يوميات تقطر دماً

في السبت ١٦ - فبراير - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

لن نقول وداعاً "شكري بلعيد" فمثلك ومثل "د. فرج فودة" سيظلون أبد الدهر مشاعل تضيء الطريق أمام أحرار العالم. . أتحسب من يوم يأخذ فيه الإرهابيون باسم الدين مصر إلى وضع تتحول قصة "البلاك بلوك" من "لعب عيال" إلى حقيقة مفجعة وواقع دموي، فعندما يدعو أمراء العنف الذين يتصدرون المشهد المصري الآن إلى تظاهرات تدعو لوقف العنف تتجسد أمام ناظري المأساة التي نعيشها، وحجم الأخطار التي تتهددنا!!. . يحتاج البعض للعودة لضميره لكي يكف عن سلوكياته السلبية، لكن بعض آخر يحتاج لإعادة تشكيل ضميره ذاته، إذا كان ذلك الضمير هو مصدر فساد سلوكياته، فالضمير هو خزانة القيم المجتمعية السائدة، لذا لا يشترط أن يكون موجهاً للإنسان نحو قيم ومثل إنسانية عليا، بل قد يجذبه للحضيض إذا ما تشكل في بيئة متدنية الثقافة والمثل والمعتقدات، فلا يشترط أن من يذبحون ويفجرون ويخربون أن يكونوا تجاراً ومرتزقة، فقطاع لا يستهان بهم منهم يفعل ذلك من وحي ضمير تشكل في مستنقع عامر بالديدان والرمم المتعفنة.
• أنا شخصياً أعتبر "إيران أحمدي نجاد" أحد محاور الشر في عالمنا، ومن يتحالف معها لابد وأن يدور في مسارها المعادي لشعوب الأرض المتحضرة، لكن الصيحات الموتورة التي تعالت نتيجة لزيارة "أحمدي نجاد" لمصر، تخوفاً من مد شيعي يلتهم الشعب المصري المسلم السُنِّي كما لو كان قطعة "شيكولاتة"، أصابني بدهشة من دولة لأمة عريقة ضخمة تخشى على دين شعبها من العلاقات مع دولة أخرى، هل هذا طبيعي أم هو التهوس بعينه؟!!. . التسامح بين أتباع الديانات والطوائف المختلفة هو الدليل الذي ليس بعده دليل على أنهم يعبدون الله بالفعل، وليس عصبياتهم وذوات قادتهم المتضخمة، أيضاً هل يستطيع أعدى أعداء الإسلام تشويهه مثلما يفعل شيوخ التكفير والكراهية والإرهاب؟!!. . فمثلاً هل يقصد فضيلة ذلك الشيخ المحال الآن للتحقيق الإداري والنيابة العامة بعدما كَفَّر شيخ الأزهر وجبهة الإنقاذ أن كل الناس المحترمة كفار، وأن الحثالات فقط هم المؤمنين؟!!. . هناك شعوب تدفعها الديموقراطية للأمام، وشعوب تسحبها الديموقراطية للخلف، وهناك شعوب تطرحها الديموقراطية أرضاً فتنكفئ على وجهها!!. . الأجيال الجديدة من الشباب المصري فقط هي القادرة على إقامة مصر من سقطتها.

