد هؤلاء الدعاة ورفعهم درجة على الأنبياء والمرسلين عليهم جميعا السلام ، ودون أن يدري من ينشر هذه الأخبار يظهر هذا الداعية أنه أكثر كفاءة وأكثر إقناعا في تقديمه رسالة الإسلام ودعوة الناس إليه ، ولذلك فقد نجح هذا الداعية أن يدخل الإسلام على يديه سبعة ملايين إنسان  في 29 سنة رغم أنه ليس نبيا مرسلا ، وهذا الإنجاز من وجهة نظري لم يحققه معظم الأنبياء والمرسلين.

وإليكم انجازات أحد هؤلاء الدعاة ثم أتبعها برد وتعليق:

"هذا الرجل الذي نحسبه من الصالحين ، ودع الدنيا بعد إسلام 7 مليون شخص على يده.

أكيد يجهله الكثير منا ، فمن هو ..؟؟

إنه أحد فرسان الأمة رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة وجزاه الله عنا وعن الإسلام خيرا:

أسلم على يده 7 مليون شخص .!!! بعد أن قضى 29 عاما يدعو للإسلام في أفريقيا

بنى 5700 مسجد

كفل 1500 يتيم

حفر 9500 بئر في فريقيا

بنى 860 مدرسة و4 جامعات و204 مركز إسلامي

والعجيب أنا لا نعرف عنه الكثير رغم أن أمثاله ينبغي أن تكتب سيرهم بماء الذهب

انه الشيخ الدكتور  .............................. ـ رحمه الله تعالى

فقد توفى اليوم هذا الرجل الصالح.

كم تناقلنا انجازات ستيف جوبز مخترع الآي فون بعد مماته.؟

فالأجدر بنا أن نجعل من وفاة هذا الرجل درسا نتعلم منه سيرته لكي نتعلم منها كيف نكون قادرين على الإجابة عن السؤال التالي:

ماذا قدمت للإسلام..؟؟؟ "  انتهى الكلام عن الانجازات.

الـتــعــلــيــق :ـــــ

أولا: أنا لا أشكك أبدا في هذا الرجل ولا في درجة إيمانه أو صلاحه ولا شأن لي بهذا على الاطلاق ، لأن هذا كله علمه عند الله وليس لي حق التدخل فيه أو الحكم عليه أو على غيره من البشر.

ثانيا: ما يعنيني هنا هو الكلام المكتوب عنه بعد موته ولا شأن لي بشخصه كإنسان فارق الحياة ، وهذا الكلام المكتوب يحتاج لقليل من التدبر والتفكر ولو أجرينا بعض الحسابات ستحدث لنا صدمة كبيرة ، لأن هذه الانجازات فوق طاقات وإمكانات وقدرات البشر ، ومن جهة أخرى أتصور أن ما حققه هذا الشيخ حسب الراوي يجعله أكثر نجاحا وقدرة على التأثير في الناس من الأنبياء ، لأن نبي الله يونس أسلم معه حسب ما جاء في القرآن مائة ألف أو يزيدون (الصافات ــ 147 ، 148 ) ، وأعتقد أن خاتم المرسلين عليه الصلاة والسلام وقت وفاته لم يصل عدد المسلمين في العالم كله إلى ربع هذه الملايين السبعة وهو نبي مرسل وصاحب الرسالة الخاتمة ، لو رجعنا قليلا لتاريخ وسيرة خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام سنجد أن الرسول توفى في عام 11هـ ، غزوة بدر الكبرى كانت في عام 2هــ أي قبيل وفاته بتسع سنوات ، لو تذكرنا كم عدد المسلمين المشاركين في هذه الغزوة ، كانوا 314 مسلم فقط ، وهو عدد قليل جدا ، طبعا أعلم أن هذا ليس العدد الكلي للمسلمين وقتئذ ولكن هذا عدد الجيش الإسلامي الذي خرج مع الرسول للقتال فكم عدد المسلمين ككل .؟ ، هذا العدد أسلم  بعد أربعة عشر عاما من الدعوة ، وهو عدد قليل جدا جدا خصوصا أن صاحب الدعوة وحاملها نبي مرسل من عند الله جل وعلا ، هنا مكمن الخطورة في هذا الكلام وهذه الإنجازات التي يتناقلها المسلمون بلا وعي وبدون تفكير وينسبونها لشخص ليس بنبي أو رسول ، الجدير بالذكر أن عدد المسلمين في حجة الوداع كان ما يقرب من مائة ألف ، وحجة الوداع حسب كتب التاريخ كانت في سنة 9 هـ ، هذا فيما يخص الدعوة وعدد المسلمين ، الذين تحدث القرآن عنهم وقال أن بعضهم من المنافقين وكل هذا علمه عند الله وقال تعالى لرسوله الكريم أنه لا يعلم المنافقين ولكن الله يعلمهم (التوبة ـ 101) فكيف عرف هؤلاء أن عدد 7 مليون دخلوا في الإسلام حقيقة ولا يوجد منهم شخص منافق يدعى أنه مسلم ، فهذا علمه عند الله جل وعلا ولا دخل لبشر فيه وليس من حق أي بشر أن يحكم فيه أصلا.

