قلعة بديع وسنة اولي سياسة

الشربيني المهندس في الجمعة ١٩ - أبريل - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

تعجبني الواقعية السحرية في الأدب ببداياتها الناجحة والمدهشة .. وتتسع الابتسامة فعندما تمرد عقل القائد الهمام أصدر فرمان بإبطال مفعوله وصفقت له الرعية .. والغريب أنها صفقت أيضا عندما نطق لسانه بالحق وكان جزاؤه القطع .. مع الصمت حاولت القلوب التذكير بأضعف الإيمان فانهارت الحجارة وسقط الصنم مع أول أيام الربيع .. ومع سنة أولي في أحداث الربيع العربي هتفت الحناجر وتدفقت الحشود إلي الميادين المفتوحة وتألقت الكاميرات ومع المد تغيرت أشياء ولكن تداخلت الخطوط الحمراء من الحجرات المغلقة كالعادة في السياسة بألوانها الفاقعة التي تجعل علامات الاستفهام مع الجذر تخلط بين الواقع والخيال والسنة الأولي والأخيرة

..   بداية مع علامة الاستفهام الأولي لا علاقة لقلعة بديع بقلعة صلاح الدين الأيوبي ذلك الكردي المسلم والرمز التاريخي لهزيمة الصليبيين من القاهرة السنية .. وحتي نخفف من المذاق الديني علينا أن نعترف أن السنة الأولي أو البدايات هي نقطة تحول تستحق التوقف عندها نجاحا أو فشلا .. جاء صلاح الدين للكرسي وسط أزمات داخلية ومخاطر خارجية .. كانت وحدة الصف ووضوح الهدف مفاتيح السنة الأولي للنصر في مصر والشام .. ويظل التاريخ سيد قراره..   وفي مصر الحالية وبدايات الربيع ونجاحها الظاهري يبدو أن الرئيس محمد مرسي ركب مركبا ديمقراطيا صعبا، بأكثر مما قدر هو، أو توقعه الآخرون . فقد أصبح وأمسي حزينا .. أسير كرسي لا يفارقه بعد أن اكتشف الناس حقيقة أنه ليس الرجل الأول .. ينام مستيقظا حتي في المؤتمرات الدولية .. بعد أن اكتشف حقيقة الديمقراطية والكرسي يختار صاحبه فراح يرجو النهاية والخروج الآمن بعدما كان حلم الجماعة عن الخلافة قاب قوسين أو أدني

.. نعم ما زال يملك دموعه بعد أن استبدل صوت الحق بصوته .. وللحق فإن جزء من العراقيل قد وضعها خصومه في طريقه وهي كثيرة ، والجزء الأكبر من صنع يديه ومشروعه الخيالي من القلعة إلي أصفهان ضاربا عرض الحائط بالزمان والمكان .

مع غروب شمسه فإن خصومه يزدادون عددا ونوعا ، سياسيين ، وإعلاميين، وعسكر، وقضاة، وشباب من الثوار، وجامعيين وأطفال الشوارع وليبراليين وأقباط، وحتى من إسلاميين وحلفاء الأمس القريب ، ومشجعي رياضة أو الالتراس ، وخبازين ومطالب فئوية ، من القاهرة وسكان العشوائيات إلى منطقة القنال مرورا بمحافظات الدلتا والإسكندرية.                             

مع هذا التمزق هل ينام الرئيس علي وسادة الأمل في وجه هذا الكم الهائل من الشكاوى والمواجهات..؟الحل بيده لا بيد عمرو ..                                                                    لكن المدرس من القلعة لا يترك له فرصة أن يتعلم الفرق بين الناس والكراسي واحتدم نقاشهم حول الجبر والاختيار داخل جدران القلعة  .. موجات القلق الصادرة من خلف الجدران تعكس وجهة نظر الحزب الحاكم في مصر متغطرسا ينظر بفوقية على خصومه، ويعتقد أنه الأحق بالحكم المطلق، راغبا في الهيمنة حتى على السلطات التي لا تتبعه في النظام الديمقراطي مثل المجالس البرلمانية والقضاء والإعلام، التي تعتبر من السلطات المستقلة.  وتهوي مطرقة المرشد الأول ألإخواني علي الطاولة مرسي ليس مضطرا لأن يتعاون مع منافسيه                       

وإذا كانت مصر تمر بمرحلة خطيرة وتحتاج إلى التعاون بين كل شركاء الحكم. فالحل بيد المرشد الثاني الإيراني..                                                                                 ويقطع الصمت ضحكات خبيثة  بدهاء الساسة «وإحنا مالنا! اثنين مرشدين بيلعبوا مع بعض» 

القراءة بين السطور في نوايا وأجندات الطرفين وكيف أن الغاية تبرر أي وسيلة. إيران تحن إلى مصر الفاطمية .. وهناك في مصر الإخوان الراغبون في الاستفادة من نهم إيران «لغزو» مصر الكبرى. إنه زواج مريب يتخطى المتعة والمسيار زواج مصلحة من الصعب أن يستمر، لكن تكلفته ستكون باهظة على الجميع، وإن شعر الإخوان وإيران بنصر الآن، فالأكيد أنه سيكون بطعم الهزيمة، فمن هو في ورطة، لا يستطيع إنقاذ متورط آخر ذلك الدرس الذي لا يمكن استيعابه مع البدايات المتعثرة .. في الخارج كانت الغيوم كثيفة والمطر غزير وطين وبرك وماء بيد عمرو .

اجمالي القراءات 6996