• اتضح بوثائق إخوانية أن "جبهة الإنقاذ الوطني" تتلقى أموالاً من الخارج، وأنها تنتمي لتنظيم عالمي يمارس بعض أجنحته الإرهاب، وأجنحته السياسية لا تعترف بوطنية، وتسعى لتأسيس دولة "خلافة جبهوية إنقاذوية علمانية"، وها هم الصليبيون وحوالي 70 مليون مصري المصنفون "فئة مندسة" على حد توصيفاتهم يطالبون بسقوط حكم المرشد. . صعب عليهم ربما رؤية الحقيقة من خلال تظاهرات كافة المدن المصرية، وليس فقط في القاهرة والإسكندرية، وتكاد تقف محافظات الوجه البحري ومدن خط القناة بكاملها رافضة لهيمنة الإخوان واستبدادهم الملتحف برداء القداسة!!. . المشكلة أنهم لا يروننا معارضة أو شعب غاضب له مطالب واجبة الاستجابة أو التفاهم حولها، فهم يروننا كفاراً ومشركين يحتاج بعضنا للاستتابة والبعض الآخر لقطع الرقبة. . ليس خطأه وإنما خطأ من يطالبونه بما لم يخطر له على بال من قبل حتى لو وعد به في غمرة دعاية انتخابية، أن يكون للجميع "للذين قالوا نعم والذين قالوا لا" على حد قول السادات، هو فقط للذين آمنوا من أهله وعشيرته، أما الذين كفروا من خارج الجماعة فقد ذهبوا بأنفسهم وبجهالاتهم لبئس المصير. . تقوم الجماهير عن طريق المظاهرات بإرسال رسالة مفتوحة للحاكم بمطالبها معبرة له عن غضبها من أمور محددة، على أمل أن يضع الحاكم الأمر محل اعتباره، أما إذا كان الحاكم يعتبر المعارضين مجرد "خوارج" يمارسون الحرابة والفساد في الأرض، فإن الرسالة التي يحاولون إيصالها له لن تكون أبداً محل اعتباره، وإنما سيركز على كيفية إسكات تلك الأصوات بكافة الطرق، ليصبح الأمر كما لو أن المتظاهرين يضربون رؤوسهم في جدار من الصلب.
• أصحاب الياقات البيضاء في "جبهة الإنقاذ الوطني" لا يفتقدون فقط لرؤية مستقبلية واضحة موحدة، لكنهم قليلو الحيلة عاجزون عن حشد الجماهير، وجل ما يستطيعونه هو الظهور أمام الكاميرات بعد الفعاليات الجماهيرية التلقائية ليتحدثوا وكأنهم قادة ثورة معتبرون، فلا أظن أن مجرد تشكيل "جبهة الإنقاذ" هذه يعد إنجازاً في حد ذاته كما يقول البعض، دون أن يتبع ذلك توجهاً جاداً نحو الشارع المصري الذي تمكنت منه طيور الظلام، ذلك لتأسيس قاعدة شعبية ذات رؤية بسيطة موحدة تسير على هداها الجماهير وهي تدافع عن مصر التي تتخيلها لأبنائها، فبدون تلك القاعدة الجماهيرية ستصبح تلك الوحدة المزعومة بين شخوص لا يجيدون سوى الحديث أمام الكاميرات أشبه بأن تجمع أصفاراً ليكون حاصل الجمع لا يعدو أن يكون مجرد صفر كبير.
• من حق الإدارات الأمريكية ترتيب أولوياتها عند صناعة القرارات بخصوص العالم الخارجي عموماً والشرق الأوسط تحديداً كما تشاء بما يحقق رؤيتها للمصالح الأمريكية، فمهمة الحكومات في كل الدول تحقيق مصالح شعوبها، ويخطئ من ينتظر منها أن تكون مؤسسات خيرية ترعى مصالح الشعوب المغيبة والغارقة في جهالاتها، لكن من حق مثلي على الأقل من موقع المنبهر بعظمة وحضارة الشعب الأمريكي وقيمه ومثله العليا، موقع من يؤمن أن الرأسمالية والليبرالية هي حاضر الأمم المتحضرة، كما أنها مستقبل البشرية جمعاء، ولا مهرب منها غير الدخول إلى كهوف التخلف، من حق مثلي أن ينظر إلى أداء الإدارات الأمريكية عبر العقود الماضية بأنها نوع من الدعارة السياسية، حيث تشتري أجساد الجماعات الظلامية لتفعل فيها وبها ما يروق لها، بغض النظر عما يترتب على ذلك من انتهاك لحرية وكرامة شعوب هي منتهكة بالأساس، وإن لم تجد من يأخذ بيدها، فعلى الأقل أن لا يدمر أحد حاضرها ويقضي على مستقبلها، وقد فعلت الإدارات الأمريكية هذا في أفغانستان وليبيا على سبيل المثال لا الحصر، ونالت عقابها في الحالتين بأقصى وأسرع مما تصورت، عبر غزوة برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 2001 ومهاجمة السفارة الأمريكية وقتل من بها في بني غازي عام 2012، وفعلت هذا في مصر مع جماعة الإخوان المسلمين، ويتجرع الشعب المصري الآن نتائج عماء أو غباء الإدارة الأمريكية، ونظن أن الشعب الأمريكي لن يلبث ويأتيه العقاب المناسب من ذات من مارست معهم وبهم الإدارة دعارتها السياسية.
kghobrial@yahoo.com
 المصدر ايلاف 

اجمالي القراءات 5850