القرآن وتحديد أقوال وأحكام الرسول

Amin Refaat في الثلاثاء ٠٥ - مارس - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

إدعى المفترين على الله ورسوله أنه صلى الله عليه وسلم تحدث آلاف الأحاديث وفيها شرع العديد من الأحكام المخالفه لأحكام القرآن و التي تحولت فيما بعد الى دستور الدين الأرضي الذي تسبب في ضياع الرسالة الحقيقية لدين الإسلام والتخلف المشين لدول المسلمين.

ومن ينظر في تاريخ الإسلام والمسلمين لا بد ان يرى خطوط المؤامرة تحاك من بعد وفاة الرسول مباشرة حيث كان الحفظ الإلهي للقرآن حجر عثرة في طريق كل من يريد أن ينحرف عن الصراط المستقيم لغرض في نفسه دون أن يلحظ المسلمون هذا الإنحراف.

تجلى هذا في المرة الأولى عندما إبتدع معاوية تقليد عقد حلقات الدروس في المساجد بعد جميع صلوات الجماعة ليمنع المعارضين له من الكلام. كان الموضوع الأمثل لبداية هذه الدروس هو قصص الأنبياء. موضوع شيق ومسلي لمعظم الناس وجعلهم يلتفون حول الرواه الذين عرفوا فيما بعد بإسم “القصاصين" والذين تفننوا في ملئ روايتهم بعناصر الجذب والتشويق واعتمدوا على القرآن ثم الكتب السابقة بما فيها من تحريف لإستخراج المادة المطلوبة لقصصهم و رواياتهم .

إنتشر هذا الأمر في كافة أركان الدولة الأموية وذاع صيت هؤلاء القصاصين كعلماء في الدين وقربهم معاوية ومن خلفه من الملوك وكان تمويلهم من بيت المال. لم لا والفضل يرجع لهولاء العلماء ومحترفي الدين في إضفاء الشرعية على حكم بني أمية وماشابه من مخالفات صريحة لدين الإسلام الحق.

بعد سقوط الدوله الأموية وبدء الدولة العباسية أراد الخليفة العباسي أن يكون له نفس المرجعية الدينية التي كانت الخلافة الأموية تتمتع بها وتفتق ذهنه عن فكرة كتابة سيرة رسول الله عليه الصلاه والسلام وكلف ابن إسحاق بهذه المهمة بتمويله وتحت اشرافه وكان من الطبيعي أن تكون السيرة التي كتبها إبن إسحاق متحيزة لبني العباس وبني عبد المطلب وطمس فيها العديد من الحقائق التي تعارضت مع هذا التحيز.

للمزيد في هذا الموضوع يرجى الرجوع إلى رسالتي الدكتوراه للدكتور/ محمود علي مراد والمنشوره هنا على موقع أهل القرآن.

جمع إبن إسحاق في سيرته كل ما توصل إليه من عصر القصاصين ثم جاء البخاري ومسلم معتمدين على سيره إبن إسحاق كمصدر أساسي للأحاديث النبوية بما حوته هذه السيرة من افتراءات وأكاذيب.

غيرأن المسلم العاقل الذي يتبع أمر الله جل وعلى بـالتفكر والتذكر والتعقل لا يسعه عندما يقرأ القرآن بتركيز إلا أن يستنكر فكرة أن الرسول عليه الصلاه والسلام أدلى بأي أحاديث مريدا أن تحفظ وتكتب وتنقل للناس بعد موته .

الدليل على ذلك هو كلمة واحدة وهي كلمة “قل". هذه الكلمة حيرت كل من قرأ القرآن ووعاه. فهي كلمة غير ضرورية للمعنى واذا ماحذفت لا يتغير معنى الجملة التي تليها على الإطلاق. لذلك يطرح السؤال نفسه: لماذا وردت هذه الكلمة في القرآن 315 مرة تسبق جمل أمر الله رسوله أن يقولها؟

الجواب على هذا السؤال هو: "وما ينطق عن الهوى- إن هو إلا وحي يوحى" النجم3 و4 حتى الكلام ماكان للرسول أن ينطقه إلا إذا قيل له “قل" فما بالك بكل هذه الإفتراءات التي ملئت بها كتب الأحاديث والتي يستقى منها من الأحكام مايخالف أحكام القرآن الواضحة البينة كما في حكم قتل المرتد وحكم رجم الزاني المحصن وغيرها من الأحكام الكاذبة.

يؤكد لنا القرآن أنه ماكان لمحمد أن يقرر قرارا من نفسه دون ان يأتيه الأمر الإلهي عندما عاتبه الله بعدما قرر أخذ الأسرى قائلا : "ماكان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض". الأنفال 67 . قد يبدو القرار منطقيا وعقلانيا إذا ماإتخذه أي قائد دون ان يكون نبيا فالنبي هو رسول الله في الأرض ليس له ان يقرر بنفسه ولكن دوره هو تطبيق قرارات الله سبحانه وتعالى.

حتى في حياته الشخصية لامه الله تعالى في أول سورة التحريم قائلا: "يا ايها النبي لم تحرم ماأحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم". التحريم 1 . لم يكن له أن يحرم حلالا حتى على نفسه فقط دون أن يأتيه الأمر من ربه . فما بالك بقائمة المحرمات المفتراه عليه التي حرم فيها الحلال وصارت سببا في النزاع بين المسلمين والشك في سلامة دينهم.

وفي موضوع زيد وزوجه عاتبه الله على أفكاره التي لم يصفح عنها قائلا: "وتخفي في نفسك ماالله مبديه وتخشى الناس والله أحق ان تخشاه". الأحزاب 37 . حتى مايخفيه الرسول في نفسه كان ممنوعا إذا ماكان مرتبطا بحكم يتخذه ولم ينزل به أمر إلهي.

كان الرسول عليه الصلاه والسلام في أهم وضع وضع فيه أي انسان. كان هو الموصل بين السماء والأرض . كان هو حلقة الوصل بين الله سبحانه وتعالى وخلقه . لذلك اقتدت الضروره أن يكون منزها عن الأفكار والأقوال والأفعال التي قد تتداخل مع الأحكام الإلهية وتختلط بها مما يؤثر على حكمتها وصلاحيتها الأبدية.

مما سبق يتضح لنا أن رسول الله محمد عليه الصلاه والسلام لم يكن له الحق في الكلام ولا الحكم في أمر الناس ولا حتى في أمر نفسه وأن كل مانسب إليه من أحاديث اما باطلا من أصله واما لم يكن له أن يكتب وينقل ويحدت به . كيف لا وهو الرسول الخاتم الذي جاء بـالقرآن آخر الكتب السموايه التي تم بها دين الإسلام؟

ولعل أبلغ دليل على هذه الحكمه الالهيه هو ماوصل إليه حال المسلمين من تردي وتدني في كل أحوالهم عندما اتبعوا الدين الأرضي وما به من أحكام لم ينزل الله بها من سلطان.

اجمالي القراءات 13357