لو رجعنا لكتاب الله جل وعلا وتذكرنا وتدبرنا قصة نوح عليه السلام الذي ظل يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاما (العنكبوت ــ 14) ، ورغم ذلك لم يؤمن معه إلا قليل من الناس وحسب ما جاء في القرآن فقد ركبوا في السفينة جميعا تنفيذا لأمر الله أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين وأهله ومن آمن هـود ــ40) ، ومعنى ذلك أنهم كانوا بضعة مئات من المسلمين أو المؤمنين ، ويستحيل أن يصلوا لعشر هذا العدد رغم أن نوح ظل ألف سنة إلا خمسين عاما يدعو.

 كذلك لم يستطيع خاتم النبيين بناء عُـشْـر هذا العدد من المساجد ، طبعا أقدر قلة وندرة الإمكانات المتاحة أيام النبي عليه الصلاة والسلام ، لكن العقل لا يقبل أبدا أن يستطيع إنسان خلال 29 عام أن يدعو إلى الإسلام 7 مليون شخص فيسلموا جميعا بهذه السرعة ، فهذا يتطلب أن يُسلم معه عدد 661 شخص كل يوم بدون انقطاع ، كذلك يقولون أنه بنى 5700 مسجد فلو افترضنا أنه سيقوم ببناء مسجد كل يوم فهذا يحتاج 15 سنة كاملة ، ويقولون أنه حفر 9500 بئر فهذا يحتاج 26 سنة كاملة بحيث يحفر كل يوم بئر ، ويقولون أنه بنى 860 مدرسة فهذا يحتاج سنتين وثلث تقريبا بحيث يقوم ببناء مدرسة كل يوم.

لمزيد من التوضيح :: ما أقصده هنا أنه مطالب بأن يدعو كل يوم 661 شخص للدخول في دين الإسلام فيوافقوا جميعا من المرة الأولى دون نقاش أو جدال أو سؤال أو حوار مطول  أو استفسار ، ويبدأ في دعوة نفس العدد كل يوم جديد فيدخلوا بنفس الطريقة ويستمر كذلك طوال 29 سنة أعتقد هذا الأمر مستحيل لأنه لم يحدث مع الأنبياء والمرسلين. 

بالنسبة لموضوع بناء المساجد والمدارس والمراكز الإسلامية والجامعات وحفر الآبار لو فرضنا أنه سيخصص لكل مبنى من هذه المباني يوما واحدا فقط من حياته يزور المكان ويتفقد الأحوال ويتابع ما جرى وما حدث ويقول وجهة نظره ويسأل عدة أسئلة عن المبنى ، ثم ينصرف ليفكر في مبنى أخر أو في عمل أخر ، فهذه المباني والآبار تحتاج 33 سنة بحيث يهتم أو يشرف أو يزور أو يخصص لكل منها يوما كاملا على الأقل ، سواء كان مسجدا أو مدرسة أو بئرا أو مركزا إسلاميا أو جامعة.

بالطبع كل هذا قام به دون أن ينام أو يأكل أو يشرب أو يصلي أو يمرض ، أو يدخل بيت الراحة أو يشاهد برنامج تلفزيوني ، أو يسافر في رحلة مع أهله ، أو يحصل على إجازة لو أسبوع ، فهو يعمل على مدار 24 ساعة بلا توقف لمدة 29 سنة كاملة ، فهل هذا يعقل..؟؟

 

 

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 9872