النكسة الفكرية هي النكسة الحقيقية

رمضان عبد الرحمن في الإثنين ١٤ - يناير - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

النكسة الفكرية هي النكسة الحقيقية

 

ربما تخوض أي بلد حروب وتخسر فيها جنود وأموال ومعدات، وقد يستمر هذا سنوات وسنوات في حرب ما ضد أي معتدي عليها، وفي جميع الأحوال فإن الحرب العسكرية أو النكسة العسكرية لأي بلد تعد لا شيء ولا تحسب خسارة بالمعنى الحقيقي لأن الحروب العسكرية ليس بها خسران وكسبان بين المتحاربين، فالطرفان يتألمان دون أن يظهر كل طرف ذلك للآخر في تلك الحروب، ولكن ما يميز أي حرب عسكرية عن الحرب الفكرية أو النكسة الفكرية أن أبناء كل بلد في هذا الوقت العصيب أثناء الحروب هم عبارة عن شخص واحد وهدفهم واحد في وجه العدو المعتدي، كما تنقي الحرب العسكرية معظم الناس في أي بلد من المناصب والألقاب والكل يتوحد تحت سقف الوطن، وفي الدفاع عن الوطن يتساوى الغني والفقير، يتساوى العالم مع غير العالم، يتساوى كل مخلص بجهده، كل إنسان على قدر ما يستطيع، والجميع يتسابقون على من يضحي من أجل الجميع، وتنتهي الحرب العسكرية أو النكسة إن كانت يوم أو شهر أو عام أو سنوات، تنتهي النكسة العسكرية ويبدأ الجميع في البناء والتعمير وتعويض وإصلاح ما قد تم تخريبه بسبب الحروب.

أما النكسة الفكرية حين تأتي لبلد ما لا تخرج منها إلا بعد الخراب والتدمير، وما يحث في مصر الآن يصعب على الكافر، نكسة فكرية لم تحدث في  مصر من قبل، نكسة فكرية بسبب جماعات الإسلام السياسي، نكسة فكرية بين القوى العلمانية، نكسة فكرية بين القوة الليبرالية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال وصف وضع مصر الآن إلا بالنكسة الفكرية، من تشتتت الجميع دون التعلم من دروس التاريخ، لا يمكن لأي بلد أن تتقدم خطوة للأمام وبها نكسة فكرية تنخر في جسدها، مما جعل معظم المصريين يصارعون في بعض من أجل الكيد في بعض، وليس الصراع من أجل الصالح العام، أو من اجل تقديم رؤية حقيقية تقدمية تنويرية تثقيفية تفيد المجتمع ككل، هل نتحسر اليوم ونقول يا ليت مصر يأتي لها نكسة عسكرية؟!.. أو نتمنى لمصر أن تدخل في حرب ما مع أي بلد ما من أجل توحيد صفوف المصريين؟!.. هل الذي سوف يوحد صفوف المصريين من أجل مصر هو الخراب والدمار؟!..

لماذا لا يفهم الناس ويعون ويترسخ عندهم جميعاً حب الوطن بغض النظر عن الفكر والمعتقد والدين؟!.. لماذا لم نتعلم من تجارب الآخرين؟!.. أليس الصراع الفكري الآن والنكسة الفكرية الآن في مصر سوف تكون السبب في ضياع أجيال المستقبل؟!.. متى يفوق الشعب المصري ويعلم قيمة مصر وقيمة الوطن؟!.. متى يفوق الشعب المصري ويتسابق ويتصارع من أجل الحفاظ على هذا الوطن.

اجمالي القراءات 